الى الدكتور عبد الملك العولقي: الدعوة والإمام زيد بن علي(ع)

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

اعانك الله
أخي الكاظم أعانك الله
آمين
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

إبن حريوه السماوي
مشرف الجناح التاريخي
مشاركات: 679
اشترك في: الأحد مايو 30, 2004 3:03 am

مشاركة بواسطة إبن حريوه السماوي »

أخي عبد الملك السلام عليكم .
أنت قلت ما لفظه :-
والإنذار والتبليغ هي من مهمات الأنبياء والرسل ، ومهمة الأئمة عليهم السلام هي الهداية قال تعالى ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )(الرعد: من الآية7) ، وقال تعالى ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )(العنكبوت: من الآية18) .

وما زلت تكرر ذلك وأنا اتغاضى عن ذلك فما رأيك في قوله تعالى في نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) وقال ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ....) فذكر أن أنبياءه يهدون وقال ( فأما ثمود فهدينهم فاستحبوا العمى ...) فبما هداهم أخي إلا بالنبي الذي أرسل إليهم وقال في محمد عليه السلام ( وداعيا إلى الله وسراجا منيرا ) فسماه سراجا والسراج هو الذي ينور الطريق ويهدي صاحبه إلى الطريق الصحيح وكذلك محمد عليه وآله الصلاة والسلام يهدي الناس ويضيء لهم الطريق ليخرجهم من الظلمات إلى النور وكذلك سائر الإنبياء .
وقال ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ...) فمن جاء بالقرآن الهادي إلى الرشد غير محمد عليه السلام فهو صلى الله عليه يهدي الناس بهذا القرآن فعمله الهداية أيضا وليس الإنذار فقط .
وغيرها ذلك من الآيات الكثيرة أذا أردت الزيادة فمستعد وإن كان ما ذكرته كفاية لمن له قلب الذي يسمع القول ويتبع أحسنه :idea: :idea: ، فالأنبياء أخي العزيز هم يبشرون ويهدون ويبلغون وينذرون ويدعون فتأمل جيدا . 8) 8) 8) .
وارجو ان تتأمل للآيات التي ذكرتها يا أخي فإذا لم تعرف لماذا قال الله كذلك فأنا سأخبرك بعون الله .
فعجبا أخي عبد الملك تتهمنا بأننا نعرض بأئمتكم الذين هم عندنا أئمة علم ومن الأخيار وتنكر حق الأنبياء في الهداية
وهل هذا إلأ إنكار لفضلهم وتعبهم وصبرهم وتحملهم في سبيل هدايتنا فراجع نفسك في حقهم ولا تجعل نفسك تخدعك والتعصب يعميك حتى تنكر فضل الأنبياء سواء كنت متعمدا أو غير متعمد .
واعلم أن الأئمة يقومون مقام الأنبياء في هداية الناس عند عدمهم وهذا لا يعني أن أنبياء الله لا يهدون الناس بل هم أوائل الهداة وأئمتهم ولولا محمد بن عبدالله لما كان أمير المؤمنين ولا الأئمة فهو هاديهم ومعلمهم أم تنكر ذلك .
وفيه خلة أخرى فالأنبياء جمعوا بين الدعاء إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهداية ونشر العدل فمن يا ترى يقوم مقامهم ؟
ألم يقل الله ( فبهداهم اقتده ) وقال ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ....) فمن الأولى باتباع الأنبياء ؟ الجهلة والعوام أم الأئمة الذين هم خلفائهم ؟ وكيف يقتدون بهم في كل شيء أم في بعض أم في ماذا ؟

وسلااااااااامي لك
.
مدحي لكم يا آل طه مذهبي .... وبه أفوز لدى الإله وأفلح

وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح

الحسن بن علي بن جابر الهبل رحمة الله عليه


عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً
وجمعة مباركه

الأخ الكريم / الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قلتم أخي الكريم :
ونحنُ لم نقصدْ بأنْ يدعو الإمام إلى نفسه فقد تنازلنا هذه النقطة لكم وتخيّلنا!! بطلانها ، وإنّما قصدنا لماذا لم يُبلّغ ، عفواً لماذا لم يهدي ويُرشد أولئك الأعلام الذي ذكرَهم لنا التاريخ بأنّهم تتلمذوا على يد الصادق ، فلماذا لم يُخبرهم الصادق بأنّ الأئمة اثني عشر إماماً ، وهُنا لاعلاقة له بالدعوة وإنّما أتكلّم عن أولئك الدّارسين على جعفر الصادق في المدينة المنورة الجالسين معه في حلقاته الدينية . .

أمثال : أبو حنيفة - سفيان الثوري ... الخ

والجواب من وجهين :
الأول : على فرض أن الإمام الصادق لم يبلغ أبي حنيفة وغيره بأن الأئمة إثنا عشر كلهم من قريش ، فليس عليه ذلك ، فقد بلغ بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم .
أي أن جوابي السابق يغطي ما ذكرتموه .
والثاني : أن الإمام الصادق عليه السلام ، وكل الأئمة ، قد هدوا الناس إلى إمامتهم ، ولكن الناس هم الناس ، والحاسدون هم الحاسدون ، فإذا كان تنصيب الإمام علي عليه السلام علماً للناس في غدير خم ، وبخبخة من بخبخ له ذلك اليوم المشهود ، فإن حسد القوم قد دفعهم إلى إنكار كل ذلك وكتمان ما أنزل الله من البينات .
وصلوات الله وسلامه على الأئمة الأطهار الذين طالما رددوا قوله تعالى ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (النساء:54) ، وأنهم هم آل إبراهيم عليه السلام ، وأنهم هم المحسودون !!! .
فهل تستنكر إنكار أبي حنيفة وغيره ، وقد سن السابقون لهم هذه السنه ؟؟؟ !!! .

وقلتم :
أنا زيدي يا دكتور عبدالملك .... لا تنسى!!!

وأقول :
لم أنس أخي الكريم ، ولكن ما أعجب له هو إنكاركم النظري للتقية في مواطن معينة ، وممارستها عملياً في نفس تلك المواطن !!!
وأنا لا أنكر أن تعمل بالتقية حفظاً للألفة والمحبة بيننا جميعاً كمسلمين ، ووجه إنكاري فقط هو ممارستكم للتقية عملاً ، وإنكارها نظرياً !!! .

وقلتم :
فأمّا على مذهبنا فجعفرٌ عَضيدُ زيد وإنْ لم يخرج معه ، وموسى عضيدُ الفخي وإنْ لم يخرج معه ، لا نُنكرُ حُبّهم للتغير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن لم يخرجوا ، معَ سعيهم الحثيث في نُصرةِ الخارجين من أبناء عمومتهم من أبناء الحسن ، فكانت أجسادهم في البيوت وعقولهم وقلوبهم في ميادين المعارك مع أبناء عمومتهم . هذه هي نظرة الزيدية لأئمة أهل البيت لا نُلبِسُهم لباس الحُجيّة على النّاس ولا نخلعُ منهم لباس الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ، فسلام الله عليهم أجمعين .

وأقول :
فإن كان الأمر كذلك فما وجه إصراركم أن الحجة قد قامت عليهم ولم يفعلوا ؟؟؟
هل أعتبر قولكم هذا تراجع عما أوردتموه في ردودكم السابقه ؟؟؟
أم أن قولكم الأخير محمول على التقيه ؟؟؟

وقلتم :
بخصوص البيانات والفتاوى قد أخبرناك أنَّا بعيدين عن الديار اليمانية ولم نطّلع على بيانٍ مُوثّق .
ولكَ مني الجديّة في معرفة رأي علماء اليمن في هذا الشأن .

وإلى ذلك الوقت أرجو مواصلة الحوار بخصوص ما طرحناه عليكَ مِنْ حُجَجْ .

وأقول :
لا يخفاكم أخي الكريم أن تباعد الديار لم تعد قائمة في ظل عصر كهذا !!!
وأمر كالذي في صعدة قد عرفه القاصي والداني ، في مشارق الأرض ومغاربها ، ومن مصادر عديده .
وما أريد أن أبينه لكم من سؤالي لا يعدوا الإشادة بالحكمة التي يتمتع بها الإمام السيد مجد الدين حفظه الله ورعاه ، وأطال الله في عمره الشريف ، والكثير من العلماء الأعلام في المذهب الزيدي .
فما صدر من السيد حسين الحوثي – وهو زيدي غب – لا يخرج عن أن يكون حقاً أو باطلاً .

1 - فإن كان حقاً – وأنا شخصياً لا أرى ذلك – فعلى قولكم فقد لزم الإمام مجد الدين حفظه الله أن يكون هو المبادر لما بادر إليه السيد حسين الحوثي ، ولا أظنكم تقولون أن لا ناصر للإمام مجد الدين حفظه الله ، فأنصاره يعدون بعشرات الألوف كما أعلم .
ولأنه لم يبادر إلى ما بادر إليه السيد الحوثي فعلى أقل تقدير – وعلى رأيكم أيضاً – يلزم الإمام مجد الدين حفظه الله أن يعلن وقوفه مع الحق ، ولما لم يفعل فلا أدري كيف ستبررون ذلك .
ومن جهتي – على فرض أن السيد الحوثي على الحق وهو ليس كذلك – فإن ما فعله الإمام مجد الدين حفظه الله بسكوته هو عين الصواب ، لما في مساندته العلنية للسيد الحوثي من جر الأذى على نفسه وأهله ، وإدخال الزيدية والزيود في صراع غير متكافيء مع الدوله ، وما في ذلك من جر الويلات على الزيدية ولفترة قد تطول جداً ، ولا تنسوا تربص حمقى الوهابية لفرصة كهذه لينالوا من المذهب الزيدي مبتغاهم الخبيث !!!

2 - أن يكون ما صدر من السيد الحوثي باطل – وهو ما أراه – فعلى قولكم يلزم الإمام مجد الدين حفظه الله إنكار هذا الباطل .
ولما لم يفعل – على حسب علمي – فعلى قولكم في حوارنا هذا يكون ذلك تقصير من الإمام مجد الدين !!!
ولكنني أرى أن مافعله الإمام مجد الدين – حسب هذا الفرض – هو أيضاً عين الصواب ، إذ في إنكاره لما فعله السيد الحوثي التسبب في شرخ وصدع في صفوف الزيدية ، وما قد يجر إليه ذلك من صراع بين أبناء المذهب الواحد .
وما قيل عن موقف الإمام السيد مجد الدين حفه الله ورعاه يقال كذلك عن جل علماء الزيدية في اليمن .

والخلاصة من هذا كله أن الإمام السيد مجد الدين حفظه الله قد عمل بالتقية على الوجهين ، وهو محق في ذلك ، وأنا لا أنكر عليه على الإطلاق ، بل أنكر عليكم أنتم الذين تنكروا على أئمتنا عليهم السلام سلوكهم الحكيم في نشر دين جدهم صلوات الله عليه وآله وسلم ، وتأبون إلا أن يشهروا سيوفهم مع علمكم بأن في ذلك هلالكم وإندثار دين الله عز وجل !!! .


أخي الكريم / إبن حريوه السماوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لو تأملتم أخي الفاضل فيما أوردته لكم لوجدتم أنني لم ولن أنكر أن من وظائف الأنبياء والمرسلين هداية الناس لدين الله عز وجل ، وكيف لي أن أنكر أمر كهذا هو من الوضوح بمكان !!!

ما أنكره عليكم لا يعدوا قولكم بوجوب التبليغ والإنذار على الأئمة عليهم السلام ، حتى لو كان في ذلك هلاكهم !!!

أكرر وأقول أن فعل المعصوم حجة على غيره ، وليس العكس ، فإن رأى الإمام أن ترك دعوة الناس إلى أنفسهم فيه حفظ لدين الله بحفظ أنفسهم فهو كذلك ، ويكفيهم دلالة الله ورسوله عليهم والحمد لله .
وقد ذكرت لكم سابقاً أن الإمام علي عليه السلام ، طوال الخمسة والعشرون عاماً التي تقدمه فيها من تقدم ، لم يدع إلى نفسه إلا قليلا ، ولم يشهر سيفه ، ولم يهاجر في طلب الناصر كما تقولون ، وهو يرى القوم يعيثون فساداً في شرع الله عز وجل بالتغيير والتبديل !!!
فهل ستقولون أن الإمام علي عليه السلام – والعياذ بالله - مقصر في ذلك ؟؟؟ أم تقولون كما نقول بأنه إمام مدلول عليه من الله عز وجل ، ورسوله الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلم ، ولا يلزمه أن يدعو إلى نفسه إن رأى إنصراف الناس عنه ، وأن من أراد الهداية فعليه أن يعرف إمام زمانه كي لا يموت ميتة جاهلية .

أنتظر ردكم

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمّد وعلى آل محمد ............
والجواب من وجهين :
الأول : على فرض أن الإمام الصادق لم يبلغ أبي حنيفة وغيره بأن الأئمة إثنا عشر كلهم من قريش ، فليس عليه ذلك ، فقد بلغ بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم .
أي أن جوابي السابق يغطي ما ذكرتموه .
والثاني : أن الإمام الصادق عليه السلام ، وكل الأئمة ، قد هدوا الناس إلى إمامتهم ، ولكن الناس هم الناس ، والحاسدون هم الحاسدون ، فإذا كان تنصيب الإمام علي عليه السلام علماً للناس في غدير خم ، وبخبخة من بخبخ له ذلك اليوم المشهود ، فإن حسد القوم قد دفعهم إلى إنكار كل ذلك وكتمان ما أنزل الله من البينات .
وصلوات الله وسلامه على الأئمة الأطهار الذين طالما رددوا قوله تعالى ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (النساء:54) ، وأنهم هم آل إبراهيم عليه السلام ، وأنهم هم المحسودون !!! .
فهل تستنكر إنكار أبي حنيفة وغيره ، وقد سن السابقون لهم هذه السنه ؟؟؟ !!! .
الجواب :

جوابكم السابق لايغطي ماذكرناه ، لأنَّ أبو حنيفة وأمثالَه ، قد جاؤا إلى الإمام الصادق في المدينة ، وطرقوا بابه ، وحرصوا على التعلم على يديه الشريفتين ، إذاً ماهو واجب جعفر الصّادق حينئذ ؟ أليسَ مِنْ واجبه أنْ يُغبَّم أولئك النفر الآتين من أقاصي البلاد بأنَّ هناك حجاً وصلاةً وزكاةً وصوماً وأحكام الصوم كذا وأحكام الصلاة كذا ، ووعندنا أهل البيت لاصحة لفعلِ أولئك الذين يضعون أيديهم على صدورهم في الصلاة ، ولا صحة لمن يقول آمين في الصلاة ، فإنَّ النّاس اشتبه عليهم الصحيح مِنَ الضعيف ، وكذلك يجب أنْ تَعلَموا أنّ الإمام يعد رسول الله هو علي بن أبي طالب ، وليس أبو بكر الصديق وصاحبَيه ، والدليل ماذكرَهُ آباؤنا ، فأنا أُذكِّركُم تبليغ رسول الله للنّاس يوم الغدير عندما ولّى علي بن أبي طالب وبخبخ له عمر بن الخطاب ، وكذلك يجب أنْ تعلموا أنّ الإمام بعد علي هو الحسن ثم الحسين ثم التسعة من ولد الحسين وأسمائهم .. ، ولا صحّة لمن يقول أنّها قريش ولاصحّة لمن جعلعا في أبناء البطنين من الزيدية ، واسمعوا يا طلَبَة العِلم بَعَثَ الله الرسول مُبلّغاً ، وقد بلّغ الناس أنّ سيكون هناك إثني عشر إماماً وذكر أسمائهم ، ولكنّهة جحدَ مَنْ جحَد وتناسى هذا النّص من تناسى ، فواجبنا الآن أنْ نهدي وأن نردّ النّاس إلى جادّة الطريق وإلى ما بلّغ به جدنا رسول الله ، فاسمع يا أبو حنيفة كلّ ماجاء به عبماء السلاطين من أحاديصٍ في الثلاثة المتقدمين على أبو يكر فباطل ، وكلامي هذا لكَ من باب الهداية ، لأنّك طرَقتَ بابي وتجشمتَ العناء إلى أنْ وصلتني ، فاللهم اهد أبا حنيفة .
فهلْ أُبْلِغَ أبو حنيفة لمثل هذا الخبر الإمامي الإثني عشري ، فإنْ قُلتَ نعم أُبلِغَ حالَ دراسته على يد الصادق ولكنّه جحد
، قلنا فما حالُ شيعي أهل البيت سفيانُ الثوري أجحدَ هُوَ الآخرْ !!!!

