العلامة/ شـمس الدين بـن شرف الدين

أضف رد جديد
مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

العلامة/ شـمس الدين بـن شرف الدين

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

بسم الله الرحمن الرحيم
العلامة الشاب/ شمس الدين بن شرف الدين الملقب بـ»الباشا«.. أتاه الله بسطة في العلم والجسم، يعرفه الجميع بتواضـُـعه الجم وخلقه الرفيع منذ بدأ مشواره في تحصيل العلم لدى علمائه ومشايخه وإلى أن أصبح اليوم مقصداً للعشرات، بل المئات من الطلاب ينهلون من معين معارفه، ويستفيدون من سجاياه التي تحكي سيرة الصالحين في أبهى صورها وأزهى تجلياتها..

"البلاغ" إلتقت العلامة/ شمس الدين في جامع النهرين، يجلس حيث كان العلامة/ حمود بن عباس المؤيد قريباً من المواطنين، ويقوم مقامه معاوناً للمفتي القاضي/ محمد الجرافي، وقد كان اللقاء ممتعاً وشيقاً.. فإلى العلامة/ شمس الدين شرف الدين..

لقاء / حميد محمد

> نبذةٌ تعريفيةٌ عن شخصكم الكريم؟.

>> أنا الفقير إلى عفو الله شمس الدين بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن علي بن هاشم شرف الدين واللقب »الباشا« أصله لجدي عبدالله أبو والدي كان يلقب بـ»الباشا«، لكن المعروف والأصل شرف الدين من بيت هاشم من »مسور حجة« من مواليد صنعاء حارة »صلاح الدين« وتربيت هناك، ثم إنتقلت إلى »ضلاع همدان«، وقرأت على والدي ووالدتي في القرآن الكريم، الوالدة كانت تدرسني »الهجاء« وقرأت في بدايات العمر عند العلامة العزي »لا أعرف اسمه كاملاً« في جامع المدرسة »جزء عم« و»تبارك«، هذا وعمري حوالى ست أو سبع سنوات، ثم إلتحقت بالمدرسة مدرسة الشعب في صنعاء، ودرست فيها صف أول وثاني، وبعد ذلك إنتقلنا من صنعاء إلى ضلاع همدان، وقرأت هناك صف ثالث، ورابع، وخامس، وسادس، وكنت في تلك الفترة أدرس عند الوالد.. أملي لهم الكتب، ليست دراسة منهجية، وإنما أملي للوالد الكتب كتاباً بعد كتاب في التأريخ وغيره »اللهم صلِّ على محمد وآل محمد« يتذكر.. ثم نجحت إلى صف ثاني ثانوي.. وكان عندي نزعة الإلتحاق بالجامع الكبير بصنعاء، وكنت أدخل إلى الجامع ومعي »قطر الندي« وعمري آنذاك حوالى »8١-20 سنة«، كنت في البيت أتصفح كتاب »القطر«، ولا أفهم من مسائله شيئاً، لكنني كنت أريد أن أفهم وأمتلك تطلعاً قوياً للإستفادة من هذا الكتاب الذي لم يكن معي غيره، وكنت أتمنى أن أكون عالماً، وفي يوم دخلت إلى الجامع الكبير، ووجدت حلقة »الآنسي« في مؤخرة الجامع، فرآني سيدي العلامة/ علي أحمد الشامي وأنا أهيم على وجهي متردداً محتاراً أبحث عن من يروي ضمئي بالعلم في الجامع الكبير بصنعاء، فقال لي: ما لك؟ أو ما تريد، وعماذا تبحث؟، فقلت له: أريد أن أدرس.. فقال: تعال إقرأ عندي، فدخلت عنده وبدأت بقراءة »قطر الندى« فقط، وكانت حلقة العلامة/ علي أحمد الشامي قد بدأوا في قراءة »القطر« واستمريت معهم حوالى ثلث الكتاب، وكنت لا أفهم شيئاً، وكنت أقول لمشايخي: مفهوم.. مفهوم.. ولم أكن أعلم شيئاً، لكن بعد ذلك فتح البارئ تعالى بحمده ومنَّه.

