الى الدكتور عبد الملك العولقي: الدعوة والإمام زيد بن علي(ع)

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

بسم الله الرحمن الرحيم
من خلال طرحك أخي الكريم
ظهر أن في حياة الامام علي من منظوركم
حالة ركود وتجمد تام وهذه الحالة استمرة لمدة من الزمن منذ يوم السقيفة والى أن قتل الثالث .
ثم ظهر في حياته حالة آخرى هي حالة القيام بالامر والنهوض بالواجب الديني .
الى أن قتل الامام وذهب شهيدا
ولي هنا تعليق
ألم يرفض الامام مبايعة أبي بكر ؟
ألم يحتج عليهم وأرسل رسله عمار وأبو ذر وقام في المسجد أكثر من ثلاثة عشر صحابيا يطالبون ببيعة أمير المؤمنين ؟؟؟؟؟؟
حتى ألزم الامام علي أعداء الله الحجة ونتقصوا من أمر الامام وأرغموه على البيعة بعد ستة أشهر من موت رسول الله وعندنا أنه لم يبايع البتة ؟؟؟؟؟؟؟
ثم ألم يكن هو المرجع المهيمن على أمر الفتوى وكان يرد على الثلاثة أحكامهم المحرفة ؟؟؟؟
حتى شهد له الدلام بقولته المشهورة لولا علي لهلك عمر وقوله لا أبقاني الله في أرض ليس فيها أبوالحسن ؟؟؟؟؟؟؟
ألم يكن يدخل على نعثل ويقرعه بالمواعظ وينصحة بالزواجر ويهدده بالوعيد والنار والجحيم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أفق بالله عليك أخي الكريم
=================
وتولى الحسن وبايعة الناس وقام بالامر الى أن خذل من خذله وتركة من تركة
فظهرت في حياته أيضا حالة ركود وتجمد تام الى أن سم ومضى شهيدا
وبقي الحسين وحيدا فريدا ملتزما بالصلح الذي جرى بين أخيه الحسن وبين معاوية هذه الفترة فترة جمود وركود وتجمد
ثم جاءت كتب أهل العراق بعد موت معاوية فقام بلامر وأجاب أهل العراق
وهنا نقاط لابد من الكشف عنها
الاولى: أن الامام الحسين رفض أن يبايع يزيد اقتدائا بأبيه علي لكن الامام علي بن الحسين بايع فلماذا لم يتأسى بفعل أبيه وجده ؟؟ فيزيد هو يزيد قبل قتل الحسين وبعد قتله
الثانية: أن البيعة قد عرضة على زين العابدين فرفض وفضل حالة الركود وقبلها الحسن بن الحسن وقام بالامر مقتديا بجده علي وبعمه وأبو زوجته الحسين بن علي وهنا أورد لك دليل أرجو أن تتقبله بصدر رحب.
لما سمع مولانا علي بن الحسين زين العابدين وإمام الساجدين أبو محمد الباقر قبول مولانا الحسن بالبيعة كان ممن يواصلون الإمام بالنصح والدعاء له بالتثبيت فقد جاء في الصحيفة السجادية في دعاء يوم عرفة ما نصه/
أللَّهُمَّ إنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ بِإمَام أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ وَّمَنارَاً فِي بِلاَدِكَ، بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إلَى رِضْوَانِكَ، وَافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَالانْتِهَآءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَأَلاَّ يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلاَ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اللاَّئِذِينَ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وَبَهَآءُ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَأَعِنْهُ بِرُكْنِكَ الاعَزِّ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَرَاعِهِ بِعَيْنِكَ، وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ، وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الأَغْلَبِ وَأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَحُدُودَكَ، وَشَرَائِعَكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، وَاجْلُ بِهِ صَدَأَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وَأَبِنْ بِهِ الضراءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَأَزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً، وَأَلِنْ جَانِبَهُ لأوْلِيَائِكَ، وَابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ، وَاجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَفِي رِضَاهُ سَاعِينَ، وَإلَى نُصْرَتِهِ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وَإلَيْكَ وَإلَى رَسُولِكَ صَلَواتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ.أهـ
أرجو أن تكتشف من هذا الدعاء العظيم وظائف الامام.
وأن تتأمل جيدا هذا النص( أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ )
وأن تتأمل هذا أيضا (فَهُوَ عِصْمَةُ اللاَّئِذِينَ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وَبَهَآءُ الْعَالَمِينَ)
أين الحجة؟؟؟؟؟؟؟ أين عصمة الائذين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أين كهف المؤمنين وعروة المتمسكين وبهاء العالمين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أين هو في السرداب ؟ في الكون يهيم مع ذرات الوجود؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أين الحجة ياعبد الملك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أين بالله عليك أفق من هذه السنة والغفلة

الثالث: أن بقية الائمة عندكم عاشوا في حالة ركود تام ولم يكن في سيرتهم تلك الطريقة المعهودة الركود والقيام أو القيام والركود الا واحدا منهم هو أمام عندنا وعندكم الامام علي بن موسى الرضا فقد كان في حياته حالة ركود ووعد باللامر والقيام به .
ثم قلي بالله وأجبني
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)، فهل نحن مكلفون بموجب هذا الحديث بمعرفة الإمام ذاتا –بحيث لو طلب من أحدنا الإشارة إليه وتعيينه وتحديده من بين مجموعة من الناس لاستطاع-، أم أنا مكلفون بمعرفته صفة، أم أنه يكفينا مجرد معرفة كونه حيا وموجودا كحجة حتى ولو كان غآئبا؟!
إن قلتم ذاتا فهل جميع الاثني عشرية الآن عارفون لإمام الزمان (المهدي) ذاتا ويستطيعون تحديده والإشارة إليه وتمييزه، إن قلتم نعم فحددوه لنا، وإن قلتم لا، فهل موتاكم موتى جاهلية؟!
إن قلتم صفة فقد قالت بذلك الزيدية من قبل، فلماذا لم تقبلوه منهم، بل اتهمتموهم بعدم معرفة إمامهم؟!
إن قلتم إنه يكفينا مجرد معرفة أن اسمه فلان ابن فلان، وأنه حي وموجود، ولو كان غآئبا؛:-
الله سبحانه وتعالى حي وموجود ومعنا في كل مكان، وهو الحجة الأكبر، فما هي الحاجة إلى حجة دونه مالم يكن بين حجية الله تعالى وحجية الإمام فرق، أم أن هناك فرقا وماهو؟!
ماهي الحكمة من غياب الإمام، وكيف يتناسب الغياب مع أعمال وواجبات الإمامة، خاصة وأن الاثني عشرية يجعلون وجود الإمام لطفا للعباد، وهل يجوز غياب اللطف عن الملطوف بهم؟!
كيف سيعرف الاثنا عشرية الإمام المهدي –الغائب- عند خروجه بعد غيابه مئات السنين إن لم تقولوا بوجوب معرفته ذاتا ولاصفة؟!
ما الفرق بين وجود الغآئب وعدمه؟!
إذا كان الغياب لحكمة ما، فلماذا لا تكون تلك الحكمة سببا لأن يكون معدوما، حتى إذا حان وقته أوجده الله؟!
ما الفآئدة من عصمة الإمام وعلمه وهو غآئب، واذكروا لنا الفوائد العملية التي انتفع بها سابقا وينتفع بها حاليا المسلمون عامة والشيعة خاصة من الإمام المهدي في فترة غيبته الطويلة؟!
تحاول الاثنا عشرية إضفآء صفات على أئمتها عامة وعلى الإمام المهدي –الغائب- خاصة، محاولة منهم إثبات فاعلية ووجود الإمام واستفادتهم منه حال غيابه، من تلك الصفات أنه يطوف العالم ويعرف شيعته ويتصل بالخلص منهم، ويلقي إليهم أوامره وأنه يعلم الغيب ومفوض من الله بالتصرف في الكون، فسبحان الله هل هذه إلا صفات رب العالمين؟!
لم يرو أن أحد الأئمة الاثني عشر غاب؛ فلماذا اختلفت السنة الإلهية في الأئمة عند المهدي حتى غاب هذا الزمن الطويل، خاصة وأن معظم الأئمة الاثني عشر ينطبق عليهم نفس علة غياب المهدي وهي الخوف وعدم الناصر (كما تقولون)؟!
لماذا لانجوز أن الله سبحانه وتعالى قد بدا له في أمره إماتته ونقل المهدوية إلى غيره ممن سيولد لاحقا ويعيش حياة طبيعية كسائر الأئمة من آبائه؛ خاصة وأن هناك مرجحا لذلك وهو طول غيبته التي لها إلى الآن مئات السنين؟!
لماذا لانجوز أنه شخصية وهمية افترضت من قبل الاثني عشرية تقية لئلا يندثر مذهبهم بعد انعدام ذرية الحسن العسكري؛ خاصة وأن هناك مرجحا لذلك، وهو وجود العمل بنظرية التقية لدى الاثني عشرية، ودفاعهم عنها دفاعا شديدا، وتميزهم بها دون سآئر المذاهب الإسلامية؟!
كيف تقبلون رواية ولادة الإمام المهدي عن امرأة؛ وواحدة فقط وهي جارية أبيه (نرجس)، أم أن هناك رواة غيرها، ومن هم؟!
كيف تجب الحدود على أهلها في حال الغيبة، أم أنها تسقط، وهل يجوز سقوطها مئات السنين؟، وما هي الحكمة إذا من تشريعها؟!
في أحاديث الأئمة مجمل ومتشابه وتقية، فمن أين لنا بإمام الآن في غياب المعصوم، يبين لنا كل ذلك؟!

أخي بالله عليك أفق وتأمل ولا تكابر
وعذرني بعد هذا فقد أبلغتك الحجة وسوف أراقب من بعيد ولن أزيد ليهلك من هلك عن بينه والسلام عليك
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ..................

الدكتور العولقي بعد التحية ....

نرجو بعد اطّلاعكم وتأمّلكم رسالتنا الآتية .... مُراجعة ما قدْ ذكرناهُ لكم بخصوص الدّارسين والمُحدّثين عن جعفر بن محمد عليهما السلام .... فإنّكم لم تتطرقوا له إلاّ بأسطرٍ لا تفي ولا تشفي .

وهذا نصّ كلامي المُراد منكم التعليقُ عليه :
إن قال قائلٌ : إنّه قدْ أَنْكَر الحديث الإثني عشري مَنْ سَمِعَهُ مُشافهةً من رسول الله عددٌ من الناس أمثال أبو بكر ومَن شاكَله ، فكيف لا يُنكرُه ولا يجْحَدُ به مَنْ سَمعَ هذا النص الحديثي من بقية التسعة من ولد الحسين أمثال أبو حنيفة النعمان ، فليسَ هذا بُعذرٍ لكم في أنَّ الأئمة المعصومين إنّما طارَ صيتهم في البلدان والأمصار نظراً لتعليمهم علوم آباءهم من أصول الدين والفقه والفرائض والحلال والحرام من دون الولاية والإقرار بولاية الإثني عشر المعصومين .

قلنا : قولكم جَحَد التلميذُ كلامَ أستاذه ، أي جحد أبو حنيفة كلام الصادق باطلٌ من أربعة وجوه .

