النسخ في القرآن الكريم ( نقاش وتحليل )

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

النسخ في القرآن الكريم ( نقاش وتحليل )

مشاركة بواسطة المتوكل »

لقد أثار الإستاذ / عدنان الجنيد ، في صحيفة الأمه خلال الأسابيع الماضيه . موضوع بعنوان ( إبطال أنواع النسخ في القرآن الكريم ) .
وقد طرح أشياءً كثير ، إذا أمعنا النظر فيها وجدناها صحيحه .
ــــــ
ومن هنا أتوجه إلى جميع الإعضاء في المنتدى ، مشاركتنا في تحليل هذا الموضوع ، لنزيل بعض الإلتباسات العالقه في أذهان أكثر الناس حول ذلك ، ولكي تتوضح لنا بعض الأمور التي لم يشر إليها الأستاذ / عدنان الجنيد في طرحه للموضوع في الصحيفه .
فهلموا للبدايه .
وأرجوا كذلك أن نناقش هذا الموضوع بتسلسل ، نقطةً نقطه .
ــــــــــــــــــــــــ
أولاً ما المقصود بالنسخ ؟ وما هي معانيه ؟
صورة
صورة

محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

أشارك الأخ عدنان فيما طرح، فلا نسخ في القرآن بالمعنى التقليدي الذي هو إنهاء حكم ، وإذا كان بمعنى التخصيص والتقييد أو التفصيل أو ما أشبه ذلك فهو ثابت ولا يسمى نسخا ، وللسيد جمال البناء بحث قيم في هذا الموضوع. في كتابه الأصلان العظيمان.
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

لو تكرم الأخ حسن زيد ونقل الموضوع من الصحيفة ليتمكن الإخوة من الإطلاع عليه ومناقشته

حسن زيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 266
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 7:57 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة حسن زيد »

ان شاء الله سوف افعل
تحياتي للأستاذ عبد السلام ولكل ألأخوة
إن مع العسر يسرا،إن مع العسر يسرا

حسن زيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 266
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 7:57 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة حسن زيد »

إبطال أنواع النسخ في القرآن
عدنان أحمد عبدالمعطي الجنيد.

