صعدةالمدينة المغدورة...هل من مغيث؟

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
سيف آل محمد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 195
اشترك في: السبت مايو 16, 2009 8:22 pm

صعدةالمدينة المغدورة...هل من مغيث؟

مشاركة بواسطة سيف آل محمد »

المنبرنت - آراء ومقالات
عبد الملك العجري

صعدة ما قبل2004م تلك المدينة الوادعة والحالمة كانت تنظر إلى
المستقبل بعين متفائلة دون أن تدري ما يخبئ لها القدر ,كل شيء
يجري فيها بشكل اعتيادي وطبيعي جدا..
فما أن تدلف إلى مدينة صعدة وأنت قادم إليها من جهة صنعاء حتى
تنتصب أمامك لوحة كتب عليها عبارة

مرحبا بكم في مدينة السلام وبجانبها صورة لعناقيد الكروم وحبات فاكهة الرمان
في إشارة لما تقدمه صعدة لزائريها
,البوابات التاريخية للمدينة القديمة نفسها لا تشير إلا إلى نوعية القيم
والعادات التي تسكن المدينة وتطبع أخلاق أبناء صعدة القائمة على محبة السلام
ومحبة العدل ومحبة الحرية ومحبة اليمن كقيم مرتبطة ببعضها مثل "باب السلام
,باب الحرية,باب اليمن ,باب المنصور",لم يكن من بين أبوابها العديدة بابا
واحدا يشير إلى الحرب أو العنف مطلقا ,بل إن تسمية صعدة بهذا الاسم "صعدة"جاء
من العمران لا من الخراب من السلم لا من الحرب ,يذكر المؤرخون أن احد ملوك
حمير بنا فيها قصرا مشيدا فمر به احد الحجازيين وهو متعب فاستلقى على ظهره
وتأمل ارتفاع القصر فأعجبه فقال لقد صعده فسميت صعدة.
لكن- ولعنة الله على لكن- هذا لم يستطع أن يشفع لها ففي الوقت الذي كانت صعدة
تحاول تجاوز حالة الجفوة التي تركتها سنوات الحرب الأهلية بعد الثورة ما بينها
وبين صنعاء التي تربطها بها علاقات تاريخية وفكرية أقوى من أي خلاف يأتي على
حين غفلة من الزمن ,في هذا الوقت وفي حين كانت صعدة تنتظر أن تعود العلاقات
بينهما إلى سابق عهدها وتنتظر أن تجود عليها صنعاء مما من الله به عليها تحدث
ما لم يكن في الحسبان .
ففي لحظة غدر من لحظات الزمن السيئ تقررت صنعاء التنكر لصعدة والغدر بها
,فتنفجر الأوضاع بشكل فاجأ أبناء صعدة كما فاجأ الرأي العام اليمني ,وفي لحظة
تحلل من كل القيم الأخلاقية والإنسانية تشهد شوارع مدينة السلام وقائع سحل
لجثث قتلى ضجت لها مآذن مدينة السلام ولطمت لهولها صخور صعدة على خدودها و
ذرفت لها دموعها ,وبدل أن تستقبل صعدة زائريها بعناقيد الكروم والتفاح والرمان
وقهوة البن الخولاني الفاخر ما أن تقترب مها حتى تشم رائحة البارود وتسمع أزيز
الرصاص ودوي الانفجارات والسماء ملبدة بأسراب طائرات الميج والمروحيات
المقاتلة .
يا ألهي ما الذي يحدث ؟ كنت أجهد تفكيري علي أجد تفسيرا معقولا لما يجري
,أتساءل ما كل هذا الحقد الذي تضمره صنعاء لصعدة ؟ألا يكفي عقود من الجفاء كان
نصيب صعدة فيها من خيرات ومنجزات الثورة نصيب أولي القربى الذين لم يحضروا
القسمة.
دخل العسكر صعدة في 2004م وسيطروا على مواقع تمركز الحوثيين حقيقة لكن هذا لم
يشكل نهاية للازمة بقدر ما شكل بداية لها.
اغلب النازحين لم يعودوا إلي مناطقهم فالبيوت تحولت إلى ثكنات عسكرية
والمضايقات في كل مكان وعمليات تهجير قسري تجري, والعسكر في كل زاوية وركن,
ونقاط التفتيش تنتشر في طول صعدة وعرضها بدون حساب تجتاز إحداها لتقع في
الأخرى ,أصبح على الواحد إبراز هويته الشخصية مع كل ريحة وجيئة وبمجرد أن يهم
