الى الدكتور عبد الملك العولقي: الدعوة والإمام زيد بن علي(ع)

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
إبن حريوه السماوي
مشرف الجناح التاريخي
مشاركات: 679
اشترك في: الأحد مايو 30, 2004 3:03 am

الى الدكتور عبد الملك العولقي: الدعوة والإمام زيد بن علي(ع)

مشاركة بواسطة إبن حريوه السماوي »

بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وبعد
لقد خلق الله البشر على هذه الإرض بعد أن أكملها وجعلها صالحة للحياة وقد فيها أقواتها وسن سننها فمنهم الصالح العامل بالخير والعابد لربه ومنهم العاص الذي يسعى في الإرض فسادا قال تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس قال إني أعلم مالا تعلمون) قال المرتضى محمدبن يحيىبن الحسين سلام الله عليهم في مجموعه إن الله قد أعلم الملائكة أنه سيخلق بشر في الأرض وسيفسدون فيها ويسفكون الدماء فقالوا كيف ونحن نسبح .....إلخ فرد عليهم الله إني أعلم ما لا تعلمون فأعلمهم بأنه سيكون من البشر من يواجه أولئك ويسعون في الأرض بالإصلاح ويمشون طبقا لقوانينه وسننه يدعون إلى الخير ويواجهون الشر وأعوانه فقالوا ( سبحانك لا علم لنا إلاما علمتنا ...) .
ومن طالع التاريخ وقرأه يجد أنه قد وجد على هذه البسيطة عظماء بحبون الخيرللناس ويسعون إلى تطبيق منهج الله وإزالة الظلم عن البشرية وتصحيح أفهامهم وأفكارهم ويجد في الجانب الآخر عكس أولئك العظماء أناس يسعون إلى الفساد والشر ......
والمعلوم أن أي فكر أوي دين أومنهج .... لابد لنشره للناس ومناهضة من يخالفه من الدعاء أو الدعوة إليه وإلا فهولن يعرف ولن ينتشر ولن يطبق بين الناس وسواء كان هذا الفكر حقا أو باطلا سواء كانت الدعوة باطلة أومحقة .
وهذا ما جرى عبر التاريخ منذ أن خلق الله الإنسان إلى يومنا هذا مما يدل على أن الدعاء سنة إلهية وقانون مفروض وموضوع .
فلما ظهر الشر في الأرض من الإنسان أرسل الله رسله وأنبياءه لتطهير الأرض فكانوا قدوة العظماء وأئمتهم فدعوا عليهم السلام إلى منهج الله وقوانينه وتوحيده وشرعه إلى إزالة الظلم عن الناس والفواحش والإفكار المغلوطة والتي فيها دمار الإنسانية فواجهوا من أعداء الله من التعذيب والقتل والتشريد كما مذكور في القرآن والتاريخ وأنصارهم معهم دعوا إلى مادعى إليه أنبيائهم فجرى لهم ما جرى وما كان للأنبياء أن يعرفوا ولا دعوتهم وتشريعاتهم ولا حجة الله على الناس ولا نشروها لولا الدعاء والإبلاغ فلو جلسوا وقعدوا في بيوتهم ولم يجاهدوا لما أبلغوا رسالات ربهم .
وأيضا هناك أناس ثاروا ضد الظلم ودعوا إلى العدل والفضيلة والخير من غير الإنبياء أمثال كنفوشيوس في الصين الذي دعى إلى التوحيد والخير وبوذا في الهند وسقراط في اليونان وأخناتون في مصر وغيرهم في شتى أنحاء الأرض وانظر إن شئت إلى العصور الوسطى في أوروبا وثورات الفلاسفة والمفكروين ضد ظلم الكنيسة وظلمها ودعوتهم إلى التغيير وسعوا في ذلك وصبروا حتى أزيح عنهم ظلم الكنيسة وظلم حكامهم وأزالوا التخلف الذي كان مخيما على شعوبهم كما فعل سلفر والذي عرف بنبي النصارى فلولا الدعاء لما تغير شئ ولظل الظلم والتخلف قابعا على صدور الناس والأفكار المشوشة ما زالت تغطي عقولهم فالبدعاء أو الدعوة أزال أولئك من عقول من سمعهم وعرفهم الأفكار المظلمة ومنهم من نشر العدل وازال الظلم عن الناس كذي القرنين والإسكندر المقدوني وحمورابي والذي كانت بعض قوانينه كقوانين الإسلام الحنيف وفي الجهة المقابلة كان هناك أعوان الشر والظلم يدعون إليه ويمارسونه على الناس كفرعون ونمرود وبخت نصر وغيرهم من الظلمة الجبارين فلولا الدعاء لما انتشر الظلم والشر والأفكار السخيفة المضلة .
فالدعاء هو سنة في هذه الأرض لنشر الخير أو العكس .
وقد قال تعالى ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار) حتى إبليس لم يكن له غنا عن الدعاء (ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ...) وقال تعالى في أنبياءه ومن اقتدى بهم وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا) وقال (وممن خلقنا أمة يهدون إلى الخير ) وكذلك ما ذكر في قصص الأنبياء فكلهم دعوا إالى الله وقوانينه وترك الظلم والفواحش وهذا لا يخفى على من قرأ القرآن حتى وكان من أولئك الأنبياء والعظماء خير الأنبياء وإمام العظماء وسيدهم حبيب رب العالمين الرسول الخاتم سيدنا محمد الأمين الذي قام بأمر الله ودعى إلى دينه وتوحيده ورفع الظلم ونشر العدل والخير فلم يقعد في بيته واستأنس بل دعى وصبر وجاهد وتحمل ما لا يخفى على مسلم بأبي هو وأمي فلولا الدعاء ما تحقق ما جاء به وقد أمره الله به قال تعالى(فبهداهم اقتده) فأمره بالإقتداء بمن قبله من الأنبياء وقال (ادعوإلى سبيل ربك ....) وقال (قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) وقد جعل الله الإستجابة والطاعة لرسوله عند الدعاء فقط كما قال تعالى(استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) فشرط الدعاء وإلا فلا إجابة والآية صريحة ولذلك وجب على الناس طاعة محمد بن عبدالله عليه وآله الصلاة والسلام لانه دعاهم إلى الخير والعدل إلى أوامر الله ونواهيه إلى العمل بكتابه وما سنه لرسوله عليه السلام وبعده صلى الله عليه وآله وسلم انقطعت النبوة وبقيت الإمامة لتواصل الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع الظلم وتأسيس العدل وقد قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخيرويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) روى في مجمع البيان في تفسير القرآن لطبرسي عن رسول الله أنه قال (من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة كتابه وخليفة رسوله) ورواه إمامنا وهادينا يحيى بن الحسين عليه السلام في كتاب معرفة الله ووتوحيده وعدله ووعده ووعيده بلفظ (من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة الله في أرضه وخليفة كتابه وخليفة رسوله ) .
فالرجل سواء كان من عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من غيرهم لايمكن معرفته ومعرفة دعوته إلا به أعني الدعاء يدعوا إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإلا كيف يفعل ذلك وهل وهو جالس في بيته هيهات حتى لو عرف فكيف .........
فالدعاء هو أساس لإقامة الدين والعدل ونشر الحكمة ورفع الظلم ومنابذة الظالمين وتحقيق العدالة والمساواة بين الناس ......... وغير ذلك .
قال تعالى (لقد كان لكم في رسوالله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ...) فالإمام هو أولى الناس برسول الله لأنه خليفته والقائم مقامه في الحكم بين الناس بالعدل ومنا بذة الظالمين ونشر الدعوة والتوحيد وحفظ بيضة المسلمين فكيف يعرف وكيف يدل على حكمه وعلى دعوته من أجل إجابته والوقوف إلى جانبه أخبرونا يا أولي الألباب .
كيف يكون أحد إماما مفترض الطاعة وهو جالس في بيته . :!: :!: :!:
أما عذر الخوف من الظالمين فهذا أمر معروف بأن من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويسعى في ذلك وينابذ الظالمين وينصر المظلومين لابد من أن يواجه اعداء الله وأعداء الخير فقد واجه الأنبياء ذلك ومنهم نبينا عليه السلام فصبروا على ما أوذوا ولابد من خوض ذلك لكي تتحقق السعادة فالصراع بين الخير والشر متواجد دائما.
والعجيب من إخواننا الإمامية أنهم أرادوا عكس القضية وجعل الجالس المسالم هو الإمام المفترضة طاعته مع مخالفة ذلك للعقل والكتاب والواقع وهذا مع أن الله قد شرط الإستجابة والطاعة فقط عند الدعاء لما يحيي (استجيبوا لله ولرسول إذا دعاكم لما يحييكم ...).
وهل سار بسيرة الأنبياء واقتدى بهم في الدعاء إلى الله إلى العدل وغير ذلك الإزيد بن علي والنفس الزكية ويحيى بن الحسين والقاسم بن إبراهيم والحسين بن علي الفخي وغيرهم من الأئمة من عترة رسول الله فمن أولى بمقام الأنبياء .
قال الإمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام في كتاب تثبيت الوصية (فإن قالوا فمن أولى الناس بعد الحسين؟ فقولوا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أولادهما أفضلهم أعلمهم بالدين الداعي إلى كتاب الله الشاهر سيفه)
وقال عليه السلام في قوله تعالى (قل هذه سبيلي ادعو أدعوإلى الله.....) ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم < قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني> من أهل بيتي لا يزال الرجل يدعو إلى ما أدعو إليه) رواه في تفسير فرات الكوفي بإسناده ورواه الشيخ على بن حسين الزيدي بإسناده إلى الإمام زيد في كتاب المحيط
ورى الشيخ علي بن حسين الزيدي بإسناده إلى أبي الجارود قال سمعت زيد بن علي يقول( إن الله افترض طاعة أربعة منا أمير المؤمنين والحسن والحسين والإمام القايم بالسيف يدعو إلى كتاب وسنة رسوله)وهو مذكور في مجموعه عليه السلام ورواه أيضا الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي ورواه الإمام أبوطالب في كتاب الدعامة .
وروى علي بن محمد مؤلف سيرة الهادي يحيى بن الحسين ع القاضي محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى سعيد بن خثيم قال قال زيد بن علي صلوات الله عليه( إن الإمام منا أهل البيت المفترض الطاعة على المسلمين الذي شهر سيفه ودعى إلى كتاب ربه وسنة نبيه وجرت بذلك أحكامه وعرف بذلك قيامه فذلك الذي لاتسع جهالته فأما عبدجالس في بيته مرخي ستره تجري عليه أحكام الظلمة لا يأمر بالمعروف ولا ينه عن المنكر فلن يكون ذلك إماما ) ورى أيضا بإسناده إلى أبي خالد عن زيد بن علي صلوات الله عليه قال (نحن أئمتكم ولد فاطمة حق علينا أن نجتهد لكم وحق عليكم أن لا تبتدعوا من دوننا الإمام منا المفترض طاعته الشاهر سيفه الباسط يده الداعي إلى سبيل ربه ، ليس الإمام منا المفترض الطاعة الجالس في بيته .....إلخ) ورواه عن أبي خالد الشيخ علي بن بلال في كتاب المحيط .
ورى في كتاب المحيط بإسناده إلي عمرو بن خالد قال سمعت زيد بن علي عليهم السلام يقول ( أنا يكون إماما الجالس في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة )
وفي تفسير فرات الكوفي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) قال منا شهيد على كل زمان علي بن أبي طالب في زمانه والحسن في زمانه والحسين في زمانه وكل من يدعو منا إلى أمر الله تعالى ) تأمل .
وفي سيرة الهادي يحيى بن الحسين روى محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى الباقر عليه السلام أنه سئل كيف يعرف صاحب الأمر فقال بقوله تعالى ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا زكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) .
وفي العقد الثمين روى إمامنا المنصور عبدالله بن حمزة عليه السلام بإسناده إلى علي بن جعفر قال سمعت أخي موسى يقول( ليس منا أهل البيت إمام مفترض الطاعة وهو جالس في بيته والناس يخطفون من ورائه لا يدفع عنهم ظلما ولا يهديهم سبيلا ، إنما الإمام منا الباذل نفسه لله القائم بكتاب الله الداعي إلى الحق الناهي عن الباطل )
ورواه الشيخ علي بن حسين الزيدي في المحيط وأبو طالب في الدعامة .