ثم دفعني الوالد/ علي الشامي رحمه الله لقراءة القرآن عند العلامة/ أحمد حجر، والعلامة/ محمد الغيثي، والشيخ/ محمد العفيف، والشيخ/ محمد المهدي، والشيخ/ حسن باصيد، والشيخ/ محمد حسين عامر، والشيخ/ الحليلي.

وحصلت على إجازات في القرآن الكريم من عند هؤلاء كلهم، وبعد ذلك قرأتُ عند القاضي/ الجرافي، والقاضي/ عبدالحميد معياد رحمه الله قرأتُ عليه »ملحة الإعراب«، وفي »شذور الذهب«، و»شرح ابن عقيل«، و»حلية اللب المصون في المعاني والبيان«، وقرأنا »شفاء غليل السائل«، و»كافل الطبري«، وفي »التاج المذهب« إلى باب النكاح، وانتقلنا إلى »شرح الأزهار«.

وقرأتُ عند العلامة/ محمد المنصور في »أصول الدين« كتاب (ينابيع النصيحة)، و(خلاصة الفوائد)، و(شرح الثلاثين المسألة)، وعند العلامة/ أحمد الشامي قرأت كتاب (رحيق الأزهار)، وعند العلامة/ أحمد حجر في (الفرائض) و(متن الأزهار)، وعند العلامة/ حمود بن عباس المؤيد كنت أدرس بعد الفجر دائماً، وكنت أنام هنا في »النهرين« في البنية »المنزلة«، وكان هناك توفيق وإعانة ونشاط كبير، كنتُ أحفظُ أربعةَ فصول في اليوم الواحد من »متن الأزهار« كنت ألوي في الصوح هانا.. ويشير بيده.. همَّة.. سبحان الله.. لكن الآن الهمة خفت، وكنا ندرس عند سيدي حمود حفظهم الله (شرح التجريد)، وفي (الأحكام)، و(شرح الأزهار)، و(الكشاف) للزمخشري، وبعد إشراق الشمس أطلع الجامع الكبير.. كنت أعمل في اليوم قرابة »13« درساً.

وعند العلامة/ علي أحمد الشامي قرأنا في (الفرائض)، وقرأنا (نكت العبادات)، هذا كله قبل حوالى »18 سنة« من الآن، ودرست عند العلامة الراحل/ مجدالدين المؤيدي في (الكاشف) أصول فقه، وفي (ينابيع النصيحة) و(لوامع الأنوار)، و(الجامعة المهمة) ومقتطفات من كتب العلامة/ مجدالدين المؤيدي.



وقرأت عند العلامة/ إبراهيم النهاري رحمة الله في (الفرائض)، و(متن الأزهار) وكان من الفضلاء، وفي الأخير قرأت عند القاضي/ محمد الجرافي كتاب (المغني)، و(ضوء النهار) كاملاً، و(التاج المذهب) كاملاً، و(مغني اللبيب) كاملاً قرأته مرتين الأولى عند القاضي/ عبدالحميد معياد، وقرأت عند القاضي/ الجرافي (أمالي أحمد بن عيسى) كاملة، وفي اللغة قرأت (أوضح المسالك من ألفية بن مالك)، وكتاب (شرح ابن عقيل).. [اللهم صلِّ على محمد وآل محمد].. يتذكر.

ثم أصيب (القاضي الجرافي) بوعكة صحية فتوقفنا وهناك دروس قرأتها عند العلامة/ علي القاسمي أنا وزميلي الأستاذ علي الحاتمي رحمه الله.

> ذكرتم في سياق كلامكم أن الوالدة ممن شاركت في تدريسكم.. هل كانت متعلمة وما مستواها العلمي؟.

>> نعم، قرأتُ عند والدتي في القرآن الكريم، ومُستواها التعليمي إقتصر على حفظها للقرآن الكريم، ولم تكن تستطيعُ الكتابةَ، لكنها ساهمت في تعليمي القرآن الكريم.