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الغر الميامين وبعد...
كنا قد تكلمنا في صحيفة الأمة -قبل سنتين تقريباً- حول (لا نسخ في القرآن)، وكان قصدنا تفعيل الآيات القرآنية - التي ذهبوا إلى نسخها- وأنّ لها دور فعال في حياتنا العملية، فكل آية من كتاب الله تعالى لها هداية وإرشاد، قال تعالى:(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)، فكما أنه يطلق على الكتاب كله قرآن، كذلك يطلق على بعض آياته بأنها قرآن، قال تعالى:(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)، ومعلوم أنه ابتدأ نزوله بآيات من القرآن لا كل القرآن، فإذا فهمت هذا تعلم بأن الآيات التي ذهبواإلى نسخها هي قرآن لها هداية وإرشاد ودور فعّال، فإذا كانت منسوخة لا يعمل بها يكون ذلك تكذيباً لقوله تعالى:(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)، لأنها ستكون محنطة، فماذا سنجني هدايتنا منها؟
فالنسخ باطل، والقرآن (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)، كذلك قوله تعالى:(أفلا يتدبرون القرآن...) فقد أمرنا الله تعالى أن ننظر في هذا القرآن ونتفكر في غاياته ومقاصده وعاقبة العامل به والمخالف لـه...
فهذه الآية تدلنا على أنّ تدبر القرآن فرض على كل مكلّف لا خاص بالمجتهدين الذين شرطوا فيهم شروطاً ما أنزل الله بها من سلطان. نعم هناك شرط لا بد منه ولا غنى عنه وهو معرفة لغة القرآن مفرداتها وأساليبها، إذا فهمت هذا - أيضاً- فكيف سنتدبر آيات القرآن وهي منسوخة لا عمل لها؟! وقد تقول بأن أهل السنة لا يقصدون بالنسخ إبطال الآيات. أقول بل يقصدون بالنسخ إبطال العمل بالآيات المنسوخة فهذا السيوطي يقول في إتقانه (2/28) ما نصه:(إنما النسخُ الإزالة للحكم حتى لا يجوز امتثاله).
ويا ليتهم توقفوا عند هذا الحد!! - والذي قد تم تفنيد أقوالهم وأدلتهم على النسخ في عدة حلقات في صحيفة الأمة، وكانت آخر حلقة في 22/8/2002م، العدد 249- بل زادوا الطين بلة حيث قالوا - بلاحياء من الله- بأن هناك آيات نسخ لفظها وبقي حكمها كآية الرجم، وآيات نسخ لفظها وحكمها كآية (العشر الرضعات) التي أكلتها الشاه، وأدرجوا كلامهم هذا تحت مسمى (أنواع النسخ في القرآن)، وإليك إيراد أقوالهم وإبطالها:
إبطال أنواع النسخ في القرآن:-
لم يكتف القائلون بنسخ القرآن إلى تقسيم النسخ بل راحوا يقولون بأن للنسخ ثلاثة أنواع(1) - وبمصطلح المتقدمين ثلاثة أضرب-(2).
النوع الأول: نسخ التلاوة والحكم معاً.
النوع الثاني: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.
النوع الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
ونحن هنا سنفند النوع الأول والثاني. أما الثالث- نسخ الحكم وبقاء التلاوة- فقد تم تفنيده وإبطاله- في حلقات سابقة نشرت في صحيفة الأمة.
أولاً: نسخ التلاوة والحكم معاً.
ويقصد بهذا النوع إزالة ورفع الآية من القرآن كتابة وحكماً، ومن الأمثلة على ذلك ما رووه عن عائشة أنها قالت :(كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرّمن فنسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهن مما يقرأ من القرآن) (3). وفي رواية عنها -أيضاً- قالت:(لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن(4) فأكلها)(5).
الرد على القائلين بنسخ التلاوة:-
إن هاتين الروايتين - المكذوبتين - لتؤكدان أن هناك نقص في القرآن الكريم وهذا كلام خطير يؤدي إلى التشكيك في القرآن هذا ما نفهمه من الروايتين فالرواية الأولى تقول: بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توفي وآية الخمس الرضعات مما يقرأ من القرآن. وإذا كان كذلك فلماذا لا نجدها في المصحف؟
إن كلام عائشة واضح وصريح ولا يحتاج إلى تأويل متكلف كقولهم:(بأن المراد - من قولها فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهن ما يقرأ من القرآن - قارب الوفاة)(6).
كان الأولى أن يريحوا أنفسهم من هذا القول فعائشة أعرف منهم باللغة فقد تكلمت بكلام عربي فصيح واضح لا لبس فيه ولا غموض - هذا على فرض صحة الرواية- لكنهم لما رأوا أن بيانهم هذا لا يسمن ولا يغني من جوع قالوا:(والأظهر أن التلاوة نسخت أيضاً ولم يبلغ ذلك كل الناس إلاَّ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتوفي وبعض الناس يقرؤها)(7).
هذه التكهنات لا تنهض كدليل، فعائشة قد صرحت بأن آية الرضاع كانت تقرأ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا داعي لهذا التبريرات. ثم من غير المعقول أن لا يعلم أحد بهذه الآية سوى عائشة.
قال السيد محمد رشيد رضا:(لو صح أن ذلك كان قرآناً يتلى لما بقى علمه خاصاً بعائشة بل كانت الروايات تكثر فيه ويعمل به جماهير الناس ويحكم به الخلفاء الراشدون وكل ذلك لم يكن)(3) لماذا؟.
لأنه يستحيل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتم شيئاً أمر بتبليغه للناس قال تعالى:(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)(8)، كذلك لو كانت آية الرضاعة من القرآن لما أكلها الداجن فالقرآن محفوظ:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لـه لحافظون)(9)، فالله سبحانه وتعالى قد توكل بحفظه فلا يمكن أن يضيع شيء منه -أيضاً- الروايتان آحاد والآحاد لا ينسخ القطعي الثبوت (حكى القاضي أبو بكر في الإنتصار عن قوم إنكار هذا القسم - نسخ التلاوة والحكم معاً - لأن الأخبار فيه أخبار آحاد، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار لا حجة فيها)(10).
المسرحية المضحكة في (رضاع الكبير).
روى مسلم وغيره (11) عن عائشة قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم:(وهو حليفه)، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أرضعيه. قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير...).
وفي رواية (...فقال رسول الله صلى عليه وآله وسلم أرضعيه. فقالت: إنه ذو لحية فقال: أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة.. فقالت: والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة)(12).
(... فبذلك كانت عائشة - رضي الله عنها- تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها، وإن كان كبيراً، خمس رضعات ثم يدخل عليها، وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُدخِلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع في المهد...)(13).
قلت: نستفيد من هذه المسرحية التي أسندت بطولتها إلى السيدة عائشة بأن المرأة إذا أحبّت أن يدخل عليها رجل أجنبي أن تكشف لـه عن ثدييها ثم تمكنه من مصه عدة مرات وذلك بغرض أن يحرم عليها.
ويْ ويْ إذا كان ديننا يحرم النظر إلى الأجنبية (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)(14) أفتراه يبيح ارتضاع ثديها؟.
وإذا كان -أيضاً- الرجل يغار على امرأته أن يراها أجنبي، أفيرضى بما هو أدهى من الرؤية! كرؤية الثدي - وهو عورة المرأة- ومصه عدة مرات.
إن هذه الرواية - الشبيهة بالمسرحية - ترفضها الأذواق السليمة وتمجها النفوس المستقيمة ومن لـه أدنى مسكة من العقل ليعلم أن هذه الرواية موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقصد الإساءة إليه صلى الله عليه وآله وسلم، حيث جعلته جاهلاً بكتاب الله تعالى:(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)(15).
فيستحيل أن يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يقله الله (قل إنما أتبع ما يوحى إلي)(16).
إذن فالرواية مكذوبة لأن الآية (والوالدات يرضعن أولادهن..) واضحة ودالة على أن الرضاع ما كان دون السنتين أو سنتين كاملتين لمن أراد أن يتم الرضاعة أمّا ما كان فوق السنتين فلا يكون رضاعاً للآية الكريمة أولاً.وثانياً: لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(لا رضاع بعد فصال)(17). ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(لا رضاع إلا لمن أرضع في الصغر)(18)، ولقوله -أيضاً-:(لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الإمعاء في الثدي، وكان قبل العظام)(19).