الوجه الأول : أنّهُ كلامٌ ليس عليه دليل ، والدليل الذي نعني هُوَ إثبات سماعُ أبو حنيفة للخبر الإمامي الإثني عشري من الصادق ثم إنكارِه هذا الحديث وجحوده به ، ألا ترَى أنّكم قلتم أنّ عمرَ بن الخطاب سَمِعَ هذا الحديث النصي على الإثني عشر وجَحَده!! وعندما طَالبناكم بالدليل قُلتم : هذه الرواية الواردة في كفاية الأثر المتصّلة السند بعمر بن الخطاب المُفصحة بالأئمة الإثني عشر التي سمعها من رسول الله تؤكد لنا ولكم معرفته بالنص على الأئمة وتؤكّد لنا ولكم جحوده بعدم تسليم الأمر لصاحب الأمر عليٍّ عليه السلام . فقلنا لكم : وهذا دليلٌ يقبَلُهُ العقل . فأينَ الدليل على أنَّ الإمام جعفر الصادق قد أخبر أبو حنيفة أثناء تعليمه وهدايته في المدينة المنورة أنّه أخبَره بأنّ الحُجَجَ إثني عشر حُجة وهُمْ علي والحسنين والتسعة من ولد الحسين فإن لم تجدوا ، ولنْ تَجدوا ، فأتوا لنا بخبرٍ ذكرَه أبو حنيفة النعمان يدلُّ على سماعه مثل هذا النّص الإثني عشري من جعفر الصادق عليه السلام ، ولن تجدوا مِثْلَهُ أبداً . فَمِنْ أَينَ أتيتمْ بالجحودِ النعماني مَعاشِرَ الإمامية ، فقد أتيتم بالجخود العُمَري بالرواية الأثرية عنه فما بال الجحود النُعماني أتخمينٌ هُو؟! أم رجمٌ بالغيب؟!، أم تمويهٌ على الأغمار ؟!، ونعودُ ونقول هذا أبو حنيفة قد أتى إلى جعفر في عقر داره بالمدينة وطَلَبَ عِلْمَهُ والهداية على يديه ، فما كان من جعفرٍ عليه السلام إلاّ أن حجَبَ النّص الإثني عشري عمَّن أراد الهدى ، فهل هذا إتمامٌ للهداية ؟! .

الوجه الثّاني : أنَّ أبا حنيفة النعمان رحمه الله تعالى ، كان شديد الإحترام لجناب جعفر بن محمد عليهما السلام ، وكان حريصاً على التعلّم والأخذِ عنه ، وكانَ يُجلّه إجلالاً عظيماً، أترى مَنْ هذا حالُه يجحدُ كلامَ جعفر الصادق في أنَّ الأئمة إثني عشر فيهلك ، ثمّ ما هي مصلحة أبو حنيفة في إنكاره مثل هذا الخبر ؟ أكان يطلبُ رئاسةً كما كان يرجوها عمرٌ وصاحبَيه ؟!! أمْ أنّه كان ناصبياً لآل محمد ؟! وهُو المُعذَّب من الخلافة الإسلامية في سبيلهم؟ وجعفرٌ القائل فيه " لقد تحقق حب أبو حنيفة لنا أهل البيت بمناصرته عمي زيد بن علي " أو كما قال عليه السلام ، اللهم لك الحمدُ على نعمة العقل والإنصاف .

الوجه الثالث : مما يدلّنا أنَّ أبا حنيفة أثناء ملازمته لجعفر عليه السلام ، كانَ لايعلمُ أنَّ قولَ واستنتاجات جعفر الدينية والفقهية هي الحُجّة فقد كانَ أبو حنيفة يُعارضُه ويُجادِلُه، حتّى في بعض الأحيان يُحاولُ أنْ يُخطّئَ جعفر بن محمد عليهما السلام !! فهلْ منْ كانَ هذا حالُه يعرفُ النّص الإثني عشري فضلاً عنْ أن يَجْحَده ، والمُلْفِتْ للنظر أن اعتراضات ومخالفات أبو حنيفة كانت بحضور الصادق نفسه وعلى مسمعه وليسَ بتأليف الرسائل ونشر الفتاوى بعد المغادرة من المدينة إلى الكوفة ونقض كلام الصادق ، وفي هذا فليتأمّل المُتأمّلون .

الوجه الرّابع : أنّ اتّهام شخصٍ واحدٍ بالجحود ، مع وجود كل هذه الإشكالات الغامضة حولَ هذا الكلامِ ، قد يجْعلُنا نغضّ الطّرف ، ولكن عندما يكون هناك شخص آخر غير أبو حنيفة مُتّهما بالجحود وَهُوَ مَنْ هُوْ ! سفيان الثوري مَنْ كان يُلقَّبُ بأمير المُحدِّثين ، المُشايع لأهل البيت المُطارَد مِن قِبَل الخلفاء والسلاطين ، المُلازم لجعفر الصادق فترةً من الزمن ، فإن صاروا ثلاثة جاحدين بانضمام سفيان بن عيينة وهُو ممّن روى الأحاديث عن الصادق عليه السلام ، فإن صاروا أربعة جاحدين بانضمام شعبة بن الحجاج وهُو ممن روى عن الصادق عليه السلام ، فإن صاروا خمسة جاحدين بانضمام عالم أهل المدينة مالك بن أنس ومُسندَهم ، فإن صاروا ستة ... وسبعة .. وثمانية ... إلخ !! فأين الخلل يا صاحب اللّب السليم ، أفي المُبلِّغِ أم في المُبَلَّغْ .

فَمِنْ هذه الوجوه الأربعة نستنتج ونستخلص أنَّ الإمام الصادق على مذهب الإمامية لم يخرج ولم يدعُ إلى نفسه ولم يهدِ مَنْ أتاهُ يأخذُ عنه ويتعلَّمُ على يديه إلى الولاء الإمامي الإثني عشري . وهذا أمرٌ جلل !! لاندري بعدّه أيُ وظيفة ودورٌ للإمام المعصوم على الأرض ؟!

فإنْ قال قائل : فأبو حنيفة كانَ يأخذ بالقياس ، ويضربُ بسنة الرسول عرْض الحائط، فكيف تستغربونَ مِنْ مِثلِه إنكار الحديث النصي الإثني عشري وهُو قد أنكرَ بعضاً مما جاء به رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ؟

قُلنا : مع التحفّظ على ما جاء في السؤال ، طبّق كلامنا واحتجاجاتنا على غير أبو حنيفة ممن قد ذَكَرْنَا ، وابحث عمّن لمَ نَذْكُر فَهناك غيرهم الكثير .
====

تحياتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

حُجَجُ العقول في الدعوة والتبليغ (3)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الغر الميامين نجوم السماء وسُفنُ النجا ، ورضوانه على الصحابة الراشدين الذين خرجوا من الدنيا وهُم على يقين ، والتابعين لهم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدين ، وارضَ عنّا معهم ياربَّ العالمين .

هذه رسالةٌ احتوت على العديدِ ممّا يُثيرُه الإمامية الإثني عشرية من احتجاجات على نظرية الدعوة والتبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المختصّة بالأئمة الثّلاثة علي والحسنين عليهم السلام ، كما أنّها احتوَت على مقارناتٍ مُختصرةٍ ومُطوّلة بين سكوت الثلاثة عليهم السلام في أعصارهم وبين سكوت التسعة من أولاد الحسين في أعصارِهم وعن المفارقة فيما بين السُكوتَينْ . واحتوت أيضاً على احتجاجاتٍ عديدة على النظرية النصيّة وعلى العقائد الإمامية في الأئمة مثل الوصية وعدم اجتماع كلمة النّاس عليهم وعدم إبداء رغبتهم في الخروج على المنكر وأهلِه وحِزبِه ، واحتَوت على مقارناتٍ بين التضييق الذي حصل للحسنين عليهما السلام وبين التضييق الذي حصل على التسعة أئمة الإمامية ، وعلى فوائد غيرها يستنبِطها الباحثُ المُدرِكُ الحاذِق.

إن قيل : أنتم يا معشر الزيدية ، تحتجّونَ علينا معشرَ الإمامية بأنَّ أئمتنا المعصومين عليهم السلام لم يُبَلِّغوا ولَمْ يُعلِّموا النَّاس ممّن حولَهم أنَّ الأئمة الواجب اتباعهم وإطاعتهم اثني عشر إماماً علي والحسنين وتسعة من ولد الحسين ، وجَعَلْتُمْ هذا منهم نقصاً في الحُجّة والتبليغ! وقدْ فاتَكم أنَّ جدّهم وقدوتهم الإمام علي عليه السلام لمْ يُخبرْ النّاس أنَّ الإمام بعدَهُ هُوَ الحسن ثمَّ الحسين ، وكذلك الإمام الحسن لَمْ يُخبِر النّاس أنَّ الإمامْ بعدهُ هُوَ أخوه الحسين ، فعلى مقتضى كلامكم أنَّ الحسنين وأبوهما الذي هُو خيرٌ منهما ناقصي حُجّة غير مُبلّغين ؟! وهذا مالاتقولونه ولا تُؤمنونَ به !!

قلنا : نَعمْ ! لَمْ يَصعَدْ أمير المؤمنين عليه السلام المنابر ولا أعلنَ إمامة الحسن مِن بَعدِه، ولاصعدَ الإمام الحسن مُعلناً إمامةَ الحُسين مِنْ بعدِه ، فنحنُ نوافِقُكُمْ في هذا وفي نفسِ الوقتِ لا نُسقِطُ حُجَّتَنا عليكم!! فالحسنُ والحسين إمامان منصوصٌ عليهما من قِبَلِ جدّهم رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، فليسَ الحسنُ بحاجةٍ إلى وصيّةٍ أو نصٍّ من أبيهِ أمير المؤمنين ، وليسَ الحسينُ بحاجةٍ إلى وصيةٍ أو نصٍّ من أخيهِ الحسن عليه السلام ، لأنَّه قدْ كانَ هُناكَ نصٌ مٌسبقٌ من زمنِ رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلّم يُخبرُ أنَّ الحسن والحسين إمامان .

فإن قيلَ : ليسَ هذا لكم ، فنحنُ نقولُ أنَّه قدْ كانَ هُناكَ نصٌ مُسبَقٌ من ومنِ رسول الله على الإثني عشر بأسمائهم !!

قُلنا : نعم! ولكنَّا معشر الزيدية لا نُؤمنُ بالنّصِ من الإمامِ السّابقِ إلى الإمامِ اللاّحِق في أئمتنا مِنْ دونِ علي والحسنين وهُمْ أولئكِ الذينَ لا توجدُ عليهم نصوص مخصصّة بأسمائهم من رسول الله ، فما بالُكَ بأولئكَ الذي قد جاءت فيهم نصوصٌ من لدن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله فإنَّ الوصية فيما بينّهم مرفوضةٌ عقلاً!! . لأنّه قد كانَ هُناك نصٌ مُسبَق فالوصيّة ليسَ لها خانةٌ البتّة . وهُنا نُعاودُ إلزامنا لكم معشر الجعفرية فأنتمْ مَنْ يُؤمنُ بالنّص والوصيّة من الإمام السّابق إلى الإمام اللاحق وكُتُبُكم الحديثية مشحونةٌ بهذا، بل إنّكم لا تعرفون إمامة الإمام اللاحق إلاّ بوصيّة من الإمام السابق!!،. فنقول : لماذا لَمْ يُخبر أئمتكم المعصومين مَنْ حولَهم فضلاً عمَّن هُو بعيدٌ عنهم أنَّ هناكَ إثني عشر إماماً ، ولكي يتّضح الأمرُ هُنا دعنا نضرب لك مثالا وبياناً :

