بين الزيدية و الامامية

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

اخوتى و قد قررت مفارقة المجالس
اختم بقول الوصى عليه السلام :
فى نهج البلاغة (خطبة 152) :

وَإِنَّمَا الْأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِلاَّ منْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ.

و هو صريح فى معتقد الامامية فى الامامة و الوعيد
و الله الموفق

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

فائدة قبل الرحيل ..
كنت ذكرت غلطا ان معتقد ليلة القدر لم يرد الا فى رواية ابن حريش و هو غلط فالروايات مستفيضة فى القضية من غير طريقه , , و العبرة بالمضمون و الرواية عالية المضمون, و اكرر لم لا يفقه ما تقدم ليس كل اتصال بالله نبوة و الا لكانت النحلة نبية !
و تعجبنى رواية صحيحة فى بصائر الدرجات :
عن احمد بن محمد واحمد بن اسحق عن القسم بن يحيى عن بعض اصحابنا عن ابى عبد الله (ع) قال: سمعته يقول كان علي ابن ابي طالب (ع) كثيرا ما يقول التقينا عند رسول الله (ص) التيمى وصاحبه وهو يقرا انا انزلناه في ليلة القدر يتخشع ويبكى فيقولان ما اشد رقتك (لهذه) بهذه السورة فيقول لهما انما رققت لما رات عيناى ووعاه قلبى ولما راى قلب هذا من بعدى يعنى عليا (ع) فيقولان ما الذى رايت وما الذى يرى فيتلوا هذا الحرف (تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر) قال ثم يقول هل بقى من بعد قوله تبارك وتعالى كل امر فيقولان: لا فيقول هل تعلمان من المنزل إليه بذلك فيقولان لا والله يا رسول الله (ص) فيقول: نعم فهل يكون ليلة القدر من بعدى فيقولان: نعم قال: فهل ينزل الامر فيها فيقولان نعم فيقول الى من فيقولان لا ندري فيأخذ برأسي فيقول ان لم تدريا فادريا هو هذا من بعدى قال فان كانا ليفرقان تلك الليلة بعد رسول الله (ص) من شدة ما يدخلهما من الرعب

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

قال سبحانه
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) .
ان اسجاد الملائكة لادم دليل على الهيمنة التكوينية له بادن الله , و شئون الملائكة لا تنحصر فى الارض فتكون الايات برهان على شمول هيمنة خليفة الله لعالم الامكان باسره
فاسجاد الملائكة له دليل على انه خليفة لله تعالى و هو دليل من قال من الامامية بالولاية التكوينية
و هذا الاستخلاف يفترق عن الاستخلاف العام لنوع بني البشر
و هذه الخلافة مستمرة إلى أن يرث الله الارض وما عليها. ويتضح ذلك من خلال تساؤل الملائكة عن الخليفة الارضي حيث أنها نظرت إلى الصفات السلبية، فأجاب الحق تعالى أنه يكفي في صحة الاستخلاف وجود انسان كامل تتمثل فيه الحقيقة البشرية، وهو حاصل العلم اللدني وهو خليفة الله في أرضه، فلو فرضنا انتفاء ذلك الموجود الكامل على وجه الارض فترة وبرهة زمنية ما لصح اعتراض الملائكة وتساؤلهم وأن ما ذكره الله عز وجل غير متحقق ـ والعياذ بالله ـ.
وملاك استخلاف آدم هو العلم اللدني الذي تلقاه من الحق تعالى.
فالخليفة الالهى لا بد ان يكون صاحب علم لدنى
و هذا اثبات واضح من كتاب الله لعقيدة الشيعة الامامية
و العلم اللدنى اثبته القران لذى القرنين الموحى اليه و ليس نبيا كما سبق و كذلك الخضر
و العلم اللدنى الذى تلقاه ادم هو العلم بالاسماء وبه استحق الاستخلاف،
و اس البلاء الحسد
فالعرب حسدت رسول الله ص , ثم حسد الائمة الطاهرون من بعده
و اخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

اللهم صلى على محمد و ال محمد

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

الشفاعة
ذهبت المعتزلة إلى تخصيص آيات الشفاعة بأهل الطاعة، دون العصاة، و أن اثرها ينحصر في رفع الدرجة و زيادة الثواب. و ما هذا التأويل في آيات الشفاعة إلا لأجل موقف مسبق لهم في مرتكب الكبيرة، حيث حكموا بخلوده في النار إذا مات بلا توبة، فلما رأوا أن القول بالشفاعة التّي أثرها هو إسقاط العقاب، ينافي ذلك المبنى، أوّلوا آيات الله، فقالوا إنّ أثر الشفاعة إنما هو زيادة الثواب، ورفع الدرجة. و هذا المقام أحد المقامات التّي يؤخذ المعتزلة فيها بالعتاب، حيث قدّموا النهج على النقل الصريح، وخالفوا في ذلك جميع المسلمين.
قال القاضي عبد الجبار، منكراً شمول الشفاعة للعصاة: «إنّ شفاعة الفساق الذين ماتوا على الفسوق و لم يتوبوا تتنزل منزلة الشفاعة لمن قتل و لد الغير وترصد للآخر حتى يقتله، فكما أنّ ذلك يقبح فكذلك ها هنا.(2)
وما ذكره القاضي غفلة منه عن شروط الشفاعة فان بعض الذنوب الكبيرة تقطع العلائق الايمانية بالله سبحانه كما تقطع الاواصر الروحية مع النبي الأكرم فأمثال هؤلاء العصاة لا تشملهم الشفاعة وقد تقدم ذكر النصوص الدالة على حرمان طوائف منها.
و العجب ان القاضي استدل على ان الفاسق لا يخرج من النار بشفاعة النبي بقوله تعالى: (وَ اتَّقُوا يَوْمًا لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً)(3). و قوله تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيم وَلاَ شَفِيع يُطَاعُ )
فيلاحظ عليه : انّ الآيتين راجعتان الى الكفار فالآية الأُولى ناظرة إلى نفي الشفاعة التّي كان اليهود يتبنونها كما هو صريح سياقها و الآية الثانية ناظرة الى نفي الشفاعة الّتي كان المشركون يرجونها من معبوداتهم يقول سبحانه: (قَالُوا وَ هُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلاَل مُبِين * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَ مَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَ لاَ صَدِيق حَمِيم)(1).
و قال سبحانه ـ حاكياً قول المجرمين في سقر - : (وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)(2).
آخر تعديل بواسطة القاسمى في الأحد يونيو 17, 2018 5:58 am، تم التعديل مرتين في المجمل.