وفي المحيط بإسناده إلى علي بن علي قال( كنت عند جعفر بن محمد فقال له رجل سمعت عمك زيد بن علي يقول ( الإمام منا أهل البيت الموثوق به في دينه وعلمه الباذل نفسه لربه يجاهد عن دينه ) فقال جعفر بن محمد صدق عمي وبر ).
وروى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بإسناده إلى زيد بن علي عليه السلام أنه قال في تفسيره لقوله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ....إلخ) الظالم لنفسه( المختلط بالناس) والمقتصد( العابد) والسابق بالخيرات( الشاهر سيفه يدعو إلى سبيل ربه) ورواه محمد بن سليمان الكوفي في مناقب أمير المؤمنين عن أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي ،ورواه فرات الكوفي بإسناده عن أبي الجارود عن زيد بن علي صلوات الله عليه .
وأكتفي بهذه الروايات ولم أذكر الأسانيد لكي لا أطيل أكثر وقد ألمحت إليها وهي موجودة في المصادر التي ذكرت .
وفرات الكوفي هذا موثوق لدى الإمامية كما ذكره في ترجمته المحقق بل وهو كما يقولون منهم أو كان زيد يا ثم صار إماميا قاال ذلك المحقق ولم يذكر أي قرينة على ذلك غير تلك الروايات عن زيد بن علي والتي فيها مخالفة صريحة للإمامية حتى في العصمة ونفيها عن أهل البيت والخمسة أهل الكساء ولم يذكر أي نص على الأئمة الاثني عشر ولا عصمة أفراد أهل البيت وقد تركت روايات فيه وفي غيره من المصادر والمراجع منها ما ذكرت تقيد معنى ما نحن بصدده .
وبعد ذلك آتي إلى ذكر دعوة الإمام الأعظم زيد بن علي وهل كانت لنفسه أولا فأقول وبالله أصول وأجول :
روى الإمام أبوطالب يحيى بن الحسين الهاروني في تيسير المطالب بإسناده إلى سعيد بن خثيم أن زيد بن علي عليه اسلام كتب كتائبه فلما خفقت راياته رفع يده إلى السماء ثم قال (الحمدلله الذي أكمل لي ديني والله ما يسرني أني لقيت محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ولم آمر في أمته بالمعروف ولم أنههم عن منكر والله ما أبالي إن أقمت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أنه تأججت لي نار ثم قذفت فيها ..... يا مشعر الفقهاء ويا أهل الحجى أنا حجة من الله عليكم هذه يدي مع أيديكم على أن نقيم حدود الله ونعمل بكتاب الله ونقسم بينكم فيئكم بالسوية فاسألوني عن معالم دينكم فإن لم أنبئكم بكل ما سألتم فولوا من شئتم ممن علمتم أنه أعلم مني والله لقد علمت علم أبي علي بن الحسين وعلم عمي الحسن وعلم جدي الحسين عليه السلام وعلم علي بن أبي طالب وصي رسول الله وعيبة علمه وإني لأعلم أهل بيتي .
والله ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من شمالي ولا انتهكت لله محرما منذ عرفت أن الله يؤاخذني ، هلموا فسلوني ) وقد رواه أبو العباس الحسني في المصابيح وذكره الإمام محمد بن المطهر المظلل بالغمام في المنهاج الجلي في شرح مجموع الإمام زيد بن علي .
وروى أبو العباس الحسني في المصابيح بإسناده إلى كثير النواء أن زيد بن عليه السلام خرج يوم الأربعاء غرة صفر سنة أثنتين وعشرين ومائة.... إلى قوله فخرج على أصحابه على برذون أشهب في قبا أبيض ودرع تحته وعمامة وبين يديه قربوسه مصحف منشور فقال (سلوني فوالله ما تسألوني عن حلال وحرام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ وأمثال وقصص إلا أنباتكم به والله ما وقفت هذا الموقف إلا وأنا أعلم أهل بيتي بما تحتاج إليه هذه الأمة ثم قال (الحمدلله الذي أكمل لي ديني إني لأستحي من جدي أن ألقاه ولم ألقاه ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنه عن منكر ثم قال أيها الناس أعينوني على أنباط أهل الشام فوالله بلا يعينني عليهم أحد إلا جاء يوم القيامة آمنا حتى يجوز الصراط ثم قال نحن الأوصياء والنجباء والعلماء ونحن خزان علم الله وورثة وحي الله وعترة رسول الله وشيعتنا رعاة الشمس والقمر ....) وقد رواه الإمام النصور عبد الله بن حمزة في الشافي بإسناده ورواه الشيخ أحمدبن موسى الطبري صاحب الهادي عليه السلام في كتاب المنير ورواه أيضا في تيسيرالمطالب وفي المنهاج الجلي.
وفي تفسير فرات الكوفي في قوله تعالى (واما الجدار فكان لغلامين في المدينة إلخ الآية) قال زيد بن علي ( حفظ الله الغلامين بصلاح أبيهما فمن أحق أن يرجو الحفظ من الله بصلاح من مضى من آباءنا منا رسول الله جدنا وابن عمه المؤمن المهاجر معه أبونا .... ثم نحن من أمته وعلى ملته ندعوكم إلى سنته والكتاب الذي جاء به أن تحلوا حلاله وتحرموا حرامه وتعملوا بمحكم آياته عند تفرق الناس واختلافهم ).
فهذا هو زيد بن علي الذي ثار وقام ضد الظلم الذي أراد إصلاح أمت جده أن يقيم الكتاب والعدل والمساواة بين الناس وينفي الظلم والمنكرات عنهم ( وددت لو أن يدي معلقة بالثريا ثم أهوي ووقعت حيث وقعت على أن يصلح الله أمتي جدي ) أحياء زيد ما آماته الظلمة والجبابرة من سنن الأولين أنبياء الله ولم تكن ثورته عسكرية فحسب بل كانت فكرية لكي تصحح المفاهيم الفاسدة مثل طاعة ولي الأمر مهما كان حكمه ويزيل العقائد القبيحة كالجبر والتشبيه ورسائله موجودة معروفة ، ألا تنظر إلى رسالة إلى علماء السوء ورده على المجبرة وكتابه في الرد على المرجئة كتاب الإيمان وووو...... .
قال الإمام المهدي محمدبن عبد الله النفس الزكية ( لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن الأنبياء والمرسلين وأقام عمود الدين إذ عوج فوالله لن نقتبس إلا من نوره وزيد إمام الأئمة) و ذكره الشهيد حميد المحلي في الحدائق الوردية والمنصور بالله عبد الله بن حمزة في الشافي وهو في المصابيح .
وروى في المحيط بإسناده إلى العفار التميمي قال سمعت الحسين بن علي الفخي المقتول بفخ صلوات الله عليه يقول ( من قام منا أهل البيت داعيا إلى الله وكتابه وإلى جهاد أئمة الجور فهو من حسنات زيد بن علي فتح والله لنا زيد بن علي باب الحنة وقال ادخلوها بسلام آمنين) وفيه إلى المساور الهمداني قال قال لي الحسين بن علي الشهيد صاحب فخ صلوات الله عليه( يا زكريا كل مجاهد منا في سبيل الله إلى أن تقوم الستعة من منن صاحبكم زيد بن علي فتح والله زيد بن علي با ب وقال ادخلوها يا بني علي بسلام آمنين ) وقال ولده يحي بن زيد :
يا ابن زيد أليس قد قال زيد من أحب الحياة عاش ذليلا
كن كزيد فأنت مهجة زيد فا تخذ في الجنان ظلا ظليلا
ذكره في الحدائق والمصابيح واللآلئ للشرفي رحمه الله .
وفي الأمالي الإثنينية للإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين الشجري بإسناده إلى الباقر عليه السلام انه قال ( من سمع واعيته ولم يجبه كبه الله على منخريه في النار).
وقال الكامل عبد الله بن الحسن أبو الأئمة عليه السلام (علامة مابيننا وبين الناس علي بن أبي طالب وعلامة ما بيننا وبين شيعتنا زيدبن علي عليه السلام) رواه القاسم بن محمد سلام الله عليه في الإعتصام ورواه أحمد بن موسى الطبري في كلام للكامل ابن الحسن سلام الله عليه عن زيد والزيدية وهذا نصه عن محمد بن كثيرقال بعد الكامل بعد كلامه المتقدم(من تولى زيدا على صفته توليناه ومن برئ من زيد على صفته برئنا منه إن زيدا كان صحيحا إن زيدا كان صحيحا ثم قال اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملا ئكتك ومن حضرني من خلقك أني أتولى زيدبن علي وابرئ إليك ممن برئ منه ومن أصحابه مضى والله زيد ما خلف فينا لدين ولا دنيا مثله ،أ ضحى زيد بالعراق فأوضح للناس الطريق أما والله إن أوثق خصال زيد عندي ظان يثبه الله الجنان لما أوضح للناس للناس من كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه ثم قال والله ما على ظهر الأرض رابطة غيركم معاشر الزيدية).
وروى إمامنا الهادي يحيى بن الحسين في كتاب معرفة الله وهو ضمن مجموعه عن الباقر سلام الله عليه أن قوما وفدوا إليه فقالوا : يا ابن رسول الله إن أخاك زيدا فينا ،وهويسألنا البيعة أفنبايعه ؟فقال لهم محمد بايعه إنه اليوم أفضلنا .
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه :
وفيه ما قال جعفر بن محمد الصادق رحمة الله عليه لما أراد زيد الخروج إلى الكوفة من المدينة ؟ قال له جعفر : أنا معك ياعم فقال له زيد : أو ما علمت يا ابن أخي أن قا ئمنا لقاعدنا وقاعدنا لقائمنا فإذا خرجت أنا وأنت فمن يخلفنا في حرمنا ، فتخلف جعفر بأمر عمه زيد وعنه لما جاءه خبر قتل عمه زيد وأصحابه قال : ذهب والله زيد بن علي كما ذهب علي بن أبي طالب والحسن والحسين وأصحابهم شهيدا إلى الجنة التابع لهم مؤمن والشاك فيهم ضال والراد عليهم كافر. وذكر ذلك أحمد بن موسى الطبري في المنير وفيه بعد ذلك الكلام للصادق عليه السلام ( أما والله ما من عمل ألقى الله به أحب إلي من العمل الذي لقى الله به زيد وإنه دين الله الذي أدينه كان والله عمي زيد أبذلنا لملكه وأوصلنا لرحمه كان والله عمي زيد مليء حلما وعلما كان والله عمي زيد رجلنا لدنيانا وآخرتنا والله ما كان فينا زمان عمي مثل عمي مضى والله عمي على ما مضى عليه آباؤه .....) وروى الشيخ علي بن حسين الزيدي عن الصادق مثل ذلك في المحيط.
وخلا صة القول في ذلك ما قاله الإمام المهدي لدين محمد بن المطهر عليهما السلام في المنهاج الجلي عند ذكر زيد بن علي ( الذي مد ت إليه الأئمة انتسابها وكشف ببركاته عنها حجابها .....) .
وبهذا اكتفي في هذا الموضوع وقد كنت أريد ذكر روايات عن إمامنا الأعظم زيد بن علي في العصمة لكي نثبت انه لم يكن إماميا ولكن ما ذكرناه ففيه كفاية ولعلي أذكرها في موضوع الموجود في المجالس ما الدليل على أن زيد بن علي لم يكن إماميا وبما تقدم تعرف الدليل وبغيره .
ولم أعلق كثيرا لأن الموضوع واضح لمن تأمل وهو بين أيديكم ولا أريد الخروج عن الموضوع رجااااااء .
المرااااااجع :- مجموع الإمام زيد بن علي – مجموع الهادي يحيى بن الحسين – مجموع المرتضى بن يحيى بن الحسين – تفسير فرات الكوفي – مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي – المنير لأحمد بن موسى الطبري – المنهاج الجلي للإمام محمد بن المطهر – الإعتصام بحبل الله للإمام القاسم بن محمد – المحيط بالإمامة لعلي بن حسين الزيدي – الحدائق الوردية لحميد المحلي – تيسير المطالب للإمام ابي طالب – المصابيح لأبي العباس الحسني – مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي – سيرة يحيى بن الحسين – الشافي والعقد الثمين للإمام عبدالله بن حمزة – قصة الحضارة لويل ديورانت – تاريخ الفلسفة الصينية – تاريخ الفلسفة الهندية – تاريخ الفلسفة اليونانية .
وارجو ممن وجد خطاء ان يصححه أو يخبرني به هنا أو في الخاص وليحتمل فقد جئت بجهدي في التصحيح وأنا بشر :!: :!: فقد عملته مع الأشغال المتراكمه وما أكملت كتابته إلا والظهر يتألم وله الاجر وجزيل الشكر .
وصلى الله على محمد الأمين وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا .
وسلاااااااامي للجميع
.
آخر تعديل بواسطة إبن حريوه السماوي في الخميس يوليو 01, 2004 1:34 pm، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
مدحي لكم يا آل طه مذهبي .... وبه أفوز لدى الإله وأفلح

وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح

الحسن بن علي بن جابر الهبل رحمة الله عليه


عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الفاضل / إبن حريوه السماوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله واسع الفضل والمنة أن يمن عليكم بالصحة والعافية ، وأن يجعل لكم في كل حرف كتبتموه ألف حسنة بحق محمد وآل محمد .

قد وصلت رسالتكم أخي الكريم ، وقد قرأتها بتمعن ، وسوف أكرر قراءتها مرات ومرات إن شاء الله تعالى .

ولكن
هل تكتفون بوصول الرسالة إلى صاحبها ، أم تريدون الجواب أخي الكريم ؟؟؟

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

إبن حريوه السماوي
مشرف الجناح التاريخي
مشاركات: 679
اشترك في: الأحد مايو 30, 2004 3:03 am

مشاركة بواسطة إبن حريوه السماوي »

أخي عبد الملك سلام عليك
هذه الرسالة وضعت لكي نتحاور في موضوعها ولكن ارجو الا يكون الجواب سريعا فالتأني أفضل كما أخبرتك سابقا لكي يفهم الإنسان كلام أخيه 8) فما كثر الخلاف إلا لعدم الفهم لكلام الآخرين وماذا يقصدون ،ليس الآن فحسب بل من زمان وأكون لك شاكرا لو جرى الحوار بإنصاف وهدوء وروية وإلا فما الفائدة واعتقد أنك معي في هذا وبالتأني سأنتظر حوارك ولو إسبوعا فالإنسان يأخذ كفايته :wink:
وسلاااااامي لك
.
مدحي لكم يا آل طه مذهبي .... وبه أفوز لدى الإله وأفلح

وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح

الحسن بن علي بن جابر الهبل رحمة الله عليه


الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بارك الله فيكما أساتذتي الكرام ....

عملٌ تشكرُ عليه أخي السماوي .
وتجاوبٌ يُشكرُ عليه الدكتور العولقي .

====

ونسأل الله أن يُرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، ويُرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .

===
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

تفضَّلَ الأخ الفاضل ابن حريوه السماوي أعلا الله مقامه بطرحِ أطروحةٍ مفيدة ، جعلها الله في ميزان حسناته ، وأحببت أن أختصر ما جاء فيها في عدّة نقاط منها :
آخر تعديل بواسطة الكاظم في السبت يوليو 03, 2004 2:01 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

[ دعوة الإمام زيد ... وشروط الإمامة ]

إنّ شخصية الإمام زيد بن علي عليه السلام ، شخصيةٌ كفيلةٌ لأن تتلقفها أيادي مذاهب الإسلام قاطبة ، فأهل السنة جاهدون في إثبات سنية هذا الإمام ، والإمامية جاهدون في إثبات إمامية هذا الإمام ، والمعتزلة يفخرونَ بأن يكونوا زيديةً نسبةً لهذا الإمام حتى جعلوه من رجالهم وعدّوه من أصحاب الطبقات المعتزلية ، وأمّا الزيدية فهم أولئك المشهورين بانتمائهم واعتدادهم برأيه وعقيدته هو وإخوته وأبناء عمومته من أهل البيت .


