الاصطفاء .... ( من كتاب الله ) ... زيدي - جعفري !!! .

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

مرحباً بكم أخي الجعفري (جعفري) .... وحيّاكم الله بين إخوانكم في هذه المجالس المُباركة بإذن الله تعالى.

جعفري كتب :
الأخ الكاظم

الآية موضوع البحث تقول :

" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات "


هنا لفظة أورثنا تدل على أن الله عز وجل هو المختص بالتوريث لا غيره

فهل توافقني على ذلك ؟

إذا كانت إجابتك نعم فهذا دليل على أن اللذين أصطفاهم الله يجب أن يكون علمهم من الله لا من غيره .


الآن الإمام علي ( عليه السلام ) من اللذين اصطفاهم الله فكيف ورث علمه من الله ؟
بانتظار إجابتك

أنّ ما ذهبتَ إليه من أنّ إيراث الكتاب في آية فاطر ، يعني الإيراث المُباشر من الله تعالى ، بمعنى أنّه يُلقي فهمَ الكتاب وعلمه إلى أهل البيت (ع) (سادات بني الحسن والحسين) ، فهو أمرٌ بعيدٌ ، ولم أتوقع أن تذهبَ المَذاهب والمداركُ إليه .

فلو سألتُك أخي (جعفري) ، عن قول الله تعالى ، عندما حكى واقع حال اليهود من بني إسرائيل ، بقوله : ((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) ، عندما أسألُك عن : كيفَ وَرِثَ الخَلَفُ من اليهود الكتاب ؟ والكتاب فليس إلاّ توراة موسى صلوات الله عليه ، أتقول : أنّ الله هُو الذي أورثَ بنوا إسرائيل فَهم الكتاب مُباشرةً ، بلا واسطة بشر ؟ أم تقول : أنّ بني إسرائيل ورثوا فهم وعلم الكتاب عن أسلافهم ، الخَلَفُ من السلف ، والسّلف من سلف السّلف ، وسلف السّلف فمن الأنبياء ، والأنبياء فمن الملائكة ، والملائكة فمن الله تعالى ، وأنّ الله هو الذي جعلَ فهم الكتاب وعلمه في بني إسرائيل هؤلاء ؟! فما أجبتَ به (مُنصِفاً) فهو جوابنا .

لأنّك إن قُلتَ : أنّ الله هو الذي أورث هولاءِ الخلَف الكتاب مُباشرةً ، بلا واسطة بشر ، ردّ عليك سياق الآية ، فالآية تقول : ((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ )) ، ومنها أنّ الخلفَ وَرِثوا الكتاب عن أسلافهم الذي قبلَهُم ، لا عن الله تعالى مُباشرَة .

توضيح :

فالزيدية رحمك الله ، تقول أنّ إيراث الله الكتاب في ذرية علي وفاطمة ، سادات بني الحسن والحسين ، هو جعل فهم علم الكتاب ، الفهم الصحيح ، فيهم لا يخرجُ عنهُم ، أورثَهُم الله الكتاب ، بمعنى جعل منهج الكتاب وطريقته وتأويله منهم وفيهم ، الخلفُ من السّلف ، والسّلف من سلف السّلف ، وسلفُ السّلف من رسول الله (ص) ، ورسول الله (ص) فمن جبريل (ع) ، وجبريل فعن الله تعالى ، الحقّ فيما أجمع عليه هؤلاء السّادة ، لن يخرجَ عنه أبداً . وكذلك سابقاً كان فهم التوراة الذي هو كتاب الله تعالى لا يخرج عن أنبياء بني إسرائيل وعلماءهم ، فكانوا يرثون الكتاب ، الخلَفُ من السّلف ، والسّلف من الأنبياء ، والأنبياء من الملائكة ، والملائكة فمن الله تعالى ، جعلَ الله الهُدى لا يخرجُ عنهم ، فنسخَ الله بنبيّه محمد (ص) شريعة موسى ، واختُصّ أهل بيت محمد ، سادات بني الحسن والحسين ، بالقُدسيّة التي كانت لبني إسرائيل سابقاً .

نعم ! أضِف إلى ذلكَ أنّ قولَك بأنّ إيراث الله الكتاب لأهل البيت (ع) ، من ذرية الحسن والحسين ، إيراثاً بدون واسطة بشر ، بل عن الله تعالى مُباشرَة ، فإنّ هذا على مذهب الجعفرية ، يعني أنّ الأئمة الإثني عشر يُوحى إليهِم من الله تعالى ، وهذا يردّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في نهج البلاغة ، وذلك عندما أشار إلى انقطاع الوحي بعد موت رسول الله (ص) ، فكيف رحمكَ الله وَرِثَ أئمتكم كتاب الله تعالى ؟ هل أُلقي في أرواعهم إلقاءً ، فكانوا عُلماء وارثين بلا تعلّم ؟ فما نصنعُ بجهل الرّسول (ص) وعدم ولادته مُورَثاً الكتاب عن الله تعالى ، والله سبحانه وتعالى فيقول له (ص) : ((مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ)) ، ويقول جلّ شأنه ، مُخاطباً الرسول (ص) : ((تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ )) ، وكيفَ رحمكَ الله تُبرّر تعلّم أمير المؤمنين (ع) من رسول الله (ص) ، إن كان علمهُ (علم أمير المؤمنين) مُورَثاً له من الله تعالى (بمعنى مُورثاً من الله بلا واسطَة مَلَكٍ ولا نبيّ!!) . نعم ! فإن أنت وقفتَ على فساد هذا القول (أنّ إيراث الكتاب وفهمه لا يكون إلاّ بإيراث الله المُباشر للشخص) ، وقفتَ على صحّة ما ذهبنا إليه ، من أنّ وراثة أمير المؤمنين لعلم الكتاب ، تعني أنّه وَرثََ الفهم الصحيح للكتاب عن رسول الله تعالى ، والرسول فعن ملائكة الله ، والملائكة فعن الله ، والله فضَمِنَ صحّة فهم أمير المؤمنين (ع) للكتاب ، وضَمِنَ بقاء الفهم الصحيح للكتاب تأويلاً وتنزيلاً في ذرية علي (ع) وفاطمة إلى يوم الدّين ، فهم بهذا وارثون للكتاب ، أورثَهُم الله فهمَهُ حينَ ضمِن أنّهم أهل اصطفاء لا يخرجُ عنهم الحق ، عترة رسول الله (ص) وثقل الله الأصغر المُقارِنُ للكتاب .

وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحنرم

أنا لم أقل أن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) يوحى إليهم فهذا ما لا يقول به إنسان عنده ذرة من العقل

ولكن أقصد أن الله أعطاهم العلم فسواء مباشرة منه أو بواسطة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهو من الله لأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما هو إلا واسطة لتلقي أهل البيت العلم من الله فعلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الله لا من غيره وذلك عن طريق الوحي أما علم الأئمة فمن الله أيضاً ولكن عن طريق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

وأضيف لك بأن تعليم الله قد يكون مباشرة وقد يكون بواسطة فاقرأ معي هذه الآية :

( وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ) - سورة البقرة - آية249

في هذه الآية طالوت شخص عادي ليس نبياً ولكن الله زاده بسطة في العلم والجسم فكيف آتاه العلم أليس مباشرة بدون واسطة .

واقرأ هذه الآية :

( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا ) - سورة مريم - آية 12

كيف آتى الله نبيه يحي الحكم وهو صبي أليس منه نعالى مباشرة

واقرأ هذه الآية :
(قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) - سورة مريم - آية 30

كيف آتى الله نبيه عيسى الكتاب وهو في المهد أليس مباشرة منه تعالى

الآن نرجع إلى علم الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأرجوا التركيز معي فأنا سألتك عن علم الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأما علم ذريته فنتطرق إليه في المشاركات القادمة بإذن الله .

قلت في مشاركتك :
أنّ وراثة أمير المؤمنين لعلم الكتاب ، تعني أنّه وَرثََ الفهم الصحيح للكتاب عن رسول الله تعالى ، والرسول فعن ملائكة الله ، والملائكة فعن الله ، والله فضَمِنَ صحّة فهم أمير المؤمنين (ع) للكتاب ، وضَمِنَ بقاء الفهم الصحيح للكتاب تأويلاً وتنزيلاً في ذرية علي (ع) وفاطمة إلى يوم الدّين ، فهم بهذا وارثون للكتاب ، أورثَهُم الله فهمَهُ حينَ ضمِن أنّهم أهل اصطفاء لا يخرجُ عنهم الحق ،
لدي الآن هذه الأسئلة :

الأول : ماذا تقصد بقولك الفهم الصحيح للقرآن ؟

الثاني : هل علم الإمام علي بن أبي طالب هو فقط الفهم الصحيح للقرآن ؟

الثالث : كيف ورث الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الفهم الصحيح للقرآن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )؟

بانتظار إجابتك

عبد المؤمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 103
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 4:33 pm

مشاركة بواسطة عبد المؤمن »

الكاظم كتب:


العباد في الآية ، هُم جميع العباد ، وليسوا ذريّة الحسن والحسين فقط ، ولكن ليس لك أن تقول أنّ لفظة العباد ، في الآية التي تليها ، تعني نفس العباد (أي جميع العباد ، بني الحسن والحسين وغيرهم) ، لأن الله يقول في الآية التي تليها : ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ )) ، فالله قد أسبقَ لفظة (عِبادِنا) بـ(مِنْ) ، ومِن هُنا تبعيضيّة ، أي أنّها تُجزّء العباد وتُبعّضهُم إلى قِسمَين ، قسمُ مُصطفىً وقسمٌ غير مُصطفى ).
ارحب بالاخ جعفرى

الاخ الكاظم

قلت ان من تبعيضية
وقلت أي أنّها تُجزّء العباد وتُبعّضهُم إلى قِسمَين ، قسمُ مُصطفىً وقسمٌ غير مُصطفى

هل تريد ان تقول ان لفظة عبادنا بعد ان سبقت بمن التى جزئتها الى جزئين جزء مصطفى وجزء غير مصطفى هى من تعنيها وتقصدها ؟

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

عبدالمؤمن كتب :
الأخ الكاظم المحنرم

أنا لم أقل أن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) يوحى إليهم فهذا ما لا يقول به إنسان عنده ذرة من العقل
أخي الفاضل ، الجعفرية تقول بذلك ، وإلاّ فما رأيُك في رواية الشيخ المفيد في الاختصاص ، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله يقول: ((لولا أنّا نزداد لأنفدنا ...إلخ )) أي لولا أنّا نزداد في علومنا لنفدَ ما عندنا من علوم آبائنا ، والازدياد طبعا ليس إلاّ من الله تعالى ، إما بطريق مباشر وإما عن طريق مَلَك ، وما كان كذلك فهو وحي . وقد عقد لهذا الشيخ الكليني في أصول الكافي باباً ، فليُراجع ، ولولا أنّي أشم رائحة بُعدٍ عن الموضوع ، لذكرتُ روايات جعفرية تفيد نزول الوحي عليهم ، ولعلّقنا عليها .

عبدالمؤمن كتب :
ولكن أقصد أن الله أعطاهم العلم فسواء مباشرة منه أو بواسطة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهو من الله لأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما هو إلا واسطة لتلقي أهل البيت العلم من الله فعلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الله لا من غيره وذلك عن طريق الوحي أما علم الأئمة فمن الله أيضاً ولكن عن طريق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وهذا سيدي عين ما قُلناه سابقاً ، من أنّ الفهم الصحيح للدين الإسلامي ، لن يكون إلاّ في أهل بيت رسول الله (ص) ، سادات بني الحسن الحسين ، وأنّه لن ينفكّ أهل هذا البيت من خلف يعقبون السّلف في الانتهاج بمنهج الآباء الفاطميين ، وأنّ الحق لن يكون إلاّ فيهم ، بضمان الله لذلك عندما اصطفاهم واتجبهُم واختارَهُم دون بقيّة النّاس .

عبدالمؤمن كتب :
وأضيف لك بأن تعليم الله قد يكون مباشرة وقد يكون بواسطة فاقرأ معي هذه الآية :

( وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ) - سورة البقرة - آية249

في هذه الآية طالوت شخص عادي ليس نبياً ولكن الله زاده بسطة في العلم والجسم فكيف آتاه العلم أليس مباشرة بدون واسطة .

واقرأ هذه الآية :

( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا ) - سورة مريم - آية 12

كيف آتى الله نبيه يحي الحكم وهو صبي أليس منه نعالى مباشرة

واقرأ هذه الآية :
(قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) - سورة مريم - آية 30

كيف آتى الله نبيه عيسى الكتاب وهو في المهد أليس مباشرة منه تعالى
أخي عبدالمؤمن ، لم يكن الخلاف بيننا عن علم الله المُباشر الذي يُنزله عن طريق الوحي ، ولاّ فحال الأنبياء ممّن ذكرتَ ، وممّن لم تذكُر ، ليس يخفى على عاقل ، وإنّما أردنا بكلامنا السابق الإشارة إلى عدم تعارض تسمية علوم أهل البيت موروثةً من الله تعالى ، وإن لم يكن هناك إيراث مُباشر ، (بمعنى عدم تعارض تعليم السّلف للخلف لقاعدة الإيراث الإلهي للعلم الصحيح) .

عبدالمؤمن كتب :
لدي الآن هذه الأسئلة :

الأول : ماذا تقصد بقولك الفهم الصحيح للقرآن ؟
هو الفهم التام السليم للعقيدة المحمدية ، والقرآن فأصلها .

عبدالمؤمن كتب :
الثاني : هل علم الإمام علي بن أبي طالب هو فقط الفهم الصحيح للقرآن ؟
أقدم بمقدمّة أخي الكريم فيها الجواب لسؤالك ، فتأملها ، فأقول: القرآن وعلومه ، ومنه فهمه الصحيح ، هُو العلم الذي يهمّ المُكلّفين ، وغيره من العلوم فليسَت إلاّ أفضالاً لأصحابها ، فمثلاً الإمام علي (ع) كان لديه علمُ الفِتن ، وهذا العلم فعلمٌ زائدٌ عن حاجة الإمام تجاه رعيّته ، أي سواءً علمَهُ أو جهلَهُ فليس يضرّه ولا يضرّ أتباعَه ، بعكس علم القرآن وصحيح السنة والأحكام والمعاملات والفرائض ...إلخ ، فإن الرعيّة بحاجة إليها ، والإمام فليس يجهلُها قطعاً ، لأّنها علوم تهم المُكلّفين ، وكذلك القول بعلوم الهندسه والكيمياء والطب والفلك ، فإنها أفضالٌ من العلوم ، ليس توفّرها في الإمام بذي أهميّة ، لأنّ المُكلفّين لن يَنقُص في إيمانهم وعبادتهم شيئاً لو جهلوها ، بعكس الفرائض والسنن ، فإن إسلامهم قد يختلّ متى اختلّت . وقد روى ثقة الجعفرية الكليني ما يؤيد قولنا هذا ، وقد ذكرناه فيما سبق ، ونُعيده هنا للفائدة ، فروى الكلينيفي [أصول الكافي ج1باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ح1 ] العلوم الضروريّة التي يحتاجها المُكلّفون ، فروى بسنده إلى أبي الحسن موسى عليه السلام قال : دَخَلَ رَسُول الله صلّى الله عليه وآله المسجِد ، فَإذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أطَافُوا بِرَجُل ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا؟)) . فَقِيلَ: عَلاّمَة! فَقَال: ((ومَا العَلاّمَة؟)) . فَقَالُوا لَه: أعْلَمُ النّاسِ بِأنْسَابِ العَرَبِ وَوَقَائِعِهَا، وأيّامِ الجَاهِلِيّة، والأشْعَارِ العَرَبيّة، قَال: فَقَالَ النّبي صلّى الله عليه وآله: ((ذَاكَ عِلْمٌ لا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهْ (تأمّلولا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَه )) ، ثمّ قَال النبي صلى الله عليه وآله: ((إنّمَا العِلمُ ثَلاثَة: آيَةٌ مُحكَمَةٌ، أو فَرِيضَةٌ عَادِلَة، أو سُنّةٌ قَائمَة، ومَا خَلاهُنّ فَهُوَ فَضْلٌ)) .

عبدالمؤمن كتب:
الثالث : كيف ورث الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الفهم الصحيح للقرآن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )؟
ورثه صلوات الله عليه عن طريق التلقي والتعلم من رسول الله (ص) ، لأن الزيدية ما زالت مؤمنة بأن الرسول أفضل من علي ، والرسول فقد كان غير عالم فأعلمهُ الله ، وكذلك علي (ع) ، كان غير عالم فأعلمَه الرسول (ص) .
الاخ الكاظم

قلت ان من تبعيضية
وقلت أي أنّها تُجزّء العباد وتُبعّضهُم إلى قِسمَين ، قسمُ مُصطفىً وقسمٌ غير مُصطفى

هل تريد ان تقول ان لفظة عبادنا بعد ان سبقت بمن التى جزئتها الى جزئين جزء مصطفى وجزء غير مصطفى هى من تعنيها وتقصدها ؟
راجع ما أدرجناه في المشاركة الأخيرة ، ستجدُنا تكلّمنا عن صنفين من العباد في سورة فاطر ، العباد عموماً ، والعباد بعد التبعيض وهم المُصطفون .

تحياتي لكم أخي الكريم .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاطم المحترم

عفواً لقد دمجت مشاركتي مع مشاركة عبد المؤمن ونسبت مشاركتي لعبد المؤمن

فأرجوا الإنتباه لذلك وشكراً

أخي العزيز أراك تسرد الروايات من كتب الإمامية دون أن تذكر موقعها بالضبط رقم الجزء - رقم الصفحة - عنوان الباب فرجاء منك يا أخي أن تذكر ذلك لنرجع إلى ماذكرته ونراجعه .

أرجوا ذكر الروايات التي تبين أن الأئمة يوحى إليهم فهذا في صميم الموضوع وليس بعداً عنه .


كتب الكاظم :
وهذا سيدي عين ما قُلناه سابقاً ، من أنّ الفهم الصحيح للدين الإسلامي ، لن يكون إلاّ في أهل بيت رسول الله (ص) ، سادات بني الحسن الحسين ، وأنّه لن ينفكّ أهل هذا البيت من خلف يعقبون السّلف في الانتهاج بمنهج الآباء الفاطميين ، وأنّ الحق لن يكون إلاّ فيهم ، بضمان الله لذلك عندما اصطفاهم واتجبهُم واختارَهُم دون بقيّة النّاس .

إذن أنت تعترف أن الله أعطى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الفهم الصحيح للدين اإسلامي فعمل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) حجة على كل المسلمين يجب الإمتثال له لأنه من الله
وهو عين مايريده الله من المسلمين ومن يخالفه يكون بعيداً عما يريده الله .

والفهم الصحيح للدين الإسلامي يعني أن سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هي موجودة لدى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فإذا قال علي بن أبي طالب شيئاً فكأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قاله .


كتب الكاظم :
لم يكن الخلاف بيننا عن علم الله المُباشر الذي يُنزله عن طريق الوحي ، ولاّ فحال الأنبياء ممّن ذكرتَ ، وممّن لم تذكُر ، ليس يخفى على عاقل ، وإنّما أردنا بكلامنا السابق الإشارة إلى عدم تعارض تسمية علوم أهل البيت موروثةً من الله تعالى ، وإن لم يكن هناك إيراث مُباشر ، (بمعنى عدم تعارض تعليم السّلف للخلف لقاعدة الإيراث الإلهي للعلم الصحيح) .
كيف لا يكون هناك إيراث مباشر والآية تقول( أورثنا ) أي الله هو المورث فهل تخالف صريح الآية ؟!!!


قال الكاظم في تعريفه للفهم الصحيح للقرآن :
هو الفهم التام السليم للعقيدة المحمدية ، والقرآن فأصلها .

إذن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لديه الفهم التام السليم للعقيدة المحمدية والقرآن

فيكون علي بن أبي طالب هو أعلم الناس بالكتاب والسنة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )


قال الكاظم في رده على السؤال الثاني عن علم علي بن أبي طالب :
أقدم بمقدمّة أخي الكريم فيها الجواب لسؤالك ، فتأملها ، فأقول: القرآن وعلومه ، ومنه فهمه الصحيح ، هُو العلم الذي يهمّ المُكلّفين ، وغيره من العلوم فليسَت إلاّ أفضالاً لأصحابها ، فمثلاً الإمام علي (ع) كان لديه علمُ الفِتن ، وهذا العلم فعلمٌ زائدٌ عن حاجة الإمام تجاه رعيّته ، أي سواءً علمَهُ أو جهلَهُ فليس يضرّه ولا يضرّ أتباعَه ، بعكس علم القرآن وصحيح السنة والأحكام والمعاملات والفرائض ...إلخ ، فإن الرعيّة بحاجة إليها ، والإمام فليس يجهلُها قطعاً ، لأّنها علوم تهم المُكلّفين ، وكذلك القول بعلوم الهندسه والكيمياء والطب والفلك ، فإنها أفضالٌ من العلوم ، ليس توفّرها في الإمام بذي أهميّة ، لأنّ المُكلفّين لن يَنقُص في إيمانهم وعبادتهم شيئاً لو جهلوها ، بعكس الفرائض والسنن ، فإن إسلامهم قد يختلّ متى اختلّت . وقد روى ثقة الجعفرية الكليني ما يؤيد قولنا هذا ، وقد ذكرناه فيما سبق ، ونُعيده هنا للفائدة ، فروى الكلينيفي [أصول الكافي ج1باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ح1 ] العلوم الضروريّة التي يحتاجها المُكلّفون ، فروى بسنده إلى أبي الحسن موسى عليه السلام قال : دَخَلَ رَسُول الله صلّى الله عليه وآله المسجِد ، فَإذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أطَافُوا بِرَجُل ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا؟)) . فَقِيلَ: عَلاّمَة! فَقَال: ((ومَا العَلاّمَة؟)) . فَقَالُوا لَه: أعْلَمُ النّاسِ بِأنْسَابِ العَرَبِ وَوَقَائِعِهَا، وأيّامِ الجَاهِلِيّة، والأشْعَارِ العَرَبيّة، قَال: فَقَالَ النّبي صلّى الله عليه وآله: ((ذَاكَ عِلْمٌ لا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهْ (تأمّل)، ولا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَه )) ، ثمّ قَال النبي صلى الله عليه وآله: ((إنّمَا العِلمُ ثَلاثَة: آيَةٌ مُحكَمَةٌ، أو فَرِيضَةٌ عَادِلَة، أو سُنّةٌ قَائمَة، ومَا خَلاهُنّ فَهُوَ فَضْلٌ)) .
الأخ الكاظم المحترم

لست أنت الذي تقرر العلم المفيد من غير المفيد بل الله عز وجل هو الذي يقرر ذلك فيزود من يصطفيهم بعلوم الدين والدنيا فالدنيا لا تقوم على علوم الدين فقط بل على غيرها كذلك فنحن نحتاج كل العلوم لتستمر الحياة فلولا العلم لما استطاع الإنسان أن يتقدم فهل تنكر ذلك؟

لقد سبق الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) غيره في جميع العلوم فما سأل عن مسئلة إلا أجاب عنها في التو واللحظة فمتى تعلم كل تلك العلوم ؟ هل هو بالتلقي المباشر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما حصل مع الصحابة ؟ إن كانت إجابتك بنعم فأنت مخطىء فالمدة التي عاشها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا تسمح له بتلقي تلك العلوم الكثيرة فضلاً عن اتقانها فهل تم ذلك بالطريقة العادية للتعلم ؟ لا طبعاً وإنما بطريقة التوريث الإلهى فقد قال الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : (علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لي في كل باب ألف باب) فكيف تم ذلك بربك !!!!!!!!

الله هو الذي أعطى هذا العلم إلى علي بن أبي طالب عن طريق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعنه مباشرة كما أعطى طالوت فهل طالوت أفضل من علي بن أبي طالب ؟

فكم من قضايا وأحكام أفتى فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عجز عنها الخلفاء بعد رسول الله فقالوا فيه ما قالوا كقول عمر بن الخطاب ( لولا علي لهلك عمر ) فراجع كتب المسلمين لترى مدى علم علي بن أبي طالب وما زوده الله به من علم عنه مباشرة أو عن طريق التلقي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد فاق الأولين والآخرين بعلمه حتى قال عبدالله بن عباس حبر الأمة حين سئل عن علم علي بن أبي طالب (ع) : ( ما علمي إلى علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر )

فلو كان ما تقوله صحيحاً من أن العلو م الأخرى أفضالاً فلماذا أعطاها الله علي بن أبي طالب أليس هذا دليل على أفضليته على غيره وأن الله يهيئه لمهمة كبرى وهي إمامة الناس وقيادتهم إلى الصراط المستقيم فتدبر ذلك تجد ما قلناه صحيحاً .

بانتظار تعليفك

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

الأخ جعفري .... بعد التحية

جعفري كتب :
أرجوا ذكر الروايات التي تبين أن الأئمة يوحى إليهم فهذا في صميم الموضوع وليس بعداً عنه .
نعم أخي في الله ، فمن الروايات الدالة على أنّ الأئمّة يُوحى إليهِم :

1- ما رواه الشيخ الصّدوق في عيون[ أخبار الرضا م1ب4 ح11 ]

((عن محمد بن خالد البرقي عن سليمان بن حفص المروزي قال دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر ( ع ) و أنا أريد أن أسأله الحجة على الناس بعده فلما نظر إلي فابتدأني و قال يا سليمان إن عليا ابني و وصيي و الحجة على الناس بعدي و هو أفضل ولدي فإن بقيت بعدي فاشهد له بذلك عند شيعتي و أهل ولايتي المستخبرين عن خليفتي من بعدي ))


تعليق : تأمّل كيفَ علِمَ الكاظم (ع) ، ما وقعَ في خاطر سليمان بن حفص ، أهذا من علم الغيب ؟ فإن كان كذلك ، أكان عن طريق الوحي الإلهي ، فإنّ الوحي انقطع بنصّ أمير المؤمنين في النهج ، بعد رسول الله (ص) .

2- ما رواه الصّفار في [ بصائر الدرجات م1ب20ح3]

((عن ابى عبدالله النوفلى عن القاسم عن جابر قال سألتُ اباجعفر عليه السلام عن مسألة او سئل عنها فقال : اذا لقيت موسى فاسئله عنها . قال : قلت : أولا تعلمها؟ ، قال : بلى . قلت: فأخبرنى بها. قال : لم يُؤذَن لي في ذلك)) .

تعليق : وهُنا لا ندري ممّن يأخذ الإمام الإذن ، أمِنَ الله بالوحي ، أمْ ممّن يَأخذُه ؟ .

3- ما رواه الكُليني في [أصول الكافي ج1 باب أنّ الأئمة يعلمون متى يموتون ، وأنّهم لا يموتون إلاّ باختيارٍ منهم ح5]

((عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: إن الله عزوجل غضب على الشيعة، فخيّرني نفسي أو هُم، فوقيتهم والله بنفسي)).


تعليق : وهُنا لا نَدري أيضاً كيف خيّر الله موسى الكاظم بين الموت وبين الغضب على شيعته ، وليس طريقٌ إلا ّالوحي .

4- ما رواه الكُليني في [أصول الكافي ج1 باب أنّ الأئمة يعلمون متى يموتون ، وأنّهم لا يموتون إلاّ باختيارٍ منهم ح8]

((عن عبدالملك بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان [ما] بين السماء والارض، ثم خُيِّرَ: النَصر، أو لقاء الله، فاختار لقاء الله تعالى)) .


تعليق : وهُنا أيضاً لا نَدري كيف خُيّرَ الحسين (ع) ، أعَن طريق الوحي أم بغيره !! .

5- ما رواه الصفّار في [ بصائر الدرجات م2ب17 ح17و21 ]

((عن الحسن بن برة الاصم عن أبى عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول : إن الملائكة لتَتَنَزّلُ عَلينا في رحالنا ، وتَتَقَلّبُ على فُرُشِنَا ، وتَحضُرُ موايدنا ، وتأتينا في كل نبات في زمانه رطب ويابس ، وتقلب علينا اجنحتها ، وتقلب أجنحتها على صِبياننا، وتمنع الدواب ان تصل الينا، وتأتينا في وقت كل صلوة لتصليها معنا، ومَا مِن يَومٍ يأتى علينا ولاليل الا وأخبار الارض عندنا وما يحدث فيها (تأمّلومامن ملك يموت في الارض ويقوم غيره الا وتأتينا بخبره وكيف كان سيرته في الدنيا)) .

تعليق : وهذا ليس إلاّ عَينُ الوَحي ومَعنَاه ، وإلاّ فماذا يعني نزولُ ملائكة الله بالأخبَار ، إن لَم يكُن معناهُ الوحي الإلهي .

6- ما رواه الصفّار في [ بصائر الدرجات م2ب17ح22 ]

((عن علي بن أبى حمزة عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال سمعته يقول : ما من ملك يهبطه الله في أمر ، إلاّ بَدأ بالإمام ، فَعَرَضَ ذلك عَليه (تأمّل) ، وإن مُختَلف الملائكة مِن عندالله تبارك وتعالى إلى صَاحِبِ هذا الأمر )) .

تعليق : وهُنا لا ندري ما نقولُ في نزول ملائكة الله تعالى على الأئمّة في كل نازلةٍ وأمر يأمرُهم به الله جلّ شأنه ، وإن لم يكَن هذا وحياً ، فلا وَحيَ بعدَه .

وبهذا القدر أكتفي مع وجود المزيد .

جعفري كتب :
كتب الكاظم :
اقتباس:
لم يكن الخلاف بيننا عن علم الله المُباشر الذي يُنزله عن طريق الوحي ، ولاّ فحال الأنبياء ممّن ذكرتَ ، وممّن لم تذكُر ، ليس يخفى على عاقل ، وإنّما أردنا بكلامنا السابق الإشارة إلى عدم تعارض تسمية علوم أهل البيت موروثةً من الله تعالى ، وإن لم يكن هناك إيراث مُباشر ، (بمعنى عدم تعارض تعليم السّلف للخلف لقاعدة الإيراث الإلهي للعلم الصحيح) .