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

قيل
ان تشريع الشفاعة يجر إلى التمادي في العصيان، و استمرار المجرم في عدوانه رجاء غفران ذنوبه بالشفاعة. (2)
و الجواب اما نقضا:
فبالوعد مع التوبة بل حتى مع عدمها، قال سبحانه: (إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ) فلو كانت الشفاعة موجبة للتمادي، فليكن الوعد بالمغفرة مع التوبة بل مع عدمها في غير الشرك موجبة للتمادي أيضاً فالجواب هنا هو الجواب هناك.
و اما حلاً:
فالاشكال ينبع من تصور خاطئ و هو اعتقاد كون الشفاعة مطلقة غير مشروطة بشيء فيكون للانسان عند ذاك ان يفعل ما يريد تعويلاً عليها و لكنك عرفت ان الشفاعة محدودة، وتشمل بعض العباد وهم الذين لم تنقطع علاقتهم بالله سبحانه و باوليائه ومثل هذه الشفاعة لا تبعث على الجرأة بل تبعث أملاً في نفس العاصي وتدفعه الى الاحتفاظ بعلاقته و لا ينسفها من رأس .
ان الشفاعة التّي نطق بها القرآن ليست أمراً مطلقاً من كل قيد و شرط فان الشفاعة مقيدة بإذنه سبحانه أوّلاً و كون المشفوع له مرضياً عند الله ثانياً و ليس من الممكن ان يذعن المجرم بانه ممن يشمله اذنه سبحانه و رضاه.
قال سبحانه: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)(1).
و قال سبحانه: (وَ لاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى)(2).
فليس في وسع أحد أن يدّعي انه من العباد المرضيين، ثم يعتمد على ادعائه و يتمادى في العصيان.
و هناك وجه آخر لكون الشفاعة محدودة، و هو ابهامها من حيث الجرم، فلا يعلم أي جرم تشمله الشفاعة و أيّه لا تشمله. كما أنها مبهمة من حيث وقت القيامة فللعصاة و الطغاة مواقف مختلفة و هي مواقف رهيبة ومخيفة تهز القلوب و لم يعين وقت الشفاعة.
و هذه الابهامات الثلاثة تصد المجرم عن الاعتماد على الشفاعة ليتمادى في المعصية و غاية ما يمكن ان يقال في الشفاعة أنها بصيص من الرجاء و نافذة من الامل فتحها القرآن في وجه العصاة حتى لا ييأسوا من روح الله.

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

قال الامام زين العابدين علي بن الحسين ـ عليهما السَّلام ـ في كلام له:
«اللهم صلّ على محمد و آل محمد، و شرّف بنيانه، و عظّم برهانه، و ثقّل ميزانه و تقبّل شفاعته»