جاء أبو حنيفة إلى جعفر الصادق عليه السلام ودرسَ على يديه سنتين !! وخلال هذه السّنتين لم يذكر الإمام الصّادق لأبي حنيفة أنّه إمامُهُ المُفترَضُ الطّاعة عليه ، ولذا نجدُ أبا حنيفة يرُدُّ بعض كلام الصادق عليه السّلام ، فلو كانَ مؤمناً بحجيّة كلام الصادق عليه لما حاجّه وراددَه ولَقَبِلَ منه مُباشرةً وليسَ هذا ما نريدُ التنبيه عليه ، والمُراد تنبيه الغافلين عَنْ لماذا لَم يُخبر الصّادِق أبا حنيفة أنّه الإمام عليه المُفترض الطّاعة ؟ إنْ قُلتَ أخي الإمامي : النصّ الرّباني الرّسولي مشهورٌ فلاحاجةَ بالصادق أنْ يُخبرَ أبا حنيفة بإمامةِ نفسِه ! قلنا : وهذا هُو جوابُ احتجاجِكم علينا بأنّ علي لمْ يُخبر النّاس بأن الحسنين هُم الأئمة مِن بَعده فالنّص موجود . فنعودُ ونقول : لماذا لم يُخْبر الصادق أبا حنيفة وغيرّه من الدّارسينَ على يديه أنَّ الإمامةَ بعدَهُ إلى موسى الكاظم؟ فإنْ قُلتَ أخي الإمامي : النصّ الرّباني الرّسولي مشهورٌ فلاحاجةَ بالصادق أنْ يُخبرَ أبا حنيفة بإمامةِ مَن يكونُ بعدَه!!. قلنا : وهذا هُو جوابُ احتجاجِكم علينا بأنّ علي لمْ يُخبر النّاس بأن الحسنين هُم الأئمة مِن بَعده فالنّص موجود . ونعودُ ونقول : على مبدأكم الإمامي الإثني عشري أنَّ الوصيةَ لازمةٌ من الإمامِ السّابق إلى الإمام اللاحق ، فهذا الباقر يُشيرُ إلى إمامة ابنه الصّادق بأنْ وضعَ سلاحَ رسول الله وكُتُبَ أمير المؤمنين عنده ، وهذا الصادق يُشيرُ إلى إمامة ابنه موسى الكاظم بقوله : إنَّ صاحِبُكم بعدي منْ لا يلهو ولا يلهب وتارةً يقولُ هُو ذاك النّائم ويُشير على موسى ! وهُنا نرجو من الله أنْ يكون قد اتّضح مقصودنا مِن أنَّ الأئمة المعصومين لمْ يُبلغوا من أتاهم راغباً في هدايتِهِم وعلمِهْم من أنَّ الأئمة الواجب اتبّاعهم هم اثني عشر إماماً ؟ وبمعنى آخر أقربَ للفهم نقول لم يَقُم المعصومين بإيصاء النّاس مَنْ هُم الأئمة بعدَهُم . وهُنا سنجعلُ ما احتججتم به علينا من فعلِ أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام الذي هُو قدوتنا وقُدوتُكمْ ، احتجاجاً عليكم فلماذا لم يَنقَلْ لنا المؤرخون والمُحدّثون خبراً فيه إيصاءٌ من أمير المؤمنين إلى الحسنين بالإمامة بل خبرٌ فيه إيصاءٌ إلى الأحد عشر من بعدِه! ، بينما نجدُ أئمتكم التسعة المُقتَدون به!! يوصون لأبناءهم من بعدِهم ؟ ثم نُعاودُ الحُجة عليكم معشرَ الإماميّة لماذا يُوصِ أئمتكم بأمر الإمامة فيما بينهم مع وجود النّص المُسبقُ الظاهر المشهور من رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ؟ أليسَ في النّص الرسولي استغناءٌ عن الوصيّة كما فعلَ أمير المؤمنين عليه السلام مع الحسنين ؟ أليسَ في النَّص الرسولي استغناءٌ عنْ هذا الحديث الإمامي المروي عن جعفرٍ عليه السلام [لا يموت الإمام حتى يعلم من يكون من بعده فيوصي إليه. ] الكافي الحديث الخامس باب أن الإمام عليه السلام يعرف الإمام الذي يكون من بعده !!

ومِن هذا فإنّه لا حُجّة لكم علينا نحن الغير قائلون بالوصيّة فيما بين الأئمة ، فالنّص يُغني عن الإيصاء ، والحُجّة عليكم أنتم معشر القائلون بالوصيّة فيما بينّ الأئمة !!

فإن قيلَ : قد اتّضح مقصدكم ووصلت رسالتكم ، فبينّوا لنا كيف أنَّ أئمتنا المعصومينَ لم يقتدوا بفعلِ سَلَفِهِم علي والحسنين عليهم السّلام ، وعلى أي أساسٍ رميتموهم بعدمِ الرَّغبة في الجهاد والخروج لإنكار المُنكر والأمر بالمعروف ، وهذا عليٌ طالت به المُدّة وهو جالس وهذا الحسن صالح معاوية وجلس ؟

قُلنا : فأمّا الإمام علي بن أبي طالب عليه سلام الله فسنذكرُ لُمعاً من أخبارِه التي أنكرَ بها الُمنكر وأقامَ بها الحُجّة والتي منها :

[ أولاً : حال جلوسه في عهدِ من تقدّمَه ]

1- خروجه على الملأ من كبار الصحابة في الرحبة ومُناشدَتهم بأنّ الرسول قد ولاّه يوم الغدير .
2- تأخرّه عن بيعة أبو بكر لمدة تُقدّر بالأشهر .
3- ردّه أحكام عمر بن الخطّاب في كثيرٍ من المواضِع .
4- إستنكاره الشَديد لفعلِ عمر بن الخطاب يوم الشّورى .
5- الوقوف في وجه الخليفة في وقته عثمان بن عفّان وتأنيبه وتوبيخه.
6- إقامته لحد شرب الخمر على الوليد بن عقبة ، لمّا تهاون البعض في إقامة الحد عليه لقربه من الخليفة فقام أمير المؤمنين وقال : ( لا يضيعُ لله تعالى حدٌ وأنا حاضر ) .
7- إظهار مقولات التشكّي والتوجّع ممّا حصلَ له من ظُلمٍ وأخذِ حقْ .

[ ثانياً: حال مُبايعة المُسلمين له على السمع والطّاعة ]

وأفعاله في هذا أشهرُ من نارٍ على عَلَم ، يُغنينا عَن ذِكرِها اشتهارها بين الملا .

فإن قيلَ : ولِمَ جلس ولَمْ يخرج على من أخذَ حقّه ، عندما استأثرَ به أولّ الثلاثة أبو بكر الصديق؟

قُلنا: لسببين اثنين ذكرهما إمامنا يحيى الهاروني في كتابه الدّعامة :
1- قلّة الأنصار والأعوان .
2- خشية وقوع فتنة عظيمة مؤديّة إلى الإضرار بالإسلام .

ولا خلافَ بين العُقلاء أنَّ هذَين السببين كفيلةٌ بسكوت وإغضاء أمير المؤمنين عليه السلام عن الخروج ، وخصوصاً أنّ ذاكَ العهد كان عهد انشقاقات في صفوف المُسلمين ، فهُناك من الأعراب من آمن ولم يطمئنّ قلبهُ بالإيمان ، فحاف وارتدّ عن الإسلام ، وهناك مَن امتنع عن أداء الزكاة ، ناهيكَ عمّا كانَ بين المهاجرين والأنصار عقِبَ السَّقيفة ، وناهيكَ عمّا كان بين بني هاشم ومعهم طلحة والزبير على أبي بكرٍ وعُمَر ومَن معهم ، فلهذا آثر أمير المؤمنين السكوت والإغضاء خوفاً على ألاّ تقوم للإسلام قائمةٌ بخروجه ومُطالَبَتِه بحقّه .

فإنْ قيلَ : قد اتّضح عذرُ أمير المؤمنين عن الخروج على أبي بكرٍ الصدّيق ، فما عذرهُ في السكوت وعدم الخروج في عهد عمر بن الخطاب ، وكلُنا يعلمُ أنّ شوكة المسلمين في عهدِه قدْ قَويَتْ ولم يكُن يُخافُ على النّاس الإرتداد ، فقد كانَ بوسع أمير المؤمنين جمع النّاصر والمُعين أو الهجرة إلى بلاد اليمن موطن الشيعة ، ومِن ثمَّ الخروج لإنكار المُنكر وأخذِ حقّه الشرعي من عمر .

قُلنا : فَمِن شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ألاّ يغلبَ على الظَّنِ أن يُؤدي المنُكَرْ المُنهَى عنهُ إلى فسادٍ أعظم ، فمن هذا الباب لجأ أمير المؤمنين إلى الصبر والسكوت وعدم إثارة الفتنة ، فأمير المؤمنين بعين الحكمة أبصرَ ما سيترتّب على خروجهِ من انشقاقٍ لعصا المسلمين ، ومِن تأليبٍ لفتنةٍ نائمة ، وخصوصاً أنَّ أمورَ المُسلمين قد كانتْ إلى الإستقرار أقربُ منها إلى الإضطراب والفوضى ، كما أنَّ الجور والظلم لم يكن ذاك الذي يستدعي الخروج بالسيف ، وهُنا يتحقّقُ قول أمير المؤمنين لأسالمنّ ما سَلِمَت أمور المُسلمين ، هذا مع حِرصِ أمير المؤمنين على التغيير قدر الإستطاعة لما يصدر من الخلافة العمرية من أحكامٍ خاطئة .

فإن قيلَ : قد اتّضحَ كلامكم في عُذر أمير المؤمنين عن الخروج على عمر بن الخطّاب ، فما عُذرُهُ في الخروج والإنكارِ للمُنكرِ وللأحداثِ التي حصلت ووقعت في عهدِ عُثمان بن عفّان ، وكُلُنا يعلمُ ماهيّة تِلك الأحداث وفضاعتها .

قلنا : يجب أنْ يُعلمَ أنّ أولّ عهدِ عثمان بن عفّان كان شبيهاً أو شِبهَ شبيهٍ بعهد عُمر بن الخطّاب ، فنقول في عُذرِ أمير المؤمنين عن الخروج في بداية عهد ابن عفان هو الظن أنّ ابنّهي والخروج على هذا المُنكَر سيجُرُّ منكراً أعظم وأكبرُ على الإسلام والمُسلمين ، وفي الفترة الأخيرة من عهد ابن عثمّان لمّا تكاثرَ القيل والقال وتكاثَرت الأخطاء والزّلات فإنَّ أمير المؤمنين كان يتعمّد الإغلاظ في الكلام على ابن عفّان يأمرُه بالحقّ ، ويَعِظُهُ وُيُرْشِدُه، وكانَ عليه السلام يُقيم الحدودَ على من يتوانَ في إقامتها على الشُرفاء وأصحاب المناصب والجاه أمثال الوليد بن عُقبَة وذلكَ عندما تمّثل عليه السلام وقالَ لا يضيع لله تعالى حدٌ وأنا حاضِر ، لم يتّقِ عليه السّلام مِن عثمان بن عفّان ولا من مروانَ بن الحكم وهُوَ مَنْ هُو في القُرب من عثمان ابن عمّه وزوج ابنته ومُدبّر أمرِه ، ومعَ هذا فقد كانت الأيّام حُبالى إذ قامت قائمة المُسلمين على عثمان وحاصروه في بيتِه وتهددّوا وتوعدّوا ، ومعَ هذا فقد كانَ يهمّ أمير المؤمنين أمرُ المسلمين وكانَ يُؤلِمهُ ما وصلَ حالُهم إليه من الفتنة، فوقفَ عليه السّلام موقف المُحايدِ الغير راضٍ بأفعال عُثمان والغير راضٍ عَن محاصرةِ عثمان في بيته وقطعِ الماء عنه ، فقدْ كان يرعى لعثمان سَبْقَه بالإيمان بمحمّد ونُصرتِه بالمال والعَتادْ، فإنْ قيلَ وَلِمَ لَمْ يتّخّذ موقفاً مُحدداً : قلنا : فإنّه قد أرسلَ أبناءه الحسن والحسين ومحمد للوقوف وحراسة باب عُثمان بن عفان ، ولعلَّ هذا الموقف منه عليه السّلام أكبرُ دليلٍ على أنَّ أمر المُسلمين ووحدَتِهم على الشريعة الإسلاميّة الحقّة كانَ أهمّ عنْدَهُ مِن أنْ يأخُذَ حقّه الشّرعي في خلافة المُسلمين ، وإلاّ لاغتَنَمَ عليه السّلام الفُرْصَةَ وخرجَ معَ المُعارضين لعثمانَ ، وكَم مِنْ مُعارِضٍ سيشتدّ ظهرُه بانضمام أمير المؤمنين لهم ، فحصلَ ما حصلْ وقُتِل عثمان وأميرُ المؤمنينَ عليه السّلام بريءٌ من دَمِهْ ، فتدافَع النّاس إلى أمير المؤمنين يَهْرَعون يطلبونَ البيعة والدخولِ تحتَ لوائه ، والإئتمارِ بأمرِه والإنتهاءِ بنهيِه ، وفي تلك الأثناء نَجمَت الفُرقَةُ وخرجتْ الأحقادُ والخبايا على الإسلام وعلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وأُثيرَت الفِتَن فشمّر أمير المؤمنين إذ أنّ النّاصر قد وُجِدَ والظُلمُ والدّجَلُ قد انتشر والفتنةُ قد أُوقِظتْ ، فكان القيامُ بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه لازِمة فالسكوت عن المنكر سيجرّ مُنكراً أعظم وأدهى على خلافِ ما سَبق في عهد الشيخين . فأقامَ الحُجّة عليه السلام على النّاكث وعلى المارقِ وعلى القاسطِ وعلى الخاذل تولّى أمور المُسلمينَ فأحسنَ الولاية وحَكمَ فَعَدَلْ وأمَرَ بالمعروف فأغلظَ في الأمر وأنكرَ المُنكَرَ فشدّدَ في النكير فسلام الله عليه يومَ وُلِدَ ويومَ يموتُ ويومَ يُبعثُ حياً . وقبلَ أنْ يفوتنا التنبيه على سكوت الإمام علي عليه السّلام على المشائخ فإنْ من أعظم ما شجّعه على السكوت إضافةً لما ذكرْنا سابقاً هُو إخبار الرسول صلوات الله عليه وعلى آله مِنْ أنّهُ سيُضامُ في هذا الأمرِ مِنْ بعدِه .

