الاصطفاء .... ( من كتاب الله ) ... زيدي - جعفري !!! .

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
مغلق
الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

الاصطفاء .... ( من كتاب الله ) ... زيدي - جعفري !!! .

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، ورضوانه على الصحابة الراشدين ، والتابعين لهم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدّين .

وبعد :

تحيّة مُباركَة ، لأعضاء المجالس الكرام .... وتجبيلٌ وإقدار .

كُلّنا يَعلَم ، أنَّ كتاب الله تعالى محفوظٌ من بين يديهِ ومِن خَلفِه ، وهُوَ محلُّ اتفاقِ المُختلفين بالإجمال ، ومحلّ افتراقِهم بالتأويل ، عَصمنا الله وإياكمُ من الإفراط والتفريط في تأويل ( تفسير ) الكتاب العزيز.

استوقفَني تصريحٌ لأحد المُستبصِرين بصّرَه الله طريق الهُدى ، يَستشكلُ أنْ كيفَ للزيدية ، أن تَجعلَ نصوص الولايَة في جميع الآل ، مع وجودِ الفاسقين الظالمين ؟ ولا تُؤمنُ بها في أُناسٍ مخصوصين معصومين .. إلخ كلامه . ( وهُو بالمعنى ) .

فحرّرنا له جواباً ( على كتابٍ له ) ، فاسترسلَ قلمنا في الجواب ، واستحضرَنا ، قولُ الله تعالى : (( والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير () ثم أورثنا الكتاب الذين اصْطَفَينَا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير )) ، واستحضَرنا تأويل وتفسير فقيه الآل الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) ( ت 247هـ ) ، والذي منه : أنّ الظالم لنفسه : هُو المُرتكبُ للخاطيا والذنوب من أهل البيت ( أبناء الحسن والحسين ) ، والمُقتصد : هُو الزاهدُ العابد المُشتغلُ بنفسه وبربّه ، والسابق بالخيرات : هُو الإمام الداعي إلى الله من ذرية الحسن أو الحسين (ع) ، وكذلكَ كان تأويل الإمام الهادي إلى الحق في القياس .

فتأمّلتُ الآيةَ ثانيةً وثالثة ، فحضرتني أسئلةٌ وأسئلَة أوّجها إلى عموم الجعفرية ، أختصِرها ، في سؤالهم : أليسَ الآيةُ بالمعنى تقول : ثمّ أوَرَثنا الكتاب ، الذينَ اصْطَفَينَا واختَرنَا وانتجَبَنا ، من عِبَادِنا ، فمِنَ هؤلاء الذينَ اصطَفينا وكرَّمنا ثلاثُ طوائف : طائفةٌ ظالمَةٌ لأنفُسهِم ، وطائفةٌ مُقتصدةٌ عابدةٌ زاهدة ، وطائفةٌ سابقةٌ بالخيرات ، داعيةٌ إلى السبيل والمنهج الأقوم .

[ معَ الزيدية في تأويلهم للآية ]

إن قيل : كيفَ نَسبتُم شمول الاصطفاء من الله تعالى للَظَلَمَة، ومَن هُم دونَ مرتبَة السّابقين من المُقتصدين ، أليسَ هذا من نسبَة العَبث إلى الله تعالى ، بأن يصطفي غيرَ الأكفّاء ؟

قٌلنا : إنَّ الاصطفاء والتكريمَ من الله تعالى ، أتى عامّاً ، في ذريّة عليّ وفاطمَة ، وهذا صريحُ الآية ، إذ أنَّ الله اصطفَى هؤلاء العباد ( بطوائفهِم الثلاث ) وفضّلهُم وانتجبَهُم ، إذ هُم مُفضّلونَ على غيرهِم وهُم في أصلابِ آبائهم ، فيكونُ فيهم بعد خروجهِم إلى الدّنيا ، مَن يَظلمُ نفسهُ ويُنزلُها غير مكانها ، ومنهُم مَن يعبُد الله ، يصومُ النّهار ، ويقوم الليل ، مُشتغلُ بنفسه ، ومنهُم مَن برعَ في العِلم وعملَ به ، فهوَ مُجتهدُ في إحياء السّنن وإماتة البدع ، بالدّعوة إلى الله سراً وعلانية ، وهؤلاء أفضلُهُم . وبمعنىً آخرَ نقول : إن الأصلَ في ذريّة فاطمة (ع) ، أبناء الحسن والحسين بعموم ، هُو الاصطفاء ، ثمَّ يَنقسمونَ إلى الأصناف السابقَة الذّكر .

فإن قيل : وضّحوا أكثر .

قُلنا : تأمّلوا سياق الآية ، تجدوا أنّ الاصطفاء شملَ الطوائف الثلاث .

فإن قيلَ : هذا يُلزمُكُم أن تؤمنوا باصطفاء الله للظالمين المُعتدين ! .

قُلنا : أقرّوا لنَا أوّلاً ، أنّ الاصطفاء يشملُ هؤلاء الطّوائف الثلاث . فإن أقررتُم ( ولابدّ أن تُقرّوا هَدمتُم أصلَكُم ) ، فعندَها نقول تكريراً : إنَّ الاصطفاء من الله كانَ لعبادٍ مَخصوصين ، هُم أهل البيت (ع) ، وهوَ صريح قوله تعالى : (( ثمَّ أَورَثنا الكتاب الذينَ اصطَفَينا مِن عِبَادِنا )) ، فهُناكَ عِبادٌ مُصطَفَون عُموماً ، الكتابُ مَعهُم ، وهُم ثقل الله وسفينة نوح ، وهُم عندنا أهل البيت (ع) ، أبناء الحسن والحسين ، ثمّ قال تعالى (( فمِنهُم )) أي من هؤلاء العِباد المُصطفَون المُفضّلين في الأصل ، (( ظالمٌ لنفسه )) ، إذ لَم يُقدّر نعمَة الله عليه ، وتشريفَهُ له ، فيكونُ قَد ظلمَ نَفسَه ، ولَم يُقدّر جَعْلَ الله له أهل بيتٍ مُنتجبين مُفضّلين على غيرهم من البيوت ، مَتبوعينَ لا تابعين ، فهُو لا يستحقّ صفَة الإمامَة العُظمى ، لعدم تمسّكه بكتاب الله تعالى وهدي جدّه الرّسول (ص) ، ، (( ومنهُم )) أي مِن هؤلاء المُصطَفين (( مُقتصد )) ، عرفَ حقّ الله أوّلاً ، وشرفَ انتمائه لهذه الأُسرة التي شرّفها الله في كتابه الكريم ، ولكنّه لَم يُبلِ جهده في النّصح للأمّة ، وهُوَبهذا لَم يرتقِ لمقامِ الإمامَة العُظمى في الدّين ، (( ومنهُم )) ، أي منَ هؤلاء المُصطَفين (( سابقُ بالخيرات )) ، وهُوَ السابقُ في العِلم والعَمل من ذرية الحسن أو الحسين ، عالمٌ عامل ، آمرٌ بالمعروغ ناهٍ عن المنكر ، قدر جهدِه واستطاعته ، مع استبسالهِ فيه ، ثمّ قال تعالى : (( ذلكَ هُوَ الفضل الكبير )) ، لأهل هذا المحمّدي العلويّ الفاطمي . وقَد أطَلنا بما هُوَ واضح ، ولَن نَزيد إلاّ مُكرّرين ، فرحمَ الله من أقلَّ ودلّ .

[ معَ الجعفرية في تأويلهم للآية ]


قُلنا : إن كانَ الإصطفاء في هذه الآية خاصّا بالإثني عشر ، أئمّة الجعفرية ، فإنّه لابدَّ لهُم أن يَنفوا عنهُم العِصمَة ، لأنّهم أثبتوا أنَّ فيهم الظالمين للنّفس ، ومَن هُم دونَ مَرتبَة السابقين ، أعني المُقتصدين . وهذا ما ليسَ عليه الجعفريّة قطعاً ، بل إنَّ الإيمان به من هذا الوَجه ، يَهدمُ أصلاً وأصولاً لدى الجعفريّة .

فإن قالوا : الآيَة فيها صِنفَين من العِباد ، عبادٌ مُصطَفَون ، وعِبادٌ غير مُصطفين ، وضميرُ الظالمين للنفس ، والمُقتصدين يعود على العِباد الغير المُصطفين ، وذلك في لفظَة (( من عبادنا فمنهُم )) ، فالظّالمون لأنفُسهم ، أعداء محمد وآل محمد ، والمُقتصدون هُم أتباع محمد وآل محمد ، والسابقين بالخيرات هُم أئمة أهل البيت الإثني عشر . (( ملاحظة ،قد جاء لمثل هذا القول أصل ، في تفسير العسكري )) .

قُلنا : ليسَ هذا لكُم ، ونُطالبُكم بتأمّل الآية وعرضها على أهل اللغة ، فالآية تقول : (( ثمّ أورَثنا الكتاب الذينَ اصْطَفَينا من عبادنا )) ، فالعبادُ المَقصودونَ هُنا هُم المُصطَفون ، والمُصطفون هُم العِباد ، فلا وجه لجعلهِما اثنين ، عبادُ مُصطفون وغير مصطفون ، إذ الاصطفاء شملَ جميعَ هؤلاء العِباد . وتفاوتوا فمنهُم مَن أثبتَ جدارته وأهليته بما ألبسهُ الله من التفضيل ، وغيرهم ظلمَ حظّه ونفسه . وهُوَ قولُنا ، وإقرارُكم به يهدمُ أصلكُم .

فإن قالوا : نعم ! هذه الآيَة نزلَت في أبناء فاطمة خاصّة ، ولكنّ الاصطفاء الخاص لا يشملُهُم جميعاً ، ولكن يخصّ أبناء الحسين التسعة . فالظالم لنفسه : هو الفاطمي الذي لا يؤمن بالإمام المعصوم ، والمُقتصد : هُو الفاطمي المؤمن بالإمام المعصوم ، والسابق بالخيرات : هُو الإمام المعصوم .

قٌلنا : هذه مُجازفةٌ كبيرة ، إذ كيفَ قَسمتُم الاصطفاء هُنا ، فجعلتوهُ عامّاً وخاصاً ، إذ لو قلتُم هُو عامٌ في بني فاطمة ، وخاصٌّ في السابقين بالخيرات منهم ، سواء كان حسنيٌّ أو حُسيني ، لقٌلنا أصبتم ، ولكنّكم جعلتموه عامّاً في بني فاطمة ، ثمّ جعلتموه خاصّا في بني الحسين التسعة !! ، وهذا مُصادمٌ للآيةَ ، إذ الجميعُ مُصطَفين بني الحسن والحسين .

ألا ترى لَو قال والدٌ لأبناءه ، هذا المالُ ، لكم يابني فاطمة دونَ غيركم من أبنائي ، فيختلفونَ بعدهُ فيقسمونَ لأبناء الحسين ثلاثة أرباع ، وربعٌ لأبناء الحسين ، أو يأخذون جيّد البساتين والمزارع ، ويُعطونَ بني الحسن أجدبها وأخسّها ، أكانَ شرعٌ يقول بهذا ، والوصيّة شملت هؤلاء كما شملَت هؤلاء !!!

فكيفَ لكُم معشر الجعفريّة إثبات الاصطفاء للعموم ، ثمّ تخصّون التسعة من العموم ، فتَلوونَ عُنقَ الآية ، وتحمّلوها ما لَم تتحمّلْه .

[ روايات جعفرية ، في تفسير الآية ، والتعليق عليها ]

1- جاء في الاعتقادات للشيخ الصدوق :

(( وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ، قال : الظالم لنفسه هنا من لم يعرف حق الاِمام ، والمقتصد من عرف حقه ، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الاِمام )) .

تعليق :

هذا التأويل على أصلنا يتحقّق ، إن كانَ المقصود بها الفاطميين ، والإمام من أبناء الحسن والحسين " على تفصيل " ، ولا يتحققّ على أصل الجعفريّة ، لأنّهُ يُسأل الجعفري : مَن هؤلاء الظّالمين للإمام ، والمُعترفين به ؟ أعموم النّاس ؟ أم بني فاطمة ، فإن قال بأحدهِما : قُلنا ، إذاً هُم من المُصطفين ، لشمول الآيَة لهُم ، كمَا اشتمَلت على السّابقين بالخيرات .

2- جاء في الاِحتجاج للطبرسي ج 2 ص 138 :

وعن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه الآية : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ؟ قال : أي شيء تقول ؟ قلت : إني أقول إنها خاصة لولد فاطمة . فقال عليه السلام : أما من سل سيفه ودعا الناس إلى نفسه إلى الضلال من ولد فاطمة وغيرهم فليس بداخل في الآية ، قلت : من يدخل فيها ؟ قال : الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال ولا هدى ، والمقتصد منا أهل البيت هو العارف حق الاِمام ، والسابق بالخيرات هو الاِمام .

تعليق :

أقول هذه من جُملة الافتراءات التي نَسبهَا مُحدّثوا الجعفرية إلى أخيار بني الحسين سلام الله عليهم ، وبها وبأمثالها نفّروا النّاس عن الخروج مع أئمة أهل البيت من الزيدية ، أمثال زيد بن علي وابنه يحيى ، وبني المحض محمد ، فإبراهيم ، فيحيى فإدريس .. إلخ ، والله حَسبنا وإليه المآل ، ففيها من النّصب الخفيّ والجلي الشيء الكثير ، نعم ! هُنا نجدُ قُرباً إلى قولنا في جعل هذه الآية في ولد فاطمَة بعموم ، ولكنّنا نستغربُ التّخصيص بعد التّعميم ، بلا دليلٍ ولا بُرهانٍ مُنير ، ونَعني بالتخصيص هُنا ، هُو تخصيص السبق بالخيرات والإمامة بالتسعة .

فائدَة : هذه الرّواية تردّ على مَن قال أنّ سادات بني الحسن والحسين الثائرين في عهد أبي عبدالله (ع) أو غيره ، كانوا يَدعونَ إلى إمامتهم ، باسم الرّضا من آل محمّد ، إذ كان الصادق قطعاً يقصدُ هؤلاء النّفر من بني الحسن والحسين الخارجين بسيوفهم ، وليسَ في عصره إلاّ زيد بن علي ومحمد بن عبدالله النفس الزكية وأخوه إبراهيم النفس الرضيّة . تنبيهٌ : هذا عندنا مَكذوبٌ على جعفر الصادق (ع) ، وهُوَ مُنزّهٌ عنه .