=
لم أنس أخي الكريم ، ولكن ما أعجب له هو إنكاركم النظري للتقية في مواطن معينة ، وممارستها عملياً في نفس تلك المواطن !!!
وأنا لا أنكر أن تعمل بالتقية حفظاً للألفة والمحبة بيننا جميعاً كمسلمين ، ووجه إنكاري فقط هو ممارستكم للتقية عملاً ، وإنكارها نظرياً !!! .
الدكتور الغالي ...... عبدالملك العولقي

ماذكرتُهُ في آخر رسالتي ، مما أوْهَمَك أنّي وقعتُ في التقيّة ، فهُو اعتقادي حقاً في أئمتكم الإمامية .
وما ذكرتُهُ في أولّ رسالتي، مما أوْهَمَك أنّي وقعت في التعرّض والتجرؤ على أئمتكم فهذا ليس اعتقادي .
وإنّما استخدمتُ هذا الأسلوب ، مِن باب التوضيح ، وسهولة الفهم على القارئ ، وإيصال الفكرة بدقّة إلى ذهن القارئ .


=

وعندما ذكرتُ لك أنّا نعتقد أنَ جعفر عضيد زيد موسى عضيد الفخي وأنّهم مُحبين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قُلْتَ ما نصّه :
فإن كان الأمر كذلك فما وجه إصراركم أن الحجة قد قامت عليهم ولم يفعلوا ؟؟؟
هل أعتبر قولكم هذا تراجع عما أوردتموه في ردودكم السابقه ؟؟؟
أم أن قولكم الأخير محمول على التقيه ؟؟؟
تراجع !! أبداً ليس كذلك فالموقف ثابت إنشاء الله .

وكذلك يجب أن تعرف أننّا في موضوعنا السابق نتكلّم عن جعفر وموسى الأئمة الهُداة المنصوص عليهم ، الشُهداء على النّاس ، ولهذا أوجبنا عليهم الحُجّة ، لأنّهم في مقام الحُجّة من رب العالمين وليس مِنّا ، فيجب أن يقفوا موقفَ الحُجّة وأن يسعوا سعياً حثيثاً كي يُتمّو الحُجّة ، فلاعُذرَ لهم في الإخلال .

وأمّا في اعتقادنا فهُم أولئك البشر المصيبون المُخطئون ، الذين لا تتعدّى حُجّتهم أنفسهم و أولئك الذين علّموهم ونشروا العِلْم في أوساطهم فقط ، وخلعنا عنهم لباس الحُجيّة على النّاس أجمعين لأنّهم لم يُقيموا الحُجّة على الناس أجمعين .
وهذه نقطة مهمة يجب أن نتكلّم عنها بإسهاب لمعرفة اعتقادنا في أئمة الإمامية .


ولكن نقو ل باختصار :
أقمنا عليهم الحُجّة على دين الإمامية لأنّهم الُجج والشهداء على الناس ، فيجب أن يقوموا مقام الحُجج والشهاداء .
ولَم نُقِم عليهم الحُجّة على دين الزيدية لأنّهم بشرٌ يصيبون ويُخطئون ، وليسوا بُحُججٍ على النّاس من الله حتى نُوجبَ خروجَهم ودعوتهم . فإن خرجوا ودَعوا فقد قاموا مقامَ زيد بن علي ووجبت حُجّتهم على العباد ، وإن جلسوا في بيوتههم ومساجدهم لجهاد العلم ونشره فلا يُكلّف الله نفساً إلاّ وُسعَها .



=======

بخصوص المعلومات التي تصلنا وتصل القاصي والدّاني ، فهي أخبارٌ متضاربة ، يخالف أولها آخرها
( قنوات - إذاعات - صحف ) وناهيك بمصداقيّة هذه الوسائل ، يوماً إماماً ، ويوماً المهدي المنتظر ، ويوماً داعياً!!

وبما أنّك مصرٌ على الخوض في هذا الموضوع ، الذي أعتبرُ إلمامي بتفاصيله ليس بذاك الإلمام . وذلذك سأهمل فرْضك الأول من أنّ السيد حسين بدرالدين على صواب ، لأنّي أتفق معك في رؤيتكَ بأنّه ليس على صواب. وسنهتم بالفرض الثاني من أنّه ومَنْ مَعه على باطل .
2 - أن يكون ما صدر من السيد الحوثي باطل – وهو ما أراه – فعلى قولكم يلزم الإمام مجد الدين حفظه الله إنكار هذا الباطل .
ولما لم يفعل – على حسب علمي – فعلى قولكم في حوارنا هذا يكون ذلك تقصير من الإمام مجد الدين !!!
فيجب أن نقول قبل هذا وذاك :

أنَّ الكل يعلم ، ومنْ لايعلم فليعلم ، أنّ هناك فرقةٌ شذّت عن الزيدية ، وخاَلَفَتْ على الزيدية وعلى أئمة الزيدية ، أطْلَقت على نفسها إسم الشباب المؤمن ، ( الذي أشكّ ولستُ متأكداً أشكّ في أنَّ السيد حسين بدرالدين منهم ) ، فحصلَ اضطرابٌ في الوسط في الزيدي في اليمن وشقٌ للكلمة قطعاً ، وكانَ السيد مجدالدين حفظه الله على فراش الكِبَرْ والوهْنِ في الجسم ، فَسَمعَ الخبرَ وهُو في يقوم بتدريس ونشر العلوم في نجران ، وتوكّل على الله قافلاً عائداً إلى الديار اليمانية إلى صعدة منبع العلماء ، وهُناك أرسلَ الرسائل تلو الرسائل والرُسُلَ تلو الرُسل إلى أعيان وكبار علماء الزيدية في صنعاء ومران وصعدة وضحيان وغيرها ، وتدارسَ وتشاورَ معهم في القضيّة الحاصلة وهذا الخروج من هذه الفئة ، فكتبوا البيانات في تحذير النّاس من فتنة الشباب المؤمن ومن اعتقاداتهم المُخالفة لمذهب الزيدية ، ووقّع على هذه البيانات جمهورٌ من كبار الزيدية ، والحاصلُ أنّ النّاس اجتمعو لإحياءِ يومِ الغدير يوم تولية أمير المؤمنين اجتمعوا ألوفاً مؤلّفة من الزيدية في صعدة ، فخرجَ السيّد مجدالدين رغم الوهنِ والضعفِ في الجسم ، وتكلَّمَ مُستنكراً ما حصلَ من هذه الفئة ، وحذّر الأتباع من الإغترار ، وقرأَ أحد أبنائه البيان الموقّع عليه من أعيان الزيدية وعلى رأسهم السيد مجدالدين في هذا المحفل العظيم ، واختطبَ النّاس مؤيدين لكلام السيد مجدالدين ، وتكلّم القبائل بين يديه حفظَه الله وأظهروا السمعَ والطّاعة ، وقامَ النّاس ممن أتى متأخراً بالتوافد على بيت السيد مجدالدين بسودان مُجددّين له البيعة والدعوة والولاء .

والمصدر: شريطٌ صوتي ، مُسجّلةٌ فيه وقائع عيد الغدير ، وصوت السيد مجدالدين عليه السلام واستنكاره وتبليغه ببطلان ماهذه الفرقة الخارجة عن الزيدية واضحٌ .

ولبيان موقف السيد الحجة مجدالدين عليه السلام منها ، فقد انتزعنا بعض المقاطع من التسجيل الصوتي والذي يُلاحَظ من صوت السيد مجدالدين أنَّ الكَبَر قد نالَ منه ، والتي للأسف لم أستطِع تحميلَها على الشبكة بسبب البطئ الشديد ، ولكن هذه موضوعات مقتبسة من التسجيل :

[ بصوت المولى مجدالدين ، وسماعه بالخبر وهو في نجران ، واجتماعه بالسيد بدرالدين ، وبيان موافقة السيد بدرالدين للسيد مجدالدين ]

[ تنبيه السيد مجدالدين بصوته ، بأتّهم فرّقوا الكلمة ، وتأكيده على وجوب الشدّة على الباطل ]


[ بصوت المولى مجدالدين أيده الله ، مع السيد يحيى بدرالدين الحوثي ، وموافقة السيد بدرالدين لقرارات العلماء]


[ بلاغ من رجال سحار وهمدان وجماعة وخولان ، بخضوعهم لقرار السيد مجدالدين ضد الفئة الخارجة ]


[ تأكيد الأتباع ، على موافقة السيد مجدالدين على القرار الذي أقرّه ضد الفئة الخارجة ]


[ متابعة الشيعة ، لقدوتهم وإمامهم السيد مجدالدين ، وتأكيدهم الموافقة على موقِفِه ضد الخارجين ]


[ صورة صوتية1 ، لوفادة الوفود لإمامنا السيد مجدالدين في منزله بسودان ، وتجديدهم للبيعة والولاء الديني]

[ صورة صوتية2 ، لوفادة الوفود لإمامنا السيد مجدالدين في منزله بسودان ، وتجديدهم للولاء والوقوف موقفه من المخالفين ]

[ جواب السيد مجدالدين أمدَّ الله عمره ، على القبائل الوافدينَ عليه ، وتأكيده الحُجّة على المخالفين بجمعه لعلماء اليمن ]

===========

ملاحظة / هذه الصُور الصوتية ، يبدو أنّها جاءت في بدايات اشتعال فتنة الشباب ، عندما كان المولى الحجة مجدالدين قاداراً أو شبه قادر على الوقوف في المحافل ومخاطبة الناس .

==========

عودٌ للموضوع : هذا موقف السيد مجدالدين منْ هذه الفرقة الشبابيّة، إنكارٌ شديد ، وهذه صدى أصواتُ دعوته وقيامه وتنديده وعدم سكوته ، بقي أنْ نتأكّد هل حسين بدر الدين منهم أو لا ؟ ، وإنْ كنتُ أُرجّح أن يكون منهم ، لأنّ عدم التجاوب من الزيدية في اليمن في خروج الحوثي حسين ، يؤكدُ أنّ هناك مَنْ يُعدّونه مخالفاً، أضفْ إلى ذلك ما نقرأه في وسائل الإعلام من أنّه يحمل راية الشباب المؤمن ،وإنْ كانَ كذلك فلنا الحق أن نقول أنَّ موقف السيد مجدالدين السابق وعلماء الزيدية معه قد أثرّت في عموم أتباع الزيدية فتحفّظوا على فكرة النصرة والخروج معه .

==========
بل أنكر عليكم أنتم الذين تنكروا على أئمتنا عليهم السلام سلوكهم الحكيم في نشر دين جدهم صلوات الله عليه وآله وسلم ، وتأبون إلا أن يشهروا سيوفهم مع علمكم بأن في ذلك هلالكم وإندثار دين الله عز وجل !!! .
أناشدك الله يا عولقي ، هل قرأتَ ماكتبته بخصوص هذا السؤال بالتحديد في الأعلى !!!
عندما قُلتُ ما نصّه :
فإن قلتَ : أنَّ الأئمة إنّما تكتّموا ، وحذّروا أتباعَهم من إفشاء أمرهم وأمرِ إمامتِهم ، خوفاً على أنفسِهِم مِن السلاطين الجائرة ، وخوفاً على ذراريهم ، وخوفاً على دين الإسلام أنْ يندثر ، وخوفاً على السلسلة الإمامية أن تنبتر ؟

قٌلْنا :
أرجوك لا تُعيق ، انسيابية الإحتجاجات والردود المُتّبَعة في ها الموضوع ، بجعلنا ندور في حلقةٍ دائرية ، ندور فيها على أنفسنا ، ركّز على مابين السطور ، كما عهدناك باحثاً متألّقاً .

==================

تحياتي
آخر تعديل بواسطة الكاظم في السبت يوليو 10, 2004 9:05 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً

الأخ الكريم / الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قلت :
جوابكم السابق لايغطي ماذكرناه ، لأنَّ أبو حنيفة وأمثالَه ، قد جاؤا إلى الإمام الصادق في المدينة ، وطرقوا بابه ، وحرصوا على التعلم على يديه الشريفتين ، إذاً ماهو واجب جعفر الصّادق حينئذ ؟ أليسَ مِنْ واجبه أنْ يُغبَّم أولئك النفر الآتين من أقاصي البلاد بأنَّ هناك حجاً وصلاةً وزكاةً وصوماً وأحكام الصوم كذا وأحكام الصلاة كذا ، ووعندنا أهل البيت لاصحة لفعلِ أولئك الذين يضعون أيديهم على صدورهم في الصلاة ، ولا صحة لمن يقول آمين في الصلاة ، فإنَّ النّاس اشتبه عليهم الصحيح مِنَ الضعيف ، وكذلك يجب أنْ تَعلَموا أنّ الإمام يعد رسول الله هو علي بن أبي طالب ، وليس أبو بكر الصديق وصاحبَيه ، والدليل ماذكرَهُ آباؤنا ، فأنا أُذكِّركُم تبليغ رسول الله للنّاس يوم الغدير عندما ولّى علي بن أبي طالب وبخبخ له عمر بن الخطاب ، وكذلك يجب أنْ تعلموا أنّ الإمام بعد علي هو الحسن ثم الحسين ثم التسعة من ولد الحسين وأسمائهم .. ، ولا صحّة لمن يقول أنّها قريش ولاصحّة لمن جعلعا في أبناء البطنين من الزيدية ، واسمعوا يا طلَبَة العِلم بَعَثَ الله الرسول مُبلّغاً ، وقد بلّغ الناس أنّ سيكون هناك إثني عشر إماماً وذكر أسمائهم ، ولكنّهة جحدَ مَنْ جحَد وتناسى هذا النّص من تناسى ، فواجبنا الآن أنْ نهدي وأن نردّ النّاس إلى جادّة الطريق وإلى ما بلّغ به جدنا رسول الله ، فاسمع يا أبو حنيفة كلّ ماجاء به عبماء السلاطين من أحاديصٍ في الثلاثة المتقدمين على أبو يكر فباطل ، وكلامي هذا لكَ من باب الهداية ، لأنّك طرَقتَ بابي وتجشمتَ العناء إلى أنْ وصلتني ، فاللهم اهد أبا حنيفة .
فهلْ أُبْلِغَ أبو حنيفة لمثل هذا الخبر الإمامي الإثني عشري ، فإنْ قُلتَ نعم أُبلِغَ حالَ دراسته على يد الصادق ولكنّه جحد، قلنا فما حالُ شيعي أهل البيت سفيانُ الثوري أجحدَ هُوَ الآخرْ !!!!