فهذا ما كانَ مِن خبرِ سكوتِ أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام عن الخروج والإنكار للمُنكَر في عهد المشائخ ، وجاء دورُ المُقارنة أيها الباحث المُنصِف الباغي طريق الرشاد والنجّاة ، أكان حالُ الأئمة المعصومين التسعة من ولد الحسين كحالِ جدّهم أمير المؤمنين ؟! هل كان زمنُ بني أمية وبني العبّاس يتحققّ فيه شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المانِع لأمير المؤمنين من الخروج على المشائخ ؟ بمعنى هل كان خروج أئمة الإمامية المعصومين على الأمويين والعبّاسيين سيجرّ مُنكراً وفتنةً أعظمُ ممّا المُسلِمين ودين الإسلام بأسره فيه من خطر ؟! هل كانتْ أمورُ المُسلمين مُستقرّة أو قريبةٌ من الإستقرار في عهدِهم عهدِ بني أميّة والعبّاس ، حتّى يسكتوا ويَسكنُوا ويتّقَوا ؟! أم أنَّ النّاصر والمُعين غير مُتوّفَرين ! ثم بلله عليك كيف سيجتمعُ النّاصر والمُعينُ والإمام مُرخٍ سترَهْ غيرُ راغبٍ في الخروجِ والإنكارِ للأحداث الرّهيبة الحادِثَة في عصرِه المُزلزِلة للإسلام والعقيدة المحمدية الصحيحة ؟! وارجع لما قد ذكرناهُ في رسالةٍ سابقة تجدْ صدقَ كلامنا من أنَّ أئمة الإمامية غيرُ راغبينَ في الخروج والظهور . وبهذا فقد أبطلنا حُجّة القائل باقتداء المعصومين التسعة بجدهم أمير المؤمنين عليه السلام حال سكوته على المشائخ ، وأنّ الموانع المانعة لأمير المؤمنين عن الخروج قد ارتَفَعت عن أئمة الإمامية المعصومين . والحمد لله رب العالمين.

فإن قيلَ : فبما أنّكم أثبتّم مخالفة سكوتِ المعصومين التسعة عن سكوتِ جدّهم أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام ، فإنّ لهم أسوةٌ حسنةٌ في سكوتِ أبي محمدٍ الحسن بن علي عليه السلام حالَ سكوتِه على معاوية بن أبي سُفيان وهُوَ مَنْ هُوَ في الظُلمِ والعُدوان .

قلنا : فأمّا الحسن بن علي عليهما السّلام فنقول في حالِه أنّه ماكان سكوتُهُ عليه السّلام إلاّ لقلّة الناصّر والمُعين أو فلنقل لخذلان النّاصر ، وليس لاقتصارِ همّته عن الخروج والدعوة والإنكارِ للمُنكرْ . فهُو الإمام بعد أمير المؤمنين عليه السّلام بالنّص والإستحقاق، كما أنَّ الإمامَ المنصوص عليه من ربّ العالَمين ليست عليه الدّعوة واجبة وليسَ عليه القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر المُمَثّلة في الخروج والجهاد إلاّ حالَ التمكّن وحالَ توفّر النّاصر والمُعينْ ، وقد توفّرَ النّاصرُ والمعينُ للإمام الحسن عليه السّلام عُقيبَ وفاة أمير المؤمنين عليه السلام ، وقدْ كانَ النّاس من أتباع أمير المؤمنين يحفظون للحسن هذه المنزلة مِنْ أنّه الإمام بعد وفاة أبيه أمير المؤمنين حتى وإنْ لَمْ يَقُمْ الحسن عليه السّلام ويقول أنا الإمام المنصوص عليه على لسان جدي رسول الله ، لأنَّ الرسول قد كفاه أنْ يقومَ هكذا مقام، فالقومُ قد اتجّهوا إلى بيعته والدخولِ تحتَ لوائهِ بعد أنْ أكملَ خُطبتهُ التي ماخلت من إشاراتٍ منه بأنّه أفضلُ الأمة في وقته ، فلو قُلنا أنَّ أتباع أبيه قد اختلفوا في إمامته لجزَمنا بأنَّ عليه أنْ يُخبِر الجاهل منهم بأنّه منصوصٌ عليه على لسان جدّه رسول الله كما فعلَ أمير المؤمنين في الرحبة ، أمّا مَنْ أنكر إمامته مِنْ أتباعِ معاوية الطّليق فهم قد أنكروا إمامة أبيه مِنْ قَبله ومع هذا فما كان يُخاطبُ معاوية إلاّ بقوله عليه السلام : ( مِن الحسن أمير المؤمنين .. ) ففي هذا إظهارٌ لِمَنْ خالَفَه أمرِ إمامته وخلافته على المؤمنين، ومما يُؤيد كلامنا مِن أنَّ النّاس كانت مؤمنةً مُسلّمةً بإمامة الحسن بعد أبيه ، هُو دخولُ المدينة وفيها آل الزُبير وكذلك اليمن والعراقين والبصرة والحجاز ومكة واليمامة والبحرين كلها دخلت تحت طاعته وإمرته بلا مُنازَعة وأرسلَ عُماله وولاته إليها. عدا الشام والجزيرة ومصر فإنّها لم تدخل في طاعته فأمّا الشام والجزيرة فأموال معاوية مُغدَقةٌ عليهم وأمّا مصر ففي يد عمرو بن العاص. وممَا يجبُ التنبيهُ عليهِ أنّ مُبايعة أتباع الحسن للحسن ليست مُبايعةً بالإمامة لأنَّ الإمامة ثابتةٌ للحسن بالنص حتى وإن لم يُبايعوا وإنّما المُبايعة كانت مُبايعَة نُصرةٍ وسمعٍ وطاعةٍ ، وفي هذا جوابٌ على من احتجّ علينا بأنّ أميرَ المؤمنينَ لم يدعَ النّاس إلى بيعتِه بل هُم مَنْ أتوهُ حتى آذوا الحسنين عليهما سلام الله فالإمام علي عليه السلام إمام من بعد وفاة الرّسول بالنص والإستحقاق وقد قامَ في أكثر من موقفٍ ونبّه من غفلَ وتجاهل وخَالَفْ وإنّما المُبايعةُ ممّن أتوهُ هي مُبايعةُ النُصرةِ والسمعِ والطاعة والإئتمارُ بالأمر والإنتهاءُ بالنّهي ، وكذلك نقولُ لمن احتجّ علينا بأنَّ الحسين السبط عليه السلام لَم يدعُ أهلَ الكوفة بل أتتهُ كُتُبُهم ابتداءً، بأنَّ الإمام الحسين هُو الإمام بالنص والإستحقاق على لسان رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وإنمّا المُبايعة من أهلِ الكوفَة على النُصرةِ والخروجِ معه على الظُلمِ والعُدوان فقط لا أنّها بمبايعَتِهم له أصبحَ إماماً وخليفةً على المُسلمين لأنَّ الإمامة حاصلةٌ له بالنص المُسبق منْ لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك مع علي والحسن . فإن قد تقرّرَ هذا فلنتّجه إلى ذكرِ جهودِ الحسن عليه السّلام في الأمر بالمعروق والنهي عن المنكر باليد في تجييش الجيوش وإرسالِ السّفارات وأخذ البيعات من القبائل ورؤوس العشائر التي تُغنينا مُطالعة كُتب التواريخ عن الإسهاب فيها، فمنها إرساله لمعقل بن قيس الرياحي، وشريح بن هانئ الحارثي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، واستنفارهم لأربعون ألفاً من النّاس ، ومنها إرسال ابن عبّاس إلى رؤساء القبائل ، ومنها اهتمامه بالإشراف على الجيوش وتوليته القادات والأمراء أمثال قيس بن سعد ، وإنْ كُنّا أجملنا هُنا ففي كتب التاريخ التفصيلُ المُمِل فهذا ماكان من أمر الحسن حالَ توفر الناصر والمعين ووجود الظلم والعدوان ، لم يألُ جهداً في أمرِ الخروجِ على الظَّلمة والمُفسدين ، وأمّا ما كانَ من أمرِ صُلحِه وسكوته فهو حقنٌ لدماء المُسلمين ومعرفةً منه سلام الله عليه بخذلان أصحابه وأنصاره وضُعفِ نفوسهم ، لا يكادُ يتألّف قوماً منهم اليوم ، حتى يشتريهم معاويةُ غداً بالمال والذهب ، فآثر الحسن التسليم على أن يعود زمامُ الأمرِ والتّصرّف إليه بعدَ معاوية، فآثرَ الحسن التزام المواثيق والعهد الذي بينَه وبين معاوية وأخذ يدعو النّاس ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالقلب واللسان دون الخروج . لإنّه إن قالَ قائلٌ : لماذا لمْ يُهاجر الحسن إلى أصقاعِ الأرض بحثاً عن النّاصر والمُعين . قلنا : قدْ كان هُناكَ عهداً وميثاقاً يأبى خُلُقُ أبي محمدٍ أن يكون هو الناقض له . فإن قيلَ : قد نقضه معاوية وداسَه بقدمه . قُلنا : قد ضُيِّقَ على الحسن تضييقاً فضيعاً من قِبَلِ مروان وحاشيته ورصدوا الجواسيس على الأبواب والمداخل ليس لبيتِ الحسن فحسب بل لبيوت أهل المدينة ككل، ولو كانَ النّاصرُ راغباً في نُصرةِ الحسن لنَصرَه حال تواجده في ساحة المعركة أيامَ الكرِّ والفر ، ولكنَّ هِمَمَ النّاس قدْ تقاعِست والله المُستعان ، والحُجّة مِن الحسن على النّاس قد قامت كما أقامَها أبوه من قبله لاستصراخه إياهم ولمعرفتهم بحروبه مع الشاميين ولم يُجيبوه ولمْ يَنصُروه والله المستعان .

