إعلام البرية ببطلان خرافة انقسام الزيدية وببيان حقيقة ...

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
أويس الكوثري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3
اشترك في: الاثنين أغسطس 02, 2010 10:12 pm

إعلام البرية ببطلان خرافة انقسام الزيدية وببيان حقيقة ...

مشاركة بواسطة أويس الكوثري »

إعلام البرية
ببطلان خرافة انقسام الزيدية
وببيان حقيقة الجارودية




مقدمة:
لطالما أثار استغرابي وأنا أقرأ الكتب التي تحدثت عن أحوال الفِرَق الإسلامية وانقساماتهم، البعد عن الطريقة العلمية في الحكم على الآراء، والإجحاف في نقل النصوص والتحريف والتهويل عند التحدث عن أصول وفروع تلك المذاهب، مع أن الله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ))، وأحياناً تجد من هؤلاء المصنفين التجني على بعض مذاهب المسلمين وهضم حقوقهم وطرح أفكارهم بصورة مشوهة وممسوخة خلافاً للواقع.

وأحياناً أخرى كنت أرى مقدار السفاهة والبعد عن العقل في اختراع الطوائف والملل والأهواء، في سبيل ملء خانات الثلاثة وسبعين فرقة !! ما يجعلك تجزم في تلك الأثناء أن المصنف بين اثنتين أحلاهما مرّ: إما تعمد الكذب واختلاق الروايات لإيذاء الخصوم علماً بأنهم جميعاً من هذه الأمة وعلى ذات القبلة، لينطبق على هؤلاء المصنفين قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً))، وإما أنهم مدفوعون بأحقادً شخصية وسياسية، جاءت موافقة لسياسات الدول الظالمة التي كانت تحكم في أزمانهم، والتي كانت تحارب التشيع العلوي، ومن يقولون بوجوب الأخذ على يد الظلمة والخروج على أئمة الظلم والجور(1)، وهم الزيدية والمعتزلة.


فيما كان هؤلاء الكتاب يمثلون تيار الانبطاح وتسويغ ظلم الظلمة، بعذر الجبر(2)، وكون الشر والخير كله من الله، ولا يد للبشر فيه.

وقد رغبتُ في ردِّ بعض عدوان هؤلاء الكتاب، وتبيان جسيم خلطهم وتقليدهم لغيرهم ممن سبقهم في التصنيف في الفرق والملل، في باب الزيدية فقط، وردّ ما زعموه عن انقسام المذهب الزيدي لعدة فرق، من بينها الفرقة المسماة بالجارودية، التي نسبوا لها أقوالاً متناقضة عظيمة الخطر، ليس أقلها تكفير الصحابة، وشتمهم، مما يعلم أي ناظر في كتب الزيدية والعترة الطاهرة على كثرتها، بطلان هذه التهمة، وأنها خلاف سيرة أئمة أهل البيت الزيدية عليهم السلام من عهد أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، مروراً بالحسن والحسين عليهما السلام وعلي بن الحسين وابنه الإمام الأعظم زيد الشهيد عليهم سلام الله تعالى ومن بعدهم!! وسنأتي على ذكر أقوالهم عليهم السلام في الباب لاحقاً بإذن الله.

ولو تكلف هؤلاء الكتاب أي عناءٍ في البحث والنظر في كتب الزيدية، ولو نظروا لأي من كتب العترة الطاهرة، بتقوى وورع عن الكذب، لعلموا بطلان ما نسبوه لهذه الفرقة النبيلة التي امتثلت أوامر الله تعالى ووصايا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، برعاية حق عترته ومودتهم. وإنما اكتفوا بتقليد من كتب قبلهم، ناقلين غير أمينين لها، أو ناقلين لآرائها من كتب المشهورين بالزندقة والانسلاخ عن الدين لدى جميع فرق المسلمين، والله تعالى المعين !!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حيث أن أغلب هؤلاء الكتاب، وأشدهم تحاملاً، مثل: أبو الحسن الأشعري (324هـ) صاحب ((المقالات)) وغيرها، وأبو الحسين الملطي (ت377هـ) صاحب ((التنبيه والرد))،وعبد القاهر البغدادي (ت429هـ) صاحب ((الفرق بين الفرق)) الأكثر شهرة بينها، وأبو المظفر الإسفرائيني (ت471هـ) صاحب ((التبيصير)) وهو صهر عبد القاهر، عاشوا في القرون الثالث والرابع والخامس للهجرة، وكانت السلطة فيهم للحشوية النواصب من أهل الحديث الأشاعرة والحشوية، كما سيأتي معنا، وكان من بعدهم ممن كتب في الفرق والمذاهب ينقل عنهم ما كتبوه، كما فعل الشهرستاني (ت548هـ) في كتابه ((الملل والنحل)).

(2) بل ترى بعض كتاب الفرق والمذاهب يصارح ويجاهر بلا حياءٍ ولا خجل، بالجبر القبيح، الذي يسول للظلمة والفجرة ظلمهم وفجورهم، ومن ذلك قول عبد القاهر التيميمي في ((الفرق بين الفرق)) ص165: ((في ذكر الحمارية من القدرية وبيان خروجهم عن فرق الأمة : .. ثم زعموا بعد ذلك ان الخمر ليست من فعل الله تعالى وإنما هي من فعل الخمّار لأن الله تعالى لا يفعل ما يكون سبب المعصية !!)) فانظر لهذا الاستنكار العجيب، وكأنه لم يسمع قول الله تعالى: ((قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) ولكن صدق من قال: إن لم تستحِ فاصنع ما شئت !!


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

الدولة كانت تحارب الزيدية والمعتزلة
وتشجع مذاهب أهل الحديث الأشعرية والحنبلية

الجو المذهبي والسياسي في القرن الثالث والرابع الهجري :

قال العلامة السيد حسن السقاف أعلى الله مقامه في تحقيقه المفيد على كتاب ((الإبانة)) لأبي الحسن الأشعري:

((إذا عرفنا الأجواء التي كان يعيشها علماء أهل السنة وأهل الحديث خاصة من الناحية الفكرية والاجتماعية والسياسية واتجاهات الحاكم التي كانت في الدولة العباسية في ذلك القرن عرفنا وأدركنا سر وسبب هذا الهجوم الصارخ الذي يشنه الأشعري بالباطل على المعتزلة ! فأهل الحديث كانوا يتناقلون قول مجاهد في تفسير المقام المحمود بالقعود
وتقدَّم أن الذهبي قال في كتاب (( العلو )) حاكياً عن حالهم في ذلك :[ فممن أفتى في ذلك العصر بأن هذا الأثر يُسَلَّم ولا يعارض ـ يعني أثر مجاهد ـ : أبو داود السجستاني صاحب السنن وإبراهيم الحربي وخلق ، بحيث أن ابن الإمام أحمد قال عقيب قول مجاهد : أنا منكر على كل من رد هذا الحديث وهو عندي رجل سوء متهم ، سمعته من جماعة وما رأيت محدثاً ينكره وعندنا إنما ينكره الجهمية .... سمعت أحمد بن حنبل يقول : هذا قد تلقته العلماء بالقبول ] !!

أما الأجواء السياسية فإليكم ما يحكيه الذهبي في (( السير )) (12/34) في ترجمة المتوكل العباسي إذ يقول :
[ وفي سنة 234 أظهر المتوكل السُّنَّة وزجر عن القول بخلق القرآن وكتب بذلك إلى الأمصار واستقدم المحدثين إلى سامراء وأجزل صلاتهم ورووا أحاديث الرؤية والصفات ] .
ويقول الحافظ السيوطي في (( تاريخ الخلفاء )) (1/346) :
[ فأظهر الميل إلى السُّنَّة ونصر أهلها ورفع المحنة وكتب بذلك إلى الآفاق وذلك في سنة أربع وثلاثين واستقدم المحدثين إلى سامرا وأجزل عطاياهم وأكرمهم وأمرهم بأن يحدثوا بأحاديث الصفات والرؤية وجلس أبو بكر بن أبي شيبة في جامع الرصافة فاجتمع إليه نحو من ثلاثين ألف نفس وجلس أخوه عثمان في جامع المنصور فاجتمع إليه أيضا نحو من ثلاثين ألف نفس وتوفر دعاء الخلق للمتوكل وبالغوا في الثناء عليه والتعظيم له ] .
وقال الذهبي أيضاً في (( سير أعلام النبلاء )) (12/35) :
[ وفي سنة ستٍ وثلاثين هدم المتوكل قبر الحسين رضي الله عنه ، فقال البساميُّ أبياتاً منها :
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قتلـــــه فتتبعــــوه رميمـــاً
وكان المتوكل فيه نصب وانحراف ، فهدم هذا المكان وما حوله من الدور ، وأمر أن يُزْرَعَ ومنع الناس من انتيابه ]
انتهى كلام الحافظ الذهبي .
فكان فعل المتوكل المجسم الناصبي هذا منعطفاً خطيراً في فكر أهل السنة وتحريضاً لهدم التنزيه وحب آل البيت عليهم سلام الله تعالى ومعاداة معتقدي التنزيه من أهل الحق سواء من أهل السنة أو من المعتزلة أو من غيرهم !
وقد حصل ذلك أيضاً مرة أخرى على يد القادر بالله العباسي سنة 408هـ كما يجد ذلك من ينظر في التواريخ والسير والتراجم ، ويكفي الآن أن أقول لإثبات هذا بأن الحافظ ابن الجوزي قال في ((المنتظم)) (15/125) في حوادث سنة (408هـ): [ عن هبة الله بن الحسن الطبري قال: وفي سنة ثمانٍ وأربعمائة استتاب القادر بالله أمير المؤمنين فقهاء المعتزلة الحنفية فأظهروا الرجوع وتبرأوا من الاعتزال ... ] .