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

الإمامة عند الشيعة تختلف في حقيقتها عمّا لدى إخوانهم، فهي إمرة إلهية، واستمرار لوظائف النبوة . ومقتضى هذا، إتصاف الإمام بالشروط المُشْتَرَطة في النبي
توضيح ذلك: إنّ النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، كان يملأ فراغاً كبيراً وعظيماً في حياة الأُمّة الإسلامية، ولم تكن مسؤولياته وأعماله مقتصرة على تلقّي الوحي الإلهي، وتبليغه إلى الناس فحسب، بل كان يقوم بالأُمور التالية:
1 ـ يُفَسِّر الكتاب العزيز، ويشرح مقاصده وأَهدافه، ويكشف رموزه وأسراره.
2 ـ يُبَينِّ أحكام الموضوعات الّتي كانت تَحْدُثُ في زمن دعوته.
3 ـ يَرُدَ على الحملات التشكيكية، والتساؤلات العويصة المريبة الّتي كان يثيرها أعداء الإسلام من يهود ونصارى .
4 ـ يصون الدين من التحريف والدسّ، ويراقب ما أخذه عنه المسلمون من أُصول وفروع، حتى لا تَزِلّ فيه أقدامهم.
هذه الأُمور الأربعة كان النبي يمارسها ويملأ بشخصيته الرسالية ثغراتها. ولأجل جلاء الموقف نوضح كل واحد من هذه الأُمور.
هذه هي الأُمور الّتي مارسها النبي الأكرم أيام حياته. ومن المعلوم أنّ رحلته وغيابه صلوات الله عليه، يخلّف فراغاً هائلاً وفي هذه المجالات الأربعة، فيكون التشريع الإسلامي حينئذ أمام محتملات ثلاثة:
الأول: أن لا يبدي الشارع إهتماماً بِسَدِّ هذه الفراغات الهائلة الّتي ستحدث بعد الرسول، ورأى تَرْكَ الأمور لتجري عى عَواهِنِها .
الثاني: أن تكون الأُمّة، قد بلغت بفضل جهود صاحب الدعوة في إعدادها، حداً تقدر معه بنفسها على سدّ ذلك الفراغ.
الثالث: أن يستودع صاحب الدعوة، كلّ ما تلقاه من المعارف والأحكام
بالوحي، وكلّ ما ستحتاج إليه الأُمّة بعده، يستودعه شخصية مثالية، لها كفاءة تَقَبُّلِ هذه المعارف والأحكام وَتَحَمُّلِها، فتقوم هي بسد هذا الفراغ بعد رحلته صلوات الله عليه .
أمّا الإحتمال الأول: فساقط جداً، لا يحتاج إلى البحث، فإنّه لا ينسجم مع غرض البعثة، فإنّ في ترك سدّ هذه الفراغات ضياعاً للدين والشريعة، وبالتالي قطع الطريق أمام رُقيّ الأُمّة وتكاملها.
فبقي الإحتمالان الأخيران، فلا بد ـ لتعيين واحد منهما ـ من دراستهما في ضوء العقل والتاريخ.
هل كانت الأُمّة مؤهلة لسدّ تلك الفراغات ؟
هذه هي النقطة الحساسة في تاريخ التشريع الإسلامي ومهمّتِه، فلَعَلَّ هناك من يزعم أنّ الأُمّة كانت قادرة على ملئ هذه الفراغات. غير أنّ التاريخ والمحاسبات الإجتماعية يبطلان هذه النظرة، ويضادّانِها، ويثبتان أنّه لم يُقَدَّر للأُمّة بلوغ تلك الذروة، لتقوم بسدّ هذه الثغرات الّتي خلّفها غياب النبي الأكرم، لافي جانب التفسير، ولا في جانب التشريع، ولا في جانب ردّ التشكيكات الهدّامة، ولا في جانب صيانة الدين عن الإنحراف، وإليك فيما يلي بيان فشل الأُمّة في سدّ هذه الثغرات، من دون أن نثبت للأُمّة تقصيراً، بل المقصود إستكشاف الحقيقة.
أمّا في جانب التفسير، فيكفي وجود الإختلاف الفاحش في تفسير آيات الذكر الحكيم، وقبل كل شيء نضع أمامك كتب التفسير، فلاترى آية ـ إلاّ ما شذّ ـ اتّفق في تفسيرها قول الأُمّة، حتى أنّ الآيات الّتي يرجع مفادها إلى عمل المسلمين يوماً وليلاً لم تُصَن عن الإختلاف، وإليك النماذج التالية .
أ ـ قال سبحانه: (فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)
فقد تضاربت الآراء في فهم الآية، فمن قائل بعطف الأرجل على الرؤوس، ومن قائل بعطفها على الأيدي، فتمسح على الأوّل، وتُغْسَلُ على الثاني. فأيُّ الرأيين هو الصحيح؟ وأيُّ التفسيرين هو مراده سبحانه؟
ب ـ قال سبحانه: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا) (1).
فاختلفت الأُمّة في موضع القطع، فمن قائل بأنّ القطع من أُصول الأصابع، وعليه الإمامية، ومن قائل بأنّ القطع من المفصل، بين الكفّ والذراع، وعليه الأئمة الثلاثة، أبو حنيفة، ومالك، والشافعي. ومن قائل بأنّ القطع من المنكب، كما عليه الخوارج (2).
ج ـ قال سبحانه: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلـلَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِد مِّنْهُمَا السُّدُسُ)(3).
وفي آية أُخرى يحكم سبحانه بإعطاء الكلالة، النصف أو الثُلُثَيْن، كما قال: (إِنِ امْرِؤٌاْ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهَا الثُّلثَانِ مِمَّا تَرَكَ)(4).
فما هو الحل، وكيف الجمع بين هاتين الآيتين؟.
وأمّا الآيات المحتاجة إلى التفسير في مجال المعارف، فحدّث عنها ولا حرج، ويكفيك ملاحظة اختلاف الأُمّة في الصفات الخبرية، والعَدْل، والجَبْر والإختيار، والهداية والضلالة...
وكم، وكم من آيات في القرآن الكريم تضاربت الأفكار في تفسيرها، من غير فرق بين آيات الأحكام وغيرها.
وأمّا في مجال الإجابة على الموضوعات المستجدة، فيكفي في ذلك الوقوف
على أنّ التشريع الإسلامي كان يشق طريقه نحو التكامل بصورة تدريجية، لأنّ حدوث الوقائع والحاجات الإجتماعية، في عهد الرسول الأكرم، كان يثير أسئلة ويتطلب حلولاً، ومن المعلوم أنّ هذا النمط من الحاجة كان مستمراً بعد الرسول. غير أنّ ما ورثته المسلمون من النبي الأكرم لم يكن كافياً للإجابة عن جميع تلك الأسئلة.
أمّا الآيات القرآنية في مجال الأحكام، فهي لا تتجاوز ثلاثمائة آية. وأمّا الأحاديث ـ في هذا المجال ـ فالذي ورثه الأُمّة لا يتجاوز الخمسمائة حديث.
وهذا القَدَر من الأدلة غير واف بالإجابة على جميع الموضوعات المستجدة إجابة توافق حكم الله الواقعي، ولأجل إيقاف الباحث على نماذج من هذه القصورات، نذكر بعضها:
أ ـ رفع رجل إلى أبي بكر وَقَدْ شرب الخمر، فأراد أن يقيم عليه الحدّ، فادّعى أنّه نشأ بين قوم يستحلّونها، ولم يعلم بتحريمها إلى الآن، فتحيّر أبو بكر في حكمه (1).
ب ـ مسألة العول شغلت بال الصحابة فترة من الزمن، وكانت من المسائل المستجدة الّتي واجهت جهاز الحكم بعد الرسول، وقد طرحت هذه المسألة أيام خلافة عمر بن الخطاب، فتحيّر، فأدخل النقص على الجميع استحساناً، وقال: «والله ما أدري أَيُّكم قدّم الله ولا أَيُّكم أَخَّر، ما أَجد شيئاً أوسع لي من أنْ أُقسّم المال عليكم بالحصص، وأُدخل على ذي حقّ ما أُدخل عليه من عول الفريضة» (2).
ج ـ سئل عمر بن الخطاب عن رجل طلّق امرأته في الجاهلية، تطليقتين، وفي الإسلام تطليقة، فهل تضم التطليقتان إلى الثالثة، أو لا؟ فقال للسائل «لا آمرك ولا أَنهاك»(1) .
هذا، ولا نعني من ذلك أنّ الشريعة الإسلامية، ناقصة في إيفاء أغراضها التشريعية، وشمول المواضيع المستجدة، اوالمعاصرة لعهد الرسول، بل التشريع الإسلامي كان وافياً بالجميع ببيان سوف نشير إليه (2).
والّذي يكشف عمّا ذكرنا، أنّه اضطّر صحابة النبي منذ الأيام الأُولى من وفاته صلوات الله عليه وآله، إلى إعمال الرأي والإجتهاد في المسائل المستحدثة، وليس اللجوء إلى الإجتهاد بهذا الشكل، إلاّ تعبيراً واضحاً عن عدم استيعاب الكتاب والسنّة النبوية للوقائع المستحدثة، بالحكم والتشريع، ولا مجال للإجتهاد وإعمال الرأي فيما يشمله نصٌّ من الكتاب أو السنّة بحكم، ولذلك أحدثوا مقاييس للرأي، واصطنعوا معايير جديدة للإستنباط، وألواناً من الإجتهاد، منه الصحيح المتّفق عليه، يصيب الواقع حيناً، ويخطئه أحياناً، ومنه المُريب المختلف فيه. وكان القياس أوّل هذه المقاييس وأكثرها نصيباً من الخلاف، والمراد منه إلحاق أمر بآخر، في الحكم الثابت للمقيس عليه، لاشتراكهما في مناط الحكم المستنبط. وكان القياس بهذا المعنى (دون منصوص العلة) مثاراً للخلاف بين الصحابة، والعلماء فقد تبنّته جماعة من الصحابة والتابعين، وأنكرته جماعة أُخرى، وعارضوا الأخذ به، منهم الإمام علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأئمة أهل البيت، ثم اصطنعوا بعد ذلك معايير أخرى، منها المصالح المرسلة، وهي المصالح الّتي لم يُشَرّع الشارع حكماً بتحقيقها، ولم يدلّ دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها .
وهناك مقاييس أخرى، كسدّ الذرائع، والإستحسان، وقاعدة شَرْع من قبلنا، وما إلى ذلك من القوانين والأُصول الفقهية، الّتي اضطرّ الفقهاء إلى اصطناعها عندما طرأت على المجتمع الإسلامي ألوان جديدة من الحياة لم يألفوها، ولم تكن النصوص الشرعية من الكتاب والسنّة لتشمل تلك المظاهر الإجتماعية المستحدثة بحكم، ولم يجد الفقهاء بدّاً من الإلتجاء إلى إعمال الرأي والإجتهاد في مثل هذه المسائل ممّا لا نصّ فيه من كتاب أو سنّة، وتشعبت بذلك مدارس الفقه الإسلامي، وبَعُدَت الشُّقة بينها، وتبلورت تلك المعاني إثر التضارب الفكري الّذي حصل بين هذه المدارس، وصيغت الأفكار في صيغ علمية محددة، بعدما كان يغلب عليها طابع التذبذب والإرتباك.
وذلك كلّه يدلّ على عدم وفاء نصوص الكتاب والسنّة، بما استجدّ للمسلمين بعد عصر الرسالة، من مسائل، أو ما جدّ لهم من حاجة.
وهناك نكتة تاريخية توقفنا على سرّ عدم إيفاء الكتاب والسنّة بمهمة التشريع، وهي أنّ مدّة دعوته ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا تتجاوز ثلاثاً وعشرين عاماً، قضى منها ثلاث عشرة سنة في مكة يدعو المشركين فيها. ولكن عنادهم جعل نتائج الدعوة قليلة. فلأجل ذلك لم يتوفق لبيان حكم شرعي فرعي إلاّ ما ندر. ومن هنا نجد أنّ الآيات الّتي نزلت في مكة تدور في الأغلب حول قضايا التوحيد والمعاد، وإبطال الشرك ومقارعة الوثنية، وغيرها من القضايا الإعتقادية، حتى صار أكثر المفسّرين يميّزون الآيات المكيّة عن المدنية بهذا المعيار.
ولما انتهت دعوته إلى محاولة اغتياله، هاجر إلى يثرب، وأقام فيها العشرة المتبقية من دعوته تمكّن فيها من بيان قسم من الأحكام الشرعية لا كلّها، وذلك لوجوه:
1 ـ إنّ تلك الفترة كانت مليئة بالحوادث والحروب، لتآمر المشركين والكفّار، المتواصل على الإسلام وصاحب رسالته والمؤمنين به. فقد اشترك النبي في سبع عشرة غزوة كان بعضها يستغرق قرابة شهر، وبعث خمساً وخمسين سرية لقمع المؤامرات وإبطالها، وصدّ التحركات العُدْوانية.
2 ـ كانت إلى جانب هذه المشاكل، مشكلة داخلية يثيرها المنافقون الذين
كانوا بمنزلة الطابور الخامس، وكان لهم دور كبير في إثارة البلبلة في صفوف المسلمين، وخلق المتاعب للقيادة من الداخل. وكانوا بذلك يفوّتون الكثير من وقت النبي الذي كان يمكن أن يصرف في تربية المسلمين وإعدادهم وتعليمهم على حلّ ما قد يطرأ على حياتهم، أو يستجد في مستقبل الأيام.
3ـ إنّ مشكلة أهل الكتاب، خصوصاً اليهود، كانت مشكلة داخلية ثانية، بعد مشكلة المنافقين، فقد فوّتوا من وقته الكثير، بالمجادلات والمناظرات، وقد تعرّض الذكر الحكيم لناحية منها، وذُكر قسمٌ آخر منها في السيرة النبوية (1).
4ـ إنّ من الوظائف المهمة للنبي عقد الإتّفاقيات السياسية والمواثيق العسكرية الهامة التي يزخر بها تاريخ الدعوة الإسلامية (2).
إنّ هذه الأمور ونظائرها، عاقت النبي عن استيفاء مهمة التشريع.
على أنّه لو فرضنا تمكن النبي من بيان أحكام الموضوعات المستجدة، غير أنّ التحدّث عن الموضوعات التي لم يعرف المسلمون شيئاً فشيئاً، أمر صعب للغائة، ولم يكن في وسع المسلمين أن يدركواغ معناه.
فحاصل هذه الوجوه توقفنا على أمر محقق، وهو أنّه لم يقدر للنبي استيفاء مهمة التشريع، ولم يتسنّ للمسلمين أن يتعرّفوا على كل الأحكام الشرعية المتعلقة بالحوادث والموضوعات المتسجدة.
و أمّا في مجال ردّ الشبهات والتشكيكات وإجابة التساؤلات، فقد حصل فراغ هائل بعد رحلة النبي من هذه الناحية، فجاءت اليهود والنصارى تترى، يطرحون الأسئلة، ويشوِّشون بها أفكار الأمّة، ليخربوا عقائدها ومبادئها، ونذكر من ذلك: و أمّا في جانب صيانة المسلمين عن التفرقة والإختلاف، والدين عن الإنحراف، فقد كانت الأُمة الإسلامية في أشدّ الحاجة بعد النبي إلى من يصون دينها عن التحريف، وأبناءها عن الإختلاف، فإنّ التاريخ يشهد دخول جماعات عديدة من أحبار اليهود ورهبان النصارى ومؤبدي المجوس، ككعب الأحبار، وتميم الدّاري، ووهب بن منبه، وعبد الله بن سلام، وبعدهم الزنادقة، والملاحدة، والشعوبيون، فراحوا يدسّون الأحاديث الإسرائيلية، والأساطير النصرانية، والخرافات المجوسية بينهم، وقد ظلّت هذه الأحاديث المدسوسة ، تُخيّم على أفكار المسلمين ردحاً طويلاً من الزمن، وتؤثّر في حياتهم العلمية، حتى نشأت فرق وطوائف في ظلّ هذه الأحاديث.
و ممّا يوضح عدم تمكّن الأمّة من صيانة الدين الحنيف عن التحريف وأبنائها عن التشتت، وجود الروايات الموضوعة والمجوعولات الهائلة. ويكفي في ذلك أنّ يذكر الإنسان ما كابده البخاري من مشاقّ وأسفار في مختلف أقطار الدولة الإسلامية، وما رواه بعد ذلك. فإنّه ألفى الأحاديث المتداولة بين المحدثين في الأقطار الإسلامية، تربو على ستمائة ألف حديث، لم يصحّ لديه منها أكثر من أربعة آلاف، ومعنى هذا أنّه لم يصحّ لديه لديه من كل مائة وخمسين حديثاً إلاّ حديث واحد، وأمّا أبو داود فلم يصحّ لديه من خمسمائة ألف حديث غير أربعة آلاف وثمانمائة، وكذلك كان شأن سائر الذين جمعوا الحديث، وكثير من هذه الأحاديث التي صحّت عندهم، كانت موضع نقد وتمحيص عند غيرهم (1).
قال العلامة المتتبع الأميني: ويُعرب عن كثرة الموضوعات اختيار أئمة الحديث أخبار تآليفهم ـ الصحاح والمسانيد ـ من أحاديث كثيرة هائلة، والصفح عن ذلك الهوش الهائش، فقد أتى أبو داود في سننه بأربعة آلاف وثمانمائة حديث، وقال انتخبته من خمسمائة ألف حديث (2). ويحتوي صحيح البخاري من الخالص بلا تكرار، ألفي حديث وسبعمائة وواحد وستين حديثاً، إختاره من زهاء ستمائة ألف حديث (3). وفي صحيح مسلم أربعة الاف حديث أصول دون المكررات، صنفه من ثلاثمائة ألف (4). وذكر أحمد بن حنبل في مسنده ثلاثين آلف حديث، وقد انتخبه من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث، وكان يحفظ ألف ألف حديث (5)، وكتب أحمد بن فرات، المتوفى عام 258، ألف ألف وخمسمائة ألف حديث، فأخذ من ذلك ثلاثمائة ألف التفسير والأحكام والفوائد وغيرها (6).
فهذه الموضوعات على لسان الوحي، تقلع الشريعة من رأس وتقلب
الأصول، وتتلاعب بالأحكام، وتشوش التاريخ، أو ليس هذا دليلاً على عدم وفاء الأمّة بصيانة دينها عن التشويش والتحريف؟.
* * *
هذا البحث الضافي يثبت حقيقة ناصعة، وهي عدم تمكّن الأُمّة، مع مالها من الفضل، من القيام بسدّ الفراغات الهائلة خلّفتها رحلة النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، فلا مناص من تعيُن الإحتمال الثالث، وهو سدّ تلك الثغرات بفرد مثالي يمارس وظائف النبي في المجالات السابقة، بعلمه المستودع فيه، ويكون له من المؤهلات ما للنبي الأكرم، وسوى كونه طرفاً للوحي.
إنّ الغرض من إرسال الأنبياء هي الهداية لبني البشر، إلى الكمال في الجانبين المادي والروحي. ومن المعلوم أنّ هذه الغاية لا يحصل عليها الإنسان إلاّ بالدين المكتمل أصولاً وفروعاً، المصون من التحريف والدسّ. ومادام النبي حيّاً، بين ظهرانيّ الأُمّة، تتحقق تلك الغاية بنفسه الشريفة، وأمّا بعده فيلزم أن يخلفه إنسان مثله في الكفاءات والمؤهّلات، ليواصل دفع عجلة المجتمع الديني في طريق الكمال، كالنبي في المؤهلات، عارف بالشريعة و معارف الدين، ضمان لتكامل المجتمع، وخطوة ضرورية في سبيل ارتقائه الروحي والمعنوي. فهل يسوغ على الله سبحانه أن يهمل هذا العامل البنّاء، الهادي للبشرية إلى ذروة الكمال.
هذه هي حقيقة الإمامة، والإمام عند الشيعة
انّ حقيقة الإمامة الذي تتبناه الشيعة الإمامية، هي القيام بوظائف الرسول بعد رحلته، وقد تعرفت على وظائفه الرسالية والفراغات الحاصلة بموته و التحاقه بالرفيق الأعلى. ومن المعلوم أنّ سدّ هذه الفراغات لا يتحقق إلاّ بأن يكون الإمام متمتعاً بما يتمتع به النبي الأكرم من الكفاءات والمؤهلات، فيكون عارفاً بالكتاب والسنّة على وفق الواقع، وعالماً بحكم الموضوعات المستجدة عرفاناً واقعياً، وذابّاً عن الدين شبهات المشككين، ومن المعلوم أنّ هذه الوظيفة تستدعي كون الإمام مصوناً من الخطأ. فما دلّ على أنّ النبيّ يجب أن يكون مصوناً في مقام إبلاغ لرسالة، قائم في المقام بنفسه، فإنّ الإمام يقوم بنفس تلك الوظيفة، وإن لم يكن رسولاً ولا طرفاً للوحي، ولكنه يكون عيبةً لعلمه، وحاملاً لشرعه وأحكامه، فإذا لم نجوّز الخطأ على النبي في مقام الإبلاغ، فليكن الأمر كذلك في مقام القيام بتلك الوطيفة بلا منصب الرسالة والنبوة.
فالبرهان يثبت مذهب الامامية
و يثبت ان الايمان بالائمة من اصول الدين التى لا يتم الايمان بدونها
لكن الجاهل القاصر معذور عند الامامية