قلت: لما رأى بعض العلماء أن هذا الحديث مشكل حاولوا وضع بعض الاحتمالات ليثبتوا صحة الحديث - هيبة للصحيحين- فهذا النووي يقول في شرحه وتبريره لهذا الحديث ما نصه:(قال القاضي في قوله صلى الله عليه وآله وسلم أرضعيه: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا ألتقت بشرتاهما وهذا الذي قاله القاضي حسن ويحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبير)(20)1هـ.
هذه إحتمالات لا أساس لها. فالشرب لا يعطي معنى الرضاع المذكور في هذا الحديث المكذوب وعلى فرض حصوله بالشرب فإنه لا يضيع الغيرة الذي طلب الرضاع من أجلها.
وأما من يقول: بأن حديث سهلة إنما هو خاص بها فغير صحيح. لأنه لو كان خاصاً بها لبينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما بين لأبي بردة أن الجذعة من المعز تجزئة في الأضحية ولا تجزي غيره كما في كتابي البخاري ومسلم. على كلاً فالرواية باطلة وقد (قال سائر العلماء من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى الآن لا يثبت -رضاع الكبير- إلا بإرضاع من لـه دون سنتين..)(21).
ثانياً: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم:
{وقد ذكروا لـه أمثلة كثيرة منها آية الرجم (والشيخ والشيخة إذا زنيا فاجلدوهما البتة نكالاً من الله والله عزيزٌ حكيم)، ومنها روي في الصحيحين (22)، عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا وقنت الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- يدعو على قاتليهم، قال أنس: ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع (أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ثم نسخت تلاوته..)}(23).
قلت: لقد رويت آية الرجم -المدعاة- من طرق عدة عن : عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وخالة أبي أمامة بن سهل، وعائشة، واختلفت ألفاظ هذه الآية بالحذف والتقديم والتأخير والزيادة والنقصان.
وإليك نص الرويات لتعلم تهافتها:(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)(24)، (إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله)(25)، (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله)(26).، (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة)(27).، (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة)(28)، (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عليم حكيم)(29)، وفي رواية(والله عزيز حكيم)(30).،(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما)(31).
فانظر إلى اضطراب روايات آية الرجم، فهي متعددة الألفاظ وبتعابير مختلفة، فلو كان قرآناً لتوحدت ألفاظه كذلك نجد أن آية الرجم لم تنسب إلى سورة معينة، فقد نقل الزركشي ما في صحيح ابن حبان، عن أبي ابن كعب:(إنًَّ آية الرجم كانت في سورة الأحزاب، قال: ورُويَ أنه يقال في سورة النور)(32)، وانظر معي إلى رواية أبي أمامة - وقد سبق ذكر متنها- فقد روى أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية الرجم:(الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة)(33)، فهل يُعقل أن يلقى هذا الحكم الشديد على الشيخ والشيخة بدون أن يذكر السبب وهو زناهما!! هذا فضلاً عن الإحصان الذي يُعدّ عند أهل السنة شرطاً لإقامة حد الرجم على الزاني. والأعجب من هذا وذاك أن هذه الرواية وغيرها مخصوصة بالشيخ والشيخة فقط، فهل يعني أن الشاب والشابة إذا ارتكبا جريمة الزنا وهم محصنان، يُعفيان عن هذا الحد؟! نترك الإجابة لعشاق النسخ!!..
وإذا ما نظرنا إلى آية الرجم - الآنفة الذكر- نجد عبارتها هزيلة، وكلامه تعالى منزه عن هذا الكلام الركيك المتهافت المخالف لقواعد اللغة وأسلوب القرآن وبلاغته السامية، بل يتبرأ من ركاكتها وتهافتها وانحطاطها المخلوقون فكيف برب العالمين وسمو كتابه المبين!! هذا مع أن رواية زيد بن ثابت تثبت بأن آية الرجم حديث، فعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(الشيخ والشيخة فارجموهما البتة)(34)، فما هذا التناقض والتعارض؟! وماذاك إلا دليل على كذب هذه الرواية.
ثم تمعن معي في الروايات التالية - لآية الرجم- لتدرك مدى كذب هذه المهزلة التي لا يقبلها إنسان يحترم نفسه، ويقدر ما وهبه الله تعالى من نعمة العقل.
الرواية الأولى:(أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس قال:- وذكر كلاماً طويلاً فيه خطبة لعمر بن الخطاب والذي قال فيها - إن الله بعث محمداً- صلى الله عليه وآله وسلم- بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله (آية الرجم)، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في الكتاب حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة....)(35).
الرواية الثانية: قال عمر بن الخطاب:(لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي)(36).
الرواية الثالثة: عن عائشة قالت:(لقد نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وتشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها)(37).
الرواية الرابعة:(قال السيوطي في (الدر المنثور) (5/179)، وأخرج عبدالرزاق في المنصف عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادى إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس لا تجزعنّ من آية الرجم، فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير مع محمد...) (38).
فانظر إلى الرواية الأولى تجد أن آية الرجم في كتاب الله، وهي فريضة أنزلها الله، بينما الرواية الثانية تشير إلى أن عمر يريد أن يضيف إلى كتاب الله ما ليس منه، إذ لو كانت آية الرجم في كتاب الله لما خاف عمر من الناس وقد شهد هو وشهد معه الصحابة (39)، وهو الحاكم المطلق الجريء.
والعجيب أني وجدت رواية في الإتقان (40)، تفيد بأن عمر لم يرض بإنزال شيء في الرجم وإليك نصها:(فعن زيد بن أسلم أن عمر خطب في الناس فقال: لا تشكوا في الرجم فإنه حق، ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أُبي بن كعب فقال: أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فدفعت في صدري وقلت: تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر!!).
فقابل هذه الرواية بالروايات الماضية تجد التناقض واضح. وإذا قاموا بتأويل هذه الرواية - ولن يستطيعوا- أو تضيعفها- مثلاً- نقول لهم: إن عمر لم يقل بنسخ التلاوة حتى يمتنع عن كتابتها، ولو كان كذلك لما جاء عمر بآية الرجم إلى زيد ليكتبها في المصحف. فقد أخرج ابن أشته في (المصاحف) عن الليث بن سعد قال (....إن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده)(41)، وأنظر إلى الرواية، الثالثة: فآية الرجم قد أكلتها الشاة وهذا اتهام سافر للقرآن بالنقص فإن قالوا بأن التلاوة نُسخت ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- فتوفي وبعض الناس يقرؤها.
نقول: هذا اتهام للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنه لم يبلغ الدعوة أو القرآن مع أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- قد امتثل أمر ربه القائل:( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)(42).
أما الرواية الرابعة: فهي تقول بأن آية الرجم نزلت في كتاب الله إلا أنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا يدل على أنها كانت موجودة ولكن بموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقدوا آية الرجم وغيرها من الآيات على حد زعمهم، وبهذه الرواية يكون القرآن الذي بأيدينا ناقص وهذا عين القول بتحريف القرآن.