والجواب :
أراك قد عدت إلى سيرتك الأولى أخي الكريم ، من قولكم ينبغي على الإمام ، ويجب على الإمام !!!
وما هكذا يا سعد تورد الإبل !!!
قد سبق قولي لكم أن فعل الإمام المنصوب من الله عز وجل هو حجة على غيره وليس العكس .
كما سبق أن أوضحت لكم أن ما تستغربون له لا محل له على الإطلاق .
فإن جحد الإمامة ألوف من الصحابة وقد سمعوها في فم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم في مواطن عديدة ، وبأبلغ عبارة ، وأجلى بيان ، فأنكروها وجحدوها وقد إستيقنتها أنفسهم ، فما وجه إستغرابكم أن ينكر أبي حنيفة وسفيان الثوري وغيرهما ممن سمع الأئمة عليهم السلام يبينون لهم قولاً وعملاً أنهم حجج الله على عباده ؟؟؟ !!!
أتعجبون من إمام الرأي إنكاره الحق وهو طالما قال يقول رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم كذا وأنا أقول كذا !!! ، يرى علي عليه السلام كذا وأنا أرى كذا !!! .

وقلتم :
ماذكرتُهُ في آخر رسالتي ، مما أوْهَمَك أنّي وقعتُ في التقيّة ، فهُو اعتقادي حقاً في أئمتكم الإمامية .
وما ذكرتُهُ في أولّ رسالتي، مما أوْهَمَك أنّي وقعت في التعرّض والتجرؤ على أئمتكم فهذا ليس اعتقادي .
وإنّما استخدمتُ هذا الأسلوب ، مِن باب التوضيح ، وسهولة الفهم على القارئ ، وإيصال الفكرة بدقّة إلى ذهن القارئ .

وأقول :
مع كل الإحترام لشخصكم الكريم ، إلا أن للتوضيح أدواته ، وللسهولة أبوابها ، ولإيصال الفكرة بدقة طرقها ، وليس مما ذكرت يستوجب التعريض بما تعرضون به .

وقلتم :
تراجع !! أبداً ليس كذلك فالموقف ثابت إنشاء الله .

وأقول :
فهي التقية ورب الكعبه ، وإن كنت لم تحسن إستخدامها أخي الكريم !!!

وقلتم :
وكذلك يجب أن تعرف أننّا في موضوعنا السابق نتكلّم عن جعفر وموسى الأئمة الهُداة المنصوص عليهم ، الشُهداء على النّاس ، ولهذا أوجبنا عليهم الحُجّة ، لأنّهم في مقام الحُجّة من رب العالمين وليس مِنّا ، فيجب أن يقفوا موقفَ الحُجّة وأن يسعوا سعياً حثيثاً كي يُتمّو الحُجّة ، فلاعُذرَ لهم في الإخلال .

وأقول :
من هوان الدنيا على الله عز وجل أن قال الناس معاوية وعلي !!!
ومن هوان الدنيا على الله أن تقول أخي الكريم " ولهذا أوجبنا عليهم الحُجّة " ، وتقول " فلاعُذرَ لهم في الإخلال " !!! .
الإخلال بماذا أخي الكريم ؟؟؟
الإخلال بما يصوره لك قلة علمك ؟؟؟
أم الإخلال بما يصوره لك سؤ فهمك ؟؟؟

أعتذر عن هكذا عبارات أخي الكريم وإنما أوردتها حباً لك فإني أراك قد تجاوزت حدوداً ما كان ينبغي لك تجاوزها ، وأنا أقف فيها موقف الحذر الشديد فلا أمس أئمتكم من أهل البيت عليهم السلام برغم قولكم أنهم ليسوا بمفترضي الطاعة ، وأنهم ليسوا بمعصومين ، وأن الخطأ منهم وارد ، ومع كل ذلك فلا ولن أشير ولو تلميحاً بما يمكن أن يعد تعريضاً بهم عليهم السلام .
فما بالك أخي الكريم أراك كلما بينت لك وجه الحق أعرضت عنه ، وكررت تعرضيك بالأئمة عليهم السلام !!! .
أفهل أرك تقول على الإمام علي عليه السلام " ولهذا أوجبنا عليه الحُجّة " و" لاعُذرَ له في الإخلال " ، عندما لم يدعو الناس إلى نفسه طوال خمسة وعشرون عاماً هي فترة خلافة الأول والثاني والثالث ؟؟؟
أفتراك ستقول على الإمام علي عليه السلام " ولهذا أوجبنا عليه الحُجّة " و" لاعُذرَ له في الإخلال " عندما لم يخرج من مكة بحثاً عن الناصر ، وكان أهل اليمن من شيعته المخلصين ، ولو أتاهم لنصروه ؟؟؟ !!!
أم تراك ستقول على الإمامين الحسنين عليهما السلام " ولهذا أوجبنا عليهما الحُجّة " و" لاعُذرَ لهما في الإخلال " لعيشهما عشر سنوات على عهد إبن آكلة الأكباد لعنة الله عليه ، ولم يهاجرا طلباً للنصرة و الناصر ؟؟؟ !!! .
فمهما أجبت على ذلك فهو عين جوابنا عليك فيما يخص التسعة المعصومين من نسل الحسين عليهم صلوات الله وسلامه .
وبالإنتظار .

وقلتم :
ولكن نقو ل باختصار :
أقمنا عليهم الحُجّة على دين الإمامية لأنّهم الُجج والشهداء على الناس ، فيجب أن يقوموا مقام الحُجج والشهاداء .
ولَم نُقِم عليهم الحُجّة على دين الزيدية لأنّهم بشرٌ يصيبون ويُخطئون ، وليسوا بُحُججٍ على النّاس من الله حتى نُوجبَ خروجَهم ودعوتهم . فإن خرجوا ودَعوا فقد قاموا مقامَ زيد بن علي ووجبت حُجّتهم على العباد ، وإن جلسوا في بيوتههم ومساجدهم لجهاد العلم ونشره فلا يُكلّف الله نفساً إلاّ وُسعَها .

وأقول :
جوابنا على هذا هو جوابكم على ما سبق !!!

وقلتم كلاما يثلج الصدر من موقف الإمام السيدمجد الدين حفظه الله ورعاه
وإن كان طلبي محصور فقط في موقفه بعد أن ثارت الفتنة وبان غبارها
فهل هناك شيء ينبيء عن موقفه بهذا الخصوص أخي الكريم ؟؟؟

وقلتم :
أرجوك لا تُعيق ، انسيابية الإحتجاجات والردود المُتّبَعة في ها الموضوع ، بجعلنا ندور في حلقةٍ دائرية ، ندور فيها على أنفسنا ، ركّز على مابين السطور ، كما عهدناك باحثاً متألّقاً .

وأقول :
أنا من جهتي أحاول دفع الموضوع إلى الأمام ، وأنتم أخي الكريم بتكرار نفس الحجج وإن بعبارات مختلفة هو ما يجعل الحوار يدور ويدور ، فيعود من حيث بدأ !!!

تقبلو خالص تحياتي

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ...........


الأستاذ عبدالملك من باب التناصح فروح العُنف بدأت تدبّ في كلامِكم .... فرفقاً أخي الكريم بجنابنا ،، فما نحن إلاَّ مُستفيدين مِنكم ومِن رحلتِكُم الإنتقالية مابين المذاهب ، التي مارحلتموها ولا اتخذتم قرارها الصعب إلا بعد دراسة وتمحيص وتدقيق ، فنحنُ من علمكم مستفيدون ... ومِنْ خِبرتكم غير مُستغنون ... فإنْ كنتُ سأتّقي معكم فما ضررتُ إلاّ نفسي .... وما خَدَعتُ إلا نفسي .... وما أقمتُ الحجّة إلاَّ على نفسي ... بأنْ خالفتُ مذهبي ... ودخلتُ في مذهبكم . هذا والله أسألُ الهداية والتثبيت .

نَقَلْتَ كلاماً تُهاجمني فيه ، سأُغضي عنه الطّرف ، لبثِّ روح التسامح في الحوار ، وللمحافَظةِ على الجو العِلمي الحِواري الهادف .

وسأركّز على أهمِّ ماجاء في ردّكم وهو قولكم :
كما سبق أن أوضحت لكم أن ما تستغربون له لا محل له على الإطلاق .
فإن جحد الإمامة ألوف من الصحابة وقد سمعوها في فم رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم في مواطن عديدة ، وبأبلغ عبارة ، وأجلى بيان ، فأنكروها وجحدوها وقد إستيقنتها أنفسهم ، فما وجه إستغرابكم أن ينكر أبي حنيفة وسفيان الثوري وغيرهما ممن سمع الأئمة عليهم السلام يبينون لهم قولاً وعملاً أنهم حجج الله على عباده ؟؟؟ !!!
أتعجبون من إمام الرأي إنكاره الحق وهو طالما قال يقول رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم كذا وأنا أقول كذا !!! ، يرى علي عليه السلام كذا وأنا أرى كذا !!! .
وقولكم :
أفهل أرك تقول على الإمام علي عليه السلام " ولهذا أوجبنا عليه الحُجّة " و" لاعُذرَ له في الإخلال " ، عندما لم يدعو الناس إلى نفسه طوال خمسة وعشرون عاماً هي فترة خلافة الأول والثاني والثالث ؟؟؟
أفتراك ستقول على الإمام علي عليه السلام " ولهذا أوجبنا عليه الحُجّة " و" لاعُذرَ له في الإخلال " عندما لم يخرج من مكة بحثاً عن الناصر ، وكان أهل اليمن من شيعته المخلصين ، ولو أتاهم لنصروه ؟؟؟ !!!
أم تراك ستقول على الإمامين الحسنين عليهما السلام " ولهذا أوجبنا عليهما الحُجّة " و" لاعُذرَ لهما في الإخلال " لعيشهما عشر سنوات على عهد إبن آكلة الأكباد لعنة الله عليه ، ولم يهاجرا طلباً للنصرة و الناصر ؟؟؟ !!! .
فمهما أجبت على ذلك فهو عين جوابنا عليك فيما يخص التسعة المعصومين من نسل الحسين عليهم صلوات الله وسلامه .
فانتظروا جوابنا المُفصَّل مشكورين ...

====

تحيّاتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً

الأخ الكريم / الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كم أتمنى أن تدرك أن ما أسميته بروح العُنف التي بدأت تدبّ في كلامي ، ما هي إلا حبل نجاة ألقيته لأخ كريم أراه يهوي ، فليس لي أن أفعل إلا ما فعلت ، والأمر لك أن تمسك الحبل فتنجو ، أو تأبى فلا ألوم نفسي .

وبالإنتظار

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

يهوي
الاخ العولقي
انسِ والى الابد موضوع لقائي بك في صنعاء فقد بان لي كبرك وغرورك وذهب الى الهاوية بمفردك
أما الكاظم فقد القمك الحجر
والله إنك أمامي أكثر من الامامية أنفسهم
عفوا أخي الكاظم
لقد أثار ني هذا المستبصر الراقي الحساس أبو الحروف والمقلد المجتهد في نفس الوقت
سلام
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حميك يا نسب حمى من الإستعجال وسؤ الفهم !!!

أنا لم أقصد أكثر من أن أخرج أخي الكريم الكاظم من هاوية النيل من الأئمة عليهم السلام ، وهذا ورب الكعبة أمر عظيم .

وأما أن يكون هو أو غيره إمامياً فالأمر ليس بيدي ، فهي نعمة عظمى يمن الله بها على من يشاء من عباده .

وهذا خبري ولا جاكم شر :wink:

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

انت يا عولقي المقصود بقولي
والله انك أمامي أكثر من الامامية :wink:
ورحلك من تحريف الكلام :twisted:
بدعت بنسبك :oops:
سلام
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

حُجَجُ العقول في الدعوة والتبليغ (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله الغر الميامين من أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً ، ورضوانه على الصحابة الراشدين المُتقين ، ممّن خرجوا من الدنيا وهُم على يقين ، ورضوانه على التابعين لهم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدين ، وارضَ عنّا معهم ياربَّ العالمين .

وبعد :

تكلّمنا في رسالةِ حجج العقول في الدعوة والتبليغ (1) عن حُجيّة الأئمة المعصومين وعن مدى سعيهم في تبليغ الحجة الملقاة على عاتقهم من ربّ العالمين ، وعَنْ عُذر مَنْ قال بأنَّ في خروج الأئمة ومجاهرتهم إندثارٌ وهلاكٌ للأئمة عليهم السلام ، وعن عُذر من قال بعدم توفّر النّاصر والمُعين للأئمة المعصومين . وهُنا نعاودُ طرحَ حُجَجِ العقول ، التي نُخاطبُ بها كُلَّ ذي لُبٍ سليم ، وأمّا المعاندين المُكابرين فليس إلى هدايتهم سبيل إلا بفعل المُعجزات الخارقات . فنقول وبالله التوفيق :

إن قال قائلٌ : إنّه قدْ أَنْكَر الحديث الإثني عشري مَنْ سَمِعَهُ مُشافهةً من رسول الله عددٌ من الناس أمثال أبو بكر ومَن شاكَله ، فكيف لا يُنكرُه ولا يجْحَدُ به مَنْ سَمعَ هذا النص الحديثي من بقية التسعة من ولد الحسين أمثال أبو حنيفة النعمان ، فليسَ هذا بُعذرٍ لكم في أنَّ الأئمة المعصومين إنّما طارَ صيتهم في البلدان والأمصار نظراً لتعليمهم علوم آباءهم من أصول الدين والفقه والفرائض والحلال والحرام من دون الولاية والإقرار بولاية الإثني عشر المعصومين .

قلنا : قولكم جَحَد التلميذُ كلامَ أستاذه ، أي جحد أبو حنيفة كلام الصادق باطلٌ من أربعة وجوه .

الوجه الأول : أنّهُ كلامٌ ليس عليه دليل ، والدليل الذي نعني هُوَ إثبات سماعُ أبو حنيفة للخبر الإمامي الإثني عشري من الصادق ثم إنكارِه هذا الحديث وجحوده به ، ألا ترَى أنّكم قلتم أنّ عمرَ بن الخطاب سَمِعَ هذا الحديث النصي على الإثني عشر وجَحَده!! وعندما طَالبناكم بالدليل قُلتم : هذه الرواية الواردة في كفاية الأثر المتصّلة السند بعمر بن الخطاب المُفصحة بالأئمة الإثني عشر التي سمعها من رسول الله تؤكد لنا ولكم معرفته بالنص على الأئمة وتؤكّد لنا ولكم جحوده بعدم تسليم الأمر لصاحب الأمر عليٍّ عليه السلام . فقلنا لكم : وهذا دليلٌ يقبَلُهُ العقل . فأينَ الدليل على أنَّ الإمام جعفر الصادق قد أخبر أبو حنيفة أثناء تعليمه وهدايته في المدينة المنورة أنّه أخبَره بأنّ الحُجَجَ إثني عشر حُجة وهُمْ علي والحسنين والتسعة من ولد الحسين فإن لم تجدوا ، ولنْ تَجدوا ، فأتوا لنا بخبرٍ ذكرَه أبو حنيفة النعمان يدلُّ على سماعه مثل هذا النّص الإثني عشري من جعفر الصادق عليه السلام ، ولن تجدوا مِثْلَهُ أبداً . فَمِنْ أَينَ أتيتمْ بالجحودِ النعماني مَعاشِرَ الإمامية ، فقد أتيتم بالجخود العُمَري بالرواية الأثرية عنه فما بال الجحود النُعماني أتخمينٌ هُو؟! أم رجمٌ بالغيب؟!، أم تمويهٌ على الأغمار ؟!، ونعودُ ونقول هذا أبو حنيفة قد أتى إلى جعفر في عقر داره بالمدينة وطَلَبَ عِلْمَهُ والهداية على يديه ، فما كان من جعفرٍ عليه السلام إلاّ أن حجَبَ النّص الإثني عشري عمَّن أراد الهدى ، فهل هذا إتمامٌ للهداية ؟! .