كيف لا يكون هناك إيراث مباشر والآية تقول( أورثنا ) أي الله هو المورث فهل تخالف صريح الآية ؟!!!
أخي جعفري معنا (أورثنا) أي جعلنا فهم الكتاب وعلمه في الذين اصطَفينا ، لا يخرجُ العلم الصحيح التامّ عنهم إلى غيرِهِم ، فيكون المعنى : أنّ الله أورَثهُم (جعلَ فيهم) علم الكتاب وفهمه ، خلَفٌ عن سلف إلى يوم الدّين . ولعلّ الخلل في فهمِكَ للإيراث أنّه الإيراث الشخصي لكل الذرية المُصطفاة ، وهذا فهمٌ باطل ، إذ لو كان ذلكَ كذلك لكان الجميع عُلماء ، ولم يكُن منهُم مَن هو ظالمٌ لنفسه !! .

جعفري كتب :

الأخ الكاظم المحترم
لست أنت الذي تقرر العلم المفيد من غير المفيد بل الله عز وجل هو الذي يقرر ذلك فيزود من يصطفيهم بعلوم الدين والدنيا فالدنيا لا تقوم على علوم الدين فقط بل على غيرها كذلك فنحن نحتاج كل العلوم لتستمر الحياة فلولا العلم لما استطاع الإنسان أن يتقدم فهل تنكر ذلك؟
أخي جعفري لسنَا نُنكر أنّ النّاس بحاجة إلى التكنولوجيا الحديثة في شتّى المجالات الحياتيّة ، ولكنّ العلوم أخي الفاضل تنقسم : فمنها ماهي علومٌ دنيويّة زائدة عن الضرورة الدينيّة ، كتعلّم الطب ، والفيزياء ، والكيمياء ، والفلَك ، والصناعات بجميع أنواعها ، والزراعة ... إلخ . ومنها علوم دينيّة ضرورية لا يجبُ على المُكلّف الجهلُ بها ، أو الاخلالُ بها ، وهي التي نزلَ القرآن يُبيّنُهَا ، وقامَ الرّسول (ص) بتوطيد التنزيل ، بنشر السنة النبويّة المُعضّدة للقرآن ، وليسَت العلوم الدينية تُعارضٌ العلوم الدنيوية ، ولكن العلوم الدينية يضرُ الجهل بها ، والعلوم الدنيويّة لا يضرّ الجهل بها . أمّا عَن قولِكَ سيدي الفاضل أنّي لستُ أنا مَن يُحدّد العلم المُفيد من غير المُفيد ، فكلامك هذا ينصرِفُ إلى العلوم الدنيوية ، ولا ينصرفُ على العلوم الدينيّة ، لأنّ أئمتكم بنقل مُحدّثيكم هُم مَنْ حَددّ العلم المُفيد دون غيره ، فلم يأبهُوا إلى تلك العلوم الدنيويّة التي هي أفضالٌ سواءً وُجِدَت أو انعدَمَت فهي لا تُؤثّر في مآل العَبد وآخرَتِه ، وقد سبَقَ ونقلنا رواية كاظم أهل البيت موسى بن جعفر صلوات الله عليهما ، وأعدناها تكراراً ، ونُعيدُها تكراراً ، فافهمها رحمك الله ، قال الكاظم: دَخَلَ رَسُول الله صلّى الله عليه وآله المسجِد ، فَإذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أطَافُوا بِرَجُل ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا؟)) . فَقِيلَ: عَلاّمَة! فَقَال: ((ومَا العَلاّمَة؟)) . فَقَالُوا لَه: أعْلَمُ النّاسِ بِأنْسَابِ العَرَبِ وَوَقَائِعِهَا، وأيّامِ الجَاهِلِيّة، والأشْعَارِ العَرَبيّة، قَال: فَقَالَ النّبي صلّى الله عليه وآله: ((ذَاكَ عِلْمٌ لا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهْ (تأمّل ولا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَه )) ، ثمّ قَال النبي صلى الله عليه وآله: ((إنّمَا العِلمُ ثَلاثَة: آيَةٌ مُحكَمَةٌ، أو فَرِيضَةٌ عَادِلَة، أو سُنّةٌ قَائمَة، ومَا خَلاهُنّ فَهُوَ فَضْلٌ)) . وتأمّل أيضاً عِلم الراّسخين في العلم ، ماهُو ، وأنّه ليسَ إلاّ علما دينيّاً ضروريّا ، فقد روى الكليني في [أصول الكافي باب أن الراسخون في العلم هم الأئمة (ع) ح2 ] : عن عبدالله بن حماد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما عليهما السلام [ هكذا كُتبَت ] فِي قَولِ الله عزَ وجَل: (وَمَا يَعْلَمُ تَأويله إلا الله والرّاسِخونَ فِي العِلم) ، ((فَرَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله أفْضَلُ الرّاسِخِينَ فِي العِلم، قَدْ عَلّمَهُ الله عزّ وَجلّ جِمِيع مَا أنزِلَ عَليه مِنَ التنزِيل والتّأوِيل، ومَا كَانَ الله لِيُنَزّلَ عَليهِ شَيئَاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأويلَه، وأوصِيَاؤه مِن بَعدِهِ يَعَلمُونَهُ كُلّه، والذينَ لا يَعْلَمُونَ تَأويلَه ، إذَا قَال العَالِمُ فِيهِم بِعلمٍ، فَأجَابَهُم الله بقوله : (يَقُولُونَ آمنّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رِبّنا) ، والقُرآنُ خَاصّ ، وعَامٌّ ، ومُحْكَمٌ ، ومُتَشَابَه، ونَاسِخٌ، ومَنْسُوخٌ، فَالرّاسِخُونَ فِي العِلمِ يَعْلَمُونَه )) ، اهـ .

ثمّ أُضيفُ سؤالاً للأخ جعفري (إن كان يقول أنّ أئمّته يعرفون جميع العلوم الدينيّة والدنيويّة) ، فَهلْ كان الباقر يعرفُ كيف تُصنعُ الطائرات والسيارات ؟ أم أنّ الصادق كان يُشيرُ إلى الحاسبات الآليّة والأنظمة القميّة المتطوّرة اليوم ؟ أم أنّ الكاظم كان مُطّلعا عارفاً لأجهزة الطب المُتقدّمة ؟ أم أنّ الرضا كان ضليعاً في علم النّفط والبترول وكيفيّة استخراجه ؟ أم أنّ الجواد كان يعرفُ عن المُترجمات اللغويّة المُتعدّدة ؟ أم أنّ الهادي كان مُلمّا بأدوات وآلات البناء المُستخدمة في عصرنا الحاضر ؟ أم أنّ العسكري كان مُتمكنّا من الإشارة إلى صناعة الغواصّات البحرية ؟ أم أنّ المهدي في يومنا هذا كان مُبرزّاً مُتمكّناً مُصقّعاً في تخصيب اليورانيوم النووي ، فيُساعدَ شيعته في هذا.

فهذه العلوم أخي الجعفري علومٌ دنيويّة ، ليسَ تضرّ أتباع الأئمة ، ولا الأئمّة أنفُسَهُم ، إن هُم جَهِلُوها . صلوات الله على سادات بني الحسن والحسين .

جعفري كتب :
فكم من قضايا وأحكام أفتى فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عجز عنها الخلفاء بعد رسول الله فقالوا فيه ما قالوا كقول عمر بن الخطاب ( لولا علي لهلك عمر ) فراجع كتب المسلمين لترى مدى علم علي بن أبي طالب وما زوده الله به من علم عنه مباشرة أو عن طريق التلقي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد فاق الأولين والآخرين بعلمه حتى قال عبدالله بن عباس حبر الأمة حين سئل عن علم علي بن أبي طالب (ع) : ( ما علمي إلى علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر )

فلو كان ما تقوله صحيحاً من أن العلوم الأخرى أفضالاً فلماذا أعطاها الله علي بن أبي طالب أليس هذا دليل على أفضليته على غيره وأن الله يهيئه لمهمة كبرى وهي إمامة الناس وقيادتهم إلى الصراط المستقيم فتدبر ذلك تجد ما قلناه صحيحاً .
أخي الفاضل ، لستُ أنا مَن قال أنّ ماكان خارجاً عن العلوم الدينيّة فهُو فضل ، بل الرسول (ص) هُو الذي قال هَذا ، وأنا قُلتُ بقول الرّسول ، أمّا عن الأفضال التي كانَت عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فهي علومٌ مُكتسبَةٌ من رسول الله (ص) ، ومن نَفسِه بتسخيره ذهنه السيال المُتوقّد لِفَهم غوامض الكتاب ، وكان الله تَعال مُحفّاً علي (ع) بألطاف توفيق كبيرة تعصمهُ عن الاستنباط الخاطئ للأحكام ، أو الفهم السقيم للآيات ، وتقودُهُ هذه الألطاف إلى فَهِم الكتاب والسنّة كما أراد الله والرّسول ، وهذا هُو الإيراث الذي نتكلّم عنه في آية فاطر ، أي إيراث الفهم الصحيح لكتاب الله تعالى وما تفرع عنه ، وأن الحق في الدين الإسلامي لن يَخرج عن بني فاطمة إلى يوم الدّين ، إذ أنّ معهُم من الله تعالى ضمانُ ببقاء علم الكتاب فيهم إلى يوم الدّين . وهذا أصلٌ مهم ، إن أحطتَ به ، انقطعَ اللجاج في هذه الجزئية ، ويدخُل فيها قول علي (ع) : ((عَلّمَنِي رَسول الله ألف بَاب مِن العِلم يَفتح لي فِي كلّ بَاب ألف باب)) ، وتأويل هذا ، أنّ الرسول (ص) هُو الأصل في علم علي (ع) ، إذ الرسول علّمه رؤوس أقلام المسائل ، وأعطاه مفاتيح فهم المسائل ، فكان علي (ع) بذهنه النقيّ ، وبألطاف الله التي تحفّه ، يستنبطُ تلك الأبواب من العلوم المحمديّة بدون خطأٍ ولا تلجلج في الجواب ، وهذا أقصى ما قد يُقال هُنا ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الأكرمين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحترم

موضوعك كله يستند على آية الإصطفاء وأنها عامة لذرية الحسن والحسين وأن الذرية تنقسم إلى ثلاثة أقسام ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات ، وأن الإمام يعينه الناس وهو من فئة السابقين بالخيرات ويعرف بمدى تحصيله للعلم وإشهاره للسيف .

فنقول مستعينين بالله ومتوكلين عليه :

إن مفهومكم للإمام والإمامة قاصر ولا يرقى إلى الفهم السليم لأنه لوي لأعناق الآيات على غير المراد وتأويل من عندكم بالظن الذي لا يغني من الحق شيئاً فتقولون :

أن وراثة الكتاب هي الفهم الصحيح للقرآن وأن هذا الفهم لا يخرج من ذرية الحسن والحسين .

وأن عموم ذرية الحسن والحسين مصطفون وهم في أصلاب آبائهم .

وأن وراثة الكتاب أي الفهم الصحيح يكون للسابقين بالخيرات لسادات بني الحسن والحسين بدون تمييز .

الإمام يتعين من قبل الناس بالسبق في العلم وإشهار السيف .

كل هذه الأمور ظنية ولا دليل لديكم من القرآن يدعم كلامكم والآيات التى تستندون إليها تؤولونها حسب ما تريدون لتتوافق مع مذهبكم .

فنقول رداً على ذلك :

أولاً : لا يوجد هناك أبداً إصطفاء عام وما ذهبتم إليه من اصطفاء عام لذرية الحسن والحسين إنما هو تكريم تقديراً لانتسابهم إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فالتكريم غير الإصطفاء وسنبين لكم ذلك :

يقول تعالى : (ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) – يس : 70

فالله أكرم بني آدم مع وجود الظلمة والفاسقين والمجرمين فيهم كل ذلك لأن منهم سيكون الأنبياء والمرسلين .

قال تعالى : (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ان الله سميع بصير ) - الحج :75

فالله كرم بني آدم جميعهم ولكن اصطفى منهم الأنبياء والرسل .

والله كذلك كرم بني إسرائيل وفضلهم على غيرهم من الأمم رغم كفرهم وفسقهم لأن أكثر الأنبياء والرسل منهم .

فالله كرم بني إسرائيل واصطفي منهم الأنبياء والرسل .

إذن لا يوجد هناك اصطفاء عام بل هناك تكريم حسب ما بينا .

ثانياً : إن الإصطفاء هو الإختيار بعناية وهو أخذ صفوة الشيء فمن يصطفيه الله عز وجل فإنما يختاره لمميزات فيه على غيره ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) . فلا يمكن ومن الاستحالة أن يصطفي الله عبداً ويكون فيه عيب فالله خبير بصير بعباده .

ثالثاً : إن الله لا يصطفي العبد عبثاُ وإنما يصطفيه لمهمة فيزوده بكل ما يحتاجه من علم وشجاعة وتسديد وتوفيق ... لكي ينجح في مهمته وإلا كان اصطفاؤه عبثاً والله منزه عن العبث .

إذا عرفت هذه النقاط الثلاث نأني للآية : (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير)- فاطر : 32

فالآية تقسم العباد إلى ثلاثة أقسام : ظالم لنفسه ، مقتصد ، سابق بالخيرات

فلفظة عبادنا هنا ليس المقصود بها ذرية الحسن والحسين فقط وإنما الناس جميعاً

ومصداق ذلك من القرآن :

المصداق الأول :

قال تعالى : ( وكنتم أزواجاً ثلاثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة * والسابقون السابقون * أولئك المقربون * ) – الواقعة : 7- 11 .

فالسورة تقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام :
أصحاب الميمنة ( المقتصد )
أصحاب المشأمة ( الظالم لنفسه )
السابقون ( السابق بالخيرات ) .

المصداق الثاني :

قال تعالى : ( إهدنا الصراط المستقيم * صراظ اللذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين * ) – الفاتحة : 6-7

فالسورة تقسم الناس إلى ثلاثة أقسام :
طالب الهداية ( المقتصد )
المغضوب عليه والضال ( الظالم لنفسه )
المنعم عليه ( السابق بالخيرات )

فهذه المصاديق القرآنية تؤكد أن عبادنا في الآية محل البحث هم كل العباد وليس ذرية الحسن والحسين وأن المصطفين هم السابقون بالخيرات من العباد وهم أفضلهم .

قال تعالى : (ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ) – النساء : 69

إذن فالمصطفون من العباد هم المنعم عيهم من النبيين والصديقين والشهداء
وبعد الأنبياء يكون المصطفون هم الصديقين والشهداء وهم صفوة الخلق بعد النبيين .

فالمصطفون هم القدوة لمن يطلب الهداية وهم مسددون وسائرون على خط الأنبياء ( اهدنا الصراط المستقيم * صراط اللذين أنعمت عليهم ... ) فخطهم امتداد لخط الأنبياء لأنه صراط مستقيم يوصل إلى مرضات الله .

ثم انظر في آخر الآية محل البحث ( ... ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ... )

وهذا دليل على أن السابق بالخيرات لا يعينه الناس بل يعين بإذن الله وهو ما يؤكد أن الإمامة تكون بالنص من الله لا بتعيين من الناس فالله سبحانه وتعالى يقول :

(وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ) – القصص : 68

ويقول في آية أخرى :

(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) – الأحزاب : 36

أي أن الله هو الذي يختار الإمام ويعينه لا الناس كما تفعلون أنتم أيها الزيدية لذلك فلا مجال لمن يحتج على ذلك ويقول لماذا الأئمة من ذرية الحسين فقط وليس من ذرية الحسن والحسين ؟!!!!!!!!!!

فأئمتنا مختارون من قبل الله ومنصوص عليهم من قبل الله على لسان رسوله المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وآله الطاهرين .

قال تعالى : ( يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) – التوبة : 119
فالله يأمرنا باتباع الصادقين والسير على خطاهم وهذا مصداق ما جاء في سورة الحمد ( اهدنا الصراط المستقيم * صراط اللذين أنعمت عليهم ... )
وبالتالي يكون الميراث لهؤلاء المصطفين هو ميراث النبوة يعطيه الله للإمام من بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويتناقله الأئمة المنصوص عليهم من قبل الله السلف للخلف .

أخي الكاظم

بالنسبة للرواية رقم 1 نقول :

إن الأئمة عليهم السلام لا ينزل عليهم الوحي بل هو علم الغيب علمه الله إلى رسوله المصطفي و أخذه الأئمة عن رسول الله (ص) فالإمام كان يعلم أن هذا السائل سيأتيه في هذا الوقت ويسأله عمن يخلفه لذلك بادره بالإجابة .
ثم هناك نقطة أخرى لماذا سأل السائل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) عمن يخلفه ؟ أليس هذا دليلاً على أن مسأله الإمامة كانت واضحة لدى الناس وأنه لابد للإمام الموجود أن يستخلف وهذه نقطة في صالح الإمامية وليست في صالح الزيدية .
ولرب سائل يسئل إذا كان الأئمة منصوص عليهم من قبل الله على لسان رسوله (ص) فلماذا خفيت على السائل ؟ فنقول إن العباسيين قد أحكموا الخناق على أئمة الهدى لئلا يتصل بهم الناس وأشاعوا بين الناس ألأكاذيب التي أخفت حقيقة الأئمة فهذا السائل قد علم بوجود الإمامة وعرف حق الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ولكنه لا يعلم من سيخلفه نتيجة للتكتيم الإعلامي الذي فرضه العباسيون على أهل البيت فجاء يسئل الإمام لذلك ترى الإمام (ع) يقول : فإن بقيت بعدي فاشهد له بذلك عند شيعتي و أهل ولايتي المستخبرين عن خليفتي من بعدي.

وهذا دليل على أن هناك الكثير من شيعة الإمام قد خفي عليهم أمر الإمام الذي سيخلف الإمام موسى بن جعفر نتيجة لسياسة القمع والإرهاب والتكتيم الذي انتهجته الدولة العباسية وقد طلب الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) من السائل أن يشهد للإمام الجديد عند شيعته حتى يصدقوه .

بالنسبة للرواية رقم 2 نقول :

إن الإمام قد علم بعدم الإذن له في الإجابة ليس في لحظة السؤال لكن من رسول الله ( ص) فالله أعلم رسوله بما كان ويكون إلى يوم القيامة ومن ضمنها سؤال هذا السائل فكل إمام يلتزم بما أمره الله عن طريق رسوله (ص) فلا تستغرب ذلك فالإمام شأنه عظيم عند الله .

بالنسبة للروايتين رقم 3 و 4 نقول :

نعم إن الأئمة يعلمون متي يموتون وكيف ستكون ميتتهم فهذا شيء عادي لمن اصطفاه الله وجعله حجة على الناس فلا تستغرب ذلك والحسين عليه السلام كان يعلم أنه سيموت في أرض كربلاء يوم العاشر من محرم غريباً عطشاناً شهيداً على يد العصابة المجرمة فقد نزل الوحي على رسول الله (ص) وأخبره بمقتل الحسين ( عليه السلام ) حين ولدته أمه الزهراء ( عليها السلام ) . وكذلك بقية الأئمة علموا ذلك من رسول الله (ص) فلا تستغرب ذلك .

بالنسبة للروايتين رقم 5 و 6 :

نقول : إن من يجهل شأن أئمة الهدى ومصابيح الدجى وشفعاؤنا يوم القيامة يمكن أن يعتبر هذا من الغلو فيهم ولكن يا أخي العزيز أنت تقرأ القرآن ليلاً ونهاراً ألم تمر عليك هذه الآيات :

(ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ *) – فصلت : 30 - 32

فأي عبد يوحد الله ولا يشرك به شيئاً تتنزل عليه الملائكة تبشره بالجنة وكلمة تتنزل هنا تدل على كثرة النزول .
فإذا كان هذا شأن العبد المؤمن فما ظنك بالهداة إلى الصراط المستقيم ألا تتنزل عليهم الملائكة؟ فلماذا تستغرب من ذلك ؟!!!!!!!!!!!!

و قول الملائكة نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة دليل على أن نزول الملائكة على المؤمنين في الدنيا والآخرة فما ظنك بأئمة الهدى فلا تستصغر شأنهم فإن شأنهم عند الله عظيم .
ونزول الملائكة على الأئمة ليس وحياً لأن الوحي فيه تبليغ رساله والرساله ختمت بسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين فليس هناك زيادة أو تنقيص في الرسالة المحمدية .
وإنما نزول الملائكة على الأئمة عليهم السلام وفي بيوتهم نظراً لعلو شأنهم عند الله ولا يستطيع أحد أن يبلغ شأنهم كيف وهم صفوة الخلق والمقربون عند الله . قال تعالى : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) .

كتب الكاظم :
أخي جعفري معنا (أورثنا) أي جعلنا فهم الكتاب وعلمه في الذين اصطَفينا ، لا يخرجُ العلم الصحيح التامّ عنهم إلى غيرِهِم ، فيكون المعنى : أنّ الله أورَثهُم (جعلَ فيهم) علم الكتاب وفهمه ، خلَفٌ عن سلف إلى يوم الدّين . ولعلّ الخلل في فهمِكَ للإيراث أنّه الإيراث الشخصي لكل الذرية المُصطفاة ، وهذا فهمٌ باطل ، إذ لو كان ذلكَ كذلك لكان الجميع عُلماء ، ولم يكُن منهُم مَن هو ظالمٌ لنفسه !! .
أخي العزيز الكاظم لقد بينت لك في بداية المشاركة أنه لا يوجد هناك اصطفاء عام فالأئمة يعينون من قبل الله وهم بالفعل ( أي أقصد الأئمة المصفون من آل محمد ) جميعهم علماء .
وقولك الإيراث هو الفهم الصحيح للقرآن هو تأويل من عندك مردود عليك من القرآن فاقرأ معي هذه الآيات :

( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) – النساء : 54

الآيات التي قبل هذه الآية تذم أهل الكتاب اللذين كانوا بالمدينة فالسورة مدنية فيكون آل إبراهيم هنا هم آل محمد وليس آل إبراهيم عن طريق يعقوب ( عليه السلام ) .
والمقصود من آل محمد هنا ليس كافة ذرية الحسن والحسين بل المصطفون منهم وهم أئمة الهدى ( عليهم السلام ) فقد آتاهم الله الكتاب والحكمة والملك العظيم وهذا هو الميراث بعينه لا ما تذهبون إليه من أن الميراث هو الفهم الصحيح للقرآن .
وهذه الآية صريحة بأن المورث هو الله

كتب الكاظم :
أخي جعفري لسنَا نُنكر أنّ النّاس بحاجة إلى التكنولوجيا الحديثة في شتّى المجالات الحياتيّة ، ولكنّ العلوم أخي الفاضل تنقسم : فمنها ماهي علومٌ دنيويّة زائدة عن الضرورة الدينيّة ، كتعلّم الطب ، والفيزياء ، والكيمياء ، والفلَك ، والصناعات بجميع أنواعها ، والزراعة ... إلخ . ومنها علوم دينيّة ضرورية لا يجبُ على المُكلّف الجهلُ بها ، أو الاخلالُ بها ، وهي التي نزلَ القرآن يُبيّنُهَا ، وقامَ الرّسول (ص) بتوطيد التنزيل ، بنشر السنة النبويّة المُعضّدة للقرآن ، وليسَت العلوم الدينية تُعارضٌ العلوم الدنيوية ، ولكن العلوم الدينية يضرُ الجهل بها ، والعلوم الدنيويّة لا يضرّ الجهل بها . أمّا عَن قولِكَ سيدي الفاضل أنّي لستُ أنا مَن يُحدّد العلم المُفيد من غير المُفيد ، فكلامك هذا ينصرِفُ إلى العلوم الدنيوية ، ولا ينصرفُ على العلوم الدينيّة ، لأنّ أئمتكم بنقل مُحدّثيكم هُم مَنْ حَددّ العلم المُفيد دون غيره ، فلم يأبهُوا إلى تلك العلوم الدنيويّة التي هي أفضالٌ سواءً وُجِدَت أو انعدَمَت فهي لا تُؤثّر في مآل العَبد وآخرَتِه ، وقد سبَقَ ونقلنا رواية كاظم أهل البيت موسى بن جعفر صلوات الله عليهما ، وأعدناها تكراراً ، ونُعيدُها تكراراً ، فافهمها رحمك الله ، قال الكاظم: دَخَلَ رَسُول الله صلّى الله عليه وآله المسجِد ، فَإذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أطَافُوا بِرَجُل ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا؟)) . فَقِيلَ: عَلاّمَة! فَقَال: ((ومَا العَلاّمَة؟)) . فَقَالُوا لَه: أعْلَمُ النّاسِ بِأنْسَابِ العَرَبِ وَوَقَائِعِهَا، وأيّامِ الجَاهِلِيّة، والأشْعَارِ العَرَبيّة، قَال: فَقَالَ النّبي صلّى الله عليه وآله: ((ذَاكَ عِلْمٌ لا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهْ (تأمّل)، ولا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَه )) ، ثمّ قَال النبي صلى الله عليه وآله: ((إنّمَا العِلمُ ثَلاثَة: آيَةٌ مُحكَمَةٌ، أو فَرِيضَةٌ عَادِلَة، أو سُنّةٌ قَائمَة، ومَا خَلاهُنّ فَهُوَ فَضْلٌ)) . وتأمّل أيضاً عِلم الراّسخين في العلم ، ماهُو ، وأنّه ليسَ إلاّ علما دينيّاً ضروريّا ، فقد روى الكليني في [أصول الكافي باب أن الراسخون في العلم هم الأئمة (ع) ح2 ] : عن عبدالله بن حماد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما عليهما السلام [ هكذا كُتبَت ] فِي قَولِ الله عزَ وجَل: (وَمَا يَعْلَمُ تَأويله إلا الله والرّاسِخونَ فِي العِلم) ، ((فَرَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله أفْضَلُ الرّاسِخِينَ فِي العِلم، قَدْ عَلّمَهُ الله عزّ وَجلّ جِمِيع مَا أنزِلَ عَليه مِنَ التنزِيل والتّأوِيل، ومَا كَانَ الله لِيُنَزّلَ عَليهِ شَيئَاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأويلَه، وأوصِيَاؤه مِن بَعدِهِ يَعَلمُونَهُ كُلّه، والذينَ لا يَعْلَمُونَ تَأويلَه ، إذَا قَال العَالِمُ فِيهِم بِعلمٍ، فَأجَابَهُم الله بقوله : (يَقُولُونَ آمنّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رِبّنا) ، والقُرآنُ خَاصّ ، وعَامٌّ ، ومُحْكَمٌ ، ومُتَشَابَه، ونَاسِخٌ، ومَنْسُوخٌ، فَالرّاسِخُونَ فِي العِلمِ يَعْلَمُونَه )) ، اهـ .
أخي الكاظم :

إن الأمر بالنسبة للمسلمين يقتصر فهمهم لدينهم على العلم الذي ذكرته آيَةٌ مُحكَمَةٌ، أو فَرِيضَةٌ عَادِلَة، أو سُنّةٌ قَائمَة، وهذا ما يحتاجونه لكي يعبدوا الله على الوجه اللذي يريده منهم أنا اتفق معك في ذلك ولكن بالنسبة للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الأطهار الأمر مختلف فالقرآن يصرح بأنهم آتاهم الكتاب والحكمة والملك العظيم فهل تنكر ذلك ؟ فليس فقط علم الكتاب بل معه الحكمة والملك العظيم وهذا دليل على أنهم مهيئون لمهمة كبرى فلا تقلل من علمهم صلوات الله وسلامه عليهم فلا أحد يعلم مبلغ علمهم إلا الله عز وجل .

كتب الكاظم :
ثمّ أُضيفُ سؤالاً للأخ جعفري (إن كان يقول أنّ أئمّته يعرفون جميع العلوم الدينيّة والدنيويّة) ، فَهلْ كان الباقر يعرفُ كيف تُصنعُ الطائرات والسيارات ؟ أم أنّ الصادق كان يُشيرُ إلى الحاسبات الآليّة والأنظمة القميّة المتطوّرة اليوم ؟ أم أنّ الكاظم كان مُطّلعا عارفاً لأجهزة الطب المُتقدّمة ؟ أم أنّ الرضا كان ضليعاً في علم النّفط والبترول وكيفيّة استخراجه ؟ أم أنّ الجواد كان يعرفُ عن المُترجمات اللغويّة المُتعدّدة ؟ أم أنّ الهادي كان مُلمّا بأدوات وآلات البناء المُستخدمة في عصرنا الحاضر ؟ أم أنّ العسكري كان مُتمكنّا من الإشارة إلى صناعة الغواصّات البحرية ؟ أم أنّ المهدي في يومنا هذا كان مُبرزّاً مُتمكّناً مُصقّعاً في تخصيب اليورانيوم النووي ، فيُساعدَ شيعته في هذا.

فهذه العلوم أخي الجعفري علومٌ دنيويّة ، ليسَ تضرّ أتباع الأئمة ، ولا الأئمّة أنفُسَهُم ، إن هُم جَهِلُوها . صلوات الله على سادات بني الحسن والحسين .
الأخ الكاظم المحترم :

لا تغتر بحضارة هذا العصر فعند أئمة أهل البيت ما هو أعظم من هذا وسأوضح لك :

إن آصف بن برخيا وهو وصى سليمان ( عليه السلام ) قد أحضر عرش بلقيس في لمح البصر فهل تقل لي ما مدى العلم الذي وصلت إليه حضارة اليوم مقابل ما فعله آصف بن برخيا إنه لا شيء ولا يوجد وجه للمقارنة فحضارتنا ضئيلة جداً أمام هذا العمل الجبار الذي قام به وصي سليمان (ع) وأن وصي سليمان (ع) عنده علم من الكتاب أي بعض العلم فكيف بمن عنده علم الكتاب وهم آل محمد فماذا تتوقع منهم أن يفعلوا . طبعاً كل هذا بإذن الله .