وقال ابن كثير في تاريخه ((البداية والنهاية))(12/6):[ وفي سنة ثمانٍ وأربعمائة استتاب القادر بالله فقهاء المعتزلة فأظهروا الرجوع وتبرؤا من الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام ] لاحظ التعبير [ وأُخذت خطوطهم بذلك وأنهم متى خالفوا أحل فيهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم ، وامتثل محمود بن سبكتكين أمر أمير المؤمنين في ذلك واستنَّ بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة ] والقرامطة والمشبهة زيادة لا علاقة لها بالموضوع [ وصلبهم وحبسهم ونفاهم وأمر بلعنهم على المنابر وأبعد جميع طوائف أهل البدع ونفاهم عن ديارهم ، وصار ذلك سنة في الإسلام ] . انتهى من تاريخ ابن كثير . وقال ابن الأثير في ((الكامل)) (9/305) قريباً من ذلك مختصراً .
وبقي هذا الذي فعله المتوكل هو تيار الحنابلة ومن يتسمون بأهل الحديث )) انتهى كلام العلامة السقاف.

قلت: ومن ذلك ما رواه الذهبي في ((تذكرة الحفاظ)) في ترجمة ابن السقا الحافظ الامام، محدث واسط أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، المتوفي سنة 373هـ قال: ((واتفق أنه أملى حديث الطير، فلم تحتمله نفوسهم، فوثبوا به، وأقاموه، وغسلوا موضعه، فمضى ولزم بيته، فكان لا يحدث أحداً من الواسطيين))!! فانظر كيف كان تحديثه بجديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ينص على فضيلة علي كرم الله وجهه بالجنة، سبباً في هجوم العوام عليه، واتهامهم له، ومقاطعته، علماً أن ذلك كان في العراق مهد التشيع، فهذا الجو المذهبي والسياسي السائد في تلك الفترة، كان مشجعاً على ركوب موجة النصب، والعداء للتنزيه والمنزهة العدلية، وكيل كل سباب وتهمة شنيعة لهم، كما فعل أصحاب كتب الملل والنحل.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


إجراء مصنفي كتب الملل والنحل
اسم المعتزلة على الزيدية
تهرباً من اتباع آل البيت




وذلك حتى يفروا من الإحراج الذي قد يقعون فيه جراء الاحتجاج عليهم بآيات وأحاديث فضائل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتي صحت لديهم، إذ أن ذات ما يعيبونه على المعتزلة أو القدرية من العقائد هو ذاته معتقد الزيدية، ولا خلاف يذكر بين بعض المعتزلة والزيدية كما هو معلوم لأصحاب الشأن إلا في باب الإمامة، بل قال أبو الحسين الملطي الشافعي كما في كتابه ((التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع)) ص35: ((الفرقة الرابعة من الزيدية: هم معتزلة بغداد، يقولون بقول الجعفرية جعفر ابن مبشر الثقفي وجعفر بن حرب الهمداني ومحمد بن عبد الله الإسكافي، وهؤلاء أئمة معتزلة بغداد، وهم زيدية)) .

ولا أدل على ذلك أيضاً، من انتساب أئمة المعتزلة ذاتهم للزيدية، وتفاخرهم بذلك، كما سيمرّ معنا، ومبايعتهم أيضاً وخروجهم مع أئمة الزيدية الخارجين على سلاطين الظلم والجور، الأمويين والعباسيين، كما حصل من خروجهم مع الإمام إبراهيم بن عبد الله في البصرة، وذكر عبد القاهر البغدادي ذلك، كما سيأتي، ومناصرتهم للإمام إدريس في المغرب كما سيأتي، وقبل ذلك خروجهم مع الإمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام، وهو ما أدى إلى الخلط أيضا لدى كتاب الملل والنحل وجعل بعض تلاميذ المعتزلة ومشايخهم الذين خرجوا مع الإمام زيدي عليه السلام من فرق الزيدية، كما حدث مع البترية وغيرها كما سيأتي.



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

أمثلة على تعصب مصنفي كتب الملل والنحل
وافتراءهم على الأئمة والزيدية


قال عبد القاهر البغدادي في كتابه المشؤوم (الفَرق بين الفِرق) في نهاية باب (( معرفة أحكام أعداء الدين ))(3) : ((وأما المعاملة معهم [ أي المعتزلة والقدرية ] بالبيع والشراء فحكم ذلك عند أهل السنة!!! كحكم عقود المفاوضة بين المسلمين الذين فى أطراف الثغور وبين أهل الحرب، وإن كان قتلهم مباحاً!! ولا يجوز أن يبيع المسلم منهم مصحفاً ولا عبداً مسلماً في الصحيح من مذهب الشافعى. واختلف أصحاب الشافعى في حكم القدرية المعتزلة عن الحق: فمنهم من قال: حكمهم حكم المجوس.. فعلى هذا القول يجوز أخذ الجزية منهم، ومنهم من قال: حكمهم حكم المرتدين، وعلى هذا لا تؤخذ منهم الجزية، بل يستتابون فإن تابوا وإلا وجب على المسلمين قتلهم!! ))

قلت: لا أدري ماذا حصل في عقل هذا البغدادي؟! وكنت أحاول أن ألتمس له عذراً قبل ذلك، لكن الجاهل عدو نفسه!! فهو على ما يبدو أصابته حمى شبيهة بالحمى التي أصبت شيخ شيخه، لكنها لم تقضي عليه(4) !!

وأعود فأقول: أخرج البخاري في صحيحه (حديث 5752) : (( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما )) فهو أحق بما رمى به غيره بنص الحديث، وما نقله عن الشافعي ومذهبه من تكفير المعتزلة كذبٌ محض !! لا أصل له إلا في عقل أصحاب العقول المريضة التي أدمنت الإفتراء !!
فإن إمامه الشافعي كان تلميذاً لدى أحد هؤلاء القدرية الشيعة، وكان يجله ويحترمه أيما احترام، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المديني، قال الربيع(5): كان الشافعي إذا قال: حدثنا من لا أتهم ، يريد به إبراهيم ابن أبى يحيى.
واعتزاله معروف مشهور: عن أحمد بن حنبل قال: تركوا حديثه، قدري، معتزلي. وقال البخاري أيضاً: كان يرى القدر، وكان جهميا(6).
وروى عبدالله بن أحمد، عن أبيه، قال: قدري جهمى، كل بلاء فيه، ترك الناس حديثه(7).
قال إسحاق بن راهويه: ما رأيت أحداً يحتج بإبراهيم بن أبي يحيى(8) مثل الشافعي(9).
قال الحاكم: اجتمع للشافعي شيخا أهل الحق: مسلم بن خالد(10) وابن أبي يحيى.
وقال ابن عبد البر في تمهيده : أجمعوا على تجريح ابن يحيى إلا الشافعي.

فهل يكون من هذا حال شيخه، الذي كان إذا حدث عنه يقول: (( حدثني من لا أتهم )) يرى كفر القدرية والمعتزلة، ولا يجيز الصلاة خلفهم، ويرى سبيهم وقتلهم وأخذ الجزية منهم؟!