الهــــوامش:
أنظر (مباحث في علوم القرآن) لـ.مناع القطاع. صـ238، 239ـــ. الطبعة الخامسة والثلاثون.
أنظر (الإتقان) (2/28)، و(البرهان ) للزركشي (2/35) الطبعة الثانية.
صحيح مسلم (المجلد الرابع (10/29-30) بشرح النووي) كتاب (الرضاع) -طبعة دار إحياء التراث. وسيأتي تخريج رواة هذا الحديث لاحقاً.
الراجن: كل ما ألف البيوت وأقام بها من حيوان وطير. والمقصود به هنا: الشاة.
سنن ابن ماجه، صــ278ـــ. كتاب (النكاح)، (باب رضاع الكبير) (م 9. ب 36ج 1944 التحفة)، وسيأتي - أيضاً - تخريج رواة هذا الحديث لاحقاً.
البرهان (2/39) وانظر (الإتقان) (2/28).
الزركشي المرجع السابق.
تفسير المنار (4/472).
سورة المائدة :67.
سورة الحجر: 9
البرهان (2/39-40).
صحيح مسلم (المجلد الخامس (10/31) بشرح النووي)، ورواه البخاري كتاب النكاح (باب الاكفاء في الدين) مختصراً (6/122) دار الفكر. والنسائي في سننه كتاب (النكاح) باب (رضاع الكبير) (6/104 بشرح السيوطي)، وأبو داود وفي النكاح باب (من حرَّم به) ح 2061 (2/549- 550)، إعداد وتعليق عزت عبيدالدغاس وعادل السيد, ومالك في موطأه صـــ211- 212ــ. ج 627، باب (الرضاعة)، وابن ماجه في سننه كتاب (النكاح) باب (رضاع الكبير)، صــــ278. ج 1943. م9. التحفة 7.
صحيح (مسلم) (المجلد) الخامس (10/33) بشرح النووي).
رواه أبو داود في سننه (2/550-551) كتاب (النكاح)، باب(من حرم به) ح 2061 ومالك في موطأه صــــ212ـــ. ج 627.
سورة النور (30).
سورة البقرة : (233).
17-الأعراف (203).
رواه أحمد بن عيسى في آماليه عن جابر (3/55) الطبعة الأولى.
رواه مالك في المؤطا صـــ208ـــ. عن عبدالله بن عمر ح615. باب الرضاع.
رواه الترمذي عن أم سلمة صـــ280ــ. كتاب الرضاع. باب (ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين) (م 10-ح 1153- ب5- التحفة 8).
شرح صحيح مسلم للنووي (م5(10/31)).
المرجع السابق صـــــ30ــــــ.
سيأتي تخريج هذه الرواية لاحقاً.
24-(مباحث في علوم القرآن) لـــ. مناع القطان . صـــ239ــ. وانظر (الإتقان)، (2/32) و(البرهان) (2/35).
25- المستدرك للحاكم (4/401) برقم (8072) و(الموطأ) صـــ241ـــ. وكتاب (الحدود في الزنا)، باب الرجم - برقم 693 (وسنن الدارمي ) (2/179).
26- الإتقان (2/32)، و(المحلى) (11/235) المسألة 2204
27- البرهان (2/35).
28- المحلى (11/237) المسألة 2204
29- الإتقان (2/32).
30- مسند أحمد بن حنبل (6/158) برقم (20702)، طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت- لبنان.
31- المستدرك (4/400) برقم (8068)، و(المحلى) (11/235) المسألة (2204).
32- البرهان (2/35).
33- البرهان (2/35).
34- صحيح البخاري (المجلد الرابع (8/25-26)، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة - باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت. دار الفكر ط. بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامري باستانبول. وانظر (سنن الترمذي)، برقم (1432) كتاب الحدود. باب ماجاء في تخفيف الرجم، و(سنن ابن ماجه) برقم (2553) باب الرجم. و(سنن الدارمي )(2/179) باب في (حد المحصنين بالزنا).
35- صحيح البخاري (المجلد الرابع (8/113)، كتاب الأحكام، باب الشهادة تكون عند الحاكم.
36- سنن ابن ماجه برقم (1944) كتاب (النكاح) باب (لاتحرم المصة ولا المصتان). وانظر المحلى لابن حزم (11/235-236) المسألة (2204).
37- (تدوين القرآن)، علي الكوراني صـــ66. الطبعة الأولى.
38- كأبي بن كعب في الرواية الآتية في الإتقان.
39- (2/35).
40- الإتقان (1/78).
41- المائدة (67).
إن مع العسر يسرا،إن مع العسر يسرا