3- جاء في بصائر الدرجات ص 44 :
حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن ميسر ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في هذه الآية : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا . . الآية ، قال : السابق بالخيرات الاِمام فهي في ولد علي وفاطمة عليهم السلام

تعليق :

هذه الرّواية شاهدةٌ للزيدية ، وهوَ قول أئمتنا (ع) ، والباقر من أعيان الذريّة المطهرّة ، لَن يختلفوا عنه ولَن يختلفَ عنهُم .

4- جاء في البحار ج 23 ص 218
:

عن أبي إسحاق السبيعي قال : خرجت حاجاً فلقيت محمد بن علي فسألته عن هذه الآية : ثم أورثنا الكتاب . . الآية ؟ فقال : ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال : قلت يقولون إنها لهم ، قال : فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة ؟ ! قلت : فما تقول أنت جعلت فداك ؟ فقال : هي لنا خاصة يا أبا إسحاق ، أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا أهل البيت ، وأما المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأما الظالم لنفسه ففيه ما جاء في التائبين وهو مغفور له .

تعليق :

وهُوَ عينُ قولُ الزيدية ، ومَذهبَها ، ( على خلافٍ في جزئيتها الأخيرة ، إذ كلّ نفس بما كَسَبت رهينة ، لا فرقَ بين فاطميّ أو غيره ) .

ملاحظة : الروايات أعلاة مُقتبسَة ، من م 3 لكتاب العقائد الإسلامية والذي رعاه السيد السيستاني .

=======

وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد .....

[ تعضيد لأصل البحث ]


* تفسير السيد محمد حسين الطباطبائي الجعفري لقول الله تعالى (( ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطَفينا من عبادنا فمنهُم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابقٌ بالخيرات )) ، مع العلم أنّ هذا السيّد قد نطق بعقيدة الزيدية في الآية تماماً ، فتأمّل تفسيره الأمثل :

ملاحظة : ما بين الـ [ ] ، هُو زيادةٌ منّي للتوضيح ، [ ما كان باللون الأحمر فهو منّي ] والبقيّة من كلام السيّد.

(( وقيل وهو المأثور [ تأمّل] عن الصادقين ( عليهم السلام ) ، في روايات كثيرة مُستفيضة [تأمّل] ، أنّ المُراد بهم ذرية النّبي (ص) من أولاد فاطمة [ وهُوَ قول الزيدية ، وأولاد فاطمة هُم بنو الحسن والحسين] ، وهُم[ تأمّل] الدّاخلون في آل إبراهيم في قوله : " إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم ..." .... [ إلى أن قال ، مُفسّراً الطوائف الثلاث ] .... وقوله : " فمنُهم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات " ، يُحتمل أن يكون ضمير " منهُم " راجعاً إلى " الذين اصطَفينا " ، فيكون الطوائف الثلاث ، الظالم لنفسه والمُقتصد والسابق بالخيرات ، شُركاء في الوراثة [تأمّل ، فهذا هُو قولُ الزيدية] ، وإن كانَ الوارث الحقيقي [ من أولاد فاطمة ، بنو الحسن والحسين] العالم بالكتاب والحافظ له ، هُوَ السّابق بالخيرات .

[ إلى أن قال السيّد الطباطبائي ]

وما في الآية من المُقابلة بين الظالم لنفسه والمُقتصد ، والسّابق بالخيرات ، يُعطي أنّ المُراد بالظّالم لنفسه [من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين] : مَن عليه شيء من السيئات وهُوَ مُسلمٌ من أهل القرآن لكونه مُصطفىً ووارثاً [ وهُوَ قول الزيدية ، وتأمّل شمول الاصطفاء للظالم لنفسه في كلام السيّد] ، والمُراد بالمُقتصد [من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين] : المتوسّط الذي هو في قصد السبيل وسواء الطريق . والمُراد بالسابق بالخيرات بإذن الله [من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين ، وهُوَ قول الزيدية دون الجعفرية ، فالجعفرية على كلام السيّد السّابق أثبتت اشتمال الآية على ذرية فاطمة بعموم ، في صفتي الظلم للنفس والاقتصاد ، ثمّ خصّصت صفة السّبق لبطنٍ من بطون ذريّة فاطمة ، بل لجزءٍ من بطن الحسين ، مثّله التسعة ، وهذا لا يستقيم ، فإمّا أن يقولوا أنّ المُقصود بالمُصطفين هم ذريّة فاطمة بعموم ، وعليه فعليهم تعميم جميع الطوائف عليهم وتجويز الإمامة في الحسني والحسيني ، وإمّا أن يقولوا أنّ المقصود بالمُصطفين هُم ذرية الحسين التسعة ، ومنهُ ، فعليهم إلصاق جميع الطوائف ( الظالمة للنفس ، والمقتصدة ، والسابقة بالخيرات ) ، في هؤلاء التسعَة ، نعم ! نعود لتفسير السيّد للسابق بالخيرات مَن هُو ، فيقول هُوَ ] : مَن سبَقَ الظالم والمُقتصد إلى درجَات القُرَب ، فهُوَ إمامُ غيره بإذن الله ، بسببِ فعل الخيرات ... إلخ تفسيره )) اهـ من تفسير الميزان ، ج17 ، سورة فاطر .

أقول :

تأمّل آخر كلام السيّد ، وأخصّ بالتأمّل لفظته " بسببِ فعل الخيرات " ، واعلم أخي القارئ أنّ هذا الكلام ينطبق على مذهب الزيدية ، ينتقضُ على مذهب الجعفريّة ، لأنَّ ظاهر كلام السيّد أنّ السّابق بالخيرات ، لم يَكُن لينال درجة الإمامة ، إلاّ بسبب فعله للخيرات ، وهُوَ قولنا ، فمَن نبغَ وبرع من أبناء الحسن والحسين ، ووصل إلى رتبة السّبق بالخيرات ، وعلى رأس هذه الخيرات ، الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ، والدّعوة إلى الله تعالى ، فإنّه بهذه الدّرجة استحقّ درجة الإمامة في الدّين والدنيا . هذا واعلّم أنّ سبب جعلنا كلام السيّد المُفسِّر ناقضاً لمذهب الجعفريّة ، هُوَ أنَّ الإمام عند الجعفرية ليسَ بحاجةٍ إلى فعل الخيرات لكي يكون إماماً ، بل إنّ من أئمتهم الأطفال القاصرين عن مرتبة السّبق للخيرات ، وكلام الطباطبائي واضحٌ في أن مقام الإمامة لا يكون لأبناء الزهراء بني الحسن والحسين ، إلاّ بسبب فعلهم للخيرات . فافهم ذلك .


*وهُنا أخي القارئ ، ارتئينَا ، تعضيدَ ما سبَق من كلام العقول ، بما نعتقدُ أنّه أشفى للقلوب والصدور ، وذلك بنقل تفسير سادات بني الحسن والحسين للآية ( من طُرق الزيدية والجعفرية ) ، ليكونَ هذا أقبَل ، وأقرّ للعين ، فنقول ، مُتّكلين على الله سبحانه وتعالى ، جاء عن طريق أهل البيت (ع) :

1- من تفسير فرات الكوفي : ( وهُو تفسيرٌ مشهور عند الجعفرية )

* قال إمام أهل البيت زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (ت122هـ) :

(( " الظالم لنفسه" : فِيه مَا فِي النّاس . والمُقتصد : المتعبد الجالس . " ومنهم سابق بالخيرات" : الشاهر سيفه )) ، اهـ من تفسير فرات الكوفي ، سورة فاطر .

تعليق : وإشهار السيف كناية عن الظّهور ، والإعلان عن الدّعوة .


2- من طريق الزيدية :

* قال فقيه أهل البيت وعالهم الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (ع) (ت247هـ) :

(( ... وقال سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا}، وهذه الآية لأهلِ بيت رسول الله (ص) خّاصة [ أبناء الحسن والحسين ]، فالظالم لنفسه: الذي يقترف من الذنوب ما يقترف الناس، والمقتصد: الرجل الصالح الذي يعبد الله في منزله، والسابق بالخيرات: الشاهر سيفه، الداعي إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ... )) اهـ ، من جامع آل محمد ، ج6، للشريف الحافظ محمد بن علي البطحاني الكوفي ( من ذريّة الحسن بن زيد بن الحسن ).

3- من طريق الجعفرية :

* قال إمام أهل البيت الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (ت118هـ) :

(( .. عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في هذهالآية : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا . . الآية ، قال : السابق بالخيرات الإمام فهي في ولد علي وفاطمة عليهم السلام.)) اهـ ، من بصائر الدرجات ، ص44 .


4- من طريق الزيدية :

* قال إمام أهل البيت الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط (ع) (ت298هـ) :

((وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإذنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾[فاطر: 32]، فأخبـر بما ذَكَرنَا مِن اصطفَائهم [ أهل البيت ] عَلى الخلق، ثم ميَّزهم فذكر منهم الظالم لنفسه باتباعه لهوى قلبه، وميله إلى لذته؛ وذكر منهم المقتصد في علمه، المؤدي إلى الله لفرضه، المقيم لشرائع دينه، المتبع لرضاء ربه، المؤثر لطاعته؛ ثم ذكر السابق منهم بالخيرات، المقيمين لدعائم البركات، وهم الأئمة الظاهرون، المجاهدون السابقون، القائمون بحق الله، المنابذون لأعداء الله، المنفذون لأحكام الله، الراضون لرضاه، الساخطون لسخطه ، ... إلخ )) ، اهـ من كتاب القياس للإمام الهادي إلى الحق (ع) .

5- من طريق الجعفرية :

* قال إمام أهل البيت الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (ت118هـ) :

(( عن أبي إسحاق السبيعي قال : خرجت حاجاً فلقيت محمد بن علي فسألته عن هذه الآية : ثمأورثنا الكتاب . . الآية ؟ فقال : ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال : قلت يقولون إنها لهم ، قال : فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة ؟ ! قلت : فما تقول أنت جعلت فداك ؟ فقال : هي لنا خاصة يا أباإسحاق ، أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا أهل البيت [ وأهل البيت هم ذرية فاطمة بني الحسن والحسين ] ، وأما المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأما الظالم لنفسه ففيه ما جاءفي التائبين وهو مغفور له )) اهـ ، من بحار الأنوار ج23 ص 218.

هذا وصلى الله وسلّم على سيّدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

------------------------- :)
آخر تعديل بواسطة محمد الغيل في الثلاثاء يناير 17, 2006 7:23 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

[ خُلاصة حوار زيدي - جعفري (1) ]

لو قيل : بما أنّكم معشر الزيدية أثبتّم آية الاصطفاء هذه في عموم ذريّة الزهراء (ع) ، وأنّ الأصل في هذه الذريّة الاصطفاء وهُم في أصلاب الآباء ، ثمّ يكون في هؤلاء الذريّة بعد الولادة والتكليف الظالم لنفسه والمُقتصد العابد الصائم ، والسابق بالخيرات العالم العامل المستحق للإمامة ، فهلاّ أخبرتمونا هل كان الله يعلمُ أنّ من هؤلاء الذريّة المُصطَفون في الأصل من سيظلمُ نفسَه وينحرف عن جادّة الطريق المستقيم ، أم أنه تعالى شأنه كان جاهلاً بذلك ؟ إن قلتم ، كان جاهلاً بذلك ! خرجتم من ربقة الإسلام والمسلمين !! ، وإن قُلتم كان عالماً بظلم الظالمين منهم ، فما فائدة الاصطفاء إذاً ؟ وهل تقبلونَ معشر الزيدية أن تنسبونَ إلى الله سبحانه وتعالى أن يجعلَ لبعض عباده فضيلةً مع علمه المُسبق الأزلي بأنّه لا سيصدرُ منه أفعالا تنافي هذه الفضيلة ، وهل هذا إلاَّ العَبَث وعدم الحكمة من الله سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليق ذِكرُهُ واعتقاده ؟!! .

قُلنا : قد فهمنا اعتراضكم معشر الجعفرية ، فافهموا جوابنا محفوفين بألطاف الرحمن ، وسنوردُهُ في نقاط :

النقطة الأولى : أنَّ المُلحدَ ( النّافي الحكمة عن الله تعالى ) بناء على كلامكم السّابق ، سيقول : لماذا خلقَ الله الخلق ، وهُوَ يعلمُ أنّ فيهم من سيكفر ويُشرك ويُؤمن ويفسُق عن أمر ربه ، فماذا ستُجيبون عليه ؟ ، إن أجبتُم عليه : بأنّ هذه حكمةُ الله تعالى ، والبلوى من الله للعباد ليحصلوا على الرّياض و الجنان إن هم أطاعوه ، وليصلوا نيران الجحيم والسعير إن هُم عَصوه ، ونحنُ نُسألُ عن فِعلنا ، والله لا يُسألُ فهو العزيز الحكيم . عندها سنقول : وهُوَ جوابُنا مَعَكُم.

قال الله تعالى : (( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )) .