ومن الأمثلة على تعصب هؤلاء الكتّاب، ما قاله عبد القاهر البغدادي (الإمام!) من إجماع أهل السنة والجماعة ( على وقوف الأرض وسكونها، وأن حركتها تكون لعارض ...) كما في (الفَرق) ص 198 ، ولا أدري ما وجه إجماع اهل السنة على هكذا مسألة، وذكرها في أركان مذهب أهل السنة والجماعة !
ونقله أيضاً إجماعهم على أن الأرض مسطحة متناهية الأطراف من الجهات كلها، كما في المصدر السابق ص198 ، فعلى هذا يكون أغلب أهل السنة اليوم مدسوسين على مذهبهم، إذ نقضوا أحد أركان مذهبهم بقولهم : إن الأرض كروية، وأنها متحركة، ولا يكون السني سنياً أصيلاً حتى يقول بتلك الأركان المزعومة !! ولله في خلقه شؤون.

وأمثلة تعصبهم لا تنتهي، ونكتفي بما ذكرناه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) ((الفرق بين الفرق)) صحيفة رقم 220 .
(4)وذكر القاضي عبد الجبار المعتزلي في (( شرح الأصول الخمسة )) ص (174) أن شيخه أبا القاسم بن سهلويه كان يُلَقَّب بقاتل الأشعري ، قال : (( وسبب تلقيبه به أنه ناظر الأشعري في مسألة فانقطع وحُمَّ )).
(5) كما في ترجمة إبراهيم بن أبي يحيى في ((ميزان الاعتدال)) و((تهذيب التهذيب))(1/37).
(6) كما في ترجمة إبراهيم بن ابي يحيى في ((ميزان الاعتدال)) و((تهذيب التهذيب))(1/37).
(7) كما في ترجمة إبراهيم بن ابي يحيى في ((ميزان الاعتدال)) و((تهذيب التهذيب))(1/37).
(8) قلت: وقد كان زيدياً، قال العلامة مؤرخ اليمن والزيدية أحمد بن صالح بن ابي الرجال المتوفى سنة 1092هـ في كتابه ((مطلع البدور ومجمع البحور)): (( إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى : الشيخ المحدث، إمام العدليَّة، وحجَّة أهل الحديث...شيخ الإمام الشافعي (رحمه الله) كان من علماء الزيدية ..)).
(9)((تهذيب التهذيب))(1/37).
(10)وفي ((لسان الميزان))(8491) في ترجمته: ( وقال الساجي كثير الغلط كان يرى القدر).



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

اعتراف أهل العلم بتعصب الكتاب
الذين بحثوا في المذاهب
والاختلافات الإسلامية


اعلم أن من طالع تلك الكتب عامة، وجد فيها من التعصب والافتراء ما تقشعر منه الجلود، وتجد فيها التحامل الشديد على من يكتبون عنهم، وإن كان اعتقادهم أحق وأوضح حجة مما يعتقده هو وطائفته، ومرد ذلك إلى التعصب الذي يدفع هؤلاء الكتاب إما إلى الكذب والمبالغة في تكوين الفرق وتقويلها مالم تقله وإلزامها إلزامات بعيدة، أو النقل عن أعداء هذه الفرق، وإن كان هؤلاء الأعداء من الفجرة المرتدين الذين لا يرعون إلاً ولا ذمة، ولا يحرمون حراماً ولا يرون بأساً في الكذب، كما حدث مع (ابن الراوندي) المرتد الذين أجمعت المعتزلة وجميع الطوائف على ردته عن الدين، وقد أقرّ بذلك حتى الأشاعرة والمنصفون من أهل السنة.
قال العلامة الكوثري في بيان حال هؤلاء الكتاب كما في مقدمة ((التبصير)) ص5: (( فمن العلماء الذين ألفوا في الملل والنحل على اختلاف مشاربهم، وتفاوت مآربهم ... من عوّل في نسبة الآراء إليهم على كتب خصومهم البعداء عن النصفة، والعالم المحتاط لدينه لا يعزوا إلى فرقة من الفرق، أو شخص من الأشخاص مالم يره في كتب المردود عليهم الثابتة عنهم، أو في كتب الثقات من أهل العلم المتثبتين في عزو الأقاويل، ولا يلزمهم إلا ما هو لازم قولهم لزوماً بيناً لم يصرح قائله بالتبري من ذلك اللازم..))

وقال أيضاً كما في مقدمة ((تبيين كذب المفتري)): (( وكثيراً ما يُعزى إلى الفرق أقوالٌ لا توجد في كتبهم، إما توليداً وإلزاماً، أو نقلاً من كتب غير الثقات من الخصوم، كما يقع لعبد القاهر البغدادي في ((الفرق بين الفرق)) و ((الملل والنحل)) له، وكما يفعل ابن حزم في ((الفِصَل))..))
وسبب ذلك كما أشرنا اعتماد مصنفي كتب الملل والنحل (وبالأخص عبد القاهر، الذي نقل عنه من بعده أقواله) على ابن الراوندي الملحد باتفاق الأمة الذي ردّ على المعتزلة بزعمه.

قال الرازي في مناظراته مع أهل ما وراء النهر في المسألة العاشرة عند ذكره لكتاب ((الملل والنحل)) للشهرستاني: (( إنه كتابٌ حكى فيه مذاهب أهل العلم بزعمه إلا أنه غير معتمد عليه، لأنه نقل المذاهب الإسلامية من الكتاب المسمى بـ((الفَرق بين الفِرق)) من تصانيف الأستاذ أبي منصور البغدادي، وهذا الأستاذ كان شديد التعصب على المخالفين، ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه، ثم إن الشهرستاني نقل مذاهب الفرق الإسلامية من ذلك الكتاب، فلهذا السبب وقع الخلل في نقل هذه المذاهب))

قلت: وقد ساير عبد القاهر البغدادي في كتاباته، ابن الراوندي الملحد صاحب كتاب ( فضيحة المعتزلة )، كما بين ذلك أبي الحسين الخياط في كتابه (الانتصار)، الذي ردّ فيه على ابن الراوندي الملحد، وما ينطبق على كتاب الشهرستاني (ت 548هـ) ينطبق أيضاً على كتاب ((التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين)) لأبي المظفر الإسفرائيني (ت471هـ) صهر عبد القاهر، حيث تبع في كتابه كتاب صهره العين بالعين والفتر بالفتر!!

وقد ردّ على تعصبهما في جعل الزيدية من فرق الروافض العلامة الزاهد الكوثري الحنفي فقال: (( ولم يكن الإمام زيد يتبرأ من الشيخين، بل كان يرى المصلحة فيما فعل الصحابة، ولم يكن يتكلم في الصحابة، ومن يفهم خلاف ذلك لا يكون من أتباعه، وإن ادعى الانتساب إليه زوراً. فلا يحسن عدّ الزيدية مطلقاً من الروافض، وإمامهم من أبعد خلق الله عن الرفض، بل الروافض هم الذين رفضوه ..)) كما في تعليقه على ((التبصير)) ص 24.

ومن أسباب الخلل الذي وقع لمصنفي كتب الملل والنحل أيضاً، مسايرتهم في بعض الأحيان للحشوية والمشبهة المجسمة النواصب، كما فعل أبو الحسين الملطي الشافعي(11)، أوّل من صنف في الملل والنحل في كتابه ((التنبيه والردّ على أهل الأهواء والبدع))، الذي سار فيه خلف كتاب ((الإستقامة)) للحشوي الناصبي المعروف أبي عاصم خُشَيش بن أصرم النسائي، وخلف مقاتل بن سليمان المفسر المجسم المشهور.
وقد عاب عليه العلامة الكوثري جعله الزيدية من ضمن فرق الروافض، قال: (( لكن عنوان الروافض لا يشمل إلا بعض شذوذ من الزيدية، كما هو معروف، فيكون جعل العنوان بحيث يشمل جميع الزيدية غير مستقيم)) كما في مقدمة ((التنبيه)).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) والصحيح أن المصنف ذاته، كان من جملة الحشوية النواصب، بل هو شديد المعاداة للمنزهة وعموم أهل البيت والزيدية عليهم السلام، كا هو واضح في كتابه، إذ أن مسايرته لخُشَيش بن أصرم الناصبي الحشوي في كتابه الشنيع ((الاستقامة))، ولمقاتل بن سليمان المجسم القائل باللحم والدم في تفسيره آيات المتشابه أتت من اضطراب سابق لديه، وقد أشار إلى ذلك أيضاً العلامة الكوثري في مقدمته على كتاب (التنبيه)، فانتبه.