حسن زيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 266
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 7:57 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة حسن زيد »

إبطال النسخ في القرآن
نموذج من روايات التحريف - إضافة لما سبق - الحلقة الثانية
عدنان أحمد عبدالمعطي الجنيد.

وأصرح من هذه الرواية ما جاء (عن ذر بن حبيش قال: قال لي أُبي بن كعب: كم تقدرون سورة الأحزاب؟ قلت: إما ثلاثا وسبعين آية، أو أربعاً وسبعين آية. قال: إن كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها)(1).
(وعن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا ما هو الآن)(2).
وإذا علمنا أن في سورة البقرة (286)آية، وفي سورة الأحزاب (73) آية، فسيكون مقدار ما أُسقط منها -في قول أُبي- هو (213)آية أو أكثر، لأنها مثلها أو أطول. أمّا مقداره في قول عائشة فهو (127) آية، بينما المروي عن ابن حبان أن سورة الأحزاب هي أقل مما عليه اليوم قال الزركشي :(وأخرج ابن حبان في صحيحه، عن أُبي بن كعب قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة النور، فكان فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما)(3).
كذلك سورة براءة التي بين أيدينا ما هي إلاَّ ربع من سورة براءة التي كانوا يقرأونها.(ففي المستدرك عن حذيفة قال: ما تقرأون ربعها-يعني سورة براءة-)(4).
فهذه الروايات-المكذوبة- تدل على أن القرآن الذي بين أيدينا مشكوك فيه!! فهذا السيوطي يروي عن ابن عمر بأنه قال:(ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر)(5). وتأكيداً لهذه الرواية: ما رواه الطبراني- بسند موثق- عن عمر بن الخطاب مرفوعاً:( القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف...)(6)، فقوله (ألف الف) يعني مليون، ومعلوم أن حروف القرآن الذي بين أيدينا لا يتجاوز عددها ثلث هذا المقدار فاعتبروا يا أولي الأبصار!!..
وأمّا آية (ألا بلغوا عنا) والتي قالوا بأنها مما نُسخ لفظه وبقي حكمه، والتي رواها البخاري (7) بسنده عن قتادة عن أنس - بعد أن ذكر خبر إرسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعين من القراء إلى قبائل وعل وذكوان وعصية وبني لحيان- قال:(فقرأنا فيهم قرآناً ثم إن ذلك رفع بلّغوا عنا قومنا إنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا)أهـ.
نقول: إذا كانت هذه الآية نُسِخَ لفظها فما هو الحكم الذي لا زال باقياً ونحن مأمورون بالعمل به؟
ولو صح -على سبيل المثال- أنها كانت آية ونُسخت فلابد أن يكون قبلها أو بعدها كلام آخر حتى لا تكون مقتصرة على مقول القول فقط!!.
ومن روايات التحريف -أيضاً- ما روى مسلم:(عن أبي موسى الأشعري قال: إنا كنا نقرأ سورة كنا تشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسُيتها غير أني قد حفظت منها (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)، وكنّا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فكتبت شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة)(8).
وعن أُبي بن كعب قال:(إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:إن الله تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك القرآن: قال فقرأ(لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) قال: فقرأ فيها (لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه لسأل ثانياً فأعطيه، لسأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإن ذلك الدين القيم عند الله الحنيفية غير المشركة، ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيراً فلن يكفره)(9).
فانظر إلى الرواية الأولى: فأبو موسى يقول بأن هناك سورة مشابهة لسورة براءة في الطول لكنه نسيها ولم يحفظ منها إلا (لو كان لابن آدم واديان من مال...) فأين هذه السورة مالنا لا نراها في المصحف!!وإن نُسخ لفظها وبقي حكمها - على حد زعمهم- فما هو هذا الحكم؟
وانظر إلى الوراية الثانية: تجد أن آية -على حد تعبيرهم- (لو كان لابن آدم واديان من مال...)، تجدها بقية سورة البينة، وإذا كان كذلك فسورة البينة مضافة إلى هذه الآية المزعومة لا تساوي ثلث سورة براءة، وهذا يدل على تناقض الروايتين!!.
هذا مع أن هناك أحاديث في الصحيحين تثبت أن قوله (لو كان لابن آدم واديان...)، من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. فمن هذه الأحاديث ما يلي:
روى البخاري ومسلم (10) -واللفظ لـه- عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :(لو كان لابن آدام واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب)، نكتفي بهذه الرواية كشاهد على ما قلناه- آنفاً- ولنعد إلى رواية التحريف: (وروى أبو سفيان الكلاعي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف، فلم يخبروه، وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال ابن مسلمة: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون- والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون)(11)، هذه الروياة لا تحتاج إلى تعليق فتعليقها فيها.
(وعن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبدالرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا (أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة)؟ فإنا لا نجدها!، قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن)(12).
قلت: لماذا أسقطت هذه الآية المزعومة؟! طالما أنهم - على حد زعمهم- لا يكتبون الآية في المصحف إلا بشهادة شاهدين على أنها مما أنزل الله في كتابه، ومعلوم أن عمر وعبدالرحمن قد علما بنزولها وأنها من القرآن فما الذي منعهما من الشهادة على أنها من القرآن كي تكتب في المصحف؟!
ما ذاك إلاَّ ليدلك على كذب الرواية.
و(عن حميدة بنت أبي يونس قالت: قرأ عليَّ أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة:(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً (13) (وعلى الذين يصلون الصفوف الأولى}، قالت: قبل أن يغير عثمان المصاحف)(14).
وهذا يعني أن آية (الصفوف الأولى) كانت تُقْرأُ في زمن الخليفتين وفترة من خلافة عثمان، فلما جمع عثمان المصاحف أسقطها!! وهنا يأتي سؤالنا: لماذا أسقطها؟! مع أن الرواية لم تصرح بأن آية (الصفوف الأولى)، قد نسخت تلاوتها!!.
و(روى البخاري بسنده عن ابن عباس عن عمر في حديث طويل جاء فيه: ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إنَّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم)(15).
ومن يستقرئ صحيح مسلم بأن عبارة (لا ترغبوا عن آبائكم...)- والتي ظنوها بأنها آية كانت في كتاب الله - إنما هي حديث لا آية، فقد جاءت الروايات تؤكد ذلك ومنها:(ما أخرجه مسلم بسنده عن عراك بن مالك أنه سمع أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر)(16).
وهكذا -أخي المسلم- تجد عشاق النسخ يزعمون أن هناك آيات نُسخت تلاوتها وبقي حكمها أو نُسخت تلاوتها وحكمها معاً. وإذا ما دققت النظر في كتب الأحاديث تيقنت أن بعضها أحاديث نبوية أو قدسية، وبعضها مفترى لا تصلح أن تُنْسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنها هزيلة لفظاً ومعنى، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أفصح من نطق بالضاد.
ومن أراد أن يعرف الكثير من روايات التحريف، فلينظر إلى كتب الناسخ والمنسوخ، وكتاب (الإتقان)، للسيوطي، وكتاب (المصاحف)، للسجستاني، وإلى غيرهم من عشاق النسخ، فسيجد في كتبهم ما هو أدهى وأمر مما ذكرنا آنفاً!! فكم سورٍ رفعت، وآيات أسقطت، وحروفٍ حذفت بزعم تلك الروايات. وما ذكرناه هنا عبارة عن نموذج تستطيع من خلاله أن تدرك بقية الروايات المكذوبة، والحليم تكفيه الإشارة.
فوجود مثل هذه الروايات - سيما الموجودة في الصحيحين- تعطي سلاحاً قوياً في أيدي المستشرقين للرد على المسلمين بأن القرآن الذي يدعونه محفوظاً مصوناً قد وقع فيه الخلاف مثل التوراة والإنجيل فيصبح مشكوكاً فيه. وبهذا ينخدع السُّذَّج والبسطاء من الناس فيعتقدون عدم حفظ القرآن وهذا بالتالي سيجرهم إلى إنكار القرآن وتعطيل الشريعة التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه يحتمل حينذاك في كل آية من آيات القرآن أنه وقع فيها تبديل وتحريف، لكن المتمسكين بكتاب الله تعالىيعلمون علم اليقين بأن هذه الروايات موضوعة أريد بها التشكيك في كتاب الله الذي تولى الله حفظه قال تعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لـه لحافظون)(17).
فهو محفوظ من الزيادة والنقصان، قال تعالى:(لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)(18).
لقائل يقول: ما الذي جعل عشاق النسخ يحملون قسماً كبيراً من روايات التحريف على أنها نسخت تلاوتها وبقيت أحكامها، أو نسخت تلاوةً وحكماً معاً؟!
إن الذي جرهم إلى ذلك القول سببان:
الأول: تحاشياً من التسليم بها الذي يفضي إلى القول بتحريف القرآن.
الثاني: خوفاً من الطعن في كتب الصحاح والمسانيد المعتبرة، أو الطعن في الأعيان الذين نُقِلَت عنهم تلك الروايات.
(بيان ذلك):- من كتب الصحاح (صحيح البخاري)، وهو يعد بالنسبة لهم أصح الكتب بعد كتاب الله، فهو كتاب معصوم (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)، كله صحيح من الجلد إلى الجلد، ومن أنكر رواية فقد خرج عن كونه سنياً لأنه خالف السنة والجماعة القائلين بأصحية كتابي البخاري ومسلم.
وأما تلك الأعيان الفقهاء والمحدثين فهم -في نظرهم- لا يقولون إلاََّ حقاً، فآراؤهم صائبة واجتهاداتهم صادقة، ولا يجوز لأي إنسان أن يجتهد ويأتي برأي مخالفٍ لرأيهم لأن باب الاجتهاد مقفل، فلا هجرة بعد الفتح، وما علينا سوى اتباعهم وتأويل جميع مروياتهم الدالة على النقصان في كتاب الله لأنهم أعلم منا، ولو كانت تلك المرويات قائلة بالتحريف لما رووها لنا!! هكذا يقول لسان حال المقلدين في كل زمان ومكان.
فبتقديسهم لكتب الصحاح والمسانيد ولأصحابها عمدوا إلى اختراع نوع جديد من النسخ وهو نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، أو نسخ التلاوة والحكم معاً، وذلك ليتسنى لهم الحفاظ على هيبة الصحيحين وتقديس السابقين.
وحقيقة لن يستطيعوا أن يفروا مما خافوا منه، فالروايات تشير بوضوح لا غموض فيه إلى وجود النقص في القرآن الكريم إمّا بسورة، أو بآياته، أو بحروفه.
فهم مخيرون بين أمرين:
الاول: إما أن يقولوا بصحة هذه الروايات فيكونوا بذلك قد قالوا بوجود النقص في القرآن الكريم - وحاشاه من ذلك- وبهذا يكونون قد كذَّبوا قوله تعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لـه لحافظون).
الثاني: وإما أن يعترفوا بعدم صحة هذه الروايات وبذلك يكونون قد نزَّهوا كتاب الله من التحريف فتصبح حينئذ كتبهم -سيما البخاري ومسلم- قابلة للبحث العلمي وباب الاجتهاد مفتوح، فمواهب الحق غير منحصرة وعطاؤه غير موقوف على السابقين (وما كان عطاء ربك محظورا).
* الهوامش:
1) (المحلى) لابن حزم (11/234) المسألة (2204) في حدِّ الحر والحرة المحصنين. والإتقان (3/32).
2) الإتقان (2/32).
3) البرهان (2/35).
4) الإتقان (2/34).
5) الإتقان (2/32).
6) الإتقان (1/93).
7) صحيح البخاري (المجلد الثالث.(5/42) باب (غزوة الرجيع وعل وذكوان).
8) صحيح مسلم {المجلد الرابع (7/139-140)}. بشرح النووي - باب (39) (كراهة الحرص على الدنيا) كتاب (الزكاة)، ورواه الدرامي (2/318- 319) باب (لو كان لابن آدم واديان من مال ) كتاب الرقائق. والإتقان (2/33).
9) مسند أحمد بن حنبل (6/157)، برقم (20697)، الطبعة الثالثة 1994- 1415هـ. طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.
10) (7/138-139- بشرح النووي)، وصحيح البخاري (المجلد الرابع (7/175)) كتاب الرقائق.
11) (الإتقان)، (2/33).
12) المرجع السابق (2/33).
13) الأحزاب: 33
14) (الإتقان) (2/32 ، 33) و (المصاحف للسجستاني) (3/85) بلفظ (الصفوف الأولى).
15) صحيح البخاري (12/174/ الفتح) برقم _6830) كتاب الحدود - الباب 31 (رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت).
16) صحيح مسلم (2/51- بشرح النووي) كتاب (الإيمان) باب (بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم).
17) الحجر: 9
18) السجدة: 42
إن مع العسر يسرا،إن مع العسر يسرا

حسن زيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 266
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 7:57 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة حسن زيد »

إبطال النسخ في القرآن
السيوطي والزركشي يبرران حكمة نسخ التلاوة
عدنان أحمد عبدالمعطي الجنيد.