==========

* المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي ، فيه الخير والشر ، فيه المفسدون العائثون المجاهرون بالمعاصي وظلم الناس، والسّافكون للدماء البرية بغير وجه حق ، الآكلون لأموال الناس تسلطاً وتعنتاً وهيمنةً وفرضاً عليهم بغير وجه حق، الآمرون بالمنكر والناهون عن المعروف ، الناشرون للفكر والمبادىء الهدّامة في أوساط العامّة والرعية البسطاء والمغلوب على أمرهم .

* ولأنّ الله عدلٌ حكيمٌ برٌ رحيمٌ رؤوفٌ بعبادِه ، فقد جعلَ لهؤلاء النّاس وسيلةً من عنده ، يرجعونَ إليها، في جميع أمورهم سفينةً يركبونها متى ما ماجتْ بهم الفتن ، وتكالبت عليهم البدع والضلالات ، وزادَ الجور والظلم وانتشر الفساد ، سفينةٌ يقودها ذريةٌ صالحةٌ مباركةٌ ، ذريةٌ بعضها من بعض ، لاتزالُ صفات جدهم محمد بن عبدالله وأبيهم علي بن أبي طالب ، وأمهم فاطمة البتول الزهراء سيدة النساء ، وصفات قدوتهم سيدا شباب أهل الجنة أبي محمد الحسن وأبي عبدالله الحسين ، لا تزالُ فيهم ، تتوارثها هذه الذرية الحسنية والحسينية إلى ما شاء الله وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، قدْ جعلهم الله ورثة الكتاب والحكمة ، أوكلَ إليهم إنقاذ أمة جدهم الرسول ، من هذه المظالم ومن هذه الضلالات والبدع ، وأوكلَ هذا الفعل لكل فاطمي يحملُ من المواصفات أكملها وأفضلها في الدعوة .

ومن هذه المواصفات الواجب توافرها في الإمام الذابّ عن حريمِ الله ، وعن حدوده ، الواجب الطّاعة والتسليم له والإمتثال لأوامره ، ما قد اجتمعَ عليها واتفق عليها علماء الشيعة زيدية وإمامية ، بل حتى بقية مذاهب الإسلام فإنهم يتفقون على هذه المواصفات بالجملة ، فمنها :

تعليق : تأمّل في المواصفات جيداً . وتأمّل فيمن وانطبقت ، وفيمن انعدمت

* ما قاله إمام الزيدية القاسم بن إبراهيم الرسي في كتابه الرد على الروافض من أهل الغلو فقال في صفة الإمام ما نصه :

( ولا يكون [ أي الإمام ] حجة إلا داعيا إلى الله مجتهدا، زاهدا فيما في أيديكم، عالما بحلال الله وحرامه، أقوم خلق الله، وأبصره بدينه، وأرأفه بالرعية، وأقومه لدين الله، أمين الله في أرضه، صادق اللسان، سخي النفس، راغبا فيما عند الله، زاهدا في الدنيا، مشتاقا إلى لقاء الله )

* وأيضاًَ ما قاله إمام الزيدية والإمامية والسنة علي بن موسى الرضا ، في روايةٍ عنه سردها الكليني في كتابه أصول الكافي فقال عليه السلام في صفة الإمام ما نصه :

( إن الإمام زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعز المؤمنين ، إن الإمامة أس الإسلام النامي ، وفرعه السامي ، وبالإمام توفير الفيء والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف ، الإمام يحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذب عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، والحجة البالغة ، وهو الأمين الرفيق ، والوالد الرقيق ، والأخ الشفيق ، ومفزع العباد ، أمين الله في أرضه ، وحجته على عباده ، وخليفته في بلاده ، الداعي إلى الله ، والذاب عن حرم الله ، عز المسلمين ، وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين )

* وأيضاًَ ما قاله إمام الزيدية والإمامية جعفر بن محمد الصادق ، في روايةٍ عنه جاءت في كتاب مشارق أنوار اليقين ، فقال عليه السلام في صفة الإمام ما نصه :

( إن الله - عز وجل - أعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل ، إن زاد المؤمنون شيئا ردهم ، وإن نقصوا شيئا أتمهم ، وهو حجة الله على عباده ) .

* وأيضاًَ ما قاله الدكتور الإمامي محمد بيومي مهران 168/1 في كتابه الإمامة وأهل البيت ، فقالَ في صفة الإمام ما نصه :

(والإمامة - عند الشيعة الإمامية - رياسة عامة في أمور الدين والدنيا ، لشخص من الأشخاص ، نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن ثم فإن الناس متى كان لهم رئيس ، منبسط اليد ، قاهر عادل ، يردع المعاندين ، ويقمع المتغلبين ، وينتصف للمظلومين من الظالمين ، اتسقت الأمور ، وسكنت الفتن ، وردت المعائش ، وكان الناس - مع وجوده - إلى الصلاح أقرب ، ومن الفساد أبعد ، ومتى خلوا من رئيس - صفته ما ذكرناه - تكدرت معائشهم وتغلب القوي على الضعيف ، وانهمكوا في المعاصي ، ووقع الهرج والمرج ، وكانوا إلى الفساد أقرب ، ومن الصلاح أبعد ، وهذا أمر لازم لكمال العقل ) .

وقال محمد بيومي أيضاً ما نصه :
(فالإمامة أو الخلافة إذن : هي النظام الذي جعله الإسلام أساسا " للحكم بين الناس ، بهدف اختيار الأصلح من المسلمين - قدر الطاقة - لتجتمع حوله كلمة الأمة ، وتتحد به صفوفها ، وتقام به أحكام الشريعة )

تعليق : محمد بيومي في كتابه هذا جمعَ أقوالاً عديدة لعلماء الأمة بمختلف التيارات والإتجاهات ، حولَ رأيهم في صفات الإمام . وكانت هذه الأقوال مطابقة في المضمون لما ذكرنا وما سنذكر .

* وأيضاًَ ما قاله إمام الزيدية القاسم بن إبراهيم الرسي في كتابه الرد على الروافض من أهل الغلو فقال في صفة الإمام ما نصه :
( وإنما صفة الإمام، الحسن في مذهبه، الزاهد في الدنيا، العالم في نفسه، بالمؤمنين رؤوف رحيم، يأخذ على يد الظالم ، وينصر المظلوم ، ويفرج عن الضعيف، ويكون لليتيم كالأب الرحيم، وللأرملة كالزوج العطوف، يعادي القريب في ذات الله، ويوالي البعيد في ذات الله، لا يبخل بشيء مما عنده مما تحتاج إليه الأمة، من أتاه من مسترشد أرشده ، ومن أتاه متعلما علَّمه ، يدعو الناس مجتهدا إلى طاعة الله، ويُبَصِّرهم عيوب ما فيه غيهم، ويُرَغِّبهم فيما عندالله، لايحتجب عن من طلبه، فهو من نفسه في تعب من شدة الإجتهاد ، و الناس منه في أدب، فمثله كمثل الماء الذي هو حياة كل شيء حياته تمضي، وعلمه يبقى، يصدق فعلُه قولَه، يغرف منه الخاص والعام، لا ينكر فضله من خالفه، ولا يجحد علمه من خالطه، كتاب الله شاهد له ومصدق له، وفعله مصدق لدعواه .. ) .

وهنا لا نريد الإطالة والتفصيل الممل ، وإلاّ فكتب الزيدية والإمامية مليئة بالروايات الدّالة على الصفات الواجب توافرها في الإمام ، وما ذكرنا في الأعلى من أقوال الفريقين يفي بالغرض إنشاء الله . ومنْ هنا نقول بأنّ من حملَ هذه الصفات من أبناء علي وفاطمة ومن أبناء الحسن أو الحسين فهو الإمام المفترض الطاعة ، الذاب عن حريم الله ، والردّ لكيد الجبابرة والطغاة ، والمُنصِف للمظلومين من الظالمين ، والمُشبعْ للأرامل واليتامي والمساكين، والمقيم للحدود والواجبات، المُجاهر بقول الحق لابخشى في الله لومة لائم . وهذه المواصفات جميعاً قد توفرّت في زيد بن علي عليه السلام .


* الدعاء أو الخروج ، الحق أنّه لن يكون هناك تغيير ولا أمرٌ بمعروفٍ ولا نهيٌ عن منكر، ولاذبٌ عن حريم الله وحدوده ، ولا إقامة للجمع والجماعات ، ولا تقسيمٍ عادلٍ للفيئ والصدقات والزكوات ، ولا الإهتمام بثغور بلاد الإسلام ، ولا الإنتصاف من الظلمة ، ولا مراقبة أحوال الناس والرعية والنظر لما يحتاجون إليه ، على صعيد المجتمع الإسلامي ككل ، إلاّ بالخروج على الطغاة وعلى رؤوس الطواغيت أهل الفتنة والضلالة ، للإنتصار عليهم وتمزيقهم ثمّ الإلتفات لإصلاح ما قد أُفْسِدَ وارْتُكِبْ في حق الله وفي حق الناس . وقد توفرت هذه الخصلة ( خصلة الخروج ) في زيد بن علي عليه السلام .