> هل تشتغلون بالخطابة والتدريس حالياً؟.

>> نعم خطيب في جامع »الشرفي« بضلاع همدان، وكذلك في »جامع الشوكاني« بصنعاء، وأخطب جمعتين في ضلاع همدان وجمعتين في مسجد »الشوكاني«، وبالنسبة للتدريس كنت أدرس في الجامع الكبير بصنعاء، وعندي دروس في البيت طلاب يحضرون إليَّ بصورة متواصلة، وهنا في النهرين بعض الدروس، وقد قمت بالتدريس في النهرين فترة طويلة، والآن أعمل معاوناً للمفتي القاضي/ محمد الجرافي في مجال الإفتاء.. منتدب عنده.

> هل حصلتم على إجازات علمية وممن؟.

>> الإجازات العلمية التي حصلت عليها من القاضي/ عبدالحميد معياد قرأت عنده حوالى خمس سنوات، وكذا حصلت على إجازة علمية من العلامة/ علي أحمد الشامي، ومن سيدي العلامة/ محمد المنصور، وسيدي العلامة/ حمود بن عباس المؤيد، وإجازة علمية من القاضي/ محمد الجرافي، والعلامة/ أحمد حجر، والعلامة/ علي عبدالحميد المتوكل، وهو ممن قرأت عليهم.

> نسينا أن نسألـَـكم في البداية عن الحالة الإجتماعية؟.

>> لدي خمسة أولاد.. ذكران وثلاث إناث، متزوج بواحدة.

> ماذا تقولون لطلاب العلم وعموم المسلمين في شهر رمضان المبارك خاصة في ظل إنتشار ورواج أساليب اللهو في ليالي رمضان؟.

>> التوفيقُ من الله، ونصيحتي للناس جميعاً أن يغتنموا هذه الفرصة.. الله تعالى جعل شهر رمضان فرصةً للتوبة، والإنابة، والقبول، واستجابة الدعاء، وغفران الذنوب، وفتح أبواب الجنة، وصفد الشياطين، وهذه فرصةٌ ثمينةٌ لا تعوَّضُ، وكثير من الناس لا يدركون هذه الفرصة حتى يتوفاهم الأجل، يغتنموا فرصة هذا الشهر الكريم بالرجوع إلى الله، والتوبة والإنابة وكثرة دعائه وتلاوة كتابه آناء الليل وأطراف النهار، ويشمروا عن ساعد الجد؛ لأنه وقت يسير جداً، وينقضي بسرعة فالذي يضيع أوقاته خاسر.

غـــــــبن الفتى يــــوم التغابن

إنما هو حسرة التفريط في أيامه

فضـــياع ساعتـــه خســــــارة

كيف في أسبوعه أو شهره أو عامه؟

على الإنسان أن يغتنم فرصة وجوده في الحياة، لا سيما أوقات الفضيلة، ونفحات الرحمن مثل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، هذا بالنسبة لعموم الناس عليهم أن يعملوا برنامجاً يقضون فيه وقت رمضان، فيكون النوم له وقت معلوم، والقيام في وقت معلوم، وصلاة معلومة، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان لا يزيد عن إحدى عشرة ركعة في الليل في رمضان أو غيره، لكن إذا زاد الإنسان فهذا خير، أربع ركعات قبل صلاة الظهر، وأربع بعد الظهر، وأربع ركعات قبل العصر، ومثلها بعد صلاة المغرب وبعد العشاء ركعتين، ويقرأ كتاب الله لا سيما طلبة العلم وغير طلبة العلم يجتمعون عند واحد عالم أو قارئ قرآن ويقرأون ما تيسر من كتاب الله عز وجل، إذا قرأوا جزء دريس مع التفهم والتدبر وفهم المعاني، ولو طال الوقت ساعتين، ثلاث، فهو من القيام؛ لأنه مذاكرة العلم ساعة واحدة تعدل عبادة كذا وكذا سنين.. هذه نصيحة لهم أن لا يضيعوا الوقت، والله تعالى كلما تقرب إليه العبد تقرب الله من العبد وأعانه، وسدده وكان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ووفقه إلى كـُــلّ خير..