والقرآن يقول : ( ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أوكلم به الموتى ... )

فأئمة أهل البيت عليهم السلام عندهم علم الكتاب يقدرون على ذلك بإذن الله فهل تنكر ذلك ؟
فهل يوازي علم هذا العصر ما لديهم من علوم كلا وألف كلا ولولا السياسة التي أقصتهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها لرأيت علماً أعظم وأفضل من علوم هذا العصر .

فالإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول وهو يضرب على صدره : ( هاهنا علم جم لو وجدت له أوعية ) فأهل البيت عليهم السلام لديهم الكثير من العلوم التي تفيد البشرية وتوفر عليهم سنين طويلة من البحث والتجربة ولكن لم يكن في عصرهم من يعرف قدر هذا العلم فيأخذه منهم عليهم السلام .

وهذا جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) عندما تهيأت له فرصة التعليم ما بين سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية نشر العلم وأتاه العلماء من أقطاب الدنيا ينهلون من علمه الواسع .

يقول عنه ابن حجر الهيثمي في كتابه الصواعق المحرقة ص 120 :

( جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمة الأكابر كيحي بن سعيد وابن جريج ومالك والسفيانين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السجستاني .)

وقال عنه محمد بن حمزة بن زهرة (نقيب حلب ) في كتابه غاية الإختصار ص62 :

( أبو عبدالله الإمام المعظم جعفر الصادق ، صاحب الخارقات الظاهرة والآيات الباهرة المخبر بالمغيبات الكائنة أمه وأم أخيه عبدالله أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر ولذا كان جعفر بن محمد عليه الرضوان يقول ولدني أبو بكر مرتين ولد سنة 83 وتوفي سنة 148هجرية ودفن بالبقيع ) .

وفي كتاب مناقب ابن شهر اشوب ج2ص147 :

عن زيد بن علي ( ع) : (( في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه ، وحجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه . ))

هذه غيض من فيض مما قيل في أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام وهو جعفر بن محمد الصادق من كتب السنة والرواية الأخيرة لزيد تثبت أنه يعترف بإمامة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ومن قبله من أئمة أهل البيت فأين كلامكم أيها الزيدية أن زيد بن علي نصب نفسه إماماً ؟!!!!!!!!!

قال الكاظم :
أخي الفاضل ، لستُ أنا مَن قال أنّ ماكان خارجاً عن العلوم الدينيّة فهُو فضل ، بل الرسول (ص) هُو الذي قال هَذا ، وأنا قُلتُ بقول الرّسول ، أمّا عن الأفضال التي كانَت عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فهي علومٌ مُكتسبَةٌ من رسول الله (ص) ، ومن نَفسِه بتسخيره ذهنه السيال المُتوقّد لِفَهم غوامض الكتاب ، وكان الله تَعال مُحفّاً علي(ع) بألطاف توفيق كبيرة تعصمهُ عن الاستنباط الخاطئ للأحكام ، أو الفهم السقيم للآيات ، وتقودُهُ هذه الألطاف إلى فَهِم الكتاب والسنّة كما أراد الله والرّسول ، وهذا هُو الإيراث الذي نتكلّم عنه في آية فاطر ، أي إيراث الفهم الصحيح لكتاب الله تعالى وما تفرع عنه ، وأن الحق في الدين الإسلامي لن يَخرج عن بني فاطمة إلى يوم الدّين ، إذ أنّ معهُم من الله تعالى ضمانُ ببقاء علم الكتاب فيهم إلى يوم الدّين . وهذا أصلٌ مهم ، إن أحطتَ به ، انقطعَ اللجاج في هذه الجزئية ، ويدخُل فيها قول علي (ع) : ((عَلّمَنِي رَسول الله ألف بَاب مِن العِلم يَفتح لي فِي كلّ بَاب ألف باب)) ، وتأويل هذا ، أنّ الرسول (ص) هُو الأصل في علم علي (ع) ، إذ الرسول علّمه رؤوس أقلام المسائل ، وأعطاه مفاتيح فهم المسائل ، فكان علي (ع) بذهنه النقيّ ، وبألطاف الله التي تحفّه ، يستنبطُ تلك الأبواب من العلوم المحمديّة بدون خطأٍ ولا تلجلج في الجواب ، وهذا أقصى ما قد يُقال هُنا ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الأكرمين .
الأخ الكاظم :

أو أن أسألك سؤالاً هل كنت مع رسول الله ( ص) حين علم الإمام علي بن أبي طالب أم نزل عليك الوحي ؟؟؟؟؟؟؟

ما أدراك بماعلمه رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب ؟ لماذا تتأول من عندك بشيء لم يقله أحد غيرك هل اطلعت على رؤوس أقلام المسائل ومفاتيح فهمها ؟ وأخبرك علي بن أبي طالب (ع) بكيفية استنباطه للعلوم ؟

ماهذا تستغرب من معرفة الإمام موسى بن جعفر بما يدور في ذهن السائل ولا تستغرب مما تقوله!!!!!!!!

كفاك استخفافاً بعلوم آل محمد فلا أنت ولا الناس أجمعين يحيطون بما وهبه الله لآل محمد من العلم والحكمة لأنهم هم الأئمة حقاً والقادة إلى الصراط المستقيم وليس غيرهم .

إذن فعقيدتنا في الإمامة والإمام هي :
الإمامة هي لطف من الله «تبارك وتعالى» كالنبوّة، وهي استمرارٌ لها وخلافة فيما بعدها. ولاتكون الإمامة إلاّ بالنصّ من الله جَلّ وعلا، فلا اختيار للناس في تعيينها. وهي أصل من أصول الدين، إذ لا يتم الإيمان إلاّ بالاعتقاد بها، بلا تقليد أعمى.. حيث لابدّ من معرفة براهينها والتثبّت عليها على بصيرة وعلم وهداية.
أمّا الإمام، فهو مَن اختاره الله عزّوجلّ لعباده دليلاً هادياً للبشر بعد صاحب الرسالة، ومَن كُلّف بهذا لابدّ أن يكون معصوماً من الذنوب والعيوب، مطّلعاً بأمر الله على عوالم الغيوب، فهو الموقن الكامل والنموذج التامّ في كلّ شيء، والبالغ أعلى درجات الكمال، والمتحلّي بالقوّةِ القدسيّة لِيُطمأنّ إلى أفعاله وأقواله؛ إذ هو موفّق ومسدّد من قِبل الله تعالى، فيُطاع بعد معرفةِ أنّه واجب الطاعة والمودّة.
ولنقف هنا على بيان رائع للإمامة والإمام من خلال نصّ مبارك لمولانا عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام حيث يقول:
إنّ الإمامة أجلُّ قَدْراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غَوراً من أن يَبلُغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم...
• إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء.
• إنّ الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول صلّى الله عليه وآله، ومقام أمير المؤمنين عليه السّلام، وميراث الحسن والحسين عليهما السّلام.
• إنّ الإمامة أُسّ الإسلام النامي، وفرعه السامي...
• الإمام يُحلّ حلال الله، ويُحرّم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذبّ عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجّة البالغة.
• الإمام كالشمس الطالعة المجلِّلة بنورها للعالَم، وهي بالأُفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.
• الإمام البدر المنير، والسِّراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى... والمُنجي من الردى...
• الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأُمّ البَرَّة بالولد الصغير، ومفزع العباد، في الداهية النآد(أي العظيمة) .
• الإمام أمين الله في خَلْقه، وحُجّته على عباده، وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذّابّ عن حُرَمِ الله.
• الإمام المطهَّر من الذنوب، والمُبّرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحِلْم، نظام الدين، وعِزّ المسلمين، وغيظ المنافقين، وبَوار الكافرين.
• الإمام واحد دهره، لايُدانيه أحد، ولا يُعادِلُه عالِم، ولا يوجد منه بدل ولا له مِثْلٌ ولا نظير... فمَن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره ؟! هيهات هيهات !
( أصول الكافي للشيخ الكليني – ج1ص198 – باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته /ح1 )

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد .....

تحية طيبة أخي الجعفري وبعد : فإنّ تصديركم الأخير للأسَف جعلَني آسَى على معلومات جمّة أودعناها هذا الموضوع لم تستحضِروها ، فأنتُم بنيتُم محاور كلامكم (حول الاصطفاء) على محورين مُتداخِلَين : الأوّل : آيَة فاطر فقط . والثاني : أنّ الخطاب فيها موجّه لجميع العباد . وأنتُم في ردّكم هذا قد اتّبعتم عاطفَة الاعتقاد ، إذ لو قارنتُم ما سطّرته أيديكم بما تكلّمنا عنه (وأنتم السّائلون!!) بخصوص آية البقرة : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) ، لأنّ موضع اللجاج والاعتراض (الذي صدرتم به جوابكم) هُو عن معنى الاصطفاء ، ومعنى العباد ، ونحنُ قد طَرَحنَا مُستَنَدنا في كلام طويل سُقناه في مشاركاتٍ آنفَة ، وأنتُم انكرتموها بل وأنكرتُم أقوال أئمتكم وفقهاءكم (كما ذكرنا سابقا ، وكما سنذكرُ قريباً) ، ولو كان المُخاطِبُ قاصرَ النّظر ، وغيرُ مُلِمٍّ بمداخل ومخارج المسألة لعذرناهُ فيمَا كَتب . ولكنّا نجدكُم غير هذا ، فأنتُم أهلُ النّظر ، فكان الواجبُ عليكُم أن تَقولوا قد طرحَ الزيديّ أدلةً على كلامه ، ونحن خالفناهُ ، ولكن هلّموا بنا إخوة البحث الجعفري ننظر إلى بقيّة كتاب الله ، هَل يشهدُ لِما قُلنا به ، أم يشهدُ للزيدي ، فتأتون على آية البقرة السّابقة ، وآية الحديد : ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ )) ، وإنّما أشرتُ إلى هاتين الآيتَين بالتحديد ، لأنّها أبعدُ ما يكون عن وجود اللفاظات التي اشتكلَت عليكم ، وأخطأتم في تصديركم لها ، أعني فَهمكم لمعنى الاصطفاء ، وعدم التفريق بينه وبين التكرمة ، وخلطكم تعميم لفظة العباد وإنكاركم تخصيصها . فآية البقرة أشدّ صراحةً ، وأشدّ مدلوليّةً على قولِنا في الاصطفاء العام لبني فاطمة ، وهي افضلُ وأعدَلُ مُفسِّر لآية فاطر ، لأنّ خيَر مُفسّرٍ للقرآن القرآن . نعم ! ولكنّكم نسيتُم (ما تَعبِنا في إيضاحِه لكم ) ، وعرّجتم على مايجعلكُم تَخدعونَ أنفُسَكُم ، وتُعلّلونها بالأماني الغير موثقّة والغير صامدَة عندَ المُدارسَة .

==========

إن قيل : قد خلطُتم معشر الزيدية بين تَكرمَة الله تعالى لذرية الحسن والحسين ، وبين ما تُحاولون إثباتَه من إلصاق صفة الاصطفاء العام بهم ، والحقّ أنّه لا يوجَد ما يُسمّى بالاصطفاء العام لبني فاطمة ذرية الحسن والحسين ، بل يوجد ما يُسمى بالتكرمَة الإلهية لهذه الذرية العلوية الفاطمية ، والتكريم غير الاصطفاء ، فأنتُم قد لويتُم عُنُقَ الآيات ولم تُفرّقوا بين التكريم والاصطفاء ، هذا أمر . والأمر الثاني : أنّ العباد في آية فاطر ليس المقصود بهم ذرية فاطمة ، بل المقصودُ بهم جميعُ النّاس . والأمر الثالث : أنّه يُستحالُ أن يصطفي الله عباداً ليسوا أكفّاء . والأمر الرابع : أنّ الله لا يصطفي العبد عبثاُ وإنما يصطفيه لمهمة فيزوده بكل ما يحتاجه من علم وشجاعة وتسديد وتوفيق ... لكي ينجح في مهمته وإلا كان اصطفاؤه عبثاً والله منزه عن العبث .

قُلنا : وبالله التوفيق ، قد فَهِمنَا كلامكم معشر الجعفرية ، فأنصتوا لقولِنا رحمكم الله ، فنقول ، فيما يخصّ :

الأمر الأول : أنّا في الحقيقة لم نَخلِط بينَ معنى التَكرِمَة الإلهيّة ، وبينَ معنى الاصطفاء الإلهي ، بمعنى : أنّا نَسبَنا الاصطفاء الإلهي لعموم ذرية الحسن والحسين ، والأصل الصحيح هو التكرمَة بدلاً من الاصطفاء ، فهذا وهمٌ . لأنّ الله تعالى قال في كتابه الكريم : ((ثمّ أورَثنا الكتابَ الذين اصطَفينَا)) ، ولَم يقُل : ((ثمّ أورثنَا الكتاب الذينَ كرّمنَا)) ، وأيضاً لم يَقُل جلّ شأنُه : ((ثمّ أورَثنا الكتاب الذين فضَّلنا)) ، بل قال : ((ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطَفينَا)) ، والاصطفاء فأخصّ من التكريم والتفضيل وإن كان للأخيرتين ثِقَلُها ، والرسول فلا ينطقُ عن الهوَى ، فما بالُكَ بالله جلّ شأنه ، ونحنُ ما عَدونا قول الله في الاصطفاء إلى قولكم بالتكرمَة ، هذا مِن جَهة . وأمّا من جهةٍ أُخرَى فإنّ تأويلَكُم للاصطفاء بمعنى التكرمَة لا غير ، فإنّه يدخلُ تحت هذا إذهابُ الخصوصيّة لتلك الطوائف الثلاث ، بما فيهِم السّابقون بالخيرات ، بل إنّكم بإدخال جميع النّاس في هذه الآية ، تُذهبونَ خصوصيّة الطوائف الثلاث وعلى رأسِها طائفة السابقون بالخيرات ، إذ قد يكون هُناك احتمالٌ أن يكون السّابقون بالخيرات من سائر النّاس غير بني فاطمة بعموم ، أو حتّى أئمتكم الإثني عشر ، لأنّكم بالتأكيد لن تخصّوا صفة السّبق بالخيرات في أئمتكم فقط ، وأنّ مَن عَداهُم من أمة محمد بن عبدالله لا يستحقُّها !! ، وهذا لو ذهبتُم إليه فلا دليلَ عليه ، لأنّ الخطاب جاء عامّا (حسب قولكم) في جميع العباد ، ولم يخصّ مُقتصدون عن مُقتصدين ، ولا سابقون بالخيرات عن سابقين ، ومنه فإنّي أعجَبُ أنّكم بعدَ أن قُلتم بأنّ الآية لا تدلّ على اصطفاء عام لبني فاطمة ، بل تدل على التكرمة ، ثمّ قُلتم هي تُخاطب جميع العباد ، أعجبُ أنّكم تستدلون على النص الإمامي بقول الله جلّ اسمه : ((ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله)) ، تستدلون على النص بقوله : ((بإذن الله)) وهذا فالتناقُضُ بعينه ، إذ كيفَ ترجّحَ لكم أنّ السابقون بالخيرات هم أئمّتكم ، أليس لي أن أقول على أصلِكم : أنّ الخطاب موجّهٌ لجميع العباد ، فالظالمون لأنفُسهِم طائفةٌ تشمل كلّ ظالمٍ من هذه الأمّة . والمُقتصدون طائفةٌ تشملُ كلّ عابدٍ زاهد من هذه الأمّة . والسّابقون بالخيرات طائفةٌ تشمل كلّ عالمٍ عاملٍ من هذه الأمّة ، وهذا فيُناقض ما استدلّيتم به من قوله : ((بإذن الله)) ، ومن تخصيصكم صفة السبق لطائفة عِرقيّة معيّنة من النّاس بعد أنّ عممّتم الكلام على الجميع ، وهذا من جهَة . وأمّأ من جهة ثالثة فإنّكم تقولون : ((فهذه المصاديق القرآنية تؤكد أن عبادنا في الآية محل البحث هم كل العباد وليس ذرية الحسن والحسين وأن المصطفين هم السابقون بالخيرات من العباد وهم أفضلهم )) ، وهذا أخي الجعفري يُوقعُكَ في الإشكال السّابق ، وفي عين التناقض القريب ،فكيفَ خصَصَت طائفة السّابقين بالخيرات بالاصطفاء دون البقيّة ، والخطاب الاصطفائي جاء مُشتملاً على جميع الطوائف !! ، أم أنّك تقول : أن طائفة الظالمين والمُقتصدين الاصطفاء في حقّهم إنّما هو تكرمَة فقط ، وطائفة السابقين بالخيرات اصطفاء وانتجاب إلهي إمامي نصّي ، وهذا فقمّة المُكابرَة ، والمُباهتَة .

والأمر الثاني : وهُو المهم عندي ، لأنّه متى انتفَى انتفَى تعذّركم بالتكرمَة ، وإنكاركم للاصطفاء العام لبني فاطمة ، الذي ناقشناه في الأمر الأول . فنقول : إنّ قولَكم بأنّ لفظة العباد تعني جميع العباد ، ولا تخصّ ذرية الحسن والحسين ، هُو أمرٌ مُستحدثٌ قالت به العاطفَة للاعتقاد ، وخالفتُم به قول الجعفرية المشهور عن أئمّتهم وفقهاءهم ، وهُو قولُ مُستحدَثٌ لم تُطبِق عليه الجعفرية ، بل قد أنكرَهُ الإمام الرّضا علي بن موسى صلوات الله عليهما ، كما ذكرنا سابقاً ، وسنُعيدهُ هُنا ، فإن كان الأمر كذا ، من أنّ العباد في الآية لفظةٌ ليسَت تضمّ تحتها جميع العباد ، بل تضمّ تحتها جميع بني فاطمة من أبناء الحسن والحسين ، فإنّ كلامنَا في أصل البحث ما زالَ قائماً ، وأنّ الاصطفاء العام للذرية الفاطمية هو المقصود بآية فاطر ، لأنّا وجدناكم أخي الجعفري بنيتُم إيراداتكم وتصديراتكم أعلاهُ على أنّ لفظة ((عبادنا)) تعني جميع النّاس دون بني فاطمة ، ونحنُ فمتى أثبتنَا لك أن قولَك هذا مُبتدَعٌ ليسَ الجعفرية عليه ، أثبتنا صحّة قولنا ، واختصرنا الكلام على بحثكم الذي ذهبَ إى غير مذهب الجعفرية في النص الاصطفائي في آية فاطر ، وهُنا تأمّل أخي الجعفري ، ما نردّ به عليكَ قولَك بأنّ لفظة العباد تعني جميع العباد الفاطمي وغيره من الناس ، فنقول :

[ أولاً : أقوال أئمة الجعفرية في خصوصيّة آية فاطر بأهل بيت الرسول(ص) ] :

1- روى الصّفار في بصائر الدرجات (ص44) ، بسنده :

((عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في هذه الآية : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا . . الآية ، قال : السابق بالخيرات الاِمام ، فهي في ولد علي وفاطمة عليهم السلام )) .

تعليق : تأمّل تأويل الباقر صلوات الله عليه للآية ، واشتمالِها بنصّه (ع) على أبناء علي وفاطمة ، وأبناء علي وفاطمة يدخلُ فيهم بنوا الحسن والحسين ، وهذا فدليلٌ على صحّة ما ذهبنا إليه من الاصطفاء العام من الله تعالى لبني فاطمة بعموم .

2- أورد المجلسي في البحار 23/218 :

((عن أبي إسحاق السبيعي قال : خرجت حاجاً فلقيت محمد بن علي فسألته عن هذه الآية : ثمأورثنا الكتاب . . الآية ؟ فقال : ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال : قلت يقولون إنها لهم ، قال : فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة ؟ ! قلت : فما تقول أنت جعلت فداك ؟ فقال : هي لنا خاصة يا أباإسحاق ، أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا أهل البيت [ وأهل البيت هم ذرية فاطمة بني الحسن والحسين ] ، وأما المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأما الظالم لنفسه ففيه ما جاءفي التائبين وهو مغفور له )) .

تعليق : وهُنا تأمّل إنكار الباقر (ع) ، لقول أهل الكوفة أنّ الآيَة لهُم ، يُريدون أنّها لجميع الأمة ، فيردّهم الباقر (ع) ، بقوله : ((هِيَ لَنا خاصّة)) ، أي هِيَ لنا يا بني فاطمة خاصّة دون بقيّة النّاس . وبني فاطمة يدخل فيهم بنوا الحسن والحسين ، فيكون هذا دليلاً على الاصطفاء العام من الله تعالى لهم جميعاً .

3- روى الشيخ الصدوق في أماليه ، المجلس التاسع والسبعون ، ص615 :

((عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق والخراسان، فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) . فقالت العلماء: أراد الله عز وجل بذلك الامة كلها. فقال المأمون: ما تقول، يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): لا أقول كما قالوا، ولكني أقول: أراد الله العترة الطاهرة .. إلخ )) .

تعليق :وهُنا يُردّ الرضا علي بن موسى (ع) ، قولَ مَن قال أنّ العباد في الآيَة تعني جميع الأمّة ، ويُثبتُ صلوات الله عليه أنّ الآية تخصّ العترَة الطاهرة ، ولو تتبّعنا كامل الرواية المُشار غليها لوجدنا أنّه يقصد بالعترة جميع بني الحسن والحسين ، لا أنّهُ يعني أفراداً مُيّنين منهم .

4- روى في الثاقب في المناقب للطوسي (ص566) :

((وعنه قال : كنتُ عندَ أبي محمّد [الحسن العسكري] عليه السلام فسألته عن قول الله تعالى : ((ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله)) ؟ فقال عليه السلام : كلهم من آل محمد عليهم السلام ... إلخ . )) .

تعليق : وآل محمّد فهم ذرية الحسن والحسين .

5- روى ثقة الجعفرية محمد بن يعقوب الكليني في أصول الكافي 1/215 :

((عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " الآية، قال: فقال: ولد فاطمة عليها السلام ... إلخ )) .

6- روى الصّفار في بصائر الدرجات (ص66) ، بسنده :

((عن عمّار الساباطى عن أبى عبد الله عليه السلام : ((ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)) قال : قال : هم آل محمد .. إلخ )) .

7- روى الحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل (وهو كتاب لهُ مكانتُه عند الجعفرية) ، 2/156:

((عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين ، قَال : إنّي لَجَالِس عِندَهُ ، إذ جَاءَه رَجُلان مِن أهل العِراق ، فقالا : يا ابن رسول الله جئناكَ كَي تُخبِرَنَا عَن آياتٍ مِنَ القرآن . فَقَال : وَ مَا هِيَ ؟ قَالا : قول الله تعالى : ((ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطَفينا)) فَقال (ع) : يَا [و] أهلَ العِراق أيش يقولون ؟ قَالا : يقولون : إنّها نَزَلَت في أمّة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فَقال : علي بن الحسين : أمّة محمّد كلّهم إذا في الجنة ! ! قّال : فَقلتُ مِنْ بَين القَوم : يَا ابن رسول الله فِيمَن نَزَلَت ؟ فَقَال : نَزَلت و الله فِينَا أهل البَيت ثَلاث مَرّات . قُلتُ : أخبِرنَا مَنْ فِيكُم الظّالِمُ لِنَفسِه ؟ قَال : الذي استوَت حَسَنَاتُه و سَيئاتُه و هو في الجنّة ، فَقلتُ : و المُقتصد ؟ قال : العابِد لله في بيته حتى يأتيه اليَقين ، فَقلت : السّابق بالخيرَات ؟ قَال : مَنْ شَهَرَ سَيفَه وَ دَعَا إلى سَبيلِ ربّه )) .


تعليق : وزين العابدين (ع) هُنا يردّ قولَ مَن قال أنّ لفظة العباد تعني جميع الأمة دون بني فاطمة أبناء الحسن والحسين . وهذا الأثر عن زيد العابدين (ع) نطقَ بعقيدة الزيدية ، وخالفَ على الجعفرية ، فالزيدية هي مَن تشترطُ الدّعوة في الإمام ، لأنّ الخروج بالسيف يعني إشهار الدّعوة ، وقول زين العابدين هذا هو نفس قول سادات أبناء عمومته من ساداتي بني الحسن والحسين ، فهذا حفيده الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (ت247هـ) ، يقول بنفس قول جده ، وقوله (ع) في السّابق بالخيرات : ((والسّابق بالخيرات: الشاهر سيفه، الداعي إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، )) .

8- وجاء في تفسير أبي حمزة الثمالي ، ص276 ، لجامعه عبدالرزاق حسين حرز الدين ، والذي قدّم له الشيخ العلامة محمد هادي معرفة ، والصادر في إيران ، جاء فيه رواية عن الشيخ الصدوق تُشبه رواية الحسكاني ، اللهم ان الصدوق رواها عن أبي جعفر الباقر (ع) ، فجاء في التفسير ، ما نصّه :

((249 - [ الصدوق ] حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف الكوفي، قال حدثنا عبد الله بن يحيى، عن يعقوب بن يحيى، عن أبي حفص، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت جالسا في المسجد الحرام مع أبي جعفر (عليه السلام) إذ أتاه رجلان من أهل البصرة فقالا له: يابن رسول الله إنا نريد أن نسألك عن مسألة فقال لهما: اسألا عما جئتما. قالا: اخبرنا عن قول الله عزوجل: ((ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرت بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير)) إلى آخر الآيتين. قال: نزلت فينا أهل البيت. قال أبو حمزة فقلت: بأبي أنت وامي فمن الظالم لنفسه ؟ قال: من استوت حسناته وسيئاته منا أهل البيت فهو ظالم لنفسه. فقلت: من المقتصد منكم ؟ قال: العابد لله ربه في الحالين حتى يأتيه اليقين. فقلت: فمن السابق منكم بالخيرات ؟ قال: من دعا والله إلى سبيل ربه وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ولم يكن للمضلين عضدا. ولا للخائنين خصيما، ولم يرض بحكم الفاسقين إلا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد أعوانا)) .

تعليق : وهُنا يُقال بقولنا السّابق ، ويُضاف أنّ قول الباقر (ع) نطق بعقدية الزيدية في اشتراط وجود النّاصر للقيام والدعوة وسلّ السيف .

9- روى الحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل (وهو كتاب لهُ مكانتُه عند الجعفرية) ، 2/157:

((عن أبي خالد ، عن زيد بن علي في قوله تعالى : ثم أورثنا الكتاب و ساق الآية إلى آخرها و قال : الظالم لنفسه المختلط منا بالناس و المقتصد العابد و السابق الشاهر سيفه يدعو إلى سبيل ربه )) .

تعليق : وهذا قول الزيدية بعينه .

[ ثانياً : أقوال مُفسّري وفقهاء الجعفرية في خصوصيّة آية فاطر بأهل بيت الرسول(ص) ] :

10- تفسير السيد محمد حسين الطباطبائي الجعفري لقول الله تعالى (( ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطَفينا من عبادنا فمنهُم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابقٌ بالخيرات )) ، مع العلم أنّ هذا السيّد قد نطق بعقيدة الزيدية في الآية تماماً ، فتأمّل تفسيره الأمثل :

ملاحظة : ما بين الـ [ ] ، هُو زيادةٌ منّي للتوضيح ، [ ما كان باللون الأحمر فهو منّي ] والبقيّة من كلام السيّد.

(( وقيل وهو المأثور [ تأمّل] عن الصادقين ( عليهم السلام ) ، في روايات كثيرة مُستفيضة [تأمّل] ، أنّ المُراد بهم ذرية النّبي (ص) من أولاد فاطمة [ وهُوَ قول الزيدية ، وأولاد فاطمة هُم بنو الحسن والحسين] ، وهُم[ تأمّل] الدّاخلون في آل إبراهيم في قوله : " إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم ..." .... [ إلى أن قال ، مُفسّراً الطوائف الثلاث ] .... وقوله : " فمنُهم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات " ، يُحتمل أن يكون ضمير " منهُم " راجعاً إلى " الذين اصطَفينا " ، فيكون الطوائف الثلاث ، الظالم لنفسه والمُقتصد والسابق بالخيرات ، شُركاء في الوراثة [تأمّل ، فهذا هُو قولُ الزيدية] ، وإن كانَ الوارث الحقيقي [ من أولاد فاطمة ، بنو الحسن والحسين] العالم بالكتاب والحافظ له ، هُوَ السّابق بالخيرات .

[ إلى أن قال السيّد الطباطبائي ]

وما في الآية من المُقابلة بين الظالم لنفسه والمُقتصد ، والسّابق بالخيرات ، يُعطي أنّ المُراد بالظّالم لنفسه [من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين] : مَن عليه شيء من السيئات وهُوَ مُسلمٌ من أهل القرآن لكونه مُصطفىً ووارثاً [ وهُوَ قول الزيدية ، وتأمّل شمول الاصطفاء للظالم لنفسه في كلام السيّد] ، والمُراد بالمُقتصد [من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين] : المتوسّط الذي هو في قصد السبيل وسواء الطريق . والمُراد بالسابق بالخيرات بإذن الله [من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين ، وهُوَ قول الزيدية دون الجعفرية ، فالجعفرية على كلام السيّد السّابق أثبتت اشتمال الآية على ذرية فاطمة بعموم ، في صفتي الظلم للنفس والاقتصاد ، ثمّ خصّصت صفة السّبق لبطنٍ من بطون ذريّة فاطمة ، بل لجزءٍ من بطن الحسين ، مثّله التسعة ، وهذا لا يستقيم ، فإمّا أن يقولوا أنّ المُقصود بالمُصطفين هم ذريّة فاطمة بعموم ، وعليه فعليهم تعميم جميع الطوائف عليهم وتجويز الإمامة في الحسني والحسيني ، وإمّا أن يقولوا أنّ المقصود بالمُصطفين هُم ذرية الحسين التسعة ، ومنهُ ، فعليهم إلصاق جميع الطوائف ( الظالمة للنفس ، والمقتصدة ، والسابقة بالخيرات ) ، في هؤلاء التسعَة ، نعم ! نعود لتفسير السيّد للسابق بالخيرات مَن هُو ، فيقول هُوَ ] : مَن سبَقَ الظالم والمُقتصد إلى درجَات القُرَب ، فهُوَ إمامُ غيره بإذن الله ، بسببِ فعل الخيرات ... إلخ تفسيره )) اهـ من تفسير الميزان ، ج17 ، سورة فاطر .