الوجه الثّاني : أنَّ أبا حنيفة النعمان رحمه الله تعالى ، كان شديد الإحترام لجناب جعفر بن محمد عليهما السلام ، وكان حريصاً على التعلّم والأخذِ عنه ، وكانَ يُجلّه إجلالاً عظيماً، أترى مَنْ هذا حالُه يجحدُ كلامَ جعفر الصادق في أنَّ الأئمة إثني عشر فيهلك ، ثمّ ما هي مصلحة أبو حنيفة في إنكاره مثل هذا الخبر ؟ أكان يطلبُ رئاسةً كما كان يرجوها عمرٌ وصاحبَيه ؟!! أمْ أنّه كان ناصبياً لآل محمد ؟! وهُو المُعذَّب من الخلافة الإسلامية في سبيلهم؟ وجعفرٌ القائل فيه " لقد تحقق حب أبو حنيفة لنا أهل البيت بمناصرته عمي زيد بن علي " أو كما قال عليه السلام ، اللهم لك الحمدُ على نعمة العقل والإنصاف .

الوجه الثالث : مما يدلّنا أنَّ أبا حنيفة أثناء ملازمته لجعفر عليه السلام ، كانَ لايعلمُ أنَّ قولَ واستنتاجات جعفر الدينية والفقهية هي الحُجّة فقد كانَ أبو حنيفة يُعارضُه ويُجادِلُه، حتّى في بعض الأحيان يُحاولُ أنْ يُخطّئَ جعفر بن محمد عليهما السلام !! فهلْ منْ كانَ هذا حالُه يعرفُ النّص الإثني عشري فضلاً عنْ أن يَجْحَده ، والمُلْفِتْ للنظر أن اعتراضات ومخالفات أبو حنيفة كانت بحضور الصادق نفسه وعلى مسمعه وليسَ بتأليف الرسائل ونشر الفتاوى بعد المغادرة من المدينة إلى الكوفة ونقض كلام الصادق ، وفي هذا فليتأمّل المُتأمّلون .

الوجه الرّابع : أنّ اتّهام شخصٍ واحدٍ بالجحود ، مع وجود كل هذه الإشكالات الغامضة حولَ هذا الكلامِ ، قد يجْعلُنا نغضّ الطّرف ، ولكن عندما يكون هناك شخص آخر غير أبو حنيفة مُتّهما بالجحود وَهُوَ مَنْ هُوْ ! سفيان الثوري مَنْ كان يُلقَّبُ بأمير المُحدِّثين ، المُشايع لأهل البيت المُطارَد مِن قِبَل الخلفاء والسلاطين ، المُلازم لجعفر الصادق فترةً من الزمن ، فإن صاروا ثلاثة جاحدين بانضمام سفيان بن عيينة وهُو ممّن روى الأحاديث عن الصادق عليه السلام ، فإن صاروا أربعة جاحدين بانضمام شعبة بن الحجاج وهُو ممن روى عن الصادق عليه السلام ، فإن صاروا خمسة جاحدين بانضمام عالم أهل المدينة مالك بن أنس ومُسندَهم ، فإن صاروا ستة ... وسبعة .. وثمانية ... إلخ !! فأين الخلل يا صاحب اللّب السليم ، أفي المُبلِّغِ أم في المُبَلَّغْ .

فَمِنْ هذه الوجوه الأربعة نستنتج ونستخلص أنَّ الإمام الصادق على مذهب الإمامية لم يخرج ولم يدعُ إلى نفسه ولم يهدِ مَنْ أتاهُ يأخذُ عنه ويتعلَّمُ على يديه إلى الولاء الإمامي الإثني عشري . وهذا أمرٌ جلل !! لاندري بعدّه أيُ وظيفة ودورٌ للإمام المعصوم على الأرض ؟!

فإنْ قال قائل : فأبو حنيفة كانَ يأخذ بالقياس ، ويضربُ بسنة الرسول عرْض الحائط، فكيف تستغربونَ مِنْ مِثلِه إنكار الحديث النصي الإثني عشري وهُو قد أنكرَ بعضاً مما جاء به رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ؟

قُلنا : مع التحفّظ على ما جاء في السؤال ، طبّق كلامنا واحتجاجاتنا على غير أبو حنيفة ممن قد ذَكَرْنَا ، وابحث عمّن لمَ نَذْكُر فَهناك غيرهم الكثير .

[ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ]

فإن قيلَ : قد أَبْلَغتمْ الجهد في سبيلِ تبيين أن أئمتنا المعصومين غيرُ مُتمّين للحجة ، تارةً تقولون لماذا لم يدعوا ويُبلغوا ويُجاهروا بالحق ، وتارةً تقولون لِمَ لَمْ يُعلّموا تلاميذَهم الولاء لأهل البيت والولاء للإثني عشر المعصومين ، ناسينَ ومُتناسين أنَّ لهم قدوةٌ حسنةٌ في جدّهم علي بن أبي طالب ، عندما لمْ يخرج على من تقدّمَه من المشائخ ولم يدعُ إلى نفسِه إلاّ في مواطِن قليلة ، وهكذا كان أئمتنا المعصومين .

قُلنا : لا سواء .

فالحق أنَّ الإمام علي عليه السلام ، كانَ يُبصِرُ بعينِ الحِكْمَة في ذلك الموقف ، فالإسلام بُعَيْدْ موت الرسول صلوات الله عليه وعلى آله ، كانَ يعيش أسوأَ المواقف ، الأعراب الذين آمنوا ولم تطمئن قلوبهم بالإيمان ارتدّوا وشقّوا عصا الطّاعة ، الإنشقاقات الحاصلة بين المهاجرين والأنصار ساعَة السقيفة وما ولّدت من إحنٍ ومِحنْ ، الحساسيات التي كانَتْ بين بني هاشم وبين أبو بكرٍ وعُمر بن الخطّاب ، تلك الإضطرابات التي حصلَتْ في جيش أسامة بن زيد عندما رفضَ الطَاعة لأبي بكر ، كُلُّ هذا كان كفيلٌ بأنْ يتجشّم الإمام علي عليه السلام الصّبر وألاّ يقوم ويُنازعُ هذا وذاك ، فقالَ مقولته المشهورة لفاطمة عليه السلام عندما طلبتْ منه القيام بأنْ لو قمت لما قامَ للإسلام قائمة !! أو بما معنى كلامه عليه السلام ، فالإمام علي كان يعلمُ عِلْمَ اليقين بأنَّ خروجه سيفتحُ الباب على مصراعيه للحركات المتربصة بالمسلمين من المنافقين واليهود ومُسْلِمَة الفتح أمثال أبو سفيان ومَنْ معه، وبذلك ينهدّ ركن الإسلام ، فقالَ عليه السّلام: لأسالمنَّ ما سَلِمَت أمور المسلمين .

فإن قيلَ : وكذلك فعلَ المعصومون ، اتبعوا مقولة جدّهم ليسالمُنًّ ما سَلِمتْ أمور المُسلمين.

قلنا : الأمر ليس كذلك ، فشتّانَ مَا بينَ حال المُسلمين في عهدِ الخلفاء الثلاثة وبينَ حال المسلمين في عهدي بني أمية وبني العبّاس ، فإنَّ أمور المسلمين في اضطرابٍ دائم ، لا أمنٌ ولا عدلٌ ولا كَلِمَةُ حقٍ يُنْتَهرُ بها سُلطانٌ جائر ، فالإسلام أصبحَ في خطرٍ فكريٍ داخلي، ولو كانت ثغورُه قويّة ، ولعلَّ أهم أسباب ذلك الخطرْ الذي لم يجدْ لهُ في تلك العهدين مُصلِحاً ما نحنُ عليه اليوم من الإختلافِ في المذاهب والأقوال ، فنقولُ أنَّ تطبيقَ مبدأ لأسالمنَّ ما سَلِمَت أمور المسلمين انطبقَ حقاً على علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في الجنّة، بينما لم ينطبق على أبناء المعصومين لأسباب : منها : أنّ أمور المُسلمين لمْ تَسْلَم ، أرأيتَ الإمام علي عليه السلام يقول في شقشقيّته " أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ، وَلا سَغَبِ مَظْلُومٍ، لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها " ، ألا ترى له عليه السّلام كيفَ علّق الحُجّة بوجود الناصر ، وقد تكلّمنا عن حال المعصومين وحول عدم رغبتهم في اجتماع الناصر من حولهم ( على مذهب الإمامية ) ، ثمَّ ألا ترى كلامه فيما أَخَذَهُ الله على العُلماء فضلاً عن الأئمة الربانيين الشُهداء ، من عدم مُقارَّة الظَلَمَة ، وألاّ يسكتوا عن سغب المظلومين ، نعم! فكلّ هذا يجب أن يجعلَ الأئمة المنصوص عليهم من الله أنْ يدافعوا وأن يقتدوا بجدّهم علي عليه السلام في لزوم الحُجّة عندَ وجود الظُلِم والظَّلَمة ، إذاً ومن هذا نستنتج أنَّ الإمام علي عليه السلام إنّما سكتَ لأنَّ أمور المسلمين في وقته كانت مُستقرّة أو إلى الإستقرار أقرب ، بينما في عهد معاوية عندما وجدَ الإنقسام والإختلاف وكثرة الآراء وكيد الكائدين انتصبَ لإنقاذ أحوال المُسلمين من الهلاك ، وعلى هذا فَقِسْ أحوال التسعة من ولد الحُسين ، فإنْ قُلنا إنَّ لهم عذرٌ في الجلوس والسكوت في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز لمّا أظْهر العدل بين النّاس فهلْ لهم أنْ يسكتوا في عهد هشام بن عبدالملك وأبو الدوانيق العباسي ؟! إذاً فلا مشابهة ولا مماثلة لوضع علي عليه السلام بوضع المعصومين التسعة.

[ الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ]

فإن قيلَ: قد تحقّقَ ما ذكرتموه من أمر عليٍ عليه السّلام ، فإنَّ لنا حُجة في جلوس الحسن ، وهو المُعاصرُ لعهد أطغى طواغيت بني أمية معاوية الطليق ، فهاهو الإمام الحسن سالَمَ ولم تسْلَم أمور المُسلمين .

قُلنا : نعَم قد سكتَ الإمام الحسن عليه السلام واتجّه إلى إنكار المنكر بالقلب واللسان وباليد حال التمكّن ، ولِكنْ بعدَ ماذا ؟ بعدَ أنْ قامَ واخطتبَ في النّاس وأعلنَ إمامته وزعامَته ، بعدَ أنْ أرسلَ الرسول تلو الرسول والسفارة تلو السفارة إلى قبائل العرب يستحثّهم على نصرته على عدوّهم وعدوّه معاوية بن أبي سفيان ، بعدَ أنْ أبلَغ الجهد في الدعوة إلى نفسه ، إذاً فأبا محمدٍ قدْ أقامَ الحُجّة على الخاذل ، ولا ينبغي أنْ يُقال لِمَ لم يُهَاجر طلباً للناصر والمُعين ، لأنّا سنقول بأنَّ دعوته وحركته وحربه ضدّ معاوية قدْ عَلِمَ بها أمة لا إله إلاَّ الله ، فلم يُجبْه إلاَّ النّفر القليل فلو كانَ أحدٌ ناصِرُه لحضرَ وجاهَدَ بين يديه أيّام مِحنته مع جنوده التي لا تخفى على أهل التواريخ ، فعندما وجدَ الحسن عليه السلام خذلان الناس وعدم توفّر النّاصر آثرَ السكوت والجلوس والرجوع إلى المدينة المنوّرة ، فلا سواؤ بين الحسن وبين أئمة الإمامية المعصومين التسعة ، إذ أنّه لم يحصل منهم دعاء ولا تنصيبٌ لأنفسهم ، ولا استقطاب الأنصار وجمعهم وترغيبهم بالمناصرة ، ولا الهِجرةُ لطلب النّاصر في أصقاع الأرض .

[ الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ]

فإن قيلَ : أمَا وقد ثبتَ عدم متابعة المعصومين لعلي وللحسن ، فقد تابعوا جدهم الحسين عندما سكتَ فترةً من الزمن قبل خروجِه .

قلنا : فأمّا أبو عبدالله الحسين ، فقد أقام الحُجّة عليكم معشر الإمامية في هذا الشأن ، فقدْ سكتَ حالَ عدم توفّر النّاصر والمُعين معَ رَغبته الشديدة في التغيير والإنكار لفعل يزيد الطاغية ، ولكنّ الحُجّة لم تَفُم بتوفّر الناصر والمُعين ، فماذا فعلَ أبو عبدالله عليه السلام عندما وَصَلَته بيعات أهل الكوفة وما حولها ؟ أَسكتَ وقالَ لستم لنا بشيعة خذلتم أبي علي وأخي الحسن ؟! أو قال اذهبوا فقد آثرتُ البقاء كي لا يندثرَ دين الإسلام بقتلي وبموتي ؟! أو قالَ لهم اذهبوا فقد آثرتُ تدريس النّاس علوم دينهم واقتديتُ بفعل أبي علي حالَ سكوته في عهد الثلاثة!! ، واقتديت بفعل أخي الحسن حال مصالحته لمعاوية !! أمْ أنّه استمعَ لأولئك النّاصحين له بعدم الخروج ، المُحذّرين له من الغدْر الكوفي ؟! أم أنّه احتسَبَ نفسه قائماً في سبيل الله مُتمّا لحُجّة طوّقَت عُنُقَه بتوفّر الناصر والمُبايِع على الإصلاح لأمر أمة جدّه وإنقاذهم من براثن الطُغاة ، ولا شكّ في الأخيرة ، فأين الإقتداء من المعصومين بفعلِ جدّهم أبي عبدالله الحسين عليه السّلام ، أسَكَتُوا ثّم خرجوا ، أسكتوا إلى أن تشتدّ شوكتهم ثم أعلنوا الخروج في وجه الظُلم ، أأجابوا مَنْ أرادوا بيعتهم أم حرّقوا كُتُبَهم واعتذروا منهم؟! فيا لله رَغْمَ التشيّع المُفرِط لأبي عبدالله مِن قِبَلِكم معشر الإمامية إلاّ أنّكم لم تفقهوا معنى دعوته .