قال السيوطي والزركشي :(وهنا سؤال، وهو أن يقال: ما الحكمة من رفع التلاوة مع بقاء الحكم؟ وهلاَّ أُبْقِيَتْ التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟.
ثم أجابا عن هذا التساؤل بما أجابه صاحب الفنون (1) حيث قال: إنما كان كذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريقة الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به، فيسرعون بأيسر شيء، كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام، والمنام أدنى طرق الوحي)(2).
قلت: إن اعتماد السيوطي والزركشي على هذه الإجابة لذلك السؤال الذي طرحاه -آنفاً- لهو مما يضحك الثكلى، ومن عنده أدنى مسكة من عقل، ليعلم بأن ما ذهب إليه صاحب الفنون هو عين الجنون فكأنه لم يقرأ قوله تعالى في كتابه المكنون:(إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً)(3)، ويقول:(وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً)(4).
فهاتان الآيتان تردان عليه وعلى من ذهب إلى حكمته الخرقاء. على أن العلم اليقيني واجب في الاعتقادات، وأن إيمان المقلد غير صحيح، ويدخل في الاعتقادات الإيمان بوجوب أركان الإسلام وغيرهما من الفرائض والواجبات القطعية والإيمان بتحريم المحضورات كذلك.
هذا ما ذكره العلماء، مستدلين على قولهم بالآيتين الآنفتين الذكر. وأما رؤيا إبراهيم ومسارعته إلى ذبح ولده فلم تكن ظنية - كما زعم صاحب الفنون-بل هي وحي من الله فقد كانت الرسل يأتيهم الوحي من الله إيقاظاً ورقوداً.
لأن الأنبياء تنام عيونهم ولا تنام قلوبهم. والدليل على ما قلناه هو قوله تعالى:(...قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)(5). فسيدنا إسماعيل - عليه السلام- ما قال لوالده إفعل ما تؤمر) إلا لأنه يعلم بأن رؤيا والده وحيٌ من الله تعالى، ولا بد لوالده أن ينفذ هذا الأمر وهذا ما لا يختلف عليه اثنان، ثمَّ إن المسارعة إلى التصديق والإذعان على نحو الظن يفتح المجال أمام الوضاعين في انتقائهم الأسانيد الصحيحة ليروِّجوا من خلالها نسخ آيات أخرى وأكاذيب على القرآن شتَّى.
بهذا اتضح بطلان قياس المستدل الذي أعماه التعصب، فذهب يهرف بما لا يعرف وكأنه ظن أنه برر بحكمته العقيمة نسخ التلاوة. وما درى أنه وقع بجهل فادح دل على قصور فهمه في كتاب الله تعالى. والعجب ممن قلّده كالسيوطي والزركشي، وأعتقد أن الذي جعلهما يتقبلان هذه الحكمة أنهما لم يجدا مبرراً لنسخ التلاوة، فبمجرد عثورهما على تلك الحكمة التي ذكرها صاحب الفنون راحا يأخذانها ويعتمدان عليها في كتابيهما- البرهان والإتقان- وكأنهما عثرا على ضالتهما المنشودة.
ومن يمعن النظر فيما قالوه من هذا النسخ ليعلم يقيناً بأنه لا توجد أي حكمة من هذا النسخ سوى التشكيك في كتاب الله تعالى بنقص سوره وآياته.
هذا مع أن كثيراً من علماء أهل السنة والجماعة - فضلاً عن أئمة العترة الطاهرة عليهم السلام- قد أنكروا مثل هذا النوع من النسخ لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها.
مما مر ذكره نعلم بأن القرآن منزه من كل تحريف وما تلك الروايات التحريفية إلا من دسائس أعداء الإسلام أرادوا أن يشككونا في كتاب ربنا، لكنهم لم يستطيعوا لأن الله تعالى تكفل بحفظ كتابه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لـه لحافظون).
وما انتقل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الرفيق الأعلى إلا وقد جمع القرآن الكريم في مصحف واحد ومن ذلك المصحف استنسخت مصاحف كثيرة إلى الأمصار.
أما ما ذهبوا إليه من أن القرآن جمع في عهد (فلان)، وأنهم لم يجدوا آية (كذا) إلا عند (فلان)... فهذا لا يُعقل!!، فقولهم هذا يؤدي إلى التشكيك -أيضاً- في كتاب الله تعالى، ولنا أدلة على ماذكرناه.
* الخاتمة:
إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد العالمي الصالح لكلِّ زمان ومكان، فيه تفصيل وبيان وتحصيل، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه دعانا الله تعالى من خلاله إلى التدبر فيه والسير على نهجه، والعمل بمقتضاه وعدم هجره لكن الأمة هجرت كتاب ربها، (وقال الرسول ياربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)، يخبرنا الله عن رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم - بأنه يشكو من أمَّتِهِ بأنها هجرت القرآن وهجرانه ليس في عدم قراءته فحسب بل بعدم العمل به، أو ترك العمل ببعض الآيات كالتي قالوا بنسخها.
إن القرآن، الكريم حجة على المسلمين وليس العكس. فالقرآن دعاهم إلى العلم، لكنهم قعدوا عنه، ودعاهم إلى إعداد القوة للأعداء فناموا وتكاسلوا، ودعاهم إلى الحكم بالعدل، فأخذ يظلم بعضهم بعضا، ودعاهم إلى محاربة نفوذ الكافرين فمال بعضهم إلى مواطأتهم ومودتهم وموالاتهم،دعاهم إلى كل خلق كريم فمالوا إلى كل خلق لئيم، دعاهم إلى استثمار الأرض فتهاونوا...
وكم دعاهم ولكن (لا حياة لمن تنادي). وما هو السبب الذي جعلهم لا يستجيبون لنداء هاتيك الآيات؟! السبب هو أنها منسوخة لا يجوز العمل بها!!!.
فكم من آيات لها دور فعال في الحياة إن عمل بها المسلمون، لكنها قد نسخت ولهذا تركوا العمل بها!!.
إن الذين ذهبوا إلى تحنيط مئات الآيات- بحجة أنها منسوخة -قد جنوا على أنفسهم وعلى أمتهم جناية كبيرة. فأي جرم أكبر من تعطيل آيات من كتاب الله والحكم عليها بالإعدام؟!
فهل أنزل الله الآيات من أجل أن تُعطل عن العمل، وتصبح للترانيم فقط؟!!.
أم أنه أنزلها للهداية والإرشاد، وأن نتدبر معانيها ونعمل بأحكامها؟!
إن نسخ المئات من الآيات القرآنية يعني القضاء على امتدادها وخلودها وقدرتها على العطاء الزمني المتجدد.
إن القائلين بالنسخ أزالوا صفة القدسية والخلود والقدرة على الامتداد عن القرآن الكريم - عملياً وإن كانوا يرفضونه نظرياً- وجعلوها في اجتهادات السابقين!!.
هكذا أصبحت الأبنية الفكرية السابقة هي نهاية المطاف، وهذه مشكلة عويصة أُبتليت بها هذه الأمة، تركوا كتاب الله وسنة -سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وراحوا ينسخون آيات من كتاب الله مستدلين باجتهادات بشرية أصبحت مقدسة بل ميزاناً وكل من خالفها يعد من الخارجين ومن المبتدعين، ولقد بلغت الجرأة بأحدهم أن قال:(كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا، فهو مؤول أو منسوخ)(6).
وكم من عبارات كهذه تصدر من علماء وفقهاء تفوح منها رائحة التقليد الأعمى المقيت.
وبهذا تعلم أن بعض الآيات التي ذهبوا إلى نسخها إنما نسخوها كونها تخالف رأي واجتهاد من يجلُّونهم ويقدسونهم.
لهذا ندعوا علماء الامة أن ينتبهوا من سباتهم ويفيقوا من غفلتهم، ويلتفوا حول كتاب الله تعلى وينبذوا ذلك التقليد الأعمى ويقوموا بتفعيل الآيات - التي زعم البعض بنسخها- ويزيلوا ذلك التعارض - الذي ظنه بعض طلاب العلم- بين الآية المنسوخة والآية الناسخة.
فكل آية تعمل، حتى وإن لم تعمل الآن - على حسب رأي البعض- فسيأتي زمن أهله أحوج إلى العمل بها، فالله تعالى هو العالم بأحوال وظروف البشر، وكتابه لم يكن مقصوراً على طائفة معينة بحيث تأتي طائفة أخرى فلا تجد نصيبها من كتاب ربها، وبهذا لن يكون عالمياً.
ونحن عندما قلنا بأن القرآن الكريم عالمي، نعني بأن عطاءه متجدد وخلوده مستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ألا فاستمسكوا بهذا القرآن الكريم، وسيروا على نهجه القويم، ولا تأخذوا ببعضه وتتركوا البعض الآخر، فيحل عليكم من الله السخط العظيم.