11- يقول علي بن إبراهيم القمي في تفسيره (تفسير القمي) 2/209 : ((ثمّ ذَكَرَ [الله] آل محمد ، فَقَال : (( ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا )) ... إلخ )) .

12- أيضاً انظر تفسير نور الثقلين (4/361) وما بعدها ، للشيخ عبدعلي العروسي الحويزي ، تجده جامعاً الأخبار الدالّة على اختصاص بني فاطمة بالآية دون غيرهم من الناس ، بشكل جيّد ، فراجعه .

نعم ! وبهذا القدر من النقولات أكتفي ، وهي لذوي الألباب كافيَة .

والأمر الثالث : وهُو استحالَةُ أن يصطفي الله تعالى أُناساً غير أكفّاء ، قد سبقَ الإجابَة عليه في حوارنا الطويل السّابق ، فليُراجَع ، لأنّا للأسف وجدنا كاتب الرسالة الجعفري لم يُحِط بجميع نقاط البحث إحاطةً تامّة ، وهذا يُلجؤنا إلى التكرار ، وجوابي على هذه الاستشكال القريب دليلٌ على هذا .

إن قيل : ثمّ إنّكم أخطأتم تأويل إيراث الكتاب في الآيَة ، بمعنى : إيراث فهمه ، وجعل الفهم الصحيح التام للكتاب في الذرية الفاطمية ، وأنّ الحق معهُم إلى يوم الدّين . لأنّ الله تعالى يقول : (( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا )) . والآيات التي قبل هذه الآية تذم أهل الكتاب اللذين كانوا بالمدينة فالسورة مدنية فيكون آل إبراهيم هنا هم آل محمد وليس آل إبراهيم عن طريق يعقوب ( عليه السلام ) . والمقصود من آل محمد هنا ليس كافة ذرية الحسن والحسين بل المصطفون منهم وهم أئمة الهدى ( عليهم السلام ) فقد آتاهم الله الكتاب والحكمة والملك العظيم وهذا هو الميراث بعينه لا ما تذهبون إليه من أن الميراث هو الفهم الصحيح للقرآن .

قلنا : قد خلطتُم هُنا اخي في الله الجعفري ، ونحنُ نبيّن لك خلطَكَ هذا ، فإنّا ما خصصَنا معنى الإيراث في آية فاطر ، بالفهم الصحيح التام للعقيدة المحمديّة ، إلاّ لقرينة الآية ، فالآية تقول : ((ثمّ أورَثنا الكتاب الذين ..إلخ)) ، وهُنا لم يُذكَر المُلك ، بل ذُكِرَ الكتاب ، ولو أتينَا على آيَة النساء التي ذكرتها : ((أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا )) لقلنا أن تأويلها : أنّ الله جعل الفهم الصحيح التام للعقيدة المحمديّة ، والإمامة العُظمى (المُلك) في الدين والدّنيا لآل محمّد ، فافهمَ ذلك رحمكَ الله . أيضاً نجدُنا نستغربُ أنّك اثبتّ أنّ المقصود بآل إبراهيم في الآية هم (آل محمّد) ، وآل محمّد فهم بنوا الحسن والحسين بالاتفاق ، ولَو رجعتَ للنقولات السّأبقة عن الأئمة لوجدتَ أنّ بعض الأئمة يقول بني فاطمة ، والبعض الآخر يقول آل محمد ، والكل يعني بنوا الحسن والحسين ، نعم ! وجدناك تُثبت أنّ المقصود بآل إبراهيم هم آل محمد ، ثمّ وجدناك تخص أئمّتكم الإثني عشر بهذه اللفظة دون غيرهم من بني عمومتهم من بني فاطمة ؟! ، وهذا ما نحتجّ عليكُم به مراراً وتكراراً معشر الجعفرية ، فأنتُم تُخصّصون آيات الاصطفاء ببعض آل إبراهيم (بعض آل محمد) دون البعض الآخَر ، والله فيذكُر جميع (آل إبرهيم) الذين هم جميع آل محمد ؟! ، فما هو الدليل على أنّ آل إبراهيم هُم الاثني عشر من أئمتكم معشر الجعفرية ؟! . فليس خِطاب الزيدي كخطاب السنّي ، فيما يخصّ أهل البيت (ع) .

جعفري كتب :
بالنسبة للرواية رقم 1 نقول :

إن الأئمة عليهم السلام لا ينزل عليهم الوحي بل هو علم الغيب علمه الله إلى رسوله المصطفي و أخذه الأئمة عن رسول الله (ص) فالإمام كان يعلم أن هذا السائل سيأتيه في هذا الوقت ويسأله عمن يخلفه لذلك بادره بالإجابة .
ثم هناك نقطة أخرى لماذا سأل السائل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) عمن يخلفه ؟ أليس هذا دليلاً على أن مسأله الإمامة كانت واضحة لدى الناس وأنه لابد للإمام الموجود أن يستخلف وهذه نقطة في صالح الإمامية وليست في صالح الزيدية .
ولرب سائل يسئل إذا كان الأئمة منصوص عليهم من قبل الله على لسان رسوله (ص) فلماذا خفيت على السائل ؟ فنقول إن العباسيين قد أحكموا الخناق على أئمة الهدى لئلا يتصل بهم الناس وأشاعوا بين الناس ألأكاذيب التي أخفت حقيقة الأئمة فهذا السائل قد علم بوجود الإمامة وعرف حق الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ولكنه لا يعلم من سيخلفه نتيجة للتكتيم الإعلامي الذي فرضه العباسيون على أهل البيت فجاء يسئل الإمام لذلك ترى الإمام (ع) يقول : فإن بقيت بعدي فاشهد له بذلك عند شيعتي و أهل ولايتي المستخبرين عن خليفتي من بعدي.


وهذا دليل على أن هناك الكثير من شيعة الإمام قد خفي عليهم أمر الإمام الذي سيخلف الإمام موسى بن جعفر نتيجة لسياسة القمع والإرهاب والتكتيم الذي انتهجته الدولة العباسية وقد طلب الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) من السائل أن يشهد للإمام الجديد عند شيعته حتى يصدقوه .
سيدي النّص على أئمة الجعفرية لم يكن لا ظاهراً ولا مشهوراً ، وإلاّ فما رأيُكَ بجهل محمد بن جعفر الصادق بإمامة أخيه الكاظم ، حتّى خرج ودعا إلى نفسه بالإمامة على مذهب الزيدية ، بل وتُسمّيَ بأمير المؤمنين !! ، ثمّ ما رأيُك في رواية الصدوق في العيون [م1 ب6 ح2 ] : ((عن أبي نضرة قال لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر ( ع ) عند الوفاة دعا بابنه الصادق ( ع ) ليعهد إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي ( ع ) لو امتثلت في تمثال الحسن و الحسين ( ع ) لرجوت أن لا تكون أتيت منكرا فقال له يا أبا الحسن إن الأمانات ليست بالتمثال و لا العهود بالرسوم وإنما هي أمور سابقة عن حجج الله عز و جل ثم دعا بجابر بن عبد الله فقال له يا جابر حدثنا بما عاينت من الصحيفة ..إلخ )) ، ما رأيُكَ بجهل زيد بأن الإمامة نصيّة ، لأنّ زيد كان يُريد من الباقر أن يُعطيه الإمامة كما أعطى الحسن الحسين الإمامة !! ، فأين الشّهرة في النّص ؟! ، بل أني وجود النّص ، أيضاً انظر حال داود الرقي عندما قَال : قلتُ لأبي إبراهيم موسى بن جعفر (ع) جُعلتُ فِدَاك قَد كَبُرَ سنّي فَحَدّثنِي مَن الإمام بَعدَك ؟ قَال : فَأشَارَ إلى أبي الحسن الرضا (ع) وقال : هذا صاحبُكم مِنْ بَعدِي . [عيون أخبار الرضا م1ب4ح7و8 ] ، فانُظر ذلك الرّجل المُتشّيع الذي شاخ على حبّه لآل بيت رسول الله ، ثمّ هُو لا يعرفُ إمامَهُ بعد إمامِه !! ، ولا يعرفُ شيئاً عن النّص الاثني عشري المُتسلسل بالاسم والعدد ، ثم انظُر موسى الكاظم لم يُقم الحجّة عليه بأن أخبرَه بمَن هُو خليفته ابتداءً منه ، والله المُستعان . فإن أنتَ وقفتَ أخي الجعفري على هذا الخلل ، فسدّه بترجيح عقلك على هواك ، واحذر ممّا يتعلّل به الجعفريّة من أنّ ولاة بني أميّة والعبّاس قد سعَوا في دفن هذا الخبر الاثني عشري ، فإنّ في تصديقك لكلامهم هذا ، تسفيهٌ لله الذي (لو كان كلام الجعفرية في النص الاثني عشري صحيحاً ) لصانَهُ من الضيّاع كما يصونُ الآية من القرآن (لأنّ هذا الأمر دين) ، كما صان سبحانه وتعالى الأحاديث الجمذة الواردة في أهل البيت (ع) وفي أمير المؤمنين كحديث الغدير والمنزلة والسفينة والنجوم والثقلين وأمثالها ، فإنّ أعداء الله سعوا في دفنها وطمرها وما استطاعوا ، وهي الأقل دلالةً في الإمامة الإثني عشرية ، فما بالك بأمّ وأب النصوص الإمامية نعني تلك المُتسلسلة بالاسم والعدد (لو كان لها وجودٌ على أرض الواقع) ، والله المُستعان .

جعفري كتب :
بالنسبة للرواية رقم 2 نقول :

إن الإمام قد علم بعدم الإذن له في الإجابة ليس في لحظة السؤال لكن من رسول الله ( ص) فالله أعلم رسوله بما كان ويكون إلى يوم القيامة ومن ضمنها سؤال هذا السائل فكل إمام يلتزم بما أمره الله عن طريق رسوله (ص) فلا تستغرب ذلك فالإمام شأنه عظيم عند الله .
سُبحان الله العظيم ، ما أسهل الكلام ، وما أصعبَ التصديق .

جعفري كتب :
بالنسبة للروايتين رقم 3 و 4 نقول :

نعم إن الأئمة يعلمون متي يموتون وكيف ستكون ميتتهم فهذا شيء عادي لمن اصطفاه الله وجعله حجة على الناس فلا تستغرب ذلك والحسين عليه السلام كان يعلم أنه سيموت في أرض كربلاء يوم العاشر من محرم غريباً عطشاناً شهيداً على يد العصابة المجرمة فقد نزل الوحي على رسول الله (ص) وأخبره بمقتل الحسين ( عليه السلام ) حين ولدته أمه الزهراء ( عليها السلام ) . وكذلك بقية الأئمة علموا ذلك من رسول الله (ص) فلا تستغرب ذلك .
وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

أخي الكريم ، لي قناعة مع نفسي دائماً تُحدّثني نفسي بها ، وأُحدّثها عنها : (أنّ الجعفريون مُستعدّون لنسفِ جميع عقائدِهم لإثبات العقيدة التي يُجادلونَ فيها ، فأنتُم بقولكم بأن العباد المقصودون في آية فاطر هم جميع العباد رميتم بأقوال أئمّتكم عرض الحائط ، لا لشيء ، ولكن لتُثبتوا صحّة كلامكم فيما ذهبتُم إليه من عدم أحقيّة بني الحسن والحسين للاصطفاء . ثمّ أنتُم هُنا بكلامكم الساّبق تقعون في نفس المحظور ، (فأنتُم تُثبتون أنّ مقتل الحسين قد أخير به الرسول (ص) ، إذاً فهوَ من الأمور الحتمية الوقوع التي لا يجوزُ البدَا فيها ، ولا التبديل ) ، ثمّ أنتُم تقولون في الرواية المنقولة القريبة أنّ الله أنزلَ مَلكا يُخيّر الحسين بينَ النّصر وبينَ الشّهادَة ، فاختارَ الحسين الشهادَة ، وهُنا فإنّ الله بتنزيله لاحتماليّة النّصر للحسين (ع) فإنّ هذا منه بداءٌ في الأمر وتبديل ، والمحتومٌ فلا تبديلَ فيه .

جعفري كتب :
بالنسبة للروايتين رقم 5 و 6 :

نقول : إن من يجهل شأن أئمة الهدى ومصابيح الدجى وشفعاؤنا يوم القيامة يمكن أن يعتبر هذا من الغلو فيهم ولكن يا أخي العزيز أنت تقرأ القرآن ليلاً ونهاراً ألم تمر عليك هذه الآيات :

(ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ *) – فصلت : 30 - 32

فأي عبد يوحد الله ولا يشرك به شيئاً تتنزل عليه الملائكة تبشره بالجنة وكلمة تتنزل هنا تدل على كثرة النزول .
فإذا كان هذا شأن العبد المؤمن فما ظنك بالهداة إلى الصراط المستقيم ألا تتنزل عليهم الملائكة؟ فلماذا تستغرب من ذلك ؟!!!!!!!!!!!!

و قول الملائكة نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة دليل على أن نزول الملائكة على المؤمنين في الدنيا والآخرة فما ظنك بأئمة الهدى فلا تستصغر شأنهم فإن شأنهم عند الله عظيم .
عظيمٌ أنّك أثبتَ أن تنزّل الملاكئة أمرٌ يخصّ جميع المؤمنين ، وليسَ أمرٌ يخصّ أئمّتكم فقط!! (فاثبُت على هذا) ، ولكنّك أخي الفاضل ذهبتَ إلى غير مَذهب في هذه المسألة ، لأنّك ظننتَ أن تنزّل الملائكة على المؤمنين ، هُو تنزّلٌ في أيّ وقت وفي كلّ وقَت ، وليس على هذا دليل ، بل الثابت الصحيح عند اهل الإسلام أنّ الملائكة لاتُخاطبُ العَبد إلاّ عندَ احتضاره (ساعة الوفاة) ، ولو تأمّلتَ الآية جيّدا لوجدتَ أنّ الشّاهد فيها على ما قُلنا أقوى وأدلّ ، وذلك عندما تُخاطب الملائكة العباد المُتقين المُخلصين ، الذين دنت منيّتهم والله عنهم راضٍ ، فيُخبرونَهُم بمآلهِم وعاقبتهم أفي الجنّة فيبشرّونهم أم النّار فيُعزّوهم ، والملائكة فهم أولياء المؤمنين في الدنيا ، فهم يستغفرون لهم ، ويؤمنون على دعائهم ، من حيث لا يرى بعضهُم بعضاً ، ولا يكلّم بعضهُم بعضاً .

جعفري كتب :
إن الأمر بالنسبة للمسلمين يقتصر فهمهم لدينهم على العلم الذي ذكرته آيَةٌ مُحكَمَةٌ، أو فَرِيضَةٌ عَادِلَة، أو سُنّةٌ قَائمَة، وهذا ما يحتاجونه لكي يعبدوا الله على الوجه اللذي يريده منهم أنا اتفق معك في ذلك ولكن بالنسبة للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الأطهار الأمر مختلف فالقرآن يصرح بأنهم آتاهم الكتاب والحكمة والملك العظيم فهل تنكر ذلك ؟ فليس فقط علم الكتاب بل معه الحكمة والملك العظيم وهذا دليل على أنهم مهيئون لمهمة كبرى فلا تقلل من علمهم صلوات الله وسلامه عليهم فلا أحد يعلم مبلغ علمهم إلا الله عز وجل .
هُنا نوعٌ من العاطفة أخي الجعفري ، و لا تهوّل من لفظة (الكتاب والحكمة والمُلك العظيم ) ، لأنّ الجعفرية تُفسّر الكتاب بالنبوّة ، والحكمَة بالسنّة ، والمُلك بلزوم الطّاعة ، وليسَ في هذا ما يدلّ على أنّ هم علوماً خارقة للعادة .

جعفري كتب :
كتب الكاظم :

اقتباس:
ثمّ أُضيفُ سؤالاً للأخ جعفري (إن كان يقول أنّ أئمّته يعرفون جميع العلوم الدينيّة والدنيويّة) ، فَهلْ كان الباقر يعرفُ كيف تُصنعُ الطائرات والسيارات ؟ أم أنّ الصادق كان يُشيرُ إلى الحاسبات الآليّة والأنظمة القميّة المتطوّرة اليوم ؟ أم أنّ الكاظم كان مُطّلعا عارفاً لأجهزة الطب المُتقدّمة ؟ أم أنّ الرضا كان ضليعاً في علم النّفط والبترول وكيفيّة استخراجه ؟ أم أنّ الجواد كان يعرفُ عن المُترجمات اللغويّة المُتعدّدة ؟ أم أنّ الهادي كان مُلمّا بأدوات وآلات البناء المُستخدمة في عصرنا الحاضر ؟ أم أنّ العسكري كان مُتمكنّا من الإشارة إلى صناعة الغواصّات البحرية ؟ أم أنّ المهدي في يومنا هذا كان مُبرزّاً مُتمكّناً مُصقّعاً في تخصيب اليورانيوم النووي ، فيُساعدَ شيعته في هذا.

فهذه العلوم أخي الجعفري علومٌ دنيويّة ، ليسَ تضرّ أتباع الأئمة ، ولا الأئمّة أنفُسَهُم ، إن هُم جَهِلُوها . صلوات الله على سادات بني الحسن والحسين .


الأخ الكاظم المحترم :

لا تغتر بحضارة هذا العصر فعند أئمة أهل البيت ما هو أعظم من هذا وسأوضح لك :

إن آصف بن برخيا وهو وصى سليمان ( عليه السلام ) قد أحضر عرش بلقيس في لمح البصر فهل تقل لي ما مدى العلم الذي وصلت إليه حضارة اليوم مقابل ما فعله آصف بن برخيا إنه لا شيء ولا يوجد وجه للمقارنة فحضارتنا ضئيلة جداً أمام هذا العمل الجبار الذي قام به وصي سليمان (ع) وأن وصي سليمان (ع) عنده علم من الكتاب أي بعض العلم فكيف بمن عنده علم الكتاب وهم آل محمد فماذا تتوقع منهم أن يفعلوا . طبعاً كل هذا بإذن الله .

والقرآن يقول : ( ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أوكلم به الموتى ... )

فأئمة أهل البيت عليهم السلام عندهم علم الكتاب يقدرون على ذلك بإذن الله فهل تنكر ذلك ؟
إذاً أعتبرُ هذا اعترافٌ ضمني أنّ أئمتكم قد يعلمون علوماً ، ويجهلونَ عُلوماً أخُرى ؟! ثمّ رَحِمَك الله لو كان الأمر كما تقولون من حال آصف بن برخيا وصي سليمان (ع) ، وأنّ حال أئمتكم كحاله ، فأين مهديّكم من تسخير هذه العلوم لخدمة الإسلام والُسلمين اليوم أمْ أنّه بختزلُها لحين ظهوره؟! ، وكيفَ لم يُسخّر الباقر والصادق والكاظم هذه العلوم لخدمة شيعتهم قبلَ المُسلمين ، أمّ أنّ هذه العلوم حِبرٌ على وَرَق ، والله المُستعان .


جعفري كتب :
وهذا جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) عندما تهيأت له فرصة التعليم ما بين سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية نشر العلم وأتاه العلماء من أقطاب الدنيا ينهلون من علمه الواسع .

يقول عنه ابن حجر الهيثمي في كتابه الصواعق المحرقة ص 120 :

( جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمة الأكابر كيحي بن سعيد وابن جريج ومالك والسفيانين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السجستاني .)

وقال عنه محمد بن حمزة بن زهرة (نقيب حلب ) في كتابه غاية الإختصار ص62 :

( أبو عبدالله الإمام المعظم جعفر الصادق ، صاحب الخارقات الظاهرة والآيات الباهرة المخبر بالمغيبات الكائنة أمه وأم أخيه عبدالله أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر ولذا كان جعفر بن محمد عليه الرضوان يقول ولدني أبو بكر مرتين ولد سنة 83 وتوفي سنة 148هجرية ودفن بالبقيع ) .

وفي كتاب مناقب ابن شهر اشوب ج2ص147 :

عن زيد بن علي ( ع) : (( في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه ، وحجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه . ))

هذه غيض من فيض مما قيل في أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام وهو جعفر بن محمد الصادق من كتب السنة والرواية الأخيرة لزيد تثبت أنه يعترف بإمامة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ومن قبله من أئمة أهل البيت فأين كلامكم أيها الزيدية أن زيد بن علي نصب نفسه إماماً ؟!!!!!!!!!


أقول أخي الجعفري ، هلاّ أخبرتنا عن تلك العلوم التي كان ينشُرُها أبا عبدالله (ع) ، هل كان ينشُرُ الفقه والفرائض والأحكام والعقيدة فقط ، أم أنّه كان ينشر هذا كلّه ومعه الولاء لأهل البين ، وينشُرُ خبر الإثني عشر إماماً ، ويُعلُمُهُم بإمامَة نفسِه الإمام الربّانية ، ويُعلّمهم أّن عندَهُم من العلوم مايُسيرون به الجبال ، وأنّ اسم الله الأعظم عندهُم ، وأنّهم يعلمون الغيب متى ما أرادوا، فهل تتوقّع أخي الجعفري أن الصادق (ع) كان يُعلّم تلك العلو لتلميذه أبي حنيفة الذي درس على يده سنتان ، وهل تتوقّع أخي الجعفري أن الصادق كان يُعلّم أهل المدينة وهم القريبونَ منه بتلك العلوم فضلاً عن حجج بيت الله وزوّار قبر الرسول من أهل الأمصار ، أم أنّه كان يتكتّم في هذه العلوم ويُشدّد على أتباعه ألا يبوحوا بها لأحَد ، بل إنّ الصادق (ع) قد أنكرَ إمامَة نفسه خوفاً وتقيّة عندما جاءه نفرٌ من رعيّته يسألونَه (هَل أنت الإمام) . فإذا أنتَ وقفتَ على هذ الخلل أخي الجعفري ، فاعلم أنّ الصادق صلوات الله عليه كان أبرأهُم وأبعدَهٌم من نشر إمامة الجعفرية، وما تنسبهُ الجعفريّة إليه وإلى آبائه وأبناءه من علوم خارقة . تنبيه : أنصحُكَ أخي الجعفري بقراءة أحاديث الجعفرية الت يُشدّد فيها الأئمة بإخفاء أمرهِم وأمر إمامتهم ، وأمر علومهم الخارقة ، كيلا لا تُجبرَني على سردِها لك (وهذا يطول) .

تنبيه :

قد كنت أودّ ألاّ أخوضَ في بعض الأمور الخارجَة عن موضع النّقاش ، ولكنّ طرحكم أخي الجعفري أجبرني ، فإني خشيتُ أن يظنّ القارئ أنّ فيه قوّة ، فأعملت الردّ عليه بإجمال ، وبإطلاق إشارات . (وإلاّ فأنا أرجوكم البقاء في صلب الموضوع ) .

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحترم

قرأنا مشاركتك وعلمنا ما بها و قد ذكرت نقاط عديدة في مشاركتك لا يسع الرد عليها في مشاركة واحدة ولكن سنرد عليها في أكثر من مشاركة تباعاً حتى يستوفي الموضوع حقه فإن للموضوع تفرعات وتشعبات كثيرة نسئل الله أن يعيننا على استدراكها حتى تتضح الصورة للطرفين .

النقطة الأولى : ما أوردناه من آيات :

السؤال الأول : من هم اللذين أنعم الله عليهم وجعلهم الهداة إلى الصراط المستقيم بعد النبيين بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من وجهة نظركم ؟

نحن نقول كما جاء في البحث الروائي في تفسير الميزان بخصوص هذه الآيات مايلي :

في الفقيه، و تفسير العياشي، عن الصادق (عليه السلام) قال: الصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام).

و في المعاني، عن الصادق (عليه السلام) قال: هي الطريق إلى معرفة الله، و هما صراطان صراط في الدنيا و صراط في الآخرة، فأما الصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه في الآخرة فتردى في نار جهنم.

و في المعاني، أيضا عن السجاد (عليه السلام) قال: ليس بين الله و بين حجته حجاب، و لا لله دون حجته ستر، نحن أبواب الله و نحن الصراط المستقيم و نحن عيبة علمه، و نحن تراجمة وحيه و نحن أركان توحيده و نحن موضع سره.

و عن ابن شهر آشوب عن تفسير وكيع بن الجراح عن الثوري عن السدي، عن أسباط و مجاهد، عن ابن عباس: في قوله تعالى: اهدنا الصراط المستقيم، قال: قولوا معاشر العباد: أرشدنا إلى حب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و أهل بيته (عليهم السلام).

السؤال الثاني : من هم السابقون في قوله تعالى : ( والسابقون السابقون * أولئك المقربون ) من وجهة نظركم ؟

نحن نقول كما جاء في البحث الروائي في تفسير الميزان :

و فيه، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس: في قوله: «و السابقون السابقون» قال: نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون، و حبيب النجار الذي ذكر في يس و علي بن أبي طالب، كل رجل منهم سابق أمته و علي أفضلهم سبقا.

و في المجمع، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: السابقون أربعة: ابن آدم المقتول، و سابق أمة موسى و هو مؤمن آل فرعون، و سابق أمة عيسى و هو حبيب و السابق في أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام):. أقول: و روي هذا المعنى في روضة الواعظين، عن الصادق (عليه السلام).

و في أمالي الشيخ، بإسناده إلى ابن عباس قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قول الله عز و جل: «و السابقون السابقون - أولئك المقربون في جنات النعيم» فقال: قال لي جبرئيل: ذلك علي و شيعته، هم السابقون إلى الجنة المقربون من الله بكرامته لهم.

و في كمال الدين، بإسناده إلى خيثمة الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث: و نحن السابقون السابقون و نحن الآخرون.

و في العيون، في باب ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الأخبار المجموعة بإسناده عن علي (عليه السلام) قال: «و السابقون السابقون أولئك المقربون» في نزلت.

أقول : السابقون في أمة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هم علي بن أبي طالب (ع) ثم الأئمة من بعده ( عليهم السلام ) ثم بعد ذلك شيعتهم المخلصين لهم السائرين على دربهم ثم بعد ذلك باقي الناس من المؤمنين . هذا حسب ما أفهمه من الروايات .

فماذا تقولون أنتم في هذه النقطة ؟ أريد إجابة محددة بدون تطويل .

السؤال الثالث : من المقصودون في الآية التالية : ( يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) – التوبة : 119

نحن نقول كما جاء في البحث الروائي في تفسير الميزان بخصوص هذه الآية :
و في تفسير البرهان، عن ابن شهرآشوب من تفسير أبي يوسف بن يعقوب بن سفيان حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله» قال: أمر الله الصحابة أن يخافوا الله. ثم قال: «و كونوا مع الصادقين» يعني مع محمد و أهل بيته (عليهم السلام).
أقول( صاحب التفسير ): و في هذا المعنى روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و قد روي في الدر المنثور، عن ابن مردويه عن ابن عباس، و أيضا عن ابن عساكر عن أبي جعفر: في قوله: «و كونوا مع الصادقين» قالا: مع علي بن أبي طالب.

أقول ( جعفري) : نحن نقول أن الصادقين هم أئمة الهدى من أهل البيت ( عليهم السلام ) .

فماذا تقولون أنتم ومن هم الصادقين من وجهة نظركم ؟

السؤال الرابع : مالمقصود بالإختيار الإلهي في هاتين الآيتيتين :

قال تعالى :
(وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ) – القصص : 68

ويقول في آية أخرى :
(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) – الأحزاب : 36

الأخ الكاظم المحترم :

يرجى وضع الرابط الخاص بالمصادر التي استقيت منها الروايات ليتسنى لنا الإطلاع عليها ومراجعتها والتعليق عليها ؟

مع الشكر

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد ....

قبل الإجابَة ، أُقدّم بمقدّمة عن منهج الزيدية في التفسير والتأويل ، أنّها وإن كانَت تُحبّ أهل البيت وتنتهجُ بنهجهِم ، فإنّها مع ذلِكَ لا تغلوا بتخصيصِهِا الآيات القرآنية ((التي لا مُخصّصَ لها)) بآل البيت دونَ غيرِهِم ، فأّما ما ثبتَ خصوصيّتهم فيه صلوات الله عليهم فالزيدية تقولُ به .

1- بالنسبة لقول الله تعالى : ((اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {1/6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {1/7})) .

اهدِنا الصّراط المُسقيم : أي وفّقنا وأرشِدنا وثبّتنا إلى السّبيل الذِي لَيسَ فِيه زَيغٌ ولا مَيلٌ ياربّ العالمين .

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ : أي سَبيلَ ومَنهَج الذينَ أنعمتَ عليهِم مِن عبادِك الصّالحين ، ووفّقتَهُم للتمسّك بالإيمان ، والاستجابَة لأنبياء والمُرسلين . والخطابُ هُنا فعامٌ لجميع عباد الله الصّالحين ، الذي رضيَ الله عنهُم ورضُوا عنه ، ولا شكّ أنّ صالحي الأمم السّابقَة من أتباع الأنبياء داخلون ضمنَ الآية ، وكذلك صالحوا أمّة محمّد بن عبدالله (ص) ، وعلى رأس الصّالحين سادات أهل البيت (ع) ، من أبناء الحسن والحسين ، فعليٌّ (ع) من هؤلاء الصّألحين ، والحسن والحسين من الصّالحين ، وسلمان وأبو ذرّ وعمّار وكُمَيل والأشتر وزين العابدين والحسن بن الحسن ، وزيد بن علي ، وباقر علوم الأنبياء ، وجابر بن عبدالله الأنصاري ، وغيرهم ممّن رضيَ الله عنهم ، ممّن عَلِمنا وممّن لم نعلَم ، وممّن ذكَرنا ، وممّن لم نَذكُر ، فكلّ هؤلاء داخلون ضمنَ العباد الذي أنعمَ الله عليهم بالاهتداء إلى صراطهِ المُستقيم ، ودينه الحقّ القَويم . نعم ! ولا يفوتُكَ أخي في الله أن تفطَن إلا أنّ مَن رضيَ الله عنه ، وأنعمَ عليه من العباد ، ورَضيَ طريقته ، فإنّه بهذا تابعٌ لأهل البيت غيرُ مُخالفٍ لهُم ، لأنّ الحقّ عندَ الله واحِد .