النقطة الثانية : انظر قول الله تعالى : (( يا بَني إسرائيل اذكُروا نعمتِيَ التّي أنعَمتُ عليكُم وأنِّي فضّلتُكم على العالَمين )) . على قولكم أخي الجعفري ، فإنّ العتَب يُوجّه إلى الله سبحانه وتعالى ( عن كلّ عتَبٍ وعتاب ) ، وذلكَ عندما فضّل بني إسرائيل ( بعموم ) على أهل عالَمِهِم ، وفيهم الظالم والفاسق ، بل إنّ منهم قتلَةُ الأنبياء ، والله المستعان ، فهل تنسبُ إلى الله العبث عندما فضّل بني إسرائيل وهُم في أصلاب آبائهم ، مع علمه الأزلي بظُلم الظالم منهم ، وتجبر المتجبّر منهم ، فإن قُلتُم : حاشا الله من العبَث . قُلنا : فماذاً إذاً ؟ . فإن قُلتم : إنّ الله أرادَ أن يبتليَ هذه الذريّة ( بني إسرائيل بعموم ) ، وذلكَ عندما فضّلهُم على أهل عالَمِهِم ، ليمحّص مَن يُقدّر هذه النّعمَة التي أنعمَ الله عليهِم بها ، ومَن يَجحَدُ بها ، فمَن نبَغَ من بني إسرائيل ، واجتاز ابتلاء الله له ، وأنزل نفسَهُ الموضع الذي جعلَهُ الله له من الفضيلة على الأنام ، فهذا هُو الذي يستحق أجرَ السّبق إلى الطّاعة . ومَن أنزلَ نفسَه دون المنزلة التي جعلها الله له كان من الظالمين المُعتدين . ومنه فاعلَم أنّ الابتلاء من الله على بني إسرائيل وأهل زمانهم من غيرهِم ، بلاءان اثنان : الأوّل : على بني إسرائيل ، وهَل يَشكروا الله على تفضيل الله لهم على غيرهِم ، فيُطيعوه حقّ طاعته ، أم يَكفروا ويَظلموا ، وسبق أن أشرنا إلى هذا قريباً . والابتلاء الثّاني : على النّاس ، بأن هل يستجيبوا لداعي الله من بني إسرائيل ( إذ هُم المُفضّلون ، ومنهُم الأنبياء ) ، أم أنّهم سيعتوا عليهم ويتكبروا ، كما تكبّر فرعون على موسى صلوات الله عليه ، فموسى مُبتلىً من الله بإبلاغ حجّته ، وفرعونُ مُبتلىً من الله بلزوم إجابة دعوة موسى صلوات الله عليه ، موسى مثّل في كلامنا السابق ، الابتلاء الأوّل ، وفرعون ، مثّل ، الابتلاء الثاني .

قال الله تعالى (( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ )) .


النقطة الثالثة : انظر قول الله تعالى : (( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) ، وهُنا أخي الجعفري ، وفي هذه الآية ، فإنّ الأمر لا يتجاوَزُ ما قَد ذكرناهُ سابقاً ، فإن أعلميّة الله الأزليّة بخروج الأنبياء والرّسل والأئمّة والصّالحين من ذريّة آدم ، مع خروج الفسَقَة والظلمَة والمشركين من ذريّة آدم ، لم تَمنعهُ من عدم خلق الخلق ( لوجود المشركين والكفّار إزاء الأنبياء والصالحين ) ، وكذلك مع بني إسرائيل فإنّ تفضيل الله لعموم بني إسرائيل ، لم يَمنعهُ أن كان من هذه الذريّة الظالمين والقاتلين للأنبياء . وهُنا ( وهو محلّ النّقاش معكم ) ، أنّ اصطفاء الله وتفضيله لعموم ذريّة الزهراء (ع) ، لا يمتنعُ بوجود الفاسقين والظالمين فيهم ، لوجود الأئمّة ( من العموم ) الصالحين العالمين العاملين ، الدّاعين إلى الله . فافهم ذلك .

فائدة : نحنُ عندما نقول أنّ عموم ذريّة فاطمة الزهراء ( بطوائفها الثلاث ) مُصطَفَون ، فنحنُ نُريدُ أنّه لَن ينعدِمَ قائمٌ بالحقّ منهم ، بمعنى ، لن ينعدِم صُلحاء أهل هذا البيت أبداً ، وإن انحرف منهم المُتحرفون الظالمون لأنفُسهِم ، فإنَه يُستحال أن يَنحرفوا جميعُهُم ، وبمعنى آخر : أنّهم سيكونون على الحق ما بقيَ التكليف ، و هُم المتبوعين وغيرهم الأتباع .

نعم ! على ضوء الآية السابقة ، فإنّ الله تعالى ، وافق إبراهيم الخليل صلوات الله عليه على جعل الإمامة في ذريّته ، ولكنّه استثنى الظالمينَ منهُم . فالاصطفاء أتى قبلَ الاستثناء . وذريّة إبراهيم ( هي ذريّة محمّد ، هي ذريّة الزهراء (ع) ، بني الحسن والحسين ، لا أنّ بني الحسين التسعة هُم فقط ذريّة براهيم ، المخصوصون بالإمامة ، كما تذهب إليه الجعفريّة ) .

مثال ( يُناسب الآية ) ، ولله المَثلُ الأعلى :

لو قال الوزير للملك ، اجعل الرئاسة والمُلك في ذريّة ابنك إبراهيم ، فأجابه الملك : نعم ! سنجعلها في ذريّة إبراهيم ( وهُنا اصطفاء واختيارٌ لعموم ذريّة إبراهيم ) ، ثمّ استدرَكَ الملك قائلاً ، ولكنّ الظّالمينَ من هذه الذريّة سنمنَعُهُم الرئاسَة لعدم استحقاقهِم لها . ( وهُنا جاء الاستثناء بعد الاصطفاء ) .

ومنه أخي الجعفري ، فإنّ الآية حقاً تُفيد اصطفاء الله لعموم ذريّة الزهراء (ع) ( بطوائفها الثلاث : الظالمة ، والمقتصدة ، والسابقة بالخيرات ) ، ثمّ استثناء الله طائفة الظالمين من استحقاق الإمامة .

وسؤالنا للجعفرية :

كيف خصّصتم آية اصطفاء الله لذريّة إبراهيم ( ذريّة فاطمة الزهراء ، الحسني والحسيني ) وجعلتموها في ذريّة الحسين فقط ، بل في تسعةٍ فقط من ذريّة الحسين !! .

النقطة الرابعة : وهيَ المهمّة إخوتي الجعفريّة ، وفيها سنعقدُ مُقارنَةً بين تفضيل الله لذريّة نبيّه يعقوب (ع) ( إسرائيل ) ، وبين تفضيل الله لذريّة نبيّه محمد (ص) ( ذريّة الزهراء (ع) ) .

ذريّة إسرائيل (ع) ******* *********** ذرية محمّد (ص)

1- فضّل الله عموم ذريّته ****** فضّل الله عموم ذريّته ( بني الحسن
وجعلَ الرّسلَ منهُم -------- والحسين ) وجعل الإمامة فيهم .

2- كانَ من عموم هذه ******* كانَ من عموم هذه الذريّة
الذريّة المُفضّلة في الأصل ----- المُفضّلة في الأصل ظالمين
ظالمين وفاسقين ، ظلموا ----- وفاسقين ، ظلموا أنفُسَهُم
أنفُسَهُم عندما لم يُقدّروا ----- عندما لم يُقدّروا حقّ تفضيل
حقّ تفضيل الله لهم . ------- الله لهم .

3- أنّ النبوّة والرّّسالة ******** أنّ الإمامة والزّعامَة كانت في
كانت في صالحي هذه الذريّة--- صالحي هذه الذريّة .

4- أنّ ذريّة يعقوب (ع) *********** وذريةّ محمّد (ص) انتشرت
انتشرت من 12 سبطاً . -------- من 12 سبطاً .
بنو بنيامين بن يعقوب ، -----------بنو الحسن بن زيد بن الحسن السبط ،
و بنو رؤبيل بن يعقوب ، -----------و بنو عبدالله بن الحسن بن الحسن السبط ،
و بنو شمعون بن يعقوب، -------- و بنو إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط ،
و بنو يهوذا بن يعقوب ، --------- و بنو جعفر بن الحسن بن الحسن السبط ،
و بنو لاوي بن يعقوب ، ---------- و بنو الحسن بن الحسن بن الحسن السبط ،
و بنو ايسافر بن يعقوب ، ---- ----و بنو داود بن الحسن بن الحسن السبط ،
و بنو زوبولوت بن يعقوب ، ------- وبنو محمد بن علي بن الحسين السبط ،
و بنو دان بن يعقوب، ------------ وبنو زيد بن علي بن الحسين السبط ،
و بنو نفتالي بن يعقوب، ---------وبنو عبدالله بن علي بن الحسين السبط ،
و بنو جاد بن يعقوب ، ------------وبنو علي بن علي بن الحسين السبط ،
و بنو أشير بن يعقوب ، --------- وبنو عمر بن علي بن الحسين السبط ،
و بنو يوسف بن يعقوب . ------- وبنو الحسين بن علي بن الحسين السبط .

5- أنّ الله لم يختصّ بالنبوّة ************ أنّ الله لم يختصّ بالإمامة
والرّسالة بطناً دون بطن ، ------ بطناً دون بطن من ذرية فاطمة
من ذراري بني إسرائيل ، ------- الزهراء ، فالصّالحون منهم ،
كما خصّت الجعفرية ---------- والدّاعون إلى الله ، المُستحقّون
بطن الحسين على الحسن، ------- للإمامة ، الحسن بن الحسن ،
فأرسل الله موسى وهارون ------- و زيد بن علي بن الحسين،
وإلياس من ذرية لاوي بن ------ فيحيى بن زيد بن علي ،
يعقوب ، وأرسل يونس من ------- فمحمد بن عبدالله بن الحسن
ذرية بنيامين بن يعقوب ، -------- ابن الحسن ،فأخوه إبراهيم ،
وأرسل داود وسليمان ---------- فالحسين بن علي بن الحسن
وزكريا ويحيى من ذرية ---------- ابن الحسن بن الحسن السبط
يهوذا بن يعقوب .. إلخ . --------- وغيرهم .

6- أنّ أنبياء الله من بني *********** أنّ أئمة أهل البيت ( صُلحاء ذريّة
إسرائيل ، ابتلاهُم الله -------- الزهراء ) ، ابتلاهُم الله بأمّة جدّهم ،
بالفَضل و إبلاغ الحجّة ، ------ حمّلَهُم أمانَة الاحتراق من أجل إحياء
وابتلى أصحابهُم بوجوب --------السنن وإماتتة البِدَع وابتلى
الإذعان لهم ------------ النّاس بوجوب الإذعان لهم ،
--------------------- والائتمام بهم .

نموذج يُجسّد ابتلاء أهل البيت بالنّاس ، وابتلاء النّاس بأهل البيت :

- قال أمير المؤمنين (ع) في النهج : (( أيها القوم الشاهدة أبدانهم، الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم، المبتلى بهم أمراؤهم، صاحبُكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه )) .


- و قال أمير المؤمنين (ع) في النهج ( عن عموم البلوى ) : (( وكلّما كَانت البَلوى والإختبار أعظم ، كَانَت المثوبة والجزاء أجزَل.))


وبه ينتهي الجواب على اعتراض الجعفري السّابق .


وإن قيل : كيف تنسبون معشر الزيدية ، الاصطفاء بمجرّد النّسب ، الأبناء في أصلاب الآباء ، أوليسَ المعيارُ العملُ والتّقوى .

قُلنا : أخي الجعفري ، أولَستَ تؤمنُ بتفضيلِ الله لرسوله (ص) في أصلاب الرّجال ( معَ أنّ الرّسول لم يَعمَل ولم يَعبُد وهو في صلب آبائه المتقدّمون ) ، وبعد ولادة الرّسول ، وتنبيء الله له ، خاطبَه الله بقوله : (( ولئن اتّبعتَ أهواءهُم بعدَ الذي جاءكَ من العِلم ، مالكَ من الله من وليٍّ ولا نصير)) ، ثمّ ألستَ أخي الجعفري تؤمنُ بتفضيل الله لعلي بن أبي طالب (ع) وهُوَ في صُلب أبي طالب ( معَ أنّ علي (ع) لَم يعمَل ولم يَعبُد في صُلب عبدالمطلّب ) . وعلى الصّادق في صُلب الباقر ، قِس ، والرّضا في صُلب الكاظم ، قِس ، ... إلخ .

نعم ! فالحقّ أنّ الله اصطفى عموم ذريّة الزهراء ، والأبناء في أصلاب الآباء ، فمتى خرجوا على الدّنيا ، وبَلغوا التكليف ، انقسموا ، حسبَ أعمالهم وتقواهم ، فمنهم مَن يظلم نفسه ، ويكون من الظالمين ، ومنهم من يكون من العابدين القانتين فهو مُقتصدٌ ، ومنهم سابقٌ بالخيرات إمامٌ عالمٌ عامل ، آمرٌ بالمعروف وناهٍ عن المُنكر .

وإن قيل : هَبو معشر الزيدية ، أنّا سلمنا لكم ( جدلاً ) ، أنّ المُراد بـ ( الذين اصطَفينا من عبادنا ) ، هُم جميع ذريّة الزهراء ، فهل يعني كلامكم هذا أنّ جميعَهُم قد ورثوا الكتاب ؟ فتكون الواثة إمّا ، امتلاك القرآن ( الموجود ما بين الدّفتين ) وهذا سيُشاركُهُم فيه العامّة ، وإمّا أن تكون وراثة علوم القرآن ، وعلى هذا سيلزمُكُم بأن كلّ من كان من أولاد الزهراء على علمٍ بعلوم القرآن وهذا خلاف الواقع .

قلنا : الكلام هُنا ينقسم ، لأنّا لن نَدعَكُم تُسلّمون لنا تسليماً ( جدليّاً ) ، بل تسليماً المُسلِّم المؤمن ، لأنّا إن فرضنا ( جدلاً ) أنّ الآية لا تدلّ على اصطفاء عموم ذريّة الزهراء ، فأخبرونا مَن هُم الظّالمون لأنفُسهم ، والمُقتصدون ، ممّن اصطفاهُم الله ؟! . وهُوَ وجهُ رسالتنا الأم ، لو تأمّلتموها .

والقسم الثّاني من الإجابة على اعتراضكم ، أنّ وراثة الكتاب ، تعني الإحاطة بعلومه ، من معرفة الناسخ والمنسوخ ، والمتشابه من المُحكم ، ... إلخ ، إلى جانب الفقه وأصوله ، وتجويد العقيدة المحمديّة العلويّة الفاطميّة الصحيحة ، وأمثالها من العلوم التي يحتاجها المُكلّفون من الأتباع .

والقسم الثّالث : أنّ صالحوا العترَة الحسنية والحسينية من المُقتصدين والسّابقين بالخيرات ، دونَ الظّالمين ، هُم عندنا معشرَ الزيدية لن يَنقطعوا ولن يَنعدموا إلى انقطاع التّكليف ، وعُلماءهم التّالون لعلوم الكتاب والسنّة الصحيحة ، سيستمرّوا ما دامَت السّماوات والأرض ، وذلك لحديث الثقلين والسفينة والنجوم ، فهم ثِقل الله الأصغر في الأرض . ومنهُ فإنّ تعميم الاصطفاء على عموم الذريّة ، لا يَعني أن يكونَ جميعُهم وارثين لعلوم الكتاب ، عُلماء عاملين ، إذ لو كانَ كذلك ، لكان بنو إسرئيل بتفضيل الله لهم جميعاً أنبياء ورُسُل ، ولكن يأبى الله إلاّ العَمل والتّقوى لتحقيق الشّرف والفضل .