فهذا هُوَ خبر الإمام الحسن بن علي عليه السّلام وخبرَ سكوته بعد خروجِه ، فجاء الآن دورُ المقارنة بين سكوت المعصومين التسعة أئمة الإماميّة وبين سكوت أبي محمد الحسن عليه سلام الله فنقول : لاحِظ أنَّ سكوت المعصومين التسعة هُوَ سكوتاً لايصحبُهُ رغبةٌ في الخروج على الظُلمْ ، فَلَو كانت هُناكَ منهم على المعتقد الإمامي رغبةً في الخروجِ على الظُلم والإنكار للمنكر باليد والقوّة للَمَسْنا ذلك من خلال تاريخهم وأفعالِهم ، فهذا الإمام علي تتجلّى لنا رغبته في إنكارِالمُنكر عندما كانَ يُظهرُ أمر إمامته من وقتٍ لآخر وعندما كانَ يُخالف الخلفاء في وقتهم ويُخطّئهم وعندَما استجابَ لمَنْ هرعَ إليه طالباً غوثَه ومساعدته ، وهذا الحسن عليه السّلام تتجلّى لنا رغبته في إنكارِ المُنكرِ عندما صعدَ المنبرَ بعدَ وفاةِ والدِه ، ثم بقبولِه بيعة الحاضرين من أنصار والده ، ثمّ بتأمّل نصّ بيعته التي كانَ يُبايعُ النّاس عليها ونص البيعة قوله عليه السلام للمُبايِع : ( تبايع على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سلْم من سالمت، وحرب لمن حاربت) ، وكذلك تتجلّى لنا رغبته في الإنكار للمُنكر من خلال ترغيبه جنوده المُتخاذلين في الجهاد ، وتألّفه للعشائر والقبائل للدخول في طاعته، وهذا الحسين عليه السلام يأخذ بيعات أهل الكوفة له بمحمل الجديّة والإهتمام ، أرْسَلَ الرُسُلَ لاستوثاق الخبر ، لم يجلس طَرْفَة عين عندما توثّق عليه السلام من المُبايعين ، محاربته للطغاة والصبر على المحنة ، نعم! وهذا ما لَمْ نَلْمسهُ من التسعة المعصومين بلْ إنّهم سكتوا حتّى عنْ تنبيهِ النّاس بأنّهم المعصومين المنصوصُ عليهم من لدن رسول الله بل من الله ، وسكَتوا عن حثّ أتباعهم على الخروج لإنكارِ المُنكر بالسيف واليد فإن قالوا : قد قُلنا أنَّ أمير المؤمنين والحسن قد أتتهم البيعات من غيرِ طلبٍ منهم ثمّ خرجوا ، ولم يطلبوا هُم الأتباع فلا معنى لكلامكم بأنّه يجب على المعصومين حثّ النّاس على الخروج ؟! فنقول : فما عَسَيْتُم أنْ يفعلَ أمير المؤمنين لَو لَمْ يأتِه النّاس لمبايعته بالنصرة وذهبوا لمبايعة معاوية الطّليق!! أكانَ سيسكُت ؟! وسيقولُ أنا الإمامُ المنصوص عليه مِن الله والإمام الواجبة عليهم طاعتي فيجبُ أن يأتوني هُم ولن أخْرُجَ ولنْ أدْعُوَ النّاس ولن أستَقْطِب الأنصار ولنْ أُنْكِرَ المُنكَرْ بيدي وسيفي ، وسأبقى في بيتي مُعتكِفاً ؟! أهكذا خُلُقُ أخور ووصي رسول ربِّ العالمين ؟! وهلْ عَسَيتم لو أنّ أتباعَ الحسن لم يبتدأوه مباشرًة عقيبَ موت والده أمير المؤمنين ، بل ذهبوا لمبايعة معاوية الطّليق!! فهل عسيتُم أن يسكُتَ الحسن عن بذلِ جهدِه في الدّعوة إلى الله وإنكارِ المُنكر باليد والسّيف !! أمْ أنّه سيقولُ قد أخطأتم الإستدلال وأنا هُنا جالسٌ في بيتي فَمَنْ أرادَني فليأتِني ؟! أهكذا خُلُق الإمام المعصوم أبي محمّد الحسن عليه السلام . أفيقوا رحمكم الله !! نعم وإنْ كانت الدعوة مِن الإمام المنصوص عليه من الله غير واجبةٍ عليه ، ولكنَّ بيان الأمر على مَن التبسَ عليه أمرُ الإمامة واجبٌ ، وكذلك الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر واجبٌ على الأئمة المنصوص عليهم وغير المنصوص عليهم . فتأمّل ذلك مُوفّقاً .

فإنْ قيل : أنّكم أثبتّم مخالفة سكوتِ المعصومين التسعة عن سكوتِ جدّهم أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام وعن سكوت أبي مُحمّدٍ الحسن عليه السّلام ، فإنّ لهم أسوةٌ حسنةٌ في سكوتِ أبي عبدالله الحسين بن علي عليه السلام قُرابة العشر سنوات قبل خروجه واستشهاده على يد يزيد بن معاوية لعنه الله وأخزاه وهُوَ مَنْ هُوَ في الظُلمِ والعُدوان.

قُلنا : فأمّا الحسين بن عليٍ عليه السّلام فإن العقْلَ قبل النقل يُخبرنا أنّه ما مَنَعَ الحسين عليه السلام من الخروج وإنكارِ المًُنكر إلاّ عٌذرٌ مُقنعٌ كعدمِ توفّر النّاصرِ والمُعين ، ولنا على هذا استدلالٌ عقليٌ قويٌ وواضح : وهُوَ أنَّ الإمام الحسَنْ عليه السّلام بعد صُلحِه لعاوية ومَعْرِفَة جميع المُسلمين بأنّ أمرَ الخلافة الإسلامية سيؤول للحسن من بعده ( أي من بعد معاوية ) ، فإنَّ معاوية قد أمرَ بالتضييق الشديد الذي لم يَبْلُغْ أئمة الإمامية التسعة المعصومين عُشرَه ولا مِعْشارَه ، لأنَّ مُعاويةَ كانَ يعلمُ أنَّ في بقاء الحسنِ حُراً طليقاً في المدينة خطرٌ على المُلكِ الأموي الذي كانَ يُخطِّطُ له ، ولذا فقد عَمِلَ على التضييق على الحسن بصفة خاصّة وعلى بني هاشم وأهل المدينة بعموم ، فلايدخُلُ المدينةَ شخصٌ إلاّ أقاموا عليه الجواسيس كما ضيّقوا على الحسن عليه السّلام مَدْخَلَه ومَخرَجه، إلى أنْ خانّهُ أقربُ النّاس إليه زوجته جعدة أخزاها الله بأمرٍ مِنْ مُعاوية ولعلَّ في هذا جوابٌ على مَنْ قالَ لِمَ لمْ يخرج الحسن ولم يُهاجر طلباً للناصر والمُعين ، أقصدُ بسبب التضييق الشديد عليه ، نَعم ! فانتهى عهدُ أبي محمد الحسن إلى رحمة الله ، فاتّجهت الأنظارُ إلى أبي عبدالله الحُسين عليه السلام مِنْ دونِ ادّعاءٍ منه للإمامة وإعلانها على الملأ ، لأّن النّاس يعَلمون بأنّه الإمام بعدَ أخوه الحسن بالنّص من رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، وبما أنّه المَنظورُ له بعد الحسن فإنَّ الحِصارَ والتشديد كانَ سيقعُ عليهِ قطعاً من مروانَ وأجنادَه بأمرٍ مِن معاوية طبعاً . ممّا جعلَ الحسين عليه السلام يجلس عن الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر لإنعدام النّاصر والمُعين . وممّا يجبُ التنبيه عليه أنَّ روح الجهاد وحُب تغيير المُنكر موجودة في نفسِ أبي عبدالله عليه السلام وإنّما الإستضعافُ منعهُ من إظهارها ، ومِن أكبر الدلائلِ على أنّه كان راغباً في الخروجِ هُو توافُد الكُتب والرَّسائل الكثيرة عليه من أهل الكوفة إذ لو كانوا يَرونَ الحُسينَ مُتقاعساً وغيرُ آبهاً بالخروج والنهي للُمنكر لما تَحمّسوا وأرْسَلُوا بَيْعاتِهْم يحثّونه على الخروج وعلى النُصرَةِ له ، كَمَا أنَّ هذا الموقِفَ الإبتدائي من أهل الكُوفَة يجعلنا نجزمُ بأنّهم يعتبرونَ الحسين إماماً لهم بعد أخيه الحسن مع الأخذ في الإعتبار أنّه لم يقُم فيهم ولمْ يدّعِ الإمامة لأنّ النّص الرّسولي قد أغنى عن هذا الفِعْلِ منه عليه السلام . وهذا ما لَم يتوّفّر عند التسعة أئمة الإماميّة فإنَّ الأغلبية السّاحقة في وقتهم غيرُ مؤمنين بإمامتهم الإمامة النّصيّة !! فإنْ قيلَ : قد ناقَضتُم أنفُسَكُمْ بأنْفُسِكُم !! قبلَ قليلٍ تقولون أنّه كانَ مُضيّقاً عليه تضييقاً شديداً كالتضييق على أخيه من قبلِه ، والآن تقولون بأنَّ الكُتُب والرسائِلَ تتوالى عليه من أهل الكوفة فأين هذا التضييق الرهيب الذي تَزعُمون ؟ قلنا : إنّه لا يخفى أنَّ الحصار والتضييق يَقِلُ ويَخِفّ مع طولِ المُدّة وخصوصاً إذا كانَ المُراقَبُ ساكنَ الحال غيرَ مُثيرٍ لِما يُلفِت الإهتمامَ والإنتباهْ هذا مِن ناحية ، ومِن ناحيَةٍ أُخرى أنَّ تلك المُحاصرة والتضييق على الحسين عليه السّلام قد تخلّلها موت معاوية وتَسَلُّمِ يزيدٍ ولايةَ المُسلمين وفي هذا قد تُخفّفُ ماهية الحصار والتضييق وشدّته على الحسين وأتباعِه . وإنْ كانَ قد تقرّر ما قلنا فلنذكُر لُمعاً من أخبار أبي عبدالله الجهادية الآمرَة بالمعروف والناهية عن المنكر وعَن مدى حِرْصِهِ حالَ توفّر الفرصة المناسبة بأنْ توفّر الناصر مِن أهل الكوفة حتّى بلغوا عشرات الآلاف ، ومنها قبوله بهذهِ البيعات الكوفيّة منْ دون أنْ يقول أنّكم لستم لنا بشيعة أو أنّكم خذَلتم أبي وأخي ، إرساله لمُسلم بن عقيل رضوان الله عليه للتوثق من أمر البيعات التي بايعه عليها أهل الكوفة ، ومنها رفضه لمناشدة ابنته سكينة بالتوقف عن الخروج وقالَ لها مقولتهُ المشهورة بأنْ لو تُرِك القطا لغفا ونام ، ومنها صموده حال المعركة وحالَ منع الماءَ عنه عليه السلام، هذا وذِكرُ مواقفهِ البطولية الجهادية في ميدانِ المعركة تطولُ وتَطول يُغنينا اشتهارُها عَنْ ذِكرِها . فهذا هُو الحُسين بن علي وهذا سكوتُه وهذا جهادُه ورغبتُه الإصلاحية للأمّة المُحمّدية ، قد أقامَ الحُجّة والمَحجّة على الخاذل والجاحِد فسلامُ الله عليه يومَ وُلِدَ ويومَ يموتُ ويومَ يُبعثُ حياً .