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

قال سبحانه: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)
ما هو المراد من الإمامة في الآية؟
ذهب عدّة من المفسّرين منهم الرازي في مفاتيحه، إلى أنّ المراد من الإمامة هنا، النبوة وأنّ ملاك إمامة الخليل، نبوّته، لأنّها تتضمن مشاقّاً عظيمة
و قال الشيخ محمود عبده: «الإمامة هنا عبارة عن الرسالة، وهي لاتنال بكسب الكاسب»
يلاحظ عليه: إنّ إبراهيم كان نبيّاً قبل الإبتلاء بالكلمات، وقبل تنصيبه إماماً، فكيف يصحّ أن تفسّر الإمامة بالنبوّة على ما في لفظ الرازي، أو بالرسالة، على ما في لفظ المنار؟ ودليلنا على ما ذكرنا، أمران:
1ـ إنّ نزول الوحي على إبراهيم، وجعله طرفاً للخطاب بقوله: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)، أوضح دليل على أنّه كان نبيّاً متلقياً للوحي قبل نزول هذه الآية. وأسلوب الكلام يدلّ على أنّه لم يكن وحياً إبتدائياً، بل يعرب عن كونه استمراراً للوحي السابق، والمحاورة الموجودة بينه وبين الله تعالى، حيث طلب الإمامة لذريته، تناسب الوحي الإستمراري لا الوحي الإبتدائي. وإن كنت في شكّ، فلاحظ الوحي الإبتدائي، النازل على موسى في طور سيناء حيث خوطب بقوله:
(فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
2ـ إنّ الخليل طلب الإمامة لذرّيته، ومن المعلوم أنّ إبراهيم كان نبيّاً قبل أن يرزق أيّ ولد من ولديه إسماعيل وإسحاق، أمّا أوّلهما فقد رزقه بعد تحطيم الأصنام في بابل، وإعداد العدّة للخروج إلى فلسطين، حيث وافاه الوحي
بشّره: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَم حَلِيم ) وأمّا ثانيهما، فقد بشرته به الملائكة عندما دخلوا عليه ضيوفاً، فقالوا: (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَم عَلِيم)
و على ذلك، يجب أن تكون الإمامة الموهوبة للخليل غير النبوة، وإلاّ كان أشبه بتحصيل الحاصل.
و الظاهر أنّ المراد من الإمامة، القيادة الإلهية للمجتمع، فإنّ هناك مقامات ثلاثة:
ـ مقام النبوة، وهو منصب تحمّل الوحي.
ـ مقام الرسالة، وهو منصب إبلاغه إلى الناس.
ـ مقام الإمامة، وهو منصب القيادة وتنفيذ الشريعة في المجتمع بقوة وقدرة.

ان وصف الظلم لا يعرف فى واقعه و حقيقته الا من قبل الله تعالى فان خفايا الناس و حقيقة ما ينطوون عليه من الاعمال و النوايا لا يعلمها الا الله سبحانه

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

يقول المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين الحسينى العاملى :
إن أولي الألباب ليعلمون بالضرورة انقطاع الشيعة الامامي خلفاً عن سلف في أصول الدين وفروعه الى العترة الطاهر، فرأيهم تبع لرأي الأئمة من العترة، في الفروع والأصول وسائر ما يؤخذ من الكتاب والسنة أو يتعلق بهما من جميع العلوم، لا يعولون في شيء من ذلك إلا عليهم، ولا يرجعون فيه إلا اليهم، فهم يدينون الله تعالى، ويتقربون اليه سبحانه بمذهب أئمة أهل البيت، لا يجدون عنه حولاً ولا يرتضون بدلاً، على ذلك مضى سلفهم الصالح من عهد أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة التسعة من ذرية الحسين عليهم السلام الى زماننا هذا، وقد أخذ الفروع والأصول عن كل واحد منهم جمٌّ من ثقات الشيعة وحفاظهم وافر، وعدد من أهل الورع والضبط والاتقان يربو على التواتر، فرووا ذلك لمن بعدهم على سبيل التواتر القطعي، ومن بعدهم رواه لمن بعده على هذا السبيل، وهكذا كان الأمر في كل خلف وجيل، الى أن انتهى الينا كالشمس الضاحية ليس دونها حجاب، فنحن الآن في الفروع والأصول، على ما كان عليه الأئمة من آل الرسول، روينا بقصنا وقضيضنا مذهبهم عن جميع آبائنا، وروى جميع آبائنا ذلك عن جميع آبائهم، وهكذا كانت الحال، في جميع الأجيال، الى زمن النقيين العسكريين، والرضايين الجوادين، والكاظمين الصادقين، والعابدين الباقرين، والسبطين الشهيدين، وأمير المؤمنين عليهم السلام، فلا نحيط الآن بمن صحب أئمة أهل البيت من سلف الشيعة، فسمع أحكام الدين منهم، وحمل علوم السلام عنهم، وان الوسع ليضيق عن استقصائهم وعدهم ، وحسبك ما خرج من أقلام أعلامهم، من المؤلفات الممتعة، التي لا يمكن استيفاء عدها في هذا الاملاء ، وقد اقتبسوها من نور أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، واغترفوها من بحورهم، سمعوها من أفواههم، وأخذوها من شفاههم، فهي ديوان علمهم، وعنوان حكمهم، ألفت على عهدهم فكانت مرجع الشيعة من بعدهم،فان الشيعة من أول نشأتها، لا تبيح الرجوع في الدين الى غير أئمتها، ولذلك عكفت هذا العكوف عليهم، وانقطعت في أخذ معالم الدين اليهم، وقد بذلت الوسع والطاقة في تدوين كل ما شافهوها به، واستفرغت الهمم والعزائم في ذلك بما لا مزيد عليه، حفظاً للعلم الذي لا يصح ـ على رأيها ـ عند الله سواه، وحسبك مما كتبوه أيام الصادق ـ تلك الأصول الأربعمئة، وهي اربعمائة مصنف لأربعمئة مصنف، كتبت من فتاوى الصادق على عهده ولأصحاب الصادق غيرها هو أضعاف أضعافها،..
وان الباحثين ليعلمون بالبداهة تقدم الشيعة في تدوين العلوم على من سواهم ، اذ لم يتصد لذلك في العصر الأول غير علي وأولو العلم من شيعته، ولعل السر في ذلك اختلاف الصحابة في اباحة كتابة العلم وعدمها، فكرهها ـ كما عن العسقلاني في مقدمة فتح الباري وغيره ـ عمر بن الخطاب وجماعة آخرون، خشية أن يختلط الحديث في الكتاب ...
وأباحها علي وخلفه الحسن السبط المجتبى وجماعة من الصحابة، وبقي الامر على هذه الحال حتى اجمع أهل القرن الثاني في آخر عصر التابعين على اباحتها، وحينئذ ألف ابن جريح كتابه في الآثار عن مجتهد وعطاء بمكة، وعن الغزالي أنه أول كتاب صنف في الاسلام، والصواب أنه أول كتاب صنفه غير الشيعة من المسلمين، وبعده كتاب معتمر بن راشد الصنعاني باليمن، ثم موطأ مالك، وعن مقدمة فتح الباري أن الربيع بن صبيح أول من جمع، وكان في آخر عصر التابعين، وعلى كل فالاجماع منعقد على أنه ليس لهم في العصر الأول تأليف