وإن قيل : مهلاً معشر الزيدية ، في خاطرنا شيء ، عن كيفيّة اصطفاء الله للظالمين ، مع أنّ الاصطفاء في الغالب الكثير ، في كتاب الله ، يأتي للأخيار دون الظّالمين ؟!

قُلنا : تأمّلوا عتاب الله لبني إسرائيل : (( يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ))، وتأمّلوا قول الله تعالى : (( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ )) ، وتأمّلوا قول الله تعالى : (( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) ، فبعد أن تتأمّلوا ، ستجدوا كتاب الله يُجيب ، على أنّا لم نُسرف في القول ، وإنّما قُلنا أنّ الأصل الاصطفاء ( والذريّة في أصلاب الآباء ) ، وأمّا بعد الولادة والتكليف فإنّ الاصطفاء ينحصرُ في المقتصدين والسابقين بالخيرات دون الظّالمين ، لاستثناء القرآن للظالمين . على أنّك لو تأمّلت الآية (( فمنهُم ظالمٌ لنفسه )) ، تجد الظّلم نُسِبَ إلى النّفس ، لأنّ الحسني أو الحسيني عندما يفسق ويظلم فإنّه ظلمَ نفسَهُ حظّها ، وظلمَ نفسَهُ منزلةً شرفها الله بها ، إذ لو كان صالحاً سابقاً بالخيرات ، لكان من أهل الإمامة .

وصدق إمام أهل البيت أحمد بن يحيى المرتضى الحسني (ع) :

إذا ما رأيتَ الفاطميَّ تمرّدا *********** أقامَ على كسبِ المعاصي وأخلدا
فذاك الذي لمّا اكتسى ثوبَ عزّه *********** تبدّل أثواب الدناءة وارتدى


وصلى الله وسلّم على سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين .
آخر تعديل بواسطة الكاظم في الثلاثاء يونيو 20, 2006 7:41 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

[ خُلاصة حوار زيدي - جعفري (2) ]

إن قيل : أخبرونا معشر الزيدية ، هل اصطفاء الله لأئمتكم اصطفاء إلهي ؟ ، ثمّ أخبرونا هَل اصطفَاء الله لأنبيائه ورُسله كاصطفاء الله لأئمة أهل البيت من نسل فاطمة ( ذرية الحسن والحسين ) ؟

قُلنا : الإمامةُ عندنا اصطفاءٌ إلهي ، والله سُبحانه وتعالى قد اصطفى أهل البيت ( أصحاب الكساء ) ، وجعلَ الإمامة في أعقابهم إلى يوم القيامة ، فأهل البيت ( بني الحسن والحسين ) مُصطفون إلهياً ، وذلكَ لأنّ الله هُو الذي خصّهم دون بقية الأمّة بآيات الاصطفاء والتطهير ، وأحاديث الثقلين والسفينة والنجوم ، فهم أهلُ بيتٍ قدّمهُم الله واختارهُم . ولو رجعتَ سيّدي الفاضل إلى تفسير السيد الطباطبائي السّابق ، لاتّضح لك ، أنّه وإن عُمّمَ هذا التقديم والاختيار من الله لجميع ذرية فاطمة ، فإنّه في الحقيقة لن يستحقّ هذا التقديم والتفضيل والاصطفاء إلاّ السّابقون بالخيرات ( من بني الحسن والحسين ) .

ثمّ اعلم حفظك الله ، أنّ الله اصطفى أنبيائه ، مُفرداً كلَّ نبيٍّ بالاصطفاء والاختيار ، فأمّا اصطفاء الله لذريّة فاطمة (ص) فإنّه اصطفاء جُملي ، كما نطقَت به الآيات السّابقة ( التي وضّحناها ) ، ثمّ كان المعيار هُوَ العَمَل ، فمَن عمل وارتقى درجة السّابقين للخيرات من هذه الذريّة ، فهو الإمام .

توضيح هام جداً :

ولنا في هذا مُقارنة بذريّة نبي الله إسرائيل صلوات الله عليه ، فإنّ الله اصطفاهُم اصطفاءً جُملياً ، ثمّ أوحى إلى مَن علِمَ صلاحَهُ منهُم بالنبّوة ، وهُنا تأمّل أنّ الله بعدَ أن فضّل جميع ذريّة إسرائيل تفضيلاً جُمليّاً ، فإنّه اختار أنبياءه من عموم هذه الذريّة ممّن علم صلاحَهُم ، حيث لم يُميّز ذريّة بنيامين بن يعقوب عن ذريّة لاوي بن يعقوب كما ميّزت الجعفرية ذرية الحسين عن الحسن ، فكان أنبياء الله مُختارون من قِبَل الرّب جلّ شأنه ، من عموم هذه الذريّة ، لا من خصوصها ، وهُنا فإنّ الله اصطفى ذريّة فاطمة صلوات الله عليها ، اصطفاءً جُمليّاً ، ثمّ حدّدَ معايير في كتابه الكريم ، لمَن يستحقّ الإمامة من هذه الذرية المُصطفاة على العموم ، وعلى رأس هذه المعايير هيَ السّبق بالخيرات ، لأنّا لن نقول بالوحي من الله لهؤلاء الأئمة الفاطميين الحسنيين والحسينيين ، كما كان الله يختار أنبيائه من بني إسرائيل ، لأنّ الوحي عندنا مُنقطعٌ بعد وفاة رسول الله (ص) ، ولن نقول بقول الجعفريّة من النّص الخاص على تسعة أفراد من ذريّة الحسين ، لأنّه لو كانَ ذلك كذلك لمَا احتاج الله سُبحانه أن يُبيّن لنا صفات الذريّة ، لكي يتبيّن لنَا مَن هُو صاحب الإمامَة منهُم ، وذلكَ عندما ذكرَ أنّ مِن هذه الذريّة ظالمٌ لنفسه ، ومنهُم مُقتصد ، ومنهُم سابقٌ بالخيرات ، فافهم ذلك ، فهذا أصلٌ عظيم تزلّ فيه الأقدام ، فلو سلّمنا على شرط الجعفرية ، من النّص على خصوص الذريّة ، لكان الأولى أن تكون الآية الكريمة الشريفة باستثناء صفتي الظلم للنفس والاقتصاد ، فتكون : (( ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا وهم السّابقون بالخيرات !! )) ، وكذلك كان الأولى أن يكون استثناء الله لظالمين من ذرية إبراهيم الذين هم ذرية فاطمة بني الحسن والحسين ، غير موجوداً في الآية : (( وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهن قال إنّي جاعلُك للنّاس إماما ، قال ومن ذريّتي ، قال لا ينال عهدي الظالمين )) ، لأنّه على شرط الجعفرية لا يوجد ظالمين بين أئمتهم ، حتّى يستثنيهم الله ، وكلّ هذا من كتاب الله تعالى ، يُعارض أن يكونَ هُناك أشخاصٌ منصوصٌ عليهم من ذرية الحسن أو الحسين .


هذا وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
آخر تعديل بواسطة الكاظم في الثلاثاء يونيو 20, 2006 7:45 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

[ خُلاصة حوار زيدي - جعفري (3) ]

إن قيل : أثبتم معشر الزيدية ، أنّ آيات الاصطفاء في قوله تعالى : (( ثّم أورَثنا الكتاب من عبادنا ... الآية )) ، وقوله : (( وإذ ابتلى إبراهيم ربّه ... الآية )) ، لا تَنطبقُ على أُناسٍ مخصوصين منصوصٌ عليهم ، لورود لفظات الظّلم للنفس ، والاقتصاد في الحال ، وكذلك الاستثناء من الله للظالمين ، فهلاّ أخبرتمونا عن حال أمير المؤمنين علي والحسنين ، أأئمّةٌ منصوصٌ عليهم عندكُم ، ثمّ أخبرونَا هَل هُم داخلونَ في آيات الاصطفاء السّابقة ؟ إن قُلتم داخلونَ فيها ، فلمَ عِبتُم علينا قولَنا في أئمتنا التسعة ؟ ، وإن قُلتم غيرُ داخلون في آيات الاصطفاء ، كانَ هذا اعترافٌ منكم بعدم اصطفاء وإمامة هؤلاء الثلاثة ؟.

قُلنا : قد فهمنا اعتراضكم أخي الجعفري ، فافهم الجواب حفظك الله ورعاك ، وجوابنا عليكم نوردُه في نقاط :

النقطة الأولى: أنّ الإمام علي والحسن والحسين ، عندنا معشر الزيدية أئمّةٌ منصوصٌ عليهم .

النقطة الثانية : أنّ الإمام علي في زمانه كان كلّ أهل البيت ، ثمّ الحسن والحسين في زمانهما كانا كلّ أهل البيت ، ( إضافةً إلى رسول الله (ص) وفاطمة البتول الزهراء صلوات الله عليه وعليها ) ، ثمّ أعقبَ الحسن والحسين ، فكانت ذريّتهم إلى يوم الدّين هُم أهل البيت .

النقطة الثالثة : أنّك لو تأمّلت أخي الجعفري سياق آية الاصطفاء في قوله تعالى : (( ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد منهُم سابقٌ بالخيرات )) ، لوجَدتَ أنّه لا اختلال ولا تعارض ، لَو قُلنا أنّ علي بن أبي طالب والحسن والحسين أئمّةٌ مُصطَفَونَ منصوصٌ عليهم سابقون بالخيرات ، لأنّ علي والحسنين بعضٌ من كل ، بمعنى : أنّ علي والحسنين جزءٌ من أهل البيت ، لا أنّهم هُم كلّ أهل البيت المُرادون بالاصطفاء في الآية ، إذاً فوجود جزءٌ منصوصٌ عليهم سابقون بالخيرات ، ووجود جزءٌ آخَر من أهل البيت مُصطفَون (بعموم) غير منصوص على أشخاصهم ، تُميّزهُم أعمالُهُم ، وبها يرتقون إلى درجة السّبق بالخيرات ، لا يتعارضُ البتّة .

النقطة الرابعة : أنّ الجعفريّة لو قالَت بما أشرنا إليه سابقاً لكان أقوى لها في الحجّة ، ولكنّهم ذهبوا إلى أمرٍ مُتناقض ، فهُم جعلوا علي والحسنين والتسعة من ولد الحسين ، هُم كلّ أهل البيت الذين اصطفَاهُم الله ، بل وزادوا بالنّص عليهم نصّا اسميّاً شخصيّاً ، وعندَها أهمَلوا لفظات الظلم للنفس والاقتصاد في الحال لهؤلاء المُصطفين الإثني عشر ، الذين هُم كلّ أهل البيت المنصوص عليهم ، ثمّ زادوا في التساهل ، بأن أبعدوا ذريّة الحسن بدون مُخصّص ، والآية جاءت في عموم الذريّة . فإمّا أن يُلصقوا هذه اللفظات بهؤلاء الإثني عشر ، وإمّا أن يقولوا (على مذهبهم) أن النّص الاصطفائي جاء في عموم ذريّة الزهراء ، والإمامة في السّابقين بالخيرات ( من بني الحسن والحسين ) ، مع وجود النّص الخاص على الإثني عشر ، ولكنّ هذا النّص لا يَقصر صفة الإمامة فيهم دونَ غيرهم من ذريّة الزهراء ، وإنّما هؤلاء الإثني عشر بعضٌ من أهل البيت ، والبعض الآخر ، فإنّ الإمامة تكون للسابق للخيرات منهم ( من بني الحسن والحسين ) ، وأمّا الظّالمون لأنفسهم ( من بني الحسن والحسين ) ، فإنّهم لا يستحقّوا الإمامة ، ولو قالَت الجعفريّة بهذا لكان أقوى في الحجّة ، ولكنّه سيهدم أصولاً خطيرة من مذهبهِم ، فافهم ذلك .

النقطة الخامسة : وفيها نذكرُ مثالاً ، يوضّح ما قد يكون غامضاً ، وهُوَ على قول الزيدية مُنطبق ، على قول الجعفرية مُنتقض :

لو قال الوزير للملك ، اجعل الرئاسة والمُلك في ذريّة ابنك علي ، ( وعليّ هذا ، لديه أبناء منهم ، الحسن والحسين والعباس وعمر وغيرهم ) ، واجعلها -الرئاسة- أيضاً في الحسن بعد علي ثمّ الحسين بعد الحسن ، ثمّ اجعلهَا في ذريّتهما ، فأجابهُ الملك : نعم سنَجعلُها في علي (نصّ خاص) والحسن (نصّ خاص) والحسين (نصّ خاص) ، وذريّتهم (نصّ عام) ، ولكنّ مَن كانَ ظالماً منهُم ( من ذريّة الحسنين ، المنصوص عليهم نصّاً عامّا ) فإنّ المُلك ليسَ له ، وإنّما هو للسابقين بالخيرات من هذه الذريّة ( أبناء الحسن والحسين ) .

* وهُنا تأمّل أخي الجعفري في مثالنا السّابق ، تجد علي والحسن والحسين ( أصحاب النّص الخاص) ، بعض من أهل البيت ، والذريّة (أصحاب النّص العام) البعض الآخر ، وهُم جميعا أهل البيت ، وعلى مبدأ الزيدية فإنّه سيكونُ في ذريّة المَلك ، ذرية الحسن والحسين ، أصحاب النّص العام ، ظالمين ومُقتصدين وسابقين بالخيرات ، والملكُ قد استثى الظالمين للنفس ، وأقرّ السابقين بالخيرات . إذاً هذا المثال مُنطبقٌ تماماً على عقيدة الزيدية ، وذلك عندما آمنَت بالنّص الخاص على طائفة من أهل البيت ( علي والحسنين ) ، و آمنت بالنص على العام ( على عموم ذرية الحسن والحسين ، فيهم ومنهم ستكون الطوائف الثلاث الظالمة للنفس والمقتصدة والسابقة بالخيرات ) .