وإن قد تقرّر ما ذكرنا فلنتجه إلى المُقارَنة بين سكوت الحُسين عليه السلام وبين سكوت التسعة المعصومين أئمة الإمامية ، فإن قيلَ : قدْ شُدِّدَ عليهم وضُيِّق من قِبَلِ الخلافَتين الأموية والعبّاسية فجلسوا كما ضَيِّق على جدّهم الحسين من الخلافة الأموية فجلس . قلنا : لا سواء ولا مُقارَنة بين التضييقِ على الحسين والتضييق على التسعة أئمتكم ، فإنَّ العلوية الفاطميّة أئمة الزيدية وثوّار أهل البيت قدْ وجدوا أنصاراً وأعواناً رَغْمَ أنَّ التضييقَ عليهم من الخلافة الإسلامية القائمة أكبر من التضييق على المعصومين ، فَهُم المعروفُ عنهم الروحُ الثوري المُنكِر للمُنكَر والنّاقم على الخلافة الإسلامية ظُلمَها وجورَها ، بينما أئمة الإمامية مُرخين سِترَهُم لا يُثيرونَ الثّورات ولا يَستَقْطِبُون الأنصار ، فكانَ خطرُهُم أقلُ شأناً مِن خطرِ الزيدية ، ومِنْ هُنا عرفنا أنّه لا تضييق على المعصومين التسعة إذ لو كان هُناك تضييق شديدٌ فعلاً لما استطاعَ الزيدية جمع الأنصار وجمعَ البيعات ، معَ الأخذ في الإعتبار أنّ التضييق الشديد قدْ يحصلُ في بعض المواقع على بني هاشمٍ ككل وليس على المعصومين التسعة لوحدَهم ، ولكنّ هذا التضييق لا يدومُ طويلاً إذْ أنّه ينتهي بانتهاء المُرادُ منه ( أي المُراد من هذا التضييق بأخذِ أو إلقاء القبض على شخصٍ بعينه ) فإن قيل : سلّمنا لكم أنّه قد كانَ يستطيعُ أئمتنا الخروج من هذا التضييق الذي هُم فيه ، فإنَّ الناصر والمُعين لم يتوفّر لهم كما توفّر لأبي عبدالله الحسين عليه السّلام ، مِن أن جاءتهم كتبٌ ورسائلٌ تطلبُ منهم الخروج كما حصلَ لأبي عبدالله الحسين عليه السلام . قُلنا : لو كان أئمتكم المعصومين الإثني عشريون مشهورةٌ إمامتهم كما كانت مشهورةٌ إمامة أبي عبدالله الحسين لاتّجه النّاس من الكوفة واليمَن إليهم مُبايعين بالنصرة والسمع والطاعة ، ولانهالَت عليهم كتبُ ورسائل النّاس من جميع الأصقاع ، ولتركُوا مُبايَعتهم لأئمة الزيدية من بني الحسن والحُسين عليهم السّلام ، فهذا يُشكّكنا في وجودِ نصٍ إثني عشري رسوليٍ رباني عليهم، إذ لو تأمّلت تسليمَ النّاس من أهل المدينة واليمن واليمامة والحجاز ومكة والبحرين لأبي محمد الحسن بعد موتِ والده والدخول تحت لوائه لوَجدت فعلاً من أنّه كانَ هُناك إيمانٌ بإمامة الحسن بعد أمير المؤمنين الإمامة الشرعيّة ، ولو تأمّلت تخصيص الكوفيين بيعاتهم لأبي عبدالله الحسين من دون بقيّة إخوته ومن دون محمد بن الحنفيّة رضوان الله عليه لوجدت فعلاً منْ أنّه كانَ هُناكَ إيمانٌ بإمامة الحسين بعد الحسن الإمامة الشرعية ، ومِن هُنا فإنَّ مواقفَ النّاس خلالَ المائة والتسعون سنةً عقِبَ استشهاد أبي عبدالله إلى مدة ابن الحسن العسكري ، مواقفُ النّاس تجاهَ التسعة من ولد الحسين لا تُبشّرُ بوجودِ نصٍ شاهرٍ ظاهرٍ بإمامتهم الإمامة الربّانية الرسولية كإمامة أجدادهم علي والحسنين !! بل إنّ مواقفَ أقربِ النّاس إليهم بني عمومتهم أبناء الحسن بل وأبناءُ زين العابدين إمام الإمامية الرابع أمثال زيد وأبناءه يحيى والحسين وعيسى وموقفَ محمد بن جعفر الصادق إمام الإمامية السادس وإبراهيم بن موسى الكاظم إمام الإمامية السابع وغيرهم الكثير من أهل البيت ، نجدُ أنَّ مواقفهم تجاه المعصومين التسعة أئمة الإمامية غيرُ مُبشّرَةٍ بوجودٍ نصٍ ظاهرٍ مشهور!! نعم ! ثمّ نقولُ : نعَم قد سلّمنا لكم من أنَّ الإمام المنصوص عليه من ربّ العالمين ليسَ عليه أن يدعو النّاس إلى إمامته ولكنّ عليه أنْ يُقيمَ حُجّة الله في الأرض بالخروج والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر متى ارتَفَعت الموانع ، بأن توفّر الناصرُ والمُعين ، ولن يتوفّر الناصر والمُعين إلاّ بحثّ النّاس وترغيبهم في الخروج أو على الأقل إظهار الرّغبة في الخروج بالتحدّث بهذا بين الأتباع والأشياع ، وهذا مالم يحصل من أئمة الإمامية التسعة المعصومين على اعتقاد الإمامية ، بل المُطَّلعُ على حالهم من كتُبِ وروايات الإمامية الحديثية يجدُ أنّهم قد وصلوا إلى أعلى مراتب الإتّقاء والخوف والتخفي !! حتّى وصَلَتْ الدَّرجة ببعض الروايات الإمامية أن تصفَ بعضَ المعصومين التسعَة بالإنكارِ على السّائل لهم ( أي للمعصومين ) عن إمامتهم ؟ فتجد المعصومين ينفونَ الإمامةَ عن أنفسهِم !! من الخوفِ والتقيّة !! بلْ إنّهم يُبالغونَ في التشديدِ على أصحابهم في عدمِ إفشاء سرِّ إمامَتِهم!! وهل النص المشهور يحتاجُ من المعصومين إلى طلب إخفاءه ، وهل يدخلُ العقل هكذا كلام ، إلاَّ عندَ مَن أعْمَت المذهبية والعصبية عقلَهُ وقلْبَه فإنَّ لها مجال !! انظر حديث الثقلين والسفينة والغدير والمنزلة والنجوم والطير وأمثالها ، هل اختَفَت عن النّاس أو اشتهرَت حتى بُهر البعضُ بطُرُقِ إسنادِها ، ثم انظر حديث الإثني عشر المروي على حدِّ زعم الإمامية من ستٍ وعشرين صحابياً بالإسم والعدد وتأمّل مدى انحصارهِ وانتشارِه في فئةٍ قليلةٍ من أتباعِ الأئمة المعصومين ، بل انظر إلى تلكَ الرواية اليتيمة عن ابن عبّاس في تجويزه المتعة كيف طارَت في الأصقاعْ واحتوتها كُتبُ المُحدَّثين والحُفّاظ ، واحكم على عدمِ رواجِ هذه الرواية الإثني عشرية المروية عن طُرُقِ كبار الصحابة أمثال عبد الله بن العباس وعبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك أبي هريرة وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم وأبي أمامة و واثلة بن الأسقع وأبي أيوب الأنصاري وعمار بن ياسر وحذيفة بن أسيد وعمران بن الحصين وسعد بن مالك وحذيفة بن اليمان وأبي قتادة الأنصاري وعلي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين عليهم السلام ، ومن النساء أم سلمة وعائشة وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فبلله عليكَ أين الخلل ؟! أفي هؤلاء الصّحابة الكرام ؟! أمْ في الآخذين والمُحدّثينَ عنهم ؟! إنْ قُلتَ في الصحابة فقد كَتَموها وحَجبوها وقللّوا من رواياتها ! قلنا : جوابُ القارئ هُوَ جوابنا عليكم فإنْ كان أمثالُ هؤلاء سيُخفي نصاً كهذا فعلى سُنة الرسول العفاء . وإنْ قُلْتُم : الخللُ في مَنْ حدَّثَ عنهم فقد كانوا حريصين على الإخفاء لهذا النّص الإثني عشري المُلزِم . قُلنا : وهذا مالا يقولُه أولي العقول النيّرات ، فالأمة لن تُجْمَع على إخفاءِ أمرٍ كهذا في الأهميّة ،كيفَ لا وهُوَ يحْملُ أمراً جللاً به يتم الإيمان وبه ينقُص ، به ينجو المرءُ وبهِ يهلَك ، ثمّ انظر فضائلَ أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السّلام كحديث الثقلين والراية وبراءة والمنزلة والطير والسفينة والغدير والنجوم ، رغمَ جهودِ بعضِ المُحدَّثينَ والحُفَّاظِ في كتمها بأوامرِ الخلافات الإسلاميّة في وقتهم أو بهوىً منهم والعياذ بالله ، انظر إلى هذه الأحاديث وتأمّل كيفَ خرجَ من بينِ الكِتمَينْ ما ملأ الخافقين منها ، وأمّا النص الإثني عشري فلا ندري ما حالُه ؟! وهُو الأهمّ والأوضحُ في العبارة والإستدلال من خبري الثقلين والسفينة وأمثالهما ، ثمّ انظر إلى فضلِ زين العابدين وكيف أقرَّ به الموالفُ والمُخالف وانظُر إلى القصيدة الفرزدقية التي قيلَت فيه كيفَ طارت في الأصقاع وكيف تناقَلها العالِمُ والجاهل ، فلو أنَّ زين العابدين مُحدِّثٌ بحديثٍ إثني عشريٍ كهذا فمَا سيكونُ حالُه ؟! بل وتأمّل خطبته عليه السلام بين يدي يزيد والمسلمون في المسجد هل نطقَ عليه السّلام بحرفٍ واحدٍ يُفيدُ بالخبر الإثني عشري، وهلْ ذكرَ أبناءه الثمانية في جُملَة مَنْ فُضِّلَ أهل البيتِ به عندما ذكر علي وجعفر الطيار وحمزة وخديجة وفاطمة الزهراء والمهدي والحسنين ، تأمّل هلْ ذكرَ نَفْسَهُ أو ذكرَ ولدهُ الباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري !! ثمّ لا يفوتُكَ أن تتأمّل ذيوعَ هذه الخطبة وصداها الواسِع بين الشيعة وغيرهم ، ثم تأمّل كيفَ تناقلَ المؤرخونَ خبَر إخبارِ جعفر الصادق بمقتَلِ محمد بن عبدالله النّفس الزكيّة قبل المعركة، وهُوَ ذاكَ الخبرُ الذي صَدَرَ من الصادق في ظروفٍ كانَتْ أعيتُ الأمويين تَرْقُبُ اجتماعات الفاطميين فيه ، ثم تأمّل عدمُ تناقلِ المؤرخين والمُحدّثينَ لحديثٍ واحدٍ صدرَ منه عليه السلام بخصوص إمامته أو إمامة الإثني عشر أو حتى خبرٍ واحدٍ يُفيدُ وصايتَه لابنه موسى الكاظم من بعده؟! فسَتَجد أنّه لن تجتَمع الأمة بأسرها على إجماعٍ كهذا الذي تزعمه الإمامية من إخفاءٍ ودَفْنٍ لهذا النص الإثني عشري والله المُستعان !! أضِفْ إلى هذا الإجماعِ من الأمة على جحدِ حقّ أبناء الحسين التسعة إجماع أهل البيت من بني الحسن ومن بني الحسين على إخفاءهِ والجحودِ به، وناهيكَ بإجماعِ هؤلاء القومِ من إجماعْ !! وإنْ قد عرَفنا هذا ، جزَمنا ببطلان مَنْ قال أنَّ الصحابة تواطئوا على عدمِ التحديث بهذا الخبر ، وعرفنا بطلانَ قول القائل بأنَّ الأمة قد تواطئت على إخفاء هذا النّص الإثني عشري ، فبقي أمامنا احتمالٌ واحِدٌ لا ثالِثَ له وهُوَ أنّه لايوجدُ نصٌ إثني عشريٌ أبداً ، وإنّ ما نشاهدُه اليوم في كتب الإمامية من رواياتٍ سببها الغلوُ والخطأُ والتدليسُ من الأولّين والإتباعُ الأعمى من التّابعين ، ولنا شواهدُ عديدةٌ على أنَّ النّص كان مُضطربٌ غيرُ مستقرٍ فيما قبل عصر الغيبة ، مما يجعلنا نجزم بأنَّ النص الإثني عشري ما تبلورَ ولا تكوّنَ إلاّ بعد عصر الغيبة . نعم ! وممّا ينبغي التنبيهُ عليه قبل أن نختِمَ رسالَتنا هذه هُوَ قولُنا أنّ الإمامَ المنصوصُ عليه من الله لايجب عليه الدّعوة ولا يجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر إلاّ حالِ توفّر النّاصر والمُعين ، وإنّما قُلنا لايجب عليه الدعوة أي لا يجب عليه أنْ يدعُوَ النّاس إلى إمامته لأنَّ النّص مُغْنٍ عنْ أنْ يقومَ الإمام في النّاس ويقول أنا الإمام ، ولكنّه ينبغي للإمام أنْ يُخبرَ ويُرشِدَ من أخطأ الإستدلال على النّص عليه ، كما حصلَ وأنْ قام أمير المؤمنين في الرحبة يُشيرُ إلى إمامة نفسه وأنّكم أخطأتم الإستدلال ، وأبي محمّد الحسن عليه السّلام قدْ كانَ يُخاطِبُ المُخالف له بلفظة أمير المؤمنين تنبيهاً لهم بأنّه هُو أمير المؤمنين لا معاوية ، وأبي عبدالله الحسين فإنّه ما خرجَ إلاّ وهُوَ أمير المؤمنين ، والأئمة التسعة المعصومين قد قصّروا مِن هذه الناحية فلَم يقتدوا بأمير المؤمنين علي ولا بأبي محمد الحسن ولا بأبي عبدالله الحسين سلام الله عليهم أجمعين ، فَلمْ يُخطئوا القائل بإمامَة غيرَهم تخطئةً ظاهرةً شاهرة ، وإنّما اقتصر الإمامية على رواية الأخبارِ التخطيئيةِ عنهم روايةً سريّة فيما بينهم وبينَ أتباعِهم وفي هذا تأمّلْ بارك الله فيك . وقُلنا لايجب عليه الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر إلاّ حال توفّر النّاصر والمُعين ، فإنْ لم تأتِ البيعَات ابتداءً مِن النّاس ، فهذا لايعني أن يجلس حُجّة الله والشهيدُ على النّاس في بيتِه ويُرخيَ سِتره ، بل عليه أنْ يقومَ بأعظم الفرائض وأفضلها فريضة الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر بأنْ يُرغّب النّاس في الجهاد والشهادة وإحياء الدين وإماتة البدع وهدم منابع الفتن ، وأنْ يَطلُبَ النصير والمُعين للخروج ، ولا معنى لإحتجاجِ المُحتّج بأنَّ أمير المؤمنين أتتهُ البيعاتُ من النّاس من غيرِ طلبٍ منه ، لأنّا نقول بأنّه يُستحالُ عقلاً وشرعاً أنْ يجلس أمير المؤمنين في بيته في المدينة ويترك المُسلمين في يدِ ولايَةٍ ظالِمة وأن يجعل أحكامَ معاوية وأضرابه تمرُ من أمامِه دون أن يقومَ ويَنهى عن الظُلمِ والمُنكر ويأمُرَ بالإحسانِ والمعروف ، ولو تأمّلت وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام للحسن وإخوته لوجدْتَ ما نصّه: (والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم...والله الله في أُمّةِ نبيكم فَلا يُظلمن بين أظْهُرِكُم ... لا تخافوا في الله لومَة لائم فإنَّهُ يَكْفِكُمْ مَن بَغَى عليكم وأَرَادَكُم بِسوء قولوا للناس حسناً كما أمركم الله .... ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولي الأمر عنكم وتَدْعُونَ فَلا يُستجَابُ لكم ... ) ، فهلْ مَن هذهِ وصيّته سيتوانى عن بذلِ الجُهد في سبيل إحياء دين الله ودين الرسول !!، نعم! وكذلك لا حُجّة لِمن قال بأنّ أبي محمد الحسن قد بايعهُ النّاس على النصرة والطاعة ابتداءً منهم دونَ أن يطلب الناصرَ والمعين ، لأنّا سنقولُ بأنّه يُستحالُ عقلاً وشرعاً أن يجلسَ أبي محمّد عن إبلاغِ الجُهدِ والجَهْدِ في الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر وأنْ يُخالِفَ وصيّة أبيه أمير المؤمنين بل ووصيّة جدّه محمد صوات الله عليه وعلى آله مِن قَبْلِ وصيّة أبيه ، ومَع هذا فلو تأمّلت أيها الباحثُ المُنصِفْ أبي محمد وهُو يُرسلُ اتباعَه إلى القبائل والعشائر يستحثّونهم على الخروج معه لغيّرت رأيكَ في أنَّ للتسعة المعصومين قدوَةٌ به حالَ سكوتِهم وعدم طلَبِهم للناصر والمعين، إذ لو كانَ الأمر كذلك لاكتفى أبي محمّدٍ بمن قد كانَ بايَعَه في البداية من أتباع أبيه ولَم يُبْلِغ الجهد في جَمْعِ المزيد من الأنصار والأتباع بأنْ قام بإرسال السفارات والرُسُلِ إلى القبائل ووجوهِ العَرَب لِيَسْتَقْطِبَهُم ويَضُمّهم إلى جيشه ، وفي هذا فليتأمّل المُتأمّلون ، نعم! فالعُذر للإمام عن الخروج وتغيير المُنكر حالَ إبلاغِه الجهد في أن يتوفّر له النّاصر والمُعين على الخروج ولكنْ دونَ جدوى ، كما حصلَ لأبي محمّد الحسن عليه السلام عندما خذلَه النّاس بعد أنْ أبلَغَ معهم الجُهْد في الدعوة فعندها آثرَ المصالحة .