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

بطلان فكرة انقسام الزيدية
لعدة فرق




وهنا ابتداءً لا بد من تثبيت فكرة لكل مطلع وباحث، وبالأخص ممن لا يعرفون الزيدية ولم يقرؤوا كتبها، وتصانيف أئمتها، وهي أن الزيدية وأئمة المذهب الزيدي وأتباعه، لا ينظرون لأنفسهم على أنهم طائفة أو فرقة، إذ أن نسبتهم للإمام زيد وتسمّيهم بالزيدية، هي نسبة اعتزاء وانتماء، أكثر منها نسبة حصر وانقطاع، حال كثير من المذاهب والفرق الأخرى، أي أنها توافقه في القول بالأصول التي وضحها وصنف بها ودعا إليها الناس وجاهد عليها. قال الإمام عبدالله بن الحسن بن الحسن: ((العلم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب، والعلم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي))، وهذه الأصول هي التي سماها الإمام القاسم الرسي عليه السلام بالأصول الخمسة، وما تعارف عليها بعض الأئمة المتأخرين بالأصول الثلاثين، أو الثلاثين مسألة، والتي شرحوا بها تلك الأصول الخمسة وبينوها، والمطلع يلمس واضحاً أن مسألة الأصول من المسائل المتفق عليها عبر تاريخ ومصنفات أئمة أهل البيت سواءً المتقدمين منهم أوالمتأخرين، على الرغم من كون المذهب الزيدي من مذاهب الاجتهاد، ونبذ التقليد، والمذاهب التي لا تحصر أتباعها على كتب واطلاعات محددة سابقاً.
وهذه الأصول الخمسة هي ما وضحها الإمام القاسم الرسي عليه السلام فقال(12): ((من لم يعلم من دين الإسلام خمسة من الأصول، فهو ضآلٌ جهول:
أولهن: أن الله سبحانه إله واحدٌ ليس كمثله شيء، بل هو خالق كل شيء، يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير.
والثاني من الأصول: أن الله سبحانه عدل غير جائر، لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يعذبها إلا بذنبها، لم يمنع أحداً من طاعته بل أمره بها، ولم يدخل أحداً في معصيته بل نهاه عنها.
والثالث من الأصول: أن الله سبحانه صادق الوعد والوعيد، يجزي بمثقال ذرة خيراً، ويجزي بمثقال ذرة شراً، من صيَّره إلى الثواب فهو فيه أبداً خالد مخلد، كخلود مَن صَيَّره إلى العذاب الذي لا ينفد.
والرابع من الأصول: أن القرآن المجيد فصل محكم، وصراط مستقيم لا خلاف فيه ولا اختلاف، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه ما كان لها ذكر في القرآن ومعنى.
والخامس من الأصول: أن التقلب بالأموال في التجارات والمكاسب في وقت ما تعطل فيه الأحكام، وينتهب ما جعل الله للأرامل والأيتام، والمكافيف والزُّمناء، وسائر الضفعاء، ليس من الحل والإطلاق كمثله في وقت ولاة العدل والإحسان، والقائمين بحدود الرحمن )) (13).

فعلى هذا فإن من وافقهم في هذه الأصول واعتقد بها، كان زيدياً، ومن خالفهم في أحدها فقد خرج من دائرة الزيدية، وليس للزيدية غير هذه الدائرة، فلا هو جارودي، على تفصيل سيأتي لاحقاً، ولا ببتري، ولا سليماني، ولا جريري، ولا صالحي، ولا كيساني، ولا آخر ما هذى به أبو الحسين الملطي والبغدادي وغيرهما!!

قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي عليهم السلام: (( فهذه الأصول هي التي ندين الله بها، فمن دان بها فهو أخونا وولينا. ندعوا إليها من أجابنا، ونجيب من دعانا، هذا ديننا ونحلتنا، والطيبون من آل محمد قادتنا، فمن وافقنا فهو ولينا، ومن فارقنا عليه حاججناه بالمحكم من كتاب الله، ورددناه إلى المجمع عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن قبل ذلك كان له ما لنا، وعليه ما علينا. نتولى كل مهتد مضى قبلنا، وسيرتنا في ولينا وعدونا سيرة نبينا. الله ربنا، ومحمد نبينا، والقرآن إمامنا، والإسلام ديننا، والموت غايتنا، والحشر يجمعنا، والموقف موعدنا، وحكم الله يفصل بيننا، فمن أقر بما أقررنا به وجبت ولايته ومؤاخاته، ومن أبى إلا المخالفة للحق، والمعاندة للصدق، كان الله حسيبه وولي أمره، والحاكم بيننا وبينه، وهو خير الحاكمين)) (14).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) من كتابه عليه السلام المسمى: الأصول الخمسة.
(13)وهنا يجدر ذكر أن المنزلة بين المنزلتين، أي أن مرتكب الكبيرة لا يسمى مؤمناً ولا يسمى كافراً، وإنما له منزلة بين المنزلتين، فيكون اسمه فاسقاً، هي من عقائدهم أيضاً..
(14) مجموع الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام صحيفة رقم 271.



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

أمثلة على فرق وهمية اخترعها
مصنفوا كتب الملل والنحل
للزيدية




ففي سبيل تكملة العدد الذي حددوه للفرق الثلاثة وسبعين، تجدهم يخترعون فرق لا وجود لها على أرض الواقع، ولا أدري أين كانوا سيضعون الفرق التي نشأت بعد عهد هؤلاء المصنفين، مثل: البهائية والقاديانية، وغيرها!!
والأمثلة على تلك الفرق المخترعة كثيرة(15)، ومنها:

(1) فرقة (( السليمانية أو الجريرية)) :
وهي من أهم الفرق التي ابتكروها للزيدية، ولا ندري هل يكون لأي فرقة محترمة إسمان، مرة (( الجريرية )) ومرة (( السليمانية )) فلم يستطيعوا اختيار أحدهما ولو حتى للتعريف بأنفسهم؟!
واختراع هكذا فرقة، إنما هو مؤشر على مدى جهل أو سوء نية من اخترعها ووضعها فرقة ومن ثم ضمنها للزيدية !! والدليل على ذلك ما يأتي:
من هو سليمان بن جرير الذي تنسب له هذه الفرقة؟!
ترجم له ابن حجر في (( لسان الميزان )) ناقلاً لترجمته عن عبد القاهر البغدادي! وقد نسبوه إلى الشيعة والزيدية!! وقال الأصفهاني في ((مقاتل الطالبيين)) ص325: وكان من متكلمي الزيدية البترية ومن أولى الرياسة فيهم اهـ.
ونسب له الأصفهاني في ((مقاتل الطالبيين)) في عدة روايات، وأحمد بن سهل الرازي في ((أخبار فخ)) أنه هو من تولى أمر اغتيال الإمام إدريس بن عبدالله بالسم، وقت ظهوره في المغرب، كما نسبوا ذلك أيضاً لرجل كان يتزيا بزي اليهود، كما هو أيضاً في ((الشافي))(1/240) للإمام عبدالله بن حمزة.

قلت: لا يبعُد ما ذكروه من أنه وراء قتل الإمام، وأنه إنما تظاهر بالعدلية لغاية في نفسه، فيكون كلام أبو الفرج فيه من أنه من رجال البترية مقلداً فيه لغيره، وهو على أقل تقدير رجل مشبوه، وقد ردّ عليه الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام، في كتاب با سم (( الرد على سليمان بن جرير)) وقال فيه: (( وهو ممن يدعي العلم، وهو من المجبرة )) ومسائله وأقواله واضحة أنه على غير مذهب العترة الزيدية، ولا العدلية!!
فكيف يجعل من اتهم بقتل إمام من أئمة الزيدية، وله مسائل ومصنفات في الجبر، والرد على أهل العدل من الزيدية والمعتزلة، ولأئمة الزيدية كتب في الردّ عليه، زعيم فرقة تنسب للزيدية ؟! وعجائب هؤلاء المجبرة لا تنقضي !! سواءاً البغدادي أم سليمان هذا !!

(2) فرقة (( المحمدية )):

بالرغم من أن إمامها المزعوم هو أحد أئمة الزيدية المعروفين والفضلاء بينهم، ما سموها بـ((المحمدية)) التي عدها أكثر مصنفي كتب الملل والنحل في فرق (الرافضة!) الإمامية، وتجاوزوا أحياناً فوضعوها في فرق الغلاة الخارجين عن الدين، مسايرةً لعبد القاهر البغدادي، فكما في (الفَرق بين الفِرق) ، في باب ((ذكر الإمامية من الرافضة)) ص34:
(( وهؤلاء ينتظرون محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب، ولا يصدقون بقتله ولا بموته، ويزعمون أنه في جبل حاجر من ناحية نجد، إلى أن يؤمر بالخروج ... فلما قتل محمد بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن بن علي بالمدينة اختلفت المغيرية فيه فرقتين: فرقة أقروا بقتله ... وفرقة منهم ثبتت على موالاة المغيرة بن سعيد العجلى .. وزعم هؤلاء أن الذي قتله جند عيسى بن موسى بالمدينة لم يكن محمد بن عبد الله، فهذه الطائفة يقال لهم: المحمدية، لانتظارهم محمد بن عبد الله بن الحسن، وكان جابر بن يزيد الجعفى على هذا المذهب..)).

