* مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

* مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *

مشاركة بواسطة المتوكل »

* مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *


بقلم المفكر الإسلامي
الأستاذ : عبدالله بن محمد بن إسماعيل حميدالدين



تميزت المدرسة الزيدية بأمرين:
* مشروع فكري سياسي .
* وتجربة في إسقاط ذلك المشروع على أرض الواقع.


مشروعها الفكري السياسي يتضمن رؤية دينية عقلانية يمكن بشيء من التوظيف والتطوير والتجسيد على أرض الواقع أن تشكل أساساً لحركة الأمة نحو نهضتها وعزتها.
هذا في مقابل ما ساد بين الأمة من أفكار تشل طاقتها، وتضعف من عمق توجهها نحو ربها، وتعرقل دورها في بناء وتوجيه الحضارة الإنسانية عموماً.

تجربتها في إسقاط مشروعها تجلى بالحركات السياسية الإصلاحية المتتابعة التي قاموا بها بدءا من ثورة الإمام زيد بن علي"عام 122هـ. أيضاً تظهر من الدول التي نشأت في كل من المغرب 172هـ، وطبرستان 250هـ، واليمن 280هـ.

لتجربتهم أهمية تظهر من:
1. أنها تجربة مستندة إلى نظرية:
فالتجربة الزيدية كانت في جميع مراحلها منبثقة عن نظرية سياسية إسلامية تنتمي إلى الإسلام في مراحل قوته. فلم تستورد، ولم يؤخذ بها لمواكبة الحضارات الغالبة.

أسس النظرية هي:
أ. المساواة العادلة بين الناس.
ب. الأهمية العليا لإقامة نظام سياسي عادل.
ج. وجوب المشاركة السياسية لكل أفراد الأمة؛
د. الدولة لا يجوز لها أن تكون طرفاً من أطراف الاتجاهات الاجتماعية.


كانت النظرية تسعى لتجسيد نفسها في واقع الأمة؛ فتاريخها يكشف عن تجربة من تجارب الإسلام السياسي بمختلف ظروفه وأوضاعه عبر مئات السنين.

إنها دراسة لفكرة تحركت في الواقع وتفاعلت معه.

وبهذا تختلف عن دراسة التجارب السياسية الأخرى التي هي دراسات لتاريخ أنظمة حُكم تعاقبت عبر مراحل تاريخية مختلفة.

إننا اليوم إذ نحاول بلورة نظرية إسلامية سياسية تطبيقها على الواقع بحاجة إلى تجارب تاريخية سابقة. ويكتمل الأمر أهمية حين نجد أصحاب تلك التجربة وروادها من العلم والديانة بمكان.


2. أنها تعالج مشكلة "فقدان الأصول التاريخية" التي تواجهها النظريات السياسية الإسلامية الحديثة:
أي نظرية سياسية إسلامية معاصرة لا يمكنها أن تستند كلية على الرؤية التقليدية لتيار ما يُعرف بـ"أهل السنة والجماعة"، والتي سادت في الغالبية العظمى من دول العالم الإسلامي.

ذلك لأنها تتضمن عنصراً لا يمكن القبول به وهو "شرعنة الأمر الواقع".

فبقطع النظر عن مدى فساد الواقع السياسي، فإن ذلك العنصر يأمر المسلمين بطاعة القائمين بالأمر. ولعل أبرز ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله في هذا المعنى حديث يأمر فيه النبي بطاعة الحاكم ولو كان قلبه قلب شيطان، ولا يستن بالسنة ولا يهتدي بالهدى، ويضرب ظهور رعاياه، ويأخذ أموالهم.

فقد أخرج مسلم في صحيحه رقم الحديث (1847) عن حذيفة بن اليمان (قلت يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر ؟ قال: نعم، قلت: هل من وراء ذلك الشر خير؟ قال نعم، قلت: فهل من وراء ذلك الخير شر؟ قال نعم، قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهدي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس قال قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت لك ؟ قال: تسمع وتطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع) الحديث. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ومعروفة.

ولا يمكن أيضاً الاستناد تماماً إلى الرؤية الشيعية الإمامية التقليدية؛ لأنها منعت من تحقيق مثالها السياسي المنشود؛ لما اشترطت أن يكون القائم به إماماً معصوماً، في الحين الذي قالت بغيبته.

إن تلك الأفكار من أشد ما حال بين المسلمين وبين قيام واقع سياسي عادل.

فالنظرية السنية مع كل ما فيها من مُثل إلا أنها أعاقت أي إمكانية لتنزيلها لما شرعت للأمر الواقع، واعتبرته مهما كان شكله ممثلاً لإرادة الله تعالى ومحرماً تغييره من أصله؛ وبذلك كان دورها التاريخي الأبرز إضفاء الشرعية على من تَربعَ سُدَّةَ الحكم على أي صفة كان.

وأما النظرية الإثنا عشرية فقد عملت عكس ذلك؛ حيث سلبت الشرعية عن كل نظام قائم صلح أو فسد، عدل أو جار، فكل ما سوى إمامة المعصوم لا تجوز، ولكنها إذ سلبت الأنظمة كل مشروعية لم تتقدم آنذاك برؤية بديلة يمكن تحقيقها.