وقد ذكرَ الفيض الكاشاني في تفسيره (الصّافي) عن أبي عبدالله صلوات الله عليه ، قريباً من قولنا في الآيَة ، فقال الفيض : ((إهدنا الصراط المستقيم : في المعاني وتفسير الامام عن الصادق عليه السلام يعني أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ إلى جنتك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك .... صراط الذين أنعمت عليهم : أي قولوا إهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك )) .

تنبيه : عوداً لموضوع الاصطفاء الأصلي ، وتسليماً جدلياً منّا بأنّ معنى : الصّراط هم أئمّة الجعفريّة ، فَهل في هذا ما يُفيد تخصيصاُ لهؤلاء الأئمّة ، باسمٍ مثلاً ، أو بِعَدَد ، فالزيدية على هذا القول يحقّ لها أن تقول أنّ المُراد بالأئمّة ، أئمّتهم ، ولن يستطيع الجعفري الاعتراض ، لأنّه لا مُخصّص لاثني عشر إماماً ، أو لمليون إمام ، أو لبطن الحسين دون الحسن . فافهَم ذلك ، ولستُ أذكُر هذا إلاّ للتفهيم فقط ، وإلاّ فالحقّ بإذن الله ما قُلناهُ سابقاً .

2- بالنسبة لقول الله تعالى : ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ {56/10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ {56/11})) .

فإنّ سياق الأخ (عبدالمؤمن) أسعدَه الله ، جعلنا نقولُ بوجه مُحتمَلٍ لمعنى السّابقون ، وهو المَعنى المُرادِف للسابقين بالخيرات في آيَة فاطر ، وقد استوفينا الكلام حولَهُ ، فليُراجَع .

وهُنا نذكُر وجهاً آخَر لتأويل الآيَة لا يتعارضُ مع الوجه الأول : وهُو أنّ السّابقون في الآية تعَني أصحاب السّبق في الدخول في دَعوات الرّسل على مرّ الأزمان والأعصار ، المُخلصين لله وللرُسل، المؤتمرين بأوامر الله والرسل ، والمُنتهين بنواهيهم ، فيكون السّابقون من أصحاب موسى ، وأصحاب عيسى ، وأصحاب بقيّة الرّسل ، إلى أصحاب محمّد بن عبدالله من الأوّلين السّأبقين داخلونَ في معنى قوله جلّ شأنه : ((والسّابقون السّابقون*أولئكَ المُقرّبون)) ، ولسنَأ نقول معشر الزيدية أنّ السّابقون في عهد الرسول (ص) ، هُو علي (ع) وحدَهُ ، بل نقول إنّ عليّاً صلوات الله عليه منهم ، وهُو أولّهم وأسبَقُهُم ، وأفضَلُهُم ، وهُو وهُم فمن المُقرّبين إلى الله تعالى ، ومما يجدر بنا التنبيه إليه هُنا : أنّ السّبق للاستجابة لدعوات الرّسل ليس معياراً للحصول على المنزلة العظيمة التي حكى الله عنها ، ولكن المعيار هُو أن يختمَ هؤلاء السّابقون أعمالَهُم بما يُرضي الله ورَسوله . نعم ! وإنّما أدخَلَنا غير علي من سابقي أصحاب محمّد ، لأنّا ما زلنا نقرأ قول الله تعالى في آية التوبة : ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {9/100} )) .

تنبيه : إن اعترضتُم أخي الجعفري على إدخالِنا غير علي من المُهاجرين والأنصار مع علي (ع) في صفّة السّبَق ، قُلنا : قد أوردتُم آثاراً تدلّ على دخول الشيعَة في هذا ، وهذا يكفي في الجواب .

تنبيه : ليسَ في الآية ما يُدخلُ أئمّتكم مشعر الجعفريّة في صفَة السّبق ، إذا كانَ المعنى بالسّابقين ، أوائل المُنقادين لدعوات الرّسل ، والمُناصرين لهم ، من أصحابِهِم ، لأّن أئمّتكم عدا أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه ، فهم مُتأخّرون عن عصر فجر الإسلام ومولِد دَعوة الرّسول (ص) ، فالمعلومُ أنّ عمّار بن ياسر آمنَ بالله وبرسولِه قبلَ الكاظم والرّضا ، وصلّى وصامَ قبلَهُم ، وهاجرَ وصلّى القِبلَتين دونَهُم ، ومنهُ فإنّ ذهابكم إلى هذا أمرٌ ظاهر العَوار . وأمّا إذا ذهبتُم إلى أنّ معنى السّابقين ، هُو السّبق بالخيرات بالعلم والعَمل ، والاجتهاد والدعوة إلى الله تعالى (كما مرّ معنا سابقاً ، وهو الاحتمال الأوّل الذي نعنيه ) ، فإنّ الزيدية تدّعي هذا في سادات بني الحسن والحسين ، والآيَة فلم تُقيّد أئمّتكم دون غيرِهم من نبي فاطمة ، بل إنّ العامّة أيضاً قد يحتجّوا ، ويُدخلوا أمثال حجر بن عدي في صفَة السّبق ، لمّا سعى بنفسه وماله في نُصرة الحق ، ولَم يخشَ في الله لومَة لائم . فافهموا هذا رحمَكُم الله .

3- بالنسبة لقول الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ {9/119} )) .

وسياق الكلام في هذه الآية كان داخلاً ضمن قصّة الثلاثة المُتخلّفين عن الرّسول (ص) في غزو تبوك ، وفي ذلك يقول جلّ شأنه :

(( وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {9/118} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ {9/119} مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {9/120} )) .

في قول الله جلّ شأنه : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)) ، خطابُ عام للمؤمنين ، فيه يُحذّرُهم من الوقوع فيما وقعَ فيه الثلاثة (كعبُ بن مالِك، وهلال بن أميّة ، ومرارة بن رّبيعة) ، من التعلّل بالأعذار الواهية لعدم الخروج ، وأنّ سبب هذا إنّما هو قلّة التقوى ، وفيه يطُلبُ الله من المؤمنين التّقوى ، والخشيَة منَ الله حقّ الاختشاء ، فالله عالمٌ بما تُخفي وتُبدي الصدور ، ثمّ يأمرُ الله تعالى المؤمنين بأن يكونوا مع الذين صَدقوا الله ما عاهدوهُ وعاهدوا رسولَه (ص) عليه ، أي كونوا مِثلَ الصّادقين الغير مُبدلّين لما عاهدوا الله عليه ، المُتّقين الله حقّ تُقاته. نعم ! والخطاب هُنا عام لجميع المُؤمنين في جميع الأعصار ، عَصر الرسول (ص) ، وغيرِه . والصّادقين فكلّ مَن صدَق في إيمانه ، واتّقى الله حقّ تُقاته ، ولا شكّ أن علي صلوات الله علي داخلٌ في هذا ، وكذلك عمّار بن ياسر داخلٌ في هذا ، وزين العابدين وصالحوا أبناءه داخلون في هذا ، والحسن بن علي وصالحوا أبناءه داخلونَ في هذا . وهُنا يَجدرُ بنا التنبيه والإشارة إلى أنّ الصادقين من المؤمنين في الحقيقة فهُم من تمسّك بنهج أهل البيت (ع) ، ثِقل الله الأصغر في الأرض ، ومَن تمسّك بهم من شيعتهم وأتباعهم فهو حقيقٌ أن يكونَ من الصّادقين ، الواجب الاقتداء به ، فمثلاً حجر بن عدي وعمار بن ياسر والأشتر النخعي هؤلاء من الصّادقين الذين حثّنا الله تعالى أن نكونَ معهُم ومِثلَهم في قوّة عقيدتنا وإيماننا ، وهُم (حجر وعمر والاشتر) فمتمسّكون بأهل البيت صلوات الله عليهم ، فتمسّكُنا بهم يعني تمسّكنا بثقل الله الأصغر .

تنبيه : لَو ذَهبنا إلى أنّ ((كونوا معَ الصّادقين)) ، تعني كانوا مع محمّد وأهل بيته فقط ، فإنّه لا دليل هُنا على أنّ أهل البيت الصادقون هم بَطنُ الحسين دون بطن الحسن ، بل تسعةٌ من بطن الحسين دونَ البقيّة ، لأنّ الزيدية تُشارك الجعفرية في لفظة (أهل البيت) ، وهُم يدّعون أنّها في بني فاطمة بعموم ، والصّادقون منهُم فهُم المُقتصدون والسّابقون بالخيرات .

4- بالنسبة لقول الله تعالى : ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {28/68} )) .

فالخطابُ فيه للرسول (ص) ، وفيه يُبيّن الله سُبحانه أنّ الخيرَة للناّس فيما يختارُه هُو ، ولا شكّ أنّ الله سبحانه وتعالى قد اختار أهل بيت محمدّ (بني فاطمة ، أبناء الحسن والحسين) ، دون غيرهم من بيوت قريش والعرب والعجم ، ليكونَ الحقّ فيهِم ومنهُم . وبهذا تردّ الزيدية على من أنكر حصرَهُم الإمامة في بني فاطمة ، بأنّ الله متى ما اختار ، فيجب على الجميع التسليم ، والله قد اصطفى أهل بيت محمد ، أبناء علي وفاطمة ، سادات بني الحسن والحسين ، وتكفّل ببقاء الحق في علماءهم ، وجعل الإمامة في صالحيهم دونَ ظالميهِم .

تنبيه : لا يستطيع الجعفري من الآية استنباط أنّ اختيارَ الله تعالى هُو لأفرادٍ مُعيّنين ، كالاثني عشر مثلاً ، لأنّ القول عام ، فإن قالوا : وأنتُم فلا تستطيعونَ أن تُثبتوا أنّ اختيارَ الله تعالى ، وقعَ على أهل بيت محمد ، أبناء علي وفاطمة ، من بني الحسن والحسين . قُلنا : بَلى يشهدُ لقولنا آية فاطر ، وآيَة البقرة ، وآية الحديد السّابقَة الذّكر . فإن قُلتم : ونحنُ فيشهُد لنا خبر الإثني عشر إماماً الذي رواه لنا فقهاؤنا ومُحدّثونا . قُلنا : نحنُ نحتجّ بكتاب الله ، وأنتم تحتجّون بسنّةٍ غير مُتفقٍ عليها .


5- بالنسبة لقول الله تعالى : ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {33/36} )) .

وهُنا فيؤدّب الله المؤمنين ، على عدم الاعتراض على ما أمرَ به الله والرّسول ، ويدخلُ في هذا أمورُ شرعية أمرَ بها الله والرّسول ، نذكرُ منها ما نحنُ بصدده ، فليسَ للمؤمنين أن يعترضوا على تخصيص الله بني فاطمة (أبناء الحسن والحسين) بالإمامة ، وبالفضل دونَهُم ، ليسَ للمؤمنين أن يعترضوا على تخصيص كون فَدك لهم نصيباً من أمّهم فاطمة صلوات الله عليها ، (لأنّ فدك لبني الحسن والحسين ، وليست للتسعة من بني الحسين) ، نعم ! فهذه الآية جاءت مُؤدّبَة للمؤمنين ، مُعلّمةً لهم السّمع والطاعة لما اختارَهُ الله والرسول ، والله فقد اختار أهل بيت محمّد (بني فاطمة ، بني الحسن والحسين) ، وفضّلهم على غيرهم من البيوت ، فعلى المؤمنين أن يسمعوا ويُطيعوا ولا يَعصوا الله والرّسول ، وأنّه لا اختيارَ لهم ، متى ما اختار الله والرّسول .

تنبيه : وهُنا نقولُ كقولنا القريب الساّبق في آية القَصص ، إذ لا يستطيع الجعفرية استنباط اختصاص الآية باثني عشر شخصاً ، مع قولهم بردّ قول الزيدية .

رسالة إلى إنصاف الجعفري :

قد رأينا ورأيتَ ، أنّ هُناك آيات ينسبُها الجعفرية إلى أهل البيت (ع) ، ثم يحتجّون بها ، وهم في الحقيقة مُحتجّون بغير مُحتَجّ ، ومُوردين غير مَورِد ، ومُتلّبّسين بغيرِ لباس ، وهُنا أدعوكَ أخي جعفري أن تمرّ على كلّ آية ، يخصّ الجعفرية أئمتهم بها ، وأن تُعمِلَ النّظر فيها ، باستحضار قول الزيدية ، وقول الجعفرية ، وأنا أضمنُ لك أنَّ أمراً وأموراً ستتّضحُ لك ، خلال بحثِكَ هذا .

وقبل الختام أُشيرُ إلى أنّ مصادر نقلي القريب ، قد ذكرتُها ، بالصفحة والجزء ، وهي موجودةُ في مكتبات الشيعة الالكترونية ، فَحمّلها ، واستخدم خاصّية البحث ، فهي أسهَل .

والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمُرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحترم
ملخصك تفسيركم في الآيات السابقة هو :
1-المنعم عليهم هم جميع عباد الله الصالحين من الأولين والآخرين دون تخصيص لفئة دون أخرى .

2-السابقون هم جميع من سبق إلى دعوة الرسل دون تخصيص لفئة دون أخرى .

3-الصادقون هم كلّ مَن صدَق في إيمانه ، واتّقى الله حقّ تُقاته في جميع الأزمان دون تخصيص لفئة دون أخرى .

4-الله هو الذي إختار آل محمد ( بني فاطمة من الحسن والحسين ) دون غيرهم من البيوتات ليكون الحق فيهم ومنهم .

ملاحظة1 : في الفقرة الأخيرة الله اختار عموم الآل وفوض لكم الإختيار الخاص للإمام الذي تنطبق عليه شروطكم !!!!!!

ملاحظة2 : سنرجع إلى هذه الآيات في وقت لاحق لتوضيح أموراً قد تستجد ونقارنها مع تفسيركم .

النقطة الثانية : آيات أخرى ورد فيها ذكر أهل البيت ( عليهم السلام ) :

قال تعالى : ( فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين * ) – الواقعة :75- 80 .

الآية المذكورة فيها قسم من الله عز وجل وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم فيها قسم مثل قوله تعالى :

1-(فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (43) ) – الحاقة

2-(فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41) ) – المعارج

3-(لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) ) – القيامة

4-(فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) ) – التكوير

5-(فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ (19) ) – الانشقاق

6-(لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ (4) ) – البلد

هذه الآيات ورد فيها القسم فقد أقسم الله بأشياء وهو الذي حق القسم بأي شيء أما الإنسان فليس الحق أن يقسم إلا بالله الواحد الأحد .
وبعد كل قسم ذكر الله الشيء المقسوم لأجله ليدل على عظم وأهمية ذلك الشيء المقسوم به .
1- : أقسم بما نبصره من أشياء وما لا نبصره ليبين عظم القول الصادر من الرسول الكريم والمقصود به هنا الملك جبرائيل الذي نزل بالقرآن على خاتم المرسلين ( صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ) .
2- وأقسم برب المشارق والمغارب على قدرته على أن يبدل خلقه بخيراً منهم ليبين عظمة الخلق
3- وأقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامه على أنه لن يعجزه أن يجمع عظام الإنسان بعد انعدامها بل هو قادر على الأصعب من ذلك وهو عمل بنان الإنسان وهي الخطوط على الأصابع التي تشكل بصمات الأصابع .

الى آخره من الأقسام التي تبين أهمية العمل المقسوم لأحله عند الله .

والآيات التي بين أيدينا من سورة الواقعة والتي صدرنا بها مشاركتنا تجري هذا المجرى فالله عز وجل أقسم بمواقع النجوم ووصفه بالقسم العظيم ثم ذكر القرآن ووصفه بالمجيد تكريماً له ورفعة لشأنه وأنه في كتاب مكنون وأنه لا يمسه إلا المطهرون .

إذن فالقسم هو بمواقع النجوم والمقسوم لأجله القرآن وشرط القسم أنه لا يستطيع أن يمس هذا القرآن إلا المطهرون .

ولكن ما هو المس ؟ وهل هو اللمس أم شيء مختلف عنه ؟

لقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تتكلم عن اللمس فقال تعالى :

1-(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (7) ) – الأنعام

2-(وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا) – الجن : 8

فاللمس هنا للشيء الظاهر للعيان ويكون باليد

وأما المس فقد وردت فيه آيات كثيرة :

َ1- ( ولَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) – النور: 14

2- (لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) – الأنفال : 68

3- (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ... ) – البقرة: 275

4- (قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ان انا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون ) – الأعراف – 188

5- (قال ابشرتموني على ان مسني الكبر فبم تبشرون ) – الحجر : 54

6- (وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين ) – الأنبياء : 83

7- (واذكر عبدنا ايوب اذ نادى ربه اني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) – ص : 41

8- (وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودة قل اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ام تقولون على الله ما لا تعلمون ) – البقرة : 80

9- (فلما دخلوا عليه قالوا يا ايها العزيز مسنا واهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فاوف لنا الكيل وتصدق علينا ان الله يجزي المتصدقين ) – يوسف : 88

10- (الذي احلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ) – فاطر : 35

فالمس في هذه الآيات ورد في الكلمات التالية : العذاب ، الضر ، التصب ، اللغوب ، الشيطان
وهي كلها أشياء معنوية وعليه يكون اللمس هو مباشرة الشيء باليد أما المس فهو الشعور بالشيء داخل الإنسان دون القدرة على منعه فهو محيط بالإنسان لايفارقه .

أما النار فذكرت بالمس وليس باللمس لأنها تحيط بالإنسان فهي تمسه بالعذاب والضر دائماً .

إذن فالآية التي نحن نصددها تتحدث عن مس القرآن وليس لمس القرآن وقد فسره المفسرون بالعلم فالمطهرون هم اللذين لديهم القدرة على الإحاطة بمفاهيم القرآن ومعانيه الباطنه التي تخفى على غير المطهرين .

ونحن الإمامية نقول أن فهم القرآن وإذراك معانيه ومدلولاته لا يعرفها إلا من وصفهم الله بالطهارة وهم الأئمة الأطهار الأبرار اللذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأما غيرهم فيخفى عليه الكثير من المفاهيم القرآنية ولا يستطيع أن يدرك ما يدركه الإمام .

ووصف إنسان بأنه مطهر أي من الذنوب والمعاصي لا يستطيعه البشر العاديون فهم يرون ظاهر الإنسان فقد يكون ظاهره الطهارة ولكنه من الداخل مليء بالنحاسة المعنوية وهي الذنوب والمعاصي لذا فلا يمكن إطلاق صفة الطهارة على شخص ما إلا بتعيين من الله عز وجل على لسان رسله .

مع الزيدية في تفسيرهم للآيات محل البحث :

فإن قلتم معشر الزيدية أن أئمتكم هم من يطبق عليهم صفة الطهارة
فنقول ما دليلكم على ذلك من القرآن والسنة فإن عجزتم بان ضعف مذهبكم وانهدم أصلكم وهو أن الإمام يكون بالعلم وإشهار السيف لأن هذا لا يكفي بل يجب أن يكون طاهراً فأنى لكم ذلك والإختيار من قبلكم لا من قبل الله عز وجل .

ثم هل يستطيع أي واحد منكم أن يجزم أن إمامه في الجنة ؟ لا يمكنكم ذلك إلا أن يكون الله قد زكاه على لسان رسوله أو ذكره في كتابه . أما نحن فنجزم لكم ألف بالمئة أن أئمتنا تشتاق الجنة لرؤيتهم وأنهم شفعاؤنا يوم الحساب وقد نص عليهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في كتب الإمامية بل ذكرهم في كتب أهل السنة أكثر من كتبنا مما يدل على أن أئمتنا أمر واقع ولا نخاف بل بكل ثقة واطمئنان نقول ذلك .

وعليه فإذا بان لكم ذلك فإن احتجاجكم بآية الإصطفاء يسقط لأن الإمام يعين من قبل الله عز وجل ويكون طاهراً مطهراً من كل عيب وعليه يكون الإصطفاء للمطهرين من آل البيت عليهم السلام

وصلى الله على نبيه المصطفى وآله الأطهار الأبرار

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

سيدي هل أردّ عليكَ بالقليل المُفيد ، أم بالكثير المُشتّت .

سأفترِضُ اختيارَك للقليل المُفيد ، وسأقتبسُ مِن كلامِكَ قليلاً شاملاً لكثيره .

جعفري كتب :
ملاحظة1 : في الفقرة الأخيرة الله اختار عموم الآل وفوض لكم الإختيار الخاص للإمام الذي تنطبق عليه شروطكم !!!!!!
نعَم الله جعلَ الشورى لأهل الحل والعَقد من صالحي الأمّة ، لاختيار الإمام الفاطمي ، الحسني أو الحسيني ، الذي تتوفّر فيه شروط الإمامَة . وشروط الإمامَة فليسَت من عِندنا رحمك الله بل هِيَ مُستقاةٌ من كتاب الله تعالى ، ومِن هدي نبيّنا عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم .

جعفري كتب :
قلتم معشر الزيدية أن أئمتكم هم من يطبق عليهم صفة الطهارة
فنقول ما دليلكم على ذلك من القرآن والسنة فإن عجزتم بان ضعف مذهبكم وانهدم أصلكم وهو أن الإمام يكون بالعلم وإشهار السيف لأن هذا لا يكفي بل يجب أن يكون طاهراً فأنى لكم ذلك والإختيار من قبلكم لا من قبل الله عز وجل .
.

جعفري كتب :
وعليه فإذا بان لكم ذلك فإن احتجاجكم بآية الإصطفاء يسقط لأن الإمام يعين من قبل الله عز وجل
.

أقول أخي في الله (جعفري) ذكرتَ أنّ قولَنا بالشورى في اختيار الإمام الفاطمي المُستوفى لشروط السّبق بالخيرات أمرٌ خاطئ ، وأنّ الإمام لا يُعيّنهُ إلاّ الله تعالى ، فماذا نصنعُ رَحِمَك الله ونحنُ ما نزالُ نقرأ نهج أمير الؤمنين ، وقائد الغرّ المُحجلّين ، علي بن أبي طالب صلوات الله عليه:

((وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لِلَّهِ رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى)) . [ نهج البلاغة ك6]

تعليق : فهذا كلام أمير المؤمنين (ع) ، يَشهدُ لقولِ الزيدية ، ولا يَشهدُ لقول الجعفرية ، فالإمام يُشيرُ إلى إلى أنّ تنصيب الإمام هُو بالشّورى لا بالاختيار الإهي الشّخصي ، وقد يُقال : فالشورى إذاً في جميع المُسلمين . ولكنّا سنقول : إنّ الإمام علي (ع) ، قد حصرَ الشورى في بطنٍ من بطون قريش ، فجعلها في بطن بني هشام ، بل زاد (ع) في التخصيص وجعلَها في بطن بني فاطمَة دون بقيّة بني هاشم ، وذلك في قوله : ((إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيشٍ غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ، لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ)) [ نهج البلاغة خ143] ، ومثل قول الإمام علي يقول حفيده زيد بن علي (ع) : ((الإمَامَةُ والشّورَى لا تَصلُح إلاّ فينَا)) [مجموع رسائل الإمام زيد بن علي (ع) ، ص381] . نعم ! فهذا أخي في الله ردّ قليلٌ نافع ، فيه من الفائدَة الكثير الطيب بإذن الله تعالى .


نصيحَة :

أخي (جعفري) ، اقرأ كُتب الباطنية من الشيعة ، أعني الإسماعيلية ، وأخصّ كُتب تفسيرهم للقرآن ، ستجدُ ما يَجعَلُكَ تقفِ موقفي الآن ، الذي أرفُضُ فيه تأويل الجعفرية الذي يُقحمُون آل البيت من خلاله في أكثر الآيات . وفي البداية والنهاية تبقَى هذه لكَ منّي نصيحَة .

تحياتي لكم سيدي .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحترم

النقطة الثالثة : احتجاجكم بالشورى دون النص في اختيار الإمام :

كتب الكاظم :
أقول أخي في الله (جعفري) ذكرتَ أنّ قولَنا بالشورى في اختيار الإمام الفاطمي المُستوفى لشروط السّبق بالخيرات أمرٌ خاطئ ، وأنّ الإمام لا يُعيّنهُ إلاّ الله تعالى ، فماذا نصنعُ رَحِمَك الله ونحنُ ما نزالُ نقرأ نهج أمير الؤمنين ، وقائد الغرّ المُحجلّين ، علي بن أبي طالب صلوات الله عليه:

((وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لِلَّهِ رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى)) . [ نهج البلاغة ك6]
أقول :

أولاً : قولكم ( الإمام الفاطمي المستوفي لشروط السبق ) هذا خطأ لأن شرط العلم هنا يسقط لأن هناك من هو أعلم منه وهم المطهرون الذين اختارهم الله وزودهم بالفهم الصحيح للقرآن ( لا يمسه إلا المطهرون ) . وأما الشرط الثاني عندكم وهو إشهار السيف فهو ليس مهماً لجعل الشخص إماماً فقد قال الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا ). فإن قاما بالدعوة إلى الله وأشهرا السيف في وجه الأعداء فهم أئمة وإن لم يقوما بذلك فهم أئمة .

ثانياً : إن احتجاجكم بنص الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على أن الإمامة بالشورى باطل من عدة جهات :

الأولى : أن الإمام ترك الأمر للمهاجرين والأنصار وجلهم ليسوا من البيت الفاطمي فهل تقبلون رأي غير الفاطمي في اختيار الإمام ؟

الثانية : أن الإمام علي ( عليه السلام ) لم يقل هذا الكلام في ظرف عادي بل لما رفض خلافتهم وأصروا عليه قال لهم هذا الكلام فهو يحتج عليهم بالنص ولكن بطريق غير مباشر فقوله ( إنما الشورى للمهاجرين والأنصار ) و حصره اجتماع الرأي عليهم يشير إلى إن اجتماعهم لابد وأن ينتهي بالاتفاق على إمامته ( عليه السلام ) لأن من سمع خبر النص عليه من رسول الله ( ص) أكثرهم من المهاجرين والأنصار .

الثالثة : إن الإمام علي ( ع) لم يكن يعترف بالشورى فهذه مقتطفات من كلامه في نهج البلاغة يشير إلى ذلك :

1- (لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّي أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِي، وَوَاللهِ لاَُسْلِمَنَّ مَاسَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَيَّ خَاصَّةً، الِْتمَاساً لاَِجْرِ ذلِكَ وَفَضْلِهِ، وَزُهْداً فِيَما تَنافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَزِبْرِجِهِ(1). ) – خطبة رقم 73 ص 136

وقوله عليه السلام ( أحق بها من غيري) دليل على أنه منصوص عليه ولا يؤمن بالشورى

2- (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَمُهَيْمِناً(4) عَلَى الْمُرْسَلِينَ.
فلمَّا مَضى(صلى الله عليه وآله) تنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الاَْمْرَ مِنْ بَعْدِهِ، فَوَاللهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي(1)، وَلاَ يَخْطُرُ بِبَالِي، أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هذَا الاَْمْرَ مِنْ بَعْدِهِ(صلى الله عليه وآله) عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلاَ أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ! فَمَا رَاعَنِي(2) إِلاَّ انْثِيَالُ النَّاسِ(3) عَلَى فُلاَن يُبَايِعُونَهُ، فَأَمْسَكْتُ يَدِي(4)حَتَّى رَأيْتُ رَاجِعَةَ(5) النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الاِْسْلاَمِ، يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دِينِ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله)فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الاِْسْلاَمَ أَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً(6) أَوْ هَدْماً، تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلاَيَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّام قَلاَئِلَ، يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ، كَمَا يَزُولُ السَّرَابُ، أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ، فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الاَْحْدَاثِ حَتَّى زَاحَ(7) الْبَاطِلُ وَزَهَقَ(8)، وَاطْمَأَنَّ الدِّينُ وَتَنَهْنَهَ(9).)
-خطبة62ص740

أقول : الإمام هنا يؤكد أن الإمامة بالنص لا بالشورى

3- (فَوَاللهِ مَا زِلتُ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي، مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ، مُنْذُ قَبَضَ اللهُ تعالى نَبِيَّهُ(صلى الله عليه وآله)حَتَّى يَوْمِ النَّاسِ هذَا. )

وهنا يؤكد الإمام عليه السلام أحقيته بالخلافة وأن من تولوا الخلافة بعد الرسول (ص) نازعوه حقه فيها مما يدل على أنه لا يعترف بالشورى .

الرابعة : ومن المؤكدات أنه لم يكن يعني أن الإمامة بالشورى هو ذكره لفضائل أئمة أهل البيت عليهم السلام فهو يقول :

1- (لا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّد(عليهم السلام)مِنْ هذِهِ الاُمَّةِ أَحَدٌ، وَلا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أبَداً. هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وَعِمَادُ اليَقِينِ، إِلَيْهمْ يَفِيءُ الغَالي(6)، وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلايَةِ، وَفِيهِمُ الوَصِيَّةُ وَالوِرَاثَةُ، الاْنَ إِذْ رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ، وَنُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ.) – نهج البلاغة : خطبة رقم 2 – ص40

2- (هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ، وَلَجَأُ(1) أَمْرِهِ، وَعَيْبَةُ(2) عِلْمِهِ، وَمَوْئِلُ(3) حُكْمِهِ، وَكُهُوفُ كُتُبِهِ، وَجِبَالُ دِينِه، بِهِمْ أَقَامَ انْحِناءَ ظَهْرِهِ، وَأذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِهِ(4). ) – نهج البلاغة : خطبة رقم 2 – ص40

3- (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ)؟ و (أَنَّى تُؤْفَكُونَ)(1)! وَالاَْعْلاَمُ(2) قَائِمَةٌ، وَالاْيَاتُ وَاضِحَةٌ، وَالْمَنَارُ(3) مَنْصُوبَةٌ، فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ(4)؟ بَلْ كَيْفَ تَعْمَهُونَ(5) وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ(6)نَبِيِّكُمْ؟ وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ، وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ! فأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ القُرْآنِ، وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ(7).) – خطبة رقم 86 – ص172

4- (انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ(4)، وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدىً، وَلَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدىً، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا(5)، وَإِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا، وَلاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَلاَ تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا.) – خطبة 96 ص219

5- (أَلاَ إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، كَمَثَلِ نُجُومِ السَّماَءِ: إِذَا خَوَى نَجْمٌ(5) طَلَعَ نَجْمٌ، فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ اللهِ فِيكُمُ الصَّنَائِعُ، وَأَتَاكُم مَا كُنْتُمْ تَأْمُلُونَ.) – خطبة 99ص224

أقول : وانتهاء نجم وطلوع نجم آخر لايكون إلا بأمر الله عز وجل وكذلك الأئمة يكونون بأمرالله .