أما علي وشيعته، فقد تصدوا لذلك في العصر الأول،..
واقتدى بأمير المؤمنين ثلة من شيعته فألفوا على عهده، منهم: سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، فيما ذكره ابن شهراشوب، حيث قال: أول من صنف في الاسلام علي بن أبي طالب، ثم سلمان الفارسي، ثم أبو ذر ـ اهـ.
ومنهم أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصاحب بيت مال أمير المؤمنين عليه السلام، وكان من خاصة أوليائه والمستبصرين بشأنه، له كتاب السنن والأحكام والقضايا جمعه من حديث علي خاصة، فكان عند سلفنا في الغاية القصوى من التعظيم، وقد رووه بطرقهم وأسانيدهم اليه(2) .
ومنهم علي بن أبي رافع ـ وقد ولد كما في ترجمته من الاصابة على عهد النبي فسماه علياً ـ له كتاب في فنون الفقه على مذهب أهل البيت، وكانوا عليهم السلام يعظمون الكتاب ويرجعون شيعتهم اليه، قال موسى بن عبدالله بن الحسن: سأل أبي رجل، عن التشهد، فقال أبي: هات كتاب ابن أبي رافع، فأخرجه وأملاه علينا. اهـ..
واستظهر صاحب روضات الجنات أنه أول كتاب فقهي صنف في الشيعة، وقد اشتبه في ذلك رحمه الله.
ومنهم عبيدالله بن أبي رافع ـ كاتب علي ووليه، سمع النبي وروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم، قوله لجعفر: «اشبهت خلقي وخُلقي» ، أخرج ذلك عنه جماعة عن أحمد بن حنبل في مسنده، وذكره ابن حجر في القسم الأول من اصابته بعنوان عبيدالله بن أسلم، لأن أباه أبا رافع اسمه أسلم، ألف عبيدالله هذا كتاباً فيمن حضر صفين مع علي من الصحابة رأيت ابن حجر ينقل عنه كثيراً في اصابته، فراجع.
ومنهم ربيعة بن سميع ـ له كتاب في زكاة النعم من حديث علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
ومنهم عبدالله بن الحر الفارسي ـ له لمعة في الحديث جمعها عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ومنهم الأصبغ بن نباتة صاحب أمير المؤمنين وكان من المنقطعين اليه، روى عنه عهده الى الأشتر، ووصيته الى ابنه محمد، ورواهما اصحابنا بأسانديهم الصحيحة اليه
ومنهم سليم بن قيس الهلالي ـ صاحب عليه عليه السلام روى عنه وعن سلمان الفارسي، له كتاب في الامامة ذكره الامام محمد بن ابراهيم النعماني في الغيبة، فقال: وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم أو رواه عن الأئمة خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت وأقدمها، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة اليها وتعول عليها. اهـ
وأما مؤلفوا سلفنا الصالح من أهل الطبقة الثانية ـ طبقة التابعين ـ فان مراجعاتنا هذه لتضيق عن بيانهم. والمرجع في معرفتهم ومعرفة مصنفاتهم وأسانيدها اليهم على التفصيل انما هو فهارس علمائنا ومؤلفاتهم ف تراجم الرجال
سطع ـ أيام تلك الطبقة ـ نور أهل البيت، وكان قبلها محجوباً بسحائب ظلم الظالمين، لأن فاجعة الطف فضحت أعداء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأسقطتهم من أنظار أولي الألباب، ولفتت وجوه الباحثين الى مصائب أهل البيت، منذ فقدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واضطرت الناس بقوارعها الفادحة الى البحث عن أساسها، وحملتهم على التنقيب عن أسبابها، فعرفوا جذرتها وبذرتها، وبذلك نهض أولو الحمية من المسلمين الى حفظ مقام أهل البيت والأنتصار لهم، لأن الطبيعة البشرية تنتصر بجبلتها للمظلوم، وتنفر من الظالم، وكأن المسلمين بعد تلك الفاجعة دخلوا في دور جديد، فاندفعوا الى موالاة الامام علي بن الحسين زين العابدين، فانقطعوا اليه في فروع الدين وأصوله، وفي كل ما يؤخذ من الكتاب والسنة من سائر الفنون الاسلامية، وفزعوا من بعده الى ابنه الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام، وكان أصحاب هذين الامامية «العابدين الباقرين» من سلف الامامية ألوفاً مؤلفة لا يمكن اصحاؤهم، لكن الذين دونت أسماؤهم وأحوالهم في كتب التراجم من حملة العلم عنهما يقاربون أربعة آلاف بطل، ومصنفاتهم تقارب عشرة آلاف كتاب أو تزيد، رواها أصحابنا في كل خلف عنهم بالاسانيد الصحيحة، وفاز جماعة من أعلام أولئك الأبطال بخدمتهما وخدمة بقيتهما الامام الصادق عليهم السلام، وكان الحظ الأوفر لجماعة منهم فازوا بالقدح المعلى علماً وعملاً.
فمنهم أبو سعيد أبان بن تغلب بن رباح الجريري القارئ الفقيه المحدث المفسر الأصولي اللغوي المشهور، كان من أوثق الناس، لقي الأئمة الثلاثة فروى عنهم علوماً جمة، وأحاديث كثيرة، وحسبك أنه روى عن الصادق خاصة ثلاثين ألف حديث، كما أخرجه الميرزا محمد في ترجمة أبان من كتاب منتهى المقال بالاسناد الى أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام، وكان له عندهم حظوة.
وقدم، قال له الباقر عليه السلام ـ وهما في المدينة الطيبة ـ: «اجلس في المسجد وأفت الناس؛ فاني أحب أن يرى في شيعتي مثلك» ، وقال له الصادق عليه السلام: «ناظر أهل المدينة، فاني أحب أن يكون مثلك من رواتي ورجالي»، وكان اذا قدم المدينة تقوضت اليه الخلق، وأخليت له سارية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال الصادق عليه السلام لسليم بن أبي حبة: «ائت أبان بن تغلب فانه سمع مني حديثاً كثيراً، فما روى لك فاروه عني»، وقال عليه السلام لأبان بن عثمان: «ان أبان بن تغلب روى عني ثلاثين الف حديث فاروها عني» . وكان اذا دخل أبان على الصادق يعانقه ويصافحه، ويأمر بوسادة تثنى له، ويقبل عليه بكله. ولما نعي اليه قال عليه السلام: «أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان» ، وكانت وفاته سنة أحدى وأربعين ومائة ، ولأبان روايات عن أنس بن مالك والاعمش، ومحمد بن المنكدر، وسماك بن حرب، وابراهيم النخعي، وفضيل بن عمرو، والحكم، وقد احتج به مسلم وأصحاب السنن الأربعة . ولا يضره عدم احتجاج البخاري به. فان له أسوة بأئمة أهل البيت، الصادق، والكاظم، والرضا، والجواد التقي، والحسن العسكري الزكي، اذ لم يحتج بهم، بل لم يحتج بالسبط الأكبر سيد شباب أهل الجنة، نعم احتج بمروان بن ال

