الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي
والإمام أبو محمد نجم آل الرسول، وإمام المعقول والمنقول، القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط صلوات الله عليهم وسلامه.
قام - لما سمع بموت أخيه الإمام محمد بن إبراهيم - بمصر سنة تسع وتسعين ومائة، ولبث في دعاء الخلق إلى الله إلى سنة ست وأربعين ومائتين.
شيء من فضائله:
ورد عن جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما رواه أئمتنا أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا فاطمة إن منك هادياً ومهدياً ومستلب الرباعيتين ول كان نبي بعدي لكان إياه)).
وقيل للفقيه العالم حواري أهل البيت أبي جعفر محمد بن منصور المرادي: إن الناس يقولون: إنك لم تستكثر من القاسم بن إبراهيم، وقد طالت صحبتك له، فقال: نعم، صحبته خمساً وشعرين سنة، ولكنكم تظنون أنا كلما أردنا كلامه كلمناه، ومن كان يقدر على ذلك منا، وكنا إذا لقيناه، فكأنما أشرب حزناً لتأسفه على المة، وما أصيب به من الفتنة من علماء السوء وعتاة الظلمة.
وروي أنه سمع صوت طنبور في جنده، فقال: والله هؤلاء لا ينتصر بهم، وتركهم.
دعا إلى الله في بعض الشدائد فامتلأ البيت نوراً.
صفته:
قال الإمام أبو طالب عليه السلام: كان عليه السلام تام الخلق، أبيض اللون. انتهى.
أولاده: محمد، والحسن، والحسين، وسليمان، وعيسى، وموسى، وعلي، وإبراهيم، ويعقوب، وداود، وإسماعيل، ويحيى.
قال الإمام أبو طالب: وله من الأصحاب الذين أخذوا العلم عنه الفضلاء النجباء، كأولاده: محمد، والحسن، والحسين، وسليمان، ومحمد بن منصور المرادي، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي، ويحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين صاحب كتاب الأنساب، وله إليه مسائل، ومنهم: عبدالله بن يحيى القومسي العلوي، الذي أكثر الناصر للحق رضي الله عنه الرواية عنه.(1/166)


ومنهم: محمد موسى الحواري العابد، وقد روى عنه فقهاً كثيراً، وعلي بن جهشيار، وأبو عبدالله أحمد بن محمد بن الحسن بن سلام الكوفي، صاحب فقه كثير، ورواية غزيرة، انتهى كلامه عليه السلام بلفظه إلا تمام نسب يحيى بن الحسن، وهو الملقب العقيقي عليه السلام.
ومن مؤلفاته: كتاب الدليل الكبير في علم التوحيد، قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام في سياق كلام في مؤلفات الإمام القاسم: ويحكي مذاهب الفلاسفة، ويتكلم عليهم في التركيب والهيئة.
وفي كتاب الرد على ابن المقفع ونقضه كلامه في الإنتصار، وفي الكتاب الذي حكى فيه مناظرة الملحد بأرض مصر، وفي كتاب الرج على المجبرة، وفي كتاب تأويل العرش والكرسي على المشبهة، وفي كتاب الناسخ والمنسوخ، وفي كلامه في فصول الإمامة، والرد على مخالفي الزيدية.
وفي كتاب الرد على النصارى، وكتابه المعروف بالمكنون في الآداب والحكم، احتوى على علم واسع، وأدب جامع، ووعظ نافع.
قال عليه السلام: ومن اراد أن يعلم براعته في الفقه، ودقة نظره في طرق الإجتهاد، وحسن غوصه في انتزاع الفروع وترتيب الأخبار، فلينظر في أجوبته عن المسائل التي سئل عنها نحو مسائل جعفر بن محمد النيروسي، وعبدالله بن الحسن الكلاري التي رواها الناصر الحسن بن علي الأطروش، وفي كتاب الطهارة، وكتاب صلاة اليوم والليلة، وفي مسائل علي بن جهشيار، وفي كتاب الجامع الأجزاء في تفسير قوارع القرآن، وفي كتاب الفرائض والسنن، التي يرويها ابنه محمد، وليتأمل عقود المسائل التي عقدها فيها، وفي كتاب المناسك إلى غير ذلك من الكتب فهي كثيرة مشهورة موجودة عندنا، فالحمد لله، انتهى كلام الإمام المنصور بالله عليه السلام.(1/167)


قلت: واعلم أنه كان أعظم احتفال الأئمة القدماء صلوات الله عليهم ببيان علم التوحيد والعدل، وفرائض الله التي ضلت فيها غواة الأمم، ولم ينجُ من الغرق إلا من بحبلهم اعتصم، ولدينهم التزم، فإنهم حجج الله على خلقه، والدعاة إلى دينه، وما زالوا يقارعون على دين الله الذي أتى به جدهم النبي المنذر، وتلاه في القيام به وتبليغه أبوهم الوصي الهادي، مؤسس قواعد الإسلام، الضارب عليه بذي الفقار هام المشركين، ومردة الطغام، حتى أقام عمود الإسلام بذلك العضب الحسام، صلى الله عليهما وعلى عترتهما الأطائب الأعلام، فهم من باب المدينة يغترفون، ولذلك الأثر يقتفون، كما قال الإمام الناصر للحق الحسن بن علي عليه السلام:
وعلمهم مسند عن قول جدهم .... عن جبريل عن الباري إذا قالوا