6- (نَحْنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمَحَطُّ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ(1)، وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ، وَيَنَابِيعُ الْحُكْمِ، نَاصِرُنا وَمُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ، وَعَدُوُّنا وَمُبْغِضُنَا يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ. ) – خطبة 108ص251

7- (أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا، كَذِباً وَبَغْياً عَلَيْنَا، أَنْ رَفَعَنَا اللهُ وَوَضَعَهُمْ، وَأَعْطَانَا وَحَرَمَهُمْ، وَأَدْخَلَنَا وَأَخْرَجَهُمْ. بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى، وَبِنَا يُسْتَجْلَى الْعَمَى. إِنَّ الاَْئِمَّةَ مِنْ قُرَيش غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِم، لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ.) –خطبة144ص309-310

أقول : والمقطع الأخير استشهدتم به في مشاركتكم وهو لا يعني أن الإمامة بالشورى للبيت الفاطمي بوجه عام وإنما بالنص على فئة معينة وهم الراسخين في العلم منهم وهم المطهرون اللذين أشارت إليهم الآية ( لا يمسه إلا المطهرون )

8- (وَإِنَّمَا الاَئِمَّةُ قُوَّامُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِلاَّ منْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ.) – خطبة 152ص327

9- (نَحْنُ الشِّعَارُ(1) وَالاَْصْحَابُ، وَالْخَزَنَةُ وَالاَْبْوَابُ، [وَلاَ] تُؤْتَى الْبُيُوتُ إِلاَّ مِنْ أَبْوَابِهَا، فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَيْرِ أَبْوَابِهَا سُمِّيَ سَارِقاً ) ، (فِيهِمْ كَرَائِمُ(2) الْقُرْآنِ، وَهُمْ كُنُوزُ الرَّحْمنِ، إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا، وَإِنْ صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا.) خطبة 154ص331

10- (هُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ، وَمَوْتُ الْجَهْلِ، يُخْبِرُكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ حِكَمِ مَنْطِقِهِمْ، لاَ يُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، هُمْ دَعَائِمُ الاِْسْلاَمِ، وَوَلاَئِجُ(1) الاْعْتِصَامِ، بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ فِي نِصَابِهِ(2)، وَانْزَاحَ(3) الْبَاطِلُ عَنْ مُقَامِهِ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ مَنْبِتِهِ(4)، عَقَلُوا الدِّينَ عَقْلَ وِعَايَة وَرِعَايَة(5)، لاَ عَقْلَ سَمَاع وَرِوَايَة، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ.) –خطبة237ص574

الأخ الكاظم :
لقد قلت في إحدى مشاركاتك ( خلاصة حوار زيدي جعفر (3) ) ماهذا نصه :
(النقطة الأولى: أنّ الإمام علي والحسن والحسين ، عندنا معشر الزيدية أئمّةٌ منصوصٌ عليهم . )
فإذا كان الإمام علي بن أبي طالب إمام منصوص عليه عندكم فلم أتيتم بنص من نهج البلاغة يبين أن الإمامة بالشورى ؟

فكيف يكون الأئمة الثلاثة علي بن أبي طالب (ع) والحسن والحسين عليهم السلام منصوص عليهم وباقي الأئمة انتخابهم يكون بالشورى ؟

فإما أن تكون الإمامة كلها بالشورى كما هو الحال عند أهل السنة وإما أن تكون بالنص كما هو الحال عند الإمامية . ولكن أن تكون نص وشورى فهذا مالا يقبله عقل ولا منطق .إذن مالحكمة في النص على الأئمة الثلاث وترك الأمر شورى في باقي الأئمة ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلّ على محمد وآل محمد ....

جعفري كتب :
أقول :

أولاً : قولكم ( الإمام الفاطمي المستوفي لشروط السبق ) هذا خطأ لأن شرط العلم هنا يسقط لأن هناك من هو أعلم منه وهم المطهرون الذين اختارهم الله وزودهم بالفهم الصحيح للقرآن ( لا يمسه إلا المطهرون ) . وأما الشرط الثاني عندكم وهو إشهار السيف فهو ليس مهماً لجعل الشخص إماماً فقد قال الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا ). فإن قاما بالدعوة إلى الله وأشهرا السيف في وجه الأعداء فهم أئمة وإن لم يقوما بذلك فهم أئمة .
نعم ، أخي في الله الجعفري ، احتجاجكم الأوّل ، فنحنُ لم نُسلّم به بعد (نعني وجود أشخاص بأعيُنِهِم ، نصّ عليهم الله ، وزوّدَهُم بالفهم الصحيح للقرآن ) ، فهو احتجاجٌ منكم بلا مُحتَجّ . ولنَا أن ذنهبَ إلى ماذهبتم إليه في الآية بتأويلٌ لا تستطيعوا ردّه ، وهُو أنّ الإحاطَة بالقرآن وعلومه الصحيحة ، ليسَ ذلكَ إلاّ للمُطهّرين عن الضلال والغواية والبُعد عن الحق ، وذلك لأنّ الله قد تكفّل ببقاء الحقّ في هذه الذريّة الفاطمية ، فهم بهذا مُطهّرون مُنزّهون عن خروجهم إلى الضلال ، وعن مُفارقَة كتاب الله ، مُطهّرون عن الإجماع على ما يُخالفُ كتاب الله تعالى . [ وإنّما نقول هذا تماشياً مع قولك أخي الجعفري ، لكيلا تظنّ أنّ هُناك اختصاص أو نصّ تدلّ عليه الآيَة ] .

وأمّا عن احتجَاجِكُم بعدم أهميّة القيام بالدّعوة لإثبات الإمامَة ، وتمسّككم بقول الرسول (ص) : ((الحَسنُ والحُسين إمامان إن قامَا وإن قَعَدا)) ، ففي بعض الوهم ، وسنبيّنه بإذن الله تعالى ، بما يُقنعُ الإنصاف ، فنقول : أنّ الدّعوَة لله تعالى ، دَعوتان : فدعوةٌ حالَ الظّهور ، ودَعوةٌ حال القعود . والأولى يقومُ بها الإمام الظاهرُ المشهورُ ، والدّعوة الثانية : يقومُ بها الإمام الخائفُ المغمور ، وهذا كلّه فعينُ كلام أمير المؤمنين في النّهج : (( اللَّهُمَّ بَلَى! لاَ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَ إَمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ )) ، فتأمّل رحمك الله رَبْطَ الإمام بين وجودَ المشهور والخائف ، تجدهُ ربطَ وجودهُما بالحجيّة على العباد ، وهذا كقول الله تعالى : ((لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)) ، والحجّة من الأئمّة على العباد ، فليسَت إلاّ بالدّعوة (إمّا الظاهرة المشهورة ، وإمّا المغمورة الغير مشهورة) ، فإنت أنتَ وقفتَ على عين مُرادِنا مِن هذا النّقل ، عَرفتَ معنى قول الرسول (ص) : ((الحَسن إمامان إن قاما وإن قَعَدا)) ، فالحسن حال قيامِه بالدّعوة بعد أبيه ، إمامٌ قائمٌ ، إمامٌ ظاهرٌ مشهور ، وأمّا حال تخاذل النّاس عنه ، فهو إمامُ قاعِد ، إمامٌ مغمورٌ غير مشهور، و لكنّهُ (ع) لا يزالُ داعياً حتّى بعد قعوده ، ودَعوته بنشر العلم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر بمرتبة القلب واللسان . نعم ! وهذه الحالَة فليسَت دائمَة أعني ، الدّعوة المغمورة الغير مشهورة ، بل الظروف تُلجئٌ إليها ، كالقهرَ والغلبَة من الظالمين ، وإلاّ فالحسن (ع) كان يسعة جَهدهُ لئلا يقفَ هذا الموقف الدّعويّ المغمور ، وذلكَ عندما كان يستحثّ اتباعهُ وأنصارَهُ ، ويُرسلُ الرّسل تِلو الرّسل لاستلانة القبائل ، وحضّهم على الخروج معه ، وهذا منهُ (ع) فتصريحٌ وتلميح لفضل الدّعوة إلى الله بالإشهار . نعم ! وكذلك الحالَ مع الحسين (ع) ، فإنّ كان إماماً بعد وفاة أخيه الحسن ، وهُو إمامُ قاعدٌ ، مغمورَةٌ دعوته ، منع من ظهورها جور بني أميّة ، ومعَ ذلك فكان يسعى في تعليم النّاس ، وفي أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المُنكر بمرتبتي القلب واللسان ، ولكنّه (ع) كان يتحيّن الفُرصَة تلو الفُرصَة للخروج من حال الغمور وعدم الاشتهار ، إلى حال الظهور وإشهار الدّعوة ، فما إن أتتهُ دعوات اهل الكوفَة ، حتّى هبّ إليها ، باستنفار أصحابه للتوثق من الدّعوات ، فخرجَ (ع) ، مُعلناً الظهور بعد الغمور ، فاستُشهِد صلوات الله عليه على ذلك الحال ، وهذا رَحِمَكَ الله أقصَى ما قَد يُقال هُنا .

إن قيل : بقيَ الشّاهد على كلامنا قائماً ، لم تُجيبوا عليه ، نعني أنّ القيام بالدعوة ليس لازماً ، لإمامَة الإمام .

قُلنا : قد بيّنّا لكُم أنّ القعود ، كنايةٌ عن القعود مع الدّعوة ، فالدّعوة حاصلةٌ في كلا الصّفتين ، القيام والقعود ، وإنّما الاختلاف في مدَى شُهرتها ، فدعوةُ الحسن في سبيل الله أشهرٌ ما تكونُ في حال ظهوره وقيامه بعد أبيه ، وأغمرٌ (أي غير مشهورة) ما تكون فبعد تخاذل أصحابه عنه . والحسن (ع) في كلا الحالَتين داعٍ إلى الله تعالى . وكذلك الحالُ مع الحُسين (ع) .

نعم! هذا ولم يثبتُ لنا عن رسول الله (ص) تحديدٌ أشخاصٍ بعد الحسنين (ع) ، يستحقّون ما استحقّاه ، بل لو تنازلْنَا تنازلاُ جدلياً ، وقُلنا بالنص على أئمّتكم ، فإنّ أئمّتكم أبعدُ ما يكون عن مُشابهَة حال الحسن والحسين أثناء قعودهِما ، لأنّا وَجدنا الجعفريّة يتعذّرونَ عن قعود أئمّتهم ، بصحّة إمامة الحسن والحسين حال قُعودهِما ، وهذا فتمويهٌ ظاهر ، لأنّ قعود أئمتهم التسعة لا يُشابه قعود علي و الحسن والحسين ، فقعود الحسن والحسين قعودٌ دَعويّ ، بينما قُعود أئمّتهم قعودٌ خامل ، ليسَ فيه دعوةٌ ولا ما يُوصّلُ إليها . (ونحنُ بهذا نعتذرٌ لساداتنا أبناء زين العابدين ، لأنّا والله نعتقدُ فيهم غير ما يعتقدُ فيهم الجعفرية من الخمول ) ، وهذا بالدليل المُفصّل ، فنقول ، في هذا طالبين التركيز على شهرة الدعوات والأهداف من خفائها :

[ مُقارنة قعود علي والحسن والحسين بقعود أئمّة الجعفرية ]

إن قيلَ : بينّوا لنا معشر الزيدية كيف أنَّ أئمتنا المعصومينَ لم يقتدوا بفعلِ سَلَفِهِم علي والحسنين عليهم السّلام ، وعلى أي أساسٍ رميتموهم بعدمِ الرَّغبة في الجهاد والخروج لإنكار المُنكر والأمر بالمعروف ، وهذا عليٌ طالت به المُدّة وهو جالس وهذا الحسن صالح معاوية وجلس ؟

قُلنا : فأمّا الإمام علي بن أبي طالب عليه سلام الله فسنذكرُ لُمعاً من أخبارِه التي أنكرَ بها الُمنكر وأقامَ بها الحُجّة والتي منها :

[ أولاً : حال جلوسه في عهدِ من تقدّمَه ]

1- خروجه على الملأ من كبار الصحابة في الرحبة ومُناشدَتهم بأنّ الرسول قد ولاّه يوم الغدير .
2- تأخرّه عن بيعة أبو بكر لمدة تُقدّر بالأشهر .
3- ردّه أحكام عمر بن الخطّاب في كثيرٍ من المواضِع .
4- إستنكاره الشَديد لفعلِ عمر بن الخطاب يوم الشّورى .
5- الوقوف في وجه الخليفة في وقته عثمان بن عفّان وتأنيبه وتوبيخه.
6- إقامته لحد شرب الخمر على الوليد بن عقبة ، لمّا تهاون البعض في إقامة الحد عليه لقربه من الخليفة فقام أمير المؤمنين وقال : ( لا يضيعُ لله تعالى حدٌ وأنا حاضر ) .
7- إظهار مقولات التشكّي والتوجّع ممّا حصلَ له من ظُلمٍ وأخذِ حقْ .

[ ثانياً: حال مُبايعة المُسلمين له على السمع والطّاعة ]

وأفعاله في هذا أشهرُ من نارٍ على عَلَم ، يُغنينا عَن ذِكرِها اشتهارها بين الملا .

فإن قيلَ : ولِمَ جلس ولَمْ يخرج على من أخذَ حقّه ، عندما استأثرَ به أولّ الثلاثة أبو بكر الصديق؟

قُلنا: لسببين اثنين ذكرهما إمامنا يحيى الهاروني في كتابه الدّعامة :
1- قلّة الأنصار والأعوان .
2- خشية وقوع فتنة عظيمة مؤديّة إلى الإضرار بالإسلام .

ولا خلافَ بين العُقلاء أنَّ هذَين السببين كفيلةٌ بسكوت وإغضاء أمير المؤمنين عليه السلام عن الخروج ، وخصوصاً أنّ ذاكَ العهد كان عهد انشقاقات في صفوف المُسلمين ، فهُناك من الأعراب من آمن ولم يطمئنّ قلبهُ بالإيمان ، فحاف وارتدّ عن الإسلام ، وهناك مَن امتنع عن أداء الزكاة ، ناهيكَ عمّا كانَ بين المهاجرين والأنصار عقِبَ السَّقيفة ، وناهيكَ عمّا كان بين بني هاشم ومعهم طلحة والزبير على أبي بكرٍ وعُمَر ومَن معهم ، فلهذا آثر أمير المؤمنين السكوت والإغضاء خوفاً على ألاّ تقوم للإسلام قائمةٌ بخروجه ومُطالَبَتِه بحقّه .

فإنْ قيلَ : قد اتّضح عذرُ أمير المؤمنين عن الخروج على أبي بكرٍ الصدّيق ، فما عذرهُ في السكوت وعدم الخروج في عهد عمر بن الخطاب ، وكلُنا يعلمُ أنّ شوكة المسلمين في عهدِه قدْ قَويَتْ ولم يكُن يُخافُ على النّاس الإرتداد ، فقد كانَ بوسع أمير المؤمنين جمع النّاصر والمُعين أو الهجرة إلى بلاد اليمن موطن الشيعة ، ومِن ثمَّ الخروج لإنكار المُنكر وأخذِ حقّه الشرعي من عمر .

قُلنا : فَمِن شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ألاّ يغلبَ على الظَّنِ أن يُؤدي المنُكَرْ المُنهَى عنهُ إلى فسادٍ أعظم ، فمن هذا الباب لجأ أمير المؤمنين إلى الصبر والسكوت وعدم إثارة الفتنة ، فأمير المؤمنين بعين الحكمة أبصرَ ما سيترتّب على خروجهِ من انشقاقٍ لعصا المسلمين ، ومِن تأليبٍ لفتنةٍ نائمة ، وخصوصاً أنَّ أمورَ المُسلمين قد كانتْ إلى الإستقرار أقربُ منها إلى الإضطراب والفوضى ، كما أنَّ الجور والظلم لم يكن ذاك الذي يستدعي الخروج بالسيف ، وهُنا يتحقّقُ قول أمير المؤمنين لأسالمنّ ما سَلِمَت أمور المُسلمين ، هذا مع حِرصِ أمير المؤمنين على التغيير قدر الإستطاعة لما يصدر من الخلافة العمرية من أحكامٍ خاطئة .

فإن قيلَ : قد اتّضحَ كلامكم في عُذر أمير المؤمنين عن الخروج على عمر بن الخطّاب ، فما عُذرُهُ في الخروج والإنكارِ للمُنكرِ وللأحداثِ التي حصلت ووقعت في عهدِ عُثمان بن عفّان ، وكُلُنا يعلمُ ماهيّة تِلك الأحداث وفضاعتها .

قلنا : يجب أنْ يُعلمَ أنّ أولّ عهدِ عثمان بن عفّان كان شبيهاً أو شِبهَ شبيهٍ بعهد عُمر بن الخطّاب ، فنقول في عُذرِ أمير المؤمنين عن الخروج في بداية عهد ابن عفان هو الظن أنّ ابنّهي والخروج على هذا المُنكَر سيجُرُّ منكراً أعظم وأكبرُ على الإسلام والمُسلمين ، وفي الفترة الأخيرة من عهد ابن عثمّان لمّا تكاثرَ القيل والقال وتكاثَرت الأخطاء والزّلات فإنَّ أمير المؤمنين كان يتعمّد الإغلاظ في الكلام على ابن عفّان يأمرُه بالحقّ ، ويَعِظُهُ وُيُرْشِدُه، وكانَ عليه السلام يُقيم الحدودَ على من يتوانَ في إقامتها على الشُرفاء وأصحاب المناصب والجاه أمثال الوليد بن عُقبَة وذلكَ عندما تمّثل عليه السلام وقالَ لا يضيع لله تعالى حدٌ وأنا حاضِر ، لم يتّقِ عليه السّلام مِن عثمان بن عفّان ولا من مروانَ بن الحكم وهُوَ مَنْ هُو في القُرب من عثمان ابن عمّه وزوج ابنته ومُدبّر أمرِه ، ومعَ هذا فقد كانت الأيّام حُبالى إذ قامت قائمة المُسلمين على عثمان وحاصروه في بيتِه وتهددّوا وتوعدّوا ، ومعَ هذا فقد كانَ يهمّ أمير المؤمنين أمرُ المسلمين وكانَ يُؤلِمهُ ما وصلَ حالُهم إليه من الفتنة، فوقفَ عليه السّلام موقف المُحايدِ الغير راضٍ بأفعال عُثمان والغير راضٍ عَن محاصرةِ عثمان في بيته وقطعِ الماء عنه ، فقدْ كان يرعى لعثمان سَبْقَه بالإيمان بمحمّد ونُصرتِه بالمال والعَتادْ، فإنْ قيلَ وَلِمَ لَمْ يتّخّذ موقفاً مُحدداً : قلنا : فإنّه قد أرسلَ أبناءه الحسن والحسين ومحمد للوقوف وحراسة باب عُثمان بن عفان ، ولعلَّ هذا الموقف منه عليه السّلام أكبرُ دليلٍ على أنَّ أمر المُسلمين ووحدَتِهم على الشريعة الإسلاميّة الحقّة كانَ أهمّ عنْدَهُ مِن أنْ يأخُذَ حقّه الشّرعي في خلافة المُسلمين ، وإلاّ لاغتَنَمَ عليه السّلام الفُرْصَةَ وخرجَ معَ المُعارضين لعثمانَ ، وكَم مِنْ مُعارِضٍ سيشتدّ ظهرُه بانضمام أمير المؤمنين لهم ، فحصلَ ما حصلْ وقُتِل عثمان وأميرُ المؤمنينَ عليه السّلام بريءٌ من دَمِهْ ، فتدافَع النّاس إلى أمير المؤمنين يَهْرَعون يطلبونَ البيعة والدخولِ تحتَ لوائه ، والإئتمارِ بأمرِه والإنتهاءِ بنهيِه ، وفي تلك الأثناء نَجمَت الفُرقَةُ وخرجتْ الأحقادُ والخبايا على الإسلام وعلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وأُثيرَت الفِتَن فشمّر أمير المؤمنين إذ أنّ النّاصر قد وُجِدَ والظُلمُ والدّجَلُ قد انتشر والفتنةُ قد أُوقِظتْ ، فكان القيامُ بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه لازِمة فالسكوت عن المنكر سيجرّ مُنكراً أعظم وأدهى على خلافِ ما سَبق في عهد الشيخين . فأقامَ الحُجّة عليه السلام على النّاكث وعلى المارقِ وعلى القاسطِ وعلى الخاذل تولّى أمور المُسلمينَ فأحسنَ الولاية وحَكمَ فَعَدَلْ وأمَرَ بالمعروف فأغلظَ في الأمر وأنكرَ المُنكَرَ فشدّدَ في النكير فسلام الله عليه يومَ وُلِدَ ويومَ يموتُ ويومَ يُبعثُ حياً . وقبلَ أنْ يفوتنا التنبيه على سكوت الإمام علي عليه السّلام على المشائخ فإنْ من أعظم ما شجّعه على السكوت إضافةً لما ذكرْنا سابقاً هُو إخبار الرسول صلوات الله عليه وعلى آله مِنْ أنّهُ سيُضامُ في هذا الأمرِ مِنْ بعدِه .

فهذا ما كانَ مِن خبرِ سكوتِ أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام عن الخروج والإنكار للمُنكَر في عهد المشائخ ، وجاء دورُ المُقارنة أيها الباحث المُنصِف الباغي طريق الرشاد والنجّاة ، أكان حالُ الأئمة المعصومين التسعة من ولد الحسين كحالِ جدّهم أمير المؤمنين ؟! هل كان زمنُ بني أمية وبني العبّاس يتحققّ فيه شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المانِع لأمير المؤمنين من الخروج على المشائخ ؟ بمعنى هل كان خروج أئمة الإمامية المعصومين على الأمويين والعبّاسيين سيجرّ مُنكراً وفتنةً أعظمُ ممّا المُسلِمين ودين الإسلام بأسره فيه من خطر ؟! هل كانتْ أمورُ المُسلمين مُستقرّة أو قريبةٌ من الإستقرار في عهدِهم عهدِ بني أميّة والعبّاس ، حتّى يسكتوا ويَسكنُوا ويتّقَوا ؟! أم أنَّ النّاصر والمُعين غير مُتوّفَرين ! ثم بلله عليك كيف سيجتمعُ النّاصر والمُعينُ والإمام مُرخٍ سترَهْ غيرُ راغبٍ في الخروجِ والإنكارِ للأحداث الرّهيبة الحادِثَة في عصرِه المُزلزِلة للإسلام والعقيدة المحمدية الصحيحة ؟! وارجع لما قد ذكرناهُ في رسالةٍ سابقة تجدْ صدقَ كلامنا من أنَّ أئمة الإمامية غيرُ راغبينَ في الخروج والظهور . وبهذا فقد أبطلنا حُجّة القائل باقتداء المعصومين التسعة بجدهم أمير المؤمنين عليه السلام حال سكوته على المشائخ ، وأنّ الموانع المانعة لأمير المؤمنين عن الخروج قد ارتَفَعت عن أئمة الإمامية المعصومين . والحمد لله رب العالمين.

فإن قيلَ : فبما أنّكم أثبتّم مخالفة سكوتِ المعصومين التسعة عن سكوتِ جدّهم أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام ، فإنّ لهم أسوةٌ حسنةٌ في سكوتِ أبي محمدٍ الحسن بن علي عليه السلام حالَ سكوتِه على معاوية بن أبي سُفيان وهُوَ مَنْ هُوَ في الظُلمِ والعُدوان .

قلنا : فأمّا الحسن بن علي عليهما السّلام فنقول في حالِه أنّه ماكان سكوتُهُ عليه السّلام إلاّ لقلّة الناصّر والمُعين أو فلنقل لخذلان النّاصر ، وليس لاقتصارِ همّته عن الخروج والدعوة والإنكارِ للمُنكرْ . فهُو الإمام بعد أمير المؤمنين عليه السّلام بالنّص والإستحقاق، كما أنَّ الإمامَ المنصوص عليه من ربّ العالَمين ليست عليه الدّعوة واجبة وليسَ عليه القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر المُمَثّلة في الخروج والجهاد إلاّ حالَ التمكّن وحالَ توفّر النّاصر والمُعينْ ، وقد توفّرَ النّاصرُ والمعينُ للإمام الحسن عليه السّلام عُقيبَ وفاة أمير المؤمنين عليه السلام ، وقدْ كانَ النّاس من أتباع أمير المؤمنين يحفظون للحسن هذه المنزلة مِنْ أنّه الإمام بعد وفاة أبيه أمير المؤمنين حتى وإنْ لَمْ يَقُمْ الحسن عليه السّلام ويقول أنا الإمام المنصوص عليه على لسان جدي رسول الله ، لأنَّ الرسول قد كفاه أنْ يقومَ هكذا مقام، فالقومُ قد اتجّهوا إلى بيعته والدخولِ تحتَ لوائهِ بعد أنْ أكملَ خُطبتهُ التي ماخلت من إشاراتٍ منه بأنّه أفضلُ الأمة في وقته ، فلو قُلنا أنَّ أتباع أبيه قد اختلفوا في إمامته لجزَمنا بأنَّ عليه أنْ يُخبِر الجاهل منهم بأنّه منصوصٌ عليه على لسان جدّه رسول الله كما فعلَ أمير المؤمنين في الرحبة ، أمّا مَنْ أنكر إمامته مِنْ أتباعِ معاوية الطّليق فهم قد أنكروا إمامة أبيه مِنْ قَبله ومع هذا فما كان يُخاطبُ معاوية إلاّ بقوله عليه السلام : ( مِن الحسن أمير المؤمنين .. ) ففي هذا إظهارٌ لِمَنْ خالَفَه أمرِ إمامته وخلافته على المؤمنين، ومما يُؤيد كلامنا مِن أنَّ النّاس كانت مؤمنةً مُسلّمةً بإمامة الحسن بعد أبيه ، هُو دخولُ المدينة وفيها آل الزُبير وكذلك اليمن والعراقين والبصرة والحجاز ومكة واليمامة والبحرين كلها دخلت تحت طاعته وإمرته بلا مُنازَعة وأرسلَ عُماله وولاته إليها. عدا الشام والجزيرة ومصر فإنّها لم تدخل في طاعته فأمّا الشام والجزيرة فأموال معاوية مُغدَقةٌ عليهم وأمّا مصر ففي يد عمرو بن العاص. وممَا يجبُ التنبيهُ عليهِ أنّ مُبايعة أتباع الحسن للحسن ليست مُبايعةً بالإمامة لأنَّ الإمامة ثابتةٌ للحسن بالنص حتى وإن لم يُبايعوا وإنّما المُبايعة كانت مُبايعَة نُصرةٍ وسمعٍ وطاعةٍ ، وفي هذا جوابٌ على من احتجّ علينا بأنّ أميرَ المؤمنينَ لم يدعَ النّاس إلى بيعتِه بل هُم مَنْ أتوهُ حتى آذوا الحسنين عليهما سلام الله فالإمام علي عليه السلام إمام من بعد وفاة الرّسول بالنص والإستحقاق وقد قامَ في أكثر من موقفٍ ونبّه من غفلَ وتجاهل وخَالَفْ وإنّما المُبايعةُ ممّن أتوهُ هي مُبايعةُ النُصرةِ والسمعِ والطاعة والإئتمارُ بالأمر والإنتهاءُ بالنّهي ، وكذلك نقولُ لمن احتجّ علينا بأنَّ الحسين السبط عليه السلام لَم يدعُ أهلَ الكوفة بل أتتهُ كُتُبُهم ابتداءً، بأنَّ الإمام الحسين هُو الإمام بالنص والإستحقاق على لسان رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وإنمّا المُبايعة من أهلِ الكوفَة على النُصرةِ والخروجِ معه على الظُلمِ والعُدوان فقط لا أنّها بمبايعَتِهم له أصبحَ إماماً وخليفةً على المُسلمين لأنَّ الإمامة حاصلةٌ له بالنص المُسبق منْ لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك مع علي والحسن . فإن قد تقرّرَ هذا فلنتّجه إلى ذكرِ جهودِ الحسن عليه السّلام في الأمر بالمعروق والنهي عن المنكر باليد في تجييش الجيوش وإرسالِ السّفارات وأخذ البيعات من القبائل ورؤوس العشائر التي تُغنينا مُطالعة كُتب التواريخ عن الإسهاب فيها، فمنها إرساله لمعقل بن قيس الرياحي، وشريح بن هانئ الحارثي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، واستنفارهم لأربعون ألفاً من النّاس ، ومنها إرسال ابن عبّاس إلى رؤساء القبائل ، ومنها اهتمامه بالإشراف على الجيوش وتوليته القادات والأمراء أمثال قيس بن سعد ، وإنْ كُنّا أجملنا هُنا ففي كتب التاريخ التفصيلُ المُمِل فهذا ماكان من أمر الحسن حالَ توفر الناصر والمعين ووجود الظلم والعدوان ، لم يألُ جهداً في أمرِ الخروجِ على الظَّلمة والمُفسدين ، وأمّا ما كانَ من أمرِ صُلحِه وسكوته فهو حقنٌ لدماء المُسلمين ومعرفةً منه سلام الله عليه بخذلان أصحابه وأنصاره وضُعفِ نفوسهم ، لا يكادُ يتألّف قوماً منهم اليوم ، حتى يشتريهم معاويةُ غداً بالمال والذهب ، فآثر الحسن التسليم على أن يعود زمامُ الأمرِ والتّصرّف إليه بعدَ معاوية، فآثرَ الحسن التزام المواثيق والعهد الذي بينَه وبين معاوية وأخذ يدعو النّاس ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالقلب واللسان دون الخروج . لإنّه إن قالَ قائلٌ : لماذا لمْ يُهاجر الحسن إلى أصقاعِ الأرض بحثاً عن النّاصر والمُعين . قلنا : قدْ كان هُناكَ عهداً وميثاقاً يأبى خُلُقُ أبي محمدٍ أن يكون هو الناقض له . فإن قيلَ : قد نقضه معاوية وداسَه بقدمه . قُلنا : قد ضُيِّقَ على الحسن تضييقاً فضيعاً من قِبَلِ مروان وحاشيته ورصدوا الجواسيس على الأبواب والمداخل ليس لبيتِ الحسن فحسب بل لبيوت أهل المدينة ككل، ولو كانَ النّاصرُ راغباً في نُصرةِ الحسن لنَصرَه حال تواجده في ساحة المعركة أيامَ الكرِّ والفر ، ولكنَّ هِمَمَ النّاس قدْ تقاعِست والله المُستعان ، والحُجّة مِن الحسن على النّاس قد قامت كما أقامَها أبوه من قبله لاستصراخه إياهم ولمعرفتهم بحروبه مع الشاميين ولم يُجيبوه ولمْ يَنصُروه والله المستعان .