ومنهم أبو حمزة الثمالي بن دينار، كان من ثقات سلفنا الصالح وأعلامهم، أخذ العلم عن الأئمة الثلاثة ـ الصادق والباقر وزين العابدين عليهم السلام ـ وكان منقطعاً اليهم، مقرباً عندهم، أنثى عليه الصادق، فقال عليه السلام: «أبو حمزة في زمانه مثل سلمان الفارسي في زمانه» . وعن الرضا عليه السلام: «أبو حمزة في زمانه كلقمان في زمانه»، له كتاب تفسير القرآن، رأيت الامام الطبرسي ينقل عنه في ـ تفسيره ـ مجمع البيانـ وله كتاب النوادر، وكتاب الزهد، ورسالة الحقوق رواها عن الامام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، وروى عنه دعاءه في السحر، وهو اسنى من الشمس والقمر؛ وله رواية عن أنس، والشعبي،وروى عنه وكيع، وأبو نعيم، وجماعة من أهل تلك الطبقة من أصحابنا وغيرهم، ..
وهناك أبطال لم يدركوا الامام زين العابدين، وانم فازوا بخدمة الباقرين الصادقين عليهما السلام.
فمنهم أبو القاسم بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث بن مراد البختري المرادي، وأبو الحسن زرارة بن أعين، وأبو جعفر محمد بن مسلم بن رباح الكوفي الطائفي الثقفي، وجماعة من أعلام الهدى ومصابيح الدجى، لا يسع المقام استقصاءهم
أما هؤلاء الأربعة فقد نالوا الزلفى، وفازوا بالقدح المعلى، والمقام الأسمى، حتى قال فيهم الصادق عليه السلام ـ وقد ذكرهم ـ: «هؤلاء أمناء الله على حلاله وحرامه»، وقال: «ما أجد أحداً أحيى ذكرنا الا زرارة وأبو بصير ليث، ومحمد بن مسلم، وبريد، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، ثم قال: هؤلاء حفاظ الدين، وأمناء أبي، على حلال الله وحرامه، وهم السابقون الينا في الدنيا، والسابقون الينا في الأخيرة» ، وقال عليه السلام: «بشر المخبتين بالجنةثم ذكر الأربعة، وقال ـ في كلام طويل ذكرهم فيه ـ: «كان أبي أئتمنهم على حلاله الله وحرامه، وكانوا عيبة علمه، وكذلك اليوم هم عندي مستودع سري، وأصحاب أبي حقاً، وهم نجوم شيعتي أحياء وأمواتاً، بهم يكشف الله كل بدعة، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين، وتأويل الغالين». اهـ الى غير ذلك من كلماته الشريفة التي أثبتت لهم الفضل والشرف والكرامة والولاية، ما لا تسع بيانه عبارة، ومع ذلك فقد رماهم أعداء أهل البيت بكل أفك مبين، كما فصلناه في كتابنا مختصر الكلام في مؤلفي الشيعة من صدر الاسلام . وليس ذلك بقادح في سمو مقامهم، وعظيم خطرهم عند الله ورسوله والمؤمنين، كما أن حسدة الأنبياء ما زادوا انبياء الله الا رفعة، ولا أثروا في شرائعهم الا انتشاراً عند أهل الحق، وقبولاً في نفوس أولي الألباب.
وقد انتشر العلم في أيام الصادق عليه السلام بما لا مزيد عليه، وهرع اليه شيعة آبائه عليهم السلام من كل فج عميق، فأقبل عليهم بانبساطه، واسترسل اليهم بأنسه، ولم يأل جهداً في تثقيفهم، ولم يدخر وسعاً في ايقافهم على أسرار العلوم، ودقائق الحكمة، وحقائق الامور؛ كما اعترف به أبو الفتح الشهرستاني في كتابه الملل والنحل، حيث ذكر الصادق عليه السلام فقال: وهو ذو علم غزير في الدين وأدب بالغ في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات قال: وقد أقام بالمدينة مدة يفيدة الشيعة المنتمين اليه، ويفيض على الموالين له اسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة ما تعرض للامامة ـ أي للسلطنة ـ قط، ولا نازع أحداً الخلافة (قال): ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلى الى ذروة الحقيقة لم يخف من حط، الى آخر كلامه. والحق ينطق منصفاً وعنيداً.
نبع من أصحاب الصادق جم غفير، وعدد كثير، كانوا أئمة هدى، ومصابيح دجى، وبحار علم، ونجوم هداية. والذين دونت أسماؤهم وأحوالهم في كتب التراجم منهم أربعة آلاف رجل من العراق والحجاز وفارس وسوريا، وهم أول مصنفات مشهورة لدى علماء الامامية، ومن جملتها الأصول الأربعمئة وهي كما ذكرناه سابقاً أربعمئة مصنف لأربعمئة مصنف كتبت من فتاوى الصادق عليه السلام على عهده، فكان عليها مدار العلم والعمل من بعده، حتى لخصها جماعة من أعلام الامة، وسفراء الأئمة في كتب خاصة، تسهيلاً للطالب، وتقريب على المتناول، وأحسن ما جمع منها الكتب الأربع التي هي مرجع الامامية في اصولهم وفروعهم من الصدر الأول الى هذا الزمان، وهي: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها، والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها، وفيه ستة عشر ألف ومئة وتسعة وتسعون حديثاً، وهي أكثر مما اشتملت عليه الصحاح الستة بأجمعها، كما صرح به الشهيد في الذكرى وغير واحد من الأعلام.
وألف هشام بن الحكم من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام كتباً كثيرة اشتهر منها تسعة وعشرون كتاباً، رواها أصحابنا بأسانيدهم اليه، وتفصيلها في كتابنا ـ مختصر الكلام في مؤلفي الشيعة من صدر الاسلام ـ وهي كتب ممتعة باهرة في وضوح بيانها، وسطوع برهانها، في الأصول والفروع، وفي التوحيد والفلسفة العقلية، والرد على كل من الزنادقة، والملاحدة، والطبيعين، والقدرية، والجبرية، والغلاة في علي وأهل البيت، وفي الرد على الخوارج والنصابة، ومنكري الوصية الى علي ومؤخريه ومحاربيه، والقائلين بجواز تقديم المفضول وغير ذلك، وكان هشام من أعلم أهل القرن الثاني في علم الكلام، والحكمة الالهية، وسائر العلوم العقلية والنقلية، مبرزاً في الفقه والحديث، مقدماً في التفسير، وسائر العلوم والفنون، وهو ممن فتق الكلام في الامامة، وهذب المذهب بالنظر؛ يروي عن الصادق والكاظم وله عندهم جاه لا يحيط به الوصف، وقد فاز منهم بثناء يسمو به في الملأ الأعلى قدره، وكان في مبدأ أمره من الجهمية، ثم لقي الصادق فاستبصر بهديه ولحق به، ثم بالكاظم ففاق جميع أصحابهما، ورماه بالتجسيم وغيره من الطامات مريدو اطفاء نور الله من مشكاته، حسد لأهل البيت وعدواناً، ونحن أعرف الناس بمذهبه، وفي أيدينا أحواله وأقواله، وله في نصرة مذهبنا من المصنفات ما أشرنا اليه، فلا يجوز أن يخفى علينا من اقواله ـ وهو من سلفنا وفرطنا ـ ما ظهر لغيرنا، مع بعدهم عنه في المذهب والمشرب، على أن ما نقله الشهرستاني ـ في الملل والنحل من عبارة هشام ـ لا يدل على قوله بالتجسيم. واليك عين ما نقله، قال: وهشام بن الحكم صاحب غور في الأوصل، لا يجوز أن يغفل عن الزاماته على المعتزلة، فان الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنه ألزم العلاف، فقال: انك تقول الباري عالم بعلم، وعلمه ذاته، فيكون عالماً لا كالعالمين، فلم لا تقول: هو جسم لا كالأجسام. اهـ. ولا يخفى أن هذا الكلام ان صح عنه فانما هو بصدد المعارضة مع العلاف، وليس كل من عارض بشيء يكون معتقداً له، اذ يجوز أن يكون قصده اختبار العلاف، وسبر غوره في العلم، كما أشار الشهرستاني اليه بقوله : فان الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهر من التشبيه..