وهنا نجد أن أمرَ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يستقم إلاّ بالدعوة والمجاهرة والجهاد والمقاتلة لمن عصى وتجبّر ، فقال تعالى { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } وقال تعالى { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي } وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ } وقال تعالى { قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ..الآية } وقال تعالى { وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } وقال تعالى { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } وقال تعالى { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} وقال تعالى { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وقال تعالى { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وقال تعالى { إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، فلم تقم الحجة على قريش وعلى الأمم السابقة إلاّ حين دعاهم الرسول وإخوانه من الأنبياء والصالحين وقامَوا فيهم صادعين بأمر الله مبينين لهم خبث وفساد ماهم عليه من عبادة الأوثان والأصنام وعبادة غير الله ، وأنّ الحقّ معهم ، وعلى أيديهم ، وطلبوا منهم الإتباع والإنقياد للحق الذي أوحاه الله إليهم . والإمام يقوم بالدور الذي كان يقوم النبي ، إذاً الدعوة من الأنبياء والأئمة أساسٌ لقيامِ الحجة على العباد .


* كيف نعرف الإمام بدون الدعاء والخروج وإظهار النفس وإظهار علامات الإمام المتفق عليها، وهنا قد جاء لمسند الزيدية ومحدثها وصاحب الهادي إلى الحق عليه السلام الفقيه محمد بن سليمان الكوفي كلامٌ من ذهب في مقدمة كتاب المنتخب حولب إثبات إمامة الهادي عليه السلام فجاء في ص15،14 ما نصّه :

(فإن قال : وما علامة الإمامة التي يستوجب بها من كانت فيه الإمامة ؟
قيل له : أن يكون الإمام أعلم أهل زمانه ، يحتاج إليه جميع النّاس في العلم ، ولا يحتاج إليهم مع ورعه وشجاعته وأمانته على أموال الله ، فلم نرَ أحداً في عصرنا أظهرَ نفسَهُ وشهر سيفه وبذل مهجته وبان منه الورع والشجاعة والأمانة إلاَّ يحيى بن الحسين رضي الله عنه[ وهنا نقول : إلاّ زيد بن علي ]، فأوجبنَا له الإمامة بهذه الصفات التي شاهدنَا منه .
فإن قال : فلعلَّ في أهل بيت محمدٍ ممن لا نعلمه نحن ولا أنتم مَن هو أعْلَمُ منه ( أي من الإمام ) وأشجع وأورع وأكمل؟
قلنا له : قد قدّمنا لك الجواب في هذه المسألة وشرحناه أنَّ الإمامة لا تكونُ إلاَّ فيمن أظهرَ علامتها .
فإن قال : فبيِّنوا لي ذلك ؟
قلنا له : نعم ، إنَّ هذا العالِم الذي ذكَرْتْ من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو إمام حلال وحرام، وليس بمفترض الطاعة .
فإن قال : فكيفَ لايكون مفترض الطّاعة وهو عالِمٌ ورعٌ أمين ؟
قلنا له : لأنّه جالسٌ في بيته غيرُ آمرٍ ولا ناه ، ولم يفترض الله طاعة الجالس كما افترَضَ طاعة القائم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، أمَا سمعت قوله في الأمر بطاعة من قامَ بأمره في قوله : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }، وأولوا الأمر والنهي فهم الأئمة بعد الأنبياء الذين جعل الله إليهم الأمر والنهي وفيهم، ولم يفترض طاعَة الجالس كافتراضه طاعة القائم ، وكيفَ يفترضُ طاعة مَنْ الحُكْمُ يجري عليه ولا يجري حُكْمُهُ على أحد ؟ فافهم هذا .
فإن كابَرَ فقال : ليس علامةُ الإمامة في يحيى بن الحسين رضي الله عنه . [( وهنا نقول في زيد بن علي )] .
قلنا له : وما علامةُ الإمامة عندَ ذلك ؟
فلابد أن يقول : للإمامة علامات .
فيُقال له: ماهي ؟
فلابد أن يقول : علامة الإمام أن يكون أعلم أهل عصره يحتاج إليه الناس ولا يحتاج إليهم .
فنقول له : فحق ، أينَ تَعْلَمُ النّاس أنّ الإمام الذي يدّعي الإمامة ويَنْصبُ نفسه لها عَالِمْ؟فلابد من أن يقول : بالمسألة له والتفتيش عن العلم والإختبار والمحنة .
فنقول له : صدقتَ ، فأخبرنا عن الإمام المُستبقى الذي ليس ظاهراً ولا رآه أحد فنسأله عن العِلمِ الذي إذا رَدَّ جوابه ، وَجَبت لديه الإمامة ، مِنْ أينَ أوجَبْتَ له الإمامة ولمْ نَرَه ، وليسَ هو ظاهر فيستغنى عن المسألة له بما يظهرُ مِن فِعلِه ؟
فلابد أن يقول : بالأخبار التي نقلها إلينا من نثق به .
فنقول له : وما نَقَلَ إليكَ مَنْ تَثِقُ به من علاماته التي يستوجب بها الإمام الإمامة ، وإنّما العلامات ظاهرة لا باطنة ، كعلامات النبوّة التي يستحق بها النبي النبوّة إذا أظهرها .
ثم نقول له : ما تقولُ لو أنَّ رجلاً ادّعَى أنَّ الله تنبأه، ولم يسأله أحدٌ عن علامات النبوّة ، ولم يَظْهَرْ منها أشياء ، أَكُنْتَ مُوجِباً له النبوة ؟ فمن قوله لا .
فنقول له : فَبِمَ كُنتُ توجبُ النبوّة ؟
فيقول : بإظهار المعجزات وهي دلالة النبوّة .
فنقول له عند ذلك : وكذلك أيضاً الإمام لا تجب له الإمامة إلاّ بإظهاره لعلامات الإمامة بالعلم والحكم ، ولو لم تظهر منه علامات الإمامة لم يكن للإمامة مستحقاً ، ولا سميّناه إماماً ، كما أنّ الذي ادّعى النبوة لم يكن لها مستحِقاً إذ لم يُظهِر علامات النبوّة، فبذلك عَلِمنا أن الإمام الذي يستحق يستوجب الإمامة ، والذي هُوَ لها أهل ، إنّما هو المُظهِر لعلامات الإمامة، وليسَ هو السّاتر لها ، العاجز الذي تجري عليهِ أحكام الظّالمين، ولا يجري حُكمُهُ على أحد ، والإمام الذي يجري حُكمُهُ على الظّالمين وعلى غيرهم ) اهـ .

وفي هذا الكفاية ، لأولي الحجى والمعرفة والتمييز .


والإمام زيد ، كان من أعلم أهلِ زمانه بشهادة كبار الأمة، وأمّا علامات إمامته فشاهرةٌ ظاهرَه .

* والإمام زيد بن علي ، في الأثر الذي رواه الإمام المهدي في المنهاج والإمام أبو طالب في الأمالي والإمام أبو العباس الحسني في المصابيح ، فجاء في الأثر ما نصه :

( إنّ زيداً كتَّبَ كتائبَه ، فلمّا خفَقَت راياته رفعَ يديه إلى السماء ، فقال :

" الحمدلله الذي أكمل لي ديني والله ما يسرني أنِّي لَقِيتُ محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ولم آمُرْ في أمته بالمعروف، ولم أنههم عن المنكر، والله ما أُبالي إنْ أقمتُ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه تأُجَّجَتْ لي نارٌ ثم قُذِفْتُ فيها ، ثمَّ صِرْتُ بعد ذلك إلى رحمة الله، واللهِ لا يَنْصُرُني أحدٌ إلاَّ كانَ في الرفيقِ الأعلى مع محمدٍ وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام . وَيْحَكُمْ أمَا تَرَونَ هذا القرآن بين أظهُرِكُم ، جاءَ بهِ محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلَّمَ ونحن بنوه ؟!

يا مَعْشَرَ الفقهاء ويا أهل الحجى أنا حُجَّةٌ من اللهِ عَليكم هذه يَدي مع أيديكم على أن نُقيمَ حدود الله، ونَعْمَل بكتاب الله، ونَقسِم بينكم فيئكم بالسوية، فَسَلُونِي عن معالم دينكم فإن لم أُنْبِئكُم بِكُلِّ مَا سَألتم فَولّوا مَن شِئتم مِمَّن عِلِمْتُم أنَّهُ أعْلَمُ مِنّي، والله لقد عَلِمْتُ عِلمَ أبي علي بن الحسين، وعِلْمَ عمّي الحسن، وعِلْمَ جدي الحسين وعِلْمَ علي بن أبي طالب وصي رسول الله وعيبة علمه، وإنِّي لأعْلمُ أهلَ بيتي . والله ما كَذَبْتُ كِذبَةً مُنذُ عَرَفْتُ يميني مِن شمالي، ولا انتهكت لله محرما منذ عرفت أن الله يؤاخذني ، هلموا فسلوني" ) اهـ من المصابيح .

فليتَ شعري أيُ وضوحٍ في الدعوة كهذا الوضوح ، وأيُ شرائطٍ لم تجتمع فيكَ يا زيد بن علي ؟! أقَمْتَ الحجّة والمحجّة ، بذلْتَ النّفس والوَلَدْ ، فسلامُ الله عليكَ يومَ وُلِدْتَ ويومَ خرَجْتَ حُجّةً لله على النّاس ، ويوْمَ قُتِلْتَ في سبيل إرساء معالم الدين ، ويومَ صُلِبْتَ في سبيل إرضاء ربِّ العالمين ، ويومَ أُحْرِقَ جسدُكَ مصداقاً لقولِ جدّك رسول ربِّ العالمين ، ويومَ تُبعَثُ حياً يومَ لا يُخزيكَ الله ولا يُخزي مَنْ حَمَلَ رايتَك .

====

تحياتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

أبو مجد الدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 294
اشترك في: الأحد ديسمبر 21, 2003 6:17 pm
مكان: الـمَـدْحِـيـَّـة
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو مجد الدين »

الأخ المفضال / ابن حريوة ..
الأخ المفضال / الكاظم ..