فهذا هُوَ خبر الإمام الحسن بن علي عليه السّلام وخبرَ سكوته بعد خروجِه ، فجاء الآن دورُ المقارنة بين سكوت المعصومين التسعة أئمة الإماميّة وبين سكوت أبي محمد الحسن عليه سلام الله فنقول : لاحِظ أنَّ سكوت المعصومين التسعة هُوَ سكوتاً لايصحبُهُ رغبةٌ في الخروج على الظُلمْ ، فَلَو كانت هُناكَ منهم على المعتقد الإمامي رغبةً في الخروجِ على الظُلم والإنكار للمنكر باليد والقوّة للَمَسْنا ذلك من خلال تاريخهم وأفعالِهم ، فهذا الإمام علي تتجلّى لنا رغبته في إنكارِالمُنكر عندما كانَ يُظهرُ أمر إمامته من وقتٍ لآخر وعندما كانَ يُخالف الخلفاء في وقتهم ويُخطّئهم وعندَما استجابَ لمَنْ هرعَ إليه طالباً غوثَه ومساعدته ، وهذا الحسن عليه السّلام تتجلّى لنا رغبته في إنكارِ المُنكرِ عندما صعدَ المنبرَ بعدَ وفاةِ والدِه ، ثم بقبولِه بيعة الحاضرين من أنصار والده ، ثمّ بتأمّل نصّ بيعته التي كانَ يُبايعُ النّاس عليها ونص البيعة قوله عليه السلام للمُبايِع : ( تبايع على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سلْم من سالمت، وحرب لمن حاربت) ، وكذلك تتجلّى لنا رغبته في الإنكار للمُنكر من خلال ترغيبه جنوده المُتخاذلين في الجهاد ، وتألّفه للعشائر والقبائل للدخول في طاعته، وهذا الحسين عليه السلام يأخذ بيعات أهل الكوفة له بمحمل الجديّة والإهتمام ، أرْسَلَ الرُسُلَ لاستوثاق الخبر ، لم يجلس طَرْفَة عين عندما توثّق عليه السلام من المُبايعين ، محاربته للطغاة والصبر على المحنة ، نعم! وهذا ما لَمْ نَلْمسهُ من التسعة المعصومين بلْ إنّهم سكتوا حتّى عنْ تنبيهِ النّاس بأنّهم المعصومين المنصوصُ عليهم من لدن رسول الله بل من الله ، وسكَتوا عن حثّ أتباعهم على الخروج لإنكارِ المُنكر بالسيف واليد فإن قالوا : قد قُلنا أنَّ أمير المؤمنين والحسن قد أتتهم البيعات من غيرِ طلبٍ منهم ثمّ خرجوا ، ولم يطلبوا هُم الأتباع فلا معنى لكلامكم بأنّه يجب على المعصومين حثّ النّاس على الخروج ؟! فنقول : فما عَسَيْتُم أنْ يفعلَ أمير المؤمنين لَو لَمْ يأتِه النّاس لمبايعته بالنصرة وذهبوا لمبايعة معاوية الطّليق!! أكانَ سيسكُت ؟! وسيقولُ أنا الإمامُ المنصوص عليه مِن الله والإمام الواجبة عليهم طاعتي فيجبُ أن يأتوني هُم ولن أخْرُجَ ولنْ أدْعُوَ النّاس ولن أستَقْطِب الأنصار ولنْ أُنْكِرَ المُنكَرْ بيدي وسيفي ، وسأبقى في بيتي مُعتكِفاً ؟! أهكذا خُلُقُ أخور ووصي رسول ربِّ العالمين ؟! وهلْ عَسَيتم لو أنّ أتباعَ الحسن لم يبتدأوه مباشرًة عقيبَ موت والده أمير المؤمنين ، بل ذهبوا لمبايعة معاوية الطّليق!! فهل عسيتُم أن يسكُتَ الحسن عن بذلِ جهدِه في الدّعوة إلى الله وإنكارِ المُنكر باليد والسّيف !! أمْ أنّه سيقولُ قد أخطأتم الإستدلال وأنا هُنا جالسٌ في بيتي فَمَنْ أرادَني فليأتِني ؟! أهكذا خُلُق الإمام المعصوم أبي محمّد الحسن عليه السلام . أفيقوا رحمكم الله !! نعم وإنْ كانت الدعوة مِن الإمام المنصوص عليه من الله غير واجبةٍ عليه ، ولكنَّ بيان الأمر على مَن التبسَ عليه أمرُ الإمامة واجبٌ ، وكذلك الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر واجبٌ على الأئمة المنصوص عليهم وغير المنصوص عليهم . فتأمّل ذلك مُوفّقاً .

فإنْ قيل : أنّكم أثبتّم مخالفة سكوتِ المعصومين التسعة عن سكوتِ جدّهم أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام وعن سكوت أبي مُحمّدٍ الحسن عليه السّلام ، فإنّ لهم أسوةٌ حسنةٌ في سكوتِ أبي عبدالله الحسين بن علي عليه السلام قُرابة العشر سنوات قبل خروجه واستشهاده على يد يزيد بن معاوية لعنه الله وأخزاه وهُوَ مَنْ هُوَ في الظُلمِ والعُدوان.

قُلنا : فأمّا الحسين بن عليٍ عليه السّلام فإن العقْلَ قبل النقل يُخبرنا أنّه ما مَنَعَ الحسين عليه السلام من الخروج وإنكارِ المًُنكر إلاّ عٌذرٌ مُقنعٌ كعدمِ توفّر النّاصرِ والمُعين ، ولنا على هذا استدلالٌ عقليٌ قويٌ وواضح : وهُوَ أنَّ الإمام الحسَنْ عليه السّلام بعد صُلحِه لعاوية ومَعْرِفَة جميع المُسلمين بأنّ أمرَ الخلافة الإسلامية سيؤول للحسن من بعده ( أي من بعد معاوية ) ، فإنَّ معاوية قد أمرَ بالتضييق الشديد الذي لم يَبْلُغْ أئمة الإمامية التسعة المعصومين عُشرَه ولا مِعْشارَه ، لأنَّ مُعاويةَ كانَ يعلمُ أنَّ في بقاء الحسنِ حُراً طليقاً في المدينة خطرٌ على المُلكِ الأموي الذي كانَ يُخطِّطُ له ، ولذا فقد عَمِلَ على التضييق على الحسن بصفة خاصّة وعلى بني هاشم وأهل المدينة بعموم ، فلايدخُلُ المدينةَ شخصٌ إلاّ أقاموا عليه الجواسيس كما ضيّقوا على الحسن عليه السّلام مَدْخَلَه ومَخرَجه، إلى أنْ خانّهُ أقربُ النّاس إليه زوجته جعدة أخزاها الله بأمرٍ مِنْ مُعاوية ولعلَّ في هذا جوابٌ على مَنْ قالَ لِمَ لمْ يخرج الحسن ولم يُهاجر طلباً للناصر والمُعين ، أقصدُ بسبب التضييق الشديد عليه ، نَعم ! فانتهى عهدُ أبي محمد الحسن إلى رحمة الله ، فاتّجهت الأنظارُ إلى أبي عبدالله الحُسين عليه السلام مِنْ دونِ ادّعاءٍ منه للإمامة وإعلانها على الملأ ، لأّن النّاس يعَلمون بأنّه الإمام بعدَ أخوه الحسن بالنّص من رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، وبما أنّه المَنظورُ له بعد الحسن فإنَّ الحِصارَ والتشديد كانَ سيقعُ عليهِ قطعاً من مروانَ وأجنادَه بأمرٍ مِن معاوية طبعاً . ممّا جعلَ الحسين عليه السلام يجلس عن الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر لإنعدام النّاصر والمُعين . وممّا يجبُ التنبيه عليه أنَّ روح الجهاد وحُب تغيير المُنكر موجودة في نفسِ أبي عبدالله عليه السلام وإنّما الإستضعافُ منعهُ من إظهارها ، ومِن أكبر الدلائلِ على أنّه كان راغباً في الخروجِ هُو توافُد الكُتب والرَّسائل الكثيرة عليه من أهل الكوفة إذ لو كانوا يَرونَ الحُسينَ مُتقاعساً وغيرُ آبهاً بالخروج والنهي للُمنكر لما تَحمّسوا وأرْسَلُوا بَيْعاتِهْم يحثّونه على الخروج وعلى النُصرَةِ له ، كَمَا أنَّ هذا الموقِفَ الإبتدائي من أهل الكُوفَة يجعلنا نجزمُ بأنّهم يعتبرونَ الحسين إماماً لهم بعد أخيه الحسن مع الأخذ في الإعتبار أنّه لم يقُم فيهم ولمْ يدّعِ الإمامة لأنّ النّص الرّسولي قد أغنى عن هذا الفِعْلِ منه عليه السلام . وهذا ما لَم يتوّفّر عند التسعة أئمة الإماميّة فإنَّ الأغلبية السّاحقة في وقتهم غيرُ مؤمنين بإمامتهم الإمامة النّصيّة !! فإنْ قيلَ : قد ناقَضتُم أنفُسَكُمْ بأنْفُسِكُم !! قبلَ قليلٍ تقولون أنّه كانَ مُضيّقاً عليه تضييقاً شديداً كالتضييق على أخيه من قبلِه ، والآن تقولون بأنَّ الكُتُب والرسائِلَ تتوالى عليه من أهل الكوفة فأين هذا التضييق الرهيب الذي تَزعُمون ؟ قلنا : إنّه لا يخفى أنَّ الحصار والتضييق يَقِلُ ويَخِفّ مع طولِ المُدّة وخصوصاً إذا كانَ المُراقَبُ ساكنَ الحال غيرَ مُثيرٍ لِما يُلفِت الإهتمامَ والإنتباهْ هذا مِن ناحية ، ومِن ناحيَةٍ أُخرى أنَّ تلك المُحاصرة والتضييق على الحسين عليه السّلام قد تخلّلها موت معاوية وتَسَلُّمِ يزيدٍ ولايةَ المُسلمين وفي هذا قد تُخفّفُ ماهية الحصار والتضييق وشدّته على الحسين وأتباعِه . وإنْ كانَ قد تقرّر ما قلنا فلنذكُر لُمعاً من أخبار أبي عبدالله الجهادية الآمرَة بالمعروف والناهية عن المنكر وعَن مدى حِرْصِهِ حالَ توفّر الفرصة المناسبة بأنْ توفّر الناصر مِن أهل الكوفة حتّى بلغوا عشرات الآلاف ، ومنها قبوله بهذهِ البيعات الكوفيّة منْ دون أنْ يقول أنّكم لستم لنا بشيعة أو أنّكم خذَلتم أبي وأخي ، إرساله لمُسلم بن عقيل رضوان الله عليه للتوثق من أمر البيعات التي بايعه عليها أهل الكوفة ، ومنها رفضه لمناشدة ابنته سكينة بالتوقف عن الخروج وقالَ لها مقولتهُ المشهورة بأنْ لو تُرِك القطا لغفا ونام ، ومنها صموده حال المعركة وحالَ منع الماءَ عنه عليه السلام، هذا وذِكرُ مواقفهِ البطولية الجهادية في ميدانِ المعركة تطولُ وتَطول يُغنينا اشتهارُها عَنْ ذِكرِها . فهذا هُو الحُسين بن علي وهذا سكوتُه وهذا جهادُه ورغبتُه الإصلاحية للأمّة المُحمّدية ، قد أقامَ الحُجّة والمَحجّة على الخاذل والجاحِد فسلامُ الله عليه يومَ وُلِدَ ويومَ يموتُ ويومَ يُبعثُ حياً .

وإن قد تقرّر ما ذكرنا فلنتجه إلى المُقارَنة بين سكوت الحُسين عليه السلام وبين سكوت التسعة المعصومين أئمة الإمامية ، فإن قيلَ : قدْ شُدِّدَ عليهم وضُيِّق من قِبَلِ الخلافَتين الأموية والعبّاسية فجلسوا كما ضَيِّق على جدّهم الحسين من الخلافة الأموية فجلس . قلنا : لا سواء ولا مُقارَنة بين التضييقِ على الحسين والتضييق على التسعة أئمتكم ، فإنَّ العلوية الفاطميّة أئمة الزيدية وثوّار أهل البيت قدْ وجدوا أنصاراً وأعواناً رَغْمَ أنَّ التضييقَ عليهم من الخلافة الإسلامية القائمة أكبر من التضييق على المعصومين ، فَهُم المعروفُ عنهم الروحُ الثوري المُنكِر للمُنكَر والنّاقم على الخلافة الإسلامية ظُلمَها وجورَها ، بينما أئمة الإمامية مُرخين سِترَهُم لا يُثيرونَ الثّورات ولا يَستَقْطِبُون الأنصار ، فكانَ خطرُهُم أقلُ شأناً مِن خطرِ الزيدية ، ومِنْ هُنا عرفنا أنّه لا تضييق على المعصومين التسعة إذ لو كان هُناك تضييق شديدٌ فعلاً لما استطاعَ الزيدية جمع الأنصار وجمعَ البيعات ، معَ الأخذ في الإعتبار أنّ التضييق الشديد قدْ يحصلُ في بعض المواقع على بني هاشمٍ ككل وليس على المعصومين التسعة لوحدَهم ، ولكنّ هذا التضييق لا يدومُ طويلاً إذْ أنّه ينتهي بانتهاء المُرادُ منه ( أي المُراد من هذا التضييق بأخذِ أو إلقاء القبض على شخصٍ بعينه ) فإن قيل : سلّمنا لكم أنّه قد كانَ يستطيعُ أئمتنا الخروج من هذا التضييق الذي هُم فيه ، فإنَّ الناصر والمُعين لم يتوفّر لهم كما توفّر لأبي عبدالله الحسين عليه السّلام ، مِن أن جاءتهم كتبٌ ورسائلٌ تطلبُ منهم الخروج كما حصلَ لأبي عبدالله الحسين عليه السلام . قُلنا : لو كان أئمتكم المعصومين الإثني عشريون مشهورةٌ إمامتهم كما كانت مشهورةٌ إمامة أبي عبدالله الحسين لاتّجه النّاس من الكوفة واليمَن إليهم مُبايعين بالنصرة والسمع والطاعة ، ولانهالَت عليهم كتبُ ورسائل النّاس من جميع الأصقاع ، ولتركُوا مُبايَعتهم لأئمة الزيدية من بني الحسن والحُسين عليهم السّلام ، فهذا يُشكّكنا في وجودِ نصٍ إثني عشري رسوليٍ رباني عليهم، إذ لو تأمّلت تسليمَ النّاس من أهل المدينة واليمن واليمامة والحجاز ومكة والبحرين لأبي محمد الحسن بعد موتِ والده والدخول تحت لوائه لوَجدت فعلاً من أنّه كانَ هُناك إيمانٌ بإمامة الحسن بعد أمير المؤمنين الإمامة الشرعيّة ، ولو تأمّلت تخصيص الكوفيين بيعاتهم لأبي عبدالله الحسين من دون بقيّة إخوته ومن دون محمد بن الحنفيّة رضوان الله عليه لوجدت فعلاً منْ أنّه كانَ هُناكَ إيمانٌ بإمامة الحسين بعد الحسن الإمامة الشرعية ، ومِن هُنا فإنَّ مواقفَ النّاس خلالَ المائة والتسعون سنةً عقِبَ استشهاد أبي عبدالله إلى مدة ابن الحسن العسكري ، مواقفُ النّاس تجاهَ التسعة من ولد الحسين لا تُبشّرُ بوجودِ نصٍ شاهرٍ ظاهرٍ بإمامتهم الإمامة الربّانية الرسولية كإمامة أجدادهم علي والحسنين !! بل إنّ مواقفَ أقربِ النّاس إليهم بني عمومتهم أبناء الحسن بل وأبناءُ زين العابدين إمام الإمامية الرابع أمثال زيد وأبناءه يحيى والحسين وعيسى وموقفَ محمد بن جعفر الصادق إمام الإمامية السادس وإبراهيم بن موسى الكاظم إمام الإمامية السابع وغيرهم الكثير من أهل البيت ، نجدُ أنَّ مواقفهم تجاه المعصومين التسعة أئمة الإمامية غيرُ مُبشّرَةٍ بوجودٍ نصٍ ظاهرٍ مشهور!! نعم ! ثمّ نقولُ : نعَم قد سلّمنا لكم من أنَّ الإمام المنصوص عليه من ربّ العالمين ليسَ عليه أن يدعو النّاس إلى إمامته ولكنّ عليه أنْ يُقيمَ حُجّة الله في الأرض بالخروج والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر متى ارتَفَعت الموانع ، بأن توفّر الناصرُ والمُعين ، ولن يتوفّر الناصر والمُعين إلاّ بحثّ النّاس وترغيبهم في الخروج أو على الأقل إظهار الرّغبة في الخروج بالتحدّث بهذا بين الأتباع والأشياع ، وهذا مالم يحصل من أئمة الإمامية التسعة المعصومين على اعتقاد الإمامية ، بل المُطَّلعُ على حالهم من كتُبِ وروايات الإمامية الحديثية يجدُ أنّهم قد وصلوا إلى أعلى مراتب الإتّقاء والخوف والتخفي !! حتّى وصَلَتْ الدَّرجة ببعض الروايات الإمامية أن تصفَ بعضَ المعصومين التسعَة بالإنكارِ على السّائل لهم ( أي للمعصومين ) عن إمامتهم ؟ فتجد المعصومين ينفونَ الإمامةَ عن أنفسهِم !! من الخوفِ والتقيّة !! بلْ إنّهم يُبالغونَ في التشديدِ على أصحابهم في عدمِ إفشاء سرِّ إمامَتِهم!! وهل النص المشهور يحتاجُ من المعصومين إلى طلب إخفاءه ، وهل يدخلُ العقل هكذا كلام ، إلاَّ عندَ مَن أعْمَت المذهبية والعصبية عقلَهُ وقلْبَه فإنَّ لها مجال !! انظر حديث الثقلين والسفينة والغدير والمنزلة والنجوم والطير وأمثالها ، هل اختَفَت عن النّاس أو اشتهرَت حتى بُهر البعضُ بطُرُقِ إسنادِها ، ثم انظر حديث الإثني عشر المروي على حدِّ زعم الإمامية من ستٍ وعشرين صحابياً بالإسم والعدد وتأمّل مدى انحصارهِ وانتشارِه في فئةٍ قليلةٍ من أتباعِ الأئمة المعصومين ، بل انظر إلى تلكَ الرواية اليتيمة عن ابن عبّاس في تجويزه المتعة كيف طارَت في الأصقاعْ واحتوتها كُتبُ المُحدَّثين والحُفّاظ ، واحكم على عدمِ رواجِ هذه الرواية الإثني عشرية المروية عن طُرُقِ كبار الصحابة أمثال عبد الله بن العباس وعبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك أبي هريرة وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم وأبي أمامة و واثلة بن الأسقع وأبي أيوب الأنصاري وعمار بن ياسر وحذيفة بن أسيد وعمران بن الحصين وسعد بن مالك وحذيفة بن اليمان وأبي قتادة الأنصاري وعلي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين عليهم السلام ، ومن النساء أم سلمة وعائشة وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فبلله عليكَ أين الخلل ؟! أفي هؤلاء الصّحابة الكرام ؟! أمْ في الآخذين والمُحدّثينَ عنهم ؟! إنْ قُلتَ في الصحابة فقد كَتَموها وحَجبوها وقللّوا من رواياتها ! قلنا : جوابُ القارئ هُوَ جوابنا عليكم فإنْ كان أمثالُ هؤلاء سيُخفي نصاً كهذا فعلى سُنة الرسول العفاء . وإنْ قُلْتُم : الخللُ في مَنْ حدَّثَ عنهم فقد كانوا حريصين على الإخفاء لهذا النّص الإثني عشري المُلزِم . قُلنا : وهذا مالا يقولُه أولي العقول النيّرات ، فالأمة لن تُجْمَع على إخفاءِ أمرٍ كهذا في الأهميّة ،كيفَ لا وهُوَ يحْملُ أمراً جللاً به يتم الإيمان وبه ينقُص ، به ينجو المرءُ وبهِ يهلَك ، ثمّ انظر فضائلَ أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السّلام كحديث الثقلين والراية وبراءة والمنزلة والطير والسفينة والغدير والنجوم ، رغمَ جهودِ بعضِ المُحدَّثينَ والحُفَّاظِ في كتمها بأوامرِ الخلافات الإسلاميّة في وقتهم أو بهوىً منهم والعياذ بالله ، انظر إلى هذه الأحاديث وتأمّل كيفَ خرجَ من بينِ الكِتمَينْ ما ملأ الخافقين منها ، وأمّا النص الإثني عشري فلا ندري ما حالُه ؟! وهُو الأهمّ والأوضحُ في العبارة والإستدلال من خبري الثقلين والسفينة وأمثالهما ، ثمّ انظر إلى فضلِ زين العابدين وكيف أقرَّ به الموالفُ والمُخالف وانظُر إلى القصيدة الفرزدقية التي قيلَت فيه كيفَ طارت في الأصقاع وكيف تناقَلها العالِمُ والجاهل ، فلو أنَّ زين العابدين مُحدِّثٌ بحديثٍ إثني عشريٍ كهذا فمَا سيكونُ حالُه ؟! بل وتأمّل خطبته عليه السلام بين يدي يزيد والمسلمون في المسجد هل نطقَ عليه السّلام بحرفٍ واحدٍ يُفيدُ بالخبر الإثني عشري، وهلْ ذكرَ أبناءه الثمانية في جُملَة مَنْ فُضِّلَ أهل البيتِ به عندما ذكر علي وجعفر الطيار وحمزة وخديجة وفاطمة الزهراء والمهدي والحسنين ، تأمّل هلْ ذكرَ نَفْسَهُ أو ذكرَ ولدهُ الباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري !! ثمّ لا يفوتُكَ أن تتأمّل ذيوعَ هذه الخطبة وصداها الواسِع بين الشيعة وغيرهم ، ثم تأمّل كيفَ تناقلَ المؤرخونَ خبَر إخبارِ جعفر الصادق بمقتَلِ محمد بن عبدالله النّفس الزكيّة قبل المعركة، وهُوَ ذاكَ الخبرُ الذي صَدَرَ من الصادق في ظروفٍ كانَتْ أعيتُ الأمويين تَرْقُبُ اجتماعات الفاطميين فيه ، ثم تأمّل عدمُ تناقلِ المؤرخين والمُحدّثينَ لحديثٍ واحدٍ صدرَ منه عليه السلام بخصوص إمامته أو إمامة الإثني عشر أو حتى خبرٍ واحدٍ يُفيدُ وصايتَه لابنه موسى الكاظم من بعده؟! فسَتَجد أنّه لن تجتَمع الأمة بأسرها على إجماعٍ كهذا الذي تزعمه الإمامية من إخفاءٍ ودَفْنٍ لهذا النص الإثني عشري والله المُستعان !! أضِفْ إلى هذا الإجماعِ من الأمة على جحدِ حقّ أبناء الحسين التسعة إجماع أهل البيت من بني الحسن ومن بني الحسين على إخفاءهِ والجحودِ به، وناهيكَ بإجماعِ هؤلاء القومِ من إجماعْ !! وإنْ قد عرَفنا هذا ، جزَمنا ببطلان مَنْ قال أنَّ الصحابة تواطئوا على عدمِ التحديث بهذا الخبر ، وعرفنا بطلانَ قول القائل بأنَّ الأمة قد تواطئت على إخفاء هذا النّص الإثني عشري ، فبقي أمامنا احتمالٌ واحِدٌ لا ثالِثَ له وهُوَ أنّه لايوجدُ نصٌ إثني عشريٌ أبداً ، وإنّ ما نشاهدُه اليوم في كتب الإمامية من رواياتٍ سببها الغلوُ والخطأُ والتدليسُ من الأولّين والإتباعُ الأعمى من التّابعين ، ولنا شواهدُ عديدةٌ على أنَّ النّص كان مُضطربٌ غيرُ مستقرٍ فيما قبل عصر الغيبة ، مما يجعلنا نجزم بأنَّ النص الإثني عشري ما تبلورَ ولا تكوّنَ إلاّ بعد عصر الغيبة . نعم ! وممّا ينبغي التنبيهُ عليه قبل أن نختِمَ رسالَتنا هذه هُوَ قولُنا أنّ الإمامَ المنصوصُ عليه من الله لايجب عليه الدّعوة ولا يجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر إلاّ حالِ توفّر النّاصر والمُعين ، وإنّما قُلنا لايجب عليه الدعوة أي لا يجب عليه أنْ يدعُوَ النّاس إلى إمامته لأنَّ النّص مُغْنٍ عنْ أنْ يقومَ الإمام في النّاس ويقول أنا الإمام ، ولكنّه ينبغي للإمام أنْ يُخبرَ ويُرشِدَ من أخطأ الإستدلال على النّص عليه ، كما حصلَ وأنْ قام أمير المؤمنين في الرحبة يُشيرُ إلى إمامة نفسه وأنّكم أخطأتم الإستدلال ، وأبي محمّد الحسن عليه السّلام قدْ كانَ يُخاطِبُ المُخالف له بلفظة أمير المؤمنين تنبيهاً لهم بأنّه هُو أمير المؤمنين لا معاوية ، وأبي عبدالله الحسين فإنّه ما خرجَ إلاّ وهُوَ أمير المؤمنين ، والأئمة التسعة المعصومين قد قصّروا مِن هذه الناحية فلَم يقتدوا بأمير المؤمنين علي ولا بأبي محمد الحسن ولا بأبي عبدالله الحسين سلام الله عليهم أجمعين ، فَلمْ يُخطئوا القائل بإمامَة غيرَهم تخطئةً ظاهرةً شاهرة ، وإنّما اقتصر الإمامية على رواية الأخبارِ التخطيئيةِ عنهم روايةً سريّة فيما بينهم وبينَ أتباعِهم وفي هذا تأمّلْ بارك الله فيك . وقُلنا لايجب عليه الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر إلاّ حال توفّر النّاصر والمُعين ، فإنْ لم تأتِ البيعَات ابتداءً مِن النّاس ، فهذا لايعني أن يجلس حُجّة الله والشهيدُ على النّاس في بيتِه ويُرخيَ سِتره ، بل عليه أنْ يقومَ بأعظم الفرائض وأفضلها فريضة الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر بأنْ يُرغّب النّاس في الجهاد والشهادة وإحياء الدين وإماتة البدع وهدم منابع الفتن ، وأنْ يَطلُبَ النصير والمُعين للخروج ، ولا معنى لإحتجاجِ المُحتّج بأنَّ أمير المؤمنين أتتهُ البيعاتُ من النّاس من غيرِ طلبٍ منه ، لأنّا نقول بأنّه يُستحالُ عقلاً وشرعاً أنْ يجلس أمير المؤمنين في بيته في المدينة ويترك المُسلمين في يدِ ولايَةٍ ظالِمة وأن يجعل أحكامَ معاوية وأضرابه تمرُ من أمامِه دون أن يقومَ ويَنهى عن الظُلمِ والمُنكر ويأمُرَ بالإحسانِ والمعروف ، ولو تأمّلت وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام للحسن وإخوته لوجدْتَ ما نصّه: (والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم...والله الله في أُمّةِ نبيكم فَلا يُظلمن بين أظْهُرِكُم ... لا تخافوا في الله لومَة لائم فإنَّهُ يَكْفِكُمْ مَن بَغَى عليكم وأَرَادَكُم بِسوء قولوا للناس حسناً كما أمركم الله .... ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولي الأمر عنكم وتَدْعُونَ فَلا يُستجَابُ لكم ... ) ، فهلْ مَن هذهِ وصيّته سيتوانى عن بذلِ الجُهد في سبيل إحياء دين الله ودين الرسول !!، نعم! وكذلك لا حُجّة لِمن قال بأنّ أبي محمد الحسن قد بايعهُ النّاس على النصرة والطاعة ابتداءً منهم دونَ أن يطلب الناصرَ والمعين ، لأنّا سنقولُ بأنّه يُستحالُ عقلاً وشرعاً أن يجلسَ أبي محمّد عن إبلاغِ الجُهدِ والجَهْدِ في الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر وأنْ يُخالِفَ وصيّة أبيه أمير المؤمنين بل ووصيّة جدّه محمد صوات الله عليه وعلى آله مِن قَبْلِ وصيّة أبيه ، ومَع هذا فلو تأمّلت أيها الباحثُ المُنصِفْ أبي محمد وهُو يُرسلُ اتباعَه إلى القبائل والعشائر يستحثّونهم على الخروج معه لغيّرت رأيكَ في أنَّ للتسعة المعصومين قدوَةٌ به حالَ سكوتِهم وعدم طلَبِهم للناصر والمعين، إذ لو كانَ الأمر كذلك لاكتفى أبي محمّدٍ بمن قد كانَ بايَعَه في البداية من أتباع أبيه ولَم يُبْلِغ الجهد في جَمْعِ المزيد من الأنصار والأتباع بأنْ قام بإرسال السفارات والرُسُلِ إلى القبائل ووجوهِ العَرَب لِيَسْتَقْطِبَهُم ويَضُمّهم إلى جيشه ، وفي هذا فليتأمّل المُتأمّلون ، نعم! فالعُذر للإمام عن الخروج وتغيير المُنكر حالَ إبلاغِه الجهد في أن يتوفّر له النّاصر والمُعين على الخروج ولكنْ دونَ جدوى ، كما حصلَ لأبي محمّد الحسن عليه السلام عندما خذلَه النّاس بعد أنْ أبلَغَ معهم الجُهْد في الدعوة فعندها آثرَ المصالحة .