بمغادرة بيته حتى وهو يذهب إلى مزرعته أو لقضاء بعض حاجياته حيث الفندم أمامه
في كل اتجاه ,أصبحت كلمة "فندم"تتردد على الألسن أكثر مما تتردد كلمة"الله".
ويبدأ فصل جديد من فصول مأساة صعدة وتبدأ قصة ارض الشتات في "مطرةونقعة "وبعض
مناطق المحافظة التي توزع فيها الهاربون والمهجرون لا سيما من مران وبني فاضل
والرزامات ونشور
ويطغى الحضور العسكري على صعدة, والذهاب إلى عسكرة الحياة المدنية في كل
المناحي الدينية والسياسية والثقافية وتطفوا على السطح ظاهرة"الإسلام
العسكري"الغريبة علينا وعلى العالم الذي سمع بظاهرة" الإسلام السياسي "إلا انه
لم يسمع بظاهرة "الإسلام العسكري "التي ظهرت لأول مرة في صعدة والتي كان بطلها
اللواء /على محسن الأحمر وعبدا لعزيز الشهاري قائد اللوا ء(117).
ما إن انطلقت شرارة الحرب الأولى ليحضر كل شيء إلى صعدة القبيلة حضرت ,الفتاوي
الدينية حضرت,المذاهب الإسلامية ,زعماء العشائر حضروا, الغائب الأساسي في قضية
صعدة كان النظام والقانون"المغلوب على أمره "الذي قيل أن الحرب قامت من اجله
,(البشمركة) بدورهم حضروا من اجل عيون النظام والقانون العزيزة عليهم وليس
لأجل شيء آخر( هكذا قيل!) .
ويتواطأ الكل على خذلان صعدة سلطة ومعارضة ومنظمات مجتمع مدني وهيئات إغاثة
دولية ومحلية ..الخ, السلطة منذ البداية تريد لجريمة صعدة أن تمر في صمت وتصر
على تغييب الجميع ,وبالفعل تعيش صعدة محنتها لوحدها وتتجرع ويلات خمس سنوات
دون أن يرثى لها احد أو يحاول أن يمسح دمعتها أو يبلسم جراحها وكأن صعدة
ارتكبت جرما غير مسبوق بحق العالم استحقت به كل هذا العقاب أو كان أبناء صعدة
مجرد زوائد دودية أو مخلوقات غريبة قدمت من كوكب آخر غير كوكبنا الأرضي ,حتى"
ذئاب الدين" اقصد علماء الدين في جمعية علماء اليمن بعد تفويض الرئيس إياهم في
قضية صعدة, عندها راح البعض يراهن عليهم دون أن يعرف أن إحدى حقائق التاريخ أن
أمثال هؤلاء لم يكونوا يوما من الأيام في صف الأمة وأنهم كانوا ولا يزالون نذر
حرب لا رسل سلام وأنهم مجرد ذئاب ينهشون لحوم البشر ويلغون في دماء الأمة باسم
الله ,ويخرج البيان الختامي للجمعية ليؤكد هذه الحقيقة ويذهب مع خيار الحرب
إلى ابعد مدى (إنها الحرب المقدسة ضد من خالف أمر السلطان واستحق غضب الجبار
),وما ملتقى الفضيلة إلا شاهد آخر ينضاف إلى آلاف الشواهد التي يحفل بها
التاريخ والتي تؤكد على دور علماء السلاطين الذي يكاد ينحصر في شرعنة الحروب
التي يخوضها السلاطين بحق أو بدون حق وفي تبرير مفاسدهم .
لذلك من الطبيعي أن لا يشعر المواطنون في صعدة بأي منة أو فضل لأحد عليهم وان
يشعروا بان الجميع خذلوهم اللهم باستثناء ما يشعرون به تجاه الشقشقة قطر وسمو
أميرها "حمد"
أزمات كثيرة عاشها اليمن الجمهوري اكبر واخطر من ألازمة الراهنة وذات أبعاد
إقليمية ودولية واضحة استطاعت اليمن اجتيازها, المبادرات والحلول كانت تأتي من
كل مكان ما أن تفشل مبادرة حتى تأتي أخرى , لوحدها قضية صعدة بدت مستعصية على
الحل أو هكذا أريد لها وأي جهة داخلية أو خارجية تعمل من اجل حلحلت الأوضاع
ووضع حد للمأساة الإنسانية فانه سرعان ما تتهم بالوقوف مع الحوثي بدا بلجنة
الوساطة الاولى التي جاءت لذر الرماد في العيون المكونة مما يقارب الاربين
شخصية من مختلف التنظيمات والهيئات الحزبية والمدنية والعلمائية وقبل ان تصل
جائتها اوامر عليا بالعودة من حيث اتت .