مجهود رائع تُشكران عليه، وأسأل الله أن يجازيكما خير الجزاء على ما بذلتماه.

تقديري وسلامي الحارّين ،،،
صورة


لن أنســـــــــــــــــــــــاك

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً

الأخ الكريم / إبن حريوه السماوي
الأخ الكريم / الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله عز وجل لكما ولي ولكل المسلمين الخير والعافية ، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا بحق محمد وآل محمد .

تشرفت بالإطلاع على ما تفضلتم به مشكورين ، وبعد التأمل وجدتها كلها تتركز حول محور واحد أعتقد أنه هو سبب إنقسام نهر التشيع إلى نهرين عظيمين هما الزيدية والإمامية .
وهذا المحور يتلخص في قول الأفاضل الزيدية " ليس الإمام منا المفترض الطاعة الجالس في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة ، إنما الإمام منا المفترض طاعته الشاهر سيفه الباسط يده الباذل نفسه لله القائم بكتاب الله الداعي إلى الحق الناهي عن الباطل " !!! .

وقد حز في نفسي أن أجد منكما أيها الفاضلان إشارات واضحة بأن المقصود بعبارة " الجالس في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة " هم أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وحجج الله على عباده ، أئمة الإمامية الإثنا عشرية من الإمام الخامس الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه ، إلى الإمام الثاني عشر الإمام محمد بن الحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه المطهرين ، وعجل الله لنا الفرج بظهوره الشريف .

وحتى يتبين للجميع وجه الحق في هذا القول من عدمه أضع سؤالاً رئيسيياً هو :

هل حقاً صدق قائلوا تلك العباره ؟؟؟
هل حقاً كان الأئمة عليهم السلام جالسون في بيوتهم مسبلي سترهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر وتجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ .

وقبل الإجابة على هذا السؤال المحوري ، أضع أمام الجميع حقيقة لا يختلف عليها الإمامية والزيدية ، وهذه الحقيقة هي أن تكليف الخروج على أئمة الظلم والجور معلق على شرط التمكين ووجود الناصر .
قال تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41) .
وقال الإمام علي عليه السلام في خطبته الشقشقية : " أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ، وَلا سَغَبِ مَظْلُومٍ، لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا ، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ "

فمن إدعى أن أي من الأئمة المعصومين الإثني عشر عليهم السلام قد مُكِنَ له في الأرض و/ أو توفر له الناصر ، ولم يخرج بالسيف على حكام الجور والظلم ، فعليه بالدليل والبرهان .
وإن لم يكن كذلك فإن للإئمة عليهم السلام قدوة بجدهم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ، الذي لم يشهر سيفه ثلاثة عشرة عاماً في مكة ، وذلك لعدم التمكين ، وقلة الناصر ، وهو يرى أتباعه يسامون سؤ العذاب .
ولهم قدوة في أبيهم وجدهم الإمام علي عليه السلام الذي لم يشهر سيفه طوال خمسة وعشرون عاماً ، لذات السبب ، وأتباعه يلاقون الويلات .

ونعود الآن لنحاول الإجابة على السؤال السابق فنقول وبالله التوفيق :
برغم عدم التمكين ، وقلة الناصر ، وترصد حكام الجور والظلم من بني أمية وبني العباس لأئمة أهل البيت عليهم السلام ، فقد ملأ الخافقين ما نشروه من علم جدهم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم .

فهذا هو الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين صلوات الله وسلامه عليهما ، وهو حبيس بيته ، مفروضة عليه الإقامة الجبرية ، وأتباعه - برغم قلتهم - تتخطفهم سيوف حكام الظلم والجور ، نجده قد أخرج للعالم صحيفته التي أشتهرت بالسجادية ، وفيها من الأدعية النورانية مالو إجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثلها لما إستطاعوا .
والمتمعن في الصحيفة السجادية يجد فيها أمراً إعجازياً لايقدر عليه إلا إمام منصب من الله عز وجل ، فبالإضافة إلى البلاغة في البيان فقد إستطاع الإمام زين العابدين عليه السلام أن يضمن في تلك الأدعية الكثير الكثير من أحكام شرع الله عز وجل ، وبطريقة غاية في الحكمة والذكاء ، مما ساعد على نشر دعوته لدين جده صلوات الله عليه وآله وسلم دون أن يلفت أنظار حكام بني أمية الملاعين .
ومن لم يكفه ذلك فدونه رسـالة الحـقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام لبعض أصحابه ، والتي ضمنها حقوق كل مسلم ، وما له وما عليه حسب شريعة جده صلوات الله عليه وآله وسلم .

فهل بعد هذا يجرؤ قائل أن يقول بأن الإمام زين العابدين عليه السلام كان جالساً في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ !!!
لا والله وما ذاك إلا بهتان مبين .

وهذا هو الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم صلوات الله وسلامه عليهم قالوا فيه :
في كشف الغمة :
عن الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة الطاهرة عن الحكم بن عتيبة في قوله تعالى إن في ذلك لآيات للمتوسمين قال كان و الله محمد بن علي منهم و يأتي قول أبي زرعة لعمري إن أبا جعفر لمن أكبر العلماء.و عن أبي نعيم في الحلية أنه سأل رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر ما يجيبه فقال اذهب إلى ذلك الغلام فسله و أعلمني بما يجيبك و أشار إلى الباقر عليه‏السلام فسأله فأجابه فأخبر ابن عمر فقال إنهم أهل بيت مفهمون.
و في حلية الأولياء :
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي ميمون حدثنا أبو مالك الجهني عن عبد الله بن عطاء ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علما منهم عند أبي جعفر لقد رأيت الحكم عنده كأنه متعلم.
و في إرشاد المفيد :
أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد حدثني جدي حدثنا محمد بن القاسم الشيباني حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي عن أبي مالك الجهني عن عبد الله بن عطاء المكي ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين و لقد رأيت الحكم بن عتيبة بالمثناة الفوقية ثم الموحدة مصغرا. مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه. و في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي قال عطاء ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علما منهم عند أبي جعفر لقد رأيت الحكم عنده كأنه عصفور مغلوب.
قال يعني بالحكم : الحكم بن عتيبة و كان عالما نبيلا جليلا في زمانه )اه( و قد روى ذلك عن عطاء ، أما أبو نعيم و المفيد فروياه عن عبد الله بن عطاء ، و كذا محمد بن طلحة في مطالب السؤول .و يكفي في ذلك تلقيبه بباقر العلم كما مر، و اشتهاره بهذا اللقب بين الخاص و العام في كل عصر و زمان.و في مناقب ابن شهرآشوب قال محمد بن مسلم سألته عن ثلاثين ألف حديث .
و روى المفيد في الإختصاص بسنده عن جابر الجعفي :
حدثني أبو جعفر سبعين ألف حديث لم أحدث بها أحدا أبدا.و قال المفيد لم يظهر عن أحد من ولد الحسن و الحسين عليهماالسلام من علم الدين و الآثار و السنة و علم القرآن و السيرة و فنون الآداب ما ظهر عنه إلى آخر ما ذكره وقد أخذ عنه من عظماء المسلمين من الصحابة و التابعين و الفقهاء و المصنفين و غيرهم.و قد أخذ العلماء عنه و اقتدوا به و اتبعوا أقواله و استفادوا من فقهه و حججه البينات في التوحيد و الفقه و الكلام .

فهل بعد هذا يجرؤ قائل أن يقول بأن الإمام الباقر عليه السلام كان جالساً في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ !!!
لا والله وما ذاك إلا بهتان مبين .

وهذا هو الإمام الصادق جعفر بن محمد صلوات الله وسلامه عليهما ملأ ذكره وعلمه الخافقين ، وهاكم نبذة بسيطة جداً مما قيل فيه عليه الصلاة والسلام :
روى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في معالم العترة الطاهرة :
عن صالح بن الأسود قال سمعت جعفر بن محمد يقول: سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي.
و قال ابن حجر في صواعقه :
نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و انتشر صيته في جميع البلدان )اه(
و في مناقب ابن شهرآشوب :
نقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن أحد، و قال أيضا: قال نوح بن دراج لابن أبي ليلى أ كنت تاركا قولا قلته أو قضاء قضيته لقول أحد قال لا إلا رجلا واحدا، قال من هو؟قال: جعفر بن محمد .
و قال المفيد في الإرشاد :
نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و انتشر ذكره في البلدان و لم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه و لا لقي أحد منهم من أهل الآثار و نقلة الأخبار و لا نقلوا عنهم ما نقلوا عن أبي عبد الله عليه‏السلام فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات فكانوا أربعة آلاف رجل )اه( )أقول( و ذلك أن الحافظ بن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله أربعة آلاف رجل من الثقات الذين رووا عن جعفر بن محمد فضلا عن غيرهم و ذكر مصنفاتهم، و مر في المقدمات قول المحقق في المعتبر : انتشر عن جعفر بن محمد من العلوم الجمة ما بهر به العقول )اه( . و روى عنه راو واحد و هو أبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث،
روى الكشي في رجاله بسنده عن الصادق عليه‏السلام أنه قال : أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف حديث.
و روى النجاشي في رجاله :
بسنده عن الحسن بن علي الوشاء في حديث أنه قال أدركت في هذا المسجد )يعني مسجد الكوفة( تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد : و كان عليه‏السلام يقول حديثي حديث أبي و حديث أبي حديث جدي و حديث جدي حديث علي بن أبي طالب و حديث علي حديث رسول الله صلى‏الله‏عليه‏وآله و حديث رسول الله قول الله عز و جل.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب :
و لا تخلو كتب أحاديث و حكمة و زهد و موعظة من كلامه، يقولون: قال جعفر بن محمد الصادق عليه‏السلام .
وهذا هو إمام أهل الرأي ابا حنيفة النعمان لطالما أشتهر عنه قوله " لولا السنتان لهلك النعمان " يقصد بذلك سنتين تتلمذ فيهما على يد الإمام الصادق عليه السلام مما يجعله إمام ائمة المذاهب الأربعة لأهل السنة .