فلم يكن ممكنا ـ في غالبية الأقطار المسلمة ـ وجود تجربة متوافقة مع المثال المنشود. وكيف ذلك؟ وهناك نظرية تجيز الأمر الواقع، وتأمر بالانصياع له، وأخرى ترى في كل ما هو قائم جوراً وضلالة واغتصاباً لحق إمام غائب، حتى وإن حُكم بالعدل، وأقيم القسط.

فكيف والحال هكذا يُخلق الحافز الكافي لصنع واقع متوافق مع الحالة المثلى التي ينشدها الجميع؟

ولذلك نجد أن الإسلام ــ في أغلبيته السكانية ــ عاش أكثر زمنه خارج الدولة؛ أي خارج الحياة العامة، واقتصر دوره على التقنين لها دون الأخذ بزمامها. فلم يكن اعتماد الدولة على الفقهاء نابعاً من قناعتهم بمرجعية الإسلام بقدر ما كان بسبب غياب مصدر آخر للتقنين.

في ظل هذا الغياب التشريعي والتاريخي نجد أن الحاجة إلى إبراز النظرية والتجربة السياسية الإسلامية للزيدية تتجاوز مجرد التاريخ إلى إيجاد امتداد تاريخي عميق لأي توجه يسعى إلى عودة الإسلام إلى الحياة العامة للأمة، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى إلى إبراز أصالة النظرية السياسية المنشودة، وانتمائها إلى الفكر الإسلامي قبل الاصطدام بالحضارات الأخرى التي ألجأتنا إلى إعادة النظر في كل شيء.


3. إن المسار العام لتلك التجربة كان إيجابياً:
لقد أنتجت لنا مجموعة كبيرة من نماذج متميزة من الحكام، جمعوا بين العلم والعمل، والتقوى والعدل، وخشية الله والحكمة في الأمر والنهي.
هذه الإيجابية تغير من الفكرة الشائعة التي حصرت وجود خلفاء راشدين في ثلاثين سنة من التأريخ الإسلامي، فنجد أنه في كل مرحلة تاريخية وجدت نماذج تُحتذى وتُقتدى.


4. إن التجربة ثرية بالدروس التي يمكن أن نستفيد منها اليوم:
تقدم التجربة السياسية دروساً في إنتاج رجال دولة، وفي كيفية تطبيق العدل، وإعمال الشريعة.
وتؤكد لنا التجربة حقيقة أنه أي فكرة مهما كملت فإن القائمين عليها بشر، ولا بد أن يعتري تنزيلها ما يعتري البشر من النقص.
وضْعُ هذه الحقيقة يؤدي بنا إلى الاهتمام بوضع أنظمة تغطي ذلك النقص، والذي أدى في كثير من الأحوال إلى عدم استمرارية تلك التجربة.

****

إن التجربة السياسية للزيدية جزء من تاريخ الأمة الإسلامية، وليس من تاريخ الزيدية فحسب.
بل هي جزء من تاريخ جميع الحركات التي اتفقت معها في أهدافها السياسية، مهما كان دينها أو مذهبها .

*****

ومما يحسن ذكره هنا أن كلمة "زيدية" في أول أمرها لم يكن لها دلالة مذهبية أو فكرية بقدر دلالتها السياسية.
فقد كانت تشير إلى كل من اتفق مع الإمام زيد بن علي 122هـ في دعوته الإصلاحية إلى دفع الظالمين، ونصر المستضعفين، ورعاية المال، والحق العام، والحريات السياسية.
فكان من وافقه في تلك يسمى زيدياً، وإن اختلف مع الإمام في رؤيته الفكرية أو الفقهية
.

*****

إن هذا التاريخ هو لِتجربة إنسانية إسلامية تمثلت في مرحلة ما ضمن فئة من المسلمين، ويجب أن تخرج من إطارها الديني والمذهبي؛ لتكون ملكاً لجميع الأمة والإنسانية .

فالقيم السياسية الأساسية لا تختص بدين، ولا مذهب، ولا حدود ؛ فالأمن والعدل والعلم والرفاه ــ وهي من القيم السياسية الأساسية ــ أمور مطلقة عن كل قيد .

فلا يوجد عدل سُنِّي، وآخر شيعي، ولا يوجد فقر على الطريقة الإسلامية وآخر على الطريقة الكفرية، ولا يوجد جهل عربي وآخر عجمي .

وبالتالي فأي حركة كان شعارها الأبرز تحقيق تلك القيم ملك للناس جميعاً باختلاف أفكارهم وأصولهم العرقية أو القومية، وأما الشعارات الفرعية لتلك الحركة، فالغالب أن لا يتفق عليها الناس، وهذا أمر طبيعي، ولا يضرُّ أصل القضية في شيء.