جعفري كتب :
ثانياً : إن احتجاجكم بنص الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على أن الإمامة بالشورى باطل من عدة جهات :

الأولى : أن الإمام ترك الأمر للمهاجرين والأنصار وجلهم ليسوا من البيت الفاطمي فهل تقبلون رأي غير الفاطمي في اختيار الإمام ؟

ليسَ في هذا ما يمنعُ أخي الجعفري ، خصوصاً إذا عرفتَ أنّ الأشخاص المُشاركين في اختيار الإمام ، ليسوا إلاّ من أهل الحلّ والعقد ، ومن خيار الأمّة ، وإلاّ فالغالب فيما بعد عصر المهاجرين والأنصار ، دخول أهل الحل والعقد من بني فاطمة وغيرهم في اختيار الإمام .

جعفري كتب :
الثانية : أن الإمام علي ( عليه السلام ) لم يقل هذا الكلام في ظرف عادي بل لما رفض خلافتهم وأصروا عليه قال لهم هذا الكلام فهو يحتج عليهم بالنص ولكن بطريق غير مباشر فقوله ( إنما الشورى للمهاجرين والأنصار ) و حصره اجتماع الرأي عليهم يشير إلى إن اجتماعهم لابد وأن ينتهي بالاتفاق على إمامته ( عليه السلام ) لأن من سمع خبر النص عليه من رسول الله ( ص) أكثرهم من المهاجرين والأنصار .
أخي الفاضل ، كلامُكم هُنا فيه تضييق ، لأنّ كلام الإمام علي (ع) ، كانَ عامّا ، نعم ، هُو أرادَ أن يحتجّ على القاسطين من أهل الشام بأنّ الشّورى من أهل الحلّ والعقد (المهاجرين والأنصار) قد وقعَت عليهُ ، واختاروهُ دونَ غيرهِ . وهذا فمنَ الإمام تنزلٌ في طريق إثبات إمامته ، فيُخاطبُ النّاس بأدنى ما قد يفهموه من طُرق عقد الإمامة ، وإلاّ فإنّه قد خاطب غيرَهُم بالنّص الإلهي الذي اتى فيه . فإن قيل : ما عَدوتٌم قولَنا في المسألَة . قُلنا : ولكنّكم فهمتُم من قوله (ع) غيرَ ما فَهِمناه ، وفهُمنا من قول الإمام الساّبق ، أنّ هذا تشريعاً يُبيّن فيه الإمام طريقَ عقد الإمامة فيمَن بعد من نصّ الله والرّسول عليه ، أي فيمَن هُم بعد الحسين والحسين ، أي في ذريّة فاطمة ، أبناء الحسن والحسين . نعم ! وهُنا وإراضاءً للإنصاف ، ولفكّ الالتباس الحاصِل ، نسوق نصاّ عن أمير المؤمنين أوضحٌ في الدلالة ممّا سبَق ، فنقول قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، مّبيّنا مْنَ هُو الجديرُ بالإمامة :

((أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ فِيهِ، فَإِنْ شَغَبَ شَاغِبٌ اسْتُعْتِبَ ، فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ. وَلَعَمْرِي، لَئِنْ كَانَتِ الْإَمَامَةُ لاَ تَنْعَقِدُ (تأمّل) حَتَّى يَحْضُرَهَا عَامَّةُ النَّاسِ، فمَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ، وَلكِنْ أَهْلُهَا يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا، ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ.)) [ نهج البلاغة خ173] .

تعليق : وهُنا فيتكلّم الإمام (ع) ، مُعلّماً للناس أصولَ دينهِم ، وأنّ طريقَ الإمامة هي الشورى ، فيقول اعلموا أيهّا النّاس ، وتفهّموا ، وأيقِنوا ، أنّ أحقّ الناس بإلإمامة ، هو الأشجعُ والأقوى والأعلم في دين الله ، وطريقُ الاختيارِ هي الشّورى مِن قِبَل اهل الحلّ والعقد من صُلحاء الأمّة ممّن حضرَ دعوة الدّاعي من بني فاطمة ، ثم يُبيّن الإمام ما على الخارجين على مَن اتفّق صُلحاء الأمّة عليه من بني فاطمة ، فيقول : فإن شغبَ أوخرجَ أو ألّبَ على الإمام خارجٌ أو مُؤلبٌ ، استُتيبَ ، وإلاّ فإنّهُ يُقاتَل . ثمّ يُبيّن الإمام أنّ اختيار الإمام لا يشترطُ فيه حضور جميع النّاس ، بل يكفي فيه مَن حضرَ من صُلحاء المُسلمين . ثمّ لو تأمّلتَ أخي في الله قول الإمام (ع) : ((وَلَعَمْرِي، لَئِنْ كَانَتِ الْإَمَامَةُ لاَ تَنْعَقِدُ )) ، بإزاء قوله : ((أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الْأَمْرِ )) ، نعم ! لو تأمّلتَهُ جيّداً لوجدتهُ يتكلّم عن مُتقبلِ النّاس ، ولا يتكلّمُ عن نفسهِ ، لوجدتهُ يُعلّمُ النّاس لمُستقبلِهِم ، يُعلّمهم كيف يقفونَ على إمام نبي فاطمة ، وذلكَ لأنّا وجدناهُ (ع) ، يخصّ بني فاطمة بوالية دون غيرهِم ، فيقول : ((إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيشٍ غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ، لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ)) [ نهج البلاغة خ143 ] .

جعفري كتب :
الثالثة : إن الإمام علي ( ع) لم يكن يعترف بالشورى فهذه مقتطفات من كلامه في نهج البلاغة يشير إلى ذلك :
نعم أخي في الله ، الإمام علي (ع) ، لم يكُن يعترفُ بالشورى في حقّ نفسه ، بل كانَ يرفضُ هذا رفضاً باتاً ، وقاطعاً . ولكنّه كان يُشيرُ إليها في حقّ الولاة من بني فاطمة الذي قال انّ الوُلاة لا تكونُ إلاّ منهُم . واما ما ذكرتَهُ من نصوص تؤيّد قولَك ، فهي خاصّة للإمام علي (ع) .

جعفري كتب :
الرابعة : ومن المؤكدات أنه لم يكن يعني أن الإمامة بالشورى هو ذكره لفضائل أئمة أهل البيت عليهم السلام فهو يقول :
وسنأتي هُنا مع الأخ (جعفري) على ما استنبط منهُ النّص على الأئمة من الفضائل التي ذكرها الإمام علي (ع) :

جعفري كتب :
(لا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّد(عليهم السلام)مِنْ هذِهِ الاُمَّةِ أَحَدٌ، وَلا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أبَداً. هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وَعِمَادُ اليَقِينِ، إِلَيْهمْ يَفِيءُ الغَالي(6)، وَبِهِمْ يَلْحَقُ التَّالي، وَلَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الوِلايَةِ، وَفِيهِمُ الوَصِيَّةُ وَالوِرَاثَةُ، الاْنَ إِذْ رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ، وَنُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ.) – نهج البلاغة : خطبة رقم 2 – ص40
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، بل نطقَ الإمام (ع) بما نطقَ به الله في آيات الاصطفاء (آبة فاطر) ، من أنّ آل محمّد (بنوا فاطمة) هُم أساس الدّين ، فالحقّ لا يخرجُ عنهم ، ومَن كان الحق غيرُ خارجٍ عنه ، فَيحقّ له أن يكون أساساً للدين ، وعلماً عليه ، إليهِم يرجَع المُغالي في دينه ، وإليهم يرجَعُ المُقصرّ في دينه ، لأنّهم النّمرقَة الوُسطى ، التي لا إفراط ولا تفريطَ فيها ، ألا تسمعُ لقول مَنْ قال : الزيديةُ سنّةُ الشيعة ، وشيعَة السنّة ، يُريدُ بذلك أنّها اعدل المذاهب في نظرتها ، فقد توسّطت هؤلاء ، وهؤلاء ، فهي النّمرقَة الوُسطى . ولهم خصائص حقّ الولاية ، من السّمع والطّاعة ، والائتمام بقولهِم ، وعدم التقدم عليهم فيما أجمعوا عليه من علوم الكتاب والسنة ، وفيهم الوصيّة الإلهيّة ، وذلكَ لمّا اصطفاهُم الله بقوله : ((ثمّ أورثنَا الكتاب الذين اصطفَينا من عبادنا)) ، وهذه فخاصّةٌ بآل محمد ، (أبناء الحسن والحسين) ، وفيهم الإمامة الإلهية ، بقول الله تعالى : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) ، وبهِم وصّى الله تعالى في آية المودّة : (( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )) ، وقُربى الرّسول : فليسوا إلاّ بني فاطمة بالاتفاق ، لا أنّ التسعة من بني الحسين هم ذوي قربى الرسول ، وبقية أبناء الحسن والحسين ليسوا بذوي قُربى للرسول ، وهذا بعيد . والله قد أورَثهُم المُقارنَة و الملازمة للكتاب ، والإتيان الصحيح التام به ، دونَ غيرِهِم من بيوت وبطون العرب والعجم .

جعفري كتب :
2- (هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ، وَلَجَأُ(1) أَمْرِهِ، وَعَيْبَةُ(2) عِلْمِهِ، وَمَوْئِلُ(3) حُكْمِهِ، وَكُهُوفُ كُتُبِهِ، وَجِبَالُ دِينِه، بِهِمْ أَقَامَ انْحناءَ ظَهْرِهِ، وَأذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِهِ(4). ) – نهج البلاغة : خطبة رقم 2 – ص40
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، بل إنّ الإمام في هذه الجزئية لا يتكلّمُ عن أئمّة الجعفريّة ، بالمعنى الذي فهمهُ الجعفرية منهم ، وبالقداسَة التي أعطوهُم إيّاها ، فالمعلوم أنّ ظهرَ الدّين من عام (255هـ) ، لم يُحاول كَهفُ علم الله الغائب المُنتظر ، أن يَسنِده ، أو أن يُقوِّمَ انحناءَهُ ، ثمّ لم يُحاول عيبَة علم الله الغائب المُنتظر أن ينشرَ علمَه ليستفيدَ منه الملأ ، فالمعلوم أنّ العلوم اختلطَت وتكدّسَت ، بل إنّ شيعة الإمام المهدي (عندي) أفضلُ عملاً منه ، فهم ينشرونَ العلوم ، ويُمحصّون ويُدققون ويُؤرّخون ، وهُو لم يفعلَ شيئاً من ذلك ، بل إن الإمام الخميني (في نظري) أفضلُ إقداماً وجهاداً منه . فإن أنتَ وقفتَ على هذا ، أخبرتُكَ بتأويل كلام أمير المؤمنين السابق ، وفيه أنّ آل بيت رسول الله (بنو فاطمة) بعموم ، هم سرّ الله في أرضِه ، اعداؤهُم كُثُر ، يتناشونهَم تحتَ الحجرَ والمدَر ، من عهد بني أميّة إلى يوم النّاس هذا ، وهُم مع ذلكَ باقونَ صامدونَ على المَبدأ ، لم يَنقرِضوا كما انقرضَ غيرهُم من أصحاب المدارس الفكريّة ، على شدّة التّكالُب عليهِم ، فهم سرّ الله تعالى في أرضِه ، اصطفاهُم وأفعال الله تعالى فكلّها حِكمَة ، وحكمَة الله تعالى في في هذا الأسرة الحسنيّة الحسينية فهي سرّ الله تعالى فيهم، ابتلى النّاس بطاعتهِم والائتمامِ بهم ، والإجابة لدعوات أئمّتهم ، وابتلى الأئمّة بالسعي الجاد الحثيث في استنقاذ أمّة جدّهم ، وفي هذا الابتلاء لهم من الله سرّ إلهي عظيم ، لأنّه ابتلاءُ عظيم ، والابتلاء كلّما عَظُم أُجزِلَت عليه المَثوبَة من الله ، وهُم أوعية علم الله ، وليسَ يُقصد بالعلم هُنا إلاّ ما يحتاجهُ المُكلّفون دونَ غيره من الأفضال ، وكتاب الله وسنة نبيّه التي هي دين الله فليسَت تعدوهُم ولا تخرجُ صحيحةً إلاّ من عندِهِم ، فهم جبال الدّين ، وأُسسهُ ، وكيف لا يكونوا كذلك وهُم المُقارنون للكتاب العظيم ، وللهدي النبوي الشريف ، بهم وبَدعواتهم الجامعةُ غير المُفرّقَة أقام الله ما ألصقهُ أهل التحريف بدين الله تعالى ، وأذهبَ ما قد يَهدم دين الإسلام من الأقوال المُتناقضَة . وهل هذه إلاّ صفَة أئمّة الزيدية ، دون مَن لا ينظرُ ناظرُهُم إلى رعيّته بعين الاهتمام ، والله المُستعان .

جعفري كتب :
3- (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ)؟ و (أَنَّى تُؤْفَكُونَ)(1)! وَالاَْعْلاَمُ(2) قَائِمَةٌ، وَالاْيَاتُ وَاضِحَةٌ، وَالْمَنَارُ(3) مَنْصُوبَةٌ، فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ(4)؟ بَلْ كَيْفَ تَعْمَهُونَ(5) وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ(6)نَبِيِّكُمْ؟ وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ، وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ! فأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ القُرْآنِ، وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ الْعِطَاشِ(7).) – خطبة رقم 86 – ص172
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، بل إنّ فيه ما يُعضّد قول الزيدية في ضرورة اللجوء إلى آل بيت رسول الله ، من سادات بني الحسن والحسين ، والانتهال من نهلهِم ، والارتواء من علمهِم ، فاينَ تَذهبونَ أيّها المُسلمون ، والآيات واضحَة ، والسنّة مرويّة ، وبينَكم مَن حثّ الله والرّسول عليهِم ، يُخالطونَكم ، ويُعيشونَ على أرضكم ، أين يُتاهُ بكم عنهُم ، تقصدونَ غيرهُم دونَهُم ، وهُم الأولى والأجدر بالسؤال ، والاستفهام ، فأنّى تُؤفكون , نعم ! ألا ترى أخي في الله أنّ الإمام علي (ع) ، ينفي الغيبَة في كلامه السّابق ، وذلكَ عندما قال : (( بَلْ كَيْفَ تَعْمَهُونَ(5) وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ(6)نَبِيِّكُمْ؟ )) ، والمعلومُ أنّ عترة نبيئنا على مُقتضى قول الجعفرية ليسَت بيننَا ، بل وليسَت مُعاصرةً ولا مُخالِطةً لعَاشِر آبائنا ، فكيف يا أمير الؤمنين وعيبة علم رسول ربّ العالمين تُحيلُنا إلى عترةٍ لا وجودَ لها بيننا ، فنحنُ هؤلاء عطشَى ، فهل مِن ينبوعِ عِلمِ عذٍب نرتوي منه ؟! ، إمامُنا غائب ، وأنتَ تُحيلُنا إليه ، فإلى الله المُشتكى.

جعفري كتب :
4- (انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ(4)، وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدىً، وَلَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدىً، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا(5)، وَإِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا، وَلاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَلاَ تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا.) – خطبة 96 ص219
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، بل إنّ فيه دلالةٌ قيّة على ما ذهبَت إليه الزيدية في اشتراطِ إشهار الدّعوة بشرط وجود النّاصر ، وهُنا فيحثّ أميرُ المؤمنين علي (ع) ، على الاتزام بفعل أهل البيت (ع) ، سادات بني الحسن والحسين ، وأن يعلمُوا أنّ أهل هذا البيت لن يُخرجوهُم من هدى ، ويُدخلوهُم في ضلال ، ثمّ يحثّهم علي (ع) على الاتباع لآل البيت في منهاج الدّعوة ، فإن هُم رأوا في القعود عن الجهاد والخروج بالسيف المصلحَة ، فأتمّوا بهم ، واقعدوا معهُم ، وإن هُم نَهضُوا فانهَضوا معهُم ، هذا الحسن بن علي ارتأى القيام ، فالواجب القيام ، ثمّ ارتأى القعود فكان اللازم السمّع والطّاعة ، وهذا الحسين ارتأى النهوضُ فكان الواجب النّهوض معه ، وهذا زيد بن علي ارتأى النهوض فكان الواجبُ النهوض مَعَه ، قال باقر علوم الأنبياء حاضاً النّاس على الخروج مع زيد (ع) : ((إن أخي زيد بن علي خَارج وَمقتولٌ وَهُوَ عَلى الحقّ فَالويلُ لِمَن خَذَلَهُ، والوَيلُ لِمَن حَارَبَه، وَالويلُ لِمَن َيقتُله)) ، وأولّ النّاقضين على زيد فمؤمنُ الطّاق علامّة الجعفرية وصاحب الأئمّة (فيما قد أوردناهُ بسندٍ قويّ سَابقاً) ، ثمّ نهضَ ابنه يحيى فكان الأولى النّهوض ، وكذلك النّفس الزكيّة محمد بن عبدالله وإخوته ، والقاسم بن إبراهيم فإنّه رأى القعود مع الدّعوة المغمورة لمّا تعذّر القيام ، وإلاّ فإنّه قد بذل جهدهُ وبايعه سادات أهل البيت إماماً لهم ، فلمّا ضُيّقَ عليه أشد التضييق من بني العباس ، الجاهُ هذا للقعود ، فكان الواجب اللبود (القعود).
جعفري كتب :
5- (أَلاَ إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، كَمَثَلِ نُجُومِ السَّماَءِ: إِذَا خَوَى نَجْمٌ(5) طَلَعَ نَجْمٌ، فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ اللهِ فِيكُمُ الصَّنَائِعُ، وَأَتَاكُم مَا كُنْتُمْ تَأْمُلُونَ.) – خطبة 99ص224

أقول : وانتهاء نجم وطلوع نجم آخر لايكون إلا بأمر الله عز وجل وكذلك الأئمة يكونون بأمرالله .
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، بل إنّ فيهم ما يُعضّد عقيدة الزيدية ، وينفي قول مَنْ حصرَ أهل البيت في اثني عشر رجلاً ، فالإمام (ع) يُشير بقوله ، كلّما هَوى نجمٌ ، طَلعَ نجم ، إلى كثرة الدّعاة من آل البيت ، وأنّهم في جميع الأعصار متواجدين . ونحنُ نقول أنّ صُلحاء آل محمّد فلا ينعدمون ، يضلّ مَنْ يضلٌّ منهم ، ولا يضلّون جميعاً أبداً . دعٍ يَعقبه داعٍ ، ذاكَ قاعدٌ يدعو ، والأخرَ توفرّت له الظروف الملائمة فدعا بدعوة ظاهرَة ، هكذا حالُ بني فاطمة ، ولن ينعدمَ منهم مُؤهلٌ للإمامة أبداً . وأمّا قولُكم واستدلالكم بأنّ انتهاء النّجكم لا يكون إلاّ بأمر الله تعالى ، وكذلك الأئمّة يكونوا بأمر الله تعالى . فإنّ هذا رحمكم الله إيردٌ غير مُناسب ، فإنّ القصد من التشبيه هُو أنّ دُعاة آل البيت من بني الحسن مثل النجوم التي تهدي ، فمتى ، توفّي أحدهُم ، طلعُ غيرهُ على منهاجه في الدّعوَة ، وليسَ هذا كلّه يتمذ إلاّ بإذن الله ، الذي هُو علِمه السّابق الأزلي .

جعفري كتب :
6- (نَحْنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمَحَطُّ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ(1)، وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ، وَيَنَابِيعُ الْحُكْمِ، نَاصِرُنا وَمُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ، وَعَدُوُّنا وَمُبْغِضُنَا يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ. ) – خطبة 108ص251
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، فقولهُ (ع) نحنُ شجرة النبّوة ، أي أنّ أصلَ النبوّة محمّدٌ وهُو أصلُنا ، فنحنُ لهذا شجرة النبّوة ، وأنّ الرّسالة حطّت على محمّدٍ وهُو أصلُنا ، ونحنُ لهذا محطّ الرّسالَة ، وأنّ الملائكَة اختلفَت على محمّدٍ وهُو أصلُنا ، فنحنُ مُختلَفُ الملائكَة ، ثم يبيّن الإمام أنّ آل البيت ، سادات بني الحسن والحسين ، هُم أصلّ العلم ومَعدنه وينبوعه ، وأنّ التّابع لما أصلّوه وأجمعوا عليه وفالوا به فهو على المحجّة البيضاء الذي ينتظرُ صاحبُها أمرَ الله ، فجنته ، وأنّ مُبغضهُم والنّاقضُ عليهم ، فينتظرُ غضب الله ، فنارُه .

جعفري كتب :
7- (أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا، كَذِباً وَبَغْياً عَلَيْنَا، أَنْ رَفَعَنَا اللهُ وَوَضَعَهُمْ، وَأَعْطَانَا وَحَرَمَهُمْ، وَأَدْخَلَنَا وَأَخْرَجَهُمْ. بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى، وَبِنَا يُسْتَجْلَى الْعَمَى. إِنَّ الاَْئِمَّةَ مِنْ قُرَيش غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِم، لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ.) –خطبة144ص309-310

أقول : والمقطع الأخير استشهدتم به في مشاركتكم وهو لا يعني أن الإمامة بالشورى للبيت الفاطمي بوجه عام وإنما بالنص على فئة معينة وهم الراسخين في العلم منهم وهم المطهرون اللذين أشارت إليهم الآية ( لا يمسه إلا المطهرون )
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، فعلي (ع) ، ينعى على الذين قالوا أنّهم الراسخون في العلم دونَ أهل البيت ، لانّا ما زلنا نسمع اليوم أنّا الرّاسخين في العلم هُم العلماء من أي ناسٍ كانوا ، والإمام فينفي هذا نفياً قاطعاً ، ويُعزي هذا إلى الكذب منهُم والبغي والحسد ، بأن اعطى الله أهل البيت منزلَة الرّسوخ دونَهُم ، وفضلّهم دونَهُم ، فبأهل البيت ومنهم تُطلب سُبل الهدايَة ، وطُرق البصيرَة ، ثمّ يُشير الإمام (ع) إلى عقيدة الزيدية في أنّ الإمامة ليسَت إلاّ في بني فاطمة ، دون بقيّة قريش وبني هاشم ، بل دونَ إشارات منه (ع) إلى أشخاص من بني فاطمة ، فقد جعلَها الله عامّة ، وهو قولُنا ، وقول الله تعالى في ىية الاصطفاء (آية فاطر) ، وقد بيّنا من قول أبي عبدالله أنّ علم الراسخين ليسَ إلاّ علمُ ما يحتاجهُ المُكلّفين من النّاس ، وذلك بقوله : ((والقُرآنُ خَاصّ ، وعَامٌّ ، ومُحْكَمٌ ، ومُتَشَابَه، ونَاسِخٌ، ومَنْسُوخٌ، فَالرّاسِخُونَ فِي العِلمِ يَعْلَمُونَه)) ، وهذا فيُعضّد قول الزيدية فيما ذهبَت إليه ، دونَ ما ذهبَت إليه الجعفرية من التعبير عن الرّسوخ ، بالإحاطة بمكنون غيب الله في سماواته وأرضه .

جعفري كتب :
8- (وَإِنَّمَا الاَئِمَّةُ قُوَّامُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِلاَّ منْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ.) – خطبة 152ص327
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، وفيه إثبات منزلَة الأئمة في الارض ، وأنّهم حُجج الله على العباد ، وكيفَ لا يكونوا حُججاً لله على العباد ، والله والرسول قد أمرَوا بالاهتداء بهديهِم ، وما أصّلوهُ بإجماعاتهم ، وحثّوا على إجابَة داعي آل محمد من بني الحسن والحسين ، وأنّه لا يدخل الجنّة إلاّ مَن عرفَ انّ الحق فيهِم ، وعَرفوا منه صِدق المُتابعَة ، ولا يَدخلُ النّار إلاّ مَن أنكرَ انّ الحق فيهم ، وأنكروا سيرتَهُ معهُم ، وليسَ يُذهبَ من هذا إلى المَعرفَة الشّخصيّة ، لأنّ هذا يُستحال إلاّ عندَ الُغلاة ، فالمعلوم أنّ الأئمّة لا يعرفونَ جميع النّاس ، ولا كان الرسول (ص) عارفاً لهمدان مثلاً فرداً فرداً ، الصغير منهم والكبير . ولكنّ النّاس بوسعهم من جانب الإمام أمران : الأمرُ الأوّل : أن يَعرفوا شخصه ، وشخصُه فهو شخصُ الدّاعي إلى الله تعالى من بني الحسن والحسين ، وهذا فيكون حال الظهور في الدعوة ، كحال الغمام الهادي غلى الحق (ع) . والأمر الثاني : أن يَعرفوا صِفَته ، إن لم يكونوا واقفين على شخص الإمام ، وهذا في حال الدعوة المغمورة .

جعفري كتب :
9- (نَحْنُ الشِّعَارُ(1) وَالاَْصْحَابُ، وَالْخَزَنَةُ وَالاَْبْوَابُ، [وَلاَ] تُؤْتَى الْبُيُوتُ إِلاَّ مِنْ أَبْوَابِهَا، فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَيْرِ أَبْوَابِهَا سُمِّيَ سَارِقاً ) ، (فِيهِمْ كَرَائِمُ(2) الْقُرْآنِ، وَهُمْ كُنُوزُ الرَّحْمنِ، إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا، وَإِنْ صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا.) خطبة 154ص331
وهذا أيضاً فلا دليلَ فيه على النّص على أشخاصٍ بعينهِم ، وإنّما فيه وصفٌ لعِلم آل رسول الله (ص) ، وأنّ طالب النّجاة لن يتأتّى له سُؤله إلاّ إذا قصد بيوت النّجاة من ابوابها ، وهذا فيعني الطلب الصحيح للعلم ، فإنّما يكون عند أهل البيت (ع) ، ويذكُر (ع) ، صفاتهِم ، فيذكرُ أنّهم إن نَطقُوا صَدقوا ، وإن صمَتوا لم يُسبقوا بالكلام ، وهذا فكنايةٌ عن حُسن كلامهم ومنطقهم ، وكيفَ لا يكون الأئمة كذلك ، وهُم مانالوا مانالوه من درجة الإمامة إلاّ بعد وصولهم لدرجة السّبق بالخيرات ، ودرجة السّبق فأعلى الدّرجات ، فصلوات الله على بني الحسن والحسين .

جعفري كتب :
فكيف يكون الأئمة الثلاثة علي بن أبي طالب (ع) والحسن والحسين عليهم السلام منصوص عليهم وباقي الأئمة انتخابهم يكون بالشورى ؟

فإما أن تكون الإمامة كلها بالشورى كما هو الحال عند أهل السنة وإما أن تكون بالنص كما هو الحال عند الإمامية . ولكن أن تكون نص وشورى فهذا مالا يقبله عقل ولا منطق .إذن مالحكمة في النص على الأئمة الثلاث وترك الأمر شورى في باقي الأئمة ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
مع أنّه بإمكاني أن أقولَ كذلك أرادَ الله ، ولكنّي سأستطردُ قائلاً : أنّ هذا القول منّا لا يُعارضهُ لا كتابٌ ولا سنّة ، فالكتاب يشهدُ بأحقيّة بني فاطمة للإمامة ، والسنّة فتشهدُ بفضلهِم ولا تُخصّص لفظات العترة بافراد من العترة دون افراد ، ((وعترتي أهل بيتي)) ، فالعترة هم صالحوا العترة ، ولولا أن الله استثنى الظّالمين منهم ، ما استثنيناهم ، نعم والسنّة أيضاً تقول بالنص على علي والحسنين .

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحترم

تحية طيبة وبعد

أقدر لك حماسك تجاه مذهبك ولكن ما تقوله أنت كذلك يقوله الإسماعيلية والأباضية والكيسانية وغيرهم من الفرق كل حزب بما لديهم فرحون كما قال القرآن .

ولكن يبقى السؤال أين الحقيقة ؟ وهل كل هذه الفرق على حق ؟

الجواب بالنفي طبعاً فالحق واحد ولا يتجزأ ولا بد أن فرقة واحدة هي المحقة والباقي على ضلال

وأراك يا أخي نسبت نهج البلاغة إلى الزيدية وكل آية في القرآن إلى الزيدية

وقد أطلت في مشاركتك ولكن قبل أن أجيبك قل لي :

متى ظهرت الفرقة الزيدية ؟ وعلى يد من ؟

تحدث لي قليلاً عن أئمتكم ( أسمائهم - فترة ظهورهم ) واسرد لي أسماؤهم وتاريخ وفاة كل إمام منهم حتى نكون على بينة فالموضوع طويل ويحتاج إلى تفصيل حتى نستمر معكم في النقاش

أعانك الله على ذلك

بانتظار مشاركتك .

مغلق

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“