فهل بعد هذا يجرؤ قائل أن يقول بأن الإمام الصادق عليه السلام كان جالساً في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ !!!
لا والله وما ذاك إلا بهتان مبين .

وهذا هو الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليهما السلام وقد قالوا فيه :
في تحف العقول للحسن بن علي بن شعبة :
قال أبو حنيفة : حججت في أيام أبي عبد الله الصادق عليه‏السلام فلما أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه إذ خرج صبي فقلت يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم قال على رسلك ثم جلس مستندا إلى الحائط ثم قال توق شطوط الأنهار و مساقط الثمار و أفنية المساجد و قارعة الطريق و توار خلف جدار و شل ثوبك و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و ضع حيث شئت، فأعجبني ما سمعت من الصبي فقلت له ما اسمك فقال أنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فقلت له يا غلام ممن المعصية فقال إن السيئات لا تخلو من إحدى ثلاث أما أن تكون من الله و ليست منه فلا نبغي للرب أن يعذب العبد على ما لا يرتكب و أما أن تكون منه و من العبد و ليست كذلك فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف و إما أن تكون من العبد و هي منه فإن عفا فكرمه و جوده و إن عاقب فبذنب العبد و جريرته، قال أبو حنيفة فانصرفت و لم ألق أبا عبد الله و استغنيت بما سمعت و رواه ابن شهرآشوب في المناقب نحوه إلا أنه قال: يتوارى خلف الجدار و يتوقى أعين الجار و قال فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني و عظم في قلبي و قال في آخر الحديث فقلت ذرية بعضها من بعض.
قال المفيد :
و قد روى الناس عن أبي الحسن موسى عليه‏السلام فأكثروا و كان أفقه أهل زمانه حسبما قدمناه و أحفظهم لكتاب الله و أحسنهم صوتا بالقرآن )اه( .
و في تحف العقول :
سأله رجل عن الجواد فقال إن كنت تسأل عن المخلوقين فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عليه و البخيل من بخل من افترض الله و إن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى و هو الجواد إن منع لأنه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك ]و[ إن منعك منعك ما ليس لك.

فهل بعد هذا يجرؤ قائل أن يقول بأن الإمام الكاظم عليه السلام كان جالساً في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ !!!
لا والله وما ذاك إلا بهتان مبين .

وهذا هو الإمام الرضا علي بن موسى عليهما السلام وفيه قالوا :
عن إبراهيم بن العباس الصولي أنه قال: ما رأيت الرضا عليه‏السلام سئل عن شي‏ء إلا علمه و لا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته و عصره و أن المأمون كان يمتحنه بالسؤال عن كل شي‏ء فيجيب عنه و أن جوابه كله كان انتزاعات من القرآن المجيد .
و في إعلام الورى :
عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا و لا رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي و لقد جمع المأمون في مجلس له عددا من علماء الأديان و فقهاء الشريعة و المتكلمين فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي منهم أحد إلا أقر له بالفضل و أقر على نفسه بالقصور و لقد سمعته يقول كنت أجلس في الروضة و العلماء بالمدينة متوافرون فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إلي بأجمعهم و بعثوا إلي المسائل فأجبت عنها قال أبو الصلت و لقد حدثني محمد بن إسحاق بن موسى بن جعفر عن أبيه أن موسى بن جعفر كان يقول لبنيه هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد فسلوه عن أديانكم و احفظوا ما يقول لكم.
و في مناقب ابن شهرآشوب عن كتاب الجلاء و الشفاء :
قال محمد بن عيسى اليقطيني : لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن الرضا عليه‏السلام جمعت من مسائله مما سئل عنه و أجاب فيه ثمانية عشر ألف مسألة.و روى الشيخ في كتاب الغيبة عن الحميري عن اليقطيني مثله إلا أنه قال خمسة عشر ألف مسألة، و في المناقب ذكر أبو جعفر القمي في عيون أخبار الرضا أن المأمون جمع علماء سائر الملل مثل الجاثليق و رأس الجالوت و رؤساء الصابئين منهم عمران الصابي و الهربذ الأكبر و أصحاب زردشت و نطاس الرومي و المتكلمين منهم سليمان المروزي ثم أحضر الرضا عليه‏السلام فسألوه فقطع الرضا واحدا بعد واحد و كان المأمون أعلم خلفاء بني العباس و هو مع ذلك كله انقاد له اضطرارا حتى جعله ولي عهده و زوج ابنته )اه( .

فهل بعد هذا يجرؤ قائل أن يقول بأن الإمام الرضا عليه السلام كان جالساً في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ !!!
لا والله وما ذاك إلا بهتان مبين .

ولولا خشية الإطالة ، وإشتهار علم وعمل أئمة أهل البيت عليهم السلام الجواد والهادي والعسكري والمهدي صلوات الله سلامه عليهم أجمعين ، لأوردت لكم عنهم أكثر مما أوردته عن آبائهم المطهرون عليهم صلوات الله وسلامه .

فهل بعد هذا يجرؤ قائل أن يقول بأن أي منهم كان جالساً في بيته مسبل ستره لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر تجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ !!!
لا والله وما ذاك إلا بهتان مبين .

وحسبنا لندرك أن مقولة " جالساً في بيته ... الخ " أبعد ما تكون عن الحق أنه ما من إمام من الأئمة المعصومين إلا مات مقتولاً أو مسموماً !!!
وهل يقتل أو يسم إلا من كان آمراً بمعروف وناه عن منكر ، وناشر لدين الله عز وجل ؟؟؟ !!! .

وأما وقد ثبت بحمد الله بطلان مقولة " جالساً في بيته ... الخ " فلعلكم تسألونني ، فما موقفك في نسبة هكذا قول إلى الإمام زيد بن علي عليه السلام وغيره ؟؟؟ .
والجواب :
الإمام زيد بن علي عليهما السلام ، وبقية أئمة الزيدية عليهم السلام علمآء وأعلام من آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وآله ، يعلمون الحلال والحرام ، ويعرفون أولي الأمر فيهم ، وحاشاهم أن يعرضوا بآبائهم وأجدادهم بمثل هذا القول .
وأن كل واحد منهم كان يقوم بما يراه تكليفه الشرعي ، فمن لم يتوفر له الناصر فقد عمل وسعه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر دين الله عز وجل دون أن يشهر سيفه .
ومن توفر له الناصر فقد عمل وسعه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر دين الله عز وجل شاهراً سيفه .
وليس أحد منهم يعيب على الآخر .

والخلاصة :
أن مقولة " جالساً في بيته ... الخ " منكرة ، لايصدقها واقع الحال ، وفيها تعريض واضح بكل الأئمة الأطهار الإثني عشر من الإمام علي عليه السلام إلى الإمام المهدي عليه السلام .
وماهي – حسب رأيي – إلا من وضع غيرهم ، فهم عليهم السلام أجل وأعظم من ذلك .
وهناك من الروايات ما يؤيد هذا الرأي ، ولولا خروجها عن موضوع البحث لأوردتها .


اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

تعقيب

مشاركة بواسطة المتوكل »

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم الدكتور / عبد الملك العولقي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سوف أركز على خلاصة ما تفضلتم بطرحه في كلامكم ، وهو ما يلي :-
فمن لم يتوفر له الناصر فقد عمل وسعه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر دين الله عز وجل دون أن يشهر سيفه .
وهنا أقول : نعم أخي الكريم ، فأنا معكم في هذه الفقره .
ولكن حقيقة مشكلة أقوالكم ، هو أننا نجد في كتب الإماميه وفيما ما تفضلتم بكتابته في مواضيع سابقه تناقض مع هذه الفقره المقتبسه .
فتارةً تقولون أن الأئمه أخفوا النص ( الإثناعشري ) تقيةً وخوفاً على ما قـد يحل بهم . ( وهذا مخالف لما في الفقره المقتبسه ) .
وتارةً تقولون أنهم أفـتـوا بخلاف الحق تقيةً . ( وهذا مخالف للفقره المقتبسه ) .
وتارةً تقولون أنهم أظهروا الحق للناس مما أدى إلى سجن بعضهم وقتل البعض الآخر . ( وهذا مؤيدٌ لما في الفقره المقتبسه ) .
ـــــــــ
والآن أتوجه إليك أخي بسؤال :-
ما حكم الإماميه على من خرج آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر رغم عدم التمكين وقلة الناصر ؟؟؟؟؟؟


كما أرجوا أن تشاركونا في موضوع التقيه الذي فتحته ، لكي تتضح الرؤيه أكثر ، عن المواقف التي تقولون أن واقعها يعني تقيه ، وهي في الحقيقه ليست كذلك .
صورة
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ومرحباً بكم سيدي الكريم السيد المتوكل

أتمنى أن تكونو قد وفقتم في الإمتحانات .