وفي نفس الكتاب، يبدوا أن المصنف قد نسي أنه قدر ذكر ذات الفرقة في باب (الرافضة الإمامية)، أو أنه تعمد ذلك لغاية في نفسه، فأعاد ذكرها باسم جديد في باب ( ذكر المغيرية من الغُلاة، وبيان خروجها عن جملة فرق الإسلام ) ص145 وذكر نفس اعتقاداتها، غير أنه أضاف لها اعتقاد التشبيه، ونبوة المغيرة العجلي، وغيرها من الافتراءات. بل وعاد وجعل هؤلاء المحمدية مرة أخرى في عداد ( الجَناحية من الغلاة ) (16)، في حين أن المغيرة بن سعيد العجلي الذي جعله من زعماء تلك الفرقة، متروك مُكذب لدى جميع الفرق.

في حين تجد تلميذه وصهره ينقل عنه ذلك، ويزيد عليه فيجعل هذه الفرقة من فرق الجارودية، مفرقاً لها عن الزيدية بزعمه، فيقول:
((وزعم قوم من الجارودية أن الإمام المنتظر محمد (17) بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ويقولون: أنه لم يمت ولم يقتل.)) (18)
قلت: أين هم من زعم ذلك في الإمام محمد، وما هي كتبهم التي نقلتم عنها اعتقادهم هذا، وكيف اطلعتم على تلك التفاصيل الدقيقة في مذهبهم، على بعد الزمان بين أول من اخترع هذه الفكرة، وهما الأشعري وعبد القاهر، وبين تلك الفرقة الموهومة ؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(15) ومن أعجب تلك الفرق، فرقة المعدومية، من المعتزلة، التي اخترعها عبد القاهر البغدادي التميمي أثناء حديثه عن فرقة أخرى كان قد اخترعها قبلها وسمّاها خياطية كما في ((الفرق بين الفرق)) صحيفة رقم 107: ((وذلك أن المعتزلة اختلفوا فى تسمية المعدوم شيئاً... وزعم آخرون من المعتزلة أن المعدوم شىء... وكان هؤلاء الخياطية يقال لهم: المعدومية ))!! فانظر بالله عليك كيف اختلق من تلك الصراعات الفلسفية اللفظية الفرعية بين تلاميذ العالم ذاته، فرقة كاملة وسماها: ((معدومية))!! ويعدُها بعد ذلك من الإثنين وسبعين فرقة التي في النار!! وهم مجرد طلبة علم وتلامذة تناقشوا في إحدى المسائل، وهم حقيقة لم يختلفوا فيها، على الرغم أنه بين أتباع مذهب المصنف نفسه خلافات في الأصول، وفي صفات الله تعالى أعظم من كون العدم شيئا أم لا، ولم يسمهم إلا ((أهل السنة والجماعة)) معتبراً أنه ما لا ينبني عليه تفسيق لم يصح أن يسمى خلافاً. فلما هذا التناقض ؟!
(16) (الفَرق بين الفِرق) طبعة دار ابن حزم صحيفة رقم 149
(17) وهو الإمام محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام والملقب بـ(النفس الزكية) قيامه سنة خمس وأربعين ومائة في غرة رجب، خرج إلى مكة وبويع هناك وبايعه جميع أهل البيت عليهم السلام في عصره من أولاد الحسن والحسين، ولم يتخلف منهم أحد عن بيعته وبايعه علماء عصره من الزيدية والمعتزلة وغيرهم من فقهاء الأمة، فبعث عماله إلى الجهات والنواحي، وخوطب بأمير المؤمنين، وهو أول من خوطب بهذا الإسم من العترة بعد علي عليه السلام، واضطربت منه بنو العباس اضطراباً شديداً ووجهوا إليه جيشاً كثيفاً، فجاهد جهاد الأبطال حتى سقط شهيداً رحمة الله عليه، قال الإمام عبد الله بن حمزة في (الشافي): (وكان يقاتل بالسيف، فيضرب ضرب جده علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والتسليم، وقال لما انهزم عنه أصحابه: اللهم إنهم عجزوا عن احتمال أمرك، والجهاد مع ولد نبيك، فاجعلهم في حل من بيعتي، ثم عطف على الناس في قلة من أصحابه، أهل البصائر خاصة وأهل بيته، وقاتل حتى قتل في الموضع الذي أخبر جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه يقتل فيه، في الحرم الشريف من المدينة المطهرة). روى أبو الفرج بإسناده عن عيسى بن زيد عليهما السلام قال: (لو أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه باعث بعده نبياً لكان ذلك محمد بن عبدالله بن الحسن) فهذا كلام عيسى بن زيد أحد كبار أئمة الزيدية، وكان الإمامان مالك بن أنس وأبو حنيفة يفتيان بالخروج مع الإمام محمد بن عبد الله وأخيه إبراهيم الذي خرج في البصرة. وفي ((هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين)) للسيد الهادي بن إبراهيم الوزير عليهم السلام، قال: خطب [ محمد بن عبد الله النفس الزكية ] على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (والله لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذ اعوج، ولن ننحو إلا أثره، ولن نقتبس إلا من نوره ، وزيد إمام الأئمة ، وأول من دعا إلى الله بعد الحسين بن علي عليهم السلام). ومن آثاره كتاب ((السير)). فعلى هذا يظهر لك مدى تهور وكذب من جعلوا لهذا الإمام الشهيد فرقة منفصلة، خارجة عن إطار الزيدية، وافتروا عليه ما افتروا. والله تعالى حسيبهم. انظر مقاتل الطالبين ص172،والتحف شرح الزلف ص31، وطبقات الزيدية، وأعلام المؤلفين الزيدية ص436.
(18) (التبصير في الدين) لشهفور بن طاهر صحيفة رقم 24


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


الكلام على الصالحية والبترية
وأنهما ليستا من فرق الزيدية


الصالحية، قيل إنها من فرق الزيدية، وهي تنسب إلى الحسن بن صالح بن حي(19)، وقد يذكرها بعض متأخري أئمة الزيدية عند حصر الأقوال في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من باب الإمامة، كما في ((الإصباح على المصباح)) وغيره، وليس للصالحية ذكر في كتب الأئمة المتقدمين أمثال القاسم والهادي وابنيه عليهم السلام، وأجمع من نقل عنها قولها بصحة إمامة أبي بكر وعمر وعدم تخطيئهما، وتوقفها في عثمان، ويُنقل عنها أيضاً قولها بجواز الإمامة في سائر الناس شأنها في ذلك شأن بعض المعتزلة!!

قلت: وعلى هذا يكون من جعل هذه الفرقة من فرق الزيدية غلطاً بيناً، إذ أن التشابه والتشارك في القول في بعض الأصول، لا يوجب الاتحاد، وكما قلنا، فإن المعتزلة تتشارك مع الزيدية في أغلب الأصول المهمة، وكان رجال المعتزلة هم غالباً وقود ثورات أئمة الزيدية، فهم وإن لم يقولوا بإمامة أهل البيت نظرياً، إلا أنهم واقعياً بايعوا أغلب أئمة الزيدية في العراق وخراسان، قال عبد القاهر البغدادي في (الفرق بين الفرق) ص146: (( وأما إبراهيم بن عبد الله بن الحسن فإنه غرّه يسير من الرجال وأتباعه المعتزلة، وضمنوا له النصرة على جند المنصور فلما التقى الجمعان ... قتل إبراهيم، وانهزمت المعتزلة عنه، ولحقه شؤمهم))، وكذا يروى عن القاضي عبد الجبار أنه بايع الإمام مانكديم، وكانت غالب أتباع الإمام إدريس عليه السلام في المغرب من المعتزلة(20) .
وقد نقلنا عن أبي الحسن الملطي الشافعي تسميته لمعتزلية بغداد بالزيدية، كذا فإن المعتزلة لم يتفقوا على قول في واحد في تأخير أمير المؤمنين على أبي بكر وعمر، فكان هذا سبباً للتداخل بين الزيدية والمعتزلة، وسبباً لتسمية بعض مشايخ المعتزلة وأتباعهم ممن خرجوا مع زيد بن علي عليه السلام وغيره من الأئمة الثائرين ضمن فرق الزيدية، قال نشوان الحميري في كتابه (( الحور العين )) :

((ومن الواضح الذي لا إشكال فيه، أن زيد بن علي، يذكر مع المتكلمين إن ذكروا، ويذكر مع الزهاد إن ذكروا، ويذكر مع الشجعان وأهل المعرفة بالضبط والسياسة، وكان أفضل العترة، لأنه كان مشاركاً لجماعتهم في جميع خصال الفضل، ومتميزاً عنهم بوجوه لم يشاركوه فيها. فمنها: اختصاصه بعلم الكلام، الذي هو أجل العلوم، وطريق النجاة والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلا معه، والتقدم فيه، والاشتهار عند الخاص والعام. هذا أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ يصفه في ((صنعة الكلام)) ويفتخر به ويشهد له بنهاية التقدم، وجعفر بن حارث في كتاب ((الديانة))، وكثير من معتزلة بغداد كمحمد بن عبد الله الإسكافي وغيره، وينسبون إليه في كتبهم، ويقولون: نحن زيدية.
وحسبك في هذا الباب انتساب المعتزلة إليه، مع أنها تنظر إلى الناس بالعين التي ينظر بها ملائكة السماء إلى أهل الأرض مثلاً، فلولا ظهور علمه وبراعته، وتقدمه كل أحد في فضيلته، لما انقادت له المعتزلة)).