> ما تفسيركم لكثرة المشاكل في رمضان لدى بعض الناس؟ وما هو العلاج؟.

>> كثرة المشاكل ناتجة عن الجهل حتى في تعامل الإنسان مع نفسه، وقراراته الشخصية لا ينسجم مع نفسه كـُــلّ يوم وكل ساعة متقلب متلون.

وهذا لعدم الإلتزام في بداية حياة الإنسان بسيرة معينة، وخطة معينة، أو الإقتداء بشخصية معينة، فلذلك دائماً يتقلب لا سيما الجهلة من الناس في كـُــلّ لحظة وكل حالة وله لون، ونكهة أخرى غير النكهة الأولى، والمخرج من هذا كله مجالسة العلماء؛ لأنهم يغذون الروح بأفكار طيبة وحسنة، فيملك الإنسان غضبه، ويملك نفسه، وكذلك من العلاج الإستمرار في تلاوة كتاب الله والتفهم لآياته، واستخلاص المعاني مثلاً قوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ❊ الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، وأكثر ما تكون المشاكل بسبب عدم كتمان الغيظ، فإذا فهم الإنسان هذا فإن كتمان الغيظ هو من المسارعة إلى مغفرة من الله، وجنة عرضها السماوات والأرض.. قالت عائشة وقد أغضبتها جاريتها: لله در التقوى.. ما ترك الإيمان لذي غيض شفاءاً، الإنسان يعفو مهما كان، وهذا إن شاء الله حل كفيل بأن يخرج الناس من مشاكلهم.. مشاكل أسرية عائلية وفي المجتمع كله.

> ما أهمية العلم الشرعي في العصر الحديث عصر التكنولوجيا والتقدم العلمي والمادي الإستهلاكي؟.



>> رسالات الأنبياء جاءت لتقويم الإنسان وتسوية إعوجاجه ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال: »إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق«.

وحاجة الناس للعلم الشرعي ضرورة سواء في ماضي الزمان أو في حاضر الناس ومستقبلهم، ولا يمكن ولا يجوز ولا ينبغي الإستغناء عن العلم الشرعي وعن كتاب الله، وسنة رسوله بإمكانهم أن يكونوا أطباء، مهندسين، طيارين، ما كانوا لكن أبداً لا يمكن أن يستغني الطبيب عن كتاب الله، وسنة رسوله، ولا المهندس، ولا المحامي، ولا غيرهم.. الطبيب بحاجة إلى تقوى في معالجته للمرضى، والمهندس بحاجة إلى التقوى.. هذه التي جاءت ليغذيها القرآن والنبي صلوات الله عليه وعلى آله.

الناس كلهم، التاجر، المهندس، العامل، البنّاء، السائق، كـُــلّ الناس بحاجة إلى التقوى والخوف من الله، ولا يمكن أن تزرع النفوس بالطمأنينة إذا كان الناس معرضين عن كتاب الله، وسنة رسوله، وهذا طريقه العلم، فالناس بحاجة ماسة للعلم، كما ورد عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: »قوام الدين والدنيا بأربع: عالم يعمل بعلمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وغني يجود بماله، وفقيه لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا لم يعمل العالم بعلمه إستنكف الجاهل أن يتعلم، وإذا بخل الغني بماله باع الفقير دينه بدنياه«.

فالناس بأمس الحاجة إلى العلم؛ لأن الناس يشكون من الفساد، فساد مالي، وإداري... ما هو السبب؟ إنعدام التقوى التي هي المخرج الوحيد للناس وللدولة وللمجتمع، وكذا الإرتباط بكتاب الله، وسنة رسوله، ومن ثم يكونون ما شاءوا مهندسين، أطباء، طيارين، وزراء، قادة، يكونون ما كانوا، إذا كانت التقوى منغرسةً في قلوبهم فلا خوف بعد ذلك من الفساد، والظلم، والجور.

> يعني لا تناقض؟.