بالنسبة لمشاركتم ، هل أفهم منها أنكم تسلمون بما أوردته حتى ننتقل إلى الحوار في التقيه ؟؟؟

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

تعقيب

مشاركة بواسطة المتوكل »

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم الدكتور / عبد الملك العولقي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

لو تأملتم جوابي السابق ، ستعرفون أني لا أسلم بكل ما طرحتموه .
وإن سلمت بفقره ( وهي التي إقتبستها سابقاً ) ، فقد ذكرت الإشكال الحادث فيها بالنسبه لأفكاركم .

وأكثر ما طرحتموه ، سوف تتضح الرؤيه فيه عندما نصل إليه في النقاط التي سوف نطرحها في موضوع التقيه الذي دعوتكم إليه .

وبالنسبه للإمتحانات فإن شاء الله أكون قد وفقتُ في إجاباتي ، ونتيجة الإمتحانات لن تظهر إلا في شهر 9 تقريباً .
تحياتي لكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
صورة
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .....

الدكتور العولقي .... وفقنا الله وإياك

أشكر لك التجاوب ، وبذل المجهود في البحث والإدلاء بما أعطاكَ الله من علم .

تكلّمتَ عن مبدأ إستار الستر ، والأمر المعروف والنهي عن المنكر ، فأحسنت الجواب ولك منّا على جوابك جواب ، إذ أنّه قد حصلَ تخليط في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبين الفضائل والمناقب وبين نشر العلم، في جوابكم .

بقيتْ نقطة في كلامنا السابق قد تكون غابت عنك وهي :

هل الدّعوة واجبٌ من واجبات الإمام ؟
بمعنى
هل إنذار النّاس واجبٌ من واجبات الإمام ؟
بمعنى
هل تبليغ النّاس واجبٌ من واجبات الإمام ؟
بمعنى
هل إقامة الحجة بالصدع بأمر الله من واجبات الإمام ؟

كما قامت علينا حجة محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وآله وسلم ، عندما صَدَعَ فينا بالدعوة رغمَ قلّة الناصر والمعين ( تأمّل ) في بدايات الإسلام ، وتكثّفت جهوده في الدعوة والتبليغ والإنذار بعد أن قويت شوكة الإسلام ؟

====

ولنا معَ ماسبق من كلامك تفصيل .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً

سيدي الكريم / المتوكل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو سيدي الفاضل أن تتناسوا – ولو مؤقتاً – مآخذكم على طريقة الأئمة المعصومين في نشر دين جدهم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ، حتى ننتهي من محور البحث هنا وهو :

مع تسليم الجميع بقلة الناصر للأئمة عليهم السلام فهل كانوا جالسون في بيوتهم مسبلين سترهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر وتجري عليه أحكام الظلمة ؟؟؟ !!!
أم أن هذا القول باطل ، وأنهم حدثوا الناس كافة عن جدهم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ، وأفتوا الناس كافة ، وخالطوا الناس وعلموهم ، وأنهم أمروا بالمعروف ونهوا عن النكر بصرف النظر عن موافقتكم لهم في طريقتهم ؟؟؟ .

أخي الكريم / الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإمام المنصوص عليه مدلول عليه من الله عز وجل عن طريق رسوله صلوات الله عليه وآله ، ولا يلزمه أن يدعوا إلى نفسه ، ورسول الله صلوات الله عليه وآله قال " الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا " ، بمعنى أنهما إمامان قبلهما الناس أم رفضوهما ، إتبعهم الناس أو إنصرفوا عنهم .

والإنذار والتبليغ هي من مهمات الأنبياء والرسل ، ومهمة الأئمة عليهم السلام هي الهداية قال تعالى ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )(الرعد: من الآية7) ، وقال تعالى ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )(العنكبوت: من الآية18) .


اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

بسم الله الرحمن الرحيم
بدعوة خاصة من أخ السماوي للمشاركة معكم أفتتح أول مشاركة لي بهذا النص عن مولانا القاسم بن ابراهيم في المجموع الكبير قال طيب الله ثراه ما نصه :-
فإن زعمتم (الامامية ) أنه حجة على الكل، فالواجب عليه (الامام المعصوم ) أن يهديهم أجمعين، ويدلهم ويبصرهم، ويعرفهم بنفسه.
وكيف يكون حجة يحجب نفسه من الناس، ولا يبين لهم ؟! أرأيتم إذا وقفوا بين يدي الله بم يحتج عليهم ؟ أبما دعاهم فعصوه ؟ أم بما بيَّن لهم فخالفوه ؟ أو بما حجبهم نفسه فجهلوه ؟ فكيف تثبت له عليهم حجة، ولم تبلغهم حججه، ولم يعرفوا اسمه، ولم يُعرِّف بنفسه.
فإن زعمتم بأن له أن يكتم، لأن الله قال في محكم كتابه :&فإن زعموا أن صاحبنا يكتم كما كتم المؤمن.
يقال لهم: أو ليس زعمتم أن صاحبكم حجة، وهل للمؤمنين أن يبينواما بَيَّن الحجج، يسع المؤمن أن يكتم، ولا يسع الحجة أن يكتم ؟! مع أن مؤمن آل فرعون كتم الإيمان قبل أن يبين الله لخلقه، فلما بَيَّن الله لخلقه لم يسعه الكتمان بعد البيان، مع أنه كان في عبدة الأوثان، وفي دار من يدعي الربوبية من دون الله، ويجحد رب العالمين، وصاحبكم في دار الإقرار والمعرفة، وتصديق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن جهلوا الأحكام والشرائع، فليس لأحد أن يكتم العلم من طالبه بعد بيان الأنبياء، وليس الحجة حجة إلا من احتج على خلق الله، ولم يُلبِّس دين الله.
فإن زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتم حين ظهر.
يقال لهم : ومتى كتم رسول الله صلى الله عليه ؟ أوليس قال الله لنبيئه :&فإن زعمتم أن الأئمة يقومون مقام الأنبياء، فالواجب عليهم أن يحتملوا الأذى كما احتمله الأنبياء.
أرجو التأمل والتدبر
والسلام عليكم
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً

النسب الكريم / محمد الغيل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أراكم قد وضعتموني في موقف حرج للغاية بإيرادكم أقوال نسبتموها إلى مولانا القاسم بن ابراهيم في المجموع الكبير ، ومن أكون أنا لأرد عليه !!! .
لذلك أطلب منكم ومنه الصفح على جرأتي في أن أرد عليه ، إذ لابد من ذلك وإلا قامت علينا الحجه .

والجواب :
الإمام مفترض الطاعة منصوص ومدلول عليه من الله عز وجل عن طريق رسوله الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلم ، وليس ملزماً بالدعوة إلى نفسه إن رأى إنصراف الناس عنه .
ولنا في سيرة أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين عليه صلوات الله وسلامه قدوة في ذلك ، فهو عليه السلام طوال الخمسة والعشرون عاماً التي تقدمه فيها من تقدم لم يدع إلى نفسه يومياً أو شهرياً أو سنوياً ، وأكتفى بتنصيب رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم له علماً يوم غدير خم ، وغيره من المواقف المعلومة والمشهوره ، مع التسليم بالحكمة البالغة التي إتبعها أمير المؤمنين عليه السلام في بيان إمامته كلما وجد فرصة لذلك ، وهكذا فعل أبناؤه المطهرون من بعده .
ولنا في الإمامين الحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهما قدوة كذلك ، فالإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه لم يدع إلى نفسه عندما صالح إبن آكلة الأكباد معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليه وعلى أمه وأبيه وبنيه إلا الصالح منهم وقل ما هم ، وأكتفي الإمام الحسن عليه السلام بدلالة رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم عليه ، ووصية أبيه عليه الصلاة والسلام .
وقل مثل ذلك على الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه .
والخلاصة أن أئمة الهدى الإثنا عشر قد دل عليهم الله ورسوله ، وإن حاول حكام الجور والظلم التعتيم الشديد على ذلك ، والتنكيل بمن يشهره ، فتكليف المسلم في كل وقت أن يبحث عن دينه حتى يظن الناس أنه مجنون .

وإن كان لأحد أن يعجب فله أن يعجب من قول القائل " فإن زعمتم أن الأئمة يقومون مقام الأنبياء، فالواجب عليهم أن يحتملوا الأذى كما احتمله الأنبياء. " !!! .
وكأن الأئمة عليهم السلام كانوا يعيشون في رغد من العيش الهاديء !!!
وكأن الأئمة عليهم السلام لم يكابدوا ويلاقوا أشد أنواع التكذيب التعذيب والتنكيل والمطاردة والسجن والقتل بالسيف أو بالسم !!! .
وكأن الأئمة عليهم السلام لم ينشروا علوم جدهم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ، حتى ملأوا به مشارق الأرض ومغاربها ، وعلم بها القاصي والداني ، ويكفي للدلالة على ذلك كتب أهل السنة التي تمتليء بتكذيب علماء النصب والضلال لما أتاهم من حديث الأئمة عليهم السلام ، وحسبكم ما ذكره شيخ النواصب إبن خلدون في مقدمته .

والخلاصة : أنه كما أن المسلم مكلف في كل وقت وآن – ماضٍ وحاضرٍ ومستقبل - بالبحث عن الحق فيما نقلته الفرق الإسلامية المختلفة عن رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم من إمامية وزيدية وإسماعيلية ، وحنفية وشافعية ومالكية وحنبلية ، وإباضية ودرزية وغيرهم ، فهو كذلك مكلف بالبحث عن أشخاص أئمة الهدى ومصابيح الدجى وحجج الله على عباده ، المنصوص عليهم من الله ورسوله صلوات الله عليه وآله وسلم .

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“