قال محقق كتاب ((الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة)) عند قول الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام (الزيدية الصالحية) :

((وأما إطلاق لفظ الإمام عليه السلام على الصالحية بأنها زيدية، فليس فيه دليل على أنهم زيدية، بل إن ذكره لهم في عداد القائلين بعدم إمامة أمير المؤمنين بعد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ينفي أنهم زيدية، وقد يكون عَلَيْه السَّلام ذكرهم بالعَلَم الذي تسمّوا به، وقوله عَلَيْه السَّلام : (أبعدهم الله) يكشف ذلك، ثم إنه لم يُؤْثر عن أحد من أئمة الزيدية القول بأقوالهم، فبطلت نسبتهم إلى الزيدية بخروجهم عن أقوال أئمّتها، ثم تراه وهو إمام الزيدية عَلَيْه السَّلام يردّ عليها ويفنِّد أقاويلها ويبيّن ضلالها، ومن اطلع على كلامه عليه السلام في الشافي في تبيين من هو الزيدي وحقيقته وعقيدته، وعلى كتاب الكاشف للإشكال في الفرق بين التشيع والاعتزال ضمن مجموع السيد حميدان، علم صحة ما قلنا... وقد انقرضت هذه الفرقة وغيرها من الفرق المنتسبة إلى الزيدية وهي على غير مذهبها ولم يعد لها وجود إنْ كانت وُجِدت أصلاً))

قلت: وهو كلام واضح يبين أن هذه الفرقة ليست من الزيدية، بل هي من المعتزلة، والصحيح عندي، أنها ليست بفرقة، وإنما قسمها وذكرها فرقة مستقلة من جعل لكل شيخ وعالم من علماء المعتزلة، مذهباً وفرقة، وزعم أن كل فريق منهم يكفر سائر تلك الفرق، سعياً منه في إظهارهم مظهر الفرق المارقة الممزقة، تشويهاً لها، وإبعاداً للناس عنها، خاصة إذا أتبعها بقوله: (( فأما الفرقة الثالثة والسبعون، فهي أهل السنة والجماعة ... كلهم متفقون على مقالة واحدة ... وليس بينهم فيما اختلفوا فيه منها تضليل ولا تفسيق، وهم الفرقة الناجية)) (21) ضحكاً على الذقون، بزعم أنهم الفرقة الوحيدة المتفقون المجتمعون (22) ، عكس سائر الفرق، فتكون هي الفرقة الوحيدة التي تستحق الاتباع ، وأهلها ناجون!!
وأخيراً، فإن ما قلناه وأثبتناه من كون الصالحية من فرق المعتزلة لا الزيدية، للأسباب التي بيناها، ينطبق تماماً على البترية، أصحاب كثير النواء الملقب بالأبتر(23)، وهم متفقون مع الصالحية في المذهب وسائر القوال كما يُنقل عنهم، إلا أنهم أقل شهرة وأخباراً منهم، فالواضح أنهم لم يكونوا يوماً فرقةً، ويُنسب أبو حنيفة لهم، والله الهادي!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(19) قال العلامة الكوثري الحنفي في ترجمته: (( كوفي، من ثور همدان، أحد الأعلام، أخرج له مسلم والبخاري في الأدب وأصحابه السنن، توفي سنة 169هـ، والجمهور على توثيقه، وإليه تنسب الصالحية من الزيدية ..)) وفي ((معرفة الثقات))(297): ((وكان ثقة ثبتا متعبدا، وكان يتشيع، وكان حسن الفقه، إلا أن بن المبارك كان يحمل عليه بعض الحمل لحال التشيع، ولم يرو عنه شيئا)) قلت: قد خسر ابن المبارك ذلك، ولم يضر الحسن أنه لم يرو عنه !!
(20) وكالعادة فقد استقوى خصومهم بشوكة السلطان، لا بالحكمة والمنطق، ففي عام 179هـ أمر (هرثمة بن أعين) بعد مقتل الإمام إدريس بن عبدالله عليه السلام بالسم (( بالشيعة في جميع الأمصار [في المغرب العربي] أن يقتلوا ويعذبوا ويحرقوا، حتى ما يُومؤ إلى أحد بريء ولا سقيم إلا أُخذ وعذب بأنواع العذاب)) كما في ((أخبار فخ)) لأحمد بن سهل الرازي (ت315هـ)
(21) (الفَرق بين الفِرق) صحيفة رقم 21 من كبعة دار ابن حزم.
(22) وهي دعوى باطلة، انظر إلى ترجمة أبي حنيفة في كتب التراجم، وطعنهم وفيه، وتكفيرهم له، وأنه ما ولد بالإسلام أشأم منه، وانظر كذلك إلى ترجمة الأشعري، وطعنهم به، وانظر كيف كفر ابن حنبل القائلين بخلق القرآن، والمتوقفين فيه، وهم جمهور الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة ....الخ.
(23) قال ابن حبان كما في ((الضغفاء لابن الجوزي)): كان غالياً في التشيع مفرطا فيه، وقال عنه ابن عدي مثل ذلك في ((تهذيب التهذيب))، قال عنه الذهبي في ((الكشاف)): شيعي جلد ضعفوه.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

الجارودية



أبو الجارود زياد بن المنذر:


قال السيد عبد السلام الوجيه في (( أعلام المؤلفين الزيدية )) في ترجمته:
((زياد بن المنذر الهمداني الكوفي، الأعمى، العابد، أبو الجارود، معروف بكنيته أحد أعلام الزيدية، وإليه تنسب الزيدية الجارودية، وهو أحد تلامذة الإمام زيد عليه السلام ودعاته والمبايعين له، عرف بصلابته في الحق وبالرواية عن الإمام زيد بن علي عليه السلام، عده أبو القاسم عبدالعزيز بن إسحاق البغدادي وأبو عبدالله العلوي والأردبيلي والمزي وصاحب الطبقات والجداول من الرواة عن الإمام زيد عليه السلام، وهو عالم، محدث مفسر، مجاهد، وأخباره كثيرة، أفرط في ذمه وقدحه الإمامية، ورووا عنه كذباً عن أئمتهم ما ليس فيه، كما تحامل عليه الحشوية، ونسبوا إليه الجارودية، وجعلوها فرقة من فرق الزيدية)) والظاهر أنه ليس له مؤلفٌ مستقل به.
وفي (( الضعفاء والمتروكين )) لابن الجوزي (1305) قال: (( زياد بن المنذر أبو الجارود الثقفي الكوفي، يروي عن أبي الطفيل والأعمش، قال أحمد والنسائي: متروك الحديث. وقال يحيى: كذاب، عدو الله، لا يساوي فلسا، وقال ابن حبان: كان رافضيا يضع الحديث..)) فانظر التحامل !!