النقطة السادسة : وفيها نذكرُ مثالاً ، يوضّح ما قد يكون غامضاً ، وهُوَ على قول الجعفرية مُنطبق ، على قول الزيدية مُنتقض :

لو قال الوزير للملك ، اجعل الرئاسة والمُلك في ذريّة ابنك علي ، ( وعليّ هذا ، لديه أبناء منهم ، الحسن والحسين والعباس وعمر وغيرهم ) ، واجعلها -الرئاسة- أيضاً في الحسن بعد علي ثمّ الحسين بعد الحسن ، ثمّ اجعلهَا في تسعة أولاد من أبناء الحسين (علي ومحمد وجعفر .. إلخ ) ، ولا تُشرك بقيّة ذرية ( الحسن ، والحسين غير التسعة في الرئاسَة ) ، فأجابهُ الملك : نعم سنَجعلُها في علي (نصّ خاص) والحسن (نصّ خاص) والحسين (نصّ خاص) ، والتسعة من أبناء الحسين (نصّ خاص) ، ولن نُشرك أبناء الحسن ، وأبناء الحسين غير التسعة في الرئاسة ، ولكنّ اعلم أيها الوزير أنّ مَن كانَ ظالماً من هؤلاء (علي) و (الحسنين ) و (التسعة من ذرية الحسين ) فإنّ المُلك ليسَ له ، وإنّما هو للسابقين بالخيرات من هؤلاء الإثني عشر .

* وهُنا تأمّل أخي الجعفري في مثالنا السّابق ، تجد علي والحسن والحسين ، والتسعة من أبناء الحسين ( أصحاب النّص الخاص) ، هُم كلّ أهل البيت ( أصحاب الإمامَة ) ، والبقيّة من أبناء الحسن ، وأبناء الحسين " غير التسعة " ليسَ لهُم حظّ في الإمامة لعدم ورود نصٍّ خاصٍّ فيهم ، وهُنا أخي الجعفري نسألُك : مَن هُوَ الظالم لنفسه من هؤلاء الإثني عشر (المنصوص عليهم) ، الذي استثناهُ المَلك من الإمامَة إنْ هُوَ ظلَم ؟! ، ثمّ مَن هُم المُقتصدونَ منهُم ، ومَن هُم السّابقون بالخيرات ، إن قُلتم كلّهم سابقون بالخيرات !! ، فمَن الظّالمين الذين استثناهم الله ، ومَن هُم المقتصدين ؟! إذاً ، فالكلامُ مُنتقض من بدايته إلى نهايته ، ومن نهايته إلى بدايته ، فافهم ذلك رحمك الله .

ملاحظة : على أنّه يجب عليك أن تتذكّر أنّ الآية الشريفة ، لم تُخصّص نسل الحسين ، بل لم تزد التخصيص تخصيصاً في تسعة من نسل الحسين ، وإنّما ضربنا المثال السّابق بعد التساهل والتسليم الجدلي ، وذلك كي ( نبيّن الفرق بين إدخالنا أهلَ النّص الجُملي العام والنص الخاص ، وبين إدخال الجعفرية أهل النص الخاص فقط في آيات الاصفاء السابقة ) .

وبه نختم الكلام على هذه المسألة . راجين من الله أن تكون وصلت الفكرَة واضحةً جليّة .

لو قيل : قد أجبتُم واجتهدتم في التوضيح ، فأخبرونا معشر الزيدية ، لمَ كان علي بن أبي طالب إماماً ، وهُوَ غير داخل في ذريّة الزهراء ؟ وهل اصطفاهُ الله بمجرّد أن نصّ عليه بالامامة ؟ وهل ينطبق عليه معيار العَمَل والسّبق لكي يكون إماماً ، على ضوء قوله تعالى : (( الذين أورثنا الكتاب من عبادنا ... الآية )) ، وكذلك القول في الحسن والحسين ؟

قُلنا : هذه المسألة تنقسم ، فالقسم الأول منها ، هُو ما يخصّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، وفيه نقول : أنَّ أمير المؤمنين علي (ع) ، قد خصّصته النّصوص من الله سبحانه وتعالى (في آية الولاية) ، وسنّة الرّسول (ص) في أحاديث (الغدير) و (المنزلة) وأمثالها ، فهُو وإن لَم يكُن من ذريّة الزهراء ، فهُو من أهل البيت الذين جلّلهم كساء الرسول (ص) ، وأهل البيتُ هُم المقصودون بالذريّة ، فعليٌّ (ع) من أهل البيت ، بل هُو أبو الذريّة الفاطميّة (الحقيقي) ، ونحنُ في تصديراتنا السّابقة عندما نقول (ذريّة الزهراء) ، فإنّه لمجرّد التمييز فقط ، إذ فاطمة هي ابنة رسول الله(ص) ، وذريّتها (بني الحسن والحسين) هُم ذريّة الرسول (ص) ، كما كان عيسى ابن مريم صلوات الله عليه من آل عمران ، بنصّ الآية الشريفة ، فافهم ذلك . وعليه فإّنه مُصطفىً من قِبَل الله تعالى ، وذلك حين نطقَ الكتاب العزيز بهذا ، وأعلن الرسول الكريم ، بهذا ، وكذلك كان الحسن والحسين ، أصحاب الكساء ، منصوصٌ عليهم بسنّة الرّسول ( وهُم داخلون في آيات الاصطفاء ، من أصحاب النصّ الخاص ) ، وكذلك كان أهل البيت (ذريّة الحسن والحسين) مُصطَفَون بآيات الاصطفاء ( وهُم أصحاب النّص العام ) ، وبسنّة الرّسول كأحاديث الثقلين والسفينة والنجوم ، وما أُمرنا به من التمسّك بالسّابقين بالخيرات منهم والمقتصدين .

وأمّا القسم الثاني من السؤال : وهُو ما يخص انطباق معيار العمَل والسّبق على علي (ع) ، والحسنين ، ليكونوا أئمّة ، فإنّا نقول فيه : أنَّ علي والحسنين صلوات الله عليهم ، أئمّةٌ منصوصٌ عليهم ، مُستحقّون لدرجة السّابقين بالخيرات ، بأعمالهِم لا بمجرّد النّص عليهم . وجزى الله أئّمتنا نحن الزيدية من بني فاطمة ( أبناء الحسن والحسين ) أفضل الجزاء ، فإنّي طالما طالعتُ في كُتبهم فيما يخصّ جانب أمير المؤمنين والحسنين ، عبارة : ( هُم الأئمّة بالنّص والاستحقاق ) ، وهُم صلوات الله عليهم (علي والحسنين) ، أئمّةٌ منصوصٌ عليهم ، كلّفَهُم الله بتكاليف شرعيّة ، ( على رأسها الأمر يالمعروف والنهي عن المنكر قدر المُستطاع ) ، فازدادوا بعملهِم وطاعتهم لربّهم ، تشريفاً إلى تشريف ، إذ عزّزوا نصّ الله عليهم بالإمامة ، بالوصول إلى درجة السّبق للخيرات ، ولهذا مثالٌ واقعيّ في سيرة مَن هُو أفضل من عليٍّ والحسنين ، بل مَن هُو أفضل من جميع الأنبياء والمُرسلين ، محمد بن عبدالله الصادق الأمين (ص) ، وذلكَ أنَّ الله اختارَهُ واصطفاهُ وأيّده بجبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، بل بملائكة السماء والأرض ، ثمّ كلّفهُ الله بتكاليف شرعيّة ، وحرّصهُ على الإتيان بها ، وحذّره ألا يُخالفَ أمرَه ، وذلك عندما قال في كتابه الكريم : (( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ )) ، فاجتهدَ الرّسول (ص) في إرضاء ربّه ، وإبلاغ حجّته ، حتى أُثر عنه في آخر أيامه ، أنّه حمدَ الله على تمام التبليغ لما أمرَه الله به ، هذا واعلَم أنّ الله سبحانه وتعالى مع اختياره واجتبائه لمحمد صلوات الله عليه وعلى آله ، لم يَكن هذا عُذرٌ لرسول الله (ص) للاكتفاء بهذا الاصطفاء عن فعل الخيرات ، التي بها ينالُ السّبق ، فالرّسول (ص) ، نبيّ الله اجتباءاً واستحقاقاً ، وكذلك كان أمير المؤمنين علي (ع) إماماً بالنّص والاستحقاق بعمله وعبادته لمرتبة السّبق للخيرات ، وكذلك الحسن والحسين إمامان بالنّص وبعملهما وعبادتهما المؤديّة إلى مرتبة السّبق بالخيرات ، وكذلك عموم ذريّة الزهراء ( أهل البيت ) من أبناء الحسن والحسين ، فإنّ عليهم نصٌّ واصطفاءٌ جُملي ، فمَن أوصلَهُ عمَلُهُ إلى مرتبة السّبق بالخيرات كان إمام الله في أرضِه .


هذا وصلّى الله وسلّم على محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الغزالى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 60
اشترك في: الجمعة مارس 04, 2005 2:00 pm

مشاركة بواسطة الغزالى »

اثراءا للموضوع اضيف رؤية المحقق الامامى جعفر السبحانى حفظه الله :

يقول سبحانه:(وَالّذي أَوحَيْنا إِلَيْكَ الكِتابَ هُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللّه بِعِبادِهِ لَخبير بَصير* ثُمَّ أَورَثْنَا الكِتاب الّذينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالخَيرات بِإِذْنِ اللّه ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبير) .

المراد من الكتاب في قوله (أوحينا إليك الكتاب) هو القرآن بلا شكّ وكونه حقّاً لاَجل براهين قطعية تُثبت انّه منزل من ربّه فانّ قوانينه تنسجم مع الفطرة الاِنسانية والقصص الواردة فيها مصونة من الاَساطير، والمجموع خالٍ من التناقض إلى غير ذلك من القرائن الدالة على أنّه حقّ. ومع ذلك هو مصدِّق لما بين يدي الرسول ص من الكتاب السماوي.

هذا هومفاد الآية الاَُولى.

ثمّ إنّه سبحانه يقول: (ثُمَّ أَورَثْنا الكتاب) المراد من الكتاب هو القرآن: لاَنَّ الّلام للعهد الذكري أي الكتاب المذكور في الآية المتقدمة، والوراثة عبارة عمّا يستحصله الاِنسان بلا مشقة وجهد، والوارث لهذا الكتاب هم الذين ُأشير إليهم بقوله: (الذين اصطفينا من عبادنا) ، فلو قلنا بأنّ «من» للتبيين فيكون الوارث هو الاَُمة الاِسلامية جميعاً، ولو قلنا: إنّ «مِن» للتبعيض فيكون الوارث جماعة خاصة ورثوا الكتاب.

والظاهر هو التبيين كما في قولنا:(وَسَلامٌ عَلى عِبادِه الّذينَ اصْطَفى) .(2)

ولكن الاَُمة الاِسلامية صاروا على أقسام ثلاثة:

أ: ظالم لنفسه الَّذين قصرَّوا في وظيفتهم في حفظ الكتاب والعمل

بأحكامه، وفي الحقيقة ظلموا أنفسهم، فلذلك صاروا ظالمين لاَنفسهم.

ب: مقتصد: الذين أدُّوا وظيفتهم في الحفظ و العمل لكن لا بنحو كامل بل قصرّوا شيئاً فيهما.

ج: سابق بالخيرات بإذن اللّه: هم الجماعة المثلى أدّوا وظائفهم بالحفظ والعمل على النحو الاَتم، فلذلك سبقوا إلى الخيرات كما يقول سبحانه: (سابِقُوا إلى الخَيرات بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) .

و على هذا ورثة الكتاب في الحقيقة هم الطائفة الثالثة أعني الذين سبقوا بالخيرات.

وأمّا ما هو المراد من الطائفة الثالثة فيتكفَّل الحديث لبيان ملامحها.

روى الكليني عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في تفسير الآية انّه قال: «السابق بالخيرات الاِمام، والمقتصد العارف بالاِمام، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الاِمام».

وروي نفس الحديث عن الاِمام الرضا (عليه السلام).

وهناك روايات أُخرى توَيد المضمون فمن أراد فليراجع


و تحياتى للاخ الفاضل الكاظم
الساكت عن الحق شيطان اخرس

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

سيّدي الغزالي .... بعد التحية ( يهمّني قراءتكم المتمعنة لجميع البحث ) ، لاحتكاكم بإخوتنا الجعفرية .

====

بخصوص تأويل الشيخ السبحاني ، للآية .

فإنّ تفسيرَه لـ (مِن) ، بالتبيينيّة ، المُراد بها الأمّة الإسلاميّة ( على حدّ قوله ) ، تفسيرٌ مُخالفٌ لقول أئمّته المعصومين ( وعلى رأسهم الباقر كما جاء في الرّوايات السّابقة عنه من طرق الجعفرية ، والرّضا علي بن موسى (ع) ، إضافةً إلى مُخالفته لتفسير السيّد الطباطبائي من اقتصارها على أهل البيت (ع) ، من أبناء فاطمة ، ذريّة الحسن والحسين ، وقد حكى السيد الطبطبائي هذا ، بصيغة الأمر البديهي المأثور بالروايات المُستفيضة عن أئمتهم ، فلا تتعدّ هذا حتّى يُثبتَ لكَ الجعفريّة ، عصمَة السبحاني في رأيه ، أو عصمَة أئمتهم فيما ذهبوا إليه .


الإمام علي بن موسى الرّضا يردّ على الشيخ السّبحاني :

أوردَ الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرّضا ج1 ب23 ح1 ، حوار كلامي بين الرّضا (ع) وبين المأمون العباسي ، ومعهُم جمعٌ من العلماء ، فجاء في هذا الحوار :

(( ... و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان فقال المأمون أخبروني عن معنى هذه الآية : (( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَاصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)) . فقالت العلماء: أراد الله عز وجل بذلك الأمة كلها . فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن ؟ . فقال الرضا ( ع ) : لا أقول كما قالوا و لكني أقول أراد الله عزّ وجل بِذَلك العترة الطّاهرة فقال المأمون : و كيف عنى العترة من دون الأمة ؟ . فقال له الرضا (ع) : إنه لو أراد الأمة لكانت أجمعها في الجنة لقول الله عز و جل فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال عز و جل جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم ... إلخ رواية )) .