ثمّ نقول : ومعَ هذا وذاكَ من المُخالفات والمُفارقات الدعوية بين التسعة من ولد الحسين وبين الثلاثة من سلفهم علي والحسنين ، وبعْدَ التنازلُ لكم معشر الإمامية المُصَحَبِ بعدمِ الإقتناع باقتداء التسعة بالثلاثة في السكوت ، فإنّ هناك مفارقات الإكتتام المُفْرِط مِنْ قِبَل التسعة ، والذي لم يوجَد عند الثلاثة ، ونعني بالإكتتام اكتتام خبر إمامتهم وعدم السعي في نشرِه بين النّاس ، فهذا عليٌ يحتجٌ أمام كبار كبار الصحابة من الأنصار والمهاجرين البدريين وغير البدريين بتولية الرسول له يوم الغدير ، ويحتج على أبي بكر ، وفاطمة تخرجُ وتُعلن أحقية زوجها علي عليه السلام بأمر الخلافة بعد الرسول ، والحسن يختطبُ بعد موت أبيه ويُجيبه الجم الغفير ، والحُسين يخرجٌ مٌطالباً بالإصلاح والتغيير مُعلناً نفسه أمام الملأ من المُسلمين ، فأين الإقتداء يا أُولي النُهى أبالسكوت وإرخاء الستر نقولُ اقتدّوا ، وفي الإِشهار للحُجيّة وبِخبر الإمامة لأنُفُسهِم نقولُ كيتَ وكيتْ !! فرَحمَ الله العقول المُهلِكاتُ المُنجياتْ .

وإن قد تقرر ماذكرناه في رسالتنا ، فإنه لا عذرَ للحُجج والشُهداء على النّاس المنصوص عليه من رب العالمين ورسول رب العالمين ، فلا عُذرَ لهم عن الخروج وعن فِعلِ مُسببات الخروج كجمع النّاصر وتمكين الإمكانات ، وعن إشهار النصوص في الملأ من النّاس، على الأقل أن ينشروه في أهل المدينة ، وأيضاً نقول إنّما ألزمنا وجوبَ هذا الفِعل منهم ، لأنّهم الشهداء علينا يوم القيامة، والحُججَ علينا ! فيا ذا اللّب السّوي ما رأيكَ فيمنَ يقول بأنَّ الشهيد علينا بين يدي ربنا غداً، لايجب عليه الإبلاغ والدعوة والخروج ، ثم يقول لا يجب عليه جمع النّاصر والمُعين ، ثم يقول لايجب عليه إشهار النّص وإعلانه على الملأ من النّاس ، ثمّ يقول أنَّ جميع الدّارسين على يد المعصومين من علماء الأمة المُبرزين جحدوا حقّ الأئمة عندما أخبروهم بالنصّ الإثني عشري ؟! ثمّ يقول بأنّهم حُجج الله وشهداءه على هذه الأمة ؟! وأنّ مَنْ مات غيرُ موقنٍ بهم فميتته جاهليّة ؟! حّكم عقلَك تَنجُ مِنْ زللِ النقول والآثار المرسومة المكذوبة ، واعلم بأنّ أهل البيت في قرونهم الأولى كالكيان الواحد وكالبنيان المرصوص يدهم واحدة ودينهم واحد، وفي هذا يقول إمامنا وقدوتنا القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي المرتضى بن أبي طالب الناصر لدعوة الإسلام ، يقول عليه السلام وهو المولود عام 198 هـ والمتوفّى عام 246 هـ ما نصّه : " أَدْرَكْتُ مَشْيَخَةَ آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ الحَسَنْ والحُسَينْ وَمَا بَيْنَهُمْ اخْتِلافْ " .

هذا وصلّ اللهم على نبي الرحمة ، المُبلِّغ الحُجّة محمد بن عبدالله ، وعلى آله الغرّ الميامين القائمين والقاعدين ، سُفنُ النجّا ، وأمانُ الملا ، ورضوانه على الصحابة الراشدين الذين خرجوا من الدنيا وهم على يقين ، ومن تبِعهم بخير وإحسانٍ إلى يوم الدين ، وارض عنّا معهم يا ربَّ العالمين .

=====

تحيّاتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

بسم الله الرحمن الرحيم
أقول ولمزيدٍ من الايضاح نقلت لكم هذا النص فتأملوا فيه بفكر ثاقب

كان الإمام الحسن عليه السلام أحق الناس بالوقوف في موقف أبيه أمير المؤمنين – هذا إن كان لغيره وأخيه أحقية أصلا .. ، ولكن كان من حظه أن يقف ذلك الموقف في وقت اشتدت فيه النزاعات وتكاثرت الفتن ، وكثر الدجالون ، وأبدى المنافقون مكنونات أنفسهم ، وكان أول موقف يقفه خظبته التي قالها عقيب وفاة أبيه سلام الله عليه ، وقال فيها : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون بعمل . لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
فيسبقه بنفسه ؛ ولقد كان يوجهه برايته ، فيكنفه جبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه ؛ ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ؛ والتي توفي فيها يوشع بن نون، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله .
ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه ثم قال : أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير ، أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، والذين افترض الله مودتهم في كتابه ، إذ يقول : ( ومن يقتر فسنة نزد له فيها حسنا ) ، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت .
فلما انتهى إلى هذا الموضع من الخطبة قام عبد الله بن العباس بين يديه ، فدعا الناس إلى بيعته ، فاستجابوا وقالوا : ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة . فبايعوه ، ثم نزل من المنبر . وفي رواية أخرى أن قيس بن سعد بن عبادة قام بعد الحسن فخطب الناس ثم قال : ابسط يدك يا ابن رسول الله أبايعك . فبسطها فبايع ، ثم بايع الناس بعده ، فكان عليه السلام يقول للرجل : تبايع على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، سلم لمن سالمت ، حرب لمن حاربت . فعلموا أنه يريد الجد في الحرب ، فكان أمير المؤمنين أوصاه بذلك عند وفاته . وكانت بيعته عليه السلام يوم الأحد الثاني والعشرين من رمضان سنة أربعين ، ووردت عليه بيعة أهل البصرة والعراقين والحجاز ومكة والمدينة واليمامة والبحرين ، وأقر عمال أبيه عليه السلام أعمالهم وبسط فيهم العدل ، وكان أول شيء أحدثه عليه السلام أنه زاد المقاتلة مائة مائة ، واستقامت له النواحي إلا الشام والجزيرة ومصر . وكانت نيته عليه السلام مجابهة الخارجين عن الطاعة .
وقبل أن يبدأ بقتال أولئك القاسطين على لسان جده المصطفى صلوات الله عليه وآله والفئة الباغية على لسانه أيضا ، أرسل إلى زعيمهم كتابا عله يرجع إلى رشده ، قال فيه : من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فإن الله جل جلاله بعث محمدا رحمة للعالمين ، ومنة للمؤمنين ، وكافة للناس أجمعين ، ( لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ) ، فبلغ رسالات الله ، وقام بأمر الله حتى توفاه الله غير مقصر ولا وان ، وبعد أن أظهر الله به الحق ، ومحق به الشرك ، وخص به قريشا خاصة فقال له : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) . فلما توفي تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد وحقه ، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش ، وأن الحجة في ذلك لهم على من نازعهم أمر محمد ، فأنعمت لهم ، وسلمت إليهم . ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاججت بيت محمد وأولياءه إلى محاجتهم ، وطلب النصف منهم باعدونا واستولوا بالإجماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا ، فالموعد الله ، وهو الولي النصير .
ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا ، وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام ، وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده ، فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الإسلام محمود ، وأنت ابن حزب من الأحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكتابه ، والله حسيبك ، فسترد فتعلم لمن عقبى الدار، وبالله لتلقين عن قليل ربك ، ثم ليجزينك بما قدمت يداك ، وما الله بظلام للعبيد . إن عليا لما مضى لسبيله _ رحمة الله عليه يوم قبض ويوم من الله عليه بالإسلام ، ويوم يبعث حيا _ ولاني المسلمون الأمر بعده ، فأسأل الله ألا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامة ، وإنما حملني على الكتاب إليك الاعذار فيما بيني وبين الله عز وجل في أمرك ، ولك في ذلك إن فعلته الحظ الجسيم ، والصلاح للمسلمين ، فدع التمادي في الباطل ، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي ، فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ ، ومن له قلب منيب . واتق الله ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فو الله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به ، وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك ، ليطفئ الله النائرة _ العداوة _ بذلك ، ويجمع الكلمة ، ويصلح ذات البين ، وإن أنت أبيت ،إلا التمادي في غيك سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك ، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .
فلما قدم رسولا الحسن إلى معاوية دعواه إلى البيعة فلم يجبهما ، وكان جوابه على كتاب الحسن عليه السلام : من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي ، سلام الله عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إلا هو ، أما بعد ، فقد بلغني كتابك ، وفهمت ما ذكرت به محمدا رسول الله من الفضل ، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه ، وصغيره وكبيره . وقد والله بلغ وأدى ، ونصح وهدى ؛ حتى أنقذ الله به من الهلكة ، وأنار به من العمى ، وهدى به من الجهالة والضلالة ، فجزاه الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته ؛ وصلوات الله عليه يوم ولد ، ويوم بعث ، ويوم قبض ، ويوم يبعث حيا ! وذكرت وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتنازع المسلمين الأمر بعده ، وتغلبهم على أبيك ، فصرحت بتهمة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وأبي عبيدة الأمين وحواري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وصلحاء المهاجرين والأنصار ، فكرهت ذلك لك ؛ إنك امرؤ عندنا وعند الناس غير الظنين _ المتهم _ ولا المسيء ، ولا اللئيم ، وأنا أحب لك القول السديد ، والذكر الجميل .
إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ، ولا قرابتكم من نبيكم ، ولا مكانكم في الإسلام وأهله ، فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها ، ورأى صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعوامهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاما ، وأعلمها بالله ، وأحبها له ، وأقواها على أمر الله ، فاحتاروا أبا بكر ، وكان ذلك رأي ذوي الدين والفضل ، والناظرين للأمة ، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة ، ولم يكونوا متهمين ، ولا فيما أتوا بالمخظئين ، ولو رأى المسلمون أن فيكم من يغني غناءه ، ويقوم مقامه ، ويذب عن حريم الإسلام ذبه ، ما عدلوا بالأمر إلى غيره عنه ، ولكنهم علموا في ذلك بما رأوه صلاحا للإسلام وأهله ، والله يجزيهم عن الإسلام وأهله خيرا .
وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح ، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم وأبو بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلو علمت أنك أضبط مني للرعية ، وأحوط على هذه الأمة ، وأحسن سياسة ، وأقوى على جمع الأموال ، وأكيد للعدو ، لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ، ورأيتك لذلك أهلا ، ولكن قد علمت أني أطول منك ولاية ، وأقدم منك بهذه الأمة تجربة ، وأكبر منك سنا ، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني ، فادخل في طاعتي ، ولك خراج أي كور العراق شئت ؛ معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها إليك في كل ولك ، ولك ألا نستولي عليك بالإساءة ، ولا نقضي دونك الأمور ، ولا نعصي في أمر أردت به طاعة الله . أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء ، والسلام .
ثم قال للرسولين :/ ارجعا .. فليس بيني وبينكم إلا السيف .
سنة ؛ الأمر من بعدي ، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما يبلغ ، تحمله إلى حيث أحببت والمتأمل لرسالة معاوية يعرف مدى المغالطة التي كان يحيكها فاللف والدوران في كلامه واضح ، لكن الأعجب هو الألقاب التي كان يستعملها لبعض من سماهم ، ... ربما تلك الألقاب كانت إحدى ابتداعاته .. والمتأمل لكلام الحسن مقارنة بكلام معاوية يعلم لماذا أقول هذا ، والله أعلم !
نعم ؛ أقبل معاوية في ستين ألفا قاصدا العراق ، وبلغ الحسن عليه السلام خبره ومسيره نحوه وأنه بلغ جسرا يدعى جسر منبج ، فتحرك عند ذلك ، وبعث حجر بن عدي فأمر العمل والناس بالتهيؤ للمسير ، ونادى المنادي : الصلاة جامعة ! فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون . وقال الحسن : إذا رضيت جماعة الناس فأعلمني ؛ وجاء سعيد بن قيس الحمداني ، فقال له : اخرج فخرج الحسن عليه السلام ، وصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ؛ فإن الله كتب الجهاد على خلقه ، وسماه كرها ، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين : اصبروا إن الله مع الصابرين ، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون .
بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه ؛ فتحرك لذلك ، أخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا ، ونرى وتروا .
قال : وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له ، قال : فسكتوا فما تكلم منهم أحد ، ولا أجابه بحرف .
فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قال فقال : أنا ابن حاتم ! ما أقبح هذا المقام ! ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم ! أين خطباء مضر أين المسلمون ؟ أين الخواضون من أهل المصر الذي ألسنتهم كالمخاريق _ ما يضرب به من خرقة وغير ذلك _ في الدعة ، فإذا جد الجد فرواعون كالثعالب ، أما تخافون مقت الله ولا عيبها وعارها .
ثم استقبل الحسن بوجهه ، فقال : أصاب الله بك المراشد ، وجنبك المكاره ووفقك لما يحمد ورده وصدره ، قد سمعنا مقالتك ، وانتهينا إلى أمرك ، وسمعنا لك وأطعناك فيما قلت وما رأيت ، وهذا وجهي إلى معسكري ، فمن أحب أن يوافيني فليوافه .
ثم مضى لوجهه ، فخرج من المسجد ودابته بالباب ، فركبها ومضى إلى النخيلة ، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه . وكان عدي بن حاتم أول الناس عسكر .
وقام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ومعقل بن قيس الرياحي وزياد بن صعصعة التيمي ، فأنبوا الناس ولا موهم وحضوهم ، ولاموهم وحرضوهم ، وكلموا الحسن عليه السلام بمثل كلام عدي بن حاتم في الإجابة والقبول ، فقال لهم الحسن عليه السلام : صدقتم رحمكم الله ! ما زلت أعرفكم بصدق النية والوفاء والقبول والمودة الصحيحة ، فجزاكم الله خيرا ثم نزل .
وخرج الناس فعسكروا ، ونشطوا للخروج ، وخرج الحسن إلى العسكر ، واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وأمره باستحثاث الناس وإشخاصهم إليه ، فجعل يستحثهم ويستخرجهم حتى يلتئم العسكر .
وسار الحسن عليه السلام في عسكر عظيم وعدة حسنة . حتى نزل دير عبد الرحمن ، فأقام به ثلاثا حتى اجتمع الناس ، ثم دعا عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، فقال له : يا بن عم ، إني باعث إليك اثني عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر ، الرجل منهم يزيد الكتيبة ، فسر بهم ، وألن لهم جانبك ، وابسط لهم وجهك ، وافرش لهم جناحك ، وأدنهم من مجلسك ، فإنهم بقية ثقات أمير المؤمنين ، وسر بهم على شط الفرات حتى تقطع بهم الفرات ، ثم تصير إلى مسكن ، ثم امض حتى تستقبل بهم بعاوية ، فإن أنت لقيته فاحبسه حتى آتيك ، فإني على أثرك وشيكا ، وليكن خبرك عندي كل يوم ، وشاور هذين – نعني قيس بن سعد وسعيد بن قيس – وإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك ، فإن فعل ، فقاتله ، وإن أصبت فقيس بن سعد على الناس ، وإن أصيب قيس بن سعد فسعيد بن قيس على الناس .
فسار عبيد الله حتى انتهى إلى شينور – صقع بالعراق - ، حتى خرج إلى شاهي – اسم مكان قريب من القادسية – ثم لزم الفرات والفلوجة – اسم قرية من سواد بغداد والكوفة قريبة من عين التمر _ ؛ حتى أتى مسكن – اسم مكان على نهر دجيل - ، وأخذ الحسن على حمام عمر حتى أتى دير كعب ، ثم بكر فنزل ساباط دون القنطرة ، فلما أصبح نادى في الناس : الصلاة جامعة ! فاجتمعوا ، فصعد المنبر فخطبهم فقال : الحمد لله كلما حمده حامد ، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، أرسله بالحق ، وائتمنه على الوحي ، صلى الله عليه وآله وسلم . أما بعد ، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح خلقه لخلقه ، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ، ولا مريد له بسؤء ولا غائلة . ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة ، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم ، فلا تخالفوا أمري ، ولا تردوا علي رأيي . غفر الله لي ولكم ، وأرشدني وإياكم لما فيه محبته ورضاه ، إن شاء الله ! ثم نزل .
وهنا تكرر ما حدث يوم رفع المصاحف ، إذ نجمت فرقة جديدة من أولئك الذين ملأ الجهل صدورهم ، والذين يسهل على ألسنتهم نبز أي إنسان بأنه كافر حتى ولو كان ابن رسول الله ، أولئك الذين قتلوا أمير المؤمنين بعد أن جرعوه الألم والغصص ، أولئك يأتون من جديد ليسقوا الإمام الحسن عليه السلام من نفس الكأس الذي سقوا منه أباه عليه السلام فما أن نزل إلا ونظر الناس بعضهم إلى بعض ، وقالوا : ما ترونه يريد بما قال ؟ قالوا : نظنه يريد أن يصالح معاوية ويكل الأمر إليه ، كفر والله الرجل ! ثم شدوا على فسطاطه . فانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته ؛ ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي ، فنزع مطرفه عن عاتقه ، فبقي جالسا متقلدا سيفا بغير رداء ، فدعا بفرسه فركبه ، وأحدق به طوائف من خاصته ومنعوا منه من أراده ، ولا موه وضعفوه لما تكلم به ؛ فقال : ادعوا إلي ربيعة وهمدان ، فدعوا له ، فأطافوا به ، ودفعوا الناس عنه ، ومعهم شوب _ أخلاط _ من غيرهم ، فلما مر في مظلم ساباط _ اسم مكان قرب المدائن _ ، قام إليه رجل من بني أسد ، ثم من بني نصر بن قعين يقال له جراح بن سنان ، وبيده معول ، فأخذ بلجام فرسه ، وقال : الله أكبر ! يا حسن أشرك أبوك ، ثم أشركت أنت . وطعنه بالمعول ، فوقعت في فخذه ، فشقته حتى بلغت أربيته _ أصل الفخذ _ ، وسقط الحسن عليه السلام إلى الأرض بعد أن ضرب الذي طعنه بسيف كان بيده ، واعتنقه ، فخرا جميعا إلى الأرض ؛ فوثب عبد الله بن الأخطل الظائي ، ونزع المعول من يد جراح بن سنان ، فخضخضه به ، وأكب ظبيان بن عمارة عليه ، فقطع أنفه ، ثم أخذا له الآجر فشدخا رأسه ، ووجهه حتى قتلوه .
وحمل الحسن عليه السلام على سرير إلى المدائن ، وبها سعيد بن مسعود الثقفي واليا عليها من قبله ، وقد كان علي عليه السلام ولاه المدائن فأقره الحسن عليه السلام عليها ، فأقام عنده يعالج نفسه . فأما معاوية فإنه وافى حتى نزل قرية يقال لها الحلوبية بمسكن ، وأقبل عبيد الله بن عباس حتى نزل بإزائه ، فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله فيمن معه فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم ؛ فلما كان الليل أرسل معاوية إلى عبيد الله بن عباس أن الحسن قد راسلني في الصلح ، وهو مسلم الأمر إلي ، فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا ، و إلا دخلت وأنت تابع ، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم ، أعجل لك في هذا الوقت نصفها ؛ وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر ؛ فانسل عبيد الله إليه ليلا ، فدخل عسكر معاوية ، فوفى له وعده ، وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله أن يخرج فيصلي بهم ؛ فلم يخرج حتى أصبحوا ، فطلبوه فلم يجدوه ، فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة ، ثم خطبهم فثبتهم ، وذكر عبيد الله فنال منه ، ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو ، فأجابوه بالطاعة وقالوا له : انهض بنا إلى عدونا على اسم الله ، فنزل فنهض بهم .
وخرج إليه بسر بن أرطأة فصالح إلى أهل العراق : ويحكم ! هذا أميركم عندنا قد بايع وإمامكم الحسن قد صالح ،فعلام تقتلون أنفسكم !
فقال لهم قيس بن سعد : اختاروا إحدى اثنتين : إما القتال مع غير إمام ، وإما أن تبايعوا بيعة ضلال ، فقالوا : بل نقاتل بلا إمام ، فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم . فكب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنيه ، فكتب إليه قيس : لا والله لا تلقاني أبدا إلا بيني وبينك الرمح . فكتب إليه معاوية حينئذ لما يئس منه : أما بعد ؛ فإنك يهودي ابن يهودي ، تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك ؛ فإن ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وغدرك ، وإن ظهر أبغضهم إليك نكل بك وقتلك ؛ وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ، ورمى غير غرضه ؛ فأكثر الحز وأخطأ المفصل ، فخذله قومه ، وأدركه يومه ، فمات تحوران طريدا غريبا . والسلام .
فكتب إليه قيس بن سعد : أما بعد ؛ فإنما أنت وثن ابن وثن ، دخلت الإسلام كرها ، وأقمت فيه فرقا _ خوفا _ ، وخرجت منه طوعا ؛ ولم يجعل الله لك فيه نصيبا ، لم يقدم إسلامك ، ولم يحدث نفاقك ؛ ولم تزل حربا لله ولرسوله ، وحزبا من أحزاب المشركين ، وعدوا لله ولنبيه وللمؤمنين من عباده _ وذكرت أبي ، فلعمري ما أوتر إلا قوسه ، ولا رمى إلا غرضه ، فشغب عليه من لا يشق غباره ، ولا يبلغ كعبه ؛ وزعمت أني يهودي ابن يهودي ، وقد علمت وعلم الناس أني وأبي أنصار الدين الذي خرجت منه ، وأعداء الدين الذي دخلت فيه ، وصرت إليه . والسلام .
فلما قرأ معاوية كتابه غاظه ، وأراد إجابته ، فقال له عمرو : مهلا ، فإنك إن كاتبته أجابك بأشد من هذا ؛ وإن تركته دخل فيما دخل فيه الناس فأمسك عنه .
قال : وبعث معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة إلى الحسن للصلح ، فدعواه إليه ، فزهداه في الأمر ، وأعطياه ما شرط له معاوية ، وألا يتبع أحد بما مضى ، ولا ينال أحد من شيعة علي بمكروه ، ولا يذكر علي إلا بخير ، وأشياء شرطها الحسن . فأجاب إلى ذلك ، وانصرف قيس بن سعد فيمن معه إلى الكوفة ، وانصرف الحسن أيضا إليها ، وأقبل معاوية قاصدا نحو الكوفة ، واجتمع إلى الحسن عليه السلام وجوه الشيعة وأكابر أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يلومونه ، ويبكون إليه جزعا مما فعله .
إن صلح الإمام الحسن عليه السلام لم يكن ناتجا عن جبن كما قد يتوهم البعض ، بل سببه تخاذل الناس وطلبهم حطام الدنيا الزائل وخوفهم وجبنهم وغدرهم ، يؤكد هذا قوله عليه السلام لأهل الكوفة بعد الصلح – في المدائن - : يا أهل الكوفة والله لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث لذهلت ؛ لقتلكم أبي ، ولطعنكم فخذي ، وأنتهابكم ثقلي . فكيف يقاتل وبمن ينتصر إن كان من بايعه على أن يكون سلما لمن سلم وحربا لمن حارب أول الناكثين !!!
بلى ؛ كان هناك الرجال الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه من أمثال قيس بن سعد رضوان الله عليه ، لكن وما عساه تغير هذه القلة المؤمنة من حال ألوف .. بعضهم قد أفزعهم تطبيل معاوية ، وبلغت قلوبهم الحناجر من دعاياته الكاذبة ، وبعضهم جهلة خباطوا عمايات ، ينقدح الشك في قوبهم عند أدنى عارض من شبهه .
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ..........