>> نعم لا تناقض أبداً بين العلم الشرعي والعلوم الدنيوية، بل العلم الدنيوي في أمس الحاجة إلى العلم الشرعي.

> يلاحظ الجميع في الفترة المتأخرة بروز التراشق المذهبي بصورة لم يعهدها اليمن من قبل.. ما أسباب ذلك والحلول برأيكم؟.

>> التفرق دائماً ناتج عن حب النفس والأنا، والذات والأنانية، وحب الظهور حتى لا يكون في الساحة إلاَّ هذا الشخص بعينه، تماماً كاليهود يعرفون أن محمداً رسول من عند الله وأن ما جاء به حق، وأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءَهم مع ذلك لم يؤمنوا به خشية زوال الرياسة عنهم، وسحب البساط من تحت أقدامهم، فركبوا الصعب والذلول في تكذيب محمد ومعاندته ومحاربته، الحق واضح لكن الخلاف قد يكون بين عالم وعالم لأجل لبس أو غموض في مأخذ، أو مسلك، أو إستنباط، أو إستخراج، لكن الغالب أن الخلاف ناتج عن هوى في النفوس.

لهوى النفوس سريرة لا تعلم

كم حار فيها عالم متكلم



وإلاَّ فالحق هو مطلب الجميع، ورضاء الله مطلب الناس جميعاً، لكن للأسف الشديد إبليس يدخل في هذا ويعترض هذا المسلك وهذا الغرض ويجعل الأغراض أنانية وذاتية لا تكون لوجه الله، وسبب الخلاف عدم الإخلاص، وقد يكون الجهل وأنا أقدمه على المسائل الأولى، الجهل بالشريعة فكثيرٌ من الشباب أنصاف العلماء يقتبس آثاراً من علم، معه بعض المسائل أو الأحاديث من شريط أو مجلة وجريدة قرأها، وإذا به يعاند الناس ويعارضهم ويسبب المشاكل الكثيرة التي لا تحمد عقباها..

أيضاً العلماء والمدرسون والمرشدون والخطباء عليهم مسؤولية كبيرة في طرح الكلام يتحرى ألا يشحن ولا يغرر المريدين له، يتحرى حتى لا يوغر صدورَهم بالشحناء والبغضاء والأحقاد على غيرهم، ويحاولُ أن يلملمَ الجراح مهما صدر من غيره من أخطاء في حقه فيحاول أن يحتمل، ربما أراد أو قصد كذا أو كذا.. وهذا من أجل براءة الذمة عند الله تعالى، ولا يكون عوناً ولا ساعياً ولا داعماً في زيادة النفرة والشقاق والنفاق في المجتمع، يحاول أن يجمع بين الناس ولا بد من هذا، ولا يمكن أن يتعايشَ الناسُ تعايشاً سلمياً ما لم يكونوا بهذه الروح وهذا الفهم السائد لدى الخطيب والمدرس والعالم ولا يكونوا سبباً في شقاق الناس واختلافهم.

> هناك من يصر على إلحاق الزيدية بالرافضة تبريراً لأعمال المصادرة وشرعنة الإقصاء.. كيف يتعامل طلبة العلم والمدرسون والخطباء في مثل هذا الوضع؟.

>> في مثل هذا نتعامل بمقتضى القرآن الكريم الذي حكى عن أبناء آدم (لئن بسطت إليَّ يدَك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين).

إذا سبني لا أسبه، وإذا شمتني لا أشتمه، لكن عليَّ البيان والإيضاح للحق، أينما كان، والحق أحق أن يتبع لا كزيدي، أو شافعي، أو حنبلي، وإنما كمسلم، يبين وجهة نظر الإسلام في هذه المسألة، وأن الشرعَ أراد كذا وكذا، دون النظر والتمترس وراء لقب معين، أو مذهب معين، مسلم، مسلم.. وبهذا أكون قد أبرأت دمتي أمام الله، وأمام خلقه.. والآخرون هم وما شاءوا..