تحياتي لكم سيدي .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبد المؤمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 103
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 4:33 pm

مشاركة بواسطة عبد المؤمن »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخوان القائمون على المنتدى ورعايته
احييكم تحية الاخوة والوفاء والمحبة الاسلامية
اهنئكم على هذا المنتدى العظيم
والذى يستمد عظمته من القائمين عليه
ويستمد عظمته من الاعضاء الاسائذة الكبار
بفضل الاخ موالى آل البيت وصلت الى المنتدى لاجل الاخ الكاظم الزيدى المحترم
بعد ان تاثرت بالموضوع الذى نشره فى منتدى ياحسين .

الاخ الفاضل الكاظم الزيدى كما اسميت نفسك فى منتدى ياحسين
اخى الكريم كيف حالكم سؤالى اكتبه لك مرة اخرى فى هذا المنتدى المبارك
وذلك لاصرارك على ان السابقون بالخيرات يعرفون بعظيم افعالهم وجهادهم باعلان الحق والله هو الحق المبين واصرارى ان السابقون بالخيرات يجب ان يكون منصوص عليهم والدليل النص على الامام علي ومن بعده الحسن ومن بعده الحسين سلام الله عليهم اجمعين مما حدى بى ان اسالك هذا السؤال تمهيداللوصول الى ما اعتقده هو الحق ولا اطيل عليك السؤال هو هذا؟


هل نحن ملزمون بتولى الامام علي بن ابى طالب والاعتقاد بولايته ولماذا مع التدليل على اقوالك ؟؟؟

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

مرحباً بكم .... أخي الفاضل (عبدالمؤمن) .... وحيّاكم الله ضيفاً ثمّ أخاً لنا .
لاصرارك على ان السابقون بالخيرات يعرفون بعظيم افعالهم وجهادهم باعلان الحق والله هو الحق المبين واصرارى ان السابقون بالخيرات يجب ان يكون منصوص عليهم والدليل النص على الامام علي ومن بعده الحسن ومن بعده الحسين سلام الله عليهم اجمعين مما حدى بى ان اسالك هذا السؤال تمهيداللوصول الى ما اعتقده هو الحق ولا اطيل عليك السؤال هو هذا؟

هل نحن ملزمون بتولى الامام علي بن ابى طالب والاعتقاد بولايته ولماذا مع التدليل على اقوالك ؟؟؟

نعم ، نحنُ مُلزمون بولاية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، لورود الدّليل بذلك ، كخبر الغدير وآية الولاية وحديث المنزلة وأمثالها .

وتخميناً ، كأنّي أعرفُ ماذا ستقول : من أنّ دخول علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ضمنَ السّابقين بالخيرات ، يعيبُ علينا أن يكونَ السّابق بالخيرات يُعرَفُ بسبقهِ الذي هو اجتهاده وهو ونبوغه في العلم من دون النّص .

وهُنا سأُعيدُ عليكَ ما كنّا تذاكرناهُ سابقاً ، وأرجو التّمعن فيه ، ففيه إجاباتٌ كثيرة لأسئلة أكثر ، ستختصرُ علينا نقاشَنا هذا ، وكلّ ما أطلُبُه منك هُو التنازل المؤقت عن فِكرَة النّص على الإثني عشر ، وتعامَل مع كتاب الله ( بغير تمذهب ) ، فإنّي وجَدتُ في هذا تسهيلٌ كبير لفَهم مُقتضى هذه الآيَة .

[ خُلاصة حوار زيدي - جعفري (3) ]

إن قيل : أثبتم معشر الزيدية ، أنّ آيات الاصطفاء في قوله تعالى : (( ثّم أورَثنا الكتاب من عبادنا ... الآية )) ، وقوله : (( وإذ ابتلى إبراهيم ربّه ... الآية )) ، لا تَنطبقُ على أُناسٍ مخصوصين منصوصٌ عليهم ، لورود لفظات الظّلم للنفس ، والاقتصاد في الحال ، وكذلك الاستثناء من الله للظالمين ، فهلاّ أخبرتمونا عن حال أمير المؤمنين علي والحسنين ، أأئمّةٌ منصوصٌ عليهم عندكُم ، ثمّ أخبرونَا هَل هُم داخلونَ في آيات الاصطفاء السّابقة ؟ إن قُلتم داخلونَ فيها ، فلمَ عِبتُم علينا قولَنا في أئمتنا التسعة ؟ ، وإن قُلتم غيرُ داخلون في آيات الاصطفاء ، كانَ هذا اعترافٌ منكم بعدم اصطفاء وإمامة هؤلاء الثلاثة ؟.

قُلنا : قد فهمنا اعتراضكم أخي الجعفري ، فافهم الجواب حفظك الله ورعاك ، وجوابنا عليكم نوردُه في نقاط :

النقطة الأولى: أنّ الإمام علي والحسن والحسين ، عندنا معشر الزيدية أئمّةٌ منصوصٌ عليهم .

النقطة الثانية : أنّ الإمام علي في زمانه كان كلّ أهل البيت ، ثمّ الحسن والحسين في زمانهما كانا كلّ أهل البيت ، ( إضافةً إلى رسول الله (ص) وفاطمة البتول الزهراء صلوات الله عليه وعليها ) ، ثمّ أعقبَ الحسن والحسين ، فكانت ذريّتهم إلى يوم الدّين هُم أهل البيت .

النقطة الثالثة : أنّك لو تأمّلت أخي الجعفري سياق آية الاصطفاء في قوله تعالى : (( ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد منهُم سابقٌ بالخيرات )) ، لوجَدتَ أنّه لا اختلال ولا تعارض ، لَو قُلنا أنّ علي بن أبي طالب والحسن والحسين أئمّةٌ مُصطَفَونَ منصوصٌ عليهم سابقون بالخيرات ، لأنّ علي والحسنين بعضٌ من كل ، بمعنى : أنّ علي والحسنين جزءٌ من أهل البيت ، لا أنّهم هُم كلّ أهل البيت المُرادون بالاصطفاء في الآية ، إذاً فوجود جزءٌ منصوصٌ عليهم سابقون بالخيرات ، ووجود جزءٌ آخَر من أهل البيت مُصطفَون (بعموم) غير منصوص على أشخاصهم ، تُميّزهُم أعمالُهُم ، وبها يرتقون إلى درجة السّبق بالخيرات ، لا يتعارضُ البتّة .

النقطة الرابعة : أنّ الجعفريّة لو قالَت بما أشرنا إليه سابقاً لكان أقوى لها في الحجّة ، ولكنّهم ذهبوا إلى أمرٍ مُتناقض ، فهُم جعلوا علي والحسنين والتسعة من ولد الحسين ، هُم كلّ أهل البيت الذين اصطفَاهُم الله ، بل وزادوا بالنّص عليهم نصّا اسميّاً شخصيّاً ، وعندَها أهمَلوا لفظات الظلم للنفس والاقتصاد في الحال لهؤلاء المُصطفين الإثني عشر ، الذين هُم كلّ أهل البيت المنصوص عليهم ، ثمّ زادوا في التساهل ، بأن أبعدوا ذريّة الحسن بدون مُخصّص ، والآية جاءت في عموم الذريّة . فإمّا أن يُلصقوا هذه اللفظات بهؤلاء الإثني عشر ، وإمّا أن يقولوا (على مذهبهم) أن النّص الاصطفائي جاء في عموم ذريّة الزهراء ، والإمامة في السّابقين بالخيرات ( من بني الحسن والحسين ) ، مع وجود النّص الخاص على الإثني عشر ، ولكنّ هذا النّص لا يَقصر صفة الإمامة فيهم دونَ غيرهم من ذريّة الزهراء ، وإنّما هؤلاء الإثني عشر بعضٌ من أهل البيت ، والبعض الآخر ، فإنّ الإمامة تكون للسابق للخيرات منهم ( من بني الحسن والحسين ) ، وأمّا الظّالمون لأنفسهم ( من بني الحسن والحسين ) ، فإنّهم لا يستحقّوا الإمامة ، ولو قالَت الجعفريّة بهذا لكان أقوى في الحجّة ، ولكنّه سيهدم أصولاً خطيرة من مذهبهِم ، فافهم ذلك .

النقطة الخامسة : وفيها نذكرُ مثالاً ، يوضّح ما قد يكون غامضاً ، وهُوَ على قول الزيدية مُنطبق ، على قول الجعفرية مُنتقض :

لو قال الوزير للملك ، اجعل الرئاسة والمُلك في ذريّة ابنك علي ، ( وعليّ هذا ، لديه أبناء منهم ، الحسن والحسين والعباس وعمر وغيرهم ) ، واجعلها -الرئاسة- أيضاً في الحسن بعد علي ثمّ الحسين بعد الحسن ، ثمّ اجعلهَا في ذريّتهما ، فأجابهُ الملك : نعم سنَجعلُها في علي (نصّ خاص) والحسن (نصّ خاص) والحسين (نصّ خاص) ، وذريّتهم (نصّ عام) ، ولكنّ مَن كانَ ظالماً منهُم ( من ذريّة الحسنين ، المنصوص عليهم نصّاً عامّا ) فإنّ المُلك ليسَ له ، وإنّما هو للسابقين بالخيرات من هذه الذريّة ( أبناء الحسن والحسين ) .

* وهُنا تأمّل أخي الجعفري في مثالنا السّابق ، تجد علي والحسن والحسين ( أصحاب النّص الخاص) ، بعض من أهل البيت ، والذريّة (أصحاب النّص العام) البعض الآخر ، وهُم جميعا أهل البيت ، وعلى مبدأ الزيدية فإنّه سيكونُ في ذريّة المَلك ، ذرية الحسن والحسين ، أصحاب النّص العام ، ظالمين ومُقتصدين وسابقين بالخيرات ، والملكُ قد استثى الظالمين للنفس ، وأقرّ السابقين بالخيرات . إذاً هذا المثال مُنطبقٌ تماماً على عقيدة الزيدية ، وذلك عندما آمنَت بالنّص الخاص على طائفة من أهل البيت ( علي والحسنين ) ، و آمنت بالنص على العام ( على عموم ذرية الحسن والحسين ، فيهم ومنهم ستكون الطوائف الثلاث الظالمة للنفس والمقتصدة والسابقة بالخيرات ) .


النقطة السادسة : وفيها نذكرُ مثالاً ، يوضّح ما قد يكون غامضاً ، وهُوَ على قول الجعفرية مُنطبق ، على قول الزيدية مُنتقض :

لو قال الوزير للملك ، اجعل الرئاسة والمُلك في ذريّة ابنك علي ، ( وعليّ هذا ، لديه أبناء منهم ، الحسن والحسين والعباس وعمر وغيرهم ) ، واجعلها -الرئاسة- أيضاً في الحسن بعد علي ثمّ الحسين بعد الحسن ، ثمّ اجعلهَا في تسعة أولاد من أبناء الحسين (علي ومحمد وجعفر .. إلخ ) ، ولا تُشرك بقيّة ذرية ( الحسن ، والحسين غير التسعة في الرئاسَة ) ، فأجابهُ الملك : نعم سنَجعلُها في علي (نصّ خاص) والحسن (نصّ خاص) والحسين (نصّ خاص) ، والتسعة من أبناء الحسين (نصّ خاص) ، ولن نُشرك أبناء الحسن ، وأبناء الحسين غير التسعة في الرئاسة ، ولكنّ اعلم أيها الوزير أنّ مَن كانَ ظالماً من هؤلاء (علي) و (الحسنين ) و (التسعة من ذرية الحسين ) فإنّ المُلك ليسَ له ، وإنّما هو للسابقين بالخيرات من هؤلاء الإثني عشر .

* وهُنا تأمّل أخي الجعفري في مثالنا السّابق ، تجد علي والحسن والحسين ، والتسعة من أبناء الحسين ( أصحاب النّص الخاص) ، هُم كلّ أهل البيت ( أصحاب الإمامَة ) ، والبقيّة من أبناء الحسن ، وأبناء الحسين " غير التسعة " ليسَ لهُم حظّ في الإمامة لعدم ورود نصٍّ خاصٍّ فيهم ، وهُنا أخي الجعفري نسألُك : مَن هُوَ الظالم لنفسه من هؤلاء الإثني عشر (المنصوص عليهم) ، الذي استثناهُ المَلك من الإمامَة إنْ هُوَ ظلَم ؟! ، ثمّ مَن هُم المُقتصدونَ منهُم ، ومَن هُم السّابقون بالخيرات ، إن قُلتم كلّهم سابقون بالخيرات !! ، فمَن الظّالمين الذين استثناهم الله ، ومَن هُم المقتصدين ؟! إذاً ، فالكلامُ مُنتقض من بدايته إلى نهايته ، ومن نهايته إلى بدايته ، فافهم ذلك رحمك الله .

ملاحظة : على أنّه يجب عليك أن تتذكّر أنّ الآية الشريفة ، لم تُخصّص نسل الحسين ، بل لم تزد التخصيص تخصيصاً في تسعة من نسل الحسين ، وإنّما ضربنا المثال السّابق بعد التساهل والتسليم الجدلي ، وذلك كي ( نبيّن الفرق بين إدخالنا أهلَ النّص الجُملي العام والنص الخاص ، وبين إدخال الجعفرية أهل النص الخاص فقط في آيات الاصفاء السابقة ) .

وبه نختم الكلام على هذه المسألة . راجين من الله أن تكون وصلت الفكرَة واضحةً جليّة .