لقد ظنت السلطة ان موت (الحوثي )سيشكل النهاية السعيدة للقصة ,وبالفعل مات
الحوثي في ظروف غامضة الا فصولا جديدا اكثر درامية للمسرحية لم تكن قد ظهرت
بعد الى الان انتهينا من خمسة ولما تنتهي المسرحية ,وعادةكل فصل من فصول
المسرحية ينتهي بلجنة وساطة وكل لجنه وساطة تنهي الى السجن (عبدالكريم الحوثي
,الوجمان ,عبد الله المؤيد,ناجي بختان)ومن لم يسجن ففي (بنت الصحن )الكفاية
ومن ضاقت به اليمن فارض الله واسعة تعددت الاسباب والفاعل واحد,ومع نهاية كل
لجنة من لجان الوساطة يبدا فصل جديد من فصول المسرحية ومع كل فصل جديد من فصول
المسرحية نخسر المزيد من الاهل والاحبة ,المال البيوت ,المنشات كلها لا تهم
وكلها قابلة للتعويض ,الا ان الخسارة التي لا تكفي كل اموال الدنيا للتعويض
عنها هي الخسارة في الاهل والاحبة .
لست انا وحدي من فجع باعز الناس على قلبة ,وما حييت لن انسى زملائي (زيد
,عبدالعزيز,علي ,محمد ,عبدالعظيم...)ممن غيبت شخوصهم الحرب الملعونة وهم في
عمر الزهر والذين اعرفهم جيدا لم يقذفوا طيرا بحجر ,ولم يقطفوا زهرة ,لم
ياكلوا مالا حراما ,لم يقطعوا سبيلا ,لم يحلموا ان ينازعوا احدا سلطانه ,كل
ذنبهم انهم ببرائة هتفوا بالموت لامريكا ظنا منهم انهم بذلك سيمرغون انف
امريكا في التراب وهي التي ان مرغت كبريائنا في الوحل .
اخي الذي غادر مقاعد جامعته بعد ان راى يد العبث تمتد الى كل شيئ جميل في
صعدة وتصادر كل شيئ المعتقد ,الارض ,البيت ,المسجد,الحرية ,حتى الكتاب صادرته
ففضل الموت على ان يعيش قنا في بلاط الفندم, وهو الذي ظل يتمسك بالحياة ويحلم
بغد افضل ,وعنوة يختار قسم الدراسات الانجليزية في محاولة ساذجة منه للخلاص من
عقدة الحقارة العربية لكنه سرعان ما يكتشف انه ليس اكثر من عربي رخيص.
احلامنا تستشهد حلما تلو حلم حتى غدى الحق في حياة امنة جل ما ننحلم به ومع
ذلك عز علينا ,الطفولة البريئة تذبح في صعدة قربانا في معابد الهة الحروب
,تحاول ان تستغيث ولا تسمع الا رجع الصدى .
و الان صعدة على مشارف حرب سادسة والسلطة اما انها لم تعد تدري ماذا تفعل واما
ان قرار الحرب والسلم خرج من يدها كما يظهر من الحماس الذي تبديه بعض دول
الجوار للحرب ومن افتعال الاعلام السعودي لحكاية علاقة الحوثي بتنظيم القاعدة
,فهذا التنظيم الذي ربته السعودية ورعته وكبرته وباركته الى ان صار غولا يتهدد
امن العالم بقدرة قادر يصبح اداة بيد الحوثي الشاب
انها قضية واضحة تعيد الى الاذهان حكاية يهود ال سالم والعمل الاجرامي الذي
شهده مسجد بن سلمان التي اتخذت منها السلطة ذريعة لشن الحرب والتنصل من
الاتفاقيات المبرمة ,الامر الذي يعني اننا امام خطر جدي يتطلب تظافر جميع
الجهود لمنع تجدد اعمال العنف والوقوف بوجه المؤامرة الاقليمية التي تستهدف
اليمن كل اليمن فاليوم صعدة وغدا اليمن .
الجميع اليوم بلا استثنا مطالب بوقفة جادة لانقاذ ما يمكن انقاذه فما يعيشه
اليمن من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية اكبر بكثير من ان يتحمل معها
عواقب حرب جديدة ,واذا ما قدر لمسرحية صعدة الاستمرار فان نهايتها ربما لن
تاتي الا على انقاض جمهورية الوحدة.
أهلنا بصعدة الأبية...

لعن الله أمة قتلتكم.. ولعن الله أمة ظلمتكم.. ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت..

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“