----------------
نقلاً عن كتاب / الزيدية .. قراءة في المشروع وبحثٌ في المكونات
صورة
صورة

alhashimi
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1048
اشترك في: الجمعة فبراير 29, 2008 12:44 am

Re: * مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *

مشاركة بواسطة alhashimi »

شكرا على هذا المقال

تم التطرق الى النظريه السنيه والاثناعشريه السياسيه

واعتبارهما غير صالحين

ماذا عن حصر الحكم في البطنين عند الزيدية<<<<<< كيف نرد على من يقول ذلك

ام انه صار امر من التاريخ

وما رايكم بما قاله العلامه ابراهيم الوزير في مقاله الاخير
http://almajalis.org/forums/viewtopic.p ... 088#p62088












وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا

صوت الحرية
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 460
اشترك في: الاثنين سبتمبر 06, 2004 9:45 pm

Re: * مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *

مشاركة بواسطة صوت الحرية »

بارك الله فيك استاذي المتوكل على هذا الموضوع القيم، ولي عودة إن شاء الله ، وبالنسبة لما طرحته اخي الهاشمي، فكنت كتبت تعليقاً عليه هنا ولكن فضلت نقله إلى موضوعك لكي يبقى النقاش هنا حول الموضوع الأساسي للأستاذ عبدالله حميد الدين ..

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

Re: * مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *

مشاركة بواسطة المتوكل »

alhashimi كتب:شكرا على هذا المقال

تم التطرق الى النظريه السنيه والاثناعشريه السياسيه

واعتبارهما غير صالحين

ماذا عن حصر الحكم في البطنين عند الزيدية<<<<<< كيف نرد على من يقول ذلك

ام انه صار امر من التاريخ
حيا الله أخي الكريم : alhashimi

الخلل المذكور في النظريتان السنيه والإثناعشرية . هو خلل من ناحية أسس النظريتان
الإثناعشرية في عصرنا هذا .. تغلبت على خلل نظريتها .. بالإجتهاد الذي أتى به الخميني بإسم ( ولاية الفقيه ) فأسس دولة لأول مرة في تاريخ الإثناعشرية .

الزيدية .. لا تعاني من خلل في أسس النظرية .. وعندما نقول أسس النظرية .. فإننا نقصد المبادئ الرئيسية لقيام الدولة .. وهي العدل والمساواة والأمن .. وما إلى ذلك .

فالإمامة عند الزيدية .. هي بفهوم الدولة ، وبالتالي فإن "وجوب الإمامة" عند الزيدية .. يعني وجوب إقامة دولة عادله .
أما الإمامة عند الإثناعشرية والإسماعلية .. فليست بمفهوم الدولة .

مسألة البطنين عند الزيدية .. مسألة إجرائية في طريق تعين الإمام ، وبالتالي .. فهي شرط في الإمام .. وليست شرطاً في إقامة دولة .
ولذلك نرى عند الزيدية .. نتيجة إيمان بوجوب إقامة دولة .. أنها طرحت عدة بدائل في حالة عدم وجود شخص يجمع شروط الإمام .
فجعلت المحتسب . بديلاً .. في حالة عدم وجود إمام جامع للشروط .
وجعلت منصوب الخمسه .. بديلاً .. في حالة عدم وجود محتسب .
وجعلت صاحب الصلاحية .. بديلاً .. في حالة عدم وجود منصوب الخمسه .

يعني لابد من إقامة دولة عادلة .. سواءً بـ إمام أو بـ محتسب ، أو بـ منصوب الخمسه ، أو بـ صاحب الصلاحيه .


تحياتي
صورة
صورة

صوت الحرية
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 460
اشترك في: الاثنين سبتمبر 06, 2004 9:45 pm

Re: * مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *

مشاركة بواسطة صوت الحرية »

"إن هذا التاريخ هو لِتجربة إنسانية إسلامية تمثلت في مرحلة ما ضمن فئة من المسلمين، ويجب أن تخرج من إطارها الديني والمذهبي؛ لتكون ملكاً لجميع الأمة والإنسانية ."

وسيكون الفكر الزيدي وتجربته ونظريته السياسية والإنسانية هو المخرج لمختلف الأمم بعد أن فشلت جميع النظريات الأخرى في تحقيق العدالة المنشودة للمجتمعات.

مره واحدة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 152
اشترك في: الأربعاء يناير 06, 2010 7:58 am

Re: * مسوغات الاهتمام بالمدرسة الفكرية الزيدية *

مشاركة بواسطة مره واحدة »

فالإمامة عند الزيدية .. هي بفهوم الدولة
اذا كانت كذلك فلماذا هدرت شقاشقه عليهم؟ ، ولماذا نتشدق كثيرا بكتاب الله وعترتي ولماذا....ولماذا..؟
فالعدل نسبي على هذه الأرض ،،،

سبحان الله من يتبرء من زيديته ينظر للزيدية ، فلاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

واللهم صل على محمد وآل محمد ،،،
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَمَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ وِمَا ابْتَلَى اللهُ سُبْحَانَهُ أَحَداً بِمِثْلِ الْإِِمْلاَءِ لَهُ.

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“