وقد كثر التأليف على عهد الكاظم، والرضا، والجواد، والهادي والحسن الزكي العسكر، عليهم السلام، بما لا مزيد عليه، وانتشرت الرواة عنهم وعن رجل الأئمة من آبائهم في الأمصار، وحسروا للعلم عن ساعد الاجتهاد وشمروا عن ساق الكد والجد، فخاضوا عباب العلوم، وغاصوا على أسرارها، وأحصوا مسائلها، ومحصوا حقائقها، فلم يألوا في تديون الفنون جهداً، ولم يدخروا في جمع أشتات المعارف وسعاً.
قال المحقق في المعتبر أعلى الله مقامه: وكان من تلامذة الجواد عليه السلام فضلاء كالحسين بن سعيد، وأخيه الحسين، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي، وشاذان، وأبي الفضل العمي، وأيوب بن نوح، وأحمد بن محمد بن عيسى، وغيرهم ممن يطول تعداهم (قال أعلى الله مقامه): وكتبهم الى الآن منقولة بين الأصحاب دالة على العلم الغزير
قلت: وحسبك أن كتب البرقي تربو على مئة كتاب، وللبزنطي الكتاب الكبير المعروف بجامع البزنطي، وللحسين بن سعيد ثلاثون كتاباً. ولا يمكن في هذا الاملاء احصاء ما ألفه تلامذة الأئمة الستة من أبناء الصادق عليهم السلام، بيد أني أحيلك على كتب التراجم والفهارس فراجع منها أحوال محمد بن سنان، وعلي بن مهزيار، والحسن بن محبوب، والحسن بن محمد بن سماعة، وصفوان بن يحيى، وعلي بن يقطين، وعن ابن فضال، وعبدالرحمن بن نجران، والفضل بن شاذان ـ فإنه له مئتي كتاب ـ
ومحمد بن مسعود العياشي ـ فإن كتبه تربوا على المئتين ـومحمد بن أبي عمير، وأحمد بن محمد بن عيسى، فإنه روى عن مئة رجل من أصحاب الصادق عليه السلام ومحمد بن علي بن محبوب، وطلحة بن طلحة بن زيد، وعمار بن موسى الساباطي، وعلي بن النعمان، والحسين بن عبدالله، واحمد بن عبدالله بن مهران المعروف بابن خانة وصدقة بن المنذر القمي، وعبيدالله بن علي الحلبي، الذي عرض كتابه على الصادق عليه السلام، فصححه واستحسنه، وقال: «أترى لهؤلاء مثل هذا الكتاب» ، وأبي عمرو الطبيب، وعبدالله بن سعيد، الذي عرض كتابه على أبي الحسن الرضا عليه السلام، ويونس بن عبدالرحمن الذي عرض كتابه على الامام أبي محمد الحسن الزكي العسكري عليه السلام.
ومن تتبع أحوال السلف من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، واستقصى أصحاب كل من الائمة التسعة من ذرية الحسين، وأحصى مؤلفاتهم المدونة على عهد أئمتهم، وأستقرأ الذين رووا عنهم تلك المؤلفات، وحملوا عنهم حديث آل محمد في فروع الدين وأصوله من ألوف الرجال، ثم الم بحملة هذه العلوم في كل طبقة طبقة، يداً عن يد من عصر التسعة المعصومين الى عصرنا هذا، يحصل له القطع الثابت بتواتر مذهب الأئمة، ولا يرتاب في أن جميع ما ندين الله به من فروع وأصول، انما هو مأخوذ من آل الرسول، لا يرتاب في ذلك الا مكابر عنيد، أو جاهل بليد، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله»

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: بين الزيدية و الامامية

مشاركة بواسطة القاسمى »

من اهم الدراسات الفقهية دراسة الشيخ الفاضل امين الحداء التى صنفها بعنوان " فقه الال بين دغوى الاهمال و تهمة الانتحال "
و قد قامت بها الحجة على المخالفين لمدرسة اهل البيت عليهم السلام
اثبت الباحث أن أغلب ما رواه الإمامية من فقه الأئمة ثابت عنهم بروايات سنية – بعد أن بين ان عدد المسائل المروية عن الأئمة عليهم السلام فى كتب أهل السنة و الموافقة لمذهب الإمامية ونقلهم 1071مسألة و بلغت المخالفات حسب بحثه 46 مسالة فقط و القليل النادر لا يؤثر على الكثير الغالب

http://www.narjes-library.com/2014/0...post_4497.html

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“