لو قيل : قد أجبتُم واجتهدتم في التوضيح ، فأخبرونا معشر الزيدية ، لمَ كان علي بن أبي طالب إماماً ، وهُوَ غير داخل في ذريّة الزهراء ؟ وهل اصطفاهُ الله بمجرّد أن نصّ عليه بالامامة ؟ وهل ينطبق عليه معيار العَمَل والسّبق لكي يكون إماماً ، على ضوء قوله تعالى : (( الذين أورثنا الكتاب من عبادنا ... الآية )) ، وكذلك القول في الحسن والحسين ؟

قُلنا : هذه المسألة تنقسم ، فالقسم الأول منها ، هُو ما يخصّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، وفيه نقول : أنَّ أمير المؤمنين علي (ع) ، قد خصّصته النّصوص من الله سبحانه وتعالى (في آية الولاية) ، وسنّة الرّسول (ص) في أحاديث (الغدير) و (المنزلة) وأمثالها ، فهُو وإن لَم يكُن من ذريّة الزهراء ، فهُو من أهل البيت الذين جلّلهم كساء الرسول (ص) ، وأهل البيتُ هُم المقصودون بالذريّة ، فعليٌّ (ع) من أهل البيت ، بل هُو أبو الذريّة الفاطميّة (الحقيقي) ، ونحنُ في تصديراتنا السّابقة عندما نقول (ذريّة الزهراء) ، فإنّه لمجرّد التمييز فقط ، إذ فاطمة هي ابنة رسول الله(ص) ، وذريّتها (بني الحسن والحسين) هُم ذريّة الرسول (ص) ، كما كان عيسى ابن مريم صلوات الله عليه من آل عمران ، بنصّ الآية الشريفة ، فافهم ذلك . وعليه فإّنه مُصطفىً من قِبَل الله تعالى ، وذلك حين نطقَ الكتاب العزيز بهذا ، وأعلن الرسول الكريم ، بهذا ، وكذلك كان الحسن والحسين ، أصحاب الكساء ، منصوصٌ عليهم بسنّة الرّسول ( وهُم داخلون في آيات الاصطفاء ، من أصحاب النصّ الخاص ) ، وكذلك كان أهل البيت (ذريّة الحسن والحسين) مُصطَفَون بآيات الاصطفاء ( وهُم أصحاب النّص العام ) ، وبسنّة الرّسول كأحاديث الثقلين والسفينة والنجوم ، وما أُمرنا به من التمسّك بالسّابقين بالخيرات منهم والمقتصدين .

وأمّا القسم الثاني من السؤال : وهُو ما يخص انطباق معيار العمَل والسّبق على علي (ع) ، والحسنين ، ليكونوا أئمّة ، فإنّا نقول فيه : أنَّ علي والحسنين صلوات الله عليهم ، أئمّةٌ منصوصٌ عليهم ، مُستحقّون لدرجة السّابقين بالخيرات ، بأعمالهِم لا بمجرّد النّص عليهم . وجزى الله أئّمتنا نحن الزيدية من بني فاطمة ( أبناء الحسن والحسين ) أفضل الجزاء ، فإنّي طالما طالعتُ في كُتبهم فيما يخصّ جانب أمير المؤمنين والحسنين ، عبارة : ( هُم الأئمّة بالنّص والاستحقاق ) ، وهُم صلوات الله عليهم (علي والحسنين) ، أئمّةٌ منصوصٌ عليهم ، كلّفَهُم الله بتكاليف شرعيّة ، ( على رأسها الأمر يالمعروف والنهي عن المنكر قدر المُستطاع ) ، فازدادوا بعملهِم وطاعتهم لربّهم ، تشريفاً إلى تشريف ، إذ عزّزوا نصّ الله عليهم بالإمامة ، بالوصول إلى درجة السّبق للخيرات ، ولهذا مثالٌ واقعيّ في سيرة مَن هُو أفضل من عليٍّ والحسنين ، بل مَن هُو أفضل من جميع الأنبياء والمُرسلين ، محمد بن عبدالله الصادق الأمين (ص) ، وذلكَ أنَّ الله اختارَهُ واصطفاهُ وأيّده بجبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، بل بملائكة السماء والأرض ، ثمّ كلّفهُ الله بتكاليف شرعيّة ، وحرّصهُ على الإتيان بها ، وحذّره ألا يُخالفَ أمرَه ، وذلك عندما قال في كتابه الكريم : (( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ )) ، فاجتهدَ الرّسول (ص) في إرضاء ربّه ، وإبلاغ حجّته ، حتى أُثر عنه في آخر أيامه ، أنّه حمدَ الله على تمام التبليغ لما أمرَه الله به ، هذا واعلَم أنّ الله سبحانه وتعالى مع اختياره واجتبائه لمحمد صلوات الله عليه وعلى آله ، لم يَكن هذا عُذرٌ لرسول الله (ص) للاكتفاء بهذا الاصطفاء عن فعل الخيرات ، التي بها ينالُ السّبق ، فالرّسول (ص) ، نبيّ الله اجتباءاً واستحقاقاً ، وكذلك كان أمير المؤمنين علي (ع) إماماً بالنّص والاستحقاق بعمله وعبادته لمرتبة السّبق للخيرات ، وكذلك الحسن والحسين إمامان بالنّص وبعملهما وعبادتهما المؤديّة إلى مرتبة السّبق بالخيرات ، وكذلك عموم ذريّة الزهراء ( أهل البيت ) من أبناء الحسن والحسين ، فإنّ عليهم نصٌّ واصطفاءٌ جُملي ، فمَن أوصلَهُ عمَلُهُ إلى مرتبة السّبق بالخيرات كان إمام الله في أرضِه .


هذا وصلّى الله وسلّم على محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

فائدة : الإمام علي بن موسى الرّضا (ع) يتحدّث عن صفَة السّبق ، والخيريّة ، والتفَاضل :

1- الإمام علي بن موسى صلوات الله عليه ، يُريدُ إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، مُناظراً يحيى بن الضّحاك السمرقندي في مجلس المأمون العباسي ، فيتعرّض لمسألَة السّبق بالخيرات ، ويُفسّر معناها ، فيقول الشيّخ الصدوق فيما رواهُ عنه (ع):

(( ... فَقالَ المأمون يا أبَا الحَسن عَرِّفنَا الغَرَض فِي هَذهِ المسألَة. فَقَالَ [ أيّ الرّضا (ع) ] : لا بّد ليَحيي مِن أن يُخبِرَ عَن أئمّته أنّهُم كَذَبوا على أنفُسِهِم أو صَدَقوا ، فَإنْ زَعَم أنّهم كَذَبُوا فَلا أمَانَة لِكَذّاب ، و إنْ زَعَمَ أنّهُم صَدَقوا فَقد قَال أوّلُهم [ يعني أبا بكر] وليتكُم و لَستُ بِخَيرِكُم ، و قَال تَاليه [ عمَر ] كَانت بَيعَتُه فَلتة فَمَن عَادَ لِمِثلِهَا فَاقتلوه ، فَوالله مَا رَضِي [عمر ] لِمَن فَعَل مِثلَ فِعلِهِم إلاّ بِالقَتل ، فَمَن لَم يَكنُ بِخَير النّاس ، و الخَيريّة لا تَقَع إلاّ بِنعوتٍ مِنهَا العِلم ، ومِنهَا الجِهَاد ، ومِنهَا سَائرُ الفَضَائل ، ولَيسَت فِيهِ [ أي في عُمَر] ، و مَنْ كَانَت بَيعَتُه فَلتة يَجبُ القَتلُ عَلى مَن فَعَل مِثلَها ، كَيفَ يُقبَل عَهْدُه [ عهدُ أبي بكر] إلى غَيرِه ...)) اهـ من [ عيون أخبار الرضا م2ب57ح1] .

2- الإمام علي بن موسى صلوات الله عليه، يُحقّق كلام الزيدية ، وهُوَ أنّ سادات بني الحسن والحسين ، ومن ضمنهِم أئمّة الجعفريّة ، لم ينالُوا ما نالوُه منَ الشّرف والرّفعة ، إلاّ بعمَلِهِم وتقواهم ، وأنّهم لن ينالوا الشّرف على سائر النّاس بقربهِم من رسول الله (ص) إلاّ إذا عَمِلوا ، وشرّفوا أنفُسَهُم لتشريف الله لهم ولآبائهم ، فَيعمَلوا بمُستحقّ التشريف الذي أعطاه الله لأهل البيت بعموم ، فيُنزلوا أنفُسَهُم منزلَ المُقتصدين أو السّابقين بالخيرات بأعمالِهِم لا بنصوصِ الله عليهِم بأسماءهِم .

قال (ع) ، مُخاطباً لأخيه زيد بن موسى الكاظم : ((يَا زَيد ، اتقّ الله فَإنّه [ فإنّا] بَلغَنا مَا بَلَغنَا بِالتّقوى فَمَن لَم يَتّقِ الله ، ولَمْ يُراقِبه فَليسَ مِنّا و لَسنَا مِنه ... )) . [عيون أخبار الرضا م2ب58ح6 ]

تعليق : هُنا تأمّل الإمام الرضّا (ع) ، يُشير إلى أنّ منزلتَهُ التي وصلَ إليها في الشّرف والدرجة الرفيعة بينَ النّاس ، ليسَت إلاّ بعمَلِه وتَقواه ، وهُنا لم يَذكُر النّص ، الذي تؤمنُ به الجعفرية و أنّه عندَهُم مَا وصلَ هذه الدرجة الرفيعة إلاّ باختيارِ الله له شخصيّا واسميّا ، ثمّ بعملِهِ وتقواه ، فافهَم ذلك .

3- الإمام علي بن موسى صلوات الله عليه، يُحقّق كلام الزيدية أيضاً ، ويُشير إلى ما أشرنا إليه سابقاً ، أنّ سادات أهل البيت ، بني الحسن والحسين ، مُشرّفون مُفضّلون في أصلاب آبائهم ، فمتى أتَوا على الدّنيا ، فضّلتهُم أعمَالُهُم ، فمَن عملَ صالحاً ازدادِ شرفاً إلى شرف ، ومن عمل طالحاً ظلمَ نفسَهُ وأنزلَها مَنزلاً غير مَنزلِها ، إذاً فمعيار التفاضل بين أهل البيت هُوَ العَمل والتّقوى ، فإنَ عملَ فلانٌ الحسني ما يُوصلهُ لدرجَة السّبق بالخيرات ، كان أفضلَ من فلان الحسينيّ (سواء كان من التسعة أو من غيرهِم ) ، وإن عمِلَ فلانٌ الحسيني ( سواء كان من التسعة أو من غيرهم ) عملاً يُوصله إلى درجَة السّبق فهو أفضلُ من فلانِ الحسني ، وهُنا تأمّل الإمام الرضا روحي له الفداء ، يتكلّم عن شرافَة آبائه ، فيُثبتُ أنّ التقوى شرّفتهُم ، وأنّ طاعة الله رفَعتهُم على غيرهِم من أهل دهرهِم ، وهُنا نفيٌ قاطعٌ للنصّ ، وإثباتٌ لمعيار الزيدية في تفاضل أهل البيت بعضهُم على بعض ، وهو التّقوى ، وأنّهم متى عَمِلوا وأطاعو الله ووصلوا إلى درجات السّبق بالخيرات ، فهُم أفضلُ من غيرهِم ، وأنّ عابدَ أهل البيت أفضل من العباد من غير أهل البيت ، لانّ عُبّاد أهل البيت هُم المتبوعينَ وأولئكَ الأتباع ، ولكنّ عُبّاد غير أهل البيت أفضلُ من ظالمي أهل البيت ، لافتقاد أولئك الحسنيين أو الحسينيون لمعيار التّقوى الذي يُقوّي تفشيل الله لهم وجعلهم متبوعينَ لا أتباعاً ، ويؤيّده كلام الرّضا (ع) الآتي ، والذي رواه عنه الصدوق :

((حَدّثنَا أبو ذكوان ، قَال : سَمعتُ إبراهِيم بن العبّاس يَقول : سَمعتُ علي بن مُوسَى الرّضَا (ع) يَقول : حَلَفْتُ بِالعِتق ألاّ أحْلِفَ بِالعِتقِ إلا أعْتَقْتُ رَقَبَة ، وأعْتَقْتُ بَعدَهَا جَمِيعُ مَا أمْلِك ، إنْ كَان يَرَى [ الرّضا (ع) ] أنّهُ خَيرُ مِن هَذَا ، و أومىَ إلى عَبدٍ أسْودَ مِن غِلمَانِه بِقَرَابَتِي، مِن رَسُول الله (ص) ، إلاّ أنْ يَكونَ لِي عَمَلٌ صَالِح فَأكُونُ أفَضلُ بِهِ مِنهُ )) [عيون أخبار الرضا م2ب58ح11] .

تعليق : هُنا تأمّل أنّ علي بن موسى (ع) ، لم يكن أفضلَ مِن العَبد الأسود ، بقرابتهِ من رسول الله (ص) فقط ، إلاّ أن يكونَ أفضلَ من هذا العَبد عِلمَاً وعَمَلاً ، فهُوَ الأفضلُ ، لقرابته من رسول الله (ص) أوّلاً ، ولعمله وسبقهِ عليه في الفضل ثانياً . وهذا قول الزيدية في سادات بني الحسن الحسين .

* وروي الصدوق عن علي بن موسى (ع) ، ما يُوافقُ كلامنا القريب في بداية الجزئيّة الثالثة ، فقال الصّدوق : (( .. قَالَ رَجُلٌ للرّضا (ع) : والله مَا عَلى وَجه الأرضِ أشَرفُ مِنكَ أبَاً . فقال [ أي الرّضا] : التّقَوى شَرّفَهُم ، وطَاعَةُ الله أحْظَتهُم . فَقَال لَهُ آخَر : أنَتَ والله خَيرُ النّاس . فَقَال لَهَ (ع) : لا تَحْلِف يَا هَذَا !! ، خَيرٌ مِنّي مَنْ كَانَ أتْقَى لله تَعَالى ، وأطْوَعُ لَه ، و الله مَا نُسِخَتْ هَذِه الآيَة {وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ } )) [عيون أخبار الرضا م2ب58ح10 ] .

وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآل الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبد المؤمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 103
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 4:33 pm

مشاركة بواسطة عبد المؤمن »

اخى الفاضل الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك على الاجابة الوافية على سؤالنا لكم

كان سؤلنا لكم :
هل نحن ملزمون بتولى الامام علي بن ابى طالب والاعتقاد بولايته ولماذا مع التدليل على اقوالك ؟؟؟

فاجبتم :

نعم ، نحنُ مُلزمون بولاية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، لورود الدّليل بذلك ، كخبر الغدير وآية الولاية وحديث المنزلة وأمثالها .



اذً لولا خبر الغدير وآية الولاية وحديث المنزلة وامثالها لما الزمنا بولاية امير المؤمنين عليه السلام .

اذاً جاء النص بولاية الامام على عليه السلام لذلك عرفنا انه ولى لنا فتوليناه .
اذاً النص هو من الزمنا تولى الإمام علي عليه السلام .