على الإنسان أن يبين ولا يسكت، كثيرٌ من الناس يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا تحدث أحدٌ عن أحداث تأريخية جرت في عهد الصحابة بينما كثير من الناس يسيئون لذات الله جل وعلا يشبهون اللهَ بخلقه، ويجسمون الله، وينسبون إليه الجور والظلم، وينشرون هذه الأفكار التي لا تليق بالله تعالى، يجعلون الناس يعتقدون أن كـُــلَّ فعل فعلوه من خير أو شر، يزني، أو يسرق، أو يظلم، أو يقتل، وعنده عقيدة أن كـُــلَّ هذا بقضاء الله وقدره.. فتنتشر الفاحشة والفساد في الأرض إعتماداً على هذه القاعدة، وهذه العقيدة.. هنا واجبُ المسلم التوضيحُ، وتبرئة ساحة الله من هذا الظلم، وهذا الجور كما قال تعالى: (وما ربك بظلام للعبيد)، (وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)، (ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد).

> ماذا عن عقيدة الزيدية في الصحابة وأهل البيت؟.

>> الزيدية تقدم أهل البيت عليهم السلام، ولا يعتقدون فيهم غيرَ ما قاله الله تعالى ورسوله عن أنهم بشرٌ تميزوا بالتقوى، والورع، والحشمة، وهذا لا يمنع الشذوذ الموجود هنا أو هناك.. لكن إجماع أهل البيت حُجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: »إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتابَ الله وعترتي أهلَ بيتي إن اللطيفَ الخبيرَ نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض«.

هم لا يعتقدون أنهم لا يمكن أن يعصوا اللهَ، ولا تحدث منهم خطيئة فهم بشر يعلمون ويجهلون في بعض المسائل.. ولا يعلمون الغيب أو ما في السماوات والأرض وما ستؤول إليه الأمور وأسماء الناس، وأنهم يتصرفون في ذرات الكون هذا لا يعتقدونه أبداً.. يعتقدون فيهم ما يعتقد أي مسلم في أي مسلم آخر، قال تعالى حاكياً عن نبيه: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)، فكيف بغير النبي؟!..



أما في صحابة رسول الله فإن الزيدية يجلونهم، يقدرونهم، يحترمونهم، ويُرَضَّون عليهم، ويرفعون شأنهم، والصحابي هو من طالت مجالسته لرسول الله ومات متبعاً لشرعه.. هذا هو الصحابي الذي له ذمة الله وذمة رسوله، ولا يجوز أن تخفر ذمة الله وذمة نبيه في صحابة رسول الله، وقد مدحهم اللهُ في قوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون)، وقال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلـُـهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد اللهُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً).

> أنت عضو في الهيئة العلمية لتدريس القرآن الكريم والعلوم الشرعية.. متى أنشئت هذه الهيئة وكيف تقيِّـمون نشاطـَها؟.

>> أما التدريس في الجامع الكبير وغيره من المدارس فهو مستمر بحمد الله، ولكن البعض أراد أن يكون العمل منظماً ويكون له أثرٌ وفاعلية ونتيجة، بإسهام الخيرين بالدفع بعملية نجاح اليمن بشكل عام، ولتفادي كثرة التأزم والخلاف للأمة كلها، وليس لفئة معينة، ولنشر كتاب الله وتعاليم القرآن الكريم، وسنة رسول الله، من فقه ولغة عربية وتفسير، وإرشاد الناس وتعليمهم.

الناس للأسف يقولون إنهم قد خرجوا من الأمية ويحاربون الأمية.. ترى الطبيبَ أو المهندس أو الضابط أو القائد يجهلون كثيراً من مسائل الشرع التي لا ينبغي للعامة جهلــُها فضلاً عن مثقفيهم، والشرائح الوسطى، الناس بحاجة لتعليم وتثقيف وإرشاد، فهذه الهيئة العلمية غرضها الأساسي تعليمُ كتاب الله وسُنة رسوله، ونشر مبادئ الأخوّة والمحبة والسلام في المجتمع.

منقول من البلاغ
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الشخصيات الإسلامية“