* الهوامش:
1) هو كتاب (فنون الأفنان في عجائب القرآن)، لإبن الجوزي.
2) البرهان (2/37)، والإتقان (2/32).
3) النجم:(28).
4) يونس:(36).
5) الصافات:(102).
6) هذه المقولة منسوبة لـــ(أبي الحسن الكوفي) أحد فقهاء الأحناف.
إن مع العسر يسرا،إن مع العسر يسرا

حسن زيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 266
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 7:57 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة حسن زيد »

الأخوة الكرام عبد السلام الوجية
والأخ المتوكل
والأخ محمد عزان
أرفقت مقالات الأخ الجنيد
ولكم التحية
إن مع العسر يسرا،إن مع العسر يسرا

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

تعقيب

مشاركة بواسطة المتوكل »

اولاً ، نشكر الأستاذ / حسن زيد ، جزيل الشكر ، على ما قام به من جهد في عرض موضوع النسخ الذي نشر في صحيفة الأمه .
ــــــــــ
إن كلام الأستاذ / عدنان الجنيد ، حول هذا الموضوع ممتاز جداً . وقد أزال بارك الله فيه ، ما علق في أذهاننا من تصور خاطئ ، نتيجة ما تعلمناه في المناهج المدرسيه .
ولكن :
لم يتطرق إلى توضيح المقصود بقوله تعالى : &فهل يا ترى لفظ ( آيه ) هنا لا يشترط أن يكون المقصود منها الآيات القرآنيه ؟؟؟؟
كما ذكر الله تعالى عن فرعون ( ولنجعله آيه ) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ــــ
أرجوا من الأخوه جميعا ، توضيح هذا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
صورة
صورة

حسن زيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 266
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 7:57 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة حسن زيد »

فما أدلة القائلين بالنسخ إذن؟

1ـ الدليل الأول من القرآن:

أول الأدلة وأبرزها قوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير. ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير. أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل" (البقرة: 106 - 108)، فهذه الآيات الكريمات هي عمدة القائلين بالنسخ.

ومعناها عند عامة العلماء أو جمهورهم: ما قاله ابن جرير الطبري في (جامع البيان) ونقله عنه الحافظ ابن كثير: قال: "ما ننسخ من آية.." ما ننقل من حكم آية إلى غيره، فنبدله ونغيره، وذلك: أن نحول الحلال حراما، والحرام حلالا، والمباح محظورا، والمحظور مباحا، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي، والحظر والإطلاق، والمنع والإباحة. فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ. قال ابن كثير: وأما علماء الأصول فاختلفت عباراتهم في حد النسخ، والأمر في ذلك قريب، لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء، ولحظ بعضهم أنه: رفع الحكم بدليل شرعي متأخر[1]. انتهى.

ومن أدلتهم من القرآن أيضا قوله تعالى: "وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون" (النحل: 101).

قالوا: المراد بالتبديل هنا: النسخ.

2ـ إقرار العلماء كافة بوجود النسخ:

ومن الأدلة على شرعية النسخ أن العلماء من قديم قالوا بمبدأ النسخ، وذهبوا إلى أن في القرآن آيات منسوخة، وإن اختلفوا فيها اختلافا كثيرا، فهذا يقول بنسخ هذه الآية، وآخر أو آخرون يعارضونه. ولكن المحصلة النهائية أنهم جميعا أقروا بقاعدة النسخ.

وقد ذكر ذلك في كتب التفسير كلها، كما ألفت كتب خاصة في الناسخ والمنسوخ في القرآن: لأبي عبيد، وأبي جعفر النحاس، وابن هبة الله الضرير، وابن العربي، وابن الجوزي، وغيرهم، ممن أحصاهم الدكتور مصطفى زيد -رحمه الله- في كتابه (النسخ في القرآن) وعقد لهم ولمؤلفاتهم فصلين كاملين من الباب الثاني في كتابه من: ص289، إلى: ص395، ومن الفقرات: 394 إلى 550.

ولكن الذي يتأمل ما جاء عن السلف فيما سموه (نسخا) يجد أن كثيرا منه ليس من النسخ المعروف عند المتأخرين في شيء، والآفة هنا تأتي دائما من إطلاق المصطلحات الحديثة موضع المصطلحات القديمة، مع تغايرهما وتباينهما، فقد كان المتقدمون من العلماء يريدون بالنسخ ما قد يسميه المتأخرون تخصيصا للعام أو تقييدا للمطلق، أو تفسيرا للمجمل، أو غير ذلك، ولا يعنون به (رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر).

وهذا ما نبه عليه المحققون من أمثال الإمام ابن القيم الحنبلي، والإمام الشاطبي المالكي، وهذا في المغرب، وذاك في المشرق.