وفي ((تهذيب الكمال)) (2070) للمزي قال: ((وقال النوبختي في كتاب (مقالات الشيعة) في ذكر فرق الزيدية العشرة: قالت الجارودية منهم، وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن المنذر: أن علي بن أبي طالب عليه السلام أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولاهم بالأمر من جميع الناس وتبرؤوا من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وزعموا أن الإمامة مقصورة في ولد فاطمة عليها السلام، وانها لمن خرج منهم يدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه، وعلينا نصرته ومعونته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سمع داعينا أهل البيت فلم يجبه أكبه الله على وجهه في النار)) وبعضهم يرى الرجعة، ويحل المتعة))


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

حصر الآراء المنسوبة للجارودية من
كتب الملل والنحل



قال أبو الحسين الملطى وهو أول من كتب في بابه، كما في كتاب ((التنبيه والردّ)): (( إن أهل الضلال الرافضة: ثمانى عشرة فرقة يتلقبون بالإمامية وأنا أذكرها إن شاء الله على رتبها: ...... الفرقة الحادية عشرة: هم الجارودية، وهم بين الغالية والتناسخية، لا يفصحون بالغلو ويقولون: إن الله عز و جل نور وأرواح الأئمة والأنبياء منه متولدة وينحون نحو التناسخ ولا يقولون بانتقال الروح من جسد إنسان إلى جسد ...)) إلى آخر ما هذى به!!
قلت: وبعض التهم لا تضر المُتَهَم، وإنما تفضح المُتهِم!! ولا أدري لعله خلط بينهم وبين الحلولية أو التناسخية !! أو تعمد أن يسيء لما يمت لآل البيت بصلة، جرياً وراء شيخه خُشيش.

وفي ( الفَرق بين الفِرق) لعبد القاهر البغدادي ص 23 قال عن الجارودية:
((أتباع المعروف بأبي الجارود، وقد زعموا أن النبي نص على إمامة علي بالوصف دون الاسم، وزعموا ايضاً أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي، وقالوا أيضاً: أن الحسن بن علي كان هو الإمام بعد على ثم أخوة الحسين كان إماما بعد الحسن، وافترقت الجارودية في هذا الترتيب فرقتين:
فرقة قالت: إن عليا نص على إمامة ابنه الحسن، ثم نص الحسن على إمامة أخيه الحسين بعده، ثم صارت الإمامة بعد الحسن والحسين شورى في ولدي الحسن والحسين، فمن خرج منهم شاهراً سيفه، داعياً الى دينه، وكان عالماً ورعاً، فهو الإمام.
وزعمت الفرقة الثانية منهم: أن النبي هو الذي نص على إمامة الحسن بعد علي، وإمامة الحسين بعد الحسن، ثم افترقت الجارودية بعد هذا في الإمام المنتظر فرقاً، منهم من لم يعين واحداً بالانتظار، وقال: كل من شهر سيفه ودعا الى دينه من ولدى الحسن والحسين، فهو الإمام..)) .

قلت: وعلى كتاب عبد القاهر البغدادي عوّل أغلب من كتب بعده، مثل: أبو المظفر الإسفرائيني، وابن حزم، والشهرستاني، والمقريزي وغيرهم. فالإجابة عليه، هي بمقام الإجابة عليهم جميعاً.

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

مناقشة أصحاب كتب والملل والنحل
في الجارودية




اعلم أن من ترجم للجارودية من غير الزيدية، خلط حقاً بباطل، وقد أرادوا بذلك التشنيع على الزيدية، وأغلب التهم التي رموا بها الجارودية وشنعوا بها عليها، لم يقل بها أحد من أئمة الزيدية أصلاً، فضلاً عن أن تكون فرقة منهم قد قالته:
فالقول بكفر أبي بكر وعمر أوغيره من الصحابة لم يصدر عن أحد من أئمة الزيدية مطلقاً، وأكثر الأئمة على التوقف فيهما، بين التفسيق والترضية، أما التكفير فلم يتعدى أحدٌ من الأئمة بهما إليه مطلقاً، لأن الزيدية وببساطة، تثبت النص الاستدلالي في أمير المؤمنين، لا الضروري، فلا يكفر المخالف لذلك، وهذا موضع إجماع بينهم، والقول بالنص الضروري في خبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلاف الحس.

قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام في بيان مذهب الزيدية في فيمن تقدم أمير المؤمنين عليه السلام(24): ((وتقدم من تقدم على علي عليه السلام من جملة الأحداث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي أخطأ راكبها، ولسنا نعلم قدر عقوبة ذلك الخطأ عند الله سبحانه، لأن الخطيئة الكبيرة قد تصغر بقدر عظم صاحبها وتقدم إحسانه، كما نعلم من إقالة أهل الكرامة الهفوات والعثرات والتجاوز عنهم من فارط السيئات بخلاف من لا حق له ولا مكان. وقد كان المتقدم على علي عليه السلام من أعظم الناس على الرسولً بعد أهل بيته حقاً، وأقفاهم لآثاره، وهم خلة أصحابه وخيارهم ومنهم صاحبه وناصره، ومنهم ظهره ولهم حرمة، وقد أقدموا على ما لم يوسع لهم في ارتكابه ولا قام لهم دليل بجوازه، فإن عفا الله عنهم فأهل العفو وهم أقمن الناس به، وإن عاقبهم فما ربك بظلام للعبيد)).

وهذا نص قاطع لتشغيب الحشوية النواصب، في بيان مذهب الزيدية.

أما قولهم في أن الجارودية قالت بالمتعة، فهو قول غير مستقيم، إذ من المعروف لدى اهل العلم عامة، أن الزيدية بعمومها لا تقول بزواج المتعة، فكيف تقول به فرقة منهم، وأئمة الزيدية مجمعون على تحريمها، وبالرغم من أن المتعة ليست من أصول الدين، بل هو مسألة فقهية، لا سبيل لتكفير القائل بها، والقائلون بها هم الإمامية الاثنى عشرية لا الزيدية، وقد طال ردّ أئمة اهل البيت على من قال بها. وللإمام الهادي إلى الحق المبين عليه السلام كلامٌ قاس به وبمن احله في كتاب ((الأحكام)) وهو مطبوع بحمد الله، فليراجعه من اراد التثبت.

وأما ما قالوه من اعتقاد الجارودية بالرجعة، فقد قال الإمام المنصور بالله في كتابه ((العقد الثمين)) : ((وأمَّا ما ذهبوا إليه من الرجعة [أي الإمامية] فمما لا دليل عليه ولا يجوز لمسلمٍ اعتقاده)) فكيف يرى الزيدية أن الرجعة لا يصح أن يعتقدها مسلم، ثم يعتقدها من يدعي نسبة للزيدية؟! فهذا دليل على بهتان من افترى هذه التهمة عليهم، والله حسيبهم.

والزيدية لا ترى سب ولا شتم الصحابة ولا غيرهم وطريقها طريق أمير المؤمنين والحسن والحسن عليهم السلام في تعاملهم مع من خالفوهم:
وحيث أن هذا أشد ما يتمسك به الخصوم ممن يرمون الزيدية بالجارودية على وجه السب والتنقيص، فاعلم أن الزيدية لا ترى السب ولا الشتم لأحدٍ من الناس فضلاً عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(25)، إذ أخلاقهم أخلاق سلفهم، في البعد عن الشتم وتتبع عورات الصحابة وغيرهم، وقد نقلنا قبل ذلك نص الإمام عبد الله بن حمزة عليه السلام فيمن تقدم أمير المؤمنين.

وقد قال الإمام عبد الله بن حمزة عليه السلام أيضاً(26): (( ولا يمكن لأحدٍ أن تصح دعواه على أحدٍ من سلفنا الصالح عليهم السلام أنهم نالوا من الصحابة رضي الله عنهم أو سبوهم، بل يعتقدون فيهم أنهم قبل الإحداث أنهم خير خلق الله بعد محمد وعلي وولديهما صلوات الله عليهم وعلى الطيبين من آلهم، ويقولون: قد أخطأوا بالتقدم على علي عليه السلام وعصوا بذلك معصية قدرُها إلى الله سبحانه، والخطأ لا يبرأ منه إلا الله تعالى، ((وقد عصى آدم ربه فغوى)) فإن حاسبهم فبذنب قدموه، وإن عفا عنهم فهو أهل العفو، وهم يستحقون بحميد سوابقهم)).
وقال العلامة اليماني في (( البدر المنير )) ص417: ((ولم يروى عن الحسن بن علي ولا الحسين عليهما السلام كلمة فحش مع ما لاقيا، وكذلك هم –أي آل البيت- خلفاً بعد سلف))


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(24) ((المجموع المنصوري)) (جزء2/قسم1/449).
(25) ومع أن الزيدية لا ترى لا السب ولا الشتم ولا اللعن سبيلها سبيل أسلافها في ذلك، إلا أن هذا لا يعني السكوت عن الظلم، والردة والإجحاف اللذان بدرى عن بعض الصحابة، كما في نص أحاديث البخاري ومسلم، وجملة أحاديث الحوض، منها: (( لَيَرِدَنَّ عليَّ ناسٌ من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اخْتُلِجوا دوني فأقول أصحابي ! فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك )) ((صحيح البخاري))(6582)، وروى مسلم في (( الصحيح )) (2304) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( ليردن عليَّ الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليَّ اخْتُلِجُوا دوني فلأقولنَّ أي رب أصيحابي أصيحابي فَلَيُقَالَنَّ لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ))، قال الطبري رحمه الله: (( وأما من قال بالسنة والجماعة وهم الزيدية، فاتبعوا قول الله وسنة رسوله في جميع أمورهم، ثم ذكروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلاً بفعله، لم يزيدوا على أفعالهم شيئا ولم يكتموا من أعمالهم خوفاً )) وخير الأمور الوسط !! فتأمل
(26) ((المجموع المنصوري)) (جزء2/قسم1/450).