لنقل افتراضا ليس هناك نص على ولا ية الامام على عليه السلام وهذا مايحاوله البعض من التشكيك بالنص على الامام علي من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

ولايوجد فى القرآن الا هذه الآية وهو قوله تعالى:


(( ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد منهُم سابقٌ بالخيرات ))

فهل تدل هذه الآية على النص لمن اورثه الله الكتاب ؟
وهل تلزمنا هذه الآية بتولى من اورثه الله الكتاب ؟
وهل تحدد هذه الآية من نحن بصدد توليهم من قبل الله ؟
وهل يوجد قول لرسول الله بتولى هؤلاء الذين اورثهم الله الكتاب؟
الا يجب ان نعرف من هم هؤلاء الذين اورثهم الله الكتاب ؟


لازلت مصرا على ان من يجب ان نتولاهم ان يكونوا معلومين لدينا لان ذلك ابلغ فى الحجة اما اعتمادنا على السبق كدليل نعاقب عليه ان لم نتمسك به فاعتقد ان هذا فيه نوع من الظلم والله ليس بظالم وهو عدل .

ثم هناك شىء مهم وهى الولاية وهى من الله ولتعرف من هم اهل الولاية لكى تتولاهم يجب ان تعرفهم اولا اما ان نعرفهم من السبق فاعتقد الامر فيه نظر .

تحياتى لك اخى الفاضل

عبد المؤمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 103
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 4:33 pm

مشاركة بواسطة عبد المؤمن »

عبد المؤمن كتب:اخى الفاضل الكاظم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك على الاجابة الوافية على سؤالنا لكم

كان سؤلنا لكم :
هل نحن ملزمون بتولى الامام علي بن ابى طالب والاعتقاد بولايته ولماذا مع التدليل على اقوالك ؟؟؟

فاجبتم :

نعم ، نحنُ مُلزمون بولاية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، لورود الدّليل بذلك ، كخبر الغدير وآية الولاية وحديث المنزلة وأمثالها .



اذً لولا خبر الغدير وآية الولاية وحديث المنزلة وامثالها لما الزمنا بولاية امير المؤمنين عليه السلام .

اذاً جاء النص بولاية الامام على عليه السلام لذلك عرفنا انه ولى لنا فتوليناه .
اذاً النص هو من الزمنا تولى الإمام علي عليه السلام .

لنقل افتراضا ليس هناك نص على ولا ية الامام على عليه السلام وهذا مايحاوله البعض من التشكيك بالنص على الامام علي من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

ولايوجد فى القرآن الا هذه الآية وهو قوله تعالى:


(( ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد منهُم سابقٌ بالخيرات ))

فهل تدل هذه الآية على النص لمن اورثه الله الكتاب ؟
وهل تلزمنا هذه الآية بتولى من اورثه الله الكتاب ؟
وهل تحدد هذه الآية من نحن بصدد توليهم من قبل الله ؟
وهل يوجد قول لرسول الله بتولى هؤلاء الذين اورثهم الله الكتاب؟
الا يجب ان نعرف من هم هؤلاء الذين اورثهم الله الكتاب ؟


لازلت مصرا على ان من يجب ان نتولاهم ان يكونوا معلومين لدينا لان ذلك ابلغ فى الحجة اما اعتمادنا على السبق كدليل نعاقب عليه ان لم نتمسك به فاعتقد ان هذا فيه نوع من الظلم والله ليس بظالم وهو عدل .

ثم هناك شىء مهم وهى الولاية وهى من الله ولتعرف من هم اهل الولاية لكى تتولاهم يجب ان تعرفهم اولا اما ان نعرفهم من السبق فاعتقد الامر فيه نظر .

تحياتى لك اخى الفاضل
الاخ الكاظم
اين انت؟
يكفى ان تقرأ اسئلتى :D

سؤال آخر :


قال تعالى :

" انى جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتى قال لاينال عهدى الظالمين"

السؤال ؟

هل دعاء النبى ابراهيم يشمل كل ذريته من الأولين والآخرين ومنهم ذرية فاطمة الزهراء من الحسن والحسين وقبلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟

عبد المؤمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 103
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 4:33 pm

مشاركة بواسطة عبد المؤمن »

الكاظم كتب:
فائدة : الإمام علي بن موسى الرّضا (ع) يتحدّث عن صفَة السّبق ، والخيريّة ، والتفَاضل :

1- الإمام علي بن موسى صلوات الله عليه ، يُريدُ إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، مُناظراً يحيى بن الضّحاك السمرقندي في مجلس المأمون العباسي ، فيتعرّض لمسألَة السّبق بالخيرات ، ويُفسّر معناها ، فيقول الشيّخ الصدوق فيما رواهُ عنه (ع):

(( ... فَقالَ المأمون يا أبَا الحَسن عَرِّفنَا الغَرَض فِي هَذهِ المسألَة. فَقَالَ [ أيّ الرّضا (ع) ] : لا بّد ليَحيي مِن أن يُخبِرَ عَن أئمّته أنّهُم كَذَبوا على أنفُسِهِم أو صَدَقوا ، فَإنْ زَعَم أنّهم كَذَبُوا فَلا أمَانَة لِكَذّاب ، و إنْ زَعَمَ أنّهُم صَدَقوا فَقد قَال أوّلُهم [ يعني أبا بكر] وليتكُم و لَستُ بِخَيرِكُم ، و قَال تَاليه [ عمَر ] كَانت بَيعَتُه فَلتة فَمَن عَادَ لِمِثلِهَا فَاقتلوه ، فَوالله مَا رَضِي [عمر ] لِمَن فَعَل مِثلَ فِعلِهِم إلاّ بِالقَتل ، فَمَن لَم يَكنُ بِخَير النّاس ، و الخَيريّة لا تَقَع إلاّ بِنعوتٍ مِنهَا العِلم ، ومِنهَا الجِهَاد ، ومِنهَا سَائرُ الفَضَائل ، ولَيسَت فِيهِ [ أي في عُمَر] ، و مَنْ كَانَت بَيعَتُه فَلتة يَجبُ القَتلُ عَلى مَن فَعَل مِثلَها ، كَيفَ يُقبَل عَهْدُه [ عهدُ أبي بكر] إلى غَيرِه ...)) اهـ من [ عيون أخبار الرضا م2ب57ح1] .
.
الرضا (ع) يريد ان يقول ان موارد السبق وهى الخيرية ومن نعو تها العِلم ، الجِهَاد ، و سَائرُ الفَضَائل وهل الرضا (ع) يريد ان يقول ان هذه النعوت فيه هو ؟ ومع ذلك لاتوجد اشارة الى عدم النص عليه .


الكاظم كتب:
2- الإمام علي بن موسى صلوات الله عليه، يُحقّق كلام الزيدية ، وهُوَ أنّ سادات بني الحسن والحسين ، ومن ضمنهِم أئمّة الجعفريّة ، لم ينالُوا ما نالوُه منَ الشّرف والرّفعة ، إلاّ بعمَلِهِم وتقواهم ، وأنّهم لن ينالوا الشّرف على سائر النّاس بقربهِم من رسول الله (ص) إلاّ إذا عَمِلوا ، وشرّفوا أنفُسَهُم لتشريف الله لهم ولآبائهم ، فَيعمَلوا بمُستحقّ التشريف الذي أعطاه الله لأهل البيت بعموم ، فيُنزلوا أنفُسَهُم منزلَ المُقتصدين أو السّابقين بالخيرات بأعمالِهِم لا بنصوصِ الله عليهِم بأسماءهِم .
.
وهذا اختيار الله والا فهل تتوقع ان يختار الله انسانا كسولا؟
لماذا لانه مدعوم بالنص عليه فيعتمد على شرفية النص ولا اعتبار لما قد يعمل ويجتهد
وهل سمعتم بمن نص عليه ثم جاء بمالاخير فيه يرتجى منه ولاعمل ولا اجتهاد .



الكاظم كتب: قال (ع) ، مُخاطباً لأخيه زيد بن موسى الكاظم : ((يَا زَيد ، اتقّ الله فَإنّه [ فإنّا] بَلغَنا مَا بَلَغنَا بِالتّقوى فَمَن لَم يَتّقِ الله ، ولَمْ يُراقِبه فَليسَ مِنّا و لَسنَا مِنه ... )) . [عيون أخبار الرضا م2ب58ح6 ]
.


وهذا الكلام طبيعى جدا والتقوى هى الاساس ولكن لاتنفى انه منصوص عليه وهل المنصوص عليه حر فيما يريد وفيما يفعل ولامعيار لديه فى التقوى ولانسبة المفروض ان من يكون فى حال الاختيار ويدعى انه منصوص عليه ان يثبت ادعاءه هذا بالعمل والتقوى والخوف من الله .

الكاظم كتب:
تعليق : هُنا تأمّل الإمام الرضّا (ع) ، يُشير إلى أنّ منزلتَهُ التي وصلَ إليها في الشّرف والدرجة الرفيعة بينَ النّاس ، ليسَت إلاّ بعمَلِه وتَقواه ، وهُنا لم يَذكُر النّص ، الذي تؤمنُ به الجعفرية و أنّه عندَهُم مَا وصلَ هذه الدرجة الرفيعة إلاّ باختيارِ الله له شخصيّا واسميّا ، ثمّ بعملِهِ وتقواه ، فافهَم ذلك .
.
وهل تريده ان يقول انه منصوص عليه اسمح لى هذا استنتاج منك ومن بنات افكارك ولا يلزم احدا . وما ادراك انه يقصد ماتقوله انت ثم الاختيار الالهى جاء نتيجة ان هذا الانسان سوف يكون فى درجة الاختيار التى يستحقها ووصوله بعمله لاينفى اختيار الله وهل رسول الله (ص) المصطفى الامختار من الله المؤكد الاختيار جلس فى بيته ولم يعمل ولم يجتهد ؟ اليس الذى اختاره الله هو قدوة لغيره وبعمله يتحقق ذلك ؟ .
الكاظم كتب:
((حَدّثنَا أبو ذكوان ، قَال : سَمعتُ إبراهِيم بن العبّاس يَقول : سَمعتُ علي بن مُوسَى الرّضَا (ع) يَقول : حَلَفْتُ بِالعِتق ألاّ أحْلِفَ بِالعِتقِ إلا أعْتَقْتُ رَقَبَة ، وأعْتَقْتُ بَعدَهَا جَمِيعُ مَا أمْلِك ، إنْ كَان يَرَى [ الرّضا (ع) ] أنّهُ خَيرُ مِن هَذَا ، و أومىَ إلى عَبدٍ أسْودَ مِن غِلمَانِه بِقَرَابَتِي، مِن رَسُول الله (ص) ، إلاّ أنْ يَكونَ لِي عَمَلٌ صَالِح فَأكُونُ أفَضلُ بِهِ مِنهُ )) [عيون أخبار الرضا م2ب58ح11] .

.
صحيح وكما قلت ليس معنى ان الله نص عليه لذلك يركن الى الكسل والخنوع وانما يزداد همة وكيف يكون ممن اختاره الله وهو تنبل وكسول ولافائدة ترجى منه فهو حينها يكون بدرجة لاترقى الى هذا العبد الصالح الاعمال .



الكاظم كتب:
* وروي الصدوق عن علي بن موسى (ع) ، ما يُوافقُ كلامنا القريب في بداية الجزئيّة الثالثة ، فقال الصّدوق : (( .. قَالَ رَجُلٌ للرّضا (ع) : والله مَا عَلى وَجه الأرضِ أشَرفُ مِنكَ أبَاً . فقال [ أي الرّضا] : التّقَوى شَرّفَهُم ، وطَاعَةُ الله أحْظَتهُم . فَقَال لَهُ آخَر : أنَتَ والله خَيرُ النّاس . فَقَال لَهَ (ع) : لا تَحْلِف يَا هَذَا !! ، خَيرٌ مِنّي مَنْ كَانَ أتْقَى لله تَعَالى ، وأطْوَعُ لَه ، و الله مَا نُسِخَتْ هَذِه الآيَة {وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ } )) [عيون أخبار الرضا م2ب58ح10 ] .

وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآل الطيبين الطاهرين .
نعم التقوى شرفهم وطاعة الله احظتهم وهذا الكلام هو كلام العقلاء المتواضعين لله ولاتنفى عنهم اختيار الله لهم

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد .... .

الأخ عبد المؤمن .... بعد التحية .

أولاً : المعذرة على التأخير .

ثانياً : بالنسبَة لاعتباركم فرض إيجاد شخص السابق بالخيرات من الظّلم في حقّ الله سُبحانَهُ وتعالى ، فهو رحمَكَ الله إيرادٌ منكم غيرُ مُناسب ، لأنّ هُناكَ أُناس تحقّق لهُم إيجادُ هذا الشّخص ، فهذا الأمر من الله سبحانه وتعالى غيرُ مُستحيل ، لوقوفِ البعض على شخصِ الّسابق بالخيرات من ولد فاطمة ، وعدم وقوفِ آخَرين ، على أنّ الآخَرين هؤلاء ينقسمون ، منهُم من يُريدُ مَعرفَتَه ويَبحثُ عنه ، ومنهُم مَن لا يُريدُ ولا يَبحَثُ عنه .

ثالثاً : أخي الفاضل ، إن كُنتم موقنينَ مؤمنين باعتبار فرض الله سبحانه وتعالى إيجاد شخص السّابق بالخيرات من الظّلم في حقّ الله تعالى ، فكيفَ تقولون إن قلنا : أنّ في فرضِ الله سُبحانه وتعالى علينا الإيمانِ بحجّيَة مهديّكم الغائب محمد بن الحسن العسكري، تكليفٌ من الله لنا بما لا يُطاق . وأنّه أمانُ الأرضِ لأهل الأرض ، وأنه صاحبُ سفينة نوح للنّاس اليوم ، وأنّه القائم بحجج الله على البرايا والخلائق أجمعين ، وهُوَ معَ ذلك لايَظهرُ بل لا يقومُ بشيءٍ من هذا كلّه ، وبمعنى آخرَ ، اسمٌ بلا مُسمّى ، حجّةٌ بالاسم ، بلا حجّةٍ في الحقيقة . أضِف إلى ذلك أخي الكريم أنّه لم يصِل بعضٌ من النّاس بعضُ أو بعضُ بعضِ حجيّة هذا الإمام الغائب ، حتّى نقولَ أنّ هذا لا ينطبق عليه الّظلم من الله للعباد بتكليفهِم ما لا يُطاق ، فافهَم ذلك رحمك الله .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

مغلق

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“