تحياتي ... أستاذنا محمد الغيل ... على إضافتك الحاكية مذهبَ الحسن بن علي في الخروج والدعوة

وأكرر الشكر على حُسن توقيت إنزال الموضوع .

ومن هذه المُداخلة نقتبسُ لُمعاً لا يأبهُ بها البعض مِنَ الباحثين ونربطها بموضوعنا ،فمنها :

[ وقوف الحسن وإظهاره لنفسه أمام النّاس قائلاً ]

أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير ، أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، والذين افترض الله مودتهم في كتابه ، إذ يقول : ( ومن يقتر فسنة نزد له فيها حسنا ) ، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت .

[ بَسط الحسن يَدهُ لمبايعة النّاس ، وعدم تفضيله السكوت وإسدال الستر حالَ وجود الناصر والمُعين ]

أن قيس بن سعد بن عبادة قام بعد الحسن فخطب الناس ثم قال : ابسط يدك يا ابن رسول الله أبايعك . فبسطها فبايع ، ثم بايع الناس بعده ،.

[ حرص الإمام الحسن على التغيير وإنكار المُنكر باليد والخروج على الظَّلمَة ]

فكان عليه السلام يقول للرجل : تبايع على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، سلم لمن سالمت ، حرب لمن حاربت .

[ إشهار الحسن أمر إمْرَتِه للمؤمنين وإمامته بعد أبي عليٍ عليه السلام ]

أرسل إلى زعيمهم كتابا عله يرجع إلى رشده ، قال فيه : من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان.

[ أمير المؤمنين أبي محمد الحسن يُفسّر قعودَ أبيه الحسن عن منازعة مَنْ أخذَ حقّه مِن الصحابة ]

وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده .

[ الإمام الحسن ، يأمرُ معاوية بالدخول في بيعَته ، ويتهدّدُه إنْ هُوَ أبى ، كما وَعظه وحّذّره ، وحثّه على السمع والطاعة]

فدع التمادي في الباطل ، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي ، فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ ، ومن له قلب منيب . واتق الله ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فو الله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به ، وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك ، ليطفئ الله النائرة _ العداوة _ بذلك ، ويجمع الكلمة ، ويصلح ذات البين ، وإن أنت أبيت ،إلا التمادي في غيك سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك ، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .

[ حرص الإمام الحسن على الجهاد والخروج ، وحرصه على تشجيع الأنصار وترغيبهم في الأجر العظيم ]

فخرج الحسن عليه السلام ، وصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ؛ فإن الله كتب الجهاد على خلقه ، وسماه كرها ، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين : اصبروا إن الله مع الصابرين ، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون .

بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه ؛ فتحرك لذلك ، أخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا ، ونرى وتروا .


[ عدي بن حاتم يستنهض النّاس للخروج مع الحسن، ويُحذّرهم الخذلان ، ولاحِظ إشهارهُ لَفْظَةَ الإمامة على الملأ من الجنود والأتباع ]

فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قال فقال : أنا ابن حاتم ! ما أقبح هذا المقام ! ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم ! أين خطباء مضر أين المسلمون ؟ أين الخواضون من أهل المصر الذي ألسنتهم كالمخاريق _ ما يضرب به من خرقة وغير ذلك _ في الدعة ، فإذا جد الجد فرواعون كالثعالب ، أما تخافون مقت الله ولا عيبها وعارها .

[ حرص الحسن الشديد على القتال وإنكار المُنكر ، وذلكَ يتّضحُ من قوله عليه السلام ]

- وهذا وجهي إلى معسكري ، فمن أحب أن يوافيني فليوافه .
ثم مضى لوجهه ، فخرج من المسجد ودابته بالباب ، فركبها ومضى إلى النخيلة ، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه .


- ثم دعا عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، فقال له : يا بن عم ، إني باعث إليك اثني عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر ، الرجل منهم يزيد الكتيبة ، فسر بهم ، وألن لهم جانبك ، وابسط لهم وجهك ، وافرش لهم جناحك ، وأدنهم من مجلسك ، فإنهم بقية ثقات أمير المؤمنين ، وسر بهم على شط الفرات حتى تقطع بهم الفرات ، ثم تصير إلى مسكن ، ثم امض حتى تستقبل بهم بعاوية ، فإن أنت لقيته فاحبسه حتى آتيك ، فإني على أثرك وشيكا .

[ خُطبَة الحسن في النّاس بعْدَ أنْ رأى الخذلان ، والإضطراب في الجيش ]

فلما أصبح نادى في الناس : الصلاة جامعة ! فاجتمعوا ، فصعد المنبر فخطبهم فقال : الحمد لله كلما حمده حامد ، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، أرسله بالحق ، وائتمنه على الوحي ، صلى الله عليه وآله وسلم . أما بعد ، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح خلقه لخلقه ، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ، ولا مريد له بسؤء ولا غائلة . ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة ، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم ، فلا تخالفوا أمري ، ولا تردوا علي رأيي . غفر الله لي ولكم ، وأرشدني وإياكم لما فيه محبته ورضاه ، إن شاء الله ! ثم نزل .

===========

فهذا هُو الحسن بن علي مَعشرَ الإمامية ، هذا هُو المعصوم ، هذا هُوَ القدوة لأئمتكم التسعة !!، آتّقى وأخفى نفسَه ؟ أم أخفى أمرَ إمامته على النّاس ولَم يُشهره على الملا ؟ أمْ توانَى في تجييش الجيوش وجمع الأنصار من كل حدبٍ وصوب؟ أمْ أنّه فضّل إرخاء السّتر والدعوة في المساجد والبيوت بدونِ نصبٍ في جمعْ النّاصر والمُعين ؟ أمْ أنُّه قالَ سأًُقيم الحُجّة على النّاصرِ والخاذل وأنا في بيتي وفي مسجدي ساكتٌ مُرخٍ عليَّ ستري ويكفيني خبر رسول الله فيني كمقيمٍ للحُجّة ؟!

===========

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه يا ربَّ العالمين ، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه ياربَّ العالين .

==========

تحياتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً

الأخوان الكريمان / الكاظم ومحمد الغيل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدر لكما الحيرة التي أنتما فيها ، والتي دفعتكما إلى أن توردا أجوبة مطولة خلت جميعها مما أطالبكم به !!! ولذلك فهي – مع الأسف الشديد – لا حجة فيها !!! .