هذا والله نسأل أنْ يَفْتَحَ بيننا وبين قومنا بالحق ، إنّه على ذلك قدير ، والصلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الغر الميامين نجوم السماء وسُفنُ النجا ، ورضوانه على الصحابة الراشدين الذين خرجوا من الدنيا وهُم على يقين ، والتابعين لهم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدين ، وارضَ عنّا معهم ياربَّ العالمين .

====

تحياتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبدالملك العولقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 302
اشترك في: السبت مايو 08, 2004 4:23 am

مشاركة بواسطة عبدالملك العولقي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات وأزكى التسليم ، على المبعوثين رحمة للعالمين ، أبا القاسم محمد وآله الغر المعصومين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعاً


الأخ / الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بخصوص إمام أهل الرأي أبي حنيفة – مع إحترامي لتقديركم إياه – فهو إلى النصب لأهل البيت عليهم السلام أقرب مما تدعون ، وفي هذا رد كاف لما أوردتموه بخصوصه .

وأما بخصوص ما عنونتم له ب " حُجَجُ العقول في الدعوة والتبليغ (3) " فقد قرأته سطراً سطرا ، وكلمة كلمة ، وحرفاً حرفا ، ومع كل التقدير لجهدكم الكبير إلا أن لي عليه ملاحظتين هما :

1 - أنني لم أر فيه ما يدفع الحجة التي أقمناها عليكم ، وهي بالتحديد مقارنة أوضاع الأئمة الإثناعشر عليهم السلام حال إستضعافهم ، وعدم التمكين لهم ، والباحث المنصف لا مناص له من القول بأنه قولهم وفعلهم جميعاً في مثل هذه الحالة جوهره واحد لا إختلاف فيه البتة .
ولكنكم - وللأسف الشديد – إنتصاراً لمذهبكم القائم على وجوب الخروج بإشهار السيف ، تريدون إلزام الأئمة عليهم السلام بما لا يلزمهم ، فهذا المبدأ – بشروطكم - حجة عليكم وليس بحجة على غيركم أخي الكريم ، وقد سبق أن كررت عليكم أن فعل الإمام حجة في ذاته وليس العكس .
ولو أردنا أن نلزمكم بما ألزمتم به أنفسكم عبر تاريخ الزيدية الطويل لخرجنا بنتيجة مفادها أن هذا الشعار ، ومنذ زمن طويل قد أصبح شعاراً نظرياً إلى حد بعيد ، فكم قد كرت من السنين لم نسمع فيها إماماً زيدياً خرج شاهراً سيفه ، ولم نسمع بإمام زيدي هاجر إلى أرض الله الواسعة جمعاً للناصر ، بل أن الدول الزيدية في عز مجدها لم تتعدى حدود دولتها وكأن دعوة الناس كافة ليست تكليفاً شرعياً !!! بل أن ما يمكن أن يصدق عليه مبدأ الخروج بالسيف - متمثلة في حركة السيد حسين الحوثي - قد قوبلت بالإستنكار من أئمة الزيدية أنفسهم !!! وعلى فرض مخالفة السيد الحوثي لبعض علماء الزيدية كالسيد مجدالدين المؤيدي فليس ذلك بعذر شرعي لعدم مناصرته ، فالإختلاف في الإجتهاد مسوغ في الزيدية ، بل أنه يعد من نقاط قوته .
فهل نستطيع أن نقول في هذه الحالة أن السيد الحوثي قام بما يحتمه عليه مذهبه ، بينما بقية الأئمة جالسون في بيوتهم مرخون عليهم سترهم ؟؟؟ !!!
أنا شخصياً لا أقول بذلك ، وحاشا أن أقول كذلك ، وقد بينت لكم سابقاً أنني أرى أن ما فعله ويفعله السيد الحوثي هو عين الخطأ ، بل هو جريمة كبرى ، وأن ما فعله السيد المؤيدي وبقية علماء الزيدية هو عين العقل الصواب وفيه حفظ لوحدة الإسلام والمسلمين وللمذهب الزيدي ولأئمة الزيدية كذلك .

2 – أنني قد أخذت على نفسي عهداً بأن لا أطعن البتة في أئمة الزيدية من أهل البيت عليهم السلام ، وإسترسالك فيما قد أجبنا عليه مراراً ، كأني به يأخذني إلى هذه المنطقة التي جعلتها على نفسي خط أحمر لا أتجاوزه ، وإن شاء الله تعالى لن أتجاوزه .
وعلى ذلك فأكتفي بما أوضحته من بيان ، أعتقد بكل تواضع أن فيه الكفاية لدفع ما ترمون به أئمتنا الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم .

وفي الأخير أخي الكريم ، قد لفت نظري في إجاباتكم حسن التنظيم بعناوينها الثلاثة ، فإن كانت مما جادت به أناملكم الكريمة – وهذا ما أرجحه - فإنني أرى فيها مادة جيدة يمكن أن تكون مشروع كتاب إذا ما تمكنتم من إستيفاء الموضوع بكافة جوانبه ، وإستيفاء بعض الأدلة والمراجع .
وإن كان ما أوردتموه هو إقتباس من أحد الكتب مثلاً فالأمانة العلمية تحتم الإشارة إليه .

وفقكم الله جميعاً
وأطلب السماح من الجميع لأي شيء يكون قد بدر مني سهواً أو عمداً .

اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ...........

الدكتور عبدالملك ........... بعد التحية والإكرام

فٌلْتَ :
بخصوص إمام أهل الرأي أبي حنيفة – مع إحترامي لتقديركم إياه – فهو إلى النصب لأهل البيت عليهم السلام أقرب مما تدعون ، وفي هذا رد كاف لما أوردتموه بخصوصه .
أقول : هناك روايات تفيد أن جعفراً الصادق عليه السلام قال : لقد تحقق حب أبو حنيفة لنا أهل البيت بنصرته زيد بن علي ، أو بما معنى كلامه ، !! لكن لا بأس ما رأيك في البقية ؟ أمثال سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وشعبة بن الحجاج مُحدّثين عن جعفر ومنهم من درس على يديه ؟

ثم قُلْتَ ما نصّه :
1 - أنني لم أر فيه ما يدفع الحجة التي أقمناها عليكم ، وهي بالتحديد مقارنة أوضاع الأئمة الإثناعشر عليهم السلام حال إستضعافهم ، وعدم التمكين لهم ، والباحث المنصف لا مناص له من القول بأنه قولهم وفعلهم جميعاً في مثل هذه الحالة جوهره واحد لا إختلاف فيه البتة .
وأنا أقول : لي عقلٌ واطّلاع ولك عقلٌ واطَّلاع وللقارئ عقلٌ واطّلاع ..... فأنا وأنتم قدّمنا نموذجاً لمناقشةٍ لا ندّعي الكمالَ فيها ... ولكن ... سنجعلها رسالةً بل رسالات إلى أصحاب الهِمَمَ والبحث والتنقيب... تفْتَحْ لهم أبواباً علمية بحثية يضعونها بأعين الإعتبار ...... من شخص الدكتور عبدالملك العولقي الإمامي ... ومن شخص الكاظم الزيدي .... !!

ثمّ قُلْتَ ما نصّه :
ولكنكم - وللأسف الشديد – إنتصاراً لمذهبكم القائم على وجوب الخروج بإشهار السيف ، تريدون إلزام الأئمة عليهم السلام بما لا يلزمهم ، فهذا المبدأ – بشروطكم - حجة عليكم وليس بحجة على غيركم أخي الكريم ،
أقول : نَعَمْ أنَا أسعى جاهداً لأجسّد أعمال علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين وأخوه وحامل لواءه، ليث الكتائب، ومُزْلْزِلُ الصناديد ، أنا أسعى لإظهارِه هوُ وبنيه سيدا شباب أهل الجنة فلذتا كبد الزهراء ، بأولئك النّفر الآمرين بالمعروف النّاهين عن المُنكر ، الغير متوانين في مدّ العون والإنقاذ لأمّة جدّهم ، ينتظرون الفُرَص ويتحيّنونها للقضاء الظُلْم والعدوان ، تمثّلوا وأقاموا ولم يُفرِّطوا في أعظم الفرائض [ فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ]

وأنتم تصورونهم بأنّهم أولئك الغير مُبالين بأمّة جدّهم ، القاعدين ، مُرخيي الستر ،، إن استدّل عليهم النّاس وإلاّ فلا أمرَ بمعروفٍ ولا نهيَ عن مُنكر !!