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

الجارودية في كتب الزيدية




قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام (ت614هـ) عن الزيدية في كتاب (( العقيد الثمين )) :
(( فالزيدية من اعتزى إليه [أي الإمام زيد عليه السلام] وسلك منهاجه، ومنهم (الصالحية) ينتسبون إلى الحسن بن الصالح بن حي، و(بترية)، و(جارودية)، وتفصيل شرحهم يطول، وإنما هم أئمة الهدى عليهم السلام وأتباعهم من علماء الإسلام واختصوا باسم الزيدية لانتسابهم في الاعتقاد إلى زيد بن علي عليهما السلام)).

قلت: الظاهر أن الإمام حين تكلم وبين الفِرق التي نُسبت للزيدية وذكر الفرق الثلاثة، ومن ثم لاحقاً استبعد اثنتين من تلك الفرق من أن يكونا من فرق الشيعة، فضلاً عن أن تكونا من الزيدية، وهما (الصالحية) و(البترية) بحسب ما وصل له عن معتقداتهم كما ذكرنا سابقاً، فإنه بين لاحقاً في موضع آخر فقال : ((وهم ثلاث فرق: بترية، وصالحية، وجارودية، ومعظمهم الجارودية، وهم أهل الحق منهم، والآخرون قد أخطئوا في بعض الاعتقاد)).

ويثبت ذلك ما قاله السيد الإمام حميدان بن يحيى في ((مجموعه)) :
((الزيدية على الحقيقة هم الجارودية، ولا يعلم في الأئمة عَلَيْهم السَّلام بعد زيد بن علي عَلَيْه السَّلام من ليس بجارودي))

قلت: أي بحسب الاراء المنقولة عن تلك الفرق، فالصواب هو الجارودية، وأبو الجارود أحد كبار تلاميذ الإمام زيد المجاهدين بين يديه، وهو ممن اشتهر صيته لعظم دوره في ثورة الإمام الأعظم، فكان من رسله، غير أنه ليس من أئمة الزيدية، ولا الزيدية تقول بصحة إمامة غير الهاشمي، فهو كما الأشعري(27) للشوافع والمالكية، وإن لم يكن أبو الجارود قد ترك لنا كتباً ومصنفات له في الكلام أو في غيره، والظاهر أنه لم يصنف اصلاً، ولكنه نقل تفسير الإمام الباقر عليه السلام، ولم يصلنا منه شيء.
فما نُقل عن اعتقاد الفرقة المسماة بالجارودية هو ذات اعتقاد الزيدية العام، وعلى هذا الوجه صح وصف الزيدية بالجارودية كما فعل بعض الأئمة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(27) مع فارق التشبيه، إذ الأشعري حشوي، فلا حب ولا كرامة.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::ك

الخلاصة




يظهر لنا مما سبق، أن الجارودية – وإن أراد الخصوم جعلها سُبّة – هي تسمية أطلقت من قبل البعض خارج الزيدية وداخلها، والمراد بها جملة اعتقادات الزيدية العامة الثابتة عنهم، وأما ما نُسب لها من أمور مستنكرة لدى الزيدية أنفسهم، مثل: سب الصحابة، وتكفيرهم، والقول بالمتعة وغيرها، فهو بمثابة نسبة تلك المسائل إلى المذهب الزيدي عموماً، ولا وجه لتلك النسبة، إذ أئمة الزيدية مذهبهم واضحٌ فيما قد ينسب لهم البعض من تلك الأمور المستشنعة، وقولهم بتحريم التقية في العقيدة أشهر من نارٍ على علم، وكتبهم الآن مطبوعة منشورة ولله الحمد، فمن أراد معرفة الحق وسبيل الله تعالى، فليقرأ ويطالع بنفسه، ولا يجعل اصحاب كتب الملل والنحل الواسطة بينه وبين الحقيقة، وأهل البيت والزيدية ليسوا في موضع اتهام، وهم أسمى من ذلك، وإنما أردنا من بحثنا هذا دفع بعض الشبه للعامة والباحثين الذين اعتمدوا على كتب الملل والنحل في معرفة الزيدية.

تم بحمد الله تعالى
21 شعبان 1431 هـ
العبد الفقير
أوس الكوثري



المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

Re: إعلام البرية ببطلان خرافة انقسام الزيدية وببيان حقيقة ..

مشاركة بواسطة المتوكل »

أحسن الله إليكم أخي العزيز / أويس الكوثري

بالمناسبة :
لو صحت الأقوال المنسوبة لأبو الجارود
ولو صحت الأقوال المنسوبة في طلب الرافضة من الإمام زيد (ع) أن يتبرأ من الشيخين

لكان أبو الجارود في صف الرافضة الذي رفضوا الإمام زيد بن علي (ع) !!!!

ولكن أبو الجارود كان ممن هم في صف الإمام زيد (ع) وممن قاتل تحت يديه .

تحياتي لكم أخي
صورة
صورة

صارم الدين الزيدي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1155
اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 6:42 am

Re: إعلام البرية ببطلان خرافة انقسام الزيدية وببيان حقيقة ..

مشاركة بواسطة صارم الدين الزيدي »

أحسن الله اليكم اخي الكريم أويس الكوثري ووفقكم الله

لعلنا أيضا نستفيد من بحث مولانا الكاظم فلهم بحث قيم بعنوان

البَيان الشّافي لعلاقَة زيديّة اليمَن بالجاروديّة

تجدونه على هذا الرابط:
http://almajalis.org/forums/viewtopic.php?f=2&t=12658
صورة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا رَبُّ بهم وبآلِهِمُ *** عَجِّلْ بالنَصْرِ وبالفَرجِ

أبو مجد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 170
اشترك في: الأحد نوفمبر 30, 2008 6:37 pm

Re: إعلام البرية ببطلان خرافة انقسام الزيدية وببيان حقيقة ..

مشاركة بواسطة أبو مجد »

أحسن الله إليكم أخي الفاضل أويس..
فقد استلخصتم الحق من براثن الباطل الملبس بالحق.. وأجدتم في إثبات نقل الباطل وتلقفه ومحاولة تحويله وتعميمه كحقيقة لا غبار عليها....فليت شعري
وفعلا بالنسبة لأبي الجارود الذي نحلوا له أقوال وأتباع حتى صار رأس فرقة من الفرق لا نجد له مؤلفات ولا أتباع في الواقع.. وكيف يعقل القول بأنه رأس فرقة زيدية والزيدي لا يتبع إلا أهل البيت!!
وبحثكم سيدي ذكرني بتعامل الحشوية مع مصطلحي التشيع والرفض.. فالله المستعان
ولعلي أراجع أحد أقول العلامة الكوثري التي نقلتها لنا من مصدره لأتفهمه أكثر...



بارك الله فيكم ونفعنا بحضوركم في مجالس آل محمد سلام عليهم

مع محبتي

مفتاح السعادة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 41
اشترك في: الثلاثاء يوليو 07, 2009 11:41 pm

Re: إعلام البرية ببطلان خرافة انقسام الزيدية وببيان حقيقة ..

مشاركة بواسطة مفتاح السعادة »

بحث طيب ومعلومات مهمة أتحفتنا بها الأستاذ أويس الكوثري ... أهل البيت عليهم السلام فرقة واحدة

لي عودة ...


صورة

الشرفي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 14
اشترك في: الأربعاء مارس 22, 2006 1:09 pm
مكان: اليمن

Re: إعلام البرية ببطلان خرافة انقسام الزيدية وببيان حقيقة ..

مشاركة بواسطة الشرفي »

طرح جميل أخ أويس و أتفق تماماً مع في تحريفهم للمسميات و كمثال "الرافضة" أصبحنا لا ندري من هو الرافضي هل هو الذي يسب الشيخين أم هو الذي يقدم الامام علي علية السلام عليهما حتى و إن ترضى على الشيخين؟ ستجد في كتبهم من التعارض ما يشيب له الرأس ، و لو رجعنا إلى الاصل فهم و الامامية داخلون في الرفض لإنهم رفضو إمامة الامام زيد علي السلام

و السلام عليكم،،،

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“