وحتى لا أبدو مكابراً أمامكما ، وأمام الآخرين هاكم ما تطلبون أئمتنا التسعة المعصومين من نسل الحسين صلوات الله وسلامه عليه :

بسط الفاضل الكاظم مطالباته الآتية من الأئمة التسعة من نسل الحسين عليه السلام كيما يكونوا حجة على الناس فقال :
أنّ نشرَهم للعلم في المدينة وتدريسهم لفطاحلة علماء المسلمين ، يُشكِّكُنا في هل كانوا يُخبرونَ مَنْ يَهدُونَهم ويُعلِّمونهم ، هل كانوا يُخبِرونَهم بأنَّ الأئمة اثني عشر إماماً يجب عليكم أن تطيعوهم أيها النّاس فنحن في هذه الحوزة الدينية نتدارسُ معكم ونهديكم إلى سواء السبيل ، فعلي والحسنين وتسعة من ولد الحسين آخرهم المهدي الغائب المُنتظر ، أئمةٌ نصَّ عليهم الله والرسول واجبةٌ عليكم طاعتهم والإيمان بما أتوا به من علوم ، عندَهم ما تحتاجون إليه إلى يوم القيامة ، فاسمعوا منّي فما أنا إلا هادٍ لكم بإذن الله ، ألا اللهم هل بلّغْت اللهم فاشهدْ .


وهذا يلزمكم أخي الفاضل أن تأتوا بأقوال للإمام علي عليه السلام – بحكم إيماننا جميعاً بأنه حجة الله على عباده – يقول فيها :
" الأئمة ثلاثة ، أنا والحسن والحسين ، يجب عليكم أن تطيعوهم أيها النّاس فنحن في هذه الحوزة الدينية نتدارسُ معكم ونهديكم إلى سواء السبيل ، فأنا والحسنين ، أئمةٌ نصَّ عليهم الله والرسول واجبةٌ عليكم طاعتهم والإيمان بما أتوا به من علوم ، عندَهم ما تحتاجون إليه إلى يوم القيامة ، فاسمعوا منّي فما أنا إلا هادٍ لكم بإذن الله ، ألا اللهم هل بلّغْت اللهم فاشهدْ .

ويجب أن تكون هذه الأقوال صادرة منهم عليهم السلام حال إستضعافهم ، ولما يمكن الله لهم في الأرض بعد . فإن لم تجد – ولن تجد - فقد بطلت مطالباتكم ، وقامت عليكم الحجة والحمد لله .

وطالب الفاضل الكاظم أئمتنا عليهم السلام بالآتي :
وبهذا عرَفنا أنّ هداية الأئمة للنّاس وإتمام حُجّتهم على من حولهم فقط!! ، مِنْ نَشرٍ للعلوم وتحديثٍ للنّاس ومُناظرةٍ لأهل الباطل ، إنّما كانَ هذا منهم عليهم السلام في أمور التوحيد والفقه والفرائض والسنن والحلال والحرام ، دونَ مسائل الولاء لأهل البيت والتعريف بإمامة وُحجيّة الإثني عشر من أبناء علي عليه السلاّم ، وهذا إخلالٌ منهم بالهداية ، ونقصٌ في حُجّتهم على النّاس عندما لم يُخبروهم بحق أئمتهم عليهم ، وهُنا نجد أنَّ الرُسلَ قد بلّغوا ، ولكن الأئمة المعصومين لم يُبلّغوا ، ولَم يَهدُوا !!

وقد طلبنا من الفاضل الكاظم أن يقيم الدليل على مطالبته هذه بأن يورد لنا ما يماثلها عن الإمام علي والحسنين عليهم السلام حال إستضعافهم ، وهل تعدوا في بلاغاتهم " أمور التوحيد والفقه والفرائض والسنن والحلال والحرام ، دونَ مسائل الولاء لأهل البيت والتعريف بإمامتهم وُحجيّتهم ، وهل هذا إخلالٌ منهم بالهداية ، ونقصٌ في حُجّتهم على النّاس عندما لم يُخبروهم بإمامتهم عليهم ، وهل أهل الكساء المعصومين عليهم السلام لم يُبلّغوا ، ولَم يَهدُوا !!
ولما لم نجد منكم جواباً علمنا بطلان مطالباتكم ، وقيام الحجة عليكم والحمد لله .

وطالب الفاضل الكاظم أئمتنا عليهم السلام بقوله :
وأمّا التسعة من ولد الحسين أئمة الإمامية فلم يَجْهَدوا ولم يُبلِغوا الجَهْد في جمع الأنصار أو إرسال السفارات إلى المُحبين والمُتشيعين كي يستقطبوهم ويحثّوهم على الصدوع والخروج على الظُلمِ والعدوان

وقد طالبتك أخي الكريم أن تورد لنا كيف أن الأئمة الثلاثة أهل الكساء صلوات الله وسلامه عليهم حال إستضعافهم " جْهَدوا وبلِغوا الجَهْد في جمع الأنصار أو إرسال السفارات إلى المُحبين والمُتشيعين كي يستقطبوهم ويحثّوهم على الصدوع والخروج على الظُلمِ والعدوان " !!!!
ولما لم نجد منكم جواباً علمنا بطلان مطالباتكم ، وقيام الحجة عليكم والحمد لله .

وأستطرد الفاضل الكاظم كلامه عن ائمة الأطهار بقوله :
بل آثروا الدعاء في صمتٍ من البداية ، وآثروا نشرَ العلوم الدينية والفقهية والحديثية دونَ أخبارَ الولاية والإمامة كما قد تقرر هذا . ومِنْ هذا فقول القائلين أنّهم كانوا راغبين في الخروج على اعتقادِ الإمامية فقولُه باطلٌ ، إذا كيف يكونُ راغباً ومُحباً أن يتمثلّ بمثال أمير المؤمنين والحسين السبط وهو لا يدعو مَنْ حولَه ، ولا يتألّف قلوبهم ، ولا يُرغبّهم في الخروج ولو في الخفاء ، إلى أن تقوى الشوكة فيُعلنَ الخروج على الملأ

وهنا أطالبكم أخي الكريم أن توردوا لنا ولو شبه دليل على أن الثلاثة أهل الكساء صلوات الله وسلامه عليهم عملوا بخلاف ذلك طوال فترة إستضعافهم .
فإن لم تجدوا – ولن تجدوا – فيثبت تبعاً لذلك أن الأئمة الأطهار من نسل الحسين صلوات الله وسلامه عليهم قد ساروا سيرة أجداهم المعصومين عليهم السلام ، وتبطل تبعاً لذلك حجتكم والحمد لله .

ثم إستطرد الفاضل الكاظم نيله من الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم بقوله :
لون الإقتباس
أنّ الأئمة المعصومين لو كانوا راغبينَ أن يتمثّلوا بِمثالِ جدّهم رسول الله في خروجه على الفساد ، وأن يقتدوا بمثالٍ جدهم علي بن أبي طالب عليه السلام في خروجه الناكثين والمارقين والقاسطين ، لخرجوا من ديارِهم طلباً للناصر والمُعين ، لهاجروا كما هاجرَ محمد بن عبدالله من مكةَ إلى الطائفِ طلباً للمعينِ والنّاصر ، وكما هاجرَ محمد بن عبدالله إلى يثرب طلباً للناصر والمعين على أمر الدين ، ومِنْ هذا فقول القائلين أنّهم كانوا راغبين في الخروج على اعتقادِ الإمامية فقولُه باطلٌ ، إذا كيف يكونُ راغباً ومُحباً أن يتمثلّ بمثال أمير المؤمنين والحسين السبط وهو في بيته وفي مسجده وفي حلقات العلم جالس مُرخٍ عليه سترَه .

وطالبناه بدليل على أن الثلاثة أهل الكساء صلوات الله وسلامه عليهم حال إستضعافهم الذي إمتد خمسة وعشرون عاماً " خرجوا من ديارِهم طلباً للناصر والمُعين ، وهاجروا كما هاجرَ محمد بن عبدالله من مكةَ إلى الطائفِ طلباً للمعينِ والنّاصر ، وكما هاجرَ محمد بن عبدالله إلى يثرب طلباً للناصر والمعين على أمر الدين " !!! خاصة بعد أن عهد الأول للثاني بالخلافة ، وتشطرا ضرعيها !!! وكان – وما زال – أهل اليمن أشد الناس تشيعاً لأمير المؤمنين عليه السلام .
ولما لم نجد لكم جواباً – ولن نجد - علمنا أن سيرة أئمتنا عليهم السلام هي سيرة آبائهم عليهم السلام ، وعلمنا بطلان حججكم على الأئمة الأطهار عليهم السلام والحمد لله .

وفيما يخص إمام الرأي أبي حنيفة النعمان فسأكتفي بالرد على خلاصة قولك أخي الكريم ، إذ تفاصيلها قد سبق الرد عليها فراجع .
قلت :
فَمِنْ هذه الوجوه الأربعة نستنتج ونستخلص أنَّ الإمام الصادق على مذهب الإمامية لم يخرج ولم يدعُ إلى نفسه ولم يهدِ مَنْ أتاهُ يأخذُ عنه ويتعلَّمُ على يديه إلى الولاء الإمامي الإثني عشري . وهذا أمرٌ جلل !! لاندري بعدّه أيُ وظيفة ودورٌ للإمام المعصوم على الأرض ؟!

وستدركون أخي الكريم دور الإمام تمام الإدراك إذا ذكرناكم مرة أخرى بسيرة الأئمة الأطهار أهل الكساء صلوات الله وسلامه عليهم طوال فترة إستضعافهم فهم " لم يخرجوا ولم يدعُوا إلى أنفسهم ولم يهدِوا مَنْ أتاهُم يأخذُ عنهم ويتعلَّمُ على يديهم إلى الولاء الإمامي لهم . فهل هذا أمرٌ جلل ؟؟؟!! ولاتدرون بعدّه أيُ وظيفة ودورٌ للإمام المعصوم على الأرض ؟؟؟!!! أم أنكم أدركتم بطلان حجتكم ؟؟؟ !!! ".

وجاء في بيانكم أن أئمتنا عليهم السلام خالفوا جدهم أمير المؤمنين عليه السلام عندما قلتم عنه :
فالحق أنَّ الإمام علي عليه السلام ، كانَ يُبصِرُ بعينِ الحِكْمَة في ذلك الموقف ، فالإسلام بُعَيْدْ موت الرسول صلوات الله عليه وعلى آله ، كانَ يعيش أسوأَ المواقف ، الأعراب الذين آمنوا ولم تطمئن قلوبهم بالإيمان ارتدّوا وشقّوا عصا الطّاعة ، الإنشقاقات الحاصلة بين المهاجرين والأنصار ساعَة السقيفة وما ولّدت من إحنٍ ومِحنْ ، الحساسيات التي كانَتْ بين بني هاشم وبين أبو بكرٍ وعُمر بن الخطّاب ، تلك الإضطرابات التي حصلَتْ في جيش أسامة بن زيد عندما رفضَ الطَاعة لأبي بكر ، كُلُّ هذا كان كفيلٌ بأنْ يتجشّم الإمام علي عليه السلام الصّبر وألاّ يقوم ويُنازعُ هذا وذاك ، فقالَ مقولته المشهورة لفاطمة عليه السلام عندما طلبتْ منه القيام بأنْ لو قمت لما قامَ للإسلام قائمة !! أو بما معنى كلامه عليه السلام ، فالإمام علي كان يعلمُ عِلْمَ اليقين بأنَّ خروجه سيفتحُ الباب على مصراعيه للحركات المتربصة بالمسلمين من المنافقين واليهود ومُسْلِمَة الفتح أمثال أبو سفيان ومَنْ معه، وبذلك ينهدّ ركن الإسلام ، فقالَ عليه السّلام: لأسالمنَّ ما سَلِمَت أمور المسلمين .

وأقول :
نسلم لكم كل التسليم ما أوردتموه ، ونوافقكم عليه جملة وتفصيلاً ، مع مراعاة أن هذا الأمر يصح تماماً عقيب السقيفة والفلتة التي تمت فيها !!!.
فماذا عن قول وفعل الإمام علي عليه السلام حينما أدلى الأول بالخلافة إلى الثاني ، وتشطرا ضرعيها ، والإمام علي عليه السلام صابر وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، لما يرى تراثه نهباً !!!
ففي ذلك الحين قد إستقرت أمور الإسلام والمسلمين كما لا يخفى ، فهل دعى الإمام علي عليه السلام إلى نفسه ، وبين للناس أنه الإمام المنصب من الله ورسوله وهو يرى أن الشورى التي زعموها قد إنقلبت عهداً من السابق لللاحق ؟؟؟
أليسما الإمام علي عليه السلام هو الواصف لهذا الأمر بقوله " فصيرها لعمر الله في حوزة خشناء ، يصعب كلمها ، ويخشن مسها ، ويكثر العثار فيها ، ويقل الإعتذار منها ، فراكبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحم ، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس ، وتلون وإعتراض ، فصبرت على طول المدة ، وشدة المحنة " ؟؟؟
فهل صبر أمير المؤمنين عليه السلام ام أنه خرج مؤلباً شيعته وجامعاً أنصاره – في اليمن وغيرها - وهو يرى الخليفة الثاني يعيث فساداً في شرع الله بالتبديل والتغيير ؟؟؟ !!!
وهل فعل شيئاً مما تطالبون أئمتنا المعصومين به ، وهو يرى الثاني قد جعلها شورى خبيثة في ستة و زعموا ان الإمام عليه السلام أحدهم ، فيا لله وللشورى ، متى إعترض الريب فيه مع الأول منهم ، حتى صار يقرن إلى تلك النظائر ؟؟؟ .
أليسما الإمام علي عليه السلام هو القائل هنا " ولكني أسففت مع القوم إذ أسفوا ، وطرت معهم إذ طاروا ، فصغى رجل منهم لضعنه ، ومال الآخر لصهره مع هن وهن !!! " ؟؟؟
وقد شهد لنا الموافق والمخالف ما فعله الخليفة الثالث من موبقات ، وتوليته بني أمية الأنجاس على رقاب المسلمين حتى جعلوهم لهم خولا !!!
فهل صبر أمير المؤمنين عليه السلام ام أنه خرج مؤلباً شيعته وجامعاً أنصاره – في اليمن وغيرها - وهو يرى الخليفة الثالث يعيث فساداً في شرع الله وعباد الله ؟؟؟ !!!

فإن قلت أنه صبر – وليس لكم إلا أن تقولوا كذلك – فقد ثبت أن لأئمتنا عليهم السلام قدوة وإسوة بجدهم أمير المؤمنين عليه السلام ، وأن ما تحتجون به باطل والحمد لله .

ومرة أخرى نجد الفاضل الكاظم يقول :
وقد تكلّمنا عن حال المعصومين وحول عدم رغبتهم في اجتماع الناصر من حولهم ( على مذهب الإمامية )

وأغرب ما في هذا القول أمران :
الأول : نسبة القول - بعدم رغبة الأئمة عليهم السلام في إجتماع الناصر من حولهم – إلى مذهب الإمامية ، والحال أن هذا القول من قول الزيدية لا الإماميه !!!
والثاني : هاهو أحي الكريم يستشهد بقول الإمام علي عليه السلام " لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها " ، وهو واضح المعنى في أنه لولا تدافع الناس لبيعته عليه السلام حتى لقد وطيء الحسنان عليهما السلام ، وشق عطفاه ، لولا ذلك لتركهم في غيهم يعمهون ، فما دنياهم عنده إلا كعطفة عنز !!! .
وهنا لي سؤالين هما :
الأول : هل تحصل أمير المؤمنين عليه السلام على الناصر هنا بالخروج والدعوة إلى نفسه ؟؟؟ أم بتدافع الناس إليه ؟؟؟
والثاني : أما كان الإمام عليه السلام راغباً عنهم برغم تدافعهم إليه ، زاهداً في بيعتهم ، وأن دنياهم عنده لا تساوي عطفة عنز ؟؟؟
فإن قلتم نعم – ولا بد لكم أن تقولوا نعم – فلأئمتنا عليهم السلام – بفرض صحة قولكم - قدوة بجدهم صلوات الله وسلامه عليه ، ويبطل بذلك إحتجاجكم والحمد لله .