وشتّان بين ماذهبنا إليه وما ذهبتم إليه .... فنحنُ ذهبنا إلى أمرٍ فيه رِفْعَتُهم .. وأنتم ذهبتم إلى أمرٍ فيه إلحاق الذلّ والنقص بهم ،، ولله المستعان !!!


نَعم بالنسبة للتعليقات على الإمامة الزيدية، وأنها انحصرَت همم أتباعها من زمنٍ طويل على هذه البقعة اليمانية ، فلن أطلب إلاّ مراجعة تاريخ الأئمة الزيدية عليهم السّلام ، ثمّ احكم أنحنُ معشر الزيدية منْ اقتَصرَت هِمَمُنا عن ذيوع عِلْمِنا عِلمِ محمد وآل محمد ، أم أنتم معشر الإمامية وسابقيكم الغير مجوزين لأيّ خروجٍ لأيّ رايةٍ سوى راية المهدي المنتظر!! فإن كان كما قُلتْم فقد كانَ لدينا هِمَةٌ للإبلاغ والإيصال للدعوة إلى أبعد الأماكن والديار ، وأمّا أنتم فلا هِمّة ولا رَغْبَة إلاّ بوجود المعصوم م ح م د بن الحسن العسكري !! وفي هذا سنتمثلُ اليومَ بما تمثّل بها إمامنا الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام عندما أنشأ قائلاً :

لسنا نخافُ العالَمِينَ بأسرِهم ====== والجنّ لو جُمِعِوا بكلِّ سياط
إنَّا بأمرِ الله ننصُرُ دينَه ========= ونُذِيُعُهُ في العرَب والأنباط
فلِذاكَ لا تخشَى الذي حاذَرْتَه ===== مِنْ جَمْعِ كلِّ أراذلٍ أشراط


ومن شِعرِه عليه السلام :

صَبَرَ الزّمانُ عليَّ إذ صابَرْتُهُ ===== حتى بَدَتْ فيه الملالَةُ تَسْطَعُ
.
والله ربِّي والنبيّ فوالدي ====== واللهُ يَحفَظُني وعنّي يدفَعُ
.
إمّا تُؤَخِّرُني المَنيّة فَيْنَةً ========== إنَّ المَنيّةَ قدْ تغُولُ وتَصْرَعُ
فلَعلَّنِي أوطِي السَّنابِكَ عُنوةً ===== مَدَرَ العراقِ ومَنْ بها يترفَّعُ

.
خانُوا الإلَهَ وعطَّلوا أحكَامَهُ ===== فمتى أرى البيض البواتر ترتعُ

هذا ولَو وقعت في أيدنا السيرة المنصورية للإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام ، لَذكرْنا شيئاً من حُكْمِهِ وجهادِه وهمّتِه في إيصال دعوته إلى أبعد الأماكن والبلدان سواءً بالرسائل أو بالسيف ، وكما قُلنا تاريخ الزيدية مليئٌ بأمثالِ هؤلاء الإمامَين عليهما السلام ، يغنينا عن سرد أحوالهم مراجعة الكتب والمراجع .

وأمّا عن المقارَنة وجعلْ ما يحدث اليوم للسيد حسين الحوثي ، فلنترك أولي الإنصاف يعرفون مَن هُو السيد حسين الحوثي وهل هو زيدي ؟! ولماذا خالَفه علماء الزيدية وأنْكروا عليه ؟! هذه أسئلة يجب أن يُجابَ عليها ، ثمّ بعد التأكد من صحّة الإجابة نُطلِق أحكامنا العشوائية ..

وفي الأخير أخي الكريم ، قد لفت نظري في إجاباتكم حسن التنظيم بعناوينها الثلاثة ، فإن كانت مما جادت به أناملكم الكريمة – وهذا ما أرجحه - فإنني أرى فيها مادة جيدة يمكن أن تكون مشروع كتاب إذا ما تمكنتم من إستيفاء الموضوع بكافة جوانبه ، وإستيفاء بعض الأدلة والمراجع .
وإن كان ما أوردتموه هو إقتباس من أحد الكتب مثلاً فالأمانة العلمية تحتم الإشارة إليه .
نَعَمْ ، إنشاء الله لن يَخيبَ ترجيحُكَم في أنَّ أناملي هي التي سطّرت رسالات حجج العقول ، ولو أسعَفَنا الوقتُ لذكرنا أعظمُ ورطةٍ وقعَ فيها الإماميّة وهي القول بالوصيّة من الإمام السابق إلى الإمام اللاحق وفي نفس الوقت يؤمنون بوجود النص الإثني عشري الظاهر المشهور ، ولكن لله وللأشغال !!

بخصوص الأمانة العلمية ، وأخذ جهود الغير ، فالحمدلله ما ذهبنا إلى هذا ، ولعلَّ القارئ النبيه سيعرفَ أنَّ أسلوب الكتابة للرسائل السابقة أسلوب مبتدئين غير محترفين .

وفي هذا أضعُ أمامي قول إمامي وسيدي مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي الرسي الحسني العلوي الفاطمي الهاشمي عليه وعلى آبائه سلام الله ، عندما قال مُستنكراً على أولئك الآخذين جهود غيرهم في كتابه لوامع الأنوار ما نصّه :

(( لاكما يصنع كثير من الماسخين المنتهبين؛ فلعمري، إنه عمل غير محمود، ومذهب ذميم، وما يُؤْمِنُ صاحبَه من الولوج في زمرة الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا؛ والمتشبع بما ليس فيه؟!. .... ولو لم يكن في الإضافة إلى صاحب الكلام، إلا أنه الحق الصريح، وأن فيه تيسير البحث للباحث وتمكين المطلع من التصحيح، وغير ذلك مما لا يعزب على ذوي النظر الصحيح ؛ ولا يغتر ناظر بما قيل: إنه أمر يرتاح له اللبيب، وللأرض من كأس الكرام نصيب؛ فإنما هو تسلية للمأخوذ منه لا الآخذ فهو غير مصيب. .... ولا شك أن ذلك الصنيع بعيد عن المقصد الصالح، والمنهج الراجح؛ عصمنا الله تعالى عن الزلل، ووفقنا لرضاه وتقواه في كل قول وعمل. ))

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد القائمين والقاعدين ، على زيدٍ و محمد الباقر، وعلى النفس الزكية وجعفرٍ بن محمد ، وعلى الحسين الفخي وعلى موسى بن محمد ، وعلى محمد بن إبراهيم وعليٍ بن موسى ، وعلى القاسم الرسي ومحمّد بن علي ، وعلى الأفاضل والعُبّاد من أهل هذا البيت العلوي الفاطمي ، وارض اللهم على الصحابة الرّاشدين من خرج منهم من الدنيا وهو على يقين ، والتابعين لهم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدين ، وارضَّ عنا معهم يا رب العالمين .



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آخر تعديل بواسطة الكاظم في الاثنين يوليو 19, 2004 4:34 am، تم التعديل 4 مرات في المجمل.
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

إبن حريوه السماوي
مشرف الجناح التاريخي
مشاركات: 679
اشترك في: الأحد مايو 30, 2004 3:03 am

عجب

مشاركة بواسطة إبن حريوه السماوي »

الدكتور العولقي حياك الله ، قلت لك سابقا إن موضوع الدعوة والذي ابدءته وأكمله الاخ الكاظم وأبدع فيه لن تجد مثله في أي كتاب من كتب الزيدية بهذا الشكل ولله سيدي مجد الدين في كلامهم الذي أورده الكاظم حياه الله .
أخي الدكتور تكملة لكلام الكاظم أقول :

وحسبكم هذا التفاوت بيننا
وكل اناء بالذي فيه ينضح
الله ربنا ومحمد نبينا والقرآن كتابنا والإسلام ديننا وعلي وولداه أولياؤنا والزهراء سيدتنا وزيد بن علي إمامنا ويحيى بن الحسين نورنا وهادينا وأهل البيت قدوتنا .
نحن من أشاد الدين بعد ممات الحسين ،إمامنا بالدم فداه كجده حين قال إن كان دين محمد لن يستقم الإ بقتلي فياسيوف خذيني ، وسارت على دربه زيدية نشرت رحى العدل، فيحيى بن الحسين في يمن والناصر في الجيل والديلم وإدريس في المغرب والبقية قدمت دمائها فداء لدين جدهم ، رفضوا الذل والظلم ،رفضوا أن يعصى الإله،غضبوا لدين جدهم حين بدل ، من سار على درب الحسين ؟زعمتم أنه قعد والدين يضرب :!: :!: فأخبرونا لماذا رفض بيعة يزيد من قبل أن تأتيه رسل العراق ،فهل هذا من التقية أم قعود ؟فهل خاطب الحسن معاوية بالإمارة للمؤمنين؟ أم قصر في نشر العدل وقتال الظالمين؟فانظر من أولى بالخمسة نحن أم أنتم ،لا نعيب ثمانية نجوم حق وفرض من الله علينا محبتهم .
والتاسع خيال محض لم تعرفوه ،تريدون أن نؤمن به وهو في أوسع خيالكم موجود. فعند الله تجتمعوا الخصوم.
لشيعة زيد ويحيى فخر الجهاد وعزه ،ساروا بهدي القرآن، لأمر ربهم استكانوا فباعوا النفس من بارئها، منا حاضر وأبو السرايا والحداد والإسكافي ، مناالرجال حول النفس الرضية تجمعوا فلقوا ربهم بدماء المسك يفوح منها والعنبر وبعهد ربهم عملوا وتمسكوا وما قصروا ،منا الطبريون في صنعاء حول يحيى استماتوا ، مناالصابرون كأصحاب الحسين استشهدوا ، أخافوا الظالمين وأفزعوا قلوب طغاة بالدين تلاعبوا ،
منا السماوي وحيدا أمام جبار عنيد تنمر ، بروح الحسين تكلم وزئر ،وبصوت زيد قض مضجع الظالمين وصفوهم كدر ، فنال الشهادة عزيزا كريما وللقاء حبيبه ما تأخر، وبخاتمة الحسين وزيد لقى ربه وكم وكم نفخر وهذا يكفي لنا مفخر .
.

رمنا الفخار فنلنا منه ماشينا
لما مشى في طريق المجد ماشينا
واسأل لسان المعالي ما تلى فينا
وقل للاحقنا ما أنت لفينا
نحن الكرام وابناء الكرام فإن
تجهل مكارمنا فاسأل أعادينا
الشمس والبدر أدنى من مرتبنا
والأنجم الشهب غارة من مساعينا
مدحي لكم يا آل طه مذهبي .... وبه أفوز لدى الإله وأفلح

وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح

الحسن بن علي بن جابر الهبل رحمة الله عليه


الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ......

قال تعالى : وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

وقال تعالى : كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ

وقال تعالى : يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ

وقال تعالى : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

وقال تعالى : إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ** التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

وقال تعالى : وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ .... يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ .


=============

خلاصة ما دارَ في هذا الحوار ، بزر الفأرة الأيمن ثم اختر حفظ بإسم :

حُجَجُ العقول في الدَّعوَة والتّبليغ (1)

http://www5.domaindlx.com/maktbah/hjj-al3qool%201.doc

حُجَجُ العقول في الدَّعوَة والتّبليغ (2)

http://www5.domaindlx.com/maktbah/hjj-a ... 202%20.doc

حُجَجُ العقول في الدَّعوَة والتّبليغ (3)

http://www5.domaindlx.com/maktbah/hjj-a ... 203%20.doc

============

تحياتي
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

البدر الشهيد
مشرفين مجالس آل محمد (ع)
مشاركات: 58
اشترك في: السبت يوليو 10, 2004 10:11 pm
مكان: بوخارست

مشاركة بواسطة البدر الشهيد »

بسم الله
وَدَّعَ الـصَـبـرَ مُـحِــبٌّ وَدَّعَـــك *** ذائِعٌ مِن سِرِّهِ مـا اِستَودَعَـك
يـا أَخــا الـبَـدرِ سَـنـاءً وَسَـنـاً *** حَـفِـظَ الـلَـهُ زَمـانــاً أَطـلَـعَـك

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“