وهذا الإمام وأخوه الإمام محمد بن إبراهيم هما المجددان في رأس المائتين.
توفى الإمام القاسم وله سبع وسبعون سنة، ووالدهما إبراهيم بن إسماعيل يلقب طباطبا. قال بعض السادة المحققين: معناه سيد السادات.
قلت: وهو أيضاً لقب السيد الإمام العالم المحقق والمجيد الفلِّق أبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن عليهم السلام، الذي يستشهد أهل البيان بقوله:
لا تعجبوا من بِلَى غلالته .... قد زر أزْرَارَه على القمر(1/168)


الإمام محمد بن محمد بن زيد
الزلف:
25- تَخَلَّلَ ما بينَ الإمامينِ داعياً .... محمدٌ بنُ محمدٍ وهو يافِعُ
التحف:
هو الإمام المؤيد بالله محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين السبط بن علي عليهم الصلاة والسلام.
نهض إلى القيام بكتاب الله، وإحياء فرائض الله سنة تسع وتسعين ومائة، بعد وفاة الإمام محمد بن إبراهيم في الحال، وأنفذ فضلاء أهل البيت وأوليائهم إلى أقاصي الأرض، فخرج الإمام المرتضى لدين الله إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق إلى اليمن، فأذعن له اليمن بعد وقعة روي أنه قتل فيها من الجنود العباسية خمسة عشر ألفاً، وسمي بذلك الجزَّار، وخرب سد الخانق بصعدة.
نعم، وأسر الإمامَ محمدُ بن محمد المأمون بعد وقعات عظام، وأسحن المأمون نُزُله، وقيل: إنه سمه بعد.
توفي وهو في ثمانية عشر عاماً.
نعم، قد يوجد في أثناء هذه المنظومة تنوين العلم موصوفاً بابن مضاف إلى علم لضرورة الشعر، ومن أحسن الضرورات رد الشيء إلى أصله كما في الممتنع من الصرف، وقد قالوا: إن الشيء إذا خرج عن أصله رد إليه بأدنى عارض، وهذا غير خفي، وإنما أردنا الإيضاح لمن التبس عليه، وقد وجد في كلام العرب وكلام الأئمة، كقوله:
جارية من قيس بن ثعلبة .... كريمة أخوالها والعصبة
ذكره في المغني، وكقول الإمام شرف الدين عليه السلام:
وسعد بن معاذ الكرامة من .... لموته اهتز عرش الله بانيه(1/169)


الإمام علي بن موسى الرضا
الزلف:
26- ومأمونُهُم سمَّ الرِّضَا وابنَ جعفرٍ .... محمداً الصوامَ فالخطبُ فاجِعُ
التحف: في هذا البيت إمامان:
الإمام أبو الحسن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين السبط بن علي الوصي صلوات الله وسلامه عليهم، ولقب الإمام الرضا، وصف بالمصدر مبالغة كعَدْل، وليس برضيٍّ صفة على فعيل خلاف ما في القاموس.
قال الإمام الحسن بن بدر الدين في الأنوار:
أو كعلي ذي المناقب الرضا .... المدره الحبر بن موسى المرتضى
أولاده: محمد التقي، والحسن، وعلي، وحسين، وموسى.
بيعته: قال في الشافي: وكان المأمون وأولاده وأهل بيته وبنو هاشم أول من بايعه، ثم الناس على مراتبهم، والأمراء والقواد، وجميع الأجناد، وأعطى الناس المأمون عطاء واسعاً للبيعة، وضرب اسمه في السكة والطراز، وجعل له في الخطبة موضعاً، فكان إذا بلغه الخطيب، قال: اللهم صل على الإمام الرضا علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سيد شباب أهل الجنة بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، ثم يقول:
ستة آباءٍ همُ ما همُ .... همْ خير من يشرب صوب الغمام
وكلام الإمام يشير إلى أن البيعة كانت بالإمامة، وكلام غيره أنها بولاية العهد.
قال عليه السلام: وكانت بيعة المأمون لعلي بن موسى الرضا لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، قال: وقلبوا السواد إلى الخضرة، ومن لبس السواد مزق عليه في جميع الآفاق، وكذلك كسوة البيت الحرام.
إلى أن قال: ثم دس عليه السم، فقتله، ولم يختلف في قتله بالسم، ثم قال: كما قال أبو فراس بن حمدان:
باءوا بقتل الرضا من بعد بيعته .... وأبصروا بعض يومٍ رشدهم وعموا(1/170)

34 / 101
ع
En
A+
A-