يقول الإمام ابن القيم: "ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ، رفع الحكم بجملته تارة، وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام والمطلق وغيرها تارة، إما بتخصيص عام أو تقييد مطلق، وحمله على المقيد وتفسيره وتبيينه، حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخا، لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ، بل بأمر خارج عنه، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحدث المتأخر".[2]

ويقول الإمام أبو إسحاق الشاطبي: "الذي يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين، فقد كانوا يطلقون على تقييد المطلق نسخا، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخا، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخا. كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل متأخر نسخا، لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد".[3]

3ـ وجود المنسوخ بالفعل:

ومن أدلة القائلين بالنسخ: وجود المنسوخ بالفعل، وليس أدل على جواز الأمر من وقوعه بالفعل، فإن الوقوع أقوى من مجرد الجواز، فإن الشيء قد يكون جائزا ولا يقع.

ودليل الوجود بالفعل أمران:

الأول: وجود آيات متعارضة في القرآن، ولا يمكن الجمع بينها، ولا تفسير لهذا التعارض في كتاب الله، إلا أن إحداهما ناسخة والأخرى منسوخة. ولذلك أمثلة كثيرة ذكرها العلماء، مثل آية التخيير في الصوم: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون" (البقرة: 184) عارضتها الآية التي تليها: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (البقرة: 185)، فالآية الأولى خيرت بين الصيام ودفع الفدية: طعام مسكين، والآية الثانية ألزمت بالصيام "فليصمه".

وفي البقرة أيضا: آيتا النساء المتوفى عنهن أزواجهن، الآية الأولى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف" (البقرة: 234).

والآية الأخرى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف".

قالوا: الآية الأولى نسخت الآية الثانية، وإن كانت قبلها في المصحف.

الثاني: ما ذكرناه من أقوال عدد من مفسري القرآن بوقوع النسخ في أعداد من الآيات وفي عدد من سور القرآن مكيّه ومدنيّه.

ردود المنكرين للنسخ في القرآن

ولمنكري النسخ في القرآن وجهتهم وموقفهم من هذه الأدلة التي استند إليها المدعون للنسخ والمتوسعون فيه، ومن حقهم أن نستمع إليهم، لا سيما بعد إفراط المفرطين في دعاوى النسخ.

الرد على الاستدلال بآية: "ما ننسخ..."

أما ما استدل به القائلون بالنسخ ـ وهم جمهور علماء الأمة أو عامتهم ـ من قوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير..." البقرة: فإن الذين ينكرون النسخ لهم فيها نظر وتأويل يمكن أن يسمع.

فمنهم من قال: هذا في النسخ ما بين الشرائع بعضها وبعض، فمن المقرر المعروف أن الأديان السماوية كلها متفقة في أصولها العقدية، ولكنها مختلفة في أحكامها التشريعية، كما قال تعالى: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" (المائدة: 48).

وهذا من الحكمة، لاختلافها بعضها عن بعض زمانا وظروفا وأوضاعا، ولهذا حرمت التوراة بعض ما كان حلالا لأولاد آدم من صلبه، مثل إباحة تزوج الأخ لأخته، نزولا على حكم الضرورة، وإلا لما تناسلت البشرية وما استمر النوع.

ومثل ما ذكره الله عن المسيح الذي قال لبني إسرائيل: "وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ" (آل عمران: 50).

فالمقصود بالنسخ في الآية الكريمة هنا نسخ بعض الأحكام التي جاءت بها التوراة أو الإنجيل من قبل، كما قال تعالى في وصف الرسول في التوراة والإنجيل: "يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم" (الأعراف: 156).

فقد ذكر لنا القرآن أن الله تعالى حرم على بني إسرائيل طيبات أحلت لهم بسبب ظلمهم وبغيهم، كما قال تعالى: "فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" (النساء: 161)، فجاء الإسلام فرد هذه الطيبات المحرمة إلى أصل الحل.

وهذه الآية "ما ننسخ من آية أو ننسها" قد جاءت في سورة البقرة تمهد لما شرعه الله تعالى لمحمد وأهل ملته من (نسخ القبلة) وتغييرها من (بيت المقدس) إلى (المسجد الحرام) كما كان يتمنى النبي -صلى الله عليه وسلم، ولذا قال له: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" (البقرة: 144). وقد أحدث يهود المدينة ضجة حول هذا التغيير، أو هذا النسخ للحكم القديم، ورد عليهم القرآن بقوله: "سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (البقرة: 142).

فلا غرو أن تأتي هذه الآية في هذه السورة، لتمهد لهذه المعركة التي أشعلها اليهود ضد نسخ القبلة.

فهذا رأي من آراء العلماء – وأنا معهم: أن المراد بالنسخ النسخ الواقع بين الشرائع السماوية بعضها وبعض. وهذا لا ينبغي أن ينكر، فهو مقبول حكمة وعقلا، ثابت واقعا وفعلا.

ورُوي عن بعض السلف مثل الضحاك (ما ننسخ من آية): ما نُنسك[4]. كأنه يشير إلى قوله تعالى: "سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ" (الأعلى: 7-8).

وقال عطاء: أما (ما ننسخ): فما نترك من القرآن، وقال ابن أبي حاتم: يعني: ترك فلم ينزل على محمد -صلى الله عليه وسلم[5]. انتهى.

يرى الأستاذ الإمام محمد عبده - كما نقل ذلك صاحب تفسير المنار - رأيا آخر في آية النسخ. فإنه فسر كلمة (آية) في قوله: (ما ننسخ من آية) بأن المراد بها الآية الكونية، مثل الآيات التي أيد الله بها رسله قبل محمد -عليه الصلاة والسلام. وأيد ذلك بأن الآية ختمت بقوله تعالى: "ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" وهذا التذييل يناسب الآيات الكونية، وإلا لكان الأنسب أن يقال مثلا: ألم تعلم أن الله عزيز حكيم. وكذلك قوله بعدها: "أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل" وقد سألوه آيات كونية، مثل: أرنا الله جهرة، ونحو ذلك، فهذا التعقيب أقرب إلى الآيات الكونية من الآيات التنزيلية والتشريعية.[6]

وبهذا نرى أن الدلالة في الآية ليست دلالة قاطعة على مشروعية النسخ في القرآن.

فلو كانت قاطعة ما وجدنا من العلماء القدامى من ينكر النسخ بالكلية مثل أبي مسلم الأصفهاني؟ وما وجدنا حديثا: من ينكر النسخ كذلك.

ولا أريد أن أخوض في ذلك أو أطيل، فهذا ليس موضوعنا، وإنما اضطررنا للخوض فيه من أجل توسع من توسع في القول بالنسخ بآية السيف.

إنما يكفينا هنا: أن نقول: إن الآية التي هي عمدة القائلين بالنسخ ليست قاطعة الدلالة على قولهم، مع أن قولهم بإنهاء حكم آية أو أكثر من كتاب الله من الخطورة ومن الأهمية، بحيث يحتاج إلى دليل قطعي يسنده، وإلا فإن الأصل أن آيات كتاب الله محكمة ملزمة، عامة دائمة ثابتة إلى يوم القيامة.))
هذا اقتبسته من بحث نشر للدكتور يوسف القرضاوي
وفي الحقيقة لم أقرأه بعناية ولكني أضعه هنا لمناقشته لمن لديه قدره وأستجابة لطلب الأخ المتوكل
إن مع العسر يسرا،إن مع العسر يسرا

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“