وقال الفاضل الكاظم مستنتجاً :
إذاً ومن هذا نستنتج أنَّ الإمام علي عليه السلام إنّما سكتَ لأنَّ أمور المسلمين في وقته كانت مُستقرّة أو إلى الإستقرار أقرب

وأقول :
نحن نذهب إلى أن أمير الؤمنين سالم عندما رأي بيضة الدين مهددة بعد فلتة السقيفة ، وكان لا بد من المسالمة لتسلم أمور الإسلام والمسلمين .
أما بعد أن زالت الأخطار على دين الله فقد وصف أمير المؤمنين عليه السلام فترة الخليفة الثاني وصفاً بليغاً جداً بين فيه عكس دعوى من يقول بأن حال المسلمين وقتها كان مستقراً أو أقرب إلى الإستقرار ، فقال عليه السلام " فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا ويَخْشُنُ مَسُّهَا ويَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا والاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وشِمَاسٍ وتَلَوُّنٍ واعْتِرَاضٍ فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وشِدَّةِ الْمِحْنَةِ " .

ومرة أخرى نطرح التساؤل الأبدي :
فهل صبر أمير المؤمنين عليه السلام ام أنه خرج مؤلباً شيعته وجامعاً أنصاره ؟؟؟
فإن قلتم أنه عليه السلام صبر – ولا بد لكم من ذلك – قلنا لكم فلأئمتنا عليهم السلام في صبرهم قدوة بجدهم أمير المؤمنين عليه السلام ، وتبطل كل حجة تدعي خلاف ذلك والحمد لله .

وفيما يخص إحتجاج الفاضل الكاظم بموقف الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه قال :
نعَم قد سكتَ الإمام الحسن عليه السلام واتجّه إلى إنكار المنكر بالقلب واللسان وباليد حال التمكّن ، ولِكنْ بعدَ ماذا ؟ بعدَ أنْ قامَ واخطتبَ في النّاس وأعلنَ إمامته وزعامَته ، بعدَ أنْ أرسلَ الرسول تلو الرسول والسفارة تلو السفارة إلى قبائل العرب يستحثّهم على نصرته على عدوّهم وعدوّه معاوية بن أبي سفيان ، بعدَ أنْ أبلَغ الجهد في الدعوة إلى نفسه ، إذاً فأبا محمدٍ قدْ أقامَ الحُجّة على الخاذل ، ولا ينبغي أنْ يُقال لِمَ لم يُهَاجر طلباً للناصر والمُعين ، لأنّا سنقول بأنَّ دعوته وحركته وحربه ضدّ معاوية قدْ عَلِمَ بها أمة لا إله إلاَّ الله ، فلم يُجبْه إلاَّ النّفر القليل فلو كانَ أحدٌ ناصِرُه لحضرَ وجاهَدَ بين يديه أيّام مِحنته مع جنوده التي لا تخفى على أهل التواريخ ، فعندما وجدَ الحسن عليه السلام خذلان الناس وعدم توفّر النّاصر آثرَ السكوت والجلوس والرجوع إلى المدينة المنوّرة ، فلا سواؤ بين الحسن وبين أئمة الإمامية المعصومين التسعة ، إذ أنّه لم يحصل منهم دعاء ولا تنصيبٌ لأنفسهم ، ولا استقطاب الأنصار وجمعهم وترغيبهم بالمناصرة ، ولا الهِجرةُ لطلب النّاصر في أصقاع الأرض .

والجواب :
قد علمنا أن كل ذلك كان من الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه حال مبايعته ، وحال التمكين له .
فماذا عما تلا ذلك من صلحه عليه السلام مع إبن آكلة الأكباد لعنة الله عليه وقد رآه يضع تحت قدميه النجستين كل شروط الإمام الحسن عليه السلام ؟؟؟
هل صبر الإمام عليه السلام عشر سنوات كاملة إلى أن قابل ربه ؟؟؟ أم تراه هاجر في أصقاع الأرض داع إلى نفسه ، مؤلباً من يناصره على من جعل الخلافة ملكاً عضوضاً ، وسن سنة لعن أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر ، وطارد شيعة أهل البيت عليهم السلام وقتلهم تحت كل حجر ومدر ؟؟؟
فإن قلتم أنه عليه السلام صبر – ولا بد لكم من ذلك – فنقول ، فلأئمتنا عليهم السلام قدوة بجدهم الحسن عليه السلام ، وتبطل بذلك حجتكم والحمد لله .

وفيما يخص إحتجاج الفاضل الكاظم بموقف الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه قال :
فأمّا أبو عبدالله الحسين ، فقد أقام الحُجّة عليكم معشر الإمامية في هذا الشأن ، فقدْ سكتَ حالَ عدم توفّر النّاصر والمُعين معَ رَغبته الشديدة في التغيير والإنكار لفعل يزيد الطاغية ، ولكنّ الحُجّة لم تَفُم بتوفّر الناصر والمُعين ، فماذا فعلَ أبو عبدالله عليه السلام عندما وَصَلَته بيعات أهل الكوفة وما حولها ؟ أَسكتَ وقالَ لستم لنا بشيعة خذلتم أبي علي وأخي الحسن ؟! أو قال اذهبوا فقد آثرتُ البقاء كي لا يندثرَ دين الإسلام بقتلي وبموتي ؟! أو قالَ لهم اذهبوا فقد آثرتُ تدريس النّاس علوم دينهم واقتديتُ بفعل أبي علي حالَ سكوته في عهد الثلاثة!! ، واقتديت بفعل أخي الحسن حال مصالحته لمعاوية !! أمْ أنّه استمعَ لأولئك النّاصحين له بعدم الخروج ، المُحذّرين له من الغدْر الكوفي ؟! أم أنّه احتسَبَ نفسه قائماً في سبيل الله مُتمّا لحُجّة طوّقَت عُنُقَه بتوفّر الناصر والمُبايِع على الإصلاح لأمر أمة جدّه وإنقاذهم من براثن الطُغاة ، ولا شكّ في الأخيرة ، فأين الإقتداء من المعصومين بفعلِ جدّهم أبي عبدالله الحسين عليه السّلام ، أسَكَتُوا ثّم خرجوا ، أسكتوا إلى أن تشتدّ شوكتهم ثم أعلنوا الخروج في وجه الظُلم ، أأجابوا مَنْ أرادوا بيعتهم أم حرّقوا كُتُبَهم واعتذروا منهم؟! فيا لله رَغْمَ التشيّع المُفرِط لأبي عبدالله مِن قِبَلِكم معشر الإمامية إلاّ أنّكم لم تفقهوا معنى دعوته .

والجواب :
أما أن الشيعة الإمامية لم يفقهوا معنى دعوة أبي عبدالله الحسين عليه السلام ، فهي لعمري دعوى تضحك الثكلى !!!
إن لم يكونوا هم من يفهم دعوة أبي عبدالله الحسين عليه السلام ولهم فيها مؤلفات بالمئات ، تدرس حركة الإمام الحسين عليه السلام دراسات معمقة من جميع الجوانب ، وأتوا فيها بمعانٍ سامية ، وقيم عالية لحركة أبي عبدالله عليه السلام ، كما لم يأتِ أحد قط من المسلمين .
وإن لم يكن الإمامية هم من فهموا معنى دعوة الحسين عليه السلام فمن إذاً فهمها ؟؟؟
أهم الزيدية وهم لا يكادون يذكرون إسمه إلا قليلاً ؟؟؟
أهم الزيدية وذكرى مقتله عليه السلام يمر عندهم دون أن تنبس شفاههم بحرف واحد تجاه هذه المظلومية العظيمه ؟؟؟
أهم الزيدية ولم نجد لهم دراسة علمية واحدة – وإن وجد فهو أقل من القليل – عن حركة أبي عبدالله عليه السلام ؟؟؟
أهم الزيدية وهم يستنكفون أن يعلنوا على الملأ مافعله يزيد لعنة الله عليه بسبط رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ، بل وصل الأمر ببعضهم أن يمتعض لسماعه من يلعن قاتل الحسين عليه السلام !!!
تلك لعمري – كما أسلفت – دعوى تضحك الثكلى !!!

وبعد ،
فهذا أبي عبدالله الحسين عليه السلام قد أتته مئات الرسائل من أهل العراق تدعوه إلى القدوم ليكونوا أنصاره وأعوانه لحرب الملعون يزيد بن معاويه .
ولي هنا أن أسألكم أخي الكريم :
هل بادر الحسين صلوات الله عليه بدعوة أهل العراق لبيعته أم جاءته الكتب منهم إبتداءً ؟؟؟
وهل بادر الحسين صلوات الله عليه بتلبية دعوة أهل العراق بمجرد تلقيه كتاباً أو كتابين أو حتى عشرة ، أم أنه تمهل إلى أن بلغ ما وصله من كتب القوم المئات ؟؟؟
وهل بادر الحسين صلوات الله عليه بلبية دعوة أهل العراق بعد أن بلغت المئات ؟؟؟ أم أنه أرسل مسلم بن عقيل سلام الله عليه ليستوثق من الأمر ؟؟؟
وهل بادر الحسين صلوات الله عليه بالخروج إلى العراق إلا بعد أن جاءه رسول مسلم بن عقيل بأن أقدم ؟؟؟

إن قلتم نعم – ولا بد لكم من ذلك – فنقول فعليكم أن تثبتوا حالة كهذه توفرت للأئمة التسعة المعصومين من نسل الحسين عليه السلام لنسلم لكم بالحجه .
وإن لم تفعلوا – ولن تفعلوا – فقد سقطت حجتكم والحمد لله .

وقال الفاضل الكاظم :
ومعَ هذا وذاكَ من المُخالفات والمُفارقات الدعوية بين التسعة من ولد الحسين وبين الثلاثة من سلفهم علي والحسنين ، وبعْدَ التنازلُ لكم معشر الإمامية المُصَحَبِ بعدمِ الإقتناع باقتداء التسعة بالثلاثة في السكوت ، فإنّ هناك مفارقات الإكتتام المُفْرِط مِنْ قِبَل التسعة ، والذي لم يوجَد عند الثلاثة ، ونعني بالإكتتام اكتتام خبر إمامتهم وعدم السعي في نشرِه بين النّاس ، فهذا عليٌ يحتجٌ أمام كبار كبار الصحابة من الأنصار والمهاجرين البدريين وغير البدريين بتولية الرسول له يوم الغدير ، ويحتج على أبي بكر ، وفاطمة تخرجُ وتُعلن أحقية زوجها علي عليه السلام بأمر الخلافة بعد الرسول ، والحسن يختطبُ بعد موت أبيه ويُجيبه الجم الغفير ، والحُسين يخرجٌ مٌطالباً بالإصلاح والتغيير مُعلناً نفسه أمام الملأ من المُسلمين ، فأين الإقتداء يا أُولي النُهى أبالسكوت وإرخاء الستر نقولُ اقتدّوا ، وفي الإِشهار للحُجيّة وبِخبر الإمامة لأنُفُسهِم نقولُ كيتَ وكيتْ !! فرَحمَ الله العقول المُهلِكاتُ المُنجياتْ .

وأقول :
قد بينا والحمد لله إقتداء الأئمة التسعة من نسل الحسين بآبائهم وأجداهم صلوات الله عليهم القذة شبراً بشبر ، وذراع بذراع والحمد لله .
وقد بينا أن كل ما أوردته أخي الكريم من إحتجاجات أهل الكساء صلوات الله وسلامه عليهم لم يكن إلا حال التمكين لهم ، فخطبة الإمام علي عليه السلام أمام كبار الصحابة من الأنصار والمهاجرين البدريين وغير البدريين بتولية الرسول له يوم الغدير كان في الكوفة حال توليه أمور الخلافه كما لا يخفى .
كما أن خطبُة الإمام الحسن صلوات الله عليه بعد موت أبيه عليه سلام الله فكان بعد أن أوصى له أمير المؤمنين له بالخلافة ، وبعد أن بايعه الحاضرون جميعاً كما لا يخفى .
وأما خروج الإمام الحسين عليه السلام فللتو قد بينا وجه الحق فيه والحمد لله .

وأخيراً وجدت الفاضل الكاظم يقول :
وإن قد تقرر ماذكرناه في رسالتنا ، فإنه لا عذرَ للحُجج والشُهداء على النّاس المنصوص عليه من رب العالمين ورسول رب العالمين ، فلا عُذرَ لهم عن الخروج وعن فِعلِ مُسببات الخروج كجمع النّاصر وتمكين الإمكانات ، وعن إشهار النصوص في الملأ من النّاس، على الأقل أن ينشروه في أهل المدينة ، وأيضاً نقول إنّما ألزمنا وجوبَ هذا الفِعل منهم ، لأنّهم الشهداء علينا يوم القيامة، والحُججَ علينا ! فيا ذا اللّب السّوي ما رأيكَ فيمنَ يقول بأنَّ الشهيد علينا بين يدي ربنا غداً، لايجب عليه الإبلاغ والدعوة والخروج ، ثم يقول لا يجب عليه جمع النّاصر والمُعين ، ثم يقول لايجب عليه إشهار النّص وإعلانه على الملأ من النّاس ، ثمّ يقول أنَّ جميع الدّارسين على يد المعصومين من علماء الأمة المُبرزين جحدوا حقّ الأئمة عندما أخبروهم بالنصّ الإثني عشري ؟! ثمّ يقول بأنّهم حُجج الله وشهداءه على هذه الأمة ؟! وأنّ مَنْ مات غيرُ موقنٍ بهم فميتته جاهليّة ؟!

والجواب :
دعوى الخروج ، وفعل مسبباته كجمع الناصر .
ودعوى إشهار النص في الملأ في الناس .
هما إدعاءان لم يثبت عليهما أي دليل كما أسلفت .
وحيث لا دليل فالدعوى باطله والحمد لله .
وعلى ذلك فلا إلزام على الأئمة المعصومين عليهم السلام غيما أردتم إلزامهم به والحمد لله .


وأخيراً
فيما يخص إيراد الفاضل محمد الغيل وتعليق الفاضل الكاظم عليها ، من خطب ومراسلات للإمام الحسن صلوات الله عليه فهو والحمد لله حجة عليكم لا لكم .
ولتدركوا ما أرمي إليه أطلب منكما أن تنتزعوا لي من خطب الإمام الحسن عليه السلام ، ومن مراسلاته أمرواحداً هو :
هل أنه دعى إلى نفسه إبتداءً بأنه الإمام المنصب من الله عز وجل كما نؤمن جميعاً ، وهل أنه أشهر النص على أهل الكساء صلوات الله عليهم ، فإن لم تجدوا – ولن تجدوا – فقد ثبت قولنا أن الإمام مدلول عليه من الله ورسوله ، وليس عليه أن يدعو إلى نفسه ، والحمد لله .

وهذا خبري ولا جاكم شر

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

وصل خيركم ... الدكتور الفاضل العولقي ....

واتّضحَ موضع الخلل ....

فانتظروا خيرنا ....